Lakhasly

المقطع األول: مفهوم القانون الدولي العام نتناول بالدراسة في هذا المقطع تعريف للقانون الدولي العام ) أوال (، العام وأساس قوته اإللزامية ) ثانيا (، ثم العالقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي ) ثالثا (. أوال: تعريف للقانون الدولي العام العديد من التعريفات الفقهية للقانون الدولي العام حاولت اإلحاطة بالعناصر التي يشتمل عليه معنى القانون الدولي العام وتطور هذا األخير صاحبه ظهور لتعريفات تتناسب مع هذا التطور. وتربط بين أشخاص القانون الدولي معامالت دولية يمكن تمييزها عن قواعد القانون الدولي العام. أ/ التعريف الفقهي حيث أن االتجاه الكالسيكي عرفه ويعني ذلك أن هذا القانون يهتم أما االتجاه الموضوعي فيهتم بالفرد كونه الشخص الوحيد للقانون الدولي وأن الشخصية القانونية للدول ما هي إال افتراض ال وجود حقيقي له، وعلى ذلك فمخاطبة الدول في عالقاتها إنما تعني مخاطبة ويشمل االتجاه الحديث مدارس ثالث، أما الثالثة فتعترف للدولة وللمنظمات الدولية وللفرد بالشخصية القانونية الدولية، متواضعا. فضال عن أن القانون الدولي المعاصر ال يقصر التمتع بالشخصية القانونية الدولية على الدولة فقط حيث اعترف بهــا للمنظمات الدولية وللجماعــات وحتى لألفراد أحيانــا، العام بأنه: » مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تحكم العالقات بين األشخاص القانونية الدولية – كما تحدد العالقات التي قد تنشأ بين هؤالء األشخاص وبين األفراد «. محاضرات في القانون الدولي العام إعداد: د. عايدي ميهوب ب/ التمييز بين القانون الدولي العام وغيره من المعامالت الدولية ونميز بين قواعد القانون الدولي العام واألخالق الدولية وهي مجموعة المبادئ السامية التي يمليها الضمير العالمي ويفرضها على تصرفات الدول، ويمكن التفرقة بينهما من خالل عنصر الجزاء؛ انتهاك األخالق الدولية ال يرتب أي ج ازء عكس انتهاك قواعد القانون الدولي العام التي يترتب عنها قيام المسؤولية الدولية. ويمكن التفرقة بين األخالق الدولية وقواعد القانون الدولي العام من خالل عنصر الجزاء حيث أن انتهاك األخالق الدولية ال يرتب أي جزاء عكس انتهاك قواعد القانون الدولي العام التي يترتب عنها قيام المسؤولية الدولية. يعرف القانون الطبيعي بأنه: » مجموعة القواعد العادلة والصحيحة ألن مصدرها الطبيعة والعقل ومن خالل هذا التعريف فالفرق بين القانون الدولي العام والقانون الطبيعي أن األخير يعبر عن تصور قانوني نظري مبني على العدالة والمثل العليا في حين أن القانون يرى بعض الفقهاء بأن قواعد القانون الدولي العام ال تحمل الصفة القانو نية ويبررون ذلك انطالقا من المقارنـة مع القانـون الوطنـي، أما بخصوص أساس اإلل ازم في القانون الدولي العام فتربطه المدرسة اإل اردية بإ اردة الدولة أو اإلرادة الجماعية للدول، في حين ترى المدرسة الموضوعية أن هذا األساس يتعلق بعوامل خارجية ليس أ/ طبيعة القانون الدولي العام وسنعرض هنا االتجاه المنكر للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام )1(، ثم االتجاه المؤيد محاضرات في القانون الدولي العام إعداد: د. /1 االتجاه المنكر للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام وأن تسهر على تنفيذها سلطة تنفيذية وأن تشتمل على جزاء يترتب على األشخاص المخاطبين بأحكامها. المجتمع الدو لي لهذه السلطات. القواعد تنظم العالقات بين دول ذات سيادة متساوية. /2 االتجاه المؤيد للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام وجود قواعد قانونية فبل وجود المشرع وهي القواعد التي تجد مصدرها في العرف الدولي، و من بين ما يدعم به هذا االتجاه حججه نذكر ما يلي: يمكن الرد عليه بأن مسألة التراضي موجودة أيضا في ب/ أساس االلت ازم بقواعد القانون الدولي العام ونبحث هنا اآلراء بخصوص أساس االلتزام بقواعد القانــون الدولـــي العـــام وفقـــا للمدرسـة اإلراديـة ) إعداد: د. عايدي ميهوب /1 المدرسة اإلرادية يعتمد أنصار هذه المدرسة على إ اردة الدول كأساس لاللت ازم بقواعد القانون الدولي العام، نظرية اإلرادة المشتركة، نظريـة " العقد /2 المدرسة الموضوعية ترى هذه المدرسة أن أساس اإلل ازم في القانون الدولي العام هي عوامل مستقلة عن إ اردة الدول. نظرية المصلحة، نظرية التضامن االجتماعي " المدرسة الفرنسية "،

المقطع األول: مفهوم القانون الدولي العام
نتناول بالدراسة في هذا المقطع تعريف للقانون الدولي العام ) أوال (، ثم طبيعة القانون الدولي
العام وأساس قوته اإللزامية ) ثانيا (، ثم العالقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي ) ثالثا (.
أوال: تعريف للقانون الدولي العام
العديد من التعريفات الفقهية للقانون الدولي العام حاولت اإلحاطة بالعناصر التي يشتمل عليه
معنى القانون الدولي العام وتطور هذا األخير صاحبه ظهور لتعريفات تتناسب مع هذا التطور.
وتربط بين أشخاص القانون الدولي معامالت دولية يمكن تمييزها عن قواعد القانون الدولي العام.
أ/ التعريف الفقهي
تناول تعريف القانون الدولي العام بالدراسة اتجاهات مختلفة؛ حيث أن االتجاه الكالسيكي عرفه
بأنه: » مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات بين الدول «، ويعني ذلك أن هذا القانون يهتم
بد ارسة حقوق والت ازمات الدول فقط والن ازعات التي تثور بينها حيث لم يكن يعرف أشخاص قانونية دولية
غيرها. أما االتجاه الموضوعي فيهتم بالفرد كونه الشخص الوحيد للقانون الدولي وأن الشخصية القانونية
للدول ما هي إال افتراض ال وجود حقيقي له، وعلى ذلك فمخاطبة الدول في عالقاتها إنما تعني مخاطبة
األف ارد فيما بينهم كونهم وحدهم من يملكون اإل اردة.
ويشمل االتجاه الحديث مدارس ثالث، حيث ترى األولى منها بأن الفرد هو الشخص الوحيد
للقانون الدولي وتنكر تمتع الدولة بهذه الشخصية كونها ال تملك اإلرادة الخاصة بها مثل األفراد. أما
الثانية فترى بأن الدولة الشخص الرئيسي للقانون الدولي في وجود أشخاص آخرون للقانون الدولي. أما
الثالثة فتعترف للدولة وللمنظمات الدولية وللفرد بالشخصية القانونية الدولية، لكن الفرد يحتل مكانا
متواضعا.
ويالحظ أن القانون الدولي لم يعد يقتصر فقط على المواضيع التي يطرحها الفكر الكالسيكي،
فضال عن أن القانون الدولي المعاصر ال يقصر التمتع بالشخصية القانونية الدولية على الدولة فقط حيث
اعترف بهــا للمنظمات الدولية وللجماعــات وحتى لألفراد أحيانــا، وعلى ذلك يمكن تعريــف القانـــ ون الدولي
العام بأنه: » مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تحكم العالقات بين األشخاص القانونية الدولية –
دوال ومنظمات دولية – فتبين ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، كما تحدد العالقات التي قد تنشأ
بين هؤالء األشخاص وبين األفراد «.
محاضرات في القانون الدولي العام
إعداد: د. عايدي ميهوب
2
ب/ التمييز بين القانون الدولي العام وغيره من المعامالت الدولية
ونميز بين قواعد القانون الدولي العام واألخالق الدولية وهي مجموعة المبادئ السامية التي يمليها
الضمير العالمي ويفرضها على تصرفات الدول، ويمكن التفرقة بينهما من خالل عنصر الجزاء؛ حيث أن
انتهاك األخالق الدولية ال يرتب أي ج ازء عكس انتهاك قواعد القانون الدولي العام التي يترتب عنها قيام
المسؤولية الدولية.
المجامالت الدولية قيام دولة ما بعمل ال توجبه قواعد القانون الدولي أو األخالق الدولية، أو
االمتناع عن عمل ال تنهى عنه هذه القواعد ، ويمكن التفرقة بين األخالق الدولية وقواعد القانون الدولي
العام من خالل عنصر الجزاء حيث أن انتهاك األخالق الدولية ال يرتب أي جزاء عكس انتهاك قواعد
القانون الدولي العام التي يترتب عنها قيام المسؤولية الدولية.
يعرف القانون الطبيعي بأنه: » مجموعة القواعد العادلة والصحيحة ألن مصدرها الطبيعة والعقل
اإلنساني والحقوق اللصيقة باإلنسان «، ومن خالل هذا التعريف فالفرق بين القانون الدولي العام والقانون
الطبيعي أن األخير يعبر عن تصور قانوني نظري مبني على العدالة والمثل العليا في حين أن القانون
الدولي قانون وضعي قابل للتطبيق.
ثانيا : طبيعة القانون الدولي العام وأساس قوته اإلل ازمية
يرى بعض الفقهاء بأن قواعد القانون الدولي العام ال تحمل الصفة القانو نية ويبررون ذلك انطالقا
من المقارنـة مع القانـون الوطنـي، ويـرى اتجاه آخر بأن قواعـد القـانـون الدولــي العـام هي قواعـد قانـونيـة.
أما بخصوص أساس اإلل ازم في القانون الدولي العام فتربطه المدرسة اإل اردية بإ اردة الدولة أو
اإلرادة الجماعية للدول، في حين ترى المدرسة الموضوعية أن هذا األساس يتعلق بعوامل خارجية ليس
لها صلة بإرادة الدولة.
أ/ طبيعة القانون الدولي العام
وسنعرض هنا االتجاه المنكر للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام )1(، ثم االتجاه المؤيد
للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام ) 2 (.
محاضرات في القانون الدولي العام
إعداد: د. عايدي ميهوب
3
/1 االتجاه المنكر للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام
يرى أنصار هذا االتجاه بأنه لكي نكون أمام قواعد قانونية بالمعنى الصحيح يجب أن تصدر هذه
القواعد من سلطة تشريعية، وأن تسهر على تنفيذها سلطة تنفيذية وأن تشتمل على جزاء يترتب على
مخالفتها، إضافة إلى وجود سلطة قضائية تتولى تطبيق القواعد القانونية على المنازعات الناشئة بين
األشخاص المخاطبين بأحكامها. وعلى ذلك فقواعد القانون الدولي ليست قواعد قانونية وهذا الفتقاد
المجتمع الدو لي لهذه السلطات.
تعرض ال أري أعاله إلى النقد من طرف غالبية ش ارح القانون الدولي حيث يرى هؤالء أنه ليس من
الحكمة الوقوف على طبيعة القانون الدولي عن طريق النظر إلى قواعده من خالل الخصائص التي يجب
أن تتحقق في القواعد القانونية الداخلية، بل من الواجب مراعاة طبيعة المجتمع الدولي نفسه، وأن هذه
القواعد تنظم العالقات بين دول ذات سيادة متساوية.
/2 االتجاه المؤيد للصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام
يرى أنصار هذا االتجاه أن وجود القانون مستقل عن السلطة المشرعة له، حيث أن الواقع يؤكد
وجود قواعد قانونية فبل وجود المشرع وهي القواعد التي تجد مصدرها في العرف الدولي، و من بين ما
يدعم به هذا االتجاه حججه نذكر ما يلي:

• إن إنكار الصفة القانونية على قواعد القانون الدولي العام بحجة أن قواعده قائمة على الت ارضي بين
  المخاطبين بها وعلى ذلك اعتبارها غير ملزمة، يمكن الرد عليه بأن مسألة التراضي موجودة أيضا في
  قواعد القانون الوطني الصادرة عن السلطة التشريعية، ألن موافقة البرلمان على أي تشريع تعني موافقة
  الشعب وارتضائه لهذا التشريع.
  ب/ أساس االلت ازم بقواعد القانون الدولي العام
  ونبحث هنا اآلراء بخصوص أساس االلتزام بقواعد القانــون الدولـــي العـــام وفقـــا للمدرسـة اإلراديـة )
  1 (، ثم وفقا للمدرسة الموضوعية ) 2 (.
  محاضرات في القانون الدولي العام
  إعداد: د. عايدي ميهوب
  4
  /1 المدرسة اإلرادية
  يعتمد أنصار هذه المدرسة على إ اردة الدول كأساس لاللت ازم بقواعد القانون الدولي العام، وبرزت
  عدة نظريات في هذا الصدد نذكر منها نظرية التقييـد الذاتي، نظرية اإلرادة المشتركة، نظريـة " العقد
  شريعة المتعاقدين ".
  /2 المدرسة الموضوعية
  ترى هذه المدرسة أن أساس اإلل ازم في القانون الدولي العام هي عوامل مستقلة عن إ اردة الدول.
  وبرزت هنا عدة نظريات نذكر منها نظرية القوة ، نظرية المصلحة، نظرية التضامن االجتماعي " المدرسة
  الفرنسية "، نظرية التدرج الهرمي للقواعد القانونية " المدرسة النمساوية ".
  ثالثا : العالقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي
  سيتم البحث في العالقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي من خالل نظرية ثنائية القانون
  ) 1 (، ثم نظرية وحدة القانون ) 2 (.
  /1 نظرية ثنائية القانون
  من أنصار هذه النظرية نذكر " تريبل، شتروب، أنزيلوتي "، وبموجب هذه النظرية فإنه ال يمكن
  جمع القانون الدولي والقانون الداخلي في قانون واحد، وهذا ألسباب نذكر منها اختالف مصادر القانون
  الداخلي عن مصادر القانون الدولي، فالقانون الداخلي تصدره سلطة تعلو إ اردة المخاطبين به، بينما
  القانون الدولي فمصدره اتفاق الدول وال وجود لسلطة عليا.
  ويترتب عن األخذ بهذه النظرية عدة آثار من بينها أن قواعد القانون الداخلي ال تعد قواعد قانونية في
  المجال الدولي والحكم نفسه بالنسبة لقواعد القانون الدولي في المجال الوطني.
  /2 نظرية وحدة القانون
  يرى أنصار هذه النظرية – ونذكر من بينهم " ديجي، سل، كلسن، فردوس " - أن قواعد القانون
  الدولي وقواعد القانون الداخلي تلتقي في نظام قانوني واحد وتكون كتلة واحدة ال تقبل التجزئة ومن أبرز
  ما يترتب عن ذلك اعتبار المعاهدات الدولية جزءا من القانون الداخلي أي تصبح مصد ار من مصادره.
  ويثور التساؤل حول األولى بالتطبيق القانون الدولي أم القانون الداخلي وبرز أريان يرى األول منهما أن
  محاضرات في القانون الدولي العام
  إعداد: د. عايدي ميهوب
  5
  األولوية عند التعارض للقانون الداخلي وينتج عن ذلك إنكار الصفة الملزمة لقواعد القانون الدولي بل
  وحتى للقول بعدم وجود القانون الدولي أصال، بينما ترى األغلبية أن لقواعد القانون الدولي أولوية عن
  قواعد القانون الداخلي