Online English Summarizer tool, free and accurate!
من إشكاليات دراسة المعنى في اللسانيات ومن هذا المنطلق، فإنّه من الممكن لنا أن نعيد مشكلة المعنى إلى بساط الدرس مجتدا بعد هذا التاريخ الطويل من التساؤل ومن الإجابات المنجزة والممكنة حول سؤال المعنى ما المعنى؟ وهل من ضرورة لطرح هذا السؤال طرحا لسانيا، ولكن قد يستعين الباحث اللساني، بما عند بعض الفلاسفة من تدخلات ومقاربات وجهت الأنظار إلى رؤى مختلفة لسؤال المعنى فإذا ولينا وجوهنا شطر المقاربة المحصورة في إطار البحث اللساني، والتي تركز على الجوانب اللغوية للمسألة فإن طبيعة الطرح ستكون ذات أفق مغاير للأفق التي يتطلع إليه المتفلسفة والمفكرون، وسيكون نمط المعالجة اللسانية ملما بالجوانب النحوية والمعجمية والدلالية والتداولية لظاهرة المعنى، إذا كان المعنى لفظة مشتقة من الجذر (ع) / ن / ي) على صيغة مصدر ميمي، تصطف متجاورة لتشكل جريدا من الألفاظ الحافة بلفظ "المعنى". من هذا النوع. ولكثرة دوران هذا المركب العطفي اللفظ والمعنى) على الألسن، إنها قضية تتصل بما وراء العلم، حيث لا يُغنينا اتخاذ حد منطقي للمعنى أو للفظ نستقيه من هذا المعجم أو من تلك الموسوعة عن تحصيل حدث معرفي يتمثل في الخروج من الدائرة المفرغة التي جعلت وكد الباحثين للنظر في حيثيات المفاضلة بين اللفظ والمعنى، هذا فضلا عن تشتت تلك الحدود وتشعبها وميلها إلى محاصرة طائفة من المعاني دون أخرى سواء لقصور الحد ذاته أو لعناية واضعه بمباحث دون أخرى عند وضعه الحد واقتراحه له. والحاصل أننا لا نريد أن نستعرض حدودًا متعارفة للمعنى، من جهة أخرى. لذا ستحاول أن ترسم فضاء دلاليا يتحرك فيه نظرنا إلى ما نسميه "معنى" عسى ألا تقف عند حدود أبعد مما ينبغي في نطاق ما نود مباشرته من بحث في مشكلية المعنى. في حد المعنى الحد أخص من التعريف، يقول بعض الباحثين: " الحد بصفة عامة هو عملية ذهنية تتمثل في تحديد المفهوم الخاص بتصور ما؛ فكل حد تعريف ولكن ليس كل تعريف حدا تاما، بل قد يكون حدا ناقصا. المعنى هو ما تعنيه، ما تبلغه كلمة، شعور، ويستنتج لالاند أن معنى الكلمة أو العبارة هو مضمون نفسي معقد جدا، واتجاهات تنضاف إليها الإرادة لدى المتكلم، والشعور بالفهم لدى السامع، نكر خيلات أو علامات أخرى مرتبطة بهذا الشعور بروابط محددة، 1 المعنى والعلامة إن إدراك بعض الموجودات المائية الأشياء، أصوات . وكذلك آثار الأقدام على الرمل تجعلنا نفكر في الإنسان الذي مر من هناك. إنها علامات طبيعية. ليس ربطا طبيعيا؛ أو الرموز مستعملة بشكل واسع في التواصل البشري. والكلمات، في الواقع، فإنّه لا يمكن أن تكون العلاقة بين الكلمات ودلالاتها علاقة طبيعية. الكلمات والجمل مثل الرموز. إنها تدل على شيء ما. الكلمات تعني الشيء الذي يجعلنا نفكر فيه، ثمة كلمات تبدو هذه المقاربة صالحة لها بشكل صريح، فكلمة باريس تعني تدل على تحيل على تشير إلى، .. مدينة باريس واسم أرسطو يدل على ذلك الفيلسوف المعروف، وإن معقولية هذه الأمثلة تولد اعتراضا في أذهان كثير من المفكرين، يحاول المفكرون توسيع المنوال المرجعي للمعنى إلى سائر أقسام الكلام والجمل. على سبيل المثال، فإن صورة الحكمة ليست أمرا يمكن أن نحيط به في أي مكان أو أي زمان في العالم. وتكثر في الأدبيات الفلسفية مناقشة الكائنات المجردة مثل الأصناف (نحو) صنف جميع الأشياء الجارية) والعلاقات مثل علاقة ما يكون أكبر من . . بل إن غوتلوب فريجه ( Gotlob Frege) يصادر على أن "الصحيح" و"الباطل" مرجعان للقضايا الكاملة. لكنهما لا تدلان على المعنى نفسه، كما هو واضح. هي مسألة علمية وليست قضية لسانية. لأدركنا أنه لا مرجع لها حاليا. نحو ساربروس (Cerberus)، ومن يحكم فرنسا أصلع. فهذه القضايا ذات معنى، دون إحالة محددة. والواقع أن الأسماء كلمات غير نظامية للغاية، والإحالة لا تتأثر بمعنى الاسم أو بانعدام المعنى الأسماء، ومعظم المعاجم لا تذكرها، وبغض النظر عن معقوليتها المبدئية، فإن فكرة الإحالة لا تعيننا في فهم طبيعة المعنى اللساني فإن أفلاطون فصلها عن الواقع المحسوس والجدل هو علم الأفكار المفصولة عن توليفاتها. ولعل الفكر الغربي، لكن الفكر القديم ترك لنا طرقا أخرى لطرح مشكلة المعنى، إن أرسطو الذي رفض تعالي الأفكار الأفلاطونية وعوضها بمفهوم "الصورة الكامنة في الأفكار المجمدة، إنه تقليد المفهوم (concept) . ولكننا نستخلصه بالتجريد من التجربة المحسوسة، والفكر المفهومي ليس مجرد نتيجة لتجربة محسوسة، ولكنه يستخلص الصور المجردة الكليات les universcaux)، كما كان يقال في العصور الوسطى، من المواد الحساسة التي تشتمل عليها. إن تكبر عملية التجريد لأمر ذو أهمية قصوى في التساؤل عن الصلة بين اللغة والفكر، وهذا التساؤل يتم في إطار الاختصاصات التي لها - من وجهة نظر الفلسفة وعلم الكلام - دور التدريب على الخطاب البلاغة والنحو والمنطق وبالخصوص النحو التنظيري ( la grammaire speculative) الذي ظهر في القرن الرابع عشر الميلادي وشهد تقدما ملحوظا في نظرية العلامات ومع ذلك يظل التركيز، خلال العصور الوسطى في الاختصاصات الرئيسية للفلسفة ولعلم الكلام على الصلة بين المعنى والعلامة، سواء إلى صور حساسة مستخلصة منها أو إلى لغة تسيرها، فقد أخذ التنازع بين الكليات شكل خصام على واجهتين: هل الكليات واقعية، ولكنها موضوعية وحدها المدرسة الاسمية (nominalisme) من بين كل المدارس الفكرية الوسيطة، قبل القرن الثامن عشر، ربطت صلة حميمة بين الكليات والأسماء المسندة إلى تجارب مركبة، فلعل الاسمية هي سلف كل المدارس التي تربط المعنى بالعلامة مكان الفكرة أو المفهوم. وليست عبارة قطيعة من قبيل المبالغة. إن المفاهيم الجديدة للفيزياء الرياضية مع غاليليه وديكارت أقرب إلى الأفكار الرياضية الأفلاطونية من مفاهيم أرسطو الكيفية. فإن النزعة الرياضية للفلسفة الديكارتية تقلب الصلة بين العلامة والمعنى، كما فهمتها المدرسة الاسمية، وعاد الموقف الاسمي إلى الظهور مع النقد الاختباري للأفكار الديكارتية واللايبنتيزية؛ إذ يعني هيوم بـ "الفكرة الانطباعات المحسوسة التي تكون الصور فيها تعابير مخففة. وفي الوقت نفسه، ومن جهة أخرى بين مقومي الفكر المجرد ومعانيه. ويمكن أن يفسر هذا التعويض في إطار مذهب التداعي (associationisme): إذا أعطي شيئان معا، فإنه يمكن أن يُذكر أحدهما عندما يُعطى الآخر، ثم يذكر عند غيابه، ومن ثمة تكون لنا علامات، ثم لعلامات أخرى. ومن هنا تنقلب نظرية المعنى بدل أن يرتكز المعنى على الفكرة المعطاة أزليا في الفهم قبل معنى الكلمات، فإن تكون المعنى يرتكز على تكون العلامات، وهي الشيء الوحيد الذي يقدر على أن يسبق معنى كلماتنا. عبر النحو التنظيري في بدايات للقرون الوسطى وخلالها وفي لواخرها ثم عبر اختبارية العصور الحديثة، وصولا إلى نظرية العلامات عند كند لاك في العلاقة بين العلامة والمعنى، بحسب ما إذا كانت العلامة هي مرتكز المعنى الوحيد أو بالمقابل، الفكر المعاصر هذا الاضطراب ملاحظ بوضوح في الفكر المعاصر. إذ يذكر كانط، مؤلف کتاب نقد العقل المحض اللغة ودون أي عودة إلى الحدس الذهني ولا إلى نظرة الأفكار، الممكن الضروري)، هذه المقولات لا تنبثق من نحو لغاتنا، وقد ازدهرت في بدايات القرن العشرين نظريات للمعنى أدركت - في رد فعل ضد المذهب النفسوي الذي ظهر أواخر القرن التاسع عشر - معنى القضايا المنطقية بوصفه مستقلا عن التمثيلات المتعددة للمعنى الواحد في أوقات مختلفة عند الفرد الواحد أو عند أفراد مختلفين. ومنفصل عن المحتويات الذهنية، أو على الأقل تقترب من تصوّر الوجود الموضوعي لبعض مفكري العصر الوسيط، ولكننا نجد، وحتى بالنسبة إلى المفكرين الأكثر نزوعا إلى الحديث عن المعنى في ذاته بالنسبة إلى الملفوظات أو القضايا، هكذا حاول هوسرل في إلى الأعمال القصدية التي أصبح (المعنى) رابطها الموضوعي هذه الصلة القصدية، بدورها، تمّ استثمارها في عبارات لغوية من قبيل: المعنى هو معنى هذه العبارات، من ذلك عنوان البحث المنطقي الأول: العبارة والدلالة. فهذا العنوان يقودنا إلى الصلة بين المعنى والعلامة؛ بعد ابتعاد عن أخذ العلامات بعين الاعتبار إليها عبر مخرج تأمل الصلة بين موضوعات الفكر وأعماله. إن هوية المعنى الواحد" هي التي تسمح للعلامة بأن تدل وبشكل أعمق، يبين قواعد التلاؤم المتبادل بين الدلالات التي تسمح بإنشاء نحو منطقي وأساس لكل الأنحاء الاختبارية، ويعطي القواعد التي تتحكم في سير الخطاب، ويتحكم في كل التمشيات التي تسند عبرها قيم الحقيقة لأقوالنا، لكن التقليد الاختباري المحض، بل إنه يتم التعبير عنه بعنفوان في الوضعية المنطقية بمختلف أشكالها وخصوصا في مذهب المواضعة (conventionnalisme) الذي يهمنا هنا بشكل أكثر مباشرة فحسب هذه المدرسة، فإن قوانين الفكر هي مواضعات يقع فيها أفراد المجموعة المتكلمة. ولا يوجد جوهر يكمن خلف المعنى. ولكن دلالات كلماتنا إنما هي سمات (Etiquettes) (والعبارة لنلسن خودمان Nelson Goodman) ، تعين قيمتها المواضعة والعُرف، ومن العبث تغييرها أو تبديلها أو توسيعها. وبالنسبة إلى مذهب المواضعة ليست مفاهيم العلم فحسب، فذلك لأن استعمال اللغة يتضمن هذا الافتراض. ففي كل مرة تسعى إلى إعطاء حل دلالي للمشاكل الإبستيمولوجية، فتصبح قوانين العلامة متحكمة في قوانين المعنى. وإذا كان ظهور اللسانيات قد أنشأ، قطيعة مهمة في تاريخ دراسة المشكل، أن نزعم أن اللسانيات البنيوية تضع مفهوم المعنى ضمن إمبراطورية العلامة من جديد. الدال والمدلول إن إمكانية مبدأ وصل مفهوم المعنى بمفهوم العلامة متضمنة في تحليل العلامة في كتاب دي سوسير دروس في اللسانيات العامة، وقد أصبح اليوم كلاسيكيا، العلامة هي ظاهرة ذات وجهين تقابل وتصل بين دال (صوتي، الخ) ومدلول متعلق به وليس المدلول شيئا، ليس كياناً خارج اللغة، إنه أي هو كيان لساني محض، إنه قسيم الدال. سوسير نفسه يضفي تأويلا نفسيا واجتماعيا على هذا الترابط الدال هو الصورة الصوتية للكلمة والمدلول هو المفهوم الموافق لها، أي هو الصورة الصوتية للكلمة، والمدلول هو المفهوم الموافق لها، ومن ثم؛ فإنه يتم استدعاؤه عند إنجاز عمل قولي مخصوص. ويمكننا أن نغادر هذا التوصيف النفسي والاجتماعي، غير أن هذا الربط يمكن أن يكون اعتباطيا إذا أردنا أن نشير إلى أن السمة المفهومية للمدلول لا تبررها سمة للدال الصوتية أو الخطية أو الإشارية، ولكننا نذكر فقط بأن الدال والمدلول غير متجانسين؛ إذ ينتميان إلى نظامين مختلفين، وليسا مترابطين تمام الترابط. وبالنسبة إلى اللسانيات البنيوية، فإن قوانين المعنى محتواة في قوانين العلامة. بسمتي الاختلافية والتقابلية، فكما أن الصوتم ليس له وجود مادي ثابت، فإن المعنى ليس سوى اختلاف ضمن نسق معجمي، وما نسميه معنى الكلمة يتكون من كل ما يدور حول هذه الكلمة. والعلامة المعجمية ليست معنى آخر سوى مكانها في النسق الذي ينضوي تحته وهنا نضرب مثل التقسيم اللساني للألوان في مختلف اللغات الطبيعية). من هنا، فإن المعنى هو شكل وليس جوهرا ذهنيا أو اجتماعيا). والطريقة التي يؤدى بها المعنى نفسيا أو في وضعية تخاطبية ما، ليست أساسية، مثلما أن تحقيق الصوتم صوتيا ليس أمرا أساسيا وفيما يتعلق بالعلاقات الزمنية، تدخل وحدات المعنى مثل وحدات التمفصل الصوتي في ضربين من الصلات: صلات تزامن في المقطع الحاضر نفسه وصلات تعاقب بين حالة نظام وحالة تالية لها. وهذا القانون ذو أهمية بالغة من حيث تطبيقه على إنجازات لغوية أكثر تعقيدا، أعني النصوص. وإذا كان من الممكن أن نخلط بين زاويتي النظر النسقية والتاريخية، فإن التحليل البنيوي للمعنى يجب أن يتميز عن الدراسة التاريخية لأصوله وتطوره، فإن للتحليل النظامي - مع ذلك - أولوية على التحليل التاريخي. وينتج عن هذا القانون أن النظام اللساني نظام معلق، حيث إن كل الصلات ذات تعلق داخلي، وهذا القانون ذو أهمية قصوى بالنسبة إلى مفهوم المعنى. فأن نتكلم عن معنى كلمة أو جملة أو نص، ما دمنا في حدود المدلول المتعلق بالدال فلا يقتضي ذلك إحالة اللغة على أي شيء خارج عنها؛ فلا يوجد تعال ) transcendance) ضمن تصور للمعنى مشتق من قوانين المحايثة (immanence) التي تتحكم في أنظمة العلامات. فلا نعني بالمعنى شيئا آخر سوى صلات التوزيع بين علامات من الجنس نفسه وصلات التراتب بين علامات ذات رتب مختلفة. ويمكننا حتى أن تقرر تسمية علاقات التوزيع إلى المستوى نفسه شكلا، ولكن هذا التمييز بين الشكل والمعنى، إذا علمنا أن المعنى بالنسبة إلى التحليل البنيوي للمعنى، ليس شيئا بجنب اللغة إلى خارجها أو يعلقها بأشياء غير لغوية. هذا التمييز هو نتاج دقيق لتعريف للعلامة، حيث صلة التعالي للشيء قد تم تبنيها لصالح صلة الدال بالمدلول المحابثة بشكل كلي للعلامة نفسها. فالمعنى هو الصلة الداخلية للنص، كما يقول بول ريكور. ألا يمكن لنا أن نفترض في الواقع أن مفهوم المعنى لا يمكن اختزاله بحال من الأحوال في المدلول؛ أي في قسيم الدال، وبين الدلائلية (semiotique) وما يتقتضيه منهجها من انفتاح على العالم. وبعيدا عن الإقصاء المتبادل، وبالمقابل، مجالات المعنى لا غرابة في أن معظم مساءلاتنا عن المعنى تتم داخل مجال معين المعنى الأدبي، المعنى الاصطلاحي، المعنى التداولي، المعنى الفلسفي، .. ومن هذا المنطلق تتبين لنا مشقة محاصرة المعنى وحده، معزولا عن مجاله الذي يشتغل فيه بل لعلنا نزعم أن شرح معنى المعنى"، في نظرية "النظم " لعبد القاهر الجرجاني. ولكن بالمقابل يبدو لنا من المهم مطالعة النصوص النظرية التي تتحدث عن المعنى، فقد شهدت محطات فكرية متباينة ومتطورة وأحيانا متداخلة. بحيث يمكن لنا الحديث انطلاقا من هذا التصور عن نظرية قديمة للمعنى ونظرية حديثة له. ولا غرابة في ذلك؛ فقد تطور تصور المعنى بتطور الفكر البشري في سائر مجالات التأمل والتنظير العلمي والفلسفي. المعنى والمفهوم ولعل العودة إلى الموسوعات القديمة تعطينا فكرة عن الشبكة الاصطلاحية التي يندرج مفهوم المعنى في إطارها. وهو ما يطلق عليه ابن سينا اسم المقومات الذاتية، من ذلك على سبيل المثال أن مفهوم الكاتب لا يتضمن سوى ذات قادرة على الكتابة، إذ كل منهما يمثل، فمن حيث إنها تقصد باللفظ سميت معنى، ومن حيث إنها تحصل في العقل متميت بالمفهوم. ولكن تغير الدلالة بين هذا وذلك إنما يقوم على جهة التعلق، فالمعنى مرتبط باللفظ والمفهوم حاصل في العقل. المعنى والتأويل لا يوجد معنى معلق خارج مجال ما، أي لما يُريد بلوغه عبر تلك العملية المسماة تأويلا. ويرى بول ريكور أن ثمة مفهومين للمعنى يمكن تطبيقهما على النص: 1- المفهوم الأول منبثق عن توسيع التحليل الدلائلي (السيميولوجي) للمستويين الصوتمي والمعجمي نحو آثار الخطاب ولا يعني شيئا آخر سوى لعبة تبعية داخلية، أي لعبة بنيات. هذا المفهوم للمعنى يضبط السلوك التفسيري من ناحية النصوص. أي هي تضعه خارج اللغة؛
من إشكاليات دراسة المعنى في اللسانيات
قد لا يكون من المدهش أن يتساءل الفيلسوف عن البديهيات كي يتوقف مليا عند التصور الشائع لها فينقده ويستدل على تصوره الجديد أو الخاص لها، لكن هل يحق للباحث الأكاديمي أن يلبس لبوس الفيلسوف فينقلب مسائلا البديهيات ومتسائلا عنها؟ وهل الدهشة أمام البديهيات سمةً "فلسفية خالصة أم إنها تشمل المحاولات والمقاربات التي تتخذ المناهج العلمية، غير الحدسية سبيلا لكشف الحقائق وطرح البدائل ؟ إذا صح أن التفكير الجديد لا يستوجب بالضرورة ابتكار أسئلة جديدة، ولكن قد يطرح، بمنهج جديد أسئلة قديمة، ومن هذا المنطلق، فإنّه من الممكن لنا أن نعيد مشكلة المعنى إلى بساط الدرس مجتدا بعد هذا التاريخ الطويل من التساؤل ومن الإجابات المنجزة والممكنة حول سؤال المعنى ما المعنى؟ وهل من ضرورة لطرح هذا السؤال طرحا لسانيا، فضلا عن كونه سؤالا فلسفيا ووجوديا؟ قد لا تكون الرهانات الفلسفية والوجودية من سؤال المعنى مختلفة ومنفصلة عن رهانات الباحث اللساني، وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن قد يستعين الباحث اللساني، بما عند بعض الفلاسفة من تدخلات ومقاربات وجهت الأنظار إلى رؤى مختلفة لسؤال المعنى فإذا ولينا وجوهنا شطر المقاربة المحصورة في إطار البحث اللساني، والتي تركز على الجوانب اللغوية للمسألة فإن طبيعة الطرح ستكون ذات أفق مغاير للأفق التي يتطلع إليه المتفلسفة والمفكرون، وسيكون نمط المعالجة اللسانية ملما بالجوانب النحوية والمعجمية والدلالية والتداولية لظاهرة المعنى، بمعزل عن الأبعاد الفلسفية المحضة ...
إذا كان المعنى لفظة مشتقة من الجذر (ع) / ن / ي) على صيغة مصدر ميمي، فإنّ حقلا معجميا كاملا يمكن أن يساعدنا في محاصرة المعنى، وإذا بألفاظ من قبيل المعاناة والعناء والمعني والعناية ... تصطف متجاورة لتشكل جريدا من الألفاظ الحافة بلفظ "المعنى". كما تلتحق بالقائمة المذكورة قائمة أخرى تحتوي حقلا دلاليا موازيا: الدلالة والمقصد والمفهوم والفهم والمغزى والمضمون .... ولعل الحدس وحده هو الذي يشير لنا بأن "المعنى" أيسر دلالة من سائر الألفاظ. ولكنه يمر من نوع خاص. إنه اللفظ الذي يجد له رديفا ملازما هو اللفظ"، في حين أن سائر الألفاظ المذكورة لا رديف لها، من هذا النوع. لذلك يكثر الحديث عن اللفظ والمعنى. ولكن، ولكثرة دوران هذا المركب العطفي اللفظ والمعنى) على الألسن، فإننا لا نقف على من يشرح لنا هذا الزوج. وكأن التواتر الشديد لاستعمال هذا الزوج في النقد والدراسات يعفينا من تجشم شرح الواضح وتفسير المبذول. والواقع أن الأمر أعقد من مسألة شرح أمر واضح أو تفسير شيء مبذول. إنها قضية تتصل بما وراء العلم، حيث لا يُغنينا اتخاذ حد منطقي للمعنى أو للفظ نستقيه من هذا المعجم أو من تلك الموسوعة عن تحصيل حدث معرفي يتمثل في الخروج من الدائرة المفرغة التي جعلت وكد الباحثين للنظر في حيثيات المفاضلة بين اللفظ والمعنى، أو التساؤل العقيم عن وجود المعنى أصلا. هذا فضلا عن تشتت تلك الحدود وتشعبها وميلها إلى محاصرة طائفة من المعاني دون أخرى سواء لقصور الحد ذاته أو لعناية واضعه بمباحث دون أخرى عند وضعه الحد واقتراحه له. والحاصل أننا لا نريد أن نستعرض حدودًا متعارفة للمعنى، أو أن نورد نصوصا سيق لفظ المعنى في نطاقها، من جهة، ولا نود أن نقف موقفا لا أدريا، من جهة أخرى. لذا ستحاول أن ترسم فضاء دلاليا يتحرك فيه نظرنا إلى ما نسميه
"معنى" عسى ألا تقف عند حدود أبعد مما ينبغي في نطاق ما نود مباشرته من بحث في مشكلية المعنى. في حد المعنى الحد أخص من التعريف، يقول بعض الباحثين: " الحد بصفة عامة هو عملية ذهنية تتمثل في تحديد المفهوم الخاص بتصور ما؛ أي هو القول الدال على ماهية الشيء ويُؤخذ عادة من الجنس والفصل كحد الإنسان بأنه حيوان عاقل. ويميز بين الحد والتعريف على النحو التالي: " والفرق بين الحد والتعريف أن الأول يدل على ماهية الشيء ويتركب من الجنس القريب والفصل النوعي، في حين أن الثاني لا يقصد منه إلا تحصيل صورة الشيء في الذهن أو توضيحها، فكل حد تعريف ولكن ليس كل تعريف حدا تاما، بل قد يكون حدا ناقصا. لعل من أعصر الحدود هي الحدود المتداولة بحيث تصبح في مرتبة البديهيات، ولكن قد يكون من الملائم منهجيا ألا تهمل حد المعنى حتى وإن كان الحد المقترح أوليا وغير نهائي، المعنى هو ما تعنيه، ما تبلغه كلمة، ما توصله إلى الفكر عبارة أو أية علامة أخرى تلعب دورا مماثلاً ، وقديما كان يقصد بكلمة معنى فكرة المتكلم أو نيته أي هو حالة فكرية يريد إبلاغها (تمثل، شعور، فعل). ويستنتج لالاند أن معنى الكلمة أو العبارة هو مضمون نفسي معقد جدا، هو موقف وحركة فكريان يتضمنان خيلات فردية وعينية، واتجاهات تنضاف إليها الإرادة لدى المتكلم، والشعور بالفهم لدى السامع، أي تنضاف إليها القدرة على
نكر خيلات أو علامات أخرى مرتبطة بهذا الشعور بروابط محددة، ومعرفة ما يجب القيام به، إلخ . 1 المعنى والعلامة إن إدراك بعض الموجودات المائية الأشياء، علامات، أصوات ...)، يمكن أن يؤدي إلى وجود تفكير في شيء آخر مع انتظام ما. من ذلك رؤية الدخان وفكرة السنار، وكذلك آثار الأقدام على الرمل تجعلنا نفكر في الإنسان الذي مر من هناك. فالدخان وآثار الأقدام هي علامات لشيء آخر. إنها علامات طبيعية. والعلاقة بين العلامة والشيء الذي تدل عليه هي علاقة علية، وضعتها الطبيعة وصقلتها التجربة، ويمكن أن نقارن هذا بعلامات المرور على سبيل المثال، أو بعض الرموز الأخرى، نحو القلب المطعون بسهم. إنّ الربط بين الرمز والشيء الذي يدل عليه، في هذه الأحوال، ليس ربطا طبيعيا؛ لقد وضعته الطبيعة البشرية أو الاصطلاح ويتعلّم من هذين المصدرين. هذه العلامات غير الطبيعية، أو الرموز مستعملة بشكل واسع في التواصل البشري. في هذا السياق، تبرز عناصر اللغة بوصفها علامات غير طبيعية، وتكمن المنفعة من الكلمات والجمل في مظهرها المادي وإدراكها يُرجح أنه يوجه الانتباه أو الفكر نحو شيء آخر. والكلمات، في الواقع، هي الواسطة الأساسية للتواصل البشري، ومثلما يبين ذلك تعدد الألسن واختلافها، فإنّه لا يمكن أن تكون العلاقة بين الكلمات ودلالاتها علاقة طبيعية. الكلمات والجمل مثل الرموز. إنها تحدد شيئا خارجا عنها؛ إنها تدل على شيء ما. الدخان يدل على النار والقلب المطعون بسهم
يدل على الحب، الكلمات تعني الشيء الذي يجعلنا نفكر فيه، ومعنى الكلمة هو الرابط الذي يصل بينها وبين الشيء . ثمة كلمات تبدو هذه المقاربة صالحة لها بشكل صريح، ألا وهي أسماء الأعلام. فكلمة باريس تعني تدل على تحيل على تشير إلى، ...) مدينة باريس واسم أرسطو يدل على ذلك الفيلسوف المعروف، وهكذا دواليك. وإن معقولية هذه الأمثلة تولد اعتراضا في أذهان كثير من المفكرين، ابتداء من أفلاطون بالعودة إلى أسماء الأعلام بوصفها كلمات بامتياز، يحاول المفكرون توسيع المنوال المرجعي للمعنى إلى سائر أقسام الكلام والجمل. ويُمكن اعتبار نظرية "الصور" الأفلاطونية محاولة لإيجاد مرجع لأي اسم مثل "كلب" أو للأسماء المجردة مثل "شهادة أو "عدل". لما كانت كلمة سقراط في جملة سقراط حكيم تحيل على سقراط، على سبيل المثال، فإن كلمة حكيم تحيل على صورة الحكمة. لسوء الحظ، ومع أن سقراط إنسان حقيقي عاش في هذا العالم، فإن صورة الحكمة ليست أمرا يمكن أن نحيط به في أي مكان أو أي زمان في العالم. وتتفاقم الصعوبة التي تطرحها هذه الكائنات "الأفلاطونية من هذا الصنف متى حاولنا إيجاد مراجع ملائمة للأفعال والحروف وأدوات الربط وغيرها، وتكثر في الأدبيات الفلسفية مناقشة الكائنات المجردة مثل الأصناف (نحو) صنف جميع الأشياء الجارية) والعلاقات مثل علاقة ما يكون أكبر من ....). بل إن غوتلوب فريجه ( Gotlob Frege) يصادر على أن "الصحيح" و"الباطل" مرجعان للقضايا الكاملة. ثمة مشاكل كثيرة مهمة تعترض سبيل نظرية المعنى المرجعية المشكلة الأولى عبر عنها فريجه، وتتمثل في أن يكون ثمة مرجع واحد لعبارتين، دون أن يكون المعنى واحدا من ذلك أن عبارتي نجمة الصباح ونجمة المساء تدلان على
الكوكب نفسه، لكنهما لا تدلان على المعنى نفسه، كما هو واضح. والواقع أن مسألة هوية نجمة الصباح ونجمة المساء، هي مسألة علمية وليست قضية لسانية. لذلك حتى في حالة الأسماء أو العبارات المعادلة للأسماء، علينا أن نميز بين دلالة الاسم الصريحة (الإحالة الماصدق) وبين الشيء أو مجموعة الأشياء الذي يحيل عليه (ا) ذلك الاسم، وبين الدلالة الحافة المعنى المفهوم)، أي دلالته. المشكلة الثانية في نظرية المعنى المرجعية تتبع من الجمل التي مع أنها دالة تزعم أنها تحيل على مرجع ما، ولكنها في الواقع لا تفعل. من ذلك التوصيف التعريفي ملك فرنسا الحالي، فهذه العبارة لها معنى، مع أنه لا وجود للشخص الذي تشير إليه. لو كانت هذه الجملة لا معنى لها، لأدركنا أنه لا مرجع لها حاليا. إن تحليل رسل (Russell) لمثل هذه الجمل، ومعالجة الفيلسوف الأمريكي كولين (Willard .Quine) المماثلة لمثل هذه الأسماء، نحو ساربروس (Cerberus)، يفصلان المعنى عن الإحالة عبر القول إن هذه العبارات، متى استعملت في جمل هي مساوية لحزمة من القضايا الوجودية؛ أي القضايا غير ذات الإحالة المحددة. من ذلك قولك ملك فرنسا الحالي أصلع، يعني يوجد على الأقل وعلى الأكثر شخص يحكم فرنسا، ومن يحكم فرنسا أصلع. فهذه القضايا ذات معنى، صادقة لم كاذبة، دون إحالة محددة. والواقع أن الأسماء كلمات غير نظامية للغاية، قاسم الأمين العام الثالث للأمم المتحدة يو ثنت (U) Thant) لا معنى له في اللغة الإنجليزية. لكنه يدل في اللغة البيرمانية (Burmese) على شيء ما، لا يهم، والإحالة لا تتأثر بمعنى الاسم أو بانعدام المعنى الأسماء، كما هي لا تنتمي إلى مفردات اللغة، ومعظم المعاجم لا تذكرها، لذلك، وبغض النظر عن معقوليتها المبدئية، فإن فكرة الإحالة لا تعيننا في فهم طبيعة المعنى اللساني
إذا كان سقراط عرف الأفكار، فإن أفلاطون فصلها عن الواقع المحسوس والجدل هو علم الأفكار المفصولة عن توليفاتها. ولعل الفكر الغربي، والإنساني من ثم قد ورث عن أفلاطون إشكالية المعنى، حيث إن المعنى هو الفكرة أو الجوهر أي المبدأ المفهوم من قبل الواقع ومن قبل الفكر، على حد سواء. لكن الفكر القديم ترك لنا طرقا أخرى لطرح مشكلة المعنى، وهي أقل بعدا من طريقتنا في مساءلة العلامة والمعنى. إن أرسطو الذي رفض تعالي الأفكار الأفلاطونية وعوضها بمفهوم "الصورة الكامنة في الأفكار المجمدة، فتح تقليدا آخر استمر حتى القرون الوسطى، إنه تقليد المفهوم (concept) . ليس المفهوم شيئا تتحصل عليه عبر الفكرة، ولكننا نستخلصه بالتجريد من التجربة المحسوسة، والفكر المفهومي ليس مجرد نتيجة لتجربة محسوسة، ولكنه يستخلص الصور المجردة الكليات les universcaux)، كما كان يقال في العصور الوسطى، من المواد الحساسة التي تشتمل عليها. إن تكبر عملية التجريد لأمر ذو أهمية قصوى في التساؤل عن الصلة بين اللغة والفكر، مثلما تشير إلى ذلك التقاليد الوسيطة. وهذا التساؤل يتم في إطار الاختصاصات التي لها - من وجهة نظر الفلسفة وعلم الكلام - دور التدريب على الخطاب البلاغة والنحو والمنطق وبالخصوص النحو التنظيري ( la grammaire speculative) الذي ظهر في القرن الرابع عشر الميلادي وشهد تقدما ملحوظا في نظرية العلامات
ومع ذلك يظل التركيز، خلال العصور الوسطى في الاختصاصات الرئيسية للفلسفة ولعلم الكلام على الصلة بين المعنى والعلامة، أقل من التركيز على صيغ التعيين" و"الدلالة" و"صيغ التعقل وصيغ الوجود. وهذا من أجل سبب رئيسي: المذهب المفهومي الذي قطع عن يمينه مع واقعية الأفكار، يريد أن يحتفظ عن شماله بكل اخترال للكليات، سواء إلى صور حساسة مستخلصة منها أو إلى لغة تسيرها، فقد أخذ التنازع بين الكليات شكل خصام على واجهتين: هل الكليات واقعية، بالمعنى الأفلاطوني لم هي مفهومة فقط؟ وإذا كانت مفهومة فقط هل تشتق مما هو حماس، أم أن لها صيغة وجود خاصة لا هي واقعية ولا هي ذهنية، ولكنها موضوعية وحدها المدرسة الاسمية (nominalisme) من بين كل المدارس الفكرية الوسيطة، قبل القرن الثامن عشر، ربطت صلة حميمة بين الكليات والأسماء المسندة إلى تجارب مركبة، فلعل الاسمية هي سلف كل المدارس التي تربط المعنى بالعلامة مكان الفكرة أو المفهوم. القرن السابع عشر والنزعة الاختبارية الحديثة ولد هجوم الرياضيات وإعادة تنظيم المنهج الفلسفي وفق المنوال الرياضي قطيعة في القرن السابع عشر مع تصوّر متصل شديد الاتصال برؤية للعالم تسيطر عليها الفيزياء الأرسطية. فانفتح عصر جديد لفلسفة الأفكار. وليست عبارة قطيعة من قبيل المبالغة. إن المفاهيم الجديدة للفيزياء الرياضية مع غاليليه وديكارت أقرب إلى الأفكار الرياضية الأفلاطونية من مفاهيم أرسطو الكيفية. فقد عاد إلى جانب الفكرة الحدس الذهني، علينا إذن أن تشرح كيف أن أفكارنا لها معنى عبر الدلالات التي ترتبط بالأفكار. إنها إذن الأفكار التي يُدركها الفكر مباشرة، وهي التي تنشئ دلالات كلماتنا
هكذا، فإن النزعة الرياضية للفلسفة الديكارتية تقلب الصلة بين العلامة والمعنى، كما فهمتها المدرسة الاسمية، وحتى المدرسة المفهومية الوسيطة. وعاد الموقف الاسمي إلى الظهور مع النقد الاختباري للأفكار الديكارتية واللايبنتيزية؛ إذ يعني هيوم بـ "الفكرة الانطباعات المحسوسة التي تكون الصور فيها تعابير مخففة. وفي الوقت نفسه، ثمة فجوة يجب سدها بينهما، من جهة بين هذه الانطباعات وهذه الصور)، ومن جهة أخرى بين مقومي الفكر المجرد ومعانيه. هكذا دفعت النزعة الاختبارية إلى إدراك مسارات مختلفة وتكونات مختلفة مجعولة لاشتقاق المعنى" من "المحسوس". بين هذه الإجراءات والتكونات يجب أن توفر علامات لغتنا المرتكز الحاسم لذلك. ههنا نصل إلى وضعية المشكل عند كند لاك (Condillac) (عاش بين سنتي 1741م و (1780م) وأتباعه؛ إذ المعنى عنده مشتق من العلامة والعلامات لها في الواقع نفوذ تعويضي مذهل فالعلامات مرصودة للتعبير عن الأشياء، ولكن قد يراد ببعضها التعبير عن البعض الآخر. ويمكن أن يفسر هذا التعويض في إطار مذهب التداعي (associationisme): إذا أعطي شيئان معا، فإنه يمكن أن يُذكر أحدهما عندما يُعطى الآخر، ثم يذكر عند غيابه، ليعوضه في النهاية. ومن ثمة تكون لنا علامات، وهي معوضات ممثلة للأشياء، ثم لعلامات أخرى. ومن هنا تنقلب نظرية المعنى بدل أن يرتكز المعنى على الفكرة المعطاة أزليا في الفهم قبل معنى الكلمات، فإن تكون المعنى يرتكز على تكون العلامات، وهي الشيء الوحيد الذي يقدر على أن يسبق معنى كلماتنا.
هكذا، حل مشكل العلامة والمعنى على حساب إشكالية أخرى هي إشكالية الجوهر والفكرة، عبر النحو التنظيري في بدايات للقرون الوسطى وخلالها وفي لواخرها ثم عبر اختبارية العصور الحديثة، وصولا إلى نظرية العلامات عند كند لاك في العلاقة بين العلامة والمعنى، يقع التركيز على العلامة أو على المعنى
بحسب ما إذا كانت العلامة هي مرتكز المعنى الوحيد أو بالمقابل، بحسب ما إذا كانت ملكة فهم الذهن شيئا ما بوصفه معنى يفر كون العلامات تعمل بوصفها علامات، أي بوصفها قدرة تصلح لكذا وموضوعة لكذا. الفكر المعاصر هذا الاضطراب ملاحظ بوضوح في الفكر المعاصر. إذ يذكر كانط، مؤلف کتاب نقد العقل المحض اللغة ودون أي عودة إلى الحدس الذهني ولا إلى نظرة الأفكار، يؤسس كانط معنى قضايانا الاختبارية على أساس عمليات الحكم، وهي عمليات ضبطتها هي بدورها بنى الفكر: الزمكان، مقولات الكم والكيف والعلاقة (السبب) والجهات الواقعي، الممكن الضروري)، هذه المقولات لا تنبثق من نحو لغاتنا، بل يمكن أن تستنتج مباشرة من التجربة ومواضيع التجربة أي المقولات بصفتها شروط إمكان تلك التجربة. هكذا توفر الفلسفة المتعالية (transcendantale) منوالا قويا لا يشتق فيه المعنى من العلامة. وقد ازدهرت في بدايات القرن العشرين نظريات للمعنى أدركت - في رد فعل ضد المذهب النفسوي الذي ظهر أواخر القرن التاسع عشر - معنى القضايا المنطقية بوصفه مستقلا عن التمثيلات المتعددة للمعنى الواحد في أوقات مختلفة عند الفرد الواحد أو عند أفراد مختلفين. ونجد عند فريجه (Frege) ومينون (Meinong) و هوسرل (Husserl) وراسل (Russel) في بداياته أن "المعنى" "موضوعي" و"مثالي"، ومنفصل عن المحتويات الذهنية، ومن ثمة عن العلامات اللسانية. هكذا تقترب نظرية المعنى من الأفلاطونية مجددا، أو على الأقل تقترب من تصوّر الوجود الموضوعي لبعض مفكري العصر الوسيط، وهو تصوّر يفترض أننا نعترف للوجود بتنوع الدلالات وأننا ندرك ضروبا أخرى للوجود عدا وجود الأشياء المحسوسة، ولكننا نجد، وحتى بالنسبة إلى المفكرين الأكثر نزوعا إلى الحديث عن المعنى في ذاته بالنسبة إلى الملفوظات أو القضايا، صلة ما بالعلامات قد تم ترتيبها، هكذا حاول هوسرل في
كتابه بحوث منطقية إرجاع المعنى الذي فك أي ارتباط له في السابق بالمحتويات الذهنية، إلى الأعمال القصدية التي أصبح (المعنى) رابطها الموضوعي هذه الصلة القصدية، بدورها، تمّ استثمارها في عبارات لغوية من قبيل: المعنى هو معنى هذه العبارات، من ذلك عنوان البحث المنطقي الأول: العبارة والدلالة. فهذا العنوان يقودنا إلى الصلة بين المعنى والعلامة؛ ذلك أن "العبارات" التي يشتغل عليها المنطقي هي علامات من لغتنا ودلالة القضايا هي أيضا معنى هذه العلامات. وبذلك تعود المنطقوية (logicisme)، بعد ابتعاد عن أخذ العلامات بعين الاعتبار إليها عبر مخرج تأمل الصلة بين موضوعات الفكر وأعماله. ولكن مع ذلك، فإن نظرية المعنى تظل مهيمنة على نظرية العلامة وقوانين المعنى هي قوانين العلامة. إن هوية المعنى الواحد" هي التي تسمح للعلامة بأن تدل وبشكل أعمق، فحسب المنطق الصوري والمنطق المتعالي عند هوسرل، فإن ضروب منطق "المعنى" الثلاثة هي التي تتحكم في استعمال العلامات منطق أول هو منطق العبارات المحكمة البناء، يبين قواعد التلاؤم المتبادل بين الدلالات التي تسمح بإنشاء نحو منطقي وأساس لكل الأنحاء الاختبارية، ومنطق ثان، هو منطق الانسجام، ويعطي القواعد التي تتحكم في سير الخطاب، ومنطق ثالث، هو منطق ملء الفراغات أو التحقق، ويتحكم في كل التمشيات التي تسند عبرها قيم الحقيقة لأقوالنا، ومن ثم نسمند مرجعية لخطابنا. لكن التقليد الاختباري المحض، الذي يُعنى بضبط المعنى على حساب العلامة، لم ينتزع تماما، بل إنه يتم التعبير عنه بعنفوان في الوضعية المنطقية بمختلف أشكالها وخصوصا في مذهب المواضعة (conventionnalisme) الذي يهمنا هنا بشكل أكثر مباشرة فحسب هذه المدرسة، فإن قوانين الفكر هي مواضعات يقع فيها أفراد المجموعة المتكلمة. ولا يوجد جوهر يكمن خلف المعنى. ولكن دلالات كلماتنا إنما هي سمات (Etiquettes) (والعبارة لنلسن خودمان Nelson
Goodman) ، تعين قيمتها المواضعة والعُرف، ومن العبث تغييرها أو تبديلها أو توسيعها. وبالنسبة إلى مذهب المواضعة ليست مفاهيم العلم فحسب، بل مبادئه الأساسية أيضا من طبيعة تم التواضع عليها، ومن ثمة، فهي مرتبطة بمؤسسة اللغة. هكذا اقترح ماكس بلاك Max Black حلا دلاليا خالصا لمشكل الاستقراء: إذا كان يحق لي المرور، في ملفوظ قوانين الطبيعة من في معظم الأحيان إلى دائما"، فذلك لأن استعمال اللغة يتضمن هذا الافتراض. ففي كل مرة تسعى إلى إعطاء حل دلالي للمشاكل الإبستيمولوجية، ينقلب المعنى إلى جانب العلامة من جديد. فتصبح قوانين العلامة متحكمة في قوانين المعنى. المعنى في اللسانيات البنيوية إن قصة مشكل المعنى والعلامة الفلسفي توفر لنا خلفية للتحليل اللساني الخالص لهذين المفهومين.
وإذا كان ظهور اللسانيات قد أنشأ، في واقع الأمر، قطيعة مهمة في تاريخ دراسة المشكل، فإنه لا يُبطل - مع ذلك - الرهانات الفلسفية، ويمكننا في مقاربة أولى، أن نزعم أن اللسانيات البنيوية تضع مفهوم المعنى ضمن إمبراطورية العلامة من جديد. الدال والمدلول إن إمكانية مبدأ وصل مفهوم المعنى بمفهوم العلامة متضمنة في تحليل العلامة في كتاب دي سوسير دروس في اللسانيات العامة، وقد أصبح اليوم كلاسيكيا، العلامة هي ظاهرة ذات وجهين تقابل وتصل بين دال (صوتي، مكتوب إشاري، الخ) ومدلول متعلق به وليس المدلول شيئا، ليس كياناً خارج اللغة، إنه
فقط الوجه الآخر للعلامة، أي هو كيان لساني محض، إنه قسيم الدال. سوسير نفسه يضفي تأويلا نفسيا واجتماعيا على هذا الترابط الدال هو الصورة الصوتية للكلمة والمدلول هو المفهوم الموافق لها، أي هو الصورة الصوتية للكلمة، والمدلول هو المفهوم الموافق لها، أي هو مفهوم ينتمي إلى الرصيد الذهني للجماعة اللغوية المدلول - من وجهة نظر المتكلم - مودع في اللاوعي، ومن ثم؛ فإنه يتم استدعاؤه عند إنجاز عمل قولي مخصوص. ويمكننا أن نغادر هذا التوصيف النفسي والاجتماعي، والأهم أن نحتفظ بالترابط بين الدال والمدلول مثل وجه الورقة وقفاها. لقد تم اقتطاعهما معا بشكل متماثل بواسطة مقص المواضعة اللسانية. هكذا لا يمكن أن نقول إن الصلة بين الدال والمدلول اعتباطية، على الأقل بمعنى أن العلامة إجمالا ذات علاقة اعتباطية بالشيء المسمى، غير أن هذا الربط يمكن أن يكون اعتباطيا إذا أردنا أن نشير إلى أن السمة المفهومية للمدلول لا تبررها سمة للدال الصوتية أو الخطية أو الإشارية، ولكننا نذكر فقط بأن الدال والمدلول غير متجانسين؛ إذ ينتميان إلى نظامين مختلفين، وليسا مترابطين تمام الترابط. نشأ علم الدلالة البنيوي من التوازي في التحليل بين كل من الدال والمدلول. وبالنسبة إلى اللسانيات البنيوية، فإن قوانين المعنى محتواة في قوانين العلامة. وتتسم وحدات المعني، تماما مثل وحدات العلامة، بسمتي الاختلافية والتقابلية، فكما أن الصوتم ليس له وجود مادي ثابت، ولا يمكن تعريفه إلا في تقابله مع غيره من الصوائتم، فإن المعنى ليس سوى اختلاف ضمن نسق معجمي، وما نسميه معنى الكلمة يتكون من كل ما يدور حول هذه الكلمة. والعلامة المعجمية ليست معنى آخر سوى مكانها في النسق الذي ينضوي تحته وهنا نضرب مثل التقسيم اللساني للألوان في مختلف اللغات الطبيعية). من هنا، فإن المعنى هو شكل وليس جوهرا ذهنيا أو اجتماعيا). والطريقة التي يؤدى بها المعنى نفسيا أو في وضعية تخاطبية ما، ليست أساسية، مثلما أن تحقيق الصوتم صوتيا ليس أمرا أساسيا
وفيما يتعلق بالعلاقات الزمنية، تدخل وحدات المعنى مثل وحدات التمفصل الصوتي في ضربين من الصلات: صلات تزامن في المقطع الحاضر نفسه وصلات تعاقب بين حالة نظام وحالة تالية لها. وهذا القانون ذو أهمية بالغة من حيث تطبيقه على إنجازات لغوية أكثر تعقيدا، أعني النصوص. وإذا كان من الممكن أن نخلط بين زاويتي النظر النسقية والتاريخية، فإن التحليل البنيوي للمعنى يجب أن يتميز عن الدراسة التاريخية لأصوله وتطوره، وإذا كان صحيحا أن تفهم عموما نظاما ما قبل أن نفهم كيف يتغير جزءا فجزءًا أو في كليته، فإن للتحليل النظامي - مع ذلك - أولوية على التحليل التاريخي. وينتج عن هذا القانون أن النظام اللساني نظام معلق، حيث إن كل الصلات ذات تعلق داخلي، وهذا القانون ذو أهمية قصوى بالنسبة إلى مفهوم المعنى. فأن نتكلم عن معنى كلمة أو جملة أو نص، ما دمنا في حدود المدلول المتعلق بالدال فلا يقتضي ذلك إحالة اللغة على أي شيء خارج عنها؛ فلا يوجد تعال ) transcendance) ضمن تصور للمعنى مشتق من قوانين المحايثة (immanence) التي تتحكم في أنظمة العلامات. فلا نعني بالمعنى شيئا آخر سوى صلات التوزيع بين علامات من الجنس نفسه وصلات التراتب بين علامات ذات رتب مختلفة. ويمكننا حتى أن تقرر تسمية علاقات التوزيع إلى المستوى نفسه شكلا، وأن تحتفظ بلفظ المعنى الصلات الإدماج بين وحدات ذات رتب مختلفة. ولكن هذا التمييز بين الشكل والمعنى، لا يُغير شيئا في الجوهر، إذا علمنا أن المعنى بالنسبة إلى التحليل البنيوي للمعنى، ليس شيئا بجنب اللغة إلى خارجها أو يعلقها بأشياء غير لغوية. هذا التمييز هو نتاج دقيق لتعريف للعلامة، حيث صلة التعالي للشيء قد تم تبنيها لصالح صلة الدال بالمدلول المحابثة بشكل كلي للعلامة نفسها. وفي الوقت نفسه تجعل هذه الضرورة اللسان موضوعا متجانسا علميا، بما أن كل عناصر المشكل تقع داخل حدود وضعها المنهج اللساني نفسه
فالمعنى هو الصلة الداخلية للنص، كما يقول بول ريكور. ولعل المطابقة بين المعنى والمدلول يمكن أن تخضع هي نفسها للمساطة.
ألا يمكن لنا أن نفترض في الواقع أن مفهوم المعنى لا يمكن اختزاله بحال من الأحوال في المدلول؛ أي في قسيم الدال، ولكنه سمة مميزة للجملة بما هي وحدة كلامية؟ وهذا الاقتراض الذي أطلقة ريكور يقتضي أن العلامة والمعنى ليسا مجرد قسيمين مترابطين، مثل الدال والمدلول، بل هما ينتميان إلى حقلين نظريين متميزين، يقومان على مبادئ متميّزة ويتطلبان أوصافا مختلفة. ويبقى سؤال المعنى مطروحا في سياق حوار جدلي بين علم الدلالة (semantique) وما يقتضيه منهجه من انغلاق داخل سور اللغة، وبين الدلائلية (semiotique) وما يتقتضيه منهجها من انفتاح على العالم. وبعيدا عن الإقصاء المتبادل، يرى ريكور أن هاتين الرؤيتين تتكاملان؛ إذ لا قيمة لتفسير لا يعنى بالتحضير لتأويل ما، أي لطريقة جديدة في النظر إلى الأشياء في كنف النص. وبالمقابل، فلا قيمة لتأويل لا يقوم بعودة صبورة نحو الدلالية العميقة التي لا يستنبطها إلا تفسير بنيوي جادة. مجالات المعنى لا غرابة في أن معظم مساءلاتنا عن المعنى تتم داخل مجال معين المعنى الأدبي، المعنى اللغوي، المعنى الاصطلاحي، المعنى التداولي، المعنى الفلسفي، ... ومن هذا المنطلق تتبين لنا مشقة محاصرة المعنى وحده، معزولا عن مجاله الذي يشتغل فيه
بل لعلنا نزعم أن شرح معنى المعنى"، على دقته، أيسر من شرح "المعنى"، في نظرية "النظم " لعبد القاهر الجرجاني. ولكن بالمقابل يبدو لنا من المهم مطالعة النصوص النظرية التي تتحدث عن المعنى، فقد شهدت محطات فكرية متباينة ومتطورة وأحيانا متداخلة. بحيث يمكن لنا الحديث انطلاقا من هذا التصور عن نظرية قديمة للمعنى ونظرية حديثة له. ولا غرابة في ذلك؛ فقد تطور تصور المعنى بتطور الفكر البشري في سائر مجالات التأمل والتنظير العلمي والفلسفي. المعنى والمفهوم ولعل العودة إلى الموسوعات القديمة تعطينا فكرة عن الشبكة الاصطلاحية التي يندرج مفهوم المعنى في إطارها. وفي هذا السياق ينبهنا بعض الباحثين إلى أن المعنى والمفهوم لهما حد متقارب. يعلق عبد الله صولة على حد المفهوم عند القدماء: «المفهوم هو أصغر مجموعة من الخصائص الصالحة لتحديده (...) وهو ما يطلق عليه ابن سينا اسم المقومات الذاتية، من ذلك على سبيل المثال أن مفهوم الكاتب لا يتضمن سوى ذات قادرة على الكتابة، قائلا: «وقد تكون هذه الطريقة في تحديد المفهوم عندهم هي التي حدت بهم إلى المطابقة بينه وبين المعنى، إذ كل منهما يمثل، كما يقول التهانوي: الصورة الحاصلة في العقل أو عنده الكنهما] مختلفان باعتبار القصد والحصول، فمن حيث إنها تقصد باللفظ سميت معنى، ومن
حيث إنها تحصل في العقل متميت بالمفهوم. فالمفهوم والمعنى كلاهما صورة عقلية، ولكن تغير الدلالة بين هذا وذلك إنما يقوم على جهة التعلق، فالمعنى مرتبط باللفظ والمفهوم حاصل في العقل. ولا يعني ذلك أن المفهوم معزول عن اللفظ ولا أن المعنى بعيد عن العقل بأي حال من الأحوال. المعنى والتأويل لا يوجد معنى معلق خارج مجال ما، مثلما أشرنا في الفقرة السابقة (دون أن نقع بالضرورة، في تطابق مع نظرية فلسفة الإطار لكارل بوبر) وكذلك لا يوجد معنى خارج تأويل له يتحقق في سياق من السياقات العلمية أو الشخصية: أي سواء وفق منوال تأويلي نسقي أو عبر رأي فردي ذاتي.... والتأويل عملية فكرية تستهدف بلوغ المعنى، وبذلك يكون من اليسير علينا استنتاج حاجة المؤول إلى تمثل للمعنى، أي لما يُريد بلوغه عبر تلك العملية المسماة تأويلا. ويرى بول ريكور أن ثمة مفهومين للمعنى يمكن تطبيقهما على النص: 1- المفهوم الأول منبثق عن توسيع التحليل الدلائلي (السيميولوجي) للمستويين الصوتمي والمعجمي نحو آثار الخطاب ولا يعني شيئا آخر سوى لعبة تبعية داخلية، أي لعبة بنيات. هذا المفهوم للمعنى يضبط السلوك التفسيري من ناحية النصوص. 2- المفهوم الثاني للمعنى مشتق من التحليل الدلالي للجملة بما هي أصغر وحدة خطابية، تبعد المعنى من جهة المرجع، أي هي تضعه خارج اللغة؛ هذا المفهوم الثاني للمعنى يضبط السلوك التأويلي من ناحية النصوص
فتأويل نص ما في الواقع ليس للبحث عن مقصد خفي وراءه، بل هو متابعة حركة المعنى نحو المرجع، أي نحو الخروج من العالم، أو بالأخرى نحو الخروج من أن نكون - في - العالم خروجا مفتوحا أمام النص. أن تؤول يعني أن تنشر الوسائط الجديدة التي يضعها الخطاب بين الإنسان والعالم. وتتصل بكلمة "المعنى" صفات ونعوت كثيرة، منها الخفي والضمني والظاهر والباطن والحرفي والنفسي... مما يعقد مسألة تعريفه أكثر فأكثر.
ولكن لماذا تعرف المعنى؟ ألا يحق لنا أن نتعامل معه تعاملا حتسيا مادامت العلوم اللسانية - على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في نطاقها - لم تقل الكلمة الفصل في هذا الموضوع؟ لعله من أطرف ما يقع عليه المرء بصدد معالجة قضية فحص العلاقة الشائكة الشائقة بين اللفظ والمعنى ما وجهه بعض الباحثين من نقد ذكر العبارة جارية على الألسن مفادها أن اللغة عاجزة عن التعبير وأن اللغة عبارة عن صياغة لفظية تسم بعض المعنى المقصود. وسرعان ما يوقفنا الشريف على موضع المفارقة في هذا الحكم الجائر قائلا: ألا يدل هذا التساؤل أنه يفترض مسبقا أننا نعتقد أن اللغة متمثلة في اللفظ لا في المعنى؟ ألا يدل اتهامنا للغة أنها عاجزة عن تأدية المعنى كاملا أننا نعتقد أن المعنى شيء خراج عن اللغة وعلى اللغة أن توصلنا إليه؟ بل يقلب الشريف المعادلة فيتساءل لو افترضنا مسبقا عكس ما
مضى وهو أن اللغة هي في أساسها المعنى، أفلا يتحول السؤال تساؤلا في قدرة اللفظ على التعبير عن اللغة ؟ أن مثل هذه التنبيهات تسعفنا برؤية غير تقليدية المقاربة المعنى واللفظ؛ وهي طريقة في النظر تحفزنا على طلب المعنى في صلب اللغة وبين أعطاف النظم، لا في النفس أو في الذهن، فحسب. فلا يعقل أن تغرى اللغة من المعنى وتشحن المعاني فقط خارجها، وإن كان هذا الرأي مجرد افتراض يقبل الدحض خصوصا وأن المعنى عسير الحد
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
فاللغة العربية ليست فقط لغة المسلمين، ووسيلة لتحقيق غاية أخرى وهي تعديل سلوك التلاميذ اللغوي من خلال...
1-تعتبر أسرة محمد آل علي الإبداع والإبتكار هي أول نقطة في الإنطلاق إلى التحسين في شتى المجالات حيث ق...
يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...
Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...
يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...
نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...
نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...
العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...
آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...
Network architects and administrators must be able to show what their networks will look like. They ...
السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يجيب عن أسئلة شفوية بمجلس النواب. قدم السيد مح...