Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

لما وصل «مجيد» إلى حيث يقف رجال جمارك المطار، فيما بقي أولاده الثلاثةُ يُراقبون ما يجري أمامهم. إنّها المرّة الأولى التي تطأُ فيها أقدامهم أرضَ المطار. على الرغم من اتساعها، هذه جماعة تحلّقت حول شاب في العشرين من عمره، وتلك امرأة تتأبط ذراعَ زوجها المزمع على السفرِ، وتنظرُ إلى ساعة في معصمها، ثم ترفعُ عينيها إلى ساعةٍ كبيرةٍ مُعلّقةٍ على الحائط، قبالتها في البعيد عجوز أثقلت كاهله السنون، وراءَ أسرته التي قدمت لتُودِّعَ أحدَ الشّبانِ المُسافرين؛ أكسبها اللون الأزرق أناقة تلفتُ النَّظَر ، إرتسم العبوس على وجه «مجيد». حاولت زوجته أن تُسرِّيَ عنه. وبقي قناعُ العُبوس على وما لبث أن علا صوتُ المُذيع، داعيًا المُسافرين على متن الطائرة التابعة لخطوط شركة طيران «الشّرقِ الأوسط»، لاجتياز البوابة الداخلية، وقف «مجيد» ونادى أولاده، إستقلَّتْهم وبعض المُسافرين حافلة صغيرة تابعة لشركة الطَّيران المذكورة، وتوقفت قريبًا من الطائرة الجاثمة على حتى ألفى «مجید» نفسه جالسًا على أحد المقاعد فيها . وإذ هدرت مُحركات الطائرة، توجهت المُضيفةُ بالطَّلب إلى المسافرين أن يشُدّوا أحزمة الأمانِ انحدرت دمعتانِ على خدَّيْ (مجيد)، وأسند رأسه إلى ظهر المقعد مجيد» موظف في إحدى دوائر الحكومة تربّى، لا أخ له ولا أُخت. حصل «مجيد» على الشهادة الثانوية. كانت ذات شأن، تُؤْمِّنُ للموظف دخلاً ثابتًا يكفيه للعيش الكريم، وتم له ما أراد. عرقلة أحدٍ ما، بل ويزهو بها، لأنّها تدرُّ عليه المال الوافر. في شؤون لا تعنيه. إعتاد القناعة، وتسلّح بالاستقامة، دمِث الأخلاق، حاضر النكتة، يحترم الكبير والصغير. بعد إحالة الرئيس السابق على التقاعد. أرجع إليه الرئيس أحدَ أصحاب المُعاملات، وكانَتِ السّاعةُ قد قاربَتِ التّاسعةَ والنّصف على ما يذكر، نظرةً على المُعاملة، لتُعيدَ النَّظر فيها. تناول «مجيد» المُعاملة، وراح يتفحصها مُدققًا فيها صفحة صفحةً، ثم أعادها إلى صاحبها قائلاً: مُعاملتك صحيحة مئة في المئة. لا بُدَّ من أنَّ هنالك سوء تفاهم. نظرةً سريعة ، وهز رأسه ولا ينقصها سوى توقيع رئيس الدائرة وختمه». مـا هـي غـيـر دقائق، سيدي. أنا «مجيد الرافع». وأحيانًا ستين. - من الآن فصاعدا، لن تعمل إلا على عشرينَ مُعاملةً كحد أقصى. قالَ المُديرُ مُبتسما. وما الداعي إلى ذلك سيدي ؟ سأل «مجيد». يوما، من رئيسه، تبريرا مقنعا . قال الرئيس بلهجة تشوبها السخرية، ثمّ أضاف جادًا: « توخَيْتُ هذا التدبير، شاءَ ((مجيد) أن يلفت نظر الرئيس، إلى أن سلفَه كانَ يُوقعُ المُعاملاتِ كلها في اليوم نفسه، وبدلاً من ذلك قال: نظر رئيس الدّائرة إلى مجيد) مستنكرًا هذا الجواب، إشرب فنجان قهوة، حضرةَ الرّئيس، وأطلب إليهم العودة في اليوم التالي، ليحصلوا سيدي ؟ لاشيء، يُمكنك الانصراف. نفسها. فقال مجيد :

  • إن شئت مني الامتثال لأوامرك، خطيًّا. - هل جننت ؟ كيف تُريدُ مني أن آمرك بالأمرِ خَطَّيَّا؟ ألا تفهم يا رجل؟ قال الرئيس صائحًا. أجاب (مجيد) وهو يصطنع البراءةَ وقال:
  • لا لـم أجنَّ بعد، سيّدي، وأما في شأن الـفـهـم فبصراحة، ولكنه جهد في المُحافظة على هدوئه، لا وفق مشيئة أحد، من مغبة عنادِك والاستمرار في عصيان أوامري. غير أنه رأى نفسه مُصيبا في رأيه، وشعر أنّه يُدافع عن القانون، إنصرف (مجيد) وهو يتحرق غيظًا الدّائرةِ، الذي ضرب بالقانونِ عُرض الحائط. قامَ أحدُ المُوظّفين، بزيارته، بدوره، عند ذلك، الصديق: ليحصلوا على مُعاملتهم في اليوم نفسه ، ثانية، فلا نتذمر، شتان ما بين ما يأتينا نحنُ منها، وما يحصل عليه هو . أليس ذلك صحيحًا يا «مجيد»؟ - ما قلته صحيح، ولكن، فالكل ف مدى نزاهتك. وابتعد ولا تعترض سبيله. نفوذ. فهل هو أقوى من القانونِ الَّذي لم أعتمد، غيره مسلكا؟ وهل يستطيعُ صاحبنا أن يتخطى القانون ويتجاوزه؟ قال «مجيد» وأضاف بلهجة مطمئنة: ولن أكون أداةً تُسيّرها رغبات رئيسي وتصرفاته في هذه الدائرة، إبتسم (مجيد» وقال: من أنا لأُحاسب الناس؟ لست بصدد تقويم شيءٍ يا صديقي، كما أنّ أمرَ مُحاكمةِ النَّاسِ ليسَ مُوَلّحًا إِليَّ كلُّ ما في الأمر أن لي قناعتي ومبادئي، والمحبة والاحترام، ثابر «مجید» على عمله، على هذه الحادثة أسبوعان، بإحدى دوائر جُنَّ «مجيد»، فيُبطلها، ويبقى في بلدته، رغم أنف رئيسه. حصل على موعد من أحد المسؤولين النافذين، وأخبره بقضيّته، وقدَّمَ إليه بُرهانًا على أن طلب نقله مجرّدُ تشفّ وانتقام، ويستهتر بالقانون لحاجة في نفسه. أثنى المسؤول على مجيد»،


Original text

غربة في الوطن
(1)
لما وصل «مجيد» إلى حيث يقف رجال جمارك المطار، نقد الحمّالَ أُجرته، ووقف ينتظر دوره.
مرت خمس دقائق، ففُتّشَتِ الحقائب خاصته. تركها حيثُ هي، وعادَ أدراجه، وجلس، على مقعد، إلى جانب زوجته، فيما بقي أولاده الثلاثةُ يُراقبون ما يجري أمامهم. إنّها المرّة الأولى التي تطأُ فيها أقدامهم أرضَ المطار. بحر من النّاس، تكاد القاعةُ، على الرغم من اتساعها، تغَصُّ بهم، ويكاد المرءُ، لكثرة اللغط فيها، لا يسمع صوت
محدثه .
هذه جماعة تحلّقت حول شاب في العشرين من عمره، وتلك امرأة تتأبط ذراعَ زوجها المزمع على السفرِ، وهي تذرف الدموعَ بصمت، وتنظرُ إلى ساعة في معصمها، ثم ترفعُ عينيها إلى ساعةٍ كبيرةٍ مُعلّقةٍ على الحائط، قبالتها في البعيد عجوز أثقلت كاهله السنون، يتوكأ على عصا، ويمشي، مُطأطىَ الرّأس، وراءَ أسرته التي قدمت لتُودِّعَ أحدَ الشّبانِ المُسافرين؛ لا شك في أنه أحد حفدته. عن يمين (مجيد»، فتًى يسير وحيدًا، حاملاً حقيبةً، يتبعه أحد
الحمالين باثنتين أكبر منها.
العاملون في حقل الطيران يظهرون، من وقت إلى آخر، وقد ارتدى واحدهم بزّةً جميلةً، أكسبها اللون الأزرق أناقة تلفتُ النَّظَر ، ومشى برشاقة، والبسمة تعلو مُحيّاه.
إرتسم العبوس على وجه «مجيد». حاولت زوجته أن تُسرِّيَ عنه. نظر إليها ولزم الصمت، وبقي قناعُ العُبوس على
وجهه.
وما لبث أن علا صوتُ المُذيع، داعيًا المُسافرين على متن الطائرة التابعة لخطوط شركة طيران «الشّرقِ الأوسط»، المُتوجهة إلى «كندا»، لاجتياز البوابة الداخلية، والانتظار في الباحة الخارجية.
عندئذ، وقف «مجيد» ونادى أولاده، ثمّ تحدّث إلى زوجته، فخرجوا مع الخارجين، من دون أن يلتفت إلى
الوراء.
إستقلَّتْهم وبعض المُسافرين حافلة صغيرة تابعة لشركة الطَّيران المذكورة، وتوقفت قريبًا من الطائرة الجاثمة على
مدرج المطار.
ما إن مضت دقائق، حتى ألفى «مجید» نفسه جالسًا على أحد المقاعد فيها . وإذ هدرت مُحركات الطائرة، توجهت المُضيفةُ بالطَّلب إلى المسافرين أن يشُدّوا أحزمة الأمانِ
استعدادًا للإقلاع.
وفيما كانَتِ الطَّائرةُ تُقلعُ، انحدرت دمعتانِ على خدَّيْ (مجيد)، فأغمض عينيه، وأسند رأسه إلى ظهر المقعد


مجيد» موظف في إحدى دوائر الحكومة تربّى، منذ نعومة أظفاره على الصدق والأمانة، وشب على الصراحة
والاستقامة.
رُزق ثلاثةَ ،أبناء، كانوا قُرّةَ عينيه، وضاعفوا سعادته، لأنه
عاش، بين والديه، وحيدًا، لا أخ له ولا أُخت.
حصل «مجيد» على الشهادة الثانوية. ونزولاً عند رأي أحد أقاربه، ولأن الوظيفة، يومئذ، كانت ذات شأن، تُؤْمِّنُ للموظف دخلاً ثابتًا يكفيه للعيش الكريم، تقدم بطلب للحصول على وظيفة إدارية في إحدى الدوائر الحكومية، وخضع لامتحان خطي، وآخَرَ شفهي، أمام لجنة رسمية،
فنجح، وتم له ما أراد.
سارَ «مجيد» في سكة القانون ، لا يَحيد عنها


وقف نفسه له، فما أخَرَ مُعاملةً لمواطن، ولا حاول، يومًا، عرقلة أحدٍ ما، ابتغاء نيل إكرامية منه، كبعض موظفي كان مثالاً للنزاهة والاندفاع في العمل، بحيثُ
دائرته، بل
باتت وظيفته تسمو به، ولم يكن كبعض الموظفين، يتشرف بوظيفته، ويزهو بها، لأنّها تدرُّ عليه المال الوافر. لم تسر العدوى إليه فيتأثر بذاك البعض، ممّن لا يُصرِّفُ معاملة إلا بدافع الرشوة ما تفاخر، مرّةً بنزاهته، ولا أبدى رأيه، قطُّ، في قضايا الإكرامية، لأنه لم يكنْ يُحِبُّ التدخل
في شؤون لا تعنيه.
مضى عليه في الوظيفة سبع سنوات، فلا ضايق طالب حاجة، ولم يأتِه تأنيب واحدٌ من رئيسه، حتى ولا مُلاحظة. إعتاد القناعة، وتسلّح بالاستقامة، وسارَ وَفقَ النّصوص القانونية، ففرض احترامه على الجميع. ومما ساعده على ذلك، كونه هادئ الطبع، لطيفًا، دمِث الأخلاق، حاضر النكتة، يحترم الكبير والصغير.


بدأت متاعب «مجيد» في إثر تعيين رئيس جديد للدائرة، بعد إحالة الرئيس السابق على التقاعد.
في اليوم الأول لتسلّمه منصبه، أرجع إليه الرئيس أحدَ أصحاب المُعاملات، حاملاً مُعاملته بيده، وكانَتِ السّاعةُ قد قاربَتِ التّاسعةَ والنّصف على ما يذكر، وإذا بصاحب
المُعاملة يقولُ لِـ (مجيد) :



  • ما إن ألقى حضرة الرئيس، نظرةً على المُعاملة، حتّى رماها على مكتبه، وقال إنّها لم تستوف الشروط القانونية، وأمرني أن أُرجعها إليك، لتُعيدَ النَّظر فيها.
    تناول «مجيد» المُعاملة، وراح يتفحصها مُدققًا فيها صفحة صفحةً، ثم أعادها إلى صاحبها قائلاً:
    مُعاملتك صحيحة مئة في المئة. لا أرى فيها سببًا لرفضها ، لا بُدَّ من أنَّ هنالك سوء تفاهم. قلبها ثانيةً ، وألقى على بعض المستندات فيها، نظرةً سريعة ، وهز رأسه
    وأضاف: «هي - كما قلت لك سابقا - صحيحة وقانونية، ولا ينقصها سوى توقيع رئيس الدائرة وختمه».
    مـا هـي غـيـر دقائق، حتى دخل الحاجب واستدعى (مجيدًا»، طالبًا إليه الذهاب إلى مكتب سعادة رئيس
    الدائرة.

  • نهارك سعيد، سيدي. قال «مجيد».

  • نهارك أسعد هل أنت الأستاذ «مجيد» ؟

  • نعم سيدي. أنا «مجيد الرافع».

  • تفضّل واجلس ، أجاب الرئيس بلطف وتابع سائلاً: «كم مُعاملة تنهي في اليوم يا أستاذ «مجيد» ؟ - أنهي عادةً خمسين معاملة، وأحيانًا ستين. - من الآن فصاعدا، لن تعمل إلا على عشرينَ مُعاملةً كحد أقصى. قالَ المُديرُ مُبتسما.
    وما الداعي إلى ذلك سيدي ؟ سأل «مجيد».

  • لكي يتسنى لك التدقيق فيها جيدا، بحيث تصل إلى المُعاملة خالية من النواقص والأخطاء.

  • وهل وجدت شائبةٌ في المُعاملةِ التي أعدتها إلى
    للتو، سيدي؟



لا، ولكن، بوصفي رئيسًا لهذه الدّائرةِ، أُريدُ أن يسير
العمل فيها حسب مشيئتي. أجاب الرئيس وقد غابت
الابتسامة عن وجهه.


مضى علي، في هذه الدائرة، سبع سنوات، سيدي، ولم أخطئ، يوما، في مُعاملة، فلم تطلب إلى، الآن، ألا أنهي أكثر من عشرين معاملة؟ قال «مجيد» هذا منتظرا، من
رئيسه، تبريرا مقنعا .



  • قد تكون معصوما من الخطا، قال الرئيس بلهجة تشوبها السخرية، ثمّ أضاف جادًا: « توخَيْتُ هذا التدبير، لأن وقتي لا يُتيحُ لي توقيع أكثر من عشرينَ مُعاملة صادرة
    من موظف واحد».
    شاءَ ((مجيد) أن يلفت نظر الرئيس، إلى أن سلفَه كانَ يُوقعُ المُعاملاتِ كلها في اليوم نفسه، ولكنه عدل عن رأيه. وبدلاً من ذلك قال:

  • وإذا أنهيت المُعاملات العشرين قبل الساعة العاشرة، فماذا تُريدُ منّى أن أفعل خلال الوقتِ المُتبقي لي في
    العمل؟
    وهنا، نظر رئيس الدّائرة إلى مجيد) مستنكرًا هذا
    الجواب، ثم قال له، وقد عيل صبره :

  • إقرأ صحيفة، إشرب فنجان قهوة، قم بنزهة خارج الدائرة، أو اذهب واسترح في بيتك.

  • عجبا ، حضرةَ الرّئيس، هل يُعقَلُ أَن أَوْخِّرَ أعمال المواطنين، وأطلب إليهم العودة في اليوم التالي، ليحصلوا
    على معاملاتهم؟

  • العمل في هذه الدائرة مُوَلَّجٌ إِليَّ أمر تصريفه. رحم الله والديكَ يا رجل، إذا شئت أن نكون صديقين، فافعل ما آمرُكَ به ولا تجادلني، وإلا... وسكت رئيس الدائرة.

  • وإلا ماذا، سيدي ؟
    لاشيء، لا شيء، يُمكنك الانصراف.
    (ε)
    لم يُدعن مجيد لأوامر رئيسه، لأنه رآها مُخالفةً للقانون، ولأنها لا تنسجم ومبادئه، واستمر بالقيام بواجبه كما اعتاد أن يفعل من ذي قبل.
    استدعاه رئيسه ثانية، بعد أسبوع، وأسمعه الأمثولة
    نفسها. فقال مجيد :

  • إن شئت مني الامتثال لأوامرك، فاطلب إلى ذلك
    خطيًّا.

  • هل جننت ؟ كيف تُريدُ مني أن آمرك بالأمرِ خَطَّيَّا؟ ألا تفهم يا رجل؟ قال الرئيس صائحًا.
    أجاب (مجيد) وهو يصطنع البراءةَ وقال:

  • لا لـم أجنَّ بعد، سيّدي، وأما في شأن الـفـهـم فبصراحة، أنا لا أفهم جدوى تدبيرك هذا.
    وهنا، اشتدَّ الغيظُ في صدر الرئيس، ولكنه جهد في المُحافظة على هدوئه، وقال وقد ارتفعت نبرات صوته: - أنا رئيس هذه الدائرة ، وأنا أُصرّف الأعمال فيها وفق إرادتي ، لا وفق مشيئة أحد، وإننى أحذرك، وللمرة الأخيرة، من مغبة عنادِك والاستمرار في عصيان أوامري. كان بوسع «مـجـيـد» الانسحاب، غير أنه رأى نفسه مُصيبا في رأيه، وشعر أنّه يُدافع عن القانون، وعن كرامته،
    فقال للرئيس:

  • القانون يمنعني من إعاقة أعمال المواطنين، أو
    من وقاحة رئيس
    إنصرف (مجيد) وهو يتحرق غيظًا الدّائرةِ، الذي ضرب بالقانونِ عُرض الحائط.
    بعد ظهر ذلك اليوم، قامَ أحدُ المُوظّفين، من أصدقاء (مجيد»، ومن ذوي النّزاهة، بزيارته، وسأله عن سبب استدعاء الرئيس له ولما حاول الإنكار، أخبره صديقه بأن الرئيس استدعاه، بدوره، وأعـلـمـه بـالـتـدابـيـر الـمـنـوي
    اتخاذها.
    عند ذلك، أخبره «مجيد) بإيجاز ما حصل له، فقالَ
    الصديق:

  • ألم تعلم لماذا طلب إليك ألا تُنهي أكثر من عشرينَ
    معاملة في اليوم؟
    إبتسم «مجيد» وقال:



وهل أنا غبي كي يفوتني قصده؟ يريد أن تتجمع المُعاملات وتتكدّس في مكتبه، لكي يتسنى له قبض
الرشاوى، لأن مواطنين كثيرين يُفضّلون أن يدفعوا بعض المال، ليحصلوا على مُعاملتهم في اليوم نفسه ، أو لأنّهم أمكنة بعيدة، وفي العودة، ثانية، إلى الدائرة
يأتون من
مشقة عليهم ... فقاطعه صديقه قائلاً:



  • ولكي يستفيد الواحد منّا، إذا أرادَ ، فيختارُ المُعاملة التي في طيّها إكراميّة. وبهذه الطريقة، نقبل، نحن الموظفين بتدبيره هذا ، فلا نتذمر، ونتساوى، وإياه، في قبض الإكراميات. ولكن، شتان ما بين ما يأتينا نحنُ منها، وما يحصل عليه هو . أليس ذلك صحيحًا يا «مجيد»؟ - ما قلته صحيح، ولكن، بالنسبة إليّ، فأنا لا أُريدُ
    إكرامية من أحد، ولن أخضع لتدابير غير قانونية. - إنني لم أطلب إليك السعي وراء الإكراميات، فالكل ف مدى نزاهتك. قم بما أشار به عليك، وابتعد
    المتاعب، ولا تعترض سبيله. قيل لي إنّ له نفوذًا ما بعده
    نفوذ.

  • مهما قوي نفوذه، فهل هو أقوى من القانونِ الَّذي لم أعتمد، يوما، غيره مسلكا؟ وهل يستطيعُ صاحبنا أن يتخطى القانون ويتجاوزه؟ قال «مجيد» وأضاف بلهجة مطمئنة: ولن أكون أداةً تُسيّرها رغبات رئيسي وتصرفاته
    غير القانونية.

  • وهل بوسعِك أن تُعيد الأمور إلى نصابها يا صديقي؟ ألم يكن بعض الموظفين يرتشي في عهد رئيس دائرتنا السابق؟ وهبْ أنّك استطعت تقويم الأوضاع، في هذه الدائرة، فما قولُك بالدوائر الأُخرى؟
    إبتسم (مجيد» وقال:

  • لم تفه بغيرِ الصّواب، ولكن، من أنا لأُحاسب الناس؟ لست بصدد تقويم شيءٍ يا صديقي، لا في هذه الدائرة، ولا في غيرها، كما أنّ أمرَ مُحاكمةِ النَّاسِ ليسَ مُوَلّحًا إِليَّ كلُّ ما في الأمر أن لي قناعتي ومبادئي، ولن أتخلى عنها.
    نظر الصديق إلى «مجید» نظرةً تجلّى فيها الصدق
    والمحبة والاحترام، وقال له :

  • لم تشتري «وجع الرأس» يا «مجيد»؟ لا تحمل المُثْلَ العليا على كتفك لأنك، من دون شك، ستنوء بحملها. سر مع التيار تسر يك سفينة الحياة في يم خلا من الأمواج
    والأنواء.
    لا يا صديقي، لن أساير أحدًا على حساب ما أُؤمن به،
    ولو كلفني ذلك وظيفتي.
    ثابر «مجید» على عمله، ولم يُذعن لطلب رئيسه. وما إن
    مضى، على هذه الحادثة أسبوعان، حتى ظن أنه استراح. في أوائل الأسبوع الثالث، أتته مُذكرة إدارية، طلب إليه فيها أن يلتحق في بداية الشهر المُقبل، بإحدى دوائر
    محافظة الشمال.


جُنَّ «مجيد»، وقرّر أن يتصدى لهذه المُذكَّرةِ التعسفية، بكل قواه، فيُبطلها، ويبقى في بلدته، رغم أنف رئيسه. حصل على موعد من أحد المسؤولين النافذين، وأخبره بقضيّته، وقدَّمَ إليه بُرهانًا على أن طلب نقله مجرّدُ تشفّ
وانتقام، لأنه رفض الرّضوخ لمديره، الذي يُعرقل سيرَ مصلحةِ المُواطن، ويستهتر بالقانون لحاجة في نفسه. أثنى المسؤول على مجيد»، وشجعه على الاستمرار في نهجه هذا، واستنكر فعلَ المُدير وتصرفاته، وختم حديثه بلهجة حازمة قائلاً:



  • سأرفع الأمر إلى المراجع المُختصة، وكن على ثقة
    بأنك باق في دائرتك، وبأن النقل واقع على رئيسك. توقف المسؤول عن الكلام للحظات، وما لبث أن تابع


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

تعرض مواطن يدعى...

تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...

زيادة الحوافز و...

زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...

Because learnin...

Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...

ذكرت صحيفة نيوي...

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في الشرق الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن عز الدين ا...

تُعد طرائق التد...

تُعد طرائق التدريس من أهم العوامل التي تؤثر في جودة العملية التعليمية وفاعليتها. ومع تطور أساليب الت...

تعتبر بروفايلات...

تعتبر بروفايلات الدول مهمة للغاية في تحسين الفهم والتواصل الثقافي والاقتصادي بين الدول، وكذلك بين ال...

هدفت هذه الدراس...

هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين السياحة والتنويع الاقتصادي وأثرهما المشترك على تحقيق النمو ال...

is a comprehens...

is a comprehensive document that outlines a business's goals, strategies, and operational structure....

شدد الفريق أول ...

شدد الفريق أول عبدالمجيد صقر، على أهمية التنسيق بين القوات المسلحة المصرية ونظيراتها الدولية من أجل ...

تواصل مليشيا ال...

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية حملة ميدانية موسعة منذ أكثر من أسبوعين، استهدفت خلالها الباعة المتجولي...

"النمنم" حسب قص...

"النمنم" حسب قصص الجدات والأهل، شخصية الرعب الأخطر، وهو يظهر بين آونة وأخرى، آكل لحوم بشرية من طراز ...

لقد حقق قسم بحو...

لقد حقق قسم بحوث المكافحة المتكاملة إنجازات متعددة تعكس دوره الحيوي في تطوير الزراعة المستدامة. يتمث...