Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (37%)

إن من يتأمل في الواقع الثقافي والفكري وكذلك الفلسفي زيادة على الواقع الدولي، سيجد عناية واهتماما واسعا للحوار وقضاياه، وسيقف في الوقت نفسه على عدد واسع من المفاهيم المتداولة في مختلف المنابر؛ ليتأكد وجود شعور ووعي بأن كل القضايا التي تثقل كاهن الوعي الإنساني الراهن، يمكن حلها وتبديدها بالحوار؛ فلقد صار الحوار والدعوة إليه هو المنفذ الذي يُولَجُ من خلاله لتبديد الخلافات وتسهيل الصعاب، ولا يخفى ما في هذه الدعوات من أثر إيجابي ومن رغبة حقيقية أو متوهمة؛ من أجل تحقيق التعايش والتكامل والتفاعل الإيجابي على المستوى الإنساني عموما، لكن السؤال الذي يثار في هذا الإطار: ما مدى صدق النوايا؟ وما مدى الاتصال بالقيم في بعدها الجوهري من أجل الوصول إلى تلك الصورة المثالية؟
الأمر الذي يدفع إلى هذا التساؤل هو ما يمكن أن يلحظه المهتم من قوة حضور الأبعاد المصلحية وحضور الاقتناعات الأيديولوجية والرغبة في السيطرة وبسط النفوذ، الأمر الذي يفرض على الذات العارفة الناقدة تصور اقتناع عام مفاده: أن دعوات الحوار أو على الأقل بعضها مجرد ذرائع خَطابية، بل مجرد عجاج بدون طحين. لكن في الوقت نفسه ينبغي استحضار كون هذه النظرة المتشائمة الحريصة على مثل هذا الخطاب ربما تكون عاجزة هي ذاتها عن إدراك جوهر القضية وحقيقتها، في ظل كون الدعوات المختلفة للحوار ليس المقصود منها تحقيق النتائج بقدر أن الغاية منها هي التعبير عن الرغبة في التعارف والتثاقف والالتقاء حول الأحياز (ج: حَيِّز) المشتركة، والاقتراب منها في أفق تبديد التناقضات والتعارضات وغير ذلك.انطلاقا مما تقدم ينبغي تحديد الهدف/ الأهداف التي ينبغي الوصول إليها، وينبغي تحقيقها من خلال مقاربة موضوع حوار الحضارات ودراسته؛ وذلك لأن تحديد الهدف هو وحده كفيل بضبط طبيعة تناول الذات الدارسة لمختلف القضايا التي يوحي بها الموضوع.ومن هنا وجب التأكيد على أن قضية حوار الحضارات ليست قضية خاصة بحقل معرفي دون آخر، بل هي قضية عامة مرتبطة أشد ما يكون الارتباط بالإنسان، بمعنى أنها قضية إنسانية، وقد نقول مع القائلين بأنها ظاهرة إنسانية بالنظر إلى الحيز الذي تحتله قضايا الحوار عموما، والحوار الحضاري على وجه التحديد في الواقع الإنساني الراهن.وفي ضوء ما تقدم وربطا بما أشير إليه بداية بما سيلحق فإن كل الحقول المعرفية أو كل المجالات العلمية ترى لها موطئ قدم وزاوية نظر في قضية الحوار، وفي قضية حوار الحضارات من زاوية اعتنائها بالإنسان، هذا الكائن المركب المتعدد المستويات، فعلى سبيل المثال قد يعتبر حقل علم الاجتماع أنه أحق المجالات المعرفية ارتباطا بالقضية؛ لاهتمامه بقضايا الثقافات وتطورها واهتمامه بالوعي بذلك، فيعلن أنه يستطيع الوصول إلى إبراز أهم الجوانب المتصلة بموضوع حوار الحضارات. هذا في الوقت الذي قد ترى فيه الفلسفة أنها أقرب إلى إدراك كنه البعد المعرفي لحوار الحضارات من خلال ما تتصوره من أسئلة، وما تطرحه من إشكالات في أفق البحث عن الأجوبة الممكنة لما توحي به قضية حوار الحضارات من أسئلة وإشكالات.كما قد يرى مجال التاريخ أنه هو الأقرب كذلك إلى فهم مختلف الأبعاد الناتجة عن التطور التاريخي، والناتجة عن مختلف الأحداث ذات الطابع التاريخي، والتي كان فيها للتاريخ موطئ قدم من خلال استخلاص القواعد العامة التي تحكمت في تاريخ الإنسانية في ارتباطه بقضايا الحضارات، ومن غير شك كذلك أن مجال الفن والأدب واللغة قد تجد في مجالها ما ينطبق بحوار الحضارات من قريب أو من بعيد، فمن غير شك أن الأدب والفن سريع الانتقال ومشدود إلى ما يعرف بالتثاقف، ومن هنا فإن من يهتم بهذا المجال سيحاول البحث عن أثر التفاعل والحوار الفكري والأدبي والثقافي في الإبداع بمختلف أصنافه.ولا يخفى ما لهذا الحقل المعرفي من ارتباط وثيق بمجال الدراسات الدينية أو الحقل الديني خاصة في الجانب المتصل بحوار الأديان، وهو موضوع أو قضية باتت اليوم موضعا خطيرا في الواقع الإنساني العالمي وكذلك في العلاقات الدولية في ظل جغرافيا الانتماء الديني، وما يرتبط بهذا الانتماء من صراع بين القوى المختلفة من أجل بسط النفوذ والسيطرة على كل المصادر الاقتصادية، وهو الوضع الذي فرض على الديانات بعينها السعي إلى إبراز جوهرها من أجل تبديد مختلف الاتهامات وتصحيح نظرة الآخر للذات، وفي هذا الإطار فإن الدراسات الإسلامية قد ترى نفسها من هذه الزاوية أكثر ارتباطا بالعناية بموضوع حوار الحضارات، ومن هنا فإن الهدف الذي سنرومه في هذه المجزوءة أو المقاربة أن نبرز حقيقة الحوار من زاوية الفكر الإسلامي، ومن زاوية المنظومة الإسلامية التي هي في الأصل منظومة أخلاقية عالمية وليست محلية أو إقليمية، في ظل استحضار كون المتلقي المقصود بهذه المنظومة هو العَالـَمُون.والعالمون أو العالمين كما عرف عند البعض: هو كل شيء سوى الله، والتي يعبر عنها بقوله تعالى موجها الخطاب إلى رسوله ﷺ:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين﴾(سورة الأنبياء الآية17) ومن هنا يمكن القول إن دعوة الحوار من المنظور الإسلامي ينبغي ألا تخرج عن إطار الرحمة التي جاءت بها الرسالة.


Original text

إن من يتأمل في الواقع الثقافي والفكري وكذلك الفلسفي زيادة على الواقع الدولي، سيجد عناية واهتماما واسعا للحوار وقضاياه، وسيقف في الوقت نفسه على عدد واسع من المفاهيم المتداولة في مختلف المنابر؛ ليتأكد وجود شعور ووعي بأن كل القضايا التي تثقل كاهن الوعي الإنساني الراهن، يمكن حلها وتبديدها بالحوار؛ فلقد صار الحوار والدعوة إليه هو المنفذ الذي يُولَجُ من خلاله لتبديد الخلافات وتسهيل الصعاب، وتجاوز الصراع، ولا يخفى ما في هذه الدعوات من أثر إيجابي ومن رغبة حقيقية أو متوهمة؛ من أجل تحقيق التعايش والتكامل والتفاعل الإيجابي على المستوى الإنساني عموما، لكن السؤال الذي يثار في هذا الإطار: ما مدى صدق النوايا؟ وما مدى الاتصال بالقيم في بعدها الجوهري من أجل الوصول إلى تلك الصورة المثالية؟
الأمر الذي يدفع إلى هذا التساؤل هو ما يمكن أن يلحظه المهتم من قوة حضور الأبعاد المصلحية وحضور الاقتناعات الأيديولوجية والرغبة في السيطرة وبسط النفوذ، الأمر الذي يفرض على الذات العارفة الناقدة تصور اقتناع عام مفاده: أن دعوات الحوار أو على الأقل بعضها مجرد ذرائع خَطابية، بل مجرد عجاج بدون طحين. لكن في الوقت نفسه ينبغي استحضار كون هذه النظرة المتشائمة الحريصة على مثل هذا الخطاب ربما تكون عاجزة هي ذاتها عن إدراك جوهر القضية وحقيقتها، في ظل كون الدعوات المختلفة للحوار ليس المقصود منها تحقيق النتائج بقدر أن الغاية منها هي التعبير عن الرغبة في التعارف والتثاقف والالتقاء حول الأحياز (ج: حَيِّز) المشتركة، والاقتراب منها في أفق تبديد التناقضات والتعارضات وغير ذلك.
انطلاقا مما تقدم ينبغي تحديد الهدف/ الأهداف التي ينبغي الوصول إليها، وينبغي تحقيقها من خلال مقاربة موضوع حوار الحضارات ودراسته؛ وذلك لأن تحديد الهدف هو وحده كفيل بضبط طبيعة تناول الذات الدارسة لمختلف القضايا التي يوحي بها الموضوع.
ومن هنا وجب التأكيد على أن قضية حوار الحضارات ليست قضية خاصة بحقل معرفي دون آخر، بل هي قضية عامة مرتبطة أشد ما يكون الارتباط بالإنسان، بمعنى أنها قضية إنسانية، وقد نقول مع القائلين بأنها ظاهرة إنسانية بالنظر إلى الحيز الذي تحتله قضايا الحوار عموما، والحوار الحضاري على وجه التحديد في الواقع الإنساني الراهن.
وفي ضوء ما تقدم وربطا بما أشير إليه بداية بما سيلحق فإن كل الحقول المعرفية أو كل المجالات العلمية ترى لها موطئ قدم وزاوية نظر في قضية الحوار، وفي قضية حوار الحضارات من زاوية اعتنائها بالإنسان، هذا الكائن المركب المتعدد المستويات، فعلى سبيل المثال قد يعتبر حقل علم الاجتماع أنه أحق المجالات المعرفية ارتباطا بالقضية؛ لاهتمامه بقضايا الثقافات وتطورها واهتمامه بالوعي بذلك، فيعلن أنه يستطيع الوصول إلى إبراز أهم الجوانب المتصلة بموضوع حوار الحضارات.
هذا في الوقت الذي قد ترى فيه الفلسفة أنها أقرب إلى إدراك كنه البعد المعرفي لحوار الحضارات من خلال ما تتصوره من أسئلة، وما تطرحه من إشكالات في أفق البحث عن الأجوبة الممكنة لما توحي به قضية حوار الحضارات من أسئلة وإشكالات.
كما قد يرى مجال التاريخ أنه هو الأقرب كذلك إلى فهم مختلف الأبعاد الناتجة عن التطور التاريخي، والناتجة عن مختلف الأحداث ذات الطابع التاريخي، والتي كان فيها للتاريخ موطئ قدم من خلال استخلاص القواعد العامة التي تحكمت في تاريخ الإنسانية في ارتباطه بقضايا الحضارات، ومن غير شك كذلك أن مجال الفن والأدب واللغة قد تجد في مجالها ما ينطبق بحوار الحضارات من قريب أو من بعيد، فمن غير شك أن الأدب والفن سريع الانتقال ومشدود إلى ما يعرف بالتثاقف، ومن هنا فإن من يهتم بهذا المجال سيحاول البحث عن أثر التفاعل والحوار الفكري والأدبي والثقافي في الإبداع بمختلف أصنافه.
ولا يخفى ما لهذا الحقل المعرفي من ارتباط وثيق بمجال الدراسات الدينية أو الحقل الديني خاصة في الجانب المتصل بحوار الأديان، وهو موضوع أو قضية باتت اليوم موضعا خطيرا في الواقع الإنساني العالمي وكذلك في العلاقات الدولية في ظل جغرافيا الانتماء الديني، وما يرتبط بهذا الانتماء من صراع بين القوى المختلفة من أجل بسط النفوذ والسيطرة على كل المصادر الاقتصادية، وهو الوضع الذي فرض على الديانات بعينها السعي إلى إبراز جوهرها من أجل تبديد مختلف الاتهامات وتصحيح نظرة الآخر للذات، وفي هذا الإطار فإن الدراسات الإسلامية قد ترى نفسها من هذه الزاوية أكثر ارتباطا بالعناية بموضوع حوار الحضارات، ومن هنا فإن الهدف الذي سنرومه في هذه المجزوءة أو المقاربة أن نبرز حقيقة الحوار من زاوية الفكر الإسلامي، ومن زاوية المنظومة الإسلامية التي هي في الأصل منظومة أخلاقية عالمية وليست محلية أو إقليمية، في ظل استحضار كون المتلقي المقصود بهذه المنظومة هو العَالـَمُون.
والعالمون أو العالمين كما عرف عند البعض: هو كل شيء سوى الله، والتي يعبر عنها بقوله تعالى موجها الخطاب إلى رسوله ﷺ:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين﴾(سورة الأنبياء الآية17) ومن هنا يمكن القول إن دعوة الحوار من المنظور الإسلامي ينبغي ألا تخرج عن إطار الرحمة التي جاءت بها الرسالة.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

لمقدمة:...

لمقدمة: يعد الاتصال الإداري متطلب حتمي وله دور مهم في عمل أي نظام، وذلك لأن فاعلية العملية...

الاستثمارات الأ...

الاستثمارات الأجنبية المباشرة (IDE) تمثل تدفقات رأس المال الدولي إلى البلد المضيف، وتسهم في تعزيز ال...

رياضة العقلهي ا...

رياضة العقلهي الرّياضة التي يكون المجهود فيها ذهنيّاً أكثر من كونه جسديّاً، وتختلف درجة حضور المجهود...

الحمدُ لله نزَّ...

الحمدُ لله نزَّل الذِّكرَ وحفظه على مَرِّ الأزمانِ،قيَّضَ له عُدولا يحمِلُونه في كلِّ عصرٍ وأوانٍ ، ...

ب -نظريات السلط...

ب -نظريات السلطة الوظيفية:في تأسيس المسؤولية الجزائية عن فعل الغير اتجه بعض فقهاء المدرسة الموضوعية ...

ارتقى الم ؤذن د...

ارتقى الم ؤذن درجات المئذنة العالية، ثم خرج �إلى �شرفتها الم�ستديرة، و�أخذ ي�شق ب�صوته الرخيم �سكون ...

تعلمنا في مادة ...

تعلمنا في مادة الأسس الفنية للكتابة والتعبير في الفصل السادس كتب المراسلات خصائص كتابة التقرير هي: ...

مفهومة يجب أن ي...

مفهومة يجب أن يكون التنقل في المستشفى سهلاً لأنه يقلل من التوتر والارتباك أثناء الزيارة الأولى. يساع...

تحديات التنمية ...

تحديات التنمية العربية تظهر مقارنة المنطقة العربية ككل والدول العربية فرادى بغيرها من المناطق...

احتاج تلخيص للم...

احتاج تلخيص للمعلومات التالية حول القصة الجزائرية : الفصل الأول في القصة الجزائرية يقول القاص الجزا...

النوادي الأدبية...

النوادي الأدبية التي ترعى النشاط الفكري والثقافي في المدن الكبيرة، وتعرف بالأدباء وإنتاجهم وتطوره. و...

. المحاسبة الاج...

. المحاسبة الاجتماعية (Social Accounting): يهدف هذا الفرع من المحاسبة إلى تحديد الأهداف والبرامج وال...