Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

نحن نحتاج إلى الصمت كي تكون قادرين على لمس الأنفس الأم تريزا ) كيف يحصل الإنسان على الهدوء والقدرة الحقيقية على الإصغاء، فإذا كان لدى الإنسان صعوبة لأن يتلامس مع نفوس من يتعامل معهم، فالاحتمال الأكبر أنه يفتقر للصمت الداخلي وما لم ندرب أنفسنا على نمط الاعتزال والسكون عبر حياتنا فلا سبيل لنا للحصول على الهدوء ولا الصمت الداخلي ولا القدرة على الإصغاء ومساعدة الآخرين بالتالي فنحن لا نصبح قادرين على الإصغاء، حقا، كما قال أحد الرهبان، إلا حين ننمو في السكون هذا سبب آخر لصعوبة وجود مشيرين في مصر رغم وجود الكثير من برامج التدريب الآن، وهو أن نمط الاعتزال والسكون هذا غير موجود في طبيعتنا الحياتية. لقد قلنا إن المشورة علم، ليس بها أي شئ من السحر. بالطبع، نحن مجتمع غير علمي (يؤمن بالخرافات لا بالأسباب المنطقية ) ، AT أو عن مادة دراسية تتم دراستها، لكن الحديث عن نمط حياة يجب أن ينميه الإنسان طوال رحلة حياته كل يوم وكل شهر وكل عام. لأن من يسمون أنفسهم "مشيرين" في مجتمعنا هم AY الراهب بنيغنس اورورك الأغطيني اكتشف كنزك الخفي». ترجمة: كلير بوناصيف دار المشرق، بیروت ۲۰۱۱. راجع كتابنا رسمات ومعايير النضج النفسي. AT مشيرون تقنيون كالرجال الآليين Robots بلا روح ولا شخصية، يقول الكاتب المسيحي المعاصر ريتشارد فوستر : "يجب أن نلتمس هدوء العزلة المجدد للنشاط إذا شئنا أن نوجد مع الآخرين وجودًا غني المعنى. فلا عزلة بلا صمت والغرض من الصمت والعزلة هو أن نتمكن من أن نرى ونسمع. إن حصيلة العزلة هي تَضَاعُف الإحساس والتعاطف مع الآخرين. إذ تأتينا حرية جديدة لنكون بين الناس ومعهم ويحصل تنبه جديد إلى احتياجاتهم، وتجاوب جديد مع أوجاعهم. بطريقة ما صار هناك معتقد خاطئ، لا نعلم مصدره، بالطبع هذا معتقد خاطئ. قد تمكنك حياة النشاط من أن تفهم الناس أنثروبولوجيا Anthropological لكنك لن تستطيع أن تفهم البشر سيكولوجيا Psychological أو على المستوى الوجودي أو الروحي وأنت ذائب كليا معهم طول الوقت. نعم، إن الناس يحتاجون إلينا، إن مجتمعك يحتاج إليك ولكن ربما ليس كي تكون حاضرًا معهم في كل الوقت. أسلوب وجودك وحضورك الخاص في مجتمعك قد يتطلب منك أوقاتًا من التغيب أو الصلاة أو التفرغ للكتابة أو الاعتزال، إنهم أيضًا يحتاجون إلى غيابك الخلاق ! " يا له من تعبير "غيابك الخلاق" إنه مفهوم عبقري، حيث يُدَرِّب فيها الإنسان العربي منذ صغره، هشام شرابي يُدرب على أن بقائه وحيد أمر غريب أو شاذ، فكيف إذن نجد من يَصْمت ويَستَمع في مجتمعاتنا يقول هشام شرابي: "إن المستمع الصبور لا مكان له في إطار اجتماعي ملئ بالناس والمخالطة دائما"، حيث هناك (في ذلك الإطار الأردن ۲۰۰۹ «صوت الحب الداخلي». وعلاقة ضعف وسوء الاستماع بالتواجد الدائم مع الناس المخالطة الدائمة)؟ لعلنا نستطيع أن نفهم الرابطة أنه لا وجود للاستماع أو الإصغاء الحقيقي دون غياب خلاق ودون عزلة وصمت داخلي. AY الإجتماعي والمجتمع الذي نعيش فيه انتقاص لدور المستمع لأن الصمت يعتبر تقصيرا وبالتالي نقصا في المكانة. حياتهم ونحن نعيش في صخب هكذا ؟! كيف سنقدم لهم ما لا نملكه ؟! يقول بول تورنييه: "إن أوقات التأمل الهادئ هذه هي التي فيها نسترد سلامنا الداخلي الذي نحن في أمس الحاجة له في التأمل الهادئ نحن نعيد اكتشاف الترتيب الصحيح للقيم والتمييز الواضح بين ما هو مهم وما هو أقل أهمية. ولعل ذلك كان السر المميز لشخصية بول تورنییه کمشیر مسيحي فريد من نوعه حتى أن الناس كانوا يسافرون مئات الكيلو مترات من جميع أنحاء أوروبا ليتحدثوا معه عن مشاكلهم الخاصة، وقد أوسعنا التأمل الهادئ بحثًا في كتاب سابق AA والآن دعونا نتطرق إلى ما هو أصعب، وهو ما يُسمى "بالصمت الداخلي". يقول مؤلف كتاب "الكلمات وتأثيرها على العقل"، وهو أخصائي في علم الأعصاب Neurology ركز عمله الطبي في هذا الكتاب على دراسة تأثير الكلمات والإصغاء من الناحية العصبية على الإنسان، يقول: "إن الاستماع هدية عظيمة تقدمها للشخص. ما يعني أن علينا أن ندرب عقلنا على إبعاد لا يعد الصمت فقط تقصيرًا، بل أنه مُهدد لكل من لديه ضوضاء وصراعات داخلية. فالقاعدة تنص من في سلام مع نفسه ويستمتع بالصمت لن يهدده صمت شخص آخر، والعكس صحيح. على أن ۸۹ هشام شرابي «مقدمات لدراسة المجتمع العربي الدار المتحدة للنشر، التنفيس Catharsis»، وسنفرد صفحات عديدة لشرح هذا المصطلح المشوري الهام جدًا في الجزء الثاني من هذا الكتاب بول تورنييه النعمة والذئب» ترجمة: د. راجع كتاب «بره الجنة» للمؤلف الناشر : المؤلف. القاهرة ۲۰۱۳ للأسف ، نفسه عن الكلام الحديث الداخلي Inner Talk المولد ضمنه (أي ضمن هذا العقل نفسه، فالكلام / الحديث الداخلي يلهينا عن توجيه كامل انتباهنا لما يقوله الشخص الآخر. قبل الفم. إن لم يتدرب الإنسان بمفرده- في حياته الفردية على الصمت الداخلي، عاما وراء الآخر. سيستغرق الأمر أعوامًا وأعوام. فهناك صعوبة طبيعية بالغة ( بعد السقوط) بعقولنا تعيق قدرتنا على الإصغاء. إن عقولنا تلقائيا لا تهدأ ولا تتوقف عن التفكير والذي. يكون في هيئة كلمات وهذا هو ما يُسمى بالكلام / الحديث الداخلي Inner talk) ، ما أدق فعلاً التعبير الذي استخدمه القديس أغسطينوس هنا لوصف هذا الأمر عادة "ضجيج العقل في الأذن الداخلية ", الحصول على الصمت الداخلي. يقول لنا العلم أن سرعة تفكيرنا تفوق سرعة الحديث بنسبة تتراوح بين أربع وعشر أضعاف ( حيث أن معدل الحديث العادي هو ١٢٠ كلمة دقيقة، بينما معدل التفكير يكون ٨٤٠ كلمة / دقيقة ) !! ففي الوقت الذي تنتظر فيه مسامعنا 10 د. ترجمة: رفيف غدار ۹۷ هنا أود أن أشير إلى أن ما يحيط بنا من ضجيج خارجي وتلوث بصري وسمعي مريع هو انعكاس الدار العربية للعلوم بيروت ۲۰۱۲ متى المسكين. «حياة الصلاة الأرثوذكسية». دير الأنبا مقار وادي النطرون ١٩٥٢ (طبعة أولى) للضجيج الداخلي الذي يسكننا وليس العكس. الضجيج الخارجي ليس هو السبب في ما يوجد بداخلنا من حيرة بل العكس، فما بداخلنا من فوضى وارتباك وجلبة وثرثرة هو ما يصنع هذا الضجيج الخارجي اللعين. ونحن نجد الشوارع في الغرب، في معظم البلدان تقريبًا هادئة تمامًا، ذلك لأن الشخصية الغربية دربت عقلها منذ اعترافات القديس أغسطينوس ۹۸ الكلمات لتخرج من أفواه الآخرين تكون أفكارنا قد ابتعدت عنهم وعن أحاديثهم بمسافة ليست بقليلة؛ ربما حتى نكون قد أعددنا إجابة ما في أذهاننا عن الأمر الذي لم يفرغ المتحدث من الحديث عنه، بل إن ذلك جريمة في حق الإصغاء. ربما أنت مندهش الآن عزيزي من حجم الحديث والكلام الذي يمكن أن يدور بداخلك في ثوان معدودات؟! ألم نقل لك أن معدل الحديث العادي هو ١٢٠ كلمة/دقيقة، بينما معدل التفكير (أي الحديث الداخلي) ٨٤٠ كلمة / دقيقة تُرى إلى أين سيذهب عقلك المرة القادمة حين تستمع لشخص ما يحدثك ؟! إذن، نحن نحتاج أن ندرب عقولنا وأفكارنا علي الانتظار الهادئ والصامت للوصول إلى الإصغاء الجيد يقول الراهب بنيتس أورورك الأغطيني: "يجدر بنا أن نفرغ عقولنا من المعضلات الأولية Basic التي تواجه المشير هي ماذا سيفعل عندما يضمت المستشير. وحينما يصمت المستشير، هو في ۹۹ «اكتشف كنزك الخفي». 11 الحقيقة يقول أشياء لا تسعها الكلمات. أين يوجد إذا المشير من صمت المستشير ؟! والمصفي الفطن يستطيع، وقد وجه انتباهه إلي جملة الموضوع أن يميز كلما تقدم به الموضوع بين النقاط الهامة والنقاط الثانوية، وراء المهم وتارة وراء غير المهم دون أن يميز بينهما. أو لكي فقط تستمع. ولكن الاستماع لكي تجيب ( النوع الأول) هو ما يحدث دائمًا. ونبحث عن أية ملاحظة تساعدنا في إجاباتنا ( التركيز هنا لن يكون على المتحدث بل على المستمع وهنا يكمن الخطأ) . إن الحوار الحقيقي يعني الاستماع ليس لتستعد للإجابة بل لتشارك من يحدثك في حياته الانفعالية. استماعه- في إعداد الإجابات ريثما ينتهي المتحدث من كلامه ربما يجدر بنا أن نقول كما قال سليمان الحكيم "من يجيب علي أمر قبل أن يسمعه فله حماقة وعار. " (أمثال ۱۸ : ۱۳). فيقول: "عندما نصبح مستفرقين كليا في شئ بسيط مثل مراقبة التنفس أو أي تمرين استرخاء آخر، فإن وهذا يتيح لك أن تصبح مدركًا للأشياء الدقيقة التي تحدث مباشرة حولك، ستسمع أصواتا نادرا ما كنت تلاحظها ، وستشعر بإحساسات أكثر في جسمك، وإذا جلبت هذا الحضور ۱۰۰ ۱۰۱ بول تورنييه هبة الإحساس» ترجمة سليم اسكندر حنا دار مكتبة الكلمة القاهرة ٢٠١٤. لا يمكن أن يصل العقل لحالة مطلقة الصمت (اللاكلام). أود أن أكرر مرة أخرى أن هناك فارق بين الاستماع العقلي البحث الذي هو عبارة عن إشارات كهروكيميائية تصل لآذاننا بلا رغبة أو قصد من ورائها، وبين الإصغاء. وفي الاستماع العقلي البحث، عندما لا يكون المشير مُصغيًا وحاضرًا بكل كيانه، تسقط أشياء كثيرة من كلمات المستشير الثمينة؛ مثل الأشياء التي لم يقلها المستشير بل وحتى من الأشياء التي قالها لكنها مرت مرور الكرام على مسمع وذهن المشير. بل وسيشتمل على الإحساس المادي البدني الذي يتفاعل مع ما نسمعه) إلى المحادثة (جلسة المشورة ، ستختبر التفاعل معه بوضوح أكبر. على الصعيد الآخر يقول الكاتب " أن الشخص الآخر سيعرف، متى شئت الكلام الحديث الداخلي انتباهنا وسيؤدي إدراكه لعدم اهتمامنا هذا إلى الابتعاد عنا. وكلما ازداد التأمل لهذا الشكل الأعمق من الإدراك المتحدث الداخلي" (وصار العقل مراقبا صامتا لذاته ) . كلما صار الناس متبصرين حكماء ذوي حدس Intuition وقادرين على اختيار كلماتهم بحكمة أكبر، إذ يقل الإجهاد النفسي والتوتر والاكتئاب مما يعطينا الطاقة ويجعلنا مسترخين، وعلى الصعيد الاجتماعي ذوي إدراك أكثر لاحتياجات ويكمن تشتت الانتباه هنا لقلة اهتمام المستمع ( المشير ) وعدم اكتراثه لأن يهيئ نفسه فيما مضى من سنوات عمره، حتى يكون مستعدا للإصغاء، مهتما فقط بما يسمعه من المستشير ليس بأي حديث دائر داخله. الكلمات وتأثيرها على العقل». عادة النبرات الهامة للإنسان تكون ضعيفة، فمن يستطيع أن يرصدها أو يسمعها إلا قد تكون واجهت مواقف مشابهة لذلك من قبل، مثل أن تجد نفسك تتحدث إلى شخص وبعد أن تنهي هذا معنى آخر من معاني الصمت الداخلي. الكلمات وتأثيرها على العقل». بل أنها عملية بل أن الصمت الداخلي هو الذي يُساعد المشير على أن يحوم حول ما يقوله المستشير وبالتالي يفهمه) ليستخلص منه فهما حكيمًا وتصورًا صحيحًا لما يـ ا يستمع إليه، حتما سيفهم المتكلم كما تملي عليه تلك الضوضاء الداخلية، لذلك فإن واحدة من أهم الطرق للتواصل مع شخص ما يعاني أو يوجد في مشكلة هو أن تصمت وتهدأ وتصغي إليه بانتباه. قلنا أن الصمت الداخلي يقودنا ليس فقط إلى الإصغاء، حيث يحدث التلاقي الكياني وهنا يجدر بنا الاستماع إلى المحلل النفسي بيير داكو في المقتطفات الفريدة التالية له عن صمت واستماع المشير، فيقول داكو: "يتم الاتصال الإنساني بالكلام، سواء كانت مشحونة بالعدوانية ۱۰۸ نعم، فمن أجمل وأقيم ما يمكن أن تستمع إلى صمت المستشير. 11 فكل صمت يعني شيئًا من الأشياء. إذن، وعليه أن يبقى حاضرًا، من جهة أخرى، بكل صفاته الإنسانية وتقنياته. إنه يظل حاضرًا كل ثانية بقلبه وفكره. ويصبح صامتًا. إنه يصغي . ظنه سلبيًا. إذ أنه لا يتكلم ولا يقوم برد فعل . ففي هذه الفترة السلبية" إنما يتصف المعالج، يكون المشير أكثر فاعلية وفائدة للمستشير أكثر حتى مما يستطيع أن يفيد به المستشير بالكلمات). إنه يفصل شخصيته وآراءه الفلسفية في أعمق أعماق ذاته ويصبح إنسانا لا آراء له. "إن المعالج (المشير) يصمت، ويتهيأ للعمل بعمق فالصمت ليس سلبيًا،


Original text

نحن نحتاج إلى الصمت كي تكون قادرين على لمس الأنفس


( الأم تريزا )


كيف يحصل الإنسان على الهدوء والقدرة الحقيقية على الإصغاء، ويدرب نفسه عليها؟ الإجابة تتلخص في كلمتين: "الاعتزال والسكون. فإذا كان لدى الإنسان صعوبة لأن يتلامس مع نفوس من يتعامل معهم، ويصغي بحق إليهم، فالاحتمال الأكبر أنه يفتقر للصمت الداخلي وما لم ندرب أنفسنا على نمط الاعتزال والسكون عبر حياتنا فلا سبيل لنا للحصول على الهدوء ولا الصمت الداخلي ولا القدرة على الإصغاء ومساعدة الآخرين بالتالي فنحن لا نصبح قادرين على الإصغاء، حقا، كما قال أحد الرهبان، إلا حين ننمو في السكون هذا سبب آخر لصعوبة وجود مشيرين في مصر رغم وجود الكثير من برامج التدريب الآن، وهو أن نمط الاعتزال والسكون هذا غير موجود في طبيعتنا الحياتية. فلكي تستطيع أن تكون مشيرًا لابد أن تتمكن أولاً من الإصغاء بكل كيانك، ولكي تتمكن من الإصغاء لابد أن تكون في حالة من الصمت الداخلي معظم الوقت ولكي تحصل هذه الحالة من الصمت الداخلي لابد أن تنمي نمط وأسلوب لحياتك من الاعتزال والسكون. لقد قلنا إن المشورة علم، ليس بها أي شئ من السحر. لكننا بطبيعتنا نصمم على أن نحصل على ما نريد كما نريد وليس كما هو مفترض له أن يكون، وبالطبع لن يتحقق ما نريد بهذا الأسلوب. بالطبع، نحن مجتمع غير علمي (يؤمن بالخرافات لا بالأسباب المنطقية ) ، حيث نجد الشخص يعتقد بأنه يمكنه أن يستمر طول الوقت في الصخب والهرج والمرج ولكنه سيستطيع في ساعة ما أن يكون مصغيًا وأن يكون مشيرًا جيدا ويساعد الآخرين، بدون أن يُنَمِي تلك الحالة من السكون التي تكلم عنها العلماء الا مهرب من أن يكون السكون والاعتزال هو نمط حياة للشخص الذي يود أن يصبح مشيرًا. AT


نحن لا نتحدث عن تقنية ينبغي تعلمها، أو عن مادة دراسية تتم دراستها، لكن الحديث عن نمط حياة يجب أن ينميه الإنسان طوال رحلة حياته كل يوم وكل شهر وكل عام. ألا يفسر لنا هذا فشل الحياة الإنسانية برمتها في العالم المعاصر، وبالتالي فشل المشورة؟ بالطبع ستفشل المشورة في مجتمعنا، لأن من يسمون أنفسهم "مشيرين" في مجتمعنا هم


AY


الراهب بنيغنس اورورك الأغطيني اكتشف كنزك الخفي». ترجمة: كلير بوناصيف دار المشرق، بیروت ۲۰۱۱.


راجع كتابنا رسمات ومعايير النضج النفسي. AT


71


مشيرون تقنيون كالرجال الآليين Robots بلا روح ولا شخصية، غير قادرين على الإصغاء الحقيقي لأنهم غير قادرين على البقاء في حالة السكون والصمت الدائم، لكنهم مصممون


أن يكونوا مشيرين


يقول الكاتب المسيحي المعاصر ريتشارد فوستر : "يجب أن نلتمس هدوء العزلة المجدد للنشاط إذا شئنا أن نوجد مع الآخرين وجودًا غني المعنى. وعلينا أن ندرك الترابط بين العزلة الداخلية والصمت الداخلي. فلا عزلة بلا صمت والغرض من الصمت والعزلة هو أن نتمكن من أن نرى ونسمع.. والصمت دائمًا يشتمل على فعل الإصغاء.. إن حصيلة العزلة هي تَضَاعُف الإحساس والتعاطف مع الآخرين. إذ تأتينا حرية جديدة لنكون بين الناس ومعهم ويحصل تنبه جديد إلى احتياجاتهم، وتجاوب جديد مع أوجاعهم."


بطريقة ما صار هناك معتقد خاطئ، لا نعلم مصدره، يقول: إن حياة النشاط والتواجد الدائم مع في التجمعات البشرية ستجعلني أفهم الناس وأشعر بهم. بالطبع هذا معتقد خاطئ. قد تمكنك حياة النشاط من أن تفهم الناس أنثروبولوجيا Anthropological لكنك لن تستطيع أن تفهم البشر سيكولوجيا Psychological أو على المستوى الوجودي أو


الروحي وأنت ذائب كليا معهم طول الوقت.
نعم، إن الناس يحتاجون إلينا، ولكن كما يقول الأب هنري نوين في عبارته العبقرية أنهم يحتاجون إلى غيابنا حتى نكون موجودين لهم. إن مجتمعك يحتاج إليك ولكن ربما ليس كي تكون حاضرًا معهم في كل الوقت.. أسلوب وجودك وحضورك الخاص في مجتمعك قد يتطلب منك أوقاتًا من التغيب أو الصلاة أو التفرغ للكتابة أو الاعتزال، فهذه الأشياء أيضا تقع ضمن متطلبات وجودك في مجتمعك، فهي تجعلك تقدّم نفسك بعمق المجتمعك.. إنهم


أيضًا يحتاجون إلى غيابك الخلاق ! " يا له من تعبير "غيابك الخلاق" إنه مفهوم عبقري، لكنه للأسف غائب بشدة في مجتمعاتنا العربية، حيث يُدَرِّب فيها الإنسان العربي منذ صغره، كما يقول الباحث الاجتماعي الراحل د. هشام شرابي يُدرب على أن بقائه وحيد أمر غريب أو شاذ، فكيف إذن نجد من يَصْمت ويَستَمع في مجتمعاتنا يقول هشام شرابي: "إن المستمع الصبور لا مكان له في إطار اجتماعي ملئ بالناس والمخالطة دائما"، حيث هناك (في ذلك الإطار


لاحظ عزيزي القارئ كيف أن تجديد النشاط هو أحد فوائد العزلة.


ريتشارد فوستر «فرح الانضباط» ترجمة: سعيد فارس باز أوفير للطباعة والنشر، الأردن ۲۰۰۹


الأب هنري نوين. «صوت الحب الداخلي». إعداد وترجمة مشير سمير الناشر: المترجم القاهرة ۲۰۰۹ هل نتسائل عن قصد الباحث هشام شرابي، وعلاقة ضعف وسوء الاستماع بالتواجد الدائم مع الناس


المخالطة الدائمة)؟ لعلنا نستطيع أن نفهم الرابطة أنه لا وجود للاستماع أو الإصغاء الحقيقي دون غياب خلاق


ودون عزلة وصمت داخلي.


٨٤


AY


٦٢


الإجتماعي والمجتمع الذي نعيش فيه انتقاص لدور المستمع لأن الصمت يعتبر تقصيرا وبالتالي نقصا في المكانة. كيف إذن سينتج لنا هذا المجتمع مصغيين أو مشيرين حقيقيين؟ كيف سنقدم الهدوء إلى المضطربين (مستشيرينا المتعبين الذين يطلبون منا المشورة)، ونحن نفتقد هذا الهدوء وهذا السلام الداخلي ؟ كيف سنساعدهم على ترتيب


حياتهم ونحن نعيش في صخب هكذا ؟! كيف سنقدم لهم ما لا نملكه ؟! يقول بول تورنييه: "إن أوقات التأمل الهادئ هذه هي التي فيها نسترد سلامنا الداخلي الذي نحن في أمس الحاجة له في التأمل الهادئ نحن نعيد اكتشاف الترتيب الصحيح للقيم والتمييز الواضح بين ما هو مهم وما هو أقل أهمية.. وأعظم الاعترافات البشرية " لن تخرج إلا في هذا المناخ الهادئ الطيب الذي يخلقه التواجد وجها لوجه مع شخص لا ينتقد (أي شخص هادئ يسمع ويصغي حقيقةً. ولعل ذلك كان السر المميز لشخصية بول تورنییه کمشیر مسيحي فريد من نوعه حتى أن الناس كانوا يسافرون مئات الكيلو مترات من جميع أنحاء أوروبا ليتحدثوا معه عن مشاكلهم الخاصة، فقد استطاع أن يقول في نهايات حياته الكلمات التالية عن نفسه: "أنا رجل صموت وأنا لا أحتاج لقول الكثير ووجودي هو الأهم وجودي الحقيقي." وقد نَسَب تورنييه الفضل في هذا لعادة التأمل الهادئ اليومي التى حافظ عليها لسنوات. وقد أوسعنا التأمل الهادئ بحثًا في كتاب سابق


لنا"، لمن يريد المزيد في هذا الشأن.


AA


والآن دعونا نتطرق إلى ما هو أصعب، وهو ما يُسمى "بالصمت الداخلي". يقول مؤلف كتاب "الكلمات وتأثيرها على العقل"، وهو أخصائي في علم الأعصاب Neurology ركز عمله الطبي في هذا الكتاب على دراسة تأثير الكلمات والإصغاء من الناحية العصبية على الإنسان، يقول: "إن الاستماع هدية عظيمة تقدمها للشخص... يتطلب الاستماع العميق صمتا (داخليًا)، ما يعني أن علينا أن ندرب عقلنا على إبعاد


لا يعد الصمت فقط تقصيرًا، بل أنه مُهدد لكل من لديه ضوضاء وصراعات داخلية. فالقاعدة تنص من في سلام مع نفسه ويستمتع بالصمت لن يهدده صمت شخص آخر، والعكس صحيح.


على أن ۸۹


هشام شرابي «مقدمات لدراسة المجتمع العربي الدار المتحدة للنشر، بيروت ١٩٨٤ جدير بالذكر أن كارل يونج Carl Jung كان قد استخدم مصطلح الاعتراف» كبديل للتفريغ


التنفيس Catharsis»، وسنفرد صفحات عديدة لشرح هذا المصطلح المشوري الهام جدًا في الجزء الثاني من


هذا الكتاب


. بول تورنييه النعمة والذئب» ترجمة: د. إيفا وهيب. دار النشر الأسقفية، القاهرة ٢٠٠٥


ويوجد أيضا مكان ج ۲». راجع


كتاب «بره الجنة» للمؤلف الناشر : المؤلف. القاهرة ۲۰۱۳ للأسف ، قام هذا الطبيب بكتابة هذا الكتاب مشاركة مع أحد رواد التنمية البشرية وليس أخصائي
مادة العلم المواضع من الكتاب تبدو رخيصة وهشة.


نفسه عن الكلام الحديث الداخلي Inner Talk المولد ضمنه (أي ضمن هذا العقل نفسه، بمعنى أن يكون العقل مراقبا - صامتًا لأفكاره ومشاعره الخاصة - ذا إدراك لوجود أعمق بداخله) .. فالكلام / الحديث الداخلي يلهينا عن توجيه كامل انتباهنا لما يقوله الشخص الآخر.. الكلام / الحديث الداخلي يخرجنا من اللحظة الحالية ( يفقدنا الحضور Presence الهام للتلاقي مع المستشير، فإذا ذهب كياني في اللحظة التي أستمع فيها للمستشير - وراء الحديث الداخلي المتقد طول الوقت، فهذا يعني أنني لم أتمكن من أكون حاضرًا بكل كياني في هذه اللحظة مع الآخر ) . " " إذن، فـ" الصمت (حقا) يبدأ من العقل


قبل الفم. " كما يقول الأب متى المسكين". التدريب على الصمت الداخلي لا يتضمن فقط الاستماع إلى النفس، بل أيضًا إسكات النفس وتخفيض الأصوات الداخلية إلى أقصى درجة ممكنة. إن لم يتدرب الإنسان بمفرده- في حياته الفردية على الصمت الداخلي، فلا يجب أن يظن أنه يستطيع تعلم هذا الصمت في أي تدريب أو نشاط خارجي عن الصمت. فرياضات (تدريبات) تعلم الصمت ليست بديلة عن أن يؤسس الإنسان لنفسه نمط حياة هادئًا وصامتا معتادا على السكون والعزلة، عاما وراء الآخر. سيستغرق الأمر أعوامًا وأعوام. فهناك صعوبة طبيعية بالغة ( بعد السقوط) بعقولنا تعيق قدرتنا على الإصغاء. إن عقولنا تلقائيا لا تهدأ ولا تتوقف عن التفكير والذي. يكون في هيئة كلمات وهذا هو ما يُسمى بالكلام / الحديث الداخلي Inner talk) ، نعم، إن عقولنا بالطبيعة لا تطيق الانتظار الصامت/ الهادئ، وهي لم تُدرب علي ذلك. ما أدق فعلاً التعبير الذي استخدمه القديس أغسطينوس هنا لوصف هذا الأمر عادة


"ضجيج العقل في الأذن الداخلية ", وهنا إذن تظهر حتمية الهدوء والسكون قبل


الحصول على الصمت الداخلي. يقول لنا العلم أن سرعة تفكيرنا تفوق سرعة الحديث بنسبة تتراوح بين أربع وعشر أضعاف ( حيث أن معدل الحديث العادي هو ١٢٠ كلمة دقيقة، بينما معدل التفكير يكون ٨٤٠ كلمة / دقيقة ) !! ففي الوقت الذي تنتظر فيه مسامعنا 10 د. أندرو نيوبرج، مارك روبرت والدمان الكلمات وتأثيرها على العقل». ترجمة: رفيف غدار


۹۷ هنا أود أن أشير إلى أن ما يحيط بنا من ضجيج خارجي وتلوث بصري وسمعي مريع هو انعكاس


الدار العربية للعلوم بيروت ۲۰۱۲ متى المسكين. «حياة الصلاة الأرثوذكسية». دير الأنبا مقار وادي النطرون ١٩٥٢ (طبعة أولى)


للضجيج الداخلي الذي يسكننا وليس العكس. الضجيج الخارجي ليس هو السبب في ما يوجد بداخلنا من حيرة


وتشوش، بل العكس، فما بداخلنا من فوضى وارتباك وجلبة وثرثرة هو ما يصنع هذا الضجيج الخارجي اللعين. ونحن نجد الشوارع في الغرب، في معظم البلدان تقريبًا هادئة تمامًا، ذلك لأن الشخصية الغربية دربت عقلها منذ


وقت طويل على الهدوء. اعترافات القديس أغسطينوس ۹۸


٦٤


الكلمات لتخرج من أفواه الآخرين تكون أفكارنا قد ابتعدت عنهم وعن أحاديثهم بمسافة


ليست بقليلة؛ حيث لم يدرب العقل، بالرغم من أنه قابل للتدريب. ربما حتى نكون قد أعددنا إجابة ما في أذهاننا عن الأمر الذي لم يفرغ المتحدث من الحديث عنه، وهذا لا يمت للإصغاء بأي صلة، بل إن ذلك جريمة في حق الإصغاء.
ربما أنت مندهش الآن عزيزي من حجم الحديث والكلام الذي يمكن أن يدور بداخلك في ثوان معدودات؟! ألم نقل لك أن معدل الحديث العادي هو ١٢٠ كلمة/دقيقة، بينما معدل التفكير (أي الحديث الداخلي) ٨٤٠ كلمة / دقيقة تُرى إلى أين سيذهب عقلك المرة القادمة حين تستمع لشخص ما يحدثك ؟! إذن، نحن نحتاج أن ندرب عقولنا وأفكارنا علي الانتظار الهادئ والصامت للوصول إلى الإصغاء الجيد يقول الراهب بنيتس أورورك الأغطيني: "يجدر بنا أن نفرغ عقولنا


ونريحها إذا رغبنا في أن نسمع ما يقوله لنا الناس فعليا . من المعضلات الأولية Basic التي تواجه المشير هي ماذا سيفعل عندما يضمت المستشير. ماذا سيفعل بالأحرى - بهذا الصمت ؟! الصمت لغة، وحينما يصمت المستشير، هو في ۹۹ «اكتشف كنزك الخفي».


11


الحقيقة يقول أشياء لا تسعها الكلمات. أين يوجد إذا المشير من صمت المستشير ؟!


المصغي الهادئ يعرف كيف يركز انتباهه علي الأفكار المتعلقة بالموضوع الأصلي، بينما يسمح المصغي المهمل لتداعي المعاني والتعبيرات أن تذهب بعقله لطرق مختلفة ومغايرة. والمصفي الفطن يستطيع، وقد وجه انتباهه إلي جملة الموضوع أن يميز كلما تقدم به الموضوع بين النقاط الهامة والنقاط الثانوية، أما المصغي غير الفطن فيسمح لذهنه بأن يذهب تارة


وراء المهم وتارة وراء غير المهم دون أن يميز بينهما. يقول بول تورنييه بدأت أتفهم أنه توجد طرق عديدة للاستماع (للإصفاء). فبإمكانك أن تستمع لكي تجيب، أو لكي فقط تستمع. ولكن الاستماع لكي تجيب ( النوع الأول) هو ما يحدث دائمًا. وفي الحقيقة فإننا غالباً نستمع نصف استماع لنجهز أنفسنا للرد، ونبحث عن أية ملاحظة تساعدنا في إجاباتنا ( التركيز هنا لن يكون على المتحدث بل على المستمع وهنا يكمن الخطأ) .. إن الحوار الحقيقي يعني الاستماع ليس لتستعد للإجابة بل لتشارك من يحدثك في حياته الانفعالية. ما أبعد الفرق بين أن يكون سبب الإستماع هو أن تستعد لإجابة، وبين أن يكون الإستماع هو فقط لمشاركة مُحدِّثك في حياته الإنفعالية وفيما يعتمل في داخله. ويا له من أسلوب ردئ جدا للاستماع - ويبدو أن هذا الأسلوب هو الشائع والسائد - حين يأخذ عقلنا المتسرع غير الصبور - الذي يفكر أسرع بـا أو ٨ أضعاف سرعة


استماعه- في إعداد الإجابات ريثما ينتهي المتحدث من كلامه ربما يجدر بنا أن نقول كما قال سليمان الحكيم "من يجيب علي أمر قبل أن يسمعه فله


حماقة وعار." (أمثال ۱۸ : ۱۳).


يقترح مؤلف كتاب " الكلمات وتأثيرها على العقل ممارسة تمارين استرخاء في فترات


هدوء منتظمة لمساعدة عقولنا في الحصول على هذا الصمت الداخلي، فيقول: "عندما


نصبح مستفرقين كليا في شئ بسيط مثل مراقبة التنفس أو أي تمرين استرخاء آخر، فإن


الكلام / الحديث الداخلي Inner Talk للوعي اليومي يتوقف على الأقل لحظيا " ، وهذا يتيح لك أن تصبح مدركًا للأشياء الدقيقة التي تحدث مباشرة حولك، ستسمع أصواتا نادرا ما كنت تلاحظها ، وستشعر بإحساسات أكثر في جسمك، وإذا جلبت هذا الحضور


۱۰۰ ۱۰۱ بول تورنييه هبة الإحساس» ترجمة سليم اسكندر حنا دار مكتبة الكلمة القاهرة ٢٠١٤. ذلك لأن العقل لا يستطيع أن يتوقف تماما وبالكامل عن أن يفكر ، لا يمكن أن يصل العقل لحالة مطلقة الصمت (اللاكلام).


أود أن أكرر مرة أخرى أن هناك فارق بين الاستماع العقلي البحث الذي هو عبارة عن إشارات


كهروكيميائية تصل لآذاننا بلا رغبة أو قصد من ورائها، وبين الإصغاء. وفي الاستماع العقلي البحث، عندما لا


يكون المشير مُصغيًا وحاضرًا بكل كيانه، تسقط أشياء كثيرة من كلمات المستشير الثمينة؛ مثل الأشياء التي لم


يقلها المستشير بل وحتى من الأشياء التي قالها لكنها مرت مرور الكرام على مسمع وذهن المشير.
( وكأن هذا الحضور يشتمل على هذا الإصغاء للأصوات النادرة التي لن تتمكن من التقاطها في العادي، بل وسيشتمل على الإحساس المادي البدني الذي يتفاعل مع ما نسمعه) إلى المحادثة (جلسة المشورة ، فستسمع بمزيد من الوضوح نبرات الصوت الدقيقة" التي تعطي معنى عاطفيًا لكلمات المتكلم.. ستختبر التفاعل معه بوضوح أكبر.. ستشعر بألمه وتستجيب بتعاطف Compassion لأنك استطعت أن تحافظ على استرخائك . "... بالطبع هذا يفترض وجودك في مناخ داخلي إيجابي ذي حد أدنى من التوتر والسلبية، فلا بديل عن نمط يومي للحياة من التأمل والهدوء للمشير ، كما قلنا قبلاً. ويجب أن ننتبه هنا فتمارين الاسترخاء تساعد الإنسان في الحصول على الهدوء الداخلي، لكنها لا تنشئ تلك الحالة من الصمت الداخلي هي فقط عامل مساعد في سعي الإنسان الحثيث للوجود في تلك الحالة من الصمت الداخلي ولا يجب أبدا أن نتعامل مع تمارين الاسترخاء كبدائل عن الوسائل الأساسية التي توصل العقل لحالة من الإسترخاء، أي السكون والعزلة، القراءة والتأمل، وبدون هذه الأمور كنمط حياة لن تفيد تمارين الاسترخاء في شئ. على الصعيد الآخر يقول الكاتب " أن الشخص الآخر سيعرف، لاشعوريا، متى شئت الكلام الحديث الداخلي انتباهنا وسيؤدي إدراكه لعدم اهتمامنا هذا إلى الابتعاد عنا... وكلما ازداد التأمل لهذا الشكل الأعمق من الإدراك المتحدث الداخلي" (وصار العقل


مراقبا صامتا لذاته ) . كلما صار الناس متبصرين حكماء ذوي حدس Intuition وقادرين على اختيار كلماتهم بحكمة أكبر، إذ يقل الإجهاد النفسي والتوتر والاكتئاب مما يعطينا الطاقة ويجعلنا مسترخين، وعلى الصعيد الاجتماعي ذوي إدراك أكثر لاحتياجات


الأخرين


ويكمن تشتت الانتباه هنا لقلة اهتمام المستمع ( المشير ) وعدم اكتراثه لأن يهيئ نفسه فيما مضى من سنوات عمره، حتى يكون مستعدا للإصغاء، ولأن يصل للوضع الذي فيه يكون


مهتما فقط بما يسمعه من المستشير ليس بأي حديث دائر داخله. فالقدرة على اسكات


١٠٤ الإنسان المشبع بالصمت الداخلي. الكلمات وتأثيرها على العقل».


عادة النبرات الهامة للإنسان تكون ضعيفة، خفيضة ومنزلقة، فمن يستطيع أن يرصدها أو يسمعها إلا


قد تكون واجهت مواقف مشابهة لذلك من قبل، مثل أن تجد نفسك تتحدث إلى شخص وبعد أن تنهي


حديثك بالرغم من إنصاته المزعوم لك تكتشف أنه لم يستمع لك بتاتا.


هذا معنى آخر من معاني الصمت الداخلي. 1.7


الكلمات وتأثيرها على العقل».


العقل وبالتالي القدرة على الإصغاء -الحقيقي - لا تتحقق بين ليلة وضحاها، بل أنها عملية


تحتاج لتهيئة شاقة تستغرق سنوات من العمر.
نعم، إن الشخص الهادئ الذي يُحسن الإصغاء يتميز بمقدرته علي الدخول في قلب وعقل المتكلم، وتوقع ما هو آت، و بأن لا يقف عند حد التأثر بما يأتي به المتكلم بل إنه يحوم حول كل ما قد استمع إليه (وهذا لا يعني عدم صمت داخلي، بل أن الصمت الداخلي هو الذي يُساعد المشير على أن يحوم حول ما يقوله المستشير وبالتالي يفهمه) ليستخلص منه فهما حكيمًا وتصورًا صحيحًا لما يـ ا يستمع إليه، فهما غير مصبوغ بأي صبغة ذاتية بما يريد المستمع أن يتصوره، ومن يوجد بداخله أمواج وأمواج من الأصوات الداخلية، حتما سيفهم المتكلم كما تملي عليه تلك الضوضاء الداخلية، ليس كما هو بالحقيقة، لذلك فإن واحدة من أهم الطرق للتواصل مع شخص ما يعاني أو يوجد في مشكلة هو أن تصمت وتهدأ وتصغي إليه


بانتباه. قلنا أن الصمت الداخلي يقودنا ليس فقط إلى الإصغاء، بل إلى الحضور الكياني للمشير مع المستشير، حيث يحدث التلاقي الكياني


وهنا يجدر بنا الاستماع إلى المحلل النفسي بيير داكو في المقتطفات الفريدة التالية له عن صمت واستماع المشير، فيقول داكو: "يتم الاتصال الإنساني بالكلام، ولكنه يتم أيضا بما وراء الكلام. وبعض ضروب الصمت ملانة بالمعنى ، سواء كانت مشحونة بالعدوانية ۱۰۸ نعم، فالصمت لا يخيف بل بالعكس هو أمر ثري جدًا في العلاقة المشورية، فمن أجمل وأقيم ما يمكن أن تستمع إلى صمت المستشير.


11


والخوف والحصر ( القلق والتوتر Anxiety) أم بالمحبة والصحو". فكل صمت يعني شيئًا من الأشياء.. إذن، فعلى المعالج ( المشير) أن "يختفي". وعليه أن يبقى حاضرًا، من جهة أخرى، بكل صفاته الإنسانية وتقنياته. إنه يظل حاضرًا كل ثانية بقلبه وفكره. ويصبح أخرسا، ويصبح صامتًا. ويسكت. إنه يصغي . فإذا ما رآه المرء، ظنه سلبيًا.. إذ أنه لا يتكلم ولا يقوم برد فعل .. ففي هذه الفترة السلبية" إنما يتصف المعالج، على وجه الدقة بأنه أكثر فاعلية ) في فترة الصمت تلك ، يكون المشير أكثر فاعلية وفائدة للمستشير أكثر حتى مما يستطيع أن يفيد به المستشير بالكلمات). إنه يفصل شخصيته وآراءه الفلسفية في


أعمق أعماق ذاته ويصبح إنسانا لا آراء له.


"إن المعالج (المشير) يصمت، ويتهيأ للعمل بعمق فالصمت ليس سلبيًا، لكن أثناء الصمت هناك شئ فاعل وفعال جدا Very Effective) ويستخدم لمصلحة مريضه (مستشيره) جميع مصادر شعوره ولاشعوره ( هناك عملية من التهيئة والنشاط عالية الجودة، تحدث في صمت) . ويدع نفسه تنزلق وتسيل في لا شعور مستشيره (هنا نرى الدخول لعالم الآخر). فليس صمت المعالج إذن "تقنية" Technique اعتباطية (إنه صمت داخلي


قبل أن يكون صمتا خارجيًا)، بل هو وسيلة إنسانية بصورة عميقة، تتيح للمستشير أن يبقى وحيدا مع ذاته وبجانب "شاهد Witness (أي المشير من الضروري إقامة اتحاد


عميق معه خلال عدة شهور.


" وحيدًا مع ذاته، في حضور شاهد يقيم معه إتحاد عميق لعدة أشهر". هذا يكفي لأن يكون تعبيرًا جيدًا وشاملاً - إلى حد ما- عن المشورة. فالمستشير أو الإنسان المتألم لا يحتاج أن يخرج من ذاته أو يلقي بذاته على شخص آخر، بل هو يحتاج أن يبقى وحيدا مع


ذاته، بجانب شاهد - يكون في إتحاد عميق معه - يشهد هذا الألم والوحدة. لذلك يصل الأمر بفيلسوف رومانيا المعاصر إميل سوران أن يقول أن "الاتصال الحقيقي


بين الكائنات لا يتم إلا من خلال الحضور الصامت من خلال اللاتواصل الظاهري من خلال التبادل الغريب الخالي من الكلمات والذي يشبه الصلاة الداخلية." ربما


تكون هذه الكلمات عن الصمت الداخلي أكثر غموضا لدى البعض، رغم كل محاولاتي المستميتة لتوضيحها، لكن هنالك بعض المفاهيم التي إن لم يكن لها المفردات في مستقبلاتنا،


والخوف والحصر ( القلق والتوتر Anxiety) أم بالمحبة والصحو". فكل صمت يعني شيئًا من الأشياء.. إذن، فعلى المعالج ( المشير أن "يختفي". وعليه أن يبقى حاضرًا ، من جهة أخرى، بكل صفاته الإنسانية وتقنياته. إنه يظل حاضرًا كل ثانية بقلبه وفكره. ويصبح أخرسا، ويصبح صامتا ويسكت إنه يصغي. فإذا ما رآه المرء، ظنه سلبيًا.. إذ أنه لا يتكلم ولا يقوم برد فعل .. ففي هذه الفترة السلبية" إنما يتصف المعالج، على وجه الدقة بأنه أكثر فاعلية ) في فترة الصمت تلك ، يكون المشير أكثر فاعلية وفائدة للمستشير أكثر حتى مما يستطيع أن يفيد به المستشير بالكلمات). إنه يفصل شخصيته وآراءه الفلسفية في


أعمق أعماق ذاته. ويصبح إنسانا لا آراء له. "إن المعالج (المشير) يصمت، ويتهيأ للعمل بعمق فالصمت ليس سلبيًا، لكن أثناء الصمت هناك شئ فاعل وفعال جدا Very Effective) ويستخدم لمصلحة مريضه (مستشيره) جميع مصادر شعوره ولاشعوره (هناك عملية من التهيئة والنشاط عالية الجودة، تحدث في صمت) . ويدع نفسه تنزلق وتسيل في لا شعور مستشيره (هنا نرى الدخول لعالم الآخر ) . فليس صمت المعالج إذن "تقنية" Technique اعتباطية (إنه صمت داخلي قبل أن يكون صمتاً خارجيًا)، بل هو وسيلة إنسانية بصورة عميقة، تتيح للمستشير أن يبقى وحيدا مع ذاته وبجانب " شاهد Witness (أي المشير ) من الضروري إقامة اتحاد عميق معه خلال عدة شهور


" وحيدًا مع ذاته، في حضور شاهد يقيم معه إتحاد عميق، لعدة أشهر". هذا يكفي لأن يكون تعبيرا جيدا وشاملاً إلى حد ما- عن المشورة. فالمستشير أو الإنسان المتألم لا يحتاج أن يخرج من ذاته أو يلقي بذاته على شخص آخر، بل هو يحتاج أن يبقى وحيدا مع


ذاته، بجانب شاهد - يكون في إتحاد عميق معه - يشهد هذا الألم والوحدة.


لذلك يصل الأمر بفيلسوف رومانيا المعاصر إميل سوران أن يقول أن "الاتصال الحقيقي" بين الكائنات لا يتم إلا من خلال الحضور الصامت من خلال اللاتواصل الظاهري، من 111


خلال التبادل الغريب الخالي من الكلمات والذي يشبه الصلاة الداخلية. ربما تكون هذه الكلمات عن الصمت الداخلي أكثر غموضا لدى البعض، رغم كل محاولاتي


المستميتة لتوضيحها ، لكن هناك بعض المفاهيم التي إن لم يكن لها المفردات في مستقبلاتنا.


في كل حالات هذا الشخص، نجد صمته ملينا بالمعنى أكثر مما يمكن أن تحمله الكلمات.


«انتصارات التحليل النفسي».


يتم ذكر كلمة الحقيقي هنا حيث كل شئ قابل للتزييف كل أمر حقيقي قابل لأن يكون منه نسخة زائفة


ومقلد، سواء في الحياة الروحية أو الفكرية والإنسانية. إميل سوران «شذرات» ترجمة حسن بلاسم عدنان المبارك. بدون ناشر، أو تاريخ نشر ۱۱۲


فمهما حاولنا توضيحها لن تتضح.


في الوقت الذي فيه يقول كلايتبل وكلنا يعلم الفراغ وضياع الإحساس بالشخصية (وكأنك


لست إنسانًا عندما يكون الشخص الذي نحدثه غير متواجد ولا حاضر معنا. وعلى كل


مشير أن يكون متواجدًا أثناء الصلة (العلاقة العلاجية


لن يوجد إذا تلاقي كياني، ولن توجد علاقة علاجية دون الحضور الكياني للمشير مع


المستشير، والذي يتحقق بواسطة الصمت الداخلي ..


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

1- يحدث التفاعل...

1- يحدث التفاعل الاجتماعي بين الأفراد الشاغلين الأدوار اجتماعية معينة ويأخذ زمناً يتراوح بين أسبوع إ...

Choosing my car...

Choosing my career path was one of the most difficult decisions I've ever faced in my life. At that ...

The package: On...

The package: On the package of our Colombia Nariño coffee you can find a Yukuna mask. The Yukana is ...

،4 برنامج STATA...

،4 برنامج STATA تم إصدار برنامج STATA من قبل مؤسسة STATAcorp سنة 1985، وهو يعتبر أحد الحزم الإحصائية...

شهادة الشهود: ي...

شهادة الشهود: يمكن الاستعانة بشهادة الشهود لإثبات واقعة الزواج في حال عدم وجود عقد زواج رسمي . فقد ت...

The Codex Gener...

The Codex General Principles of Food Hygiene provides comprehensive guidance on pest control under S...

A Difficult Dec...

A Difficult Decision I am against factories that pollute the environment. But there is a question a...

While Colombia’...

While Colombia’s vision is firmly set on the future, with sustainable practices, and water and rainf...

تطبيق شعار الإص...

تطبيق شعار الإصلاح (الحياة الاقتصادية ) كان شعار الدعوة إلى الإصلاح أحد الشعارات التي رفعتها الدعو...

بعد اتمام هذه ا...

بعد اتمام هذه الدراسة الميدانية ومن خلال تقديم هذا الفصل التطبيقي يتضح أن الضريبة على الدخل الإجمالي...

اختيار **أفضل ط...

اختيار **أفضل طريقة لعزل الإنزيم** يعتمد على عدة عوامل، مثل: - **نقاء الإنزيم المطلوب**. - **خصائص ا...

Singing and mus...

Singing and music play an important role in our culture. You'll find music present in many aspects o...