Lakhasly

موضوعنا يبدأ مع خمس مجتمعات و هم "المجتمع المصري و العراقي و الهندي و الصيني والأنديز" و من المناطق الضيقة التي نشأت فيها المجتمعات المتحضرة الأولى كانت في وديان الأنهار لقد تفاعلت كل هذه العوامل الثلاثة ـ الزيادة السكانية، وإنهاك التربة، واستمرار الجفاف ـ على النحو المناسب لدفع البشرية. وكان تدهور المناخ نتيجة الجفاف في جميع هذه الحالات الخمس هو السبب النهائي للجوء الناس إلى وديان الأنهار، ولكن كان هناك عاملان آخران ساهما في دفع الناس إلى الرحيل حتى انتقلوا إلى أرض المستنقعات نفسها، ومن الجدير بالذكر أنه عندما اضطر المستوطنون إلى ذلك كانت المستنقعات والفيضانات أقل مما كانت عليه في العصور القديمة أثناء وجود الإنسان الزراعي. وقد أخرج الجفاف المستوطنين من منازلهم القديمة، ومن ثم من المناطق التي فروا إليها مؤقتاً، وكان العامل الأساسي في انخفاض مستمر في الفيضانات السنوية والمستنقعات في الأودية الداخلية، و وجدوا تقدماً تدريجياً معيناً يتحقق في حركة المستوطنين إلى الوديان الداخلية. و تمكنوا من إيجاد حلول لمشكلة السكان لفترة طويلة، إلى الحد الذي يسمح للمجتمعات المتحضرة بالنمو وإيجاد طرق جديدة تماما لتوسيع مواردها المادية التي يمكن أن تدعم الجنس البشري
ان المزارعين البدائيين قد عرفوا شيئا عن الازدحام الذي تعرضوا له مأخرا وذلك عندما بدات خبرتهم بزيادة عائلاتهم. و من الواضح أنهم اكتشفوا هذا عندمااصبحت خبرتهم قويه وذلك ادي الي صعوبه الخروج عليها أو انهائها اما فيما يتعلق بانهاك التربة فلا يوجد أي دليل على أن الشعوب في الازمنه ما قبل الحضارة قد بذلت أي محاولة لعمل أي شيء للتغلب على انهاك التربة ماعدا ترك هذه التربة الى اراض جديدة وفي الواقع هناك أدلة كثيرة على أنهم تركوا الارض مرات كثيرة حتي اننا افترضنا أنهم لم يقوموا بأي محاولة على الاطلاق لصيانة الأرض أو أنهم نجحوا في أي وسيلة لها تأثير او ذات قيمة و كان ذلك الوضع ايضا عندما بدات الجماعات المتحضرة في وقت متأخر في العالم الجديد بكثير عن الجزء الغربي من العالم القديم ووقعت الأزمة في الجزء الشمالي الشرقي من العالم القديم في وقت متاخر عن مجيئها في الجزء الغربي، الطبيعي فى الاجزاء الثلاثة من العالم المشار اليه فاللاجئون في الاقليم الغربي الزراعي لم يبحثوا عن الوديان العظيمة للنهر في ذلك الاقليم فقط، لم يمضي وقت طويل حتى ضمتهم الصين الشمالية الاصلية في حوض النهر الأصفر حيث نشأ المجتمع الصيني المتحضر و كانت الأزمة التي ادت الى خلق المجتمعات المتحضرة هي بذاتها والى درجة كبيرة الأزمة متكرره في كل اقليم
لقد تكونت اربع مجتمعات مختلفة متحضرة فى الاقليم الغربي الزراعى المجتمع المصرى والعراقي والهندي ومجتمع جزيرة كريب ومع أن الأزمة أوجدت مجتمعا واحدا في كل اقليم في حالة المجتمعات الثلاثة الأخرى ، وقد يكون هذا لأن الزراعة الغربية في العالم القديم والاحتفاظ بالماشية قد أدي إلى زيادة أكبر في السكان عن الزيادة التي جاءت بها الزراعات الأخرى، ولكن لا يمكن أن نقول : اننا نعرف هذا فربما كان اللاجئون المتعاقبون أقل، وليس من السهل الوصول الى شعوب الاقليم الغربي من العالم القديم، والتي أظن انهم كانوا هناك، اننا لا نعرف الأهمية النسبية للعوامل الثلاثة و هم زيادة السكان وانهاك التربة والجفاف فى الأقاليم الأربعة وربما كان في استطاعتنا أن نعرف مما سنذكره عن الديانات في الفصل الخامس أن الجفاف في جميع الحالات قد ظهر للشعوب بالنسبة الى كل منها على انه الخطر المشترك الكبير ، ولا توجد أدنى اشارة الى ان اى شعب من تلك الشعوب حاول مواجهة تزايد السكان عن طريق اتباع عملیات تحديد النسل كما فعل بعض البدائيين في التاريخ ..

ومن المحتمل جدا أن يكون الخصب الخاص وتجديد الأرض سنويا فى وديان النهر قد أبطلت تماما في واقع الامر تأثير انهاك التربة وهذه تكون مصادفة موفقة ، وقد يكون الأمر غير ذلك وربما يكون المهاجرون قد اكتشفوا هذا قبل أن يبحثوا عن مأوى آخر لهم في الوديان .

واعتقد أن اللاجئين ربما قد عرفوا وجود الوديان بزمن طويل قبل وصولهم اليها، وأنهم لم يعثروا عليها اثناء فرارهم اليائس ولكن وادى النهر لم يكن جذابا فى ذاته فى اي حالة كانت وكان في كل واد صعوبات
هائلة باعتباره موطنا العاملين بالزراعة

ومما لاشك فيه أن هذا هو السبب فى أن الشعوب المشتغلة بالزراعة لم تستقر فيها منذ زمن طويل ، وكانت الوديان في جميع الاوقات ماعدا فترات الفيضانات مملوءة بالمستنقعات وبالنباتات الكثيفة النمو والتي كانت من الصعب جدا تنقيتها ، ولكن كان لابد من انتزاعه اذا كان لابد من وجود حقول تكفى الزراعة

وقد وجد العلماء أماكن تبين حتى اليوم الظروف الطبيعية لبعض الوديان قبل أن يجعلها الانسان تحت ارادته ، فان النيل في ذلك الوقت كان ينبسط على نطاق أوسع في البلاد السودانية جنوب بحر الغزال ، اما وديان دجلة والفرات فعلى النقيض من ذلك ، اذ كانت تبدو في حالتها الأولية، ولكن على نطاق أضيق وأكثر رطوبة مما كانت عليه
في الاراضي ذات المستنقعات التي امتدت من شط العرب حيث يوجد في تلك القناة مياه الخليج العربي (الفارسي) (۱)
و ان الوادي الاسفل للنهر الاصفر لا يزال كما كان ينعكس في الوادي الأعلى
أما في حالة النيل فهناك مئه دليل ادبى يأكد ان بعض الأراضى البرية لا زالت باقية في الوادى ((۳) والسند الأول يعتبر شرحا لوصف طرق الصيد في الوادي الذي تكثر فيه المستنقعات ويبين السند الثاني انواع الطيور والحيوانات التي وجدت هذه الايام فقط على أفرع النهر العليا وبالمثل فان حالة الهندوس الأولى يمكن أن تعرفها جيدا عن طريق الحيوانات الخاصة ببلاد رطبة وهى قد اختفت الآن وقد وضحت منذ زمن طويل في البقايا
المصور التى عثر عليها موهنجو دارو (٤)
ان الفيضان السنوى وحده كان تهديدا لوجودهم وان مواطنهم الأولى كانت تكاد تكون محصورة دائما بأراض أبعد ما يمكن حتى لا يصل اليها الفيضان ،
وكانت مساحة الاراضي التي كانت رطبة لدرجة تكفى زراعة المحصولات تختلف اختلافا كبيرا على حسب الحالات المختلفة
وهذه الأراضي كانت جيدة