Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

ممثل الحاكم: واقعية زايد وسياساته جاء تعيين الشيخ زايد بن سلطان ممثلاً للحاكم في العين في أعقاب الحرب العالمية الثانية استجابة للظروف السياسية المحلية والدولية المتغيرة. وفيما يتعلق بتاريخ أبوظبي فقد جاء التعيين ليمثل تطوراً على قدر كبير من الأهمية، ومنذ عهد الشيخ شخبوط بن ذياب في عشرينيات القرن التاسع عشر لم يسبق لأحد أعيان عائلة آل نهيان أن حكم منطقة العين . في أواخر عام 1945 توفي في العين الشيخ خليفة بن زايد الكبير عميد أسرة آل نهيان ، ولم يباشر الشيخ زايد مهام منصبه لأنه كان يرافق ابن عمه الشيخ محمد بن خليفة في رحلة إلى الهند . ثم شد الرحال إلى العين بعد ذلك بمدة وجيزة . كان الشيخ زايد موجوداً في العين واستقبله هناك . وسرعان ما واجه ممثل الحاكم المعين حديثاً في العين بعض المشكلات الملحة، كانت واحة العين المنطقة الوحيدة من إمارة أبوظبي القابلة للزراعة بشكل مستمر وبالتالي فإن رخاءها كان مرتبطاً بتوافر الماء ، القرون الماضية من خلال شبكة من الأفلاج قنوات مائية ) كانت مياه جبل حفيت تنتقل واحتبس في مناطق أخرى بسبب عدم إزالة العوالق والترسبات بشكل منتظم، وفضلاً عن ذلك أدى ضعف نفوذ حاكم أبوظبي في الواحة إلى عجز العرفاء عن القيام بمهامهم بالنزاهة المطلوبة، وعلى الأثرياء القادرين على الدفع مقابل الحصول على هذا الامتياز . لذا كانت أول مهمة اقتصادية وإنسانية واجهت الشيخ زايد عند تعيينه ممثلاً للحاكم في العين عام 1946 هي ضمان حسن إدارة موارد المياه وإعادة انسيابها وتوزيعها، وقد منح الشيخ شخبوط أخاه الشيخ زايد سلطة كاملة لمعالجة هذا الأمر بالنيابة عنه، وعرف الشيخ زايد قبل تعيينه ممثلاً للحاكم في العين أنه على مدى أكثر من عشرين عاماً كانت قلة قليلة تمتلك أولوية الحصول على الماء، وكان تغيير الوضع الذي أضحى بعد فترة طويلة ممارسة راسخة يستفيد منها أفراد الأسرة الحاكمة بقدر كبير إلى جانب الأثرياء وأصحاب النفوذ أمراً يتطلب الحنكة والدبلوماسية . كانت قوة الشخصية أعظم سمات الشيخ زايد عندما عين ممثلاً للحاكم في العين، كما كان معروفاً وموثوقاً به عند أهل الواحة، على الرغم من أنه لم يكن قادراً حينها علىمكافأتهم بغير القليل من الدعم المادي. وبطبيعة الحال كان الشيخ زايد يحظى أيضاً بثقة أخيه حاكم أبوظبي، ولم يكن هناك ما يسبب خلافاً بينهما في تلك المرحلة على النحو الذي ظهر في سنوات لاحقة. ومما لا شك فيه أنه رأى أن نجاح الشيخ زايد في تعزيز نفوذ أبوظبي في العين سيكون في مصلحته كحاكم ومصلحة أسرته عموماً، بفائدة كبرى على الإمارة كلها . وسرعان ما ظهرت النتائج الإيجابية لتعيين الشيخ زايد ممثلاً للحاكم في العين؛ وكانت المهمة التي كلف بها الشيخ زايد المختصين هي تنظيف القنوات الحالية وإصلاح كل المواضع التي انهارت فيها الجدران الصخرية، وصار الشيخ زايد يتابع بنفسه سير هذا العمل ويقوم بتفقد تنفيذ الصيانة وأعمال الترميم بشكل منتظم، واتضحت الرسالة المعنية من خلال هذا الجهد الحثيث والمتواصل لأهل العين جميعاً، فللمرة الأولى حسبما يذكر أهل المنطقة وأن ما تبقى منها لا يكفي لسد احتياجات العدد المتزايد من سكان الواحة من المياه، وكان الحل المنطقي والحتمي هو محاولة إيجاد مصدر جديد لتزويد الواحة بموارد مائية أخرى، وهي عملية تتطلب مهارة هندسية، ولكنها في نهاية الأمر عمل بسيط . أما في أواخر الأربعينيات فلم تكن هناك أنابيب ممدودة في العين، وكان الخيار الوحيد المتاح حينها هو حشد طاقات أهل العين لحفر الأفلاج على الطريقة التقليدية . ولم يكن ذلك العمل ليتم بمجرد أن يأمر الشيخ زايد بشق قناة جديدة، لذا قام الشيخ زايد بزيارات متكررة إلى شيوخ وأبناء القبائل استمرت أشهراً عديدة. وقد استطاع بما يتمتع به من أناة وحصافة أن يزيل اعتراضاتهم إلى أن ضمن موافقتهم على تزويده بالرجال للبدء في حفر القنوات الجديدة. بل يقال إن قلة قليلة من عرب المنطقة كانت لديهم المهارة الكافية لبناء مثل هذه الشبكة، ومن ثم ينقل الماء في ممر يشبه السرداب تحت الأرض المسافة تصل إلى 1500 متر قبل أن يصل إلى السطح، ويتطلب نظام الري هذا معدلات ثابتة ومستمرة من الأمطار لكي ينساب الماء بمقدار ثابت، وقد بدأت الشبكة عملها بشكل متكامل بعد نحو عقدين . كما قام الشيخ زايد أثناء تنفيذ مشروع فلج " الصاروج " بإدخال إصلاحات شاملة على نظام توزيع المياه نفسه ؛ فوفقاً للترتيبات المعمول بها يتدفق الماء من القناة الرئيسية عبر القنوات الجانبية في توقيتات معينة تفصل بينها فترات محددة، لقد كان ذلك الوضع متعارضاً تماماً مع مفهوم الشيخ زايد للعدالة، ففي رأيه أن مياه الفلج التي تأتي من باطن الأرض حق مشترك وعام لكل الذين يعيشون على الأرض ، وكان تصميمه على توفير المياه للجميع نابعاً من إيمانه العميق والتزامه 42 43 بالتعاليم الإسلامية بالإضافة إلى إحساسه بالمسؤولية والتزامه بالتقاليد . وما إن ظهرت احتمالات توافر المياه بتكلفة منخفضة حتى بدأت تختفي سوق بيع مياه الأفلاج التي كانت تدر أرباحاً طائلة على المحتكرين الذين باتوا يرون أن من مصلحتهم أن يتبعوا خطط الشيخ زايد وأوامره في هذا الصدد، وتبعاً لذلك صارت المياه متاحة للجميع مجاناً مع انتهاء فترة حكم الشيخ زايد للعين . ولكن الطريقة التي حقق بها الشيخ زايد هذا الإنجاز العظيم لا تقل أهمية من حيث ما انطوت عليه من دلالات . إذ أظهر الشيخ زايد التزامه الشخصي بإنجاز المشروع عندما شارك بنفسه في أعمال الحفر، فها هو زعيم لا يكتفي بالحديث عن أهمية العمل، ولم يكن أسلوب الشيخ زايد في إدارة الأمور باعتباره ممثلاً للحاكم في العين قائماً على إصدار الأوامر والتعليمات الصارمة للآخرين، وقد تعززت مهارته في الإقناع وازداد نفوذه مع ذيوع القصص وتعدد الروايات حول قوة شخصيته ونجاح جهوده في كافة أنحاء إمارة أبوظبي ؛ حيث يتبادلان الحوار بكل ود وترحاب فإذا لم يستجب هذا الزعيم فإن الشيخ زايد يعاود الكرة معه حتى يقتنع ويستجيب لرأيه وفيما يتعلق بمهمة إعادة توزيع المياه بصورة عادلة في العين فقد استغرق الأمر من الشيخ زايد نحو عقدين لتحقيق كل ما يطمح إليه من أجل شعبه ؛ وقد بدأ بتقديم القدوة الحسنة حين تنازل عن مطالبته بحقه في الماء، ولم يشكك أحد من المقربين منه في العين في قدرته على اتخاذ قرارات حازمة، بدليل أنه عندما كان يحكم في المنازعات لم يتوان في إصدار الأحكام الصارمة عند الضرورة، غير أنه كان يسعى قبل ذلك إلى كسب ود الآخرين وضمهم إلى صفه. حيث كان يتجول بينهم على صهوة فرس أو على ظهر جمل، وفي مرحلة لاحقة في سيارة تنتقل بين أنحاء العين . وكما أشار جوليان ووكر عندما كان يعمل في مطلع شبابه ضابطاً سياسياً بريطانياً في الإمارات المتصالحة : وكانوا يتحدثون إلى الشيخ زايد وينادونه باسمه، وكان الشيخ زايد يصغي إلى كل حالة ويناقش بعض الحالات أحياناً مع الشيوخ الموجودين حوله، ونحن جلوس حول النار التي توقد في المساء نحتسي الشاي، بينما الرجال من حولنا يتجاذبون أطراف الحديث بدأت حينها أتفهم الأسباب التي جعلت الشيخ زايد يحظى بهذا القدر من الاحترام والتقدير، ليس بين أتباعه فقط ولكن أيضاً في أوساط القبائل التي تعيش في المنطقة الواسعة حول واحة البريمي [العين]. ونتيجة لذلك فإنه حتى القبائل المخالفة لبني ياس أضحت تكن تقديراً خاصاً للشيخ زايد، مما مكنه حينها من زيارة هذه القبائل التي رحبت به ترحيباً لا يلقاه أي من أفراد أسرته الحاكمة. وإذا كانت سياسة التنمية والتطوير التي تبناها الشيخ زايد لمصلحة شعبه قد بدأت بالإصلاحات في مجال الري ، فمع نهاية الفترة التي قضاها في منصب ممثل الحاكم في العين كان الشيخ زايد قد أتاح لأهالي العين الحصول على خدمات تعليمية وصحية، ويروى عن الشيخ زايد أنه كان . وعندما أصبح حاكماً لإمارة أبوظبي عام 1966 تحولت أحلامه إلى حقيقة واقعة بفضل عزيمته وإصراره على تحسين مستوى معيشة شعبه . لقد أصبح أسلوب الشيخ زايد في الحكم نهجاً جديداً لم تعرفه إمارة أبوظبي من قبل، وأثناء وجود الشيخ زايد في العين كان إخوته يترددون عليه، بل إن صيته وشهرته قد وصلا إلى قبائل الربع الخالي قرب الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية. ويحدثنا الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسيجر عن أنه قد سمع عن الشيخ زايد قبل أن يلقاه في واحترموا فيه قوة شخصيته وحكمته وقوته الجسمانية. ويعرف كيف يقاتل » : 47 ورأى بعينيه يوماً بعد يوم ليس بوصفه بدوياً فحسب " كواحد ولكن بوصفه زعيماً كسب ولاءهم واحترامهم المنقطع النظير . التطورات الإقليمية وتعاظم دور الشيخ زايد ويعتبر النزاع الذي وقع بين أبوظبي ودبي خلال الفترة 1945 - 1948 واحداً من الأمثلة التي تجسد ما يمكن أن يحدث في حالة غياب مثل هذه السيطرة، وتعود جذور هذا النزاع إلى خلاف حدودي بسيط بدأ قبل أن يتولى الشيخ زايد منصبه في العين، وما لبث أن تحول إلى نزاع موسع بين القبائل البدوية المتحالفة في الإمارتين، وسرعان ما تبين بعد ذلك أن أياً من حاكمي الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام . فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، ولم يعترف ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، قبائل دبي. ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 . كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ وتحديداً في صيف عام 1950 ، العقوبة قاسية من قبله . الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام . فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، ولم يعترف ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، قبائل دبي. ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 . كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ وتحديداً في صيف عام 1950 ، العقوبة قاسية من قبله . الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام . فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، ولم يعترف ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، قبائل دبي. ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 . كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ وتحديداً في صيف عام 1950 ، العقوبة قاسية من قبله . الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام . فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، ولم يعترف ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، قبائل دبي. ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 . كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ وتحديداً في صيف عام 1950 ،


Original text

ممثل الحاكم: واقعية زايد وسياساته
جاء تعيين الشيخ زايد بن سلطان ممثلاً للحاكم في العين في أعقاب الحرب العالمية الثانية استجابة للظروف السياسية المحلية والدولية المتغيرة. وفيما يتعلق بتاريخ أبوظبي فقد جاء التعيين ليمثل تطوراً على قدر كبير من الأهمية، إذ إنه يعكس أهمية العين في تاريخ الدولة وتطورها. ومنذ عهد الشيخ شخبوط بن ذياب في عشرينيات القرن التاسع
عشر لم يسبق لأحد أعيان عائلة آل نهيان أن حكم منطقة العين . 33
في أواخر عام 1945 توفي في العين الشيخ خليفة بن زايد الكبير عميد أسرة آل نهيان ، ورغم تقدمه في السن فإنه على حد تعبير المقدم جالواي Galloway ، المقيم السياسي في البحرين حينذاك : كان رجلاً له دوره البارز في تسيير شؤون أبوظبي، وكان المستشار الرئيسي للشيخ شخبوط والمؤتمن على أسراره . 34 ورغم أنه لم يكن يشغل منصباً رسمياً في العين، فإن وفاته قد تركت فراغاً في الساحة السياسية، وسارع الشيخ شخبوط إلى ملء هذا الفراغ بتعيين أخيه الأصغر الشيخ زايد ممثلاً رسمياً له . غير أننا لا نعرف تاريخاً محدداً ومؤكداً لتعيين الشيخ زايد في هذا المنصب، ولم يباشر الشيخ زايد مهام منصبه لأنه كان يرافق ابن عمه الشيخ محمد بن خليفة في رحلة إلى الهند . وفي 17 كانون الثاني / يناير 1946 عاد الشيخ زايد إلى أبوظبي، ثم شد الرحال إلى العين بعد ذلك بمدة وجيزة . ولكن المؤكد أنه عندما زار أحد مسؤولي النفط البريطانيين واسمه بي . إتش . لیرمایت B.H. Lermitte. منطقة العين في 15 شباط / فبراير 1946 تقريباً من السنة نفسها ، كان الشيخ زايد موجوداً في العين واستقبله هناك . 36 35
وسرعان ما واجه ممثل الحاكم المعين حديثاً في العين بعض المشكلات الملحة، فقد
كانت واحة العين المنطقة الوحيدة من إمارة أبوظبي القابلة للزراعة بشكل مستمر
ومتواصل، وبالتالي فإن رخاءها كان مرتبطاً بتوافر الماء ، وقد توافر الماء على مدى
القرون الماضية من خلال شبكة من الأفلاج قنوات مائية ) كانت مياه جبل حفيت تنتقل
عبرها لتصل إلى القرى . وقد كلفت مجموعة من المسؤولين ( العرفاء) بصيانة الشبكة
وتوزيع المياه، غير أن أعمال الصيانة توقفت نظراً لقلة الاعتمادات المخصصة لها أوانعدامها بسبب الأزمات المالية الشديدة التي تعرضت لها الإمارة في فترة الثلاثينيات . وقد تناقص تدفق الماء في بعض الأفلاج، كما توقف تماماً في بعضها الآخر، واحتبس في مناطق أخرى بسبب عدم إزالة العوالق والترسبات بشكل منتظم، وفضلاً عن ذلك أدى ضعف نفوذ حاكم أبوظبي في الواحة إلى عجز العرفاء عن القيام بمهامهم بالنزاهة المطلوبة، ويوماً بعد يوم أضحى الحصول على الماء الذي يعد أثمن ما في هذه المنطقة القاحلة مقصوراً على كبار الشخصيات والأعيان، وعلى الأثرياء القادرين على الدفع
مقابل الحصول على هذا الامتياز .
لذا كانت أول مهمة اقتصادية وإنسانية واجهت الشيخ زايد عند تعيينه ممثلاً للحاكم في العين عام 1946 هي ضمان حسن إدارة موارد المياه وإعادة انسيابها وتوزيعها، وكان ذلك يمثل أهم الخدمات التي ينتظرها الناس، فمن دون ضمان توافر الماء وتوزيعه على السكان فإن الواحة برمتها قد تغدو في نهاية الأمر غير صالحة للعيش فيها. وقد منح الشيخ شخبوط أخاه الشيخ زايد سلطة كاملة لمعالجة هذا الأمر بالنيابة عنه، ولكنه لم يوفر له أي أموال أو موارد أخرى للقيام بهذه المهمة. وعرف الشيخ زايد قبل تعيينه ممثلاً للحاكم في العين أنه على مدى أكثر من عشرين عاماً كانت قلة قليلة تمتلك أولوية الحصول على الماء، بينما يواجه الذين لا تصل إليهم حصة معقولة من المياه اللازمة لري محاصيلهم مصاعب جمة، وكان تغيير الوضع الذي أضحى بعد فترة طويلة ممارسة راسخة يستفيد منها أفراد الأسرة الحاكمة بقدر كبير إلى جانب الأثرياء وأصحاب النفوذ
أمراً يتطلب الحنكة والدبلوماسية .
كانت قوة الشخصية أعظم سمات الشيخ زايد عندما عين ممثلاً للحاكم في العين، كما كان معروفاً وموثوقاً به عند أهل الواحة، وكان يلتقي دائماً في مقر إقامته بالعين مع رجال القبائل الذين يتوافدون عليه ليفضوا إليه بهمومهم ويطرحوا عليه مطالبهم، أو المجرد التحدث إليه، وقد مكنته هذه اللقاءات من نيل الدعم الفعلي من سكان الواحة المبادراته وأفكاره الخاصة بتطوير المنطقة، على الرغم من أنه لم يكن قادراً حينها علىمكافأتهم بغير القليل من الدعم المادي. وبطبيعة الحال كان الشيخ زايد يحظى أيضاً بثقة أخيه حاكم أبوظبي، ولم يكن هناك ما يسبب خلافاً بينهما في تلك المرحلة على النحو الذي ظهر في سنوات لاحقة. ومن غير المنطقي افتراض ضعف ثقة الشيخ شخبوط بأخيه الأصغر ؛ ذلك لأن حاكماً ذا حس سياسي كالشيخ شخبوط ما كان ليسلم إحدى أهم مناطق إمارته لمن لا يثق به، ومما لا شك فيه أنه رأى أن نجاح الشيخ زايد في تعزيز نفوذ أبوظبي في العين سيكون في مصلحته كحاكم ومصلحة أسرته عموماً، كما سيعود
بفائدة كبرى على الإمارة كلها .
وسرعان ما ظهرت النتائج الإيجابية لتعيين الشيخ زايد ممثلاً للحاكم في العين؛ فقد أصدر تعليماته - بموجب الصلاحيات الممنوحة له - بإجراء صيانة شاملة لشبكة الأفلاج وترميمها، وكانت هذه الشبكة هي التي تسحب المياه الجوفية العميقة المختزنة في باطن الأرض حول جبل حفيت، ومن ثم توصلها إلى القرى القريبة من خلال شبكة من المجاري والقنوات الأرضية القديمة المغطاة بالصخور، وكانت المهمة التي كلف بها الشيخ زايد المختصين هي تنظيف القنوات الحالية وإصلاح كل المواضع التي انهارت فيها الجدران الصخرية، وصار الشيخ زايد يتابع بنفسه سير هذا العمل ويقوم بتفقد تنفيذ الصيانة وأعمال الترميم بشكل منتظم، وفي بعض الأحيان كان يقوم بزيارات مفاجئة للوقوف على ما تحقق من تقدم في إنجاز هذه المهمة، وأصبحت هذه السمة من الخصائص المميزة لشخصية الشيخ زايد، وكانت المهمة شاقة وعسيرة، وأخذ ممثل الحاكم يشارك في إنجاز هذه الأعمال شخصياً بتواضع، واتضحت الرسالة المعنية من خلال هذا الجهد الحثيث والمتواصل لأهل العين جميعاً، فللمرة الأولى حسبما يذكر أهل المنطقة
يأتي مسؤول مصمم على وضع حد للإهمال في الواحة . 37
وبعد الانتهاء من تنظيف القنوات المائية أصبح من الواضح أن كثيراً من الأفلاج قد جفت تماماً، وأن ما تبقى منها لا يكفي لسد احتياجات العدد المتزايد من سكان الواحة من المياه، وكان الحل المنطقي والحتمي هو محاولة إيجاد مصدر جديد لتزويد الواحة بموارد مائية أخرى، وفي الأعوام اللاحقة كان الأمر يقتضي مجرد تمديد أنابيب عبرالجبال وتوصيلها إلى القرى، وهي عملية تتطلب مهارة هندسية، ولكنها في نهاية الأمر عمل بسيط . أما في أواخر الأربعينيات فلم تكن هناك أنابيب ممدودة في العين، ولم تتوافر الأموال اللازمة لهذا العمل أصلاً، وكان الخيار الوحيد المتاح حينها هو حشد
طاقات أهل العين لحفر الأفلاج على الطريقة التقليدية . 38
ولم يكن ذلك العمل ليتم بمجرد أن يأمر الشيخ زايد بشق قناة جديدة، بل اقتضى الأمر حث جميع الأهالي في مراكز إقامتهم وإقناعهم بأن شق الأفلاج يصب في مصلحتهم المشتركة ؛ لذا قام الشيخ زايد بزيارات متكررة إلى شيوخ وأبناء القبائل استمرت أشهراً عديدة. وقد استطاع بما يتمتع به من أناة وحصافة أن يزيل اعتراضاتهم إلى أن ضمن موافقتهم على تزويده بالرجال للبدء في حفر القنوات الجديدة. ومن المعروف أنه لم يقدم أحد على تنفيذ مشروع بهذه الضخامة من قبل، حيث إن معظم هذه الأفلاج ضاربة في القدم، ويعود وجودها إلى عدة قرون ماضية؛ بل يقال إن قلة قليلة من عرب المنطقة كانت لديهم المهارة الكافية لبناء مثل هذه الشبكة، غير أن إكمال بناء فلج " الصاروج " - وهو الاسم الذي أطلق على المشروع - أثبت خطأ المتشككين
في نجاحه .. 39
كان حجم المهمة كبيراً، إذ اقتضت شق نفق على عمق 35 متراً تحت سطح الأرض في أغلب مراحلها، علماً بأن التهوية والإنارة عند هذا العمق محدودتان للغاية وسط صخور مليئة بالشقوق والصدوع، ويسحب هذا النفق الماء ضمن طبقات صخرية مائية موجودة بالفعل، ومن ثم ينقل الماء في ممر يشبه السرداب تحت الأرض المسافة تصل إلى 1500 متر قبل أن يصل إلى السطح، ويتطلب نظام الري هذا معدلات ثابتة ومستمرة من الأمطار لكي ينساب الماء بمقدار ثابت، فلا يكون سريعاً في الاندفاع ولا بطيئاً أكثر مما . 40 لقد كان لبني ياس وحلفائهم الدور الأكبر في شق النفق وبناء شبكة القنوات
السطحية لتوزيع المياه، وقد بدأت الشبكة عملها بشكل متكامل بعد نحو عقدين .. 41
كما قام الشيخ زايد أثناء تنفيذ مشروع فلج " الصاروج " بإدخال إصلاحات شاملة على نظام توزيع المياه نفسه ؛ فوفقاً للترتيبات المعمول بها يتدفق الماء من القناة الرئيسية
عبر القنوات الجانبية في توقيتات معينة تفصل بينها فترات محددة، وكان الهدف من ذلك هو إيصال الماء بحصص متساوية إلى من يحتاجون إليه مقابل مبلغ محدد، ولكن الميزان العادل لتوزيع المياه قد اختل مع مرور الوقت، إذ استطاع الأثرياء أن يحصلوا على حقوق متزايدة من المياه؛ ليبيعوها بعد ذلك إلى الآخرين محققين أرباحاً طائلة، وكان ذلك يعني أن الفقراء لن يتمكنوا من شراء الماء بتلك الأسعار الباهظة، وبذلك فقد
حرموا من الحصول عليه .
لقد كان ذلك الوضع متعارضاً تماماً مع مفهوم الشيخ زايد للعدالة، ففي رأيه أن مياه الفلج التي تأتي من باطن الأرض حق مشترك وعام لكل الذين يعيشون على الأرض ، وكان تصميمه على توفير المياه للجميع نابعاً من إيمانه العميق والتزامه 42 43 بالتعاليم الإسلامية بالإضافة إلى إحساسه بالمسؤولية والتزامه بالتقاليد . ومن هذا المنطلق مارس الشيخ زايد أثناء العمل في مشروع فلج "الصاروج " ضغوطاً على من يملكون موارد المياه لانتهاج أسلوب عادل في توزيعها، وفي البداية لم يحقق ذلك فائدة تذكر، ولكن ما إن اكتملت مراحل مشروع فلج الصاروج حتى أعلن الشيخ زايد أن ماء المشروع الجديد سيكون للفقراء وحدهم، أما أولئك الذين لديهم حقوق ري سابقة فلن يكون من حقهم الاستفادة منه. وما إن ظهرت احتمالات توافر المياه بتكلفة منخفضة حتى بدأت تختفي سوق بيع مياه الأفلاج التي كانت تدر أرباحاً طائلة على المحتكرين
الذين باتوا يرون أن من مصلحتهم أن يتبعوا خطط الشيخ زايد وأوامره في هذا الصدد، وإن لم يفعلوا فإنهم سوف يحرمون من أي حصة في المياه المتدفقة من المصدر الجديد؛ وتبعاً لذلك صارت المياه متاحة للجميع مجاناً مع انتهاء فترة حكم الشيخ زايد للعين .
كانت الإصلاحات في مجال توفير المياه حدثاً مهماً للغاية في تاريخ أبوظبي، ولكن الطريقة التي حقق بها الشيخ زايد هذا الإنجاز العظيم لا تقل أهمية من حيث ما انطوت عليه من دلالات . . ولعل أهم ما يستوقفنا هنا ا هو تقديم المثل والقدوة الحسنة، إذ أظهر الشيخ زايد التزامه الشخصي بإنجاز المشروع عندما شارك بنفسه في أعمال الحفر، ومن الصعب أن نتخيل رجلاً آخر في مكانة الشيخ زايد في أبوظبي يعمل جنباً إلى جنب مع رجال القبائل في حفر نفق عميق داخل الأرض. وسرعان ما انتشرت أخبار مشاركته في أعمال الحفر في أوساط القبائل، فها هو زعيم لا يكتفي بالحديث عن أهمية العمل، بل يقدم القدوة ويشارك بنفسه في إنجازه، ولم يكن أسلوب الشيخ زايد في إدارة الأمور باعتباره ممثلاً للحاكم في العين قائماً على إصدار الأوامر والتعليمات الصارمة للآخرين، وإنما كانوا من فرط إعجابهم بشخصيته واقتناعهم بحسن تدبيره يمتثلون دائماً بشكل تلقائي لخططه وتوجيهاته، وقد تعززت مهارته في الإقناع وازداد نفوذه مع ذيوع القصص وتعدد الروايات حول قوة شخصيته ونجاح جهوده في كافة أنحاء إمارة أبوظبي ؛ وعلى سبيل المثال فإن زعيم أي قبيلة مهما أبدى من تمرد وجنوح عن خط الجماعة سرعان ما يرضى متى زاره الشيخ زايد، أو تلقى دعوة منه لزيارته في مجلسه غير الرسمي تحت شجرة قرب قلعة المريجب، حيث يتبادلان الحوار بكل ود وترحاب فإذا لم يستجب هذا الزعيم فإن الشيخ زايد يعاود الكرة معه حتى يقتنع ويستجيب لرأيه
في نهاية المطاف .
وفيما يتعلق بمهمة إعادة توزيع المياه بصورة عادلة في العين فقد استغرق الأمر من الشيخ زايد نحو عقدين لتحقيق كل ما يطمح إليه من أجل شعبه ؛ وقد بدأ بتقديم القدوة الحسنة حين تنازل عن مطالبته بحقه في الماء، وأقنع المقربين منه لاحقاً بالسير على خطاه والاقتداء بما فعل، وعندما لم تستجب فئة قليلة لرغبته تلك لمح إلى الضرر الذي قد يلحق بهم إذا لم يستجيبوا الطلبه ، ولم يشكك أحد من المقربين منه في العين في قدرته على اتخاذ قرارات حازمة، بدليل أنه عندما كان يحكم في المنازعات لم يتوان في إصدار الأحكام الصارمة عند الضرورة، غير أنه كان يسعى قبل ذلك إلى كسب ود الآخرين وضمهم إلى صفه. وقد برهن أسلوب حياته على ثقته في شعبه، حيث كان يتجول بينهم على صهوة فرس أو على ظهر جمل، وفي مرحلة لاحقة في سيارة تنتقل بين أنحاء العين . وكما أشار جوليان ووكر عندما كان يعمل في مطلع شبابه ضابطاً سياسياً بريطانياً في الإمارات المتصالحة :
كان كبار السن من البدو وسكان القرى بملابسهم البالية، ولكن بطلعتهم المليئة بعزة النفس والاستقلالية، يأتون إليه عندما تقف سيارة اللاندروفر التي يستقلها أو في استراحة المجلس المشيدة من سعف النخيل في المساء. وكانوا يتحدثون إلى الشيخ زايد وينادونه باسمه، يعرضون عليه الخلافات القائمة بينهم حول الإبل، أو مشكلاتهم مع جيرانهم، أو المصاعب التي يواجهونها في الحصول على الماء، ويطلبون مساعدته في حلها . وكان الشيخ زايد يصغي إلى كل حالة ويناقش بعض الحالات أحياناً مع الشيوخ الموجودين حوله، ثم يصدر قراراً يتم تسجيله - إذا دعت الحاجة - على ورقة مختومة بخاتمه على ظهرها ... ليست هناك مظاهر دالة على العظمة المعروفة عن الحكام في المشرق، بل ترى الكياسة والتواضع والوقار، وقد تعزز هذا المشهد بالحياء البادي على ذلك الرجل الفقير الذي قطع حديثنا وهو يطلب المساعدة من شيخه المبادر إلى المساعدة دوماً ... ونحن جلوس حول النار التي توقد في المساء نحتسي الشاي، بينما الرجال من حولنا يتجاذبون أطراف الحديث بدأت حينها أتفهم الأسباب التي جعلت الشيخ زايد يحظى بهذا القدر من الاحترام والتقدير، ليس بين أتباعه فقط ولكن أيضاً في أوساط القبائل التي تعيش في المنطقة الواسعة حول واحة البريمي [العين]. إن كرمه وعدالته
ينسجمان تماماً مع كبرياء العرب الذين يعيشون في المنطقة وطبيعتهم . 45
ونتيجة لذلك فإنه حتى القبائل المخالفة لبني ياس أضحت تكن تقديراً خاصاً للشيخ زايد، مما مكنه حينها من زيارة هذه القبائل التي رحبت به ترحيباً لا يلقاه أي من أفراد أسرته الحاكمة. وإذا كانت سياسة التنمية والتطوير التي تبناها الشيخ زايد لمصلحة شعبه قد بدأت بالإصلاحات في مجال الري ، فإنها لم تتوقف عند ذلك الحد، فمع نهاية الفترة التي قضاها في منصب ممثل الحاكم في العين كان الشيخ زايد قد أتاح لأهالي العين الحصول على خدمات تعليمية وصحية، كما بنى لهم سوقاً جديدة، وشيد طرقاً أفضل. ويروى عن الشيخ زايد أنه كان . ، يرسم بعصاه أشكالاً في الرمل، ويقول : فلتشيد مدرسة هنا ومستشفى هنا . وذلك في الوقت الذي كانت فيه مثل هذه المرافق غير متوافرة في المنطقة بأسرها. وعندما أصبح حاكماً لإمارة أبوظبي عام 1966 تحولت أحلامه إلى حقيقة واقعة بفضل عزيمته وإصراره على تحسين مستوى معيشة شعبه .
لقد أصبح أسلوب الشيخ زايد في الحكم نهجاً جديداً لم تعرفه إمارة أبوظبي من قبل، وكان الشيخ شخبوط ينعزل تدريجياً في قصر الحصن مقر الحاكم في أبوظبي .وأثناء وجود الشيخ زايد في العين كان إخوته يترددون عليه، غير أنهم لم يحظوا بما حظي به من محبة طبيعية وولاء صادق من رجال القبائل، بل إن صيته وشهرته قد وصلا إلى قبائل الربع الخالي قرب الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية. ويحدثنا الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسيجر عن أنه قد سمع عن الشيخ زايد قبل أن يلقاه في
مخيمه بفترة طويلة :
اكنت أتطلع إلى لقائه، لأن له سمعة عظيمة بين البدو، لقد أحبوه بسبب بساطته وتصرفاته العفوية ومودته، واحترموا فيه قوة شخصيته وحكمته وقوته الجسمانية. وكانوا يقولون عنه بإعجاب : زايد بدوي، خبير بالإبل، ويمتطيها مثلما يفعل أي واحد
منا، ويجيد إطلاق النار، ويعرف كيف يقاتل » : 47
لقد حل ويلفرد ثيسيجر ضيفاً على الشيخ زايد لمدة شهر، ورأى بعينيه يوماً بعد يوم
كيف حقق الشيخ زايد لنفسه هذه السمعة بين القبائل، ليس بوصفه بدوياً فحسب " كواحد
مناء كما كانوا يقولون، ولكن بوصفه زعيماً كسب ولاءهم واحترامهم المنقطع النظير .
التطورات الإقليمية وتعاظم دور الشيخ زايد
لعل أهم ما كان يملكه الشيخ زايد في صراعه الحاسم لتحقيق استقلالية أبوظبي وتعزيز مكانتها هو تقدير رجال القبائل وتأييدهم له وإعجابهم بشخصيته ، ذلك أن طبيعة النظام القبلي يمكن أن تكون سبباً لعدم الاستقرار في مرحلة مضطربة كتلك التي كانت تمر بها المنطقة. وكان الشيخ زايد يدرك أن الحياة الصحراوية لرجال القبائل بطبيعتها لا تتيح إلا فرصة للعيش في حدود الكفاف في ظل موارد رزق محدودة، وأن من السهل عليهم أن يعودوا إلى شن الغارات وسلب الغنائم لسد احتياجاتهم ؛ لذا كان من المهم أن تتعاون حكومات المنطقة معاً في السيطرة على القبائل. ويعتبر النزاع الذي وقع بين أبوظبي ودبي خلال الفترة 1945 - 1948 واحداً من الأمثلة التي تجسد ما يمكن أن يحدث في حالة غياب مثل هذه السيطرة، وتعود جذور هذا النزاع إلى خلاف حدودي بسيط بدأ قبل أن يتولى الشيخ زايد منصبه في العين، وما لبث أن تحول إلى نزاع موسع بين القبائل البدوية المتحالفة في الإمارتين، وسرعان ما تبين بعد ذلك أن أياً من حاكمي الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . ويمكن القول بأن النزاع الذي وقع بين حاكمي الإمارتين ذو طابع شخصي بالدرجة الأولى، أكثر من كونه تضارباً في أي منهما بأن سبب الخلاف هو عدم خضوع القبائل المعنية لسيطرته. وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام .
المصالح بين الإمارتين؛ فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، غير أن حاكم أبوظبي الشيخ شخبوط وحاكم دبي الشيخ سعيد تمسكا بموقفيهما، ولم يعترف
وكما اتضح لاحقاً فإن الشيخ زايد كان المفاوض والمتحدث الوحيد الذي كان رأيه مع حاكم دبي على أرض الشارقة، ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، وقد هددت هذه القبائل بأن تسعى إلى انتزاع تعويضاتها من 49
مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، فقد رافق أخاه الشيخ شخبوط إلى اجتماع
قبائل دبي. ثم ذهب الشيخ زايد . إلى المناصير مصحوباً أ هذه هذه ! المرة بأخيه الشيخ شيخ . هزاع . في محاولة لضمان استمرار السلام، ولكنه لم ينجح في التوصل إلى تسوية دائمة ، وقد
تناقصت الغارات تدريجياً، ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 .
كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ فرجال القبائل ليسوا كالجنود النظاميين المنضبطين الذين يقاتلون ويتوقفون عن القتال حسب الأوامر الصادرة إليهم من قادتهم، فرغم أن حاكمي أبو ظبي ودبي قد عبرا عن رغبتهما في التوصل إلى اتفاق، فإن تداعيات النزاعات القبلية ظلت قائمة. وفي وقت لاحق، وتحديداً في صيف عام 1950 ، تحدث المقيم السياسي عن تداول شائعات تقول إن الشيخ زايد وهو أقوى وأشجع شخصية على نطاق المشيخة كان يحشد رجالاً مسلحين في استعراض للقوة ضد القبائل المنشقة . ولم تكن تلك محاولة الإضرام النزاع مرة أخرى، بل كانت تذكرة لكل القبائل بأن استمرار قيامها بالغارات قد يعرضها 51
العقوبة قاسية من قبله ... الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . ويمكن القول بأن النزاع الذي وقع بين حاكمي الإمارتين ذو طابع شخصي بالدرجة الأولى، أكثر من كونه تضارباً في أي منهما بأن سبب الخلاف هو عدم خضوع القبائل المعنية لسيطرته. وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام .
المصالح بين الإمارتين؛ فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، غير أن حاكم أبوظبي الشيخ شخبوط وحاكم دبي الشيخ سعيد تمسكا بموقفيهما، ولم يعترف
وكما اتضح لاحقاً فإن الشيخ زايد كان المفاوض والمتحدث الوحيد الذي كان رأيه مع حاكم دبي على أرض الشارقة، ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، وقد هددت هذه القبائل بأن تسعى إلى انتزاع تعويضاتها من 49
مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، فقد رافق أخاه الشيخ شخبوط إلى اجتماع
قبائل دبي. ثم ذهب الشيخ زايد . إلى المناصير مصحوباً أ هذه هذه ! المرة بأخيه الشيخ شيخ . هزاع . في محاولة لضمان استمرار السلام، ولكنه لم ينجح في التوصل إلى تسوية دائمة ، وقد
تناقصت الغارات تدريجياً، ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 .
كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ فرجال القبائل ليسوا كالجنود النظاميين المنضبطين الذين يقاتلون ويتوقفون عن القتال حسب الأوامر الصادرة إليهم من قادتهم، فرغم أن حاكمي أبو ظبي ودبي قد عبرا عن رغبتهما في التوصل إلى اتفاق، فإن تداعيات النزاعات القبلية ظلت قائمة. وفي وقت لاحق، وتحديداً في صيف عام 1950 ، تحدث المقيم السياسي عن تداول شائعات تقول إن الشيخ زايد وهو أقوى وأشجع شخصية على نطاق المشيخة كان يحشد رجالاً مسلحين في استعراض للقوة ضد القبائل المنشقة . ولم تكن تلك محاولة الإضرام النزاع مرة أخرى، بل كانت تذكرة لكل القبائل بأن استمرار قيامها بالغارات قد يعرضها 51
العقوبة قاسية من قبله ...الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . ويمكن القول بأن النزاع الذي وقع بين حاكمي الإمارتين ذو طابع شخصي بالدرجة الأولى، أكثر من كونه تضارباً في أي منهما بأن سبب الخلاف هو عدم خضوع القبائل المعنية لسيطرته. وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام .
المصالح بين الإمارتين؛ فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، غير أن حاكم أبوظبي الشيخ شخبوط وحاكم دبي الشيخ سعيد تمسكا بموقفيهما، ولم يعترف
وكما اتضح لاحقاً فإن الشيخ زايد كان المفاوض والمتحدث الوحيد الذي كان رأيه مع حاكم دبي على أرض الشارقة، ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، وقد هددت هذه القبائل بأن تسعى إلى انتزاع تعويضاتها من 49
مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، فقد رافق أخاه الشيخ شخبوط إلى اجتماع
قبائل دبي. ثم ذهب الشيخ زايد . إلى المناصير مصحوباً أ هذه هذه ! المرة بأخيه الشيخ شيخ . هزاع . في محاولة لضمان استمرار السلام، ولكنه لم ينجح في التوصل إلى تسوية دائمة ، وقد
تناقصت الغارات تدريجياً، ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 .
كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ فرجال القبائل ليسوا كالجنود النظاميين المنضبطين الذين يقاتلون ويتوقفون عن القتال حسب الأوامر الصادرة إليهم من قادتهم، فرغم أن حاكمي أبو ظبي ودبي قد عبرا عن رغبتهما في التوصل إلى اتفاق، فإن تداعيات النزاعات القبلية ظلت قائمة. وفي وقت لاحق، وتحديداً في صيف عام 1950 ، تحدث المقيم السياسي عن تداول شائعات تقول إن الشيخ زايد وهو أقوى وأشجع شخصية على نطاق المشيخة كان يحشد رجالاً مسلحين في استعراض للقوة ضد القبائل المنشقة . ولم تكن تلك محاولة الإضرام النزاع مرة أخرى، بل كانت تذكرة لكل القبائل بأن استمرار قيامها بالغارات قد يعرضها 51
العقوبة قاسية من قبله . الإمارتين لم يكن قادراً على احتوائه أو السيطرة عليه . ويمكن القول بأن النزاع الذي وقع بين حاكمي الإمارتين ذو طابع شخصي بالدرجة الأولى، أكثر من كونه تضارباً في أي منهما بأن سبب الخلاف هو عدم خضوع القبائل المعنية لسيطرته. وفي نهاية المطاف تمكن شيخان شابان من الإمارتين؛ هما الشيخ زايد من أبوظبي والشيخ راشد من دبي من الدخول في الحوار الذي أفضى في نهاية الأمر إلى بسط الأمن والسلام .
المصالح بين الإمارتين؛ فالمنطقة التي طالبت بها دبي لم تكن ذات أهمية خاصة، غير أن حاكم أبوظبي الشيخ شخبوط وحاكم دبي الشيخ سعيد تمسكا بموقفيهما، ولم يعترف
وكما اتضح لاحقاً فإن الشيخ زايد كان المفاوض والمتحدث الوحيد الذي كان رأيه مع حاكم دبي على أرض الشارقة، ونجح في أن يظفر بتعهد من قبيلتي المناصير وآل بوشامس باحترام هدنة لمدة شهرين. غير أن السلام الهش الذي تم التوصل إليه قد انهار بسبب عدم قيام الشيخ شخبوط بتعويض بعض القبائل التي أيدته في نزاعه مع دبي عما خسرته في ذلك النزاع، وقد هددت هذه القبائل بأن تسعى إلى انتزاع تعويضاتها من 49
مسموعاً لدى القبائل المتحالفة مع أبوظبي، فقد رافق أخاه الشيخ شخبوط إلى اجتماع
قبائل دبي. ثم ذهب الشيخ زايد . إلى المناصير مصحوباً أ هذه هذه ! المرة بأخيه الشيخ شيخ . هزاع . في محاولة لضمان استمرار السلام، ولكنه لم ينجح في التوصل إلى تسوية دائمة ، وقد
تناقصت الغارات تدريجياً، ولم تتوقف تماماً إلا في عام 1949 .
كان الدرس المستفاد من هذه الأحداث أن احتواء النزاعات بعد اندلاعها يصبح أمراً صعباً؛ فرجال القبائل ليسوا كالجنود النظاميين المنضبطين الذين يقاتلون ويتوقفون عن القتال حسب الأوامر الصادرة إليهم من قادتهم، فرغم أن حاكمي أبو ظبي ودبي قد عبرا عن رغبتهما في التوصل إلى اتفاق، فإن تداعيات النزاعات القبلية ظلت قائمة. وفي وقت لاحق، وتحديداً في صيف عام 1950 ، تحدث المقيم السياسي عن تداول شائعات تقول إن الشيخ زايد وهو أقوى وأشجع شخصية على نطاق المشيخة كان يحشد رجالاً مسلحين في استعراض للقوة ضد القبائل المنشقة . ولم تكن تلك محاولة الإضرام النزاع مرة أخرى، بل كانت تذكرة لكل القبائل بأن استمرار قيامها بالغارات قد يعرضها 51
العقوبة قاسية من قبله .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...

Risky Settings ...

Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...

الممهلات في الت...

الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...

Lakhasly. (2024...

Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...

‏ Management Te...

‏ Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...

تسجيل مدخلات ال...

تسجيل مدخلات الزراعة العضوية (اسمدة عضوية ومخصبات حيوية ومبيدات عضوية (حشرية-امراض-حشائش) ومبيدات حي...

My overall expe...

My overall experience was good, but I felt like they discharged me too quickly. One night wasn't eno...

- لموافقة المست...

- لموافقة المستنيرة*: سيتم الحصول على موافقة مستنيرة من جميع المشاركين قبل بدء البحث. - *السرية*: سي...

تعزيز الصورة ال...

تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة العربية السعودية بوصفها نموذجًا عالميًا في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر...

وصف الرئيس الأم...

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنها "مأساوية"، متعه...

Mears (2014) A ...

Mears (2014) A system of justice that could both punish and rehabilitate juvenile criminals was the ...