Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

مرحلة ما قبل مؤتمر بازل وتمثلت هذه المرحلة ببروز الرواد الأوائل الذين أسهموا إسهامات فعالة في نشوء هذا الفكر وانضاجه وتحويله إلى حركة عنصرية شغلت العالم بأساليبها العدوانية التي اتبعتها لتهيمن على مقدرات الشعوب وتوسع سلطانها على أكبر بقعة من الأرض لتثبت دعائم دولتها العنصرية على أسس أفصحت عنها معطيات هذه المرحلة والمراحل التي أعقبتها. فقد ظهرت الحركة الصهيونية إلى الوجود في منتصف القرن التاسع عشر على شكل مقالات، وخطابات وكتب ألقاها وحررها زعماء ومفكرو الحركة الأوائل حتى تثبت دعائم هذا الفكر في نهاية ذلك القرن . ومن أهم دعاة الحركة الصهيونية العنصرية في هذه المرحلة من مراحل تطورها على سبيل المثال لا الحصر: "الحاخام يهود المالي" و"موسی هس" و"موشية لايب ليلنبلوم" و" ثيودور هيرتزيل" مؤسس الصهيونية الحديثة. وقد نشأت خلال هذه المرحلة جمعيات وحركات ومنظمات يهودية بارزة كان هدفها الترويج والتمهيد للحركة الصهيونية، وإقامة مشاريع الاستيطان في فلسطين(1) . أما عائلة روتشيلد وأكذوبة الوطن اليهودي فلم یکن بیت روتشيلد مقتنعًا بمسألة الوطن القومى لليهود عند بدايتها على يد «هيرتزل» ولكن أمرين حدثا غيّرا من توجه آل روتشيلد : أولاً: هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى بلاد الغرب الأوروبى، وهذه المجموعات رفضت الاندماج في مجتمعاتها الجديدة، وبالتالي بدأت تتولد مجموعة من المشاكل تجاه اليهود، وبين اليهود أنفسهم فكان لا بد من حل لدفع هذه المجموعات بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لبيت روتشيلد ثانيا: ظهور التقرير النهائى لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى فى عام 1907، والمعروف باسم تقرير «بازمان» - وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ - الذى يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط هى الوريث المحتمل للحضارة الحديثة - حضارة الرجل الأبيض ولكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية(2)، وقد بذل هرتزل جهدا ليثبت إن إقامة الدولة الجديدة ليس أمرا يدعو للسخرية ولا هو مستحيل، مؤكدا أن الخطة قد تبدو بطبيعة الحال غير معقولة ، مبينا أن نجاح الفكرة يعتمد فقط على عدد مؤيديها. وناقش هرتزل في كتابه الخيارات المطروحة أمام اليهود لإقامة الوطن القومي لليهود وفاضل بين اختيار فلسطين والأرجنتين؛ فالأرجنتين من أكثر بلاد العالم خصوبة، وهي تمتد على مساحات شاسعة وفيها عدد قليل من السكان ومناخها معتدل وجمهورية الأرجنتين سوف تحصل على مكاسب كبيرة إذا تنازلت للمنظمة الصهيونية عن قطعة من أراضيها، أما فلسطين فإنها وطن اليهود التاريخي الذي لا تمحى ذكراه، بالإضافة أنّ اسم فلسطين في حد ذاته سيكون أداة جذب فعالة لليهود، فإذا منح السلطان العثماني فلسطين للصهاينة، ستأخذ المنظمة على عاتقها بالمقابل تنظيم مالية تركيا (3) ، فيظهر من البداية أن الهدف الأول كان فلسطين. وعلى أساس طروحاته التي بثها في كتابه المذكور، دعا هرتزل لعقد مؤتمر جامع تتويجا لمرحلة طويلة من الأفكار والإرهاصات والتيه ولوضع أرضية واقعية لبداية تجسيد مشروع الدولة القومية لليهود (4) . وقد حدد هرتزل في الخطاب الافتتاحي أن هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود وشدد هرتزل على أهمية الاستعمار الاستيطاني لأرض الميعاد، وتهجير اليهود إليها(6) ، واقترح أحد قادة المؤتمر "شابيرا" إنشاء صندوق لشراء الأراضي الفلسطينية، لتحقيق الاستيطان اليهودي، وهو الاقتراح الذي تجسد لاحقا فيما سمي الصندوق القومي اليهودي، رغم اعتراض هرتزل عليه، وفي هذا المؤتمر تم وضع مسودة البرنامج الصهيوني الذي عرف ببرنامج بازل، كما ظهرت الدعوات لإحياء اللغة العبرية وتدريسها بين المستوطنين(7) ، انُتخبت المنظمة الصهيونية كهيئة رسمية تمثل الحركة الصهيونية، فحسب هرتزل هي المدير الأعظم لليهود ، وسوف تتألف من أفضل رجالهم وأكثرهم استقامة، وهؤلاء لا ينبغي أن يحصلوا على أي منفعة مادية من عضويتهم للمنظمة، ورغم أن هذه المنظمة لن تملك بداية إلا السلطة المعنوية فإن هذا يكفي لخلق الثقة في عيون الأمة(8) وستكون المنظمة الناطق باسم اليهود والصهيونية في سعيها مع الدول الاستعمارية الكبرى، من أجل الحصول على فلسطين وإقامة الدولة القومية فيها، وستعطى الصلاحية للتباحث مع الحكومات باسم الشعب اليهودي، وسوف تعترف الحكومات بالجمعية باعتبارها سلطة لإقامة الدولة (9)، وستكون أيضا وسيلة لتنظيم العلاقة بين ممولي الاستيطان والمستوطنين ، فقد نقلت النشاط الصهيوني من مرحلة العمل الفوضوي الفردي الحماسي إلى العمل المنظم المدروس المتابع (10) وكان تصور هرتزل يقوم على خطة بسيطة في تصميمها معقدة في تنفيذها، سوف تقوم المنظمة اليهودية بالأعمال التمهيدية سياسيا، ثم تقوم الشركة اليهودية فيما بعد بتطبيقها عمليا (11). وهكذا انحصرت جهود الحركة الصهيونية في الفترة التي تلت انعقاد مؤتمر بازل في البحث عن اعتراف دولي بالأهداف والمطالب الأساسية للصهيونية، وقد مرت هذه الحركة في سبيل تحقيق ذلك بعدد من المراحل والتطورات ، ففي عام 1898 رفع هرتزل شعار الاستيلاء على الجماعات اليهودية وكسب تأييدها (12) كما اتخذ المؤتمر قرارات أخرى مثل: إنشاء العلم الصهيوني والنشيد القومي ، كل ذلك راجع لهرتزل الذي ينسب له التصريح الذي أدلى به في الجلسة الختامية للمؤتمر الأول" اليوم أنشأنا الدولة اليهودية " (13) وكان أهم إنجازين للمؤتمر هما : 1 - إقرار برنامج الحركة الصهيونية الذي أصبح يعرف فيما بعد ببرنامج بازل الصهيوني 2 - تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ هذا البرنامج، وجاء تحديد المؤتمر لهدف الصهيونية التي كانت تسعى للتحقيق على النحو التالي " أن غاية الصهيونية هي إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين باعتراف دول العالم ويضمنه القانون الدولي" . والملاحظ أن استعمال تعبير وطن بدلا من الدولة كي لا يتسبب ذلك في إثارة ردود فعل معارضة لليهود من جانب العثمانيين وقد تم ذلك بناء على نصيحة هرتزل الذي دعى إلى الموارية والدوران في استعمال الألفاظ كي يفيد لاتصالاته المستقبلية مع العثمانيين جميع الأجواء المناسبة، وقد علق هرتزل على ذلك بقوله "لا داعي للقلق على ألفاظ وسوف يقرؤها الناس دولة يهودية على أي حال (14) ولإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين أقر المؤتمر الصهيوني مجموعة من البنود : 1 - تطوير أرض فلسطين لتشجيع استيطان العمال والمزارعين والصناعيين والحرفيين والمهنيين اليهود وفق أسس وظروف ملائمة. 2 - تنظيم اليهودية العالمية وتجمعها بواسطة منظمات محلية ودولية تتلاءم مع القوانين المتبعة في كل بلد طبقا لقانون كل دولة . 3 - تعزيز وتشجيع الشعور القومي اليهودي. 4 - اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على موافقة حكومية حتى يكون ذلك ضروريا للوصول إلى أهداف الصهيونية بشكل دقيق ومحقق للأهداف(15) كل هذا وهو ما يوضح وجود مخطط مرسوم للأفكار العنصرية الصهيونية يسير في اتجاه النمو والتطور ويتضح من خلال نتائج ومقررات هذا المؤتمر التي تحددت على النحو التالي :

  • تشكيل )لجنة العمل( ومهمتها تبنى المفاوضات وعقد الاتفاقات وكل المساعي الممكنة لفرض إقامة دولة يهودية. - تأليف )المصرف الاستعماري اليهودي( برأسمال قدره مليون جنيه إنجليزي، ويوضع تحت تصرف لجنة العمل، وهناك مقررات سياسية أخرى تضمنت الوسائل الكفيلة بتجميع يهود العالم )الشتات( في الوطن المزعوم، وتنظيم العلاقة مع الشعب اليهودي. ب - المقررات السرية
  • استعمال كافة الوسائل )دول، وشخصيات( بهدف إقامة دولة صهيون على أرض فلسطين. - ربط الجمعيات اليهودية بكافة المنظمات الدولية والسياسية لاستغلالها في الغرض ذاته. - التظاهر في المجتمعات التي تحتقر اليهود بالشخصية المسيحية مع الإيمان السري بأن المسيحية هي عدوة اليهودية. - السعي الحثيث لإضعاف الدول السياسية القائمة بنقل أسرارها إلى أعدائها، وببذر بذور التفرقة والشقاق بين حكامها بواسطة الجمعيات السرية. - إن على اليهود اعتبار الجماعات الأخرى قطعانا من الماشية، يجب أن يكونوا لعبا في أيدي حكام صهيون. - يجب أن يكون ذهب الأرض في أيدي اليهود حتى يمكن السيطرة على الصحافة والمسرح والمضاربة والعلم والشريعة لإثارة الرأي العام، وإفساد الأخلاق، والتهييج للرذيلة ولملاقاة كل ميل إلى التهذيب المسيحي، ولتشديد عبادة المال والشهوة. هذه هي المقررات السرية والعلنية التي صدرت عن المؤتمر الأول، والتي عملت الصهيونية جاهدة على تحقيقها، وبالفعل طبقت الأكثرية منها، وتعتبر المقررات السرية أشد خطرا على الإنسانية جمعاء لما فيها من مطامع وأحلام بغيضة(16) وقد عرض هرتزل تبنبه الجارف للفكرة الصهيونية الاستيطانية في كتاب وضعه عام 1895 بعنوان (الدولة اليهودية) مؤكدا فيه أن المسألة اليهودية ليست اجتماعية أو دينية بل هي مسألة قومية لايمكن خلها إلا عن طريق تحويلها إلى قضية سياسية عالمية تتم تسويتها على يد الدول الكبرى مجتمعة ، و أنشأ في عام 1897 مجلة أسبوعية في باريس أسماها ( العالم ) أصبحت فيما بعد الناطق الرسمي باسم الحركة الصهيونية ، وفي سبيل تحقيق الأهداف السياسية التي نادى بها هرتزل ، فقد حاولوا أن تكون حركتهم ذات طابع علماني تهدف إلى إحياء المشاعر القومية لليهود و ليس إحياء اليهودية(17). مرحلة ما بعد المؤتمر التأسيسي: وبالعودة إلى مؤتمر "بال" نجد أن الحركة الصهيونية قد حددت هدفها في إنشاء الحركة السياسية ، كما أقرّ العلم الصهيوني والنشيد القومي، واتخذ "هرتزل" رئيساً للحركة ، وقد بدأ على الفور العمل للحصول على الشرعية الدولية لمطالب اليهود ومقررات المؤتمر، وسعت رئاسة الحركة في وضع برنامج عملي لتنفيذ هذا المخطط يقوم على ثلاثة خطوط ( التنظيم - والاستعمار أو الاستيطان - ثم الدبلوماسية أو المفاوضات ) (18)، وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف تم إنشاء مؤسستين الأولى هي لجنة العمل، والثانية البنك الاستعماري اليهودي أو (الكيرن كايمت) وقد أسسه المؤتمر الثاني عام 1898 برأسمال قدره ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، ( ومما يجدر ذكره في برنامج عمل المؤتمر الأول أنه تجنب ذكر كلمة دولة وأحلّ محلها عبارة وطن يضمنه القانون العام، وهي عبارة غامضة كان المقصود منها مساعدة الحركة الصهيونية على كسب عطف وتأييد أكبر عدد ممكن من اليهود لاسيما الطبقة البرجوازية التي تعيش في غرب أوروبا والولايات المتحدة (19) مما سبق يتضح أن مؤتمر بال أظهر إلى عالم الوجود المنظمة العالمية الصهيونية في إطارها السياسي ، إذ تبنت هذه المنظمة تحقيق الأهداف المنشودة لليهود لتصبح في شكل حكومة قبل الدولة من خلال لجان و أعملها المتعددة وجهودها الدولية المنظمة ليكون بذلك عام 1897 هو اللبنة الأولى في تأسيس الدولة اليهودية ، ليكون هذا المؤتمر بمثابة المؤتمر التأسيسي للدولة . انعقد المؤتمر الصهيوني في مدينة "بال" في الفترة من 28 حتى 31 أوت 1898 وبلغ عدد أعضائه ضعف عدد أعضاء المؤتمر الأول ، ومن أهم مقرراته إلى جانب إنشاء البنك اليهودي ، قرر زيادة الاهتمام بتعليم اللغة العبرية حتى يصبح يهود العالم أمة تتكلم لغتها القومية ونتج عن هذا المؤتمر تأسيس عدة جمعيات صهيونية في أنحاء مختلفة من العالم(20). وتركزت جهود الصهيونية بعد هذا المؤتمر نحو استمالة ألمانيا، حيث اجتمع هرتزل" في أكتوبر مع القيصر الألماني "ويلهام" (غليوم الثاني) في اسطنبول عند مرور القصير الألماني بها، وقد اقترح هرتزل إنشاء شركة مسجلة لإعمار الأراضي في فلسطين يديرها الصهاينة بإشراف ألماني ، ولكن القيصر الألماني رفض هذا المقترح في اجتماعه الثاني مع هرتزل في فلسطين نهاية عام 1898 خوفاً من إثارة فرنسا وبريطانيا وروسيا إضافة إلى عدم رغبة ألمانيا في الاصطدام بالدولة العثمانية(21) وفي المؤتمر الثالث الذي انعقد في مدينة "بال" أيضاً في الفترة من15 إلى 18 أوت 1899، انضمت عدة جمعيات صهيونية إلى الحركة ومعظمها كان من رومانيا، وأعلن "هرتزل" في هذا المؤتمر على ضرورة التركيز على الدولة العثمانية دون وسيط وأكد أن جهوده سوف تتركز على مطالبة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني باستصدار قانون يبيح لليهود الاستيطان في فلسطين ، وعرض في هذا المؤتمر أحد أعضاء الحركة موضوع استيطان اليهود في جزيرة قبرص ، ولكن طلبه هذا تمّ معارضته بصورة كبيرة(22) . واجتمع المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن في الفترة من13إلى16 أوت 1900، وكانت فكرة "هرتزل" من عقد هذا المؤتمر في بريطانيا جذب اهتمام الحكومة والجمهور الانجليزي للمطالب الصهيونية لاسيما وأن بوادر الرفض العثماني لمطالب الحركة كان تلوح في الأفق وهو ما حصل بالفعل عام 1901عندما رفض السلطان عبد الحميد مطالب "هرتزل" واصدر قانونا يحرم فيه بيع الأراضي لليهود في فلسطين(23)، كما اتجه هرتزل وطرق باب فرنسا لكن طلبه قوبل بالرفض، حيث لم تبدي فرنسا أي رغبة حقيقية في مساندة ودعم المطالب الصهيونية، لاعتقادها بأنها أداة يبد ألمانيا تريد من خلالها الإضرار بمصالح فرنسا(24) ، أضف إلى ذلك أن اليهود الفرنسيين لم يعتنقوا الصهيونية وظلوا يعارضونها بقوة(25) وهذا ما حذا بـ "هرتزل" إلى التوجه الكامل نحو الحكومة الانجليزية صاحبة السيادة على أرجاء واسعة من العالم (26)، وعلى هذا يمكن اعتبار عام 1901 هو بداية التوجه العملي للحركة الصهيونية لتحقيق مطالبها من خلال الحكومة البريطانية(27) على عكس مواقف هذه الدول وقفت بريطانيا موقفا مغايرا بحيث ساندت الحركة الصهيونية، لاعتبارات عديدة من بينها الحفاظ على أطماعها الاستعمارية الإستراتيجية بالمنطقة مع منع قيام أي تغلغل فرنسي أو ألماني بالمنطقة ، كما أنها تضمن بوجود الدولة الحاجزة (اليهود) ، عدم قيام أي وحدة عربية محتملة(28) لذا قابل هرتزل "جوزيف تشمبر لين وزير المستعمرات البريطانية وفاتحه بشان إقامة الوطن القومي داخل الممتلكات البريطانية وذلك بجزيرة قبرص ، لكن بريطانيا رفضت ذلك كما رفضت استيطان اليهود بشبه جزيرة سيناء وعرض عليهم بدل ذلك منطقة أوغندا سنة 1903، وتزامن هذا العرض مع انعقاد المؤتمر الصهيوني السادس لتشكل لجنة لاستكشاف المنطقة أحدث هذا الاختيار انقساما كبيرا داخل صفوف الحركة الصهيونية خاصة بعد وفاة هرتزل عام 1904 حيث ظهر فريق مؤيد لهذه الفكرة وعرف بالسياسيين، وفي المقابل هناك من عارض هذا الاقتراح وشكل تيارا عرف بالعمليين بحيث رفضوا أي وطن بديل عن فلسطين وجاء هذا اثر انعقاد المؤتمر الصهيوني السابع حيث تحدد فيه اهتمام الصهيونية بفلسطين فقط وبهدف تشجيع الاستيطان الاستعماري بفلسطين وضعت المنظمة الصهيونية العالمية آلية للاستيلاء على فلسطين ، كما وضحت ميكانيزمات إقامة الدولة ، وهذا بإنشاء مختلف المؤسسات اليهودية الصهيونية وهذا في ظل غياب القانون الواضح لتنظيم حيازة الأراضي وكانت من أهم هذه المؤسسات :
  • الوكالة اليهودية وهي المسؤولة عن شرون يهود فلسطين
  • افتتاح بنك انجلوا بفلسطين عام 1903
  • الصندوق القومي اليهودي سنة 1901 والذي عمل على ابتياع الأراضي عام 1905 ثم أفتتح في عام 1907 مكتب فلسطين بيافا (29)
  • شركة تطوير الأراضي وقد نشأت عام 1909
  • لجنة الاستعمار وقد أنشأت عام 1898 (30)
  • الجمعية اليهودية العالمية
  • الصندوق الفلسطيني التأسيسي 1920م بهدف شراء الأراضي والاستيلاء عليها من الفلسطينيين وتحويلها إلى اليهود بشرط الإقامة في هذه الأرض وخدمتها لصالح اليهود(31). لنجد أنه لولا المساعي التي بذلها تيودور هرتزل لبقيت فكرة إقامة دولة يهودية ، حلما يراود اليهود فقد مهد هرتزل الطريق لمن سيأتي بعده لاستكمال حلم لمن أراد تحقيقه على أرض الواقع(32) كانت بريطانيا تفاوض العرب على استقلال بلادهم المشرقية ووحدتها وفي نفس الوقت بحثت مع فرنسا وروسيا تقسيم الامبراطورية العثمانية ، وخططت مع الصهيونية العالمية لاحتواء فلسطين وإقامة دولة اسرائيل بها وفي 4 مارس 1916 توصلت مع حليفتيها فرنسا وروسيا القيصرية إلى اتفاق حول تقسيم هذه الإمبراطورية وأبرمت الدول الاستعمارية الثلاث معاهدة ببطرسبورغ فكانت بعض املاك العثمانيين في اسيا الصغرى من نصيب روسيا والبلاد العربية موضوع اتفاق حسين ومكماهون من نصيب بريطانيا وفرنسا ووقع هذا الاتفاق الذي اطلق عليه سايكس بيكو بتاريخ 16 ماي 1916نسبة إلى مندوبي انجلترا وفرنسا فكانت هذه المعاهدة مخططا منمقا وضعت فيه مساحات كبيرة من آسيا تحت حروف ابجدية وصبغت بعدة الوان فخصصت روسيا لنفسها القسطنطينية مع الاقاليم المحيطة بها وحصة كبيرة من شرق الأناضول وقد خصصت لفرنسا منطقة تشمل الشريط الساحلي لسوريا وجنوب الأناضول لونت هذه المناطق على خارطة الاتفاق باللون الأزرق وقد وضعت تحت النفوذ الفرنسي منطقة عربية اشير لها على الخارطة بحرف الفرنسي منطقة عربية اشير لها على الخارطة بحرف بحرف "أ" وتشمل جنوب سوريا والموصل ولفرنسا في هذه المنطقة حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية وتقديم المستشارين والموظفين الأجانب عند طلب الحكومة العربية أما حصة بريطانيا فقد ضمت الأراضي الواقعة بين اقصى جنوب سوريا إلى العراق بما في ذلك بغداد والبصرة والمناطق الواقعة بين الخليج العربي و الأراضي الممنوحة لفرنسا ولونت باللون الأحمر كما منحت انجلترا منطقة اشير لها بالحرف " ب " ولها نفس الحقوق التي أعطيت لفرنسا في المنطقة "أ" كما نص الاتفاق على إنشاء إدارة دولية في فلسطين وقد لونت باللون البني ولم يرد في هذه الاتفاقية اي ذكر لليهود بل بدى فيها بوادر المؤامرة الاستعمارية على فلسطين (33). بعد صدور اتفاقية سايكس بيكو 1916، التي مزقت الوطن العربي شر تمزيق أخذت الحكومة البريطانية تفكر بجدية في أخذ موقف رسمي أكثر تأييدا للصهيونية، لاسيما في ظل تعيين لويد "جورج" كرئيس للوزارة البريطانية. مع الإشارة إلى أنه أحد أنصار المعسكر الصهيوني - إضافة إلى تعيين لويد بلفور على رأس وزارة الخارجية ليعقد "مارك سايكس مساعد وزير الحرب البريطاني اجتماعا مع قادة الحركة الصهيونية وعلى رأسهم حاييم وابزمان ، وقد خرج اللقاء بضرورة إعطاء الصفة القومية لليهود بفلسطين ، كما حصل هذا القرار على تأييد الحلفاء في الثامن فيفري 1947 ليصرح نهائيا عن هذا القرار و الذي عرف ب "وعد بلفور" في 2 نوفمبر 1917(34) ، وذلك بإقامة وطن قومي "لليهود" في فلسطين وبدأ بتوطينهم خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين ، و بحلول سنة 1920 تمكنت بريطانيا من الفوز بإدارة فلسطين وفق شروط معاهدة الصلح مع تركيا ، ولقد سلك الساسة البريطانيون مسالك معقدة لبلوغ تلك الغاية عبر استعمال الحركة الصهيونية للاتفاق مع الفاتيكان، من أجل تنصيب اللورد هيربرت صموئيل حاكما على القدس. وأوّل إجراء قام به " أمير إسرائيل" كما يسميه اليهود، هو إقرار (الشابات) عيدا رسميا وقانونيا في فلسطين، ثم سعى إلى جعل فلسطين بالنسبة لليهود مركزا دينيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا، بعد أن وزعت الأراضي عليهم ووضع حجر أساس الجامعة اليهودية 1920 (35) من أهم نتائجه هو ( إقامة الوطن القومي اليهودي بفلسطين ) فحتى صدور هذا الوعد لم تكن الصهيونية تفكر جديا في إقامة الدولة اليهودية ، وقد أشتهر هذا الوعد بإمكانية اليهود تحقيق فكرة الوطن القومي في أرض الميعاد ، فبدأت مجهودات الصهيونية العالمية بعد صدور الوعد تتخذ طابعا عالميا لإقامة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين مستغلة الدولة الإستعمارية خاصة بريطانيا التي لم يكن يعنيها سوى السيطرة الاقتصادية على العالم العربي (36) وفي 18 جوان 1919 م صدر صدر صك الانتداب عن ميثاق عصبة الامم وقام بصياغته ووضع نصوصه ومواده بنيامين كوهين وجاء في الصك : " إن دول الحلفاء قد وقعت على وعد بلفور و على ان تكون الدولة المنتدبة مسؤولة على التنفيذ اعترافا بالصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين(37) بعد دخول بريطانيا إلى فلسطين واعلانها الرسمي للانتداب عليها قامت بتطبيق سياستها على فلسطين، ومن بين أولى سياستها تبنت سياسة توفيقية من أجل تهدئة وضع الشعب الفلسطيني وامتصاص غضبه الرافض للوجود البريطاني فتم نشر أول إعلان عام للسياسة البريطانية في فلسطين بعد إعلان وعد بلفور في مستند عرف باسم" command paper " الذي شاعت تسميته البيان الأبيض أو الكتاب الأبيض عام 1922 (38) ، ثم جاءت ثورة البراق سنة 1929 التي كان السبب الرئيسي لهذ الانتفاضة هو تهجير متزايد لأعداد كبيرة من اليهود رغم احتجاج الفلسطينيين على ذلك و الأعمال الاستفزازية التي أقدم عليها يهود بالاعتداء على الحائط الغربي للمسجد الأقصى و رفع العلم الصهيوني (39) وفيما بعد صدر الكتاب الأبيض 2 سنة 1930 الذي اعتبره العرب أبيضا لأنه أوصى بفرض قيود على الهجرة اليهودية بكثرة و بطرق غير مشروعة (40) و بعد ازدياد أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين بشكل كبير في الفترة الواقعة ما بين سنتي 1931 إلى 1935 هذا إلى جانب انتقال الأراضي العربية لليهود أدت إلى غضب الشعب الفلسطيني على الإنجليز هذا إلى جانب عوامل أخرى ألهبت حماس الشعب. وخاصة استشهاد الشيخ عز الدين القسام الذي كان الشرارة التي ألهبت فتيل الثورة الفلسطينية عام1936 (41)استمرّت المواجهات أثناء الحرب العالمية الثانية، التي اشتدت خلالها الهجرة اليهودية إلى فلسطين بسبب أحداث الحرب في أوروبا، الأمر الذي استغلته الحركة الصهيونية أيضا أيّما استغلال لكسب عطف المجتمع الدّولي، ودفعه إلى التعجيل بتجسيد الآمال الصهيونية في فلسطين. تجب الإشارة إلى أن الأوضاع هدأت نسبيا مع بداية سنة 1939 ، إلى أن تم اصدار حكومة الانتداب لما عُرف بالكتاب الأبيض في 17 ماي 1939 الذي حمل ثلاث نقاط أساسية:
  • إقامة دولة فلسطينية مستقلة في مدّة عشر سنوات
  • تسقيف الحد الأقصى لعدد اليهود بثلث السّكان
    • منع بيع الأراض ي العربية لليهود قوبلت هذه القرارات برفض بعض الأطراف الفلسطينية في مقدمتها مفتي القدس مهما يكن من أمر، فإن اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939 أوقف الصّراع إلى حين ظلّ الصهاينة، حتى في سنوات الحرب الأولى ، يترصّدون أي قرار يعارض مشروعهم القومي،


Original text

مرحلة ما قبل مؤتمر بازل وتمثلت هذه المرحلة ببروز الرواد الأوائل الذين أسهموا إسهامات فعالة في نشوء هذا الفكر وانضاجه وتحويله إلى حركة عنصرية شغلت العالم بأساليبها العدوانية التي اتبعتها لتهيمن على مقدرات الشعوب وتوسع سلطانها على أكبر بقعة من الأرض لتثبت دعائم دولتها العنصرية على أسس أفصحت عنها معطيات هذه المرحلة والمراحل التي أعقبتها. فقد ظهرت الحركة الصهيونية إلى الوجود في منتصف القرن التاسع عشر على شكل مقالات، وخطابات وكتب ألقاها وحررها زعماء ومفكرو الحركة الأوائل حتى تثبت دعائم هذا الفكر في نهاية ذلك القرن . ومن أهم دعاة الحركة الصهيونية العنصرية في هذه المرحلة من مراحل تطورها على سبيل المثال لا الحصر: "الحاخام يهود المالي" و"موسی هس" و"موشية لايب ليلنبلوم" و" ثيودور هيرتزيل" مؤسس الصهيونية الحديثة. وقد نشأت خلال هذه المرحلة جمعيات وحركات ومنظمات يهودية بارزة كان هدفها الترويج والتمهيد للحركة الصهيونية، وإقامة مشاريع الاستيطان في فلسطين(1) . أما عائلة روتشيلد وأكذوبة الوطن اليهودي فلم یکن بیت روتشيلد مقتنعًا بمسألة الوطن القومى لليهود عند بدايتها على يد «هيرتزل» ولكن أمرين حدثا غيّرا من توجه آل روتشيلد :
أولاً: هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى بلاد الغرب الأوروبى، وهذه المجموعات رفضت الاندماج في مجتمعاتها الجديدة، وبالتالي بدأت تتولد مجموعة من المشاكل تجاه اليهود، وبين اليهود أنفسهم فكان لا بد من حل لدفع هذه المجموعات بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لبيت روتشيلد
ثانيا: ظهور التقرير النهائى لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى فى عام 1907، والمعروف باسم تقرير «بازمان» - وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ - الذى يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط هى الوريث المحتمل للحضارة الحديثة - حضارة الرجل الأبيض ولكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية(2)،
وقد بذل هرتزل جهدا ليثبت إن إقامة الدولة الجديدة ليس أمرا يدعو للسخرية ولا هو مستحيل، مؤكدا أن الخطة قد تبدو بطبيعة الحال غير معقولة ، مبينا أن نجاح الفكرة يعتمد فقط على عدد مؤيديها. وناقش هرتزل في كتابه الخيارات المطروحة أمام اليهود لإقامة الوطن القومي لليهود وفاضل بين اختيار فلسطين والأرجنتين؛ فالأرجنتين من أكثر بلاد العالم خصوبة، وهي تمتد على مساحات شاسعة وفيها عدد قليل من السكان ومناخها معتدل وجمهورية الأرجنتين سوف تحصل على مكاسب كبيرة إذا تنازلت للمنظمة الصهيونية عن قطعة من أراضيها، أما فلسطين فإنها وطن اليهود التاريخي الذي لا تمحى ذكراه، بالإضافة أنّ اسم فلسطين في حد ذاته سيكون أداة جذب فعالة لليهود، فإذا منح السلطان العثماني فلسطين للصهاينة، ستأخذ المنظمة على عاتقها بالمقابل تنظيم مالية تركيا (3) ، فيظهر من البداية أن الهدف الأول كان فلسطين. وعلى أساس طروحاته التي بثها في كتابه المذكور، دعا هرتزل لعقد مؤتمر جامع تتويجا لمرحلة طويلة من الأفكار والإرهاصات والتيه ولوضع أرضية واقعية لبداية تجسيد مشروع الدولة القومية لليهود (4) .
أما عن مرحلة المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية فقد تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية بين 23 - 31 أوت عام 1897 وقد حضره 204 مندوب من مخلف الهيئات والمنظمات والجمعيات الصهيونية في العالم وكان هناك 70 مندوبا من روسيا وحدها وتم انتخاب هرتزل رئيسا للمؤتمر بالإضافة إلى انتخاب المجلس الرئيسي للمؤتمر وأمناء سر وأعضاء لجنة العمل التي اتخذت مدينة فينا مقرا لها (5) وتم فيه تأسيس المنظمة الصهيونية، وقد حدد هرتزل في الخطاب الافتتاحي أن هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود وشدد هرتزل على أهمية الاستعمار الاستيطاني لأرض الميعاد، وتهجير اليهود إليها(6) ، وقد تعرض المؤتمر بالدراسة لأوضاع اليهود الذين هاجروا من قبل تسللا إلى فلسطين منذ 1882، واقترح أحد قادة المؤتمر "شابيرا" إنشاء صندوق لشراء الأراضي الفلسطينية، لتحقيق الاستيطان اليهودي، وهو الاقتراح الذي تجسد لاحقا فيما سمي الصندوق القومي اليهودي، رغم اعتراض هرتزل عليه، وفي هذا المؤتمر تم وضع مسودة البرنامج الصهيوني الذي عرف ببرنامج بازل، كما ظهرت الدعوات لإحياء اللغة العبرية وتدريسها بين المستوطنين(7) ، انُتخبت المنظمة الصهيونية كهيئة رسمية تمثل الحركة الصهيونية، فحسب هرتزل هي المدير الأعظم لليهود ، وسوف تتألف من أفضل رجالهم وأكثرهم استقامة، وهؤلاء لا ينبغي أن يحصلوا على أي منفعة مادية من عضويتهم للمنظمة، ورغم أن هذه المنظمة لن تملك بداية إلا السلطة المعنوية فإن هذا يكفي لخلق الثقة في عيون الأمة(8) وستكون المنظمة الناطق باسم اليهود والصهيونية في سعيها مع الدول الاستعمارية الكبرى، من أجل الحصول على فلسطين وإقامة الدولة القومية فيها، وستعطى الصلاحية للتباحث مع الحكومات باسم الشعب اليهودي، وسوف تعترف الحكومات بالجمعية باعتبارها سلطة لإقامة الدولة (9)، وستكون أيضا وسيلة لتنظيم العلاقة بين ممولي الاستيطان والمستوطنين ، فقد نقلت النشاط الصهيوني من مرحلة العمل الفوضوي الفردي الحماسي إلى العمل المنظم المدروس المتابع (10) وكان تصور هرتزل يقوم على خطة بسيطة في تصميمها معقدة في تنفيذها، سوف تقوم المنظمة اليهودية بالأعمال التمهيدية سياسيا، ثم تقوم الشركة اليهودية فيما بعد بتطبيقها عمليا (11). وهكذا انحصرت جهود الحركة الصهيونية في الفترة التي تلت انعقاد مؤتمر بازل في البحث عن اعتراف دولي بالأهداف والمطالب الأساسية للصهيونية، وقد مرت هذه الحركة في سبيل تحقيق ذلك بعدد من المراحل والتطورات ، ففي عام 1898 رفع هرتزل شعار الاستيلاء على الجماعات اليهودية وكسب تأييدها (12) كما اتخذ المؤتمر قرارات أخرى مثل: إنشاء العلم الصهيوني والنشيد القومي ، كل ذلك راجع لهرتزل الذي ينسب له التصريح الذي أدلى به في الجلسة الختامية للمؤتمر الأول" اليوم أنشأنا الدولة اليهودية " (13)
وكان أهم إنجازين للمؤتمر هما :
1 - إقرار برنامج الحركة الصهيونية الذي أصبح يعرف فيما بعد ببرنامج بازل الصهيوني
2 - تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ هذا البرنامج، وجاء تحديد المؤتمر لهدف الصهيونية التي كانت تسعى للتحقيق على النحو التالي " أن غاية الصهيونية هي إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين باعتراف دول العالم ويضمنه القانون الدولي" . والملاحظ أن استعمال تعبير وطن بدلا من الدولة كي لا يتسبب ذلك في إثارة ردود فعل معارضة لليهود من جانب العثمانيين وقد تم ذلك بناء على نصيحة هرتزل الذي دعى إلى الموارية والدوران في استعمال الألفاظ كي يفيد لاتصالاته المستقبلية مع العثمانيين جميع الأجواء المناسبة، وقد علق هرتزل على ذلك بقوله "لا داعي للقلق على ألفاظ وسوف يقرؤها الناس دولة يهودية على أي حال (14) ولإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين أقر المؤتمر الصهيوني مجموعة من البنود :
1 - تطوير أرض فلسطين لتشجيع استيطان العمال والمزارعين والصناعيين والحرفيين والمهنيين اليهود وفق أسس وظروف ملائمة.
2 - تنظيم اليهودية العالمية وتجمعها بواسطة منظمات محلية ودولية تتلاءم مع القوانين المتبعة في كل بلد طبقا لقانون كل دولة .
3 - تعزيز وتشجيع الشعور القومي اليهودي.
4 - اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على موافقة حكومية حتى يكون ذلك ضروريا للوصول إلى أهداف الصهيونية بشكل دقيق ومحقق للأهداف(15) كل هذا وهو ما يوضح وجود مخطط مرسوم للأفكار العنصرية الصهيونية يسير في اتجاه النمو والتطور ويتضح من خلال نتائج ومقررات هذا المؤتمر التي تحددت على النحو التالي :
أ- المقررات العلنية :



  • تشكيل )لجنة العمل( ومهمتها تبنى المفاوضات وعقد الاتفاقات وكل المساعي الممكنة لفرض إقامة دولة يهودية.

  • تأليف )المصرف الاستعماري اليهودي( برأسمال قدره مليون جنيه إنجليزي، ويوضع تحت تصرف لجنة العمل، وهناك مقررات سياسية أخرى تضمنت الوسائل الكفيلة بتجميع يهود العالم )الشتات( في الوطن المزعوم، وتنظيم العلاقة مع الشعب اليهودي.
    ب - المقررات السرية

  • استعمال كافة الوسائل )دول، وشخصيات( بهدف إقامة دولة صهيون على أرض فلسطين.

  • ربط الجمعيات اليهودية بكافة المنظمات الدولية والسياسية لاستغلالها في الغرض ذاته.

  • التظاهر في المجتمعات التي تحتقر اليهود بالشخصية المسيحية مع الإيمان السري بأن المسيحية هي عدوة اليهودية.

  • تدعيم النظام السري في كل بلد من العالم حتى يأتي يوم تسيطر فيه الدولة اليهودية على الدول الأخرى.

  • السعي الحثيث لإضعاف الدول السياسية القائمة بنقل أسرارها إلى أعدائها، وببذر بذور التفرقة والشقاق بين حكامها بواسطة الجمعيات السرية.

  • إن على اليهود اعتبار الجماعات الأخرى قطعانا من الماشية، يجب أن يكونوا لعبا في أيدي حكام صهيون.

  • اللجوء إلى التملق والتهديد والمال في سبيل إفساد الحكام والسيطرة عليهم.

  • يجب أن يكون ذهب الأرض في أيدي اليهود حتى يمكن السيطرة على الصحافة والمسرح والمضاربة والعلم والشريعة لإثارة الرأي العام، وإفساد الأخلاق، والتهييج للرذيلة ولملاقاة كل ميل إلى التهذيب المسيحي، ولتشديد عبادة المال والشهوة.
    هذه هي المقررات السرية والعلنية التي صدرت عن المؤتمر الأول، والتي عملت الصهيونية جاهدة على تحقيقها،وبالفعل طبقت الأكثرية منها، وتعتبر المقررات السرية أشد خطرا على الإنسانية جمعاء لما فيها من مطامع وأحلام بغيضة(16)
    وقد عرض هرتزل تبنبه الجارف للفكرة الصهيونية الاستيطانية في كتاب وضعه عام 1895 بعنوان (الدولة اليهودية) مؤكدا فيه أن المسألة اليهودية ليست اجتماعية أو دينية بل هي مسألة قومية لايمكن خلها إلا عن طريق تحويلها إلى قضية سياسية عالمية تتم تسويتها على يد الدول الكبرى مجتمعة ، و أنشأ في عام 1897 مجلة أسبوعية في باريس أسماها ( العالم ) أصبحت فيما بعد الناطق الرسمي باسم الحركة الصهيونية ، وفي سبيل تحقيق الأهداف السياسية التي نادى بها هرتزل ، فقد حاولوا أن تكون حركتهم ذات طابع علماني تهدف إلى إحياء المشاعر القومية لليهود و ليس إحياء اليهودية(17).
    مرحلة ما بعد المؤتمر التأسيسي:
    وبالعودة إلى مؤتمر "بال" نجد أن الحركة الصهيونية قد حددت هدفها في إنشاء الحركة السياسية ، كما أقرّ العلم الصهيوني والنشيد القومي، واتخذ "هرتزل" رئيساً للحركة ، وقد بدأ على الفور العمل للحصول على الشرعية الدولية لمطالب اليهود ومقررات المؤتمر، وسعت رئاسة الحركة في وضع برنامج عملي لتنفيذ هذا المخطط يقوم على ثلاثة خطوط ( التنظيم - والاستعمار أو الاستيطان - ثم الدبلوماسية أو المفاوضات ) (18)، وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف تم إنشاء مؤسستين الأولى هي لجنة العمل، والثانية البنك الاستعماري اليهودي أو (الكيرن كايمت) وقد أسسه المؤتمر الثاني عام 1898 برأسمال قدره ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، ( ومما يجدر ذكره في برنامج عمل المؤتمر الأول أنه تجنب ذكر كلمة دولة وأحلّ محلها عبارة وطن يضمنه القانون العام، وهي عبارة غامضة كان المقصود منها مساعدة الحركة الصهيونية على كسب عطف وتأييد أكبر عدد ممكن من اليهود لاسيما الطبقة البرجوازية التي تعيش في غرب أوروبا والولايات المتحدة (19)
    مما سبق يتضح أن مؤتمر بال أظهر إلى عالم الوجود المنظمة العالمية الصهيونية في إطارها السياسي ، إذ تبنت هذه المنظمة تحقيق الأهداف المنشودة لليهود لتصبح في شكل حكومة قبل الدولة من خلال لجان و أعملها المتعددة وجهودها الدولية المنظمة ليكون بذلك عام 1897 هو اللبنة الأولى في تأسيس الدولة اليهودية ، ليكون هذا المؤتمر بمثابة المؤتمر التأسيسي للدولة .
    انعقد المؤتمر الصهيوني في مدينة "بال" في الفترة من 28 حتى 31 أوت 1898 وبلغ عدد أعضائه ضعف عدد أعضاء المؤتمر الأول ، ومن أهم مقرراته إلى جانب إنشاء البنك اليهودي ، قرر زيادة الاهتمام بتعليم اللغة العبرية حتى يصبح يهود العالم أمة تتكلم لغتها القومية ونتج عن هذا المؤتمر تأسيس عدة جمعيات صهيونية في أنحاء مختلفة من العالم(20).
    وتركزت جهود الصهيونية بعد هذا المؤتمر نحو استمالة ألمانيا، حيث اجتمع هرتزل" في أكتوبر مع القيصر الألماني "ويلهام" (غليوم الثاني) في اسطنبول عند مرور القصير الألماني بها، وقد اقترح هرتزل إنشاء شركة مسجلة لإعمار الأراضي في فلسطين يديرها الصهاينة بإشراف ألماني ، ولكن القيصر الألماني رفض هذا المقترح في اجتماعه الثاني مع هرتزل في فلسطين نهاية عام 1898 خوفاً من إثارة فرنسا وبريطانيا وروسيا إضافة إلى عدم رغبة ألمانيا في الاصطدام بالدولة العثمانية(21) وفي المؤتمر الثالث الذي انعقد في مدينة "بال" أيضاً في الفترة من15 إلى 18 أوت 1899، انضمت عدة جمعيات صهيونية إلى الحركة ومعظمها كان من رومانيا، وأعلن "هرتزل" في هذا المؤتمر على ضرورة التركيز على الدولة العثمانية دون وسيط وأكد أن جهوده سوف تتركز على مطالبة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني باستصدار قانون يبيح لليهود الاستيطان في فلسطين ، وعرض في هذا المؤتمر أحد أعضاء الحركة موضوع استيطان اليهود في جزيرة قبرص ، ولكن طلبه هذا تمّ معارضته بصورة كبيرة(22) . واجتمع المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن في الفترة من13إلى16 أوت 1900، وكانت فكرة "هرتزل" من عقد هذا المؤتمر في بريطانيا جذب اهتمام الحكومة والجمهور الانجليزي للمطالب الصهيونية لاسيما وأن بوادر الرفض العثماني لمطالب الحركة كان تلوح في الأفق وهو ما حصل بالفعل عام 1901عندما رفض السلطان عبد الحميد مطالب "هرتزل" واصدر قانونا يحرم فيه بيع الأراضي لليهود في فلسطين(23)، كما اتجه هرتزل وطرق باب فرنسا لكن طلبه قوبل بالرفض، حيث لم تبدي فرنسا أي رغبة حقيقية في مساندة ودعم المطالب الصهيونية، لاعتقادها بأنها أداة يبد ألمانيا تريد من خلالها الإضرار بمصالح فرنسا(24) ، أضف إلى ذلك أن اليهود الفرنسيين لم يعتنقوا الصهيونية وظلوا يعارضونها بقوة(25) وهذا ما حذا بـ "هرتزل" إلى التوجه الكامل نحو الحكومة الانجليزية صاحبة السيادة على أرجاء واسعة من العالم (26)، وعلى هذا يمكن اعتبار عام 1901 هو بداية التوجه العملي للحركة الصهيونية لتحقيق مطالبها من خلال الحكومة البريطانية(27) على عكس مواقف هذه الدول وقفت بريطانيا موقفا مغايرا بحيث ساندت الحركة الصهيونية، لاعتبارات عديدة من بينها الحفاظ على أطماعها الاستعمارية الإستراتيجية بالمنطقة مع منع قيام أي تغلغل فرنسي أو ألماني بالمنطقة ، كما أنها تضمن بوجود الدولة الحاجزة (اليهود) ، عدم قيام أي وحدة عربية محتملة(28) لذا قابل هرتزل "جوزيف تشمبر لين وزير المستعمرات البريطانية وفاتحه بشان إقامة الوطن القومي داخل الممتلكات البريطانية وذلك بجزيرة قبرص ، لكن بريطانيا رفضت ذلك كما رفضت استيطان اليهود بشبه جزيرة سيناء وعرض عليهم بدل ذلك منطقة أوغندا سنة 1903، وتزامن هذا العرض مع انعقاد المؤتمر الصهيوني السادس لتشكل لجنة لاستكشاف المنطقة أحدث هذا الاختيار انقساما كبيرا داخل صفوف الحركة الصهيونية خاصة بعد وفاة هرتزل عام 1904 حيث ظهر فريق مؤيد لهذه الفكرة وعرف بالسياسيين، وفي المقابل هناك من عارض هذا الاقتراح وشكل تيارا عرف بالعمليين بحيث رفضوا أي وطن بديل عن فلسطين وجاء هذا اثر انعقاد المؤتمر الصهيوني السابع حيث تحدد فيه اهتمام الصهيونية بفلسطين فقط وبهدف تشجيع الاستيطان الاستعماري بفلسطين وضعت المنظمة الصهيونية العالمية آلية للاستيلاء على فلسطين ، كما وضحت ميكانيزمات إقامة الدولة ، وهذا بإنشاء مختلف المؤسسات اليهودية الصهيونية وهذا في ظل غياب القانون الواضح لتنظيم حيازة الأراضي وكانت من أهم هذه المؤسسات :

  • الوكالة اليهودية وهي المسؤولة عن شرون يهود فلسطين

  • افتتاح بنك انجلوا بفلسطين عام 1903

  • الصندوق القومي اليهودي سنة 1901 والذي عمل على ابتياع الأراضي عام 1905 ثم أفتتح في عام 1907 مكتب فلسطين بيافا (29)

  • شركة تطوير الأراضي وقد نشأت عام 1909

  • لجنة الاستعمار وقد أنشأت عام 1898 (30)

  • الجمعية اليهودية العالمية

  • الصندوق الفلسطيني التأسيسي 1920م بهدف شراء الأراضي والاستيلاء عليها من الفلسطينيين وتحويلها إلى اليهود بشرط الإقامة في هذه الأرض وخدمتها لصالح اليهود(31).
    لنجد أنه لولا المساعي التي بذلها تيودور هرتزل لبقيت فكرة إقامة دولة يهودية ، حلما يراود اليهود فقد مهد هرتزل الطريق لمن سيأتي بعده لاستكمال حلم لمن أراد تحقيقه على أرض الواقع(32) كانت بريطانيا تفاوض العرب على استقلال بلادهم المشرقية ووحدتها وفي نفس الوقت بحثت مع فرنسا وروسيا تقسيم الامبراطورية العثمانية ، وخططت مع الصهيونية العالمية لاحتواء فلسطين وإقامة دولة اسرائيل بها وفي 4 مارس 1916 توصلت مع حليفتيها فرنسا وروسيا القيصرية إلى اتفاق حول تقسيم هذه الإمبراطورية وأبرمت الدول الاستعمارية الثلاث معاهدة ببطرسبورغ فكانت بعض املاك العثمانيين في اسيا الصغرى من نصيب روسيا والبلاد العربية موضوع اتفاق حسين ومكماهون من نصيب بريطانيا وفرنسا ووقع هذا الاتفاق الذي اطلق عليه سايكس بيكو بتاريخ 16 ماي 1916نسبة إلى مندوبي انجلترا وفرنسا فكانت هذه المعاهدة مخططا منمقا وضعت فيه مساحات كبيرة من آسيا تحت حروف ابجدية وصبغت بعدة الوان فخصصت روسيا لنفسها القسطنطينية مع الاقاليم المحيطة بها وحصة كبيرة من شرق الأناضول وقد خصصت لفرنسا منطقة تشمل الشريط الساحلي لسوريا وجنوب الأناضول لونت هذه المناطق على خارطة الاتفاق باللون الأزرق وقد وضعت تحت النفوذ الفرنسي منطقة عربية اشير لها على الخارطة بحرف الفرنسي منطقة عربية اشير لها على الخارطة بحرف بحرف "أ" وتشمل جنوب سوريا والموصل ولفرنسا في هذه المنطقة حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية وتقديم المستشارين والموظفين الأجانب عند طلب الحكومة العربية أما حصة بريطانيا فقد ضمت الأراضي الواقعة بين اقصى جنوب سوريا إلى العراق بما في ذلك بغداد والبصرة والمناطق الواقعة بين الخليج العربي و الأراضي الممنوحة لفرنسا ولونت باللون الأحمر كما منحت انجلترا منطقة اشير لها بالحرف " ب " ولها نفس الحقوق التي أعطيت لفرنسا في المنطقة "أ" كما نص الاتفاق على إنشاء إدارة دولية في فلسطين وقد لونت باللون البني ولم يرد في هذه الاتفاقية اي ذكر لليهود بل بدى فيها بوادر المؤامرة الاستعمارية على فلسطين (33).بعد صدور اتفاقية سايكس بيكو 1916، التي مزقت الوطن العربي شر تمزيق أخذت الحكومة البريطانية تفكر بجدية في أخذ موقف رسمي أكثر تأييدا للصهيونية، لاسيما في ظل تعيين لويد "جورج" كرئيس للوزارة البريطانية. مع الإشارة إلى أنه أحد أنصار المعسكر الصهيوني - إضافة إلى تعيين لويد بلفور على رأس وزارة الخارجية ليعقد "مارك سايكس مساعد وزير الحرب البريطاني اجتماعا مع قادة الحركة الصهيونية وعلى رأسهم حاييم وابزمان ، وقد خرج اللقاء بضرورة إعطاء الصفة القومية لليهود بفلسطين ، كما حصل هذا القرار على تأييد الحلفاء في الثامن فيفري 1947 ليصرح نهائيا عن هذا القرار و الذي عرف ب "وعد بلفور" في 2 نوفمبر 1917(34) ، وذلك بإقامة وطن قومي "لليهود" في فلسطين وبدأ بتوطينهم خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين ، و بحلول سنة 1920 تمكنت بريطانيا من الفوز بإدارة فلسطين وفق شروط معاهدة الصلح مع تركيا ، ولقد سلك الساسة البريطانيون مسالك معقدة لبلوغ تلك الغاية عبر استعمال الحركة الصهيونية للاتفاق مع الفاتيكان، من أجل تنصيب اللورد هيربرت صموئيل حاكما على القدس. وأوّل إجراء قام به " أمير إسرائيل" كما يسميه اليهود، هو إقرار (الشابات) عيدا رسميا وقانونيا في فلسطين، ثم سعى إلى جعل فلسطين بالنسبة لليهود مركزا دينيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا، بعد أن وزعت الأراضي عليهم ووضع حجر أساس الجامعة اليهودية 1920 (35) من أهم نتائجه هو ( إقامة الوطن القومي اليهودي بفلسطين ) فحتى صدور هذا الوعد لم تكن الصهيونية تفكر جديا في إقامة الدولة اليهودية ، وقد أشتهر هذا الوعد بإمكانية اليهود تحقيق فكرة الوطن القومي في أرض الميعاد ، وأزال كل الاختلافات في وجهات النظر حول مكان هذه الدولة اليهودية .فبدأت مجهودات الصهيونية العالمية بعد صدور الوعد تتخذ طابعا عالميا لإقامة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين مستغلة الدولة الإستعمارية خاصة بريطانيا التي لم يكن يعنيها سوى السيطرة الاقتصادية على العالم العربي (36) وفي 18 جوان 1919 م صدر صدر صك الانتداب عن ميثاق عصبة الامم وقام بصياغته ووضع نصوصه ومواده بنيامين كوهين وجاء في الصك : " إن دول الحلفاء قد وقعت على وعد بلفور و على ان تكون الدولة المنتدبة مسؤولة على التنفيذ اعترافا بالصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين(37) بعد دخول بريطانيا إلى فلسطين واعلانها الرسمي للانتداب عليها قامت بتطبيق سياستها على فلسطين،ومن بين أولى سياستها تبنت سياسة توفيقية من أجل تهدئة وضع الشعب الفلسطيني وامتصاص غضبه الرافض للوجود البريطاني فتم نشر أول إعلان عام للسياسة البريطانية في فلسطين بعد إعلان وعد بلفور في مستند عرف باسم" command paper " الذي شاعت تسميته البيان الأبيض أو الكتاب الأبيض عام 1922 (38) ، ثم جاءت ثورة البراق سنة 1929 التي كان السبب الرئيسي لهذ الانتفاضة هو تهجير متزايد لأعداد كبيرة من اليهود رغم احتجاج الفلسطينيين على ذلك و الأعمال الاستفزازية التي أقدم عليها يهود بالاعتداء على الحائط الغربي للمسجد الأقصى و رفع العلم الصهيوني (39) وفيما بعد صدر الكتاب الأبيض 2 سنة 1930 الذي اعتبره العرب أبيضا لأنه أوصى بفرض قيود على الهجرة اليهودية بكثرة و بطرق غير مشروعة (40) و بعد ازدياد أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين بشكل كبير في الفترة الواقعة ما بين سنتي 1931 إلى 1935 هذا إلى جانب انتقال الأراضي العربية لليهود أدت إلى غضب الشعب الفلسطيني على الإنجليز هذا إلى جانب عوامل أخرى ألهبت حماس الشعب. وخاصة استشهاد الشيخ عز الدين القسام الذي كان الشرارة التي ألهبت فتيل الثورة الفلسطينية عام1936 (41)استمرّت المواجهات أثناء الحرب العالمية الثانية، التي اشتدت خلالها الهجرة اليهودية إلى فلسطين بسبب أحداث الحرب في أوروبا، الأمر الذي استغلته الحركة الصهيونية أيضا أيّما استغلال لكسب عطف المجتمع الدّولي، ودفعه إلى التعجيل بتجسيد الآمال الصهيونية في فلسطين. تجب الإشارة إلى أن الأوضاع هدأت نسبيا مع بداية سنة 1939 ، إلى أن تم اصدار حكومة الانتداب لما عُرف بالكتاب الأبيض في 17 ماي 1939 الذي حمل ثلاث نقاط أساسية:

  • إقامة دولة فلسطينية مستقلة في مدّة عشر سنوات

  • تسقيف الحد الأقصى لعدد اليهود بثلث السّكان



    • منع بيع الأراض ي العربية لليهود
      قوبلت هذه القرارات برفض بعض الأطراف الفلسطينية في مقدمتها مفتي القدس مهما يكن من أمر، فإن اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939 أوقف الصّراع إلى حين ظلّ الصهاينة، حتى في سنوات الحرب الأولى ، يترصّدون أي قرار يعارض مشروعهم القومي، وجاء ذلك باستصدار إدارة الانتداب لقرار منع الهجرة غير الشرعية لفلسطين وتحويلها إلى جزيرة )موريس(، حيث كان لليهود رد فعل عنيف من خلال التسبّب في عدّة تفجيرات بالقنابل، كما أن الصهاينة استغلوا فرصة الحرب و شرعوا في التسلح بعد أن شكلوا جيشا سريّا ( الهاغانا ) ، في مارس 1945 تأسّست الجامعة العربية التي أقرّت بعضوية فلسطين كدولة ذات سيادة وكعنصر كامل الحقوق، وقابل الصهاينة ذلك الإجراء بعقد ندوة إسرائيلية بلندن في ذات السنة جدّدت فيها مطالبها التي كانت قد تقدّمت بها قبل بداية الحرب، وفي مقدمتها السماح بهجرة يهودية كثيفة نحو فلسطين ، منتهزين فرصة ما حلّ باليهود من مآسي على يد النازيين ولعلّ ما يلفت الانتباه، هو تحمّس الرئيس الأمريكي (ترومان) لتلك الفكرة كثيرا وفعلا كان من قرارات اللجنة الأنجلو أمريكية الصادرة في 20 أفريل 1946 تخصيص 100 ألف تأشيرة لليهود ...إلا أن المشروع لم يجسّد لأسباب استراتيجية على الأرجح، وليس لأسباب مالية كما ورد في بعض الكتابات الأجنبية . أعلنت بريطانيا الاستعمارية بعد أن استكملت مرافقتها لكل الهياكل القاعدية الإسرائيلية في فلسطين ، بما في ذلك تشكيل قوات (الهاغانا) و (الهيرغون) العسكرية التي توحّدت لأسباب وطنية سنة1948 ، بأنها ترغب في إنهاء تواجدها بفلسطين وتحويل ملف ادارتها إلى هيئة الأمم المتحدة، وهو ما تمّ فعلا في 16 ماي 1948 بعد أن سيطرت القوات الإسرائيلية السّالفة الذكر على المناطق المتّفق عليها، وكانت الولايات المتّحدة الأمريكية الراعي الجديد للصهيونية، أول المعترفين بتلك الدولة المزعومة والمفروضة فرضا وفق منطق الحقُّ للأقوى (42)




Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

لقد حقق قسم بحو...

لقد حقق قسم بحوث المقننات المائية والري الحقلي إنجازات متعددة تعزز كفاءة استخدام المياه وتدعم التنمي...

1. قوة عمليات ا...

1. قوة عمليات الاندماج والاستحواذ المالية في المشهد الديناميكي للأعمال الحديثة، ظهرت عمليات الاندماج...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺗﻤﮭﯿﺪﯾﺔ ﻣﻘﺪﻣﮫ ﺳﻨﻀﻊ اﻟﻤﺒﺤﺚ ھﺬا ﻓﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻣﻦ واﻟﺘﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ذﻟﺒﻌﺾ ھﺎﻌﻠﻮم ﻔﺎت ...

الوصول إلى المح...

الوصول إلى المحتوى والموارد التعليمية: تشكل منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوابة للدخول إلى المحتوى ...

ـ أعداد التقاري...

ـ أعداد التقارير الخاصه بالمبيعات و المصاريف والتخفيضات و تسجيل الايرادات و المشتريات لنقاط البيع...

وهي من أهم مستح...

وهي من أهم مستحدثات تقنيات التعليم التي واكبت التعليم الإلكتروني ، والتعليم عن والوسائط المتعدد Mult...

كشفت مصادر أمني...

كشفت مصادر أمنية مطلعة، اليوم الخميس، عن قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بتشديد الإجراءات الأمنية والر...

أولاً، حول إشعي...

أولاً، حول إشعياء ٧:١٤: تقول الآية: > "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء...

يفهم الجبائي ال...

يفهم الجبائي النظم بأنّه: الطريقة العامة للكتابة في جنس من الأجناس الأدبية كالشعر والخطابة مثلاً، فط...

أعلن جماعة الحو...

أعلن جماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع...

اهتم عدد كبير م...

اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدا...

وبهذا يمكن القو...

وبهذا يمكن القول في هذه المقدمة إن مصطلح "الخطاب" يعدُّ مصطلحًا ذا جذور عميقة في الدراسات الأدبية، ح...