Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

غذاء في الحديقة
بعد إفطار خفيف، أخذ محمد حمام الصباح ثم إرتدى ثيابه وبدأ إصدار تعليمات سريعة إلى أبو غصوب بينما كان يأخذ إناء الفطور ثم عرج على إخواته اللاتي يسميهن "البنات" للإطمئنان عليهن، لأن ثلاثة منهن لم يزلن عازبات أما الأخت الكبرى فهي متزوجة منذ سنوات، طرابلس حيث بدأ ينتظم العمل الإداري والفني فيها وابتدأت المياه النظيفة الوصول إلى المنازل تدريجياً. یاسر، فارس محمود والآنسة جانيت كانوا بإنتظاره، تفقد العمل وتلقى بعض المراجعات ولما قاربت الساعة على الحادية عشر غادر إلى جامع التوبة فاليوم هو الجمعة وهو سليل عائلة ملتزمة دينياً
منذ زمن بعيد
بعدما انتهى من الصلاة عاد إلى المنزل، حيث شقيقاته يهتممن بالطعام للمدعوة، ثم تفقد الحديقة حيث المائدة وتأكد من وجود الورود عليها ومن نافورة المياه التي تعمل في البركة الرخامية المثمنة الأضلاع في وسط الحديقة الغناء التي يعتني بها ثلاثة أشخاص بإشراف شقيقه مصطفى وقد صممت بإتقان ثم أصبحت تتكون من حدائق صغيرة مختلفة إحداها للورد الجوري والأخرى للقرنفل وواحدة للزنبق وهنالك رسومات تمثل الأرزة والسجادة وأشكال حيوانية كلها من الحشائش المقصوصة والأزهار، ويحف بكل ذلك أشجار الياسمين المنمنمة، منها الليمون والزيزفون والصنوبر و"الجهنميات" ألوان بهيجة مختلفة مع الروائح العطرة التي تفوح في الجو وصوت المياه وزقزقة العصافير والبلابل المستمرة من الشروق حتى الغروب يؤلف كل ذلك إطاراً ساحراً يجعل المرء يخلد إلى الهدوء والرضا، ينظر إلى ساعة يده ويذهب متمهلاً إلى مدخل المنزل الرئيسي في الناحية الأخرى من البناء، وما هي إلا دقائق، حيث دلفت السيارة السوداء بصعوبة من البوابة ذات الأحجار القديمة الضيقة، إلى ساحة القصر المستديرة والمظللة بأشجار
الفيكاس والمنغا، لتبلغ إلى الدرج الرخامي الأبيض العريض، حيث يفتح لها الباب خالد، ويستقبلها محمد ممسكاً . بيدها وهي تصعد السلم الكبير بغناج أنشوي وتفوح منها رائحة العطر الباريسي "شانيل" ويدخلا من الباب الشرقي الكبير، إلى صالة الاستقبال وأنوار الشمس الملونة تنعكس وتغطي الحائط المواجه للباب الرئيسي من النوافذ المحيطة به ذات الزجاج الملون بألوان قوس القزح، يقودها إلى الصالة الكبيرة في وسط المنزل، والفضة لآيات قرآنية وأشعار عربية قديمة وبعض الحكم. في وسط هذا البهو بركة رخامية بيضاء من نفس ألوان الأعمدة موشحة بخطوط سوداء فيخبرها بأنهم في المناسبات السعيدة تصبح النوافير كلها من "الليموناضة" (عصير برتقال أو ليمون) للضيوف ويطفو على العصير أوراق من زهر الليمون إذا كان الموسم ربيعاً، ثم تنظر مادلين إلى السجاد الإيراني الذي يغطي الأرض كلها ويبهرها جمال التصميم الشرقي والهندسة بعد فترة يدعوها مضيفها إلى باب جانبي فيدخلا إلى صالة أخرى ويقدم لها شقيقاته بأنهم السفيرات المميزات، ولما سألته سفيرات ماذا، قال لها إنهن سفيرات الملائكة على الأرض ثم تبادلوا السلام والقليل من الكلام لأنهن لا يجدن اللغة الفرنسية ثم يأخذها إلى ممر صغير وينحدرا في مسلم
رخامي خلفي ضيق ليخرجا من باب آخر إلى الحديقة الشرقية ويستقر بهما المطاف جانب نافورة المياه الكبيرة الخارجية التي تحيط بها المائدة المستديرة يكسوها غطاء أصفر اللون مطرز بالذهب تطريز دمشقي جميل وعليها طبقين من الفضة، يدعوها للجلوس ويتخذ مقعداً مقابلاً لها وهو يبتسم مرحباً، الطيبة إلى مضيفها قائلة:
- هل تكبدت كل هذا العناء لأجلي و. المنزل؟
أوه كم أنت متواضع، هذا قصر متقن جدا ولو أتيح للكثير من شعبي لقاموا بزيارته سياحيا ولدفعوا حتى يشاهدوه. - إذا فلنبدأ التحضير لتجارة مستقبلية معاً، عليك بالسياح، وأنا
الدليل، ضحكت وتابعت
وإذا استطعنا أن تحضرهم في فصل الربيع يشاهدوا أيضاً ما يجب أن تسميه مهرجان الطبيعة في ربيع طرابلس العابق بروائح الزهور، فصلاً إنه لا ينسى، إني معجبة بعمق تعلقك بهذه الأرض. شرط أن ننسى قتالكم لنا أنتم هذه العائلة، إنها لقمة الحضارة أن نجلس معاً نتناقش في عقول ناضجة، ولكن يبدو أنك واثق من رحيلنا قريباً قالت على سبيل المداعبة . فأجابها مبتسماً ما را - إن شاء الله اليوم قبل الغد، وضع منها قليلاً وأخذ بيد السيدة مادلين التي كانت قد
- بصراحة الذهب على الجدران، الزجاج الملون، الأبواب
المنقوشة الرخام الجميل، ومائدة الطعام وآنية بالذهب والحديقة الجميلة التي نجلس في أحضانها معاً مع هذه الروائح المتنوعة من الياسمين والورد والنرجس. كل هذا جميل جداً وكأني بكم
لكن على فكرة . هذا فيه الكثير من التناقض. فكيف تفسر لي بيت ديني يرث الإفتاء حتى تصل إلى شقيقك الذي يقوم معكم ببناء يجدر بنا نحن الفرنسيين الماديين أن نقوم به. يتعارض مع الإسلام . ؟ انظر إني لا أقصد إلا أن أكون صريحة وأفكر معك بصوت
لعل في معلوماتي أخطاء وها أنذا أطلب تصويبها. وأخذ يفكر بمكر هذه الصديقة وهو يتأملها بهدوء وأجابها:
- نعم سيدتي هناك وجهة حق فيما تقولينه . ولربما أخطأنا فيما فعلنا لكن نحن أيضاً ندعو إلى عدم الرهبنة . والشكر يكون له أوجه عدة منها "أما بنعمة ربك فحدث"، كان بناء أربع منازل بسيطة بدل قصر كبير، ولكن عندما يستطيع المرء أن بيني هكذا بناء في موسم حرير واحد، معصوم، ثم هذا الذي ترينه ضروري لطرابلس وضروري لما تعمل
له. ففي الحياة المظاهر أحياناً تفيد التقدم في سلم الطموح وتنبىء
عن داخل منتظم. وبدأ أبو غصوب وابنه يقدما الطعام
ثم قالت له :
كما تعلم بيا
صديقي هناك حقيقة وللحقيقة أوجه واحتمالات شتى . لربما وقعت عند احتمال ما أعتقد أنه الأصوب . وقد أناقش هذا مستقبلاً معك، إني أتكلم من وجهة نظر الإسلام بالمقارنة مع رجال ملتزمين حتى لا
أقول عن بعضهم متعصبين. على كل حال أود أن
أسألك سؤال شخصي هل أستطيع؟
تفضلي أرجوك. فقالت: قل لي عن نظرتك إلى المال، لك مغامرات عدة، وابتسمت بمكر وتابعت . ولك شعبية واسعة والرجال هنا يخضعون لك بإعجاب وتقودهم إلى الموت فينساقوا بكل ترحاب، عائلتك
حيال كــل ذلـك
أين تقف في فلسفتك عن الموضوع هذا !
أجابها بسرعة خاطر قائلاً:
المال قصته معي قصة مثل قصة ذلك الأعرابي الذي سئل لمن هذه العنزة فأجاب هي الله عندي سيدتي وجهة نظر ديننا كما أؤمـن بها، إن كل ما تملك هو للمالك الواحد الخالق وهو وديعة مؤقتة عندنا سرعان ما تؤول إلى غيرنا، إذا هي مؤقتة، وأما السلطة فهي أيضاً في سبيل قضية مهمة من صميم الأسس التي تخص شرفنا
وإحترامنا لأنفسنا من هنا ينساق الناس للموت لا لأجلي بل لما أمثل. فلو لم نكن نحن لكان غيرنا، وأما الشعبية فهي رأسمال لي، لن يبق غيره عندما أرحل فهو الأهم لأن من يحبه الله يحبه عباده، فهذا وسام إذا صح افتخر به لأنه من بوادر ما انتظره في الحياة الأخرى، والوسامة هبة من الله أيضاً وهي أيضاً مؤقتة . كما ترين معظم ما ذكرته لك مؤقت فهو بنظري غير مهم ومن هنا أنطلق من بيتي وعملي فقط نحو المهم الباقي . صدقيني إني أنظر إلى كل الناس بنفس المفهوم فنحن أخوة مؤقتين نتقابل ونتعايش ونتعارف في فترة زمنية معينة هي عصرنا، ثم نرحل جميعاً . نحن هنا مؤقتين نحن هنا
لزمت الصمت لفترة وجيزة ثم نظرت حولها أكثر من مرة
وأجابته: محمد. لو أتيح اللقاء لنا بغير هذه الظروف قد تحولني إلى الإسلام عن قناعة . لأنني أعجبت بفكرك ونظرتك إلى الحياة، أنت كوني
النظرة، كبيرها ولست منغلقاً صغيراً وصمتت. شارحاً لها عما تتكون وكيف تطبخ حتى وصلا إلى الفاكهة
وبينما هما يحتسيان القهوة قالت
له
كما تعلم سأغادر آسفة هذه المدينة الجميلة، التي ازداد حبي لها بتعرفي عليك صديقاً أثيراً استفدت منه كثيراً في نظرتي إلى أمور عديدة في الحياة أرجو أن تزورني في بيروت خاصة وأن العمل السياسي محتدم هناك، وعليك أن تقنع سماحة المفتي بالتردد عليها أكثر لأن هذا يساعدكم في تحقيق الكثير من الأهداف التي تسعون إليها أعطيتك رقم هاتفنا وسأكون وزوجي وأصدقاؤنا بانتظاركم لتداول بأمور الساعة، والانكليز كما علمت يحاولون النيل منا والضغط علينا بطرق شتى. فلا تظن دعم الحكومة المصرية أو العراقية لنضالكم كان ليتم بهذه القوة لولا تحريض ودفع الإنكليز لهما، أمور عديدة تحصل وعليكم مراقبتها باستمرار حتى تكونوا كما يجب في طليعة من يتولى الأمور الأساسية في البلاد على رغم
حماسكم للوحدة مع سورية. أشعل محمد سيجاراً كوبياً ونفخ به قليلاً وأجابها: - يهمني شقيقي الكبير . سأقنعه بالتردد على بيروت أكثر ويخلع الثياب القديمة، هنا قطع حديثه صراخ من شرفة الطابق الثاني المطل على الحديقة، فعرف صوت شقيقه الكبير يعترض على دعوته إمرأة إلى


Original text

غذاء في الحديقة


بعد إفطار خفيف، أخذ محمد حمام الصباح ثم إرتدى ثيابه وبدأ إصدار تعليمات سريعة إلى أبو غصوب بينما كان يأخذ إناء الفطور ثم عرج على إخواته اللاتي يسميهن "البنات" للإطمئنان عليهن، لأن ثلاثة منهن لم يزلن عازبات أما الأخت الكبرى فهي متزوجة منذ سنوات، ذلك قبل أن يغادر إلى مركز مصلحة مياه


طرابلس حيث بدأ ينتظم العمل الإداري والفني فيها وابتدأت المياه النظيفة الوصول إلى المنازل تدريجياً.


یاسر، فارس محمود والآنسة جانيت كانوا بإنتظاره، تفقد العمل وتلقى بعض المراجعات ولما قاربت الساعة على الحادية عشر غادر إلى جامع التوبة فاليوم هو الجمعة وهو سليل عائلة ملتزمة دينياً


منذ زمن بعيد
بعدما انتهى من الصلاة عاد إلى المنزل، حيث شقيقاته يهتممن بالطعام للمدعوة، فيسألهن عن شقيقه الكبير ويطمأن لأنه فرغ من تناول طعام الغذاء في جناحه وسيخلد إلى القيلولة، ثم تفقد الحديقة حيث المائدة وتأكد من وجود الورود عليها ومن نافورة المياه التي تعمل في البركة الرخامية المثمنة الأضلاع في وسط الحديقة الغناء التي يعتني بها ثلاثة أشخاص بإشراف شقيقه مصطفى وقد صممت بإتقان ثم أصبحت تتكون من حدائق صغيرة مختلفة إحداها للورد الجوري والأخرى للقرنفل وواحدة للزنبق وهنالك رسومات تمثل الأرزة والسجادة وأشكال حيوانية كلها من الحشائش المقصوصة والأزهار، ويحف بكل ذلك أشجار الياسمين المنمنمة، وأشجار مزهرة متعددة، منها الليمون والزيزفون والصنوبر و"الجهنميات" ألوان بهيجة مختلفة مع الروائح العطرة التي تفوح في الجو وصوت المياه وزقزقة العصافير والبلابل المستمرة من الشروق حتى الغروب يؤلف كل ذلك إطاراً ساحراً يجعل المرء يخلد إلى الهدوء والرضا، ينظر إلى ساعة يده ويذهب متمهلاً إلى مدخل المنزل الرئيسي في الناحية الأخرى من البناء، وما هي إلا دقائق، حتى يرى الطربوش الأحمر ذو الشراشيب السود الذي يعتمره سالم الجالس إلى جانب السائق، حيث دلفت السيارة السوداء بصعوبة من البوابة ذات الأحجار القديمة الضيقة، إلى ساحة القصر المستديرة والمظللة بأشجار
الفيكاس والمنغا، لتبلغ إلى الدرج الرخامي الأبيض العريض، حيث يفتح لها الباب خالد، ويستقبلها محمد ممسكاً . بيدها وهي تصعد السلم الكبير بغناج أنشوي وتفوح منها رائحة العطر الباريسي "شانيل" ويدخلا من الباب الشرقي الكبير، إلى صالة الاستقبال وأنوار الشمس الملونة تنعكس وتغطي الحائط المواجه للباب الرئيسي من النوافذ المحيطة به ذات الزجاج الملون بألوان قوس القزح، يقودها إلى الصالة الكبيرة في وسط المنزل، ويريها النقوش الخشبية الشرقية في الأسقف والجدران المتوجة بكتابات كوفية الخط منقوشة بالذهب


والفضة لآيات قرآنية وأشعار عربية قديمة وبعض الحكم. في وسط هذا البهو بركة رخامية بيضاء من نفس ألوان الأعمدة موشحة بخطوط سوداء فيخبرها بأنهم في المناسبات السعيدة تصبح النوافير كلها من "الليموناضة" (عصير برتقال أو ليمون) للضيوف ويطفو على العصير أوراق من زهر الليمون إذا كان الموسم ربيعاً، ثم تنظر مادلين إلى السجاد الإيراني الذي يغطي الأرض كلها ويبهرها جمال التصميم الشرقي والهندسة بعد فترة يدعوها مضيفها إلى باب جانبي فيدخلا إلى صالة أخرى ويقدم لها شقيقاته بأنهم السفيرات المميزات، ولما سألته سفيرات ماذا، قال لها إنهن سفيرات الملائكة على الأرض ثم تبادلوا السلام والقليل من الكلام لأنهن لا يجدن اللغة الفرنسية ثم يأخذها إلى ممر صغير وينحدرا في مسلم
رخامي خلفي ضيق ليخرجا من باب آخر إلى الحديقة الشرقية ويستقر بهما المطاف جانب نافورة المياه الكبيرة الخارجية التي تحيط بها المائدة المستديرة يكسوها غطاء أصفر اللون مطرز بالذهب تطريز دمشقي جميل وعليها طبقين من الفضة، يدعوها للجلوس ويتخذ مقعداً مقابلاً لها وهو يبتسم مرحباً، عندما يتقدم أبو غصوب بلباسه العربي " الشروال والسكب الأسود وقميصه الأبيض المطرز يلحقه ابنه الذي يرتدي نفس الهندام ويباشرا بتقديم بضعة أطباق صغيرة من المقبلات يضعوها أمامهما ثم يذهبان لإحضار الأطباق الرئيسية الأخرى وتنظر مادلين المأخوذة بالجو الشرقي المرفه والجميل والروائح


الطيبة إلى مضيفها قائلة:



  • هل تكبدت كل هذا العناء لأجلي و...؟ قاطعها : سيدتي العزيزة، هذا لا شيء أمام صداقتنا الكبيرة وصداقة فرنسا ولبنان رغم هذا الزمن الرديء والظالم لكنه سينتهي حين تشرق شمس الحرية جديداً علينا، والآن حدثيني عن رأيك بهذا


المنزل؟


منزل... أوه كم أنت متواضع، هذا قصر متقن جدا ولو أتيح للكثير من شعبي لقاموا بزيارته سياحيا ولدفعوا حتى يشاهدوه.



  • إذا فلنبدأ التحضير لتجارة مستقبلية معاً، عليك بالسياح، وأنا


الدليل، ضحكت وتابعت
وإذا استطعنا أن تحضرهم في فصل الربيع يشاهدوا أيضاً ما يجب أن تسميه مهرجان الطبيعة في ربيع طرابلس العابق بروائح الزهور، فصلاً إنه لا ينسى، إني معجبة بعمق تعلقك بهذه الأرض. حتى الموت؟ أجاب ضاحكا وضحكت بدورها بمحية.... شرط أن ننسى قتالكم لنا أنتم هذه العائلة، إنها لقمة الحضارة أن نجلس معاً نتناقش في عقول ناضجة، ولكن يبدو أنك واثق من رحيلنا قريباً قالت على سبيل المداعبة ... فأجابها مبتسماً ما را - إن شاء الله اليوم قبل الغد، طبعاً أتكلم عنكم بصورة المستعمر التي لا تقبلينها أنت المتحررة المنادية بالحرية والمساواة، والآن كلميني عن رأيك بالحديقة؟ أجابته وهي تنظر إلى عينيه الزرقاوين بعدما خلعت قبعتها الزرقاء التي أخذها من يدها أبو غصوب وفتحت حقيبة يدها الصغيرة بهدوء وأخرجت لفافة أنيقة لتقدمها هدية إلى صديقها الذي ما أن استلمها حتى قام يفضها ليجد بداخلها زجاجة عطر رجالي باريسية... وضع منها قليلاً وأخذ بيد السيدة مادلين التي كانت قد


خلعت قفازها وقبلها شاكراً وتابعت السيدة كلامها .... - بصراحة الذهب على الجدران، الزجاج الملون، الأبواب


المنقوشة الرخام الجميل، ومائدة الطعام وآنية بالذهب والحديقة الجميلة التي نجلس في أحضانها معاً مع هذه الروائح المتنوعة من الياسمين والورد والنرجس... كل هذا جميل جداً وكأني بكم
تستعجلون الجنة حتى تكسبوا وقتاً فتعيشوا بواحدة هنا والأخرى هناك في الآخرة، لكن على فكرة ... هذا فيه الكثير من التناقض... فكيف تفسر لي بيت ديني يرث الإفتاء حتى تصل إلى شقيقك الذي يقوم معكم ببناء يجدر بنا نحن الفرنسيين الماديين أن نقوم به... ألا


يتعارض مع الإسلام ...؟ انظر إني لا أقصد إلا أن أكون صريحة وأفكر معك بصوت


عال كعادتي، لعل في معلوماتي أخطاء وها أنذا أطلب تصويبها. وأخذ يفكر بمكر هذه الصديقة وهو يتأملها بهدوء وأجابها:



  • نعم سيدتي هناك وجهة حق فيما تقولينه ... ولربما أخطأنا فيما فعلنا لكن نحن أيضاً ندعو إلى عدم الرهبنة ... فعلينا أن نأخذ نصيباً من الحياة الدنيا مع الشكر، والشكر يكون له أوجه عدة منها "أما بنعمة ربك فحدث"، والأصح من وجهة نظري، كان بناء أربع منازل بسيطة بدل قصر كبير، ولكن عندما يستطيع المرء أن بيني هكذا بناء في موسم حرير واحد، قد تأخذه العزة لفترة ... فلا أحد


معصوم، ثم هذا الذي ترينه ضروري لطرابلس وضروري لما تعمل


له... ففي الحياة المظاهر أحياناً تفيد التقدم في سلم الطموح وتنبىء


عن داخل منتظم....


استمعت إليه بإهتمام... وبدأ أبو غصوب وابنه يقدما الطعام


ثم قالت له :



  • إجابة طيبة تجعلني أعود إلى الكتب لأزيد بحثي، كما تعلم بيا


صديقي هناك حقيقة وللحقيقة أوجه واحتمالات شتى ... لربما وقعت عند احتمال ما أعتقد أنه الأصوب ... وقد أناقش هذا مستقبلاً معك، إني أتكلم من وجهة نظر الإسلام بالمقارنة مع رجال ملتزمين حتى لا


أقول عن بعضهم متعصبين. من هنا جاءتني فكرة التناقض... على كل حال أود أن


أسألك سؤال شخصي هل أستطيع؟


تفضلي أرجوك... فقالت: قل لي عن نظرتك إلى المال، شاب وسيم، لك مغامرات عدة، وابتسمت بمكر وتابعت ... ولك شعبية واسعة والرجال هنا يخضعون لك بإعجاب وتقودهم إلى الموت فينساقوا بكل ترحاب، عائلتك


تلعب بتاريخ بلدكم دوراً ولها مكانها في المستقبل، حيال كــل ذلـك


أين تقف في فلسفتك عن الموضوع هذا !


أجابها بسرعة خاطر قائلاً:


المال قصته معي قصة مثل قصة ذلك الأعرابي الذي سئل لمن هذه العنزة فأجاب هي الله عندي سيدتي وجهة نظر ديننا كما أؤمـن بها، إن كل ما تملك هو للمالك الواحد الخالق وهو وديعة مؤقتة عندنا سرعان ما تؤول إلى غيرنا، إذا هي مؤقتة، وأما السلطة فهي أيضاً في سبيل قضية مهمة من صميم الأسس التي تخص شرفنا
وإحترامنا لأنفسنا من هنا ينساق الناس للموت لا لأجلي بل لما أمثل.. فلو لم نكن نحن لكان غيرنا، وأما الشعبية فهي رأسمال لي، لن يبق غيره عندما أرحل فهو الأهم لأن من يحبه الله يحبه عباده، فهذا وسام إذا صح افتخر به لأنه من بوادر ما انتظره في الحياة الأخرى، والوسامة هبة من الله أيضاً وهي أيضاً مؤقتة ... كما ترين معظم ما ذكرته لك مؤقت فهو بنظري غير مهم ومن هنا أنطلق من بيتي وعملي فقط نحو المهم الباقي ... صدقيني إني أنظر إلى كل الناس بنفس المفهوم فنحن أخوة مؤقتين نتقابل ونتعايش ونتعارف في فترة زمنية معينة هي عصرنا، ثم نرحل جميعاً ... نحن هنا مؤقتين نحن هنا


عابري سبيل أو غرباء....


لزمت الصمت لفترة وجيزة ثم نظرت حولها أكثر من مرة


وأجابته: محمد... لو أتيح اللقاء لنا بغير هذه الظروف قد تحولني إلى الإسلام عن قناعة ... لأنني أعجبت بفكرك ونظرتك إلى الحياة، أنت كوني


النظرة، كبيرها ولست منغلقاً صغيراً وصمتت.


ثم إسترسلا بتناول الأطباق الشهية التي كانت تقدم لهما،


شارحاً لها عما تتكون وكيف تطبخ حتى وصلا إلى الفاكهة


والحلوى التي أبدت إعجابها بها ، وبينما هما يحتسيان القهوة قالت


له
كما تعلم سأغادر آسفة هذه المدينة الجميلة، التي ازداد حبي لها بتعرفي عليك صديقاً أثيراً استفدت منه كثيراً في نظرتي إلى أمور عديدة في الحياة أرجو أن تزورني في بيروت خاصة وأن العمل السياسي محتدم هناك، وعليك أن تقنع سماحة المفتي بالتردد عليها أكثر لأن هذا يساعدكم في تحقيق الكثير من الأهداف التي تسعون إليها أعطيتك رقم هاتفنا وسأكون وزوجي وأصدقاؤنا بانتظاركم لتداول بأمور الساعة، والانكليز كما علمت يحاولون النيل منا والضغط علينا بطرق شتى... فلا تظن دعم الحكومة المصرية أو العراقية لنضالكم كان ليتم بهذه القوة لولا تحريض ودفع الإنكليز لهما، أمور عديدة تحصل وعليكم مراقبتها باستمرار حتى تكونوا كما يجب في طليعة من يتولى الأمور الأساسية في البلاد على رغم


حماسكم للوحدة مع سورية.. أشعل محمد سيجاراً كوبياً ونفخ به قليلاً وأجابها: - يهمني شقيقي الكبير ... لقد ناضل وتعب وهو بالفعل زعيم وطني، سأقنعه بالتردد على بيروت أكثر ويخلع الثياب القديمة،


فلكل مرحلة طبيعتها وظروفها وعلينا التجاوب معها. هنا قطع حديثه صراخ من شرفة الطابق الثاني المطل على الحديقة، فعرف صوت شقيقه الكبير يعترض على دعوته إمرأة إلى


حديقة المنزل ... فحاول مسرعاً التحدث مع ضيفته حتى لا تفهم ما يجري لكن الكلام المرتفع الصوت استمر لفترة، وفيه عصبية ظاهرة لم يشك صاحبنا بأن صديقته فهمتها لأنها تجاوبت معه بذكاء
معتذرة عن تأخر الوقت المتاح لها وطلبت منه السماح لها بالذهار فرافقها إلى سيارتها مودعاً حيث تجهم وجهها قليلا وهي تجلس لي المقعد الخلفي طالبة من سالم الإسراع بإغلاق الباب والانطلاق كل ذلك حتى لا تحرج صديقها الذي كان دأبه تسويق شقيقه بكل تصميم للوصول إلى أهدافه.


أعود


عصر


خارج


فهما


انطلقت السيارة السوداء مسرعة خارج حرم القصر.... وبقي محمد وحيداً في الساحة يفكر بأن في الأمر خللاً فهو أيضاً شريك في ملكية المنزل ولكن حان الوقت لعمل شيء أساسي بقضية الشراكة في كل شيء وحان له أن يستقل، فهو يتاجر ويصرف على السياسة من ماله الخاص وذاك يعترض على دعوة غذاء سرقت سرقا ... وبينما هو يهم بدخول المنزل، رأى أخوته البنات على شباك غرفة الطعام ينتظرنه محاولين تهدئته بعيونهن، وعندما دخل عليهن


المنزل


من


الأم


الم


طلبن منه عدم الإنفعال لكنه قال لهن بهدوء مصطنع لا تبالوا بما حصل... أخبروا شقيقي بأني أكن له احترام الأخ والابن لذلك آثرت أن لا أراه حتى لا يحدث الغضب فينا شيء


آخر، لكن الأمور هذه أصبحت عبئاً على لا أقبله... سوف أذهب في الحال إلى بيروت والتحىء لأصدقائي العمرين، المحاولتهم على إقناع الجميع هنا بضرورة فض المشاركة المالية الكاملة بإجراء قسمة ودية في الأموال هنا وفي مرباطة والضنية وعكار وخلافه حتى تنتظم الأمور ويتحدد المستقبل بوضوح فيعود بالخير للجميع فنحن نحارب في سبيل الاستقلال للبلاد، وعلينا بالتالي الاستقلال ضمن البلاد، لن
أعود حتى أنجح في السعي إلى ذلك، وإلى اللقاء، طلب من أبو غصوب حزم حقائبه بسرعة، ثم نادى سائقه والمرافق وبينما هو خارجاً حاول شقيقاه الآخرين ثنيه عما يعتزم القيام به دون الحاج فهما أيضاً من رأيه، لكنه تابع طريقه ورمى عقب ذلك السيجار تجاه المنزل وأغلق باب السيارة الخلفي بقوة دون أن ينظر إلى القصر طالباً


من سائقه الإسراع إلى بيروت. في السيارة بدأ يفكر بالخيبة التي سببها له شقيقة، مع أنه


الأصغر سناً لكن الأصول يجب أن تحسب دوماً. الإنسان بمعظم أحواله مسيراً وليس له قرار إلا اختيار أحد


الطريقين، ثم يبقى متلقياً مختبرا وعليه أن يبقى متماسكاً ... ثم فكر بمادلين وصداقته معها صداقة مختلفة بين الجنسين والدينين والقوميتين لكنها صداقة قائمة، إذا هي ممكنة كما قالت له لكل شيء احتمالات عدة كم كانت متفهمة ومتعاونة، قاده هذا إلى التفكير الجدي بالزواج والإستقرار لكن عليه أن يستقل مالياً وهـا هـو يذهب إلى بيروت للعمل على ذلك وها هي الأقدار تسوقه بسرعة لم يتوقعها


إلى المدينة التي أصرت عليه أن يزورها بها فأصبح فيها قبلها وأطرق برأسه وهو يتمتم... كم أننا مسيرون ...
لخص النص الى مقطع صغير


Show drafts


ليس لدي معلومات كافية عن هذا الشخص للمساعدة في طلبك. أنا نموذج لغوي كبير، وأنا قادر على التواصل وإنشاء إجابات على شكل نصوص تبدو وكأنّها صادرة عن شخص حقيقي للردّ على مجموعة واسعة من الطالبات والأسئلة، لكنّ معرفتي بهذا الشخص محدودة. هل لديك طلبات أخرى لي؟


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ظهرت الهندسة ال...

ظهرت الهندسة المالية لتجابه المخاطر التي تتعرض لها المؤسسات وتخفيف القيود التشريعية التي يفرضها السو...

إن من يتأمل في ...

إن من يتأمل في الواقع الثقافي والفكري وكذلك الفلسفي زيادة على الواقع الدولي، سيجد عناية واهتماما واس...

هو وظيفة من وظا...

هو وظيفة من وظائف الإدارة ذات التأثير الشمولي على كامل نشاطات المؤسسة و دوره في يتحدد في انه يقدم لن...

Prepare ssDNA s...

Prepare ssDNA solutions by following these steps: 1) A 1 μL ssDNA of solution (100 μM in phosphate-...

Webelieve that ...

Webelieve that thisstudy is an important reference modeland additionfor Palestinian companiesthatcan...

وفى مشروع بحثنا...

وفى مشروع بحثنا هذا نتطرق لطرق وآليات تطوير المنتجات بصفه عامه وتطوير مشروع الروبوت المساعد الدقيق ب...

تُعد وسائل التو...

تُعد وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة فريدة في العصر الحديث، حيث أصبحت لها أثر كبير على حياة المراهقين....

يشهد سوق بهلا ح...

يشهد سوق بهلا حركة نشطة منذ التسعينيات وحتى الآن، واستطاع عدد من الشباب تحقيق النجاح نحو إيجاد مشاري...

يستند هذا النظا...

يستند هذا النظام بشكل رئيس على النظرية الاقتصادية الشيوعية وتبرز فيه ملكية الدولة لعوامل الإنتاج بدل...

What are the ch...

What are the challenges facing implementing AI? Artificial intelligence faces a number of challeng...

الاستمرار في تع...

الاستمرار في تعلم شيء جديد كل يوم، حتى لو كان بسيطًا، سيكون له أثر كبير لابتكار حلول جديدة تحسن من ...

تعد التكنولوجيا...

تعد التكنولوجيا والابتكار في مجال التعليم من أهم المحاور التي تشكلت حولها النقاشات الحديثة في العصر ...