Lakhasly

يشهد العالم اليوم تحولات اقتصادية سريعة زادت فيه التحديات و جو التنافس و الرهان على البقاء بالنسبة للمؤسسات الإقتصادية و أصبحت فيه إدارة المخاطر أمرًا لا غنى عنه لضمان الإستمرار و الإستقرار في البيئة الحالية.
تمثل المخاطر المالية أهم أبرز المشكلات التي تواجه المؤسسات عموما وتتمثل في مشكلات الائتمان والتمويل، فغالبا ما تحجم مؤسسات التمويل عن تزويد المؤسسات باحتياجاتها المالية سواء لأغراض التكوين الرأسمالي أو التوسع أو لمواجهة نفقات الاستغلال. ويرجع ذلك لزيادة درجة المخاطرة في عمليات الإقراض بسبب غياب الضمانات المناسبة، الأمر الذي ينعكس عليها اتجاه الشركاء الاقتصاديين بجملة مخاطر كخطر ضعف الهيكل المالي وكذا خطر عدم الوفاء بالالتزامات والحقوق المالية وجل الأخطار التي يمكن أن تنبع من ضعف الائتمان والسيولة داخل المؤسسة، هذه الأخطار أصبحت تشكل تهديدا مستمرا لاستمرارية المؤسسة وتطورها.
من بين هذه المخاطر و من أبرزها خطر السيولة الذي يعتبر أحد العناصر الرئيسية و الحلقة الحيوية في إدارتها و التي تربط بين قدرتها على تحقيق إلتزاماتها المالية و بين استعدادها لمجابهة التحديات المالية المتغيّرة التي تتطلب إستجابة فعالة و اتخاذ قرارات مالية صائبة للتغلب عليها و بالتالي تحقيق الإستقرار المالي و النمو المستدام اللذان يتطلبان فهما عميقا لإدارة خطر السيولة و فهم دورها الحيوي الذي تلعبه للحفاظ على صحة الأعمال المالية المختلفة لتجنب أو التقليل من مختلف المخاطر المالية التي ممكن أن تؤدي إلى الفشل المالي.
إنه من البديهي في العلوم المالية الربط بين الإدارة الجيّدة لخطر السيولة و علاقتها بالفشل المالي من حيث تقليله أو زيادته. ففي عام 2001 تقدمت شركة ENRON الأمريكية العملاقة في مجال الطاقة بطلب إفلاس لسبب إدارة غير قانونية و مشبوهة لسيولتها و ذلك لاستخدامها لتقنيات مالية معقدة لإخفاء الديون و زيادة الإيرادات بشكل مبالغ فيه مما إنجر عن ذلك تبدّد ثقة المستثمرين في المؤسسة حيث واجهت بعدها المؤسسة أزمة حادة في السيولة عجزت بسببها عن تلبية التزاماتها المالية بسبب نقص السيولة مما أدى إلى تعرضها للفشل المالي و قد تفاقم هذا الخطر بسبب تضليل القوائم المالية و حساب مؤشرات توازن مالي مضللة لا تعكس الوضع المالي لشركة ENRON ما أدى إلى انهيارها و بالتالي فقدانها آلاف الوظائف و إلى خسائر كبيرة للمستثمرين.
الأمثلة على ذلك كثيرة، فبعد التجارب التي مرت بها المؤسسات الإقتصادية و خاصة المعروفة بقوتها و نفوذها في السوق يظهر للباحث جليّا و بدون شك إن افتقار النظام الإداري للمؤسسة إلى استراتيجيات فعالة لتوفير السيولة و عدم التعامل مع خطرها بشكل فعال و جدّي يجعلها تواجه صعوبات في سداد إلتزاماتها المالية و صعوبات الإستمرار في نشاطها، ضف إلى ذلك أن التاريخ وضح أن تجاهل خطر السيولة يمكن أن يؤدي إلى تداعيات كارثية تتمثل في مخاطر مالية منها خطر الفشل المالي و عليه فلابد من بناء سياسات واضحة لإدارة خطر السيولة بشكل فعّال لضمان استدامة الأعمال و تجنب الفشل المالي و تموقع المؤسسة أكثر في السوق و هذا يتطلب مشاركة وتجنيد كبير و واسع للموارد ،بما فيها الموارد البشرية ،المالية والملكية والفكرية ،وتستلزم رؤية واضحة ومحددة الأهداف ،وجدير بالذكر هنا وضع دليل للمخاطر وارتباطها بالعوامل المساعدة لوقوعها وتحقق الخسارة المتوقعة يسهل عملية إدارة المخاطر ويزيد من فعاليتها وذلك داخلها. يفرض على المؤسسات ضرورة الاهتمام بجميع العوامل والتي من شانها تفعيل إدارة الخطر.