Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (44%)

‎يحسن بنا قبل بيان مفهوم الحق في الفقه القانوني الإشارة إلى معنى الحق في اللغة، ‎بالشيء والتمكن منه (٢) . وتعتبر فكرة (الحق) من الأفكار المستقرة على مستوى التشريعات القانونية الوضعية والأدبيات العلمية في العصر الحديث، ورغم ذلك فقد اختلف فلاسفة وفقهاء القانون في وضع تعريف للمصطلح، وذهبوا في تعريفه مذاهب متعددة نتيجة لاختلاف النظر في العنصر الجوهري الذي يقوم عليه مفهوم (الحق) ويؤثر فيه، ونشأت عدة نظريات تناولت تعريف الحق، حيث قامت كل منها لتصحيح الانتقادات التي وُجّهت لسابقتها، وسنعرض إليها بالتوضيح المناسب فيما يأتي وفق ظهورها التاريخي: أولا: المذهب الشخصي (نظرية الإرادة): وهو يعرف الحق من خلال صاحبه، فيراه صفة تلحق بإرادة الشخص، فيصبح بها قادرًا على الإتيان بأعمال معينة، فالحق هو: "سلطة أو قدرة يعترف بها القانون لإرادة شخص معين"، ويباشره ويحقق مصلحته من خلاله. ويند شايد، وقد تعرض هذا الاتجاه للانتقاد، ويرى البعض أن
لما يلي:
إمكان وجود الحق لشخص عديم الإرادة؛ إذ تنشأ لهم حقوق مالية دون اعتبار إراداتهم. أن ربط استعمال الحق بإرادة شخص معين لا حاجة إليه، فعديم الإرادة كالمجنون
قد يستعمل بيتا للسكنى ولا يقتضي ذلك إرادته. أن الحق قد يثبت لصاحبه قسرًا ؛ كثبوت حق الولاية للأب (۱). كما يمكن أن يعترض على هذا الاتجاه بأن التعريف غير مانع، فكلاهما يمنح صاحبه سلطة أو قدرة، الرخصة تثبت السلطة والإباحة للكافة. وقد ناصر هذا الرأي الفقيه: اهرنج، ولكن هذا الاتجاه لم يسلم من النقد كذلك، وليست جوهره، فالمصلحة قد تتحقق للشخص دون أن يتقرر له حق في شيء معين، فقد توجد المصلحة ويتخلف الحق؛ مع أن تصرف الدولة ليس حقا للتجار. ثالثا: المذهب المختلط (نظرية الإرادة والمصلحة): وهو يجمع بين النظريتين السابقتين، أصحاب هذه النظرية في تغليب أحد هذين العنصرين:
فذهب بعضهم إلى تغليب عنصر الإرادة، لتحقيق مصلحة معينة". بينما غلب الفريق الأخر دور المصلحة، فعرف الحق بأنه "مصلحة يحميها القانون
وقد وجهت له الانتقادات الموجهة
للمذهبين السابقين لكونه يجمع بينهما. وعند تحليل هذا
هي
الاختصاص الذي يعبر عنه بالاستئثار، ٢. التسلط، ويقصد به القدرة على التصرف في الشيء محل الحق كنتيجة مباشرة للاستئثار به، وهذا التصرف قد يكون تصرفًا ماديًا باستهلاك الشيء أو إتلافه، وقد يكون تصرفًا قانونيًا، بنقله إلى الغير أو ترتيب حق عليه. القضائية، وثمرة هذه الحماية هي احترام الغير للحق نتيجة سيادة القانون (۱). الحق، إن الباحث في مفهوم الحق في الفقه الإسلامي لا يجد كبير عناء في الكشف عن استعمال الفقهاء كثيرًا لهذا المصطلح في مواضع مختلفة، وفي معان عديدة ذات دلالات مختلفة - على الرغم من انتظامها في معنى عام يجمعها وهو الثبوت والوجوب- ومصطلح "الحق" كغيره من المصطلحات قد تطور مفهومه وصياغة تعريفه إلى أن وصل إلى مرحلة الاستقرار، وسيدرك القارئ بجلاء أن ما ذكره بعض الباحثين (١) من عدم محاولة الفقهاء وضع تعريف لمصطلح "الحق" أو أنهم استغنوا عن تعريفه لظهور معناه، والادعاء بأن الفقه الإسلامي لم يفرق بين أنواع الحقوق وتقسيماتها، وما زالت الجهود تتكامل وتأخذ في النضج والتجديد، وتكشف كل يوم جوانب تفوق التشريع الإسلامي وفقهه، وربما بتأثر مباشر أو غير مباشر بالتراث الإسلامي، وذلك على النحو الآتي
للفقهاء المتقدمين عدة تعريفات للحق، (۱)
وهذا التعريف عرف الحق بأنه اختصاص، وهذا يظهر عنصر الاستئثار والتسلط بالحق، كما أن قوله "شرعًا" نص على مصدرية الشرع للحقوق أو المصدرية الشرعية للحقوق وحمايتها (۲) ، ورغم التقدم التاريخي لهذا التعريف لكنه نفيس القيمة؛ فقد اشتمل على عناصر الحق التي انتهت إليها النظرية الحديثة في التعريف القانوني، فعرف الحق بالاختصاص والتسلط، الاختصاص والتسلط) (۳). وحاجزًا عن تصرف الغير " (٤. ولعنصر الاختصاص بقوله: حاجز عن تصرف الغير"، وأشار إلى مصدر الحق وهو الشرع. تعريف الحق عند الفقهاء المعاصرين:
حاول الفقهاء المعاصرون صياغة تعريف محدد منضبط للحق يبين ماهيته ويكشف حقيقته، واتجهوا فى ذلك عدة اتجاهات وأوردوا عددًا كبيرًا من التعريفات، والواقع أن هذه الاتجاهات والمسالك ليس بينها كبير خلاف فى تصوير الحق وبيان حقيقته، ولعل السبب فيما حدث بينها من تباين هو اختلاف جهة النظر، فبعضهم عرف الحق باعتبار موضوعه، وبعضهم عرفه بالنظر إلى صاحبه، حيث
تحقيقا لمصلحة معينة" (٢)، وجاء هذا التعريف توضيحا وتعديلا على تعريف الدكتور
وهذان التعريفان يرجحهما كثير من الباحثين والمتخصصين لدقة صياغتهما وشمولها، فالاختصاص تعبير عن الانفراد والاستئثار، ويشمل ذلك حقوق الأشخاص وحقوق الله تعالى، الاشتراك.
كما في الحقوق العينية؛ أو الحق في اقتضاء العمل
ويهدف هذا الاختصاص إلى تحقيق مصلحة معينة مشروعة، وهذه هي غاية الحق
ومن أبرز من تزعم ذلك الفقيه الفرنسي (دوجي)، وأساس هذا فكرة الحق تعطي صاحبها إرادة تميزه عن غيره، ويرى أن هذا يعارض جوهر القانون الذي يعامل الأشخاص على أساس إنهم إرادات متساوية، مما جعل هذا الرأي نظريا لا يترتب عليه نتائج عملية، فضلا عن أن فكرة الحق ليست هي التي تمنح الاشخاص إرادة تميزهم عن الغير، وإنما القانون هو الذي يخول ذلك لصاحب الحق، الحق، وظهورها في الشرائع المختلفة
ثم تطورت العقائد الوثنية، وعلى القاضي أن يستطلع رأي الآلهة الوثنية في الصادر عن الآلهة وليس عن كل نظام يُعرض عليه عن طريق الإلهام والوحي الإلهي -
على لسان أفراد متميزين، وكان هذا مصدر
قوتها والإلزام بها. وتنظيم وتهذيب. وقد يُبعث بعض الرسل بشريعة جديدة، كما في المسيح عليه السلام، فقد اقتصرت نصوصه على تناول المسائل الروحية والأخلاقية
فقط، وكانت تحيل إلى تشريعات الديانة اليهودية
وقد بدأت المجتمعات المسيحية، في فترة انحرافها، بالأخذ من القانون الروماني، بعيدا عن
الشرائع السماوية والوحي الإلهي. ومن الثابت تاريخيا في فقه تاريخ القانون السائد، أن القانون الروماني لم يكن يعرف فكرة الحق بالمفهوم المعروف الآن، ويمكن إعادة أسباب تطور فكرة الحق في القوانين
ذلك من إعلانات حقوق الإنسان. تطور فكرة الحق، كغريزة التملك، تدفع إلى تنظيم العلاقات واحترام النظام الاجتماعي، وتبعا لهذه العوامل أخذت
كعلم النجوم، وقد يتم الاحتكام إلى رئيس القبيلة أو شخص معروف بالرأي
والحكمة، وقد لا يلتزم المحتكمون بما صدر من حكم. فقد كانت فكرة الحق حاضرة في النص القرآني، وترددت كلمة الحق في السنة النبوية، وصاغ الفقهاء تعريفات له،


Original text

‎يحسن بنا قبل بيان مفهوم الحق في الفقه القانوني الإشارة إلى معنى الحق في اللغة، فلم معان كثيرة، ويتضح من استعمالاته أن أصل معناه: الوجوب، والثبوت، والاختصاص


‎بالشيء والتمكن منه (٢) . وتعتبر فكرة (الحق) من الأفكار المستقرة على مستوى التشريعات القانونية الوضعية والأدبيات العلمية في العصر الحديث، ورغم ذلك فقد اختلف فلاسفة وفقهاء القانون في وضع تعريف للمصطلح، وذهبوا في تعريفه مذاهب متعددة نتيجة لاختلاف النظر في العنصر الجوهري الذي يقوم عليه مفهوم (الحق) ويؤثر فيه، ونشأت عدة نظريات تناولت تعريف الحق، وتمثل هذه النظريات التطور التاريخي لمفهوم الحق في
التشريعات الوضعية الغربية، حيث قامت كل منها لتصحيح الانتقادات التي وُجّهت لسابقتها، وسنعرض إليها بالتوضيح المناسب فيما يأتي وفق ظهورها التاريخي: أولا: المذهب الشخصي (نظرية الإرادة): وهو يعرف الحق من خلال صاحبه، فيراه صفة تلحق بإرادة الشخص، فيصبح بها قادرًا على الإتيان بأعمال معينة، فالحق هو: "سلطة أو قدرة يعترف بها القانون لإرادة شخص معين"، فالإرادة هي جوهر الحق، ولا
يكون حقا إلا إذا وجد من يتمتع به، ويباشره ويحقق مصلحته من خلاله. وقد ناصر هذا الاتجاه عدد من فقهاء القانون في القرن التاسع عشر مثل: جيرك،
سافيني، ويند شايد، وأخذ به من فقهاء القانون العرب: سليمان مرقص، وشفيق شحاته. وقد تعرض هذا الاتجاه للانتقاد، لأنه ربط بين وجود الحق في ذاته وبين شرط
مباشرته، حيث جعل الاعتراف بالحق مشروطًا بإرادة شخص معين، ويرى البعض أن
ربط الحق بالإرادة لا يستقيم؛ لما يلي:
. إمكان وجود الحق لشخص عديم الإرادة؛ كما في حالة الحق في الميراث، والوصية
للطفل غير المميز والمجنون، إذ تنشأ لهم حقوق مالية دون اعتبار إراداتهم.
أن ربط استعمال الحق بإرادة شخص معين لا حاجة إليه، فعديم الإرادة كالمجنون
قد يستعمل بيتا للسكنى ولا يقتضي ذلك إرادته.
أن الحق قد يثبت لصاحبه قسرًا ؛ كثبوت حق الولاية للأب (۱).
كما يمكن أن يعترض على هذا الاتجاه بأن التعريف غير مانع، حيث يدخل فيه الحقوق التي تقوم على الاختصاص والاستئثار، وتدخل فيه الرخص، التي تقوم على الإباحة، فكلاهما يمنح صاحبه سلطة أو قدرة، ولكن الحق يجعلها مختصة بصاحبه فقط، بينما في
الرخصة تثبت السلطة والإباحة للكافة.
ثانيًا: المذهب الموضوعى (نظرية المصلحة) وهو يعرف الحق من خلال موضوعه و أن جوهره هو المصلحة التى تسعى الإرادة لتحقيقها، وعليه فالحق هو مصلحة
يحميها القانون ".
وقد ناصر هذا الرأي الفقيه: اهرنج، وأخذ به من فقهاء القانون العرب: عبدالرازق السنهوري وأبو ستيت، وصبحي المحمصاني، ولكن هذا الاتجاه لم يسلم من النقد كذلك، ومن ذلك أن المصلحة هي غاية الحق، وهدفه، وليست جوهره، فالمصلحة قد تتحقق للشخص دون أن يتقرر له حق في شيء معين، فليست معيارا لوجود الحق دائما، فقد توجد المصلحة ويتخلف الحق؛ كالمصلحة التي يحققها التجار المحليون بفرض الدولة للرسوم على البضائع الأجنبية، مع أن تصرف الدولة ليس حقا للتجار.
ثالثا: المذهب المختلط (نظرية الإرادة والمصلحة): وهو يجمع بين النظريتين السابقتين، فيعرف الحق من خلال صاحبه (الإرادة)، ومن خلال موضوعه (المصلحة)، ثم اختلف
أصحاب هذه النظرية في تغليب أحد هذين العنصرين:
فذهب بعضهم إلى تغليب عنصر الإرادة، فعرفه بأنه "سلطة إرادية يعترف بها
القانون، ويحميها؛ لتحقيق مصلحة معينة".
بينما غلب الفريق الأخر دور المصلحة، فعرف الحق بأنه "مصلحة يحميها القانون
بتخويل صاحبها سلطة القيام بما يحققها ".
وقد ناصر هذا الرأي (جيلينك، وميشو)، وقد وجهت له الانتقادات الموجهة
للمذهبين السابقين لكونه يجمع بينهما.
رابعا: المذهب الحديث: في ظل الانتقادات الموجهة لهذه المذاهب ظهر الاتجاه الحديث
لتفادي النقد السابق، وقد حمل لواءه الفقيه البلجيكي (جان دابان سنة ١٩٥٢م) فعرف الحق بأنه: "استئثار بقيمة معينة، يُقره القانون لشخص، ويحميه"، وعند تحليل هذا
التعريف يظهر أنه يجعل للحق عدة عناصر يتكون منها، هي
الاختصاص الذي يعبر عنه بالاستئثار، فصاحب الحق يختص دون غيره بمال أو
قيمة معينة.
٢. التسلط، ويقصد به القدرة على التصرف في الشيء محل الحق كنتيجة مباشرة للاستئثار به، وهذا التصرف قد يكون تصرفًا ماديًا باستهلاك الشيء أو إتلافه، وقد يكون تصرفًا قانونيًا، بنقله إلى الغير أو ترتيب حق عليه.
٣. الحماية القانونية للحق إذا اعتدي عليه، والوسيلة القانونية لذلك هي الدعوى
القضائية، وثمرة هذه الحماية هي احترام الغير للحق نتيجة سيادة القانون (۱).
ويميل إلى الأخذ بهذا التعريف فريق من فقهاء القانون العرب منهم: إسماعيل غانم، وشمس الدين الوكيل، وحسن كيره، وعبدالمنعم البدراوي، ولكنه لم يسلم من بعض أوجه النقد، ومن أهمها: أنه يجعل الحماية القانونية عن طريق الدعوى) ركنا من أركان
الحق، بينما هي أثر لقيام الحق، فهي لاحقة له، وليست هي من جوهره.
إن الباحث في مفهوم الحق في الفقه الإسلامي لا يجد كبير عناء في الكشف عن استعمال الفقهاء كثيرًا لهذا المصطلح في مواضع مختلفة، وفي معان عديدة ذات دلالات مختلفة - على الرغم من انتظامها في معنى عام يجمعها وهو الثبوت والوجوب- ومصطلح "الحق" كغيره من المصطلحات قد تطور مفهومه وصياغة تعريفه إلى أن وصل إلى مرحلة الاستقرار، وسيدرك القارئ بجلاء أن ما ذكره بعض الباحثين (١) من عدم محاولة الفقهاء وضع تعريف لمصطلح "الحق" أو أنهم استغنوا عن تعريفه لظهور معناه، والادعاء بأن الفقه الإسلامي لم يفرق بين أنواع الحقوق وتقسيماتها، يعتبر استنتاجا متعجّلًا ومفتقرًا إلى الاستقراء التام (٢)، ولا يدرك طريقة التنظير الفقهي الذي تنحو إلى النزعة العملية التطبيقية دون الانشغال ببناء النظريات التشريعية، وهو ما استكمله جيل الفقهاء المعاصرين في دراسات التشريع المقارنة والصياغة الفقهية المعاصرة (۳)، وما زالت الجهود تتكامل وتأخذ في النضج والتجديد، وتكشف كل يوم جوانب تفوق التشريع الإسلامي وفقهه، وسبقه إلى المفاهيم والتقسيمات والأحكام التي لم يتوصل إليها القانون الوضعي وفقهه إلا في العصر الحديث، وربما بتأثر مباشر أو غير مباشر بالتراث الإسلامي، وسنورد بعضا من تعريفات قدامى الفقهاء لمصطلح "الحق" -مع ذكر تاريخ وفاياتهم – والإشارة إلى ما اشتمله التعريف من عناصر جوهرية في مفهومه، ثم نورد نماذج من
تعريفات الفقهاء المحدثين، وذلك على النحو الآتي
مفهوم الحق عند الفقهاء المتقدمين:
للفقهاء المتقدمين عدة تعريفات للحق، من أبرزها ما يلي: عرف القاضي حسين المروزي الشافعي ( ت ٥٤٦٢) الحق بأنه " اختصاص مظهر، فيما يقصد له شرعا " . (۱)
وهذا التعريف عرف الحق بأنه اختصاص، ووصفه بأنه "مظهر" أي أن لهذا الاختصاص أثر وثمرة يختص بها صاحبها من مصلحة مادية أو معنوية، وهذا يظهر عنصر الاستئثار والتسلط بالحق، كما أن قوله "شرعًا" نص على مصدرية الشرع للحقوق أو المصدرية الشرعية للحقوق وحمايتها (۲) ، ورغم التقدم التاريخي لهذا التعريف لكنه نفيس القيمة؛ فقد اشتمل على عناصر الحق التي انتهت إليها النظرية الحديثة في التعريف القانوني، فعرف الحق بالاختصاص والتسلط، فكان للفقه الإسلامي سبق فريد حين ابتدأ تعريف الحق بما انتهى إليه الفقه القانوني المعاصر من تقرير أن جوهر الحق هو
الاختصاص والتسلط) (۳).
عرفه صدر الشريعة (ت ٥٧٤٧) بأنه " اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء،
يكون مطلقا لتصرفه فيه، وحاجزًا عن تصرف الغير " (٤.
وهذا التعريف أبرز ماهية الحق بأنه اتصال معنوي بين الشخص والشيء، وأشار
لعنصر التسلط في الحق، بقوله: "يكون مطلقا لتصرفه فيه"، ولعنصر الاختصاص بقوله: حاجز عن تصرف الغير"، وأشار إلى مصدر الحق وهو الشرع.
تعريف الحق عند الفقهاء المعاصرين:
حاول الفقهاء المعاصرون صياغة تعريف محدد منضبط للحق يبين ماهيته ويكشف حقيقته، واتجهوا فى ذلك عدة اتجاهات وأوردوا عددًا كبيرًا من التعريفات، والواقع أن هذه الاتجاهات والمسالك ليس بينها كبير خلاف فى تصوير الحق وبيان حقيقته، ولعل السبب فيما حدث بينها من تباين هو اختلاف جهة النظر، فبعضهم عرف الحق باعتبار موضوعه، وبعضهم عرفه بالنظر إلى صاحبه، وبعضهم عرفه بالنظر إلى أركانه "(1).
ومن أدق هذه التعريفات، وأضبطها تعريف الدكتور محمد فتحي الدريني، حيث
عرف الحق بأنه: "اختصاص يقر به الشرع سلطة على شيء، أو اقتضاء أداء من آخر
تحقيقا لمصلحة معينة" (٢)، وجاء هذا التعريف توضيحا وتعديلا على تعريف الدكتور
عرفه بأنه: " اختصاص يُقرر به الشرع سلطة أو تكليفا" (۳).
مصطفى الزرقا، حيث .
وهذان التعريفان يرجحهما كثير من الباحثين والمتخصصين لدقة صياغتهما وشمولها، ولكونها أقرب للتعريف الاصطلاحي الذي يكون جامعا مانعا، ولرعايتها لتفصيلات
التشريع الإسلامي.
وتوضيح التعريف كالآتي:
. فالاختصاص تعبير عن الانفراد والاستئثار، وهو علاقة أو رابطة للحق بصاحبه
سواء أكان شخصا حقيقيا أم معنويا، ويشمل ذلك حقوق الأشخاص وحقوق الله تعالى، ويخرج عنه الإباحات والحقوق العامة التي توضع للكافة على سبيل
الاشتراك.
وإقرار الشرع تعبير عن مصدر الحق، وما ينتج عن إقراره من سلطات تُحوَّل
لصاحب الحق.

والاختصاص الذي يقره الشرع يمنح صاحبه سلطة معينة إما أن تكون هذه السلطة على شيء ما، كما في الحقوق العينية؛ كحق الملكية، وإما أن تكون سلطة تمنح صاحب الحق القدرة على تكليف غيره بأداء معين واقتضائه منه، كما في الحقوق الشخصية؛ كالحق في اقتضاء الثمن من المشتري، أو الحق في اقتضاء العمل
المتفق عليه من الأجير.
ويهدف هذا الاختصاص إلى تحقيق مصلحة معينة مشروعة، وهذه هي غاية الحق
الرأي عنده أن تعرضت فكرة الحق لهجوم شديد من بعض فلاسفة القانون، وظهر مذهب ينكر فكرة الحق، ولا يسلم بها، ومن أبرز من تزعم ذلك الفقيه الفرنسي (دوجي)، وأساس هذا فكرة الحق تعطي صاحبها إرادة تميزه عن غيره، ويعلو بها على إرادات الأشخاص، ويرى أن هذا يعارض جوهر القانون الذي يعامل الأشخاص على أساس إنهم إرادات متساوية، لا يعلو بعضها على بعض، وبعد إنكار هذا المذهب لفكرة الحق ذهب هذا الاتجاه في تطبيق الأحكام القانونية على أساس تسمية الحق بالمركز القانوني، مما جعل هذا الرأي نظريا لا يترتب عليه نتائج عملية، فضلا عن أن فكرة الحق ليست هي التي تمنح الاشخاص إرادة تميزهم عن الغير، وإنما القانون هو الذي يخول ذلك لصاحب الحق، حتى أصبحت فكرة الحق من الحقائق المسلمة في فقه القانون، باعتبارها حقيقة قانونية جوهرية، وباعتبارها حقيقة تاريخية بوجود أول أسرة على وجه الأرض، حيث وجدت النزعة الذاتية لحفظ الحق وحمايته، وهذا يستدعي إلقاء الضوء على تاريخ فكرة
الحق، وظهورها في الشرائع المختلفة
التطور التاريخي لفكرة الحق (۱)
أولا : الحق في الشعوب القديمة: إن البحث في تاريخ القانون في الشعوب القديمة التي لم تخضع للشرائع السماوية يكشف عما يسمى بـ "القوانين الإلهية" (۲) حيث ظهرت بعد عهد القوة والانتقام الشخصي بين الأفراد، والذي كان سائدًا في المجتمعات آنذاك، ثم تطورت العقائد الوثنية، وتأليه الملوك والرؤساء لدى الإغريق، واتجه الناس للاحتكام إلى رئيس الجماعة، ثم إلى طبقة رجال الدين، وعلى القاضي أن يستطلع رأي الآلهة الوثنية في الصادر عن الآلهة وليس عن كل نظام يُعرض عليه عن طريق الإلهام والوحي الإلهي -
الله سبحانه - فيأخذ الحكم القضائي صورة الحكم الإلهي.
فالحق في صورته الأولى لم يكن سوى إرادة إلهية تصدر في كل قضية بمفردها، على لسان أفراد متميزين، لاتصالهم بالآلهة، ولقدرتهم على تلقي الأحكام، وكان هذا مصدر
قوتها والإلزام بها.
ثانيا: الحق في الشرائع السماوية: تهدف الشرائع السماوية التي ينزلها الله تعالى على رسله إلى تنظيم علاقة الإنسان بالله تعالى، وعلاقته بغيره، من خلال تقرير الحقوق والواجبات، وكان هذا مظهرا من مظاهر تكريم الله للبشرية، حيث لم يتركهم سدى دون توجيه
وتنظيم وتهذيب.
وقد يُبعث بعض الرسل بشريعة جديدة، ومستقلة عما كان قبله، وقد يُبعث بتأكيد شريعة من كان قبله، كما في المسيح عليه السلام، حيث لم يتضمن الإنجيل الأحكام العملية لأفعال المكلفين، فقد اقتصرت نصوصه على تناول المسائل الروحية والأخلاقية
فقط، وكانت تحيل إلى تشريعات الديانة اليهودية
ثالثًا: الحق فى القوانين الأوروبية الحديثة : ظهر القانون الرومانى باعتباره مصدرًا تاريخيًا للقوانين الأوروبية الحديثة، ثم توسعت الإمبراطورية الرومانية عسكريًا، مما أدى إلى
انتشار القانون الروماني. وقد بدأت المجتمعات المسيحية، في فترة انحرافها، بالأخذ من القانون الروماني، والقوانين المعرفية وبعض الموروث عن الديانة اليهودية، كما أخذت تجتهد في تقرير القواعد وفقا لنظرية القانون الطبيعي.
ومنذ عصر النهضة الصناعية في أوروبا أواخر القرن الثامن عشر الميلادي بدأ الغرب بإقصاء الدين، وفصله عن التشريعات. وبظهور مفهوم الديمقراطية وتطبيقه في أنظمة الحكم الغربية أصبح التشريع حقا للبشر عن طريق مجالس النواب والبرلمانات، بعيدا عن
الشرائع السماوية والوحي الإلهي.
ومن الثابت تاريخيا في فقه تاريخ القانون السائد، أن القانون الروماني لم يكن يعرف فكرة الحق بالمفهوم المعروف الآن، ويمكن إعادة أسباب تطور فكرة الحق في القوانين
الوضعية الحديثة إلى العوامل الآتية:
١- الحركات الشعبية التي نادت بحماية حقوق الأفراد من قمع السلطة، وما تلا
ذلك من إعلانات حقوق الإنسان.
٢ - الثورة العلمية والصناعية، وما تبعها من تطور اقتصادي واجتماعي، أسهم في
تطور فكرة الحق، والمفاهيم المتعلقة به.
العوامل النفسية والاجتماعية للإنسان؛ كغريزة التملك، ونزعة الحضارة التي
تدفع إلى تنظيم العلاقات واحترام النظام الاجتماعي، وتبعا لهذه العوامل أخذت
فكرة الحق في التشكل حتى انتهت إلى صورتها الحالية.
رابعا: الحق في حياة القبائل العربية: كانت حياة العرب قبل الإسلام بعيدة عن العلم والحضارة، رغم براعتهم في بعض العلوم الطبيعية؛ كعلم النجوم، والطب ونحوها، ولم تكن لهم : قيادة سياسية أو سلطة قضائية ليكون لهم قانون مكتوب أو تشريع مسيطر، ولذا. كانت الحقوق خاضعة للعادات والأعراف والتقاليد، والتي قد يغلبها منطق القوة والانتقام الشخصي، وقد يتم الاحتكام إلى رئيس القبيلة أو شخص معروف بالرأي
والحكمة، وقد لا يلتزم المحتكمون بما صدر من حكم.
خامسا: فكرة الحق في ظل التشريع الإسلامي (۱) : لم يكن التشريع الإسلامي بحاجة إلى المرور بمراحل يتطوّر فيها هذا المفهوم، فقد كانت فكرة الحق حاضرة في النص القرآني، وورد مصطلح الحق في القرآن الكريم في عشرات المواضع، وترددت كلمة الحق في السنة النبوية، وتواتر استعمال العلماء لهذا المصطلح منذ ظهرت تصانيفهم في سائر علوم الشريعة، وصاغ الفقهاء تعريفات له، وتناولوا تقسيماته، وأحكامه على النحو الذي سبق في التعريف، وكما سيأتي في ثنايا الموضوعات القادمة


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

The time span o...

The time span of this book extends from the late eighth century BC to the early fifth century AD, a ...

علي الرغم من خف...

علي الرغم من خفض معدلات الفقر المدقع إلى أكثر من النصف منذ عام 2000، إلا أن عُشر سكان المناطق النامي...

Overall, sensor...

Overall, sensor degradation depends on electrochemical interrogation parameters and biochemical envi...

كانت سلطة المجا...

كانت سلطة المجالس تقوم أساساً على القوة والسيطرة الاقتصادية الهامة، ومن خلاله يقوم الشيخ بالتوسط في ...

كان البطل على و...

كان البطل على وشك أن يقبل البطلة، ولكنه تراجع، لم يُرض المشهد الذي لم يكتمل أحد المشاهدين فأتمه مع ف...

شباب في كل الام...

شباب في كل الامهم دم جديد ضامن لحياتها واستمرارها وجودها وهم الامتداد الصحيح لتاريخها وهم ورثة الحاف...

1-نأخذ مقدار مل...

1-نأخذ مقدار ملعقة صغيرةو نقوم بتخليل المناطق المصابة بشكل موضعي. 2-بعد الانتهاء من وضع الكريم ، نق...

التعرفعلىميليسا...

التعرفعلىميليساك. درايفر وظيفتياألولىفيبيئةمدرسيةلمتكنمدرًسا. بعدإعصاركاترينا،عملتمعأميريكوربسكمتطوع...

تقوم جدران الحم...

تقوم جدران الحماية الخاصة بالفحص الدقيق بمراقبة حالة الاتصالات النشطة واستخدام هذه المعلومات لتحديد ...

أم الدويس)، ( أ...

أم الدويس)، ( أم الصبيان)، (أم كربه) و(روعان) و(جني الرقاص) و( أم الهيلان) أسماء ( لخراريف) من نسج ا...

Chapter 3 Risk ...

Chapter 3 Risk management and governance 1. Meaning of Risk Management and governance Fraud Detecti...

العوامل التي تؤ...

العوامل التي تؤثر في توزيع السكان في العالم هناك عدد من العوامل التي تؤثر في توزيع السكان في العالم ...