Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (43%)

تستوجب الضرورة المنهجية على الباحث إتباع منهج علمي معين من بين العديد من المناهج المتباينة، وانطلاقا من اعتبار المنهج الطريقة المتبعة في دراسة وتحليل موضوع معين بشكل مترابط ومنسق وذلك بالاعتماد على أدوات استقصائية تستعمل في استخراج المعلومات من مصادرها الأصلية والثانوية، كما ويعتبر في سياق آخر أسلوب للتفكير والعمل يتم اعتماده لتنظيم الأفكار لبلوغ الحقائق حول ظاهرة معينة. • كونه الطريق الآمن في الوصول إلى العلم الصحيح ويتم اعتماد منهج معين من أول البحث بداية من الجانب النظري وليس كالأداة (الوسيلة) التي يم اعتمادها انطلاقا من الجانب الميداني؛ • كونه في أبسط معانيه يمثل استراتيجية تم تطويرها ثم تبنيها من قبل العلماء والمفكرين في عملية جمع المعلومات والشواهد والأدلة من الواقع حول موضوع معين تعتبر بمثابة مداخل عامة يستعين بها الباحث في رؤية الواقع الاجتماعي من زوايا مختلفة فهو بذلك أكبر من مجرد أداة أو وسيلة هذه الأخيرة يتم تحديدها بعده بمعنى تحديد المنهج يسبق تحديد الوسيلة أو الأداة التي تم بها جمع البيانات؛ • كونه يتيح للباحث التعرف على الخبرات السابقة في مجاله لاستثمارها في بحثه، استعانة بمن سبقه من الباحثين والعلماء ليفي بحثه بالغرض المطلوب. هناك تصنيفات عديدة للمناهج فهناك من يصنفها إلى مناهج فلسفية ومناهج تفسيرية، وهناك تصنيفا لمناهج تلقائية وأخرى تأملية ومناهج علمية، وهناك من يصنفها إلى مناهج استنباطية أو قياسية (نمط التفكير فيه يكون من الكل إلى الجزء أو من العام إلى الخاص أي من المقدمات إلى النتائج) ومناهج استقرائية (عكس الاستنباطية). وسنكتفي في هذا المقام بعرض المناهج في علم الاجتماع حسب التصنيف الأكثر شيوعا من حيث الاستخدام والتداول وفق المنوال التالي:
ولكي نستعيد التاريخ هناك منهج خاص بذلك وهو المنهج التاريخي والذي يعمل هذا المنهج على استرداد واسترجاع الماضي بمنافعه وأضراره وبانتصاراته وانتكاساته وذلك على أساس دراسة أحداث الماضي وتفسيرها وتحليلها بهدف التوصل إلى قوانين عامة تساعدنا على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل وهو ما يمثل في ميزان البحث العلمي قيمة من قيم العلم حيث يشكل بعدا مركزيا في هوية الظواهر، والوقوف على عوامل تغيرها وانتقالها من حال إلى حال. وبناء على كل ما سبق فإن عملية الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها بحسب هذا المنهج تبدو مستحيلة وذلك لارتباط الظواهر التاريخية بمعطيات زمنية وبيئية يصعب تكرارها على غرار أن الدراسات التاريخية موضع تعديل مستمر، ✓ منهج المسح الاجتماعي: يعتبر منهج المسح الاجتماعي من أشهر مناهج البحث وأكثرها استخداماً في الدراسات الوصفية خاصة وأنه يوفر الكثير من البيانات والمعلومات عن موضوع الدراسة. ويعتبر المسح أكثر طرق البحث الاجتماعي استعمالاً، ذلك لأننا بواسطته نجمع وقائع ومعلومات موضوعية عن ظاهرة معينة أو حادثة مخصصة أو جماعة من الجماعات أو ناحية من النواحي: صحية، ويعرف المسح بأنه عبارة عن دراسة عامة لظاهرة موجودة في جماعة معينة وفي مكان معين وفي الوقت الحاضر، وفي المسح الاجتماعي يتم جمع بيانات مقننة من مجتمع البحث، ويعد الاستبيان والمقابلات المقننة أكثر الأساليب استخداماً في تنفيذ المسوح الاجتماعية. ويتمثل الغرض الرئيسي من إجراء المسح في إنتاج بيانات تشكل أساساً للتعميم حول مجتمع المسح أو الجماعات المستهدفة النتائج للاستفادة منها في وضع الخطط والبرامج لإجراء الإصلاح الاجتماعي. والمسوح الاجتماعية نوعين رئيسيين، هما: المسح الشامل حيث تجمع معلومات شاملة حول جوانب الظاهرة المدروسة من جميع وحدات البحث سواء أكانت أفرادا أو جماعات. أي يمكن تعميمها على جميع وحدات مجتمع الدراسة. ولدراسات المسح الاجتماعي ميزة أساسية، كونها تمثل أسلوباً ناجحاً في دراسة الظواهر والأحداث الاجتماعية والمشكلات الاجتماعية التي يمكن جمع معلومات وبيانات نوعية وكمية عنها، وذلك لأن الباحث يعد مسبقاً أدوات بحثه كالاستبيان مثلاً قبل أن يبدأ عملية المسح، غير أن هذا النقد يمكن أن تقل أهميته كثيراً أذا كان الباحث قد أعد استبيانه بعد فترة كافية من الدراسة الاستطلاعية والملاحظة، ومن عيوب المسح الاجتماعي أيضاً الخطأ الذي يقع فيه الباحث أثناء اختيار العينة، ناهيك على خطأ التحيز في الاستبيان سواء كان من قبل الباحث أو المبحوث. ✓ المنهج المقارن: يركز هذا المنهج على مقارنة جوانب التشابه والاختلاف بين الظواهر الاجتماعية لغرض اكتشاف أي العوامل أو الظروف التي تصاحب حدوث ظاهرة اجتماعية أو ممارسة معينة، ويخضع التحليل المقارن إلى أربع حالات من المقارنة وهي كما يلي:
مقارنة علاقة عدة متغيرات في مجتمع واحد؛ مقارنة علاقة عدة متغيرات في مجتمعات متباينة. غير أن بحوث المقارنة تمتاز عن البحوث غير المقارنة في عدة جوانب من بينها أن البحوث المقارنة تؤدي إلى زيادة قدرة الباحث على تقديم تفسيرات أكثر قوة للظاهرة المدروسة بالاستعانة بالعوامل والجوانب الثقافية والاجتماعية الخاصة بكل مجتمع مدروس ، إذ أن هذه التفسيرات تستند إلى أدلة تجمع من مجتمعين فأكثر وليس من مجتمع واحد، كما وتؤدي البحوث المقارنة إلى تدعيم قدرة الباحث على زيادة المتغيرات المدروسة التي يشملها تصميم البحث باستخدام مؤشرات متنوعة مستمدة من أكثر من مجتمع من جهة أخرى. فقد تحدث ظاهرة ما نتيجة لسبب ما في ظرف معين وقد تحدث نفس نتيجة لسبب آخر يختلف عن السبب الأول في ظرف آخر. كما يستحيل في بعض الأحيان ضبط المتغيرات المختلفة في حالة المنهج المقارن. على غرار أنه من الصعب فصل دراسة الظاهرة الاجتماعية بمعزل عن محيطها الاجتماعي الذي نشأت فيه، بيد أن منهج المقارنة يقوم على معالجة الظواهر التي يصعب معالجتها بالبحوث التجريبية. ✓ منهج دراسة الحالة: يختلف علماء المناهج في تحديد دراسة الحالة، هل هي منهج ضمن مناهج البحث أو يمكن اعتبارها إحدى أدوات جمع البيانات. وحسب قاموس علم الاجتماع فإن دراسة الحالة منهج في البحث وضعه الباحث الاجتماعي فايرشايلد Fairchild والذي يمكن عن طريقه جمع البيانات ودراستها، بحيث يمكن رسم صورة كلية لوحدة معينة في علاقاتها المتنوعة وأوضاعها الثقافية. ودراسة الحالة هي الدراسة التي تهتم بحالة فرد أو جماعة (كالأسرة مثلا) يصعب على الباحث استخدام المناهج الأخرى من أجل جمع معلومات عن أفراد مجتمع الدراسة بأسلوب معمق. ولا يؤخذ بهذه الطريقة في جميع تخصصات علم الاجتماع . بينما علم السكان أو علم الاجتماع الحضري لا يأخذان به. وكما يمكن الجمع بين الدراسة الكمية والكيفية في هذا المنهج. أو أسلوباً من أساليب البحث الوصفي، وإذا كان موضوع الدراسة منصباً على المؤسسات الاجتماعية، فإن كل مؤسسة اجتماعية تعتبر بمثابة حالة، ويعتقد بعض العلماء في البحث الاجتماعي بأن منهج دراسة الحالة قد يدرس مرحلة معينة من تاريخ الوحدة أو يدرس جميع المراحل التي مرت بها للوصول إلى التعميمات العلمية المتعلقة بالوحدة المدروسة وبغيرها من الوحدات المشابهة لها. ​​ومن أدوات هذا المنهج أو إجراءاته كما هو الحال في مناهج البحث الأخرى، هذه الإجراءات هي متطلبات أو تقنيات دراسة الحالة. لكل فرد في الفريق دور يقوم به ويجمع من خلال هذا الدور بيانات عن الحالة. وتتم مناقشة البيانات الواردة من كل عضو في الفريق في اجتماع ويخرج هذا المؤتمر(مؤتمر الحالة) بتوصيات حول الحالة من حيث إجراء المزيد من البحث أو السير في تنفيذ الخطة العلاجية. - تحديد مشكلة الدراسة أو نوع السلوك المطلوب دراسته. - جمع البيانات وتسجيلها وتحليلها؛ أما الأهداف غير المباشرة لمنهج دراسة الحالة فتتمثل في التعرف على السمات المشتركة لبعض المشكلات النوعية في مجالات خدمة الفرد واختيار وانتقاء الفروق بعد دراسة عدد معين من وتعديلها أو تدعيمها وفقاً لنتائج الاختبارات. ​وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنهج يمتاز عن غيره من المناهج بالعمق والتركيز على ظاهرة أو موضوع محدد وعدم الاكتفاء بالوصف الخارجي للحالة موضوع الاهتمام حيث يهتم بالموقف الكلي من خلال تحليل مختلف العوامل المؤثرة في الحال. فكل حالة تختلف عن غيرها من الحالات حتى وإن بدت مشابهة نسبيا وذلك بسبب التغير المستمر للظروف البيئية المحيطة بالحالة بالإضافة إلى إمكانية التحيز من قبل الباحث في عرض نتائج دراسة الحالة الأمر أو المبحوث (كأن يندفع إلى المبالغة والتركيز على الجوانب التي تدعم موقفه ويتجنب الجوانب التي تتناقض معه) الأمر الذي من شأنه أن يهدد درجة المصداقية على النتائج المتوصل إليها كما ويعاني هذا المنهج من صعوبات ترتبط بإمكانية ضعف تمثيل العينة لمجتمع الدراسة الأمر الذي ينجر عنه صعوبات كبيرة عند محاولة التعميم. لا يختص بها منهج دراسة الحالة من دون مناهج البحث الاجتماعي الأخرى، رغم ذلك فقد أثبتت دراسة الحالة في الوقت الحاضر فعاليتها وقيمتها في مجالات متعددة كالتعليم ومهنة العمل الاجتماعي. وهذا ما يجعل من دراسة الحالة مدخل ينظر إلى أي وحدة اجتماعية نظرة كلية شاملة تستوعب تطور هذه الوحدة ونموها، إلا أن هناك شبه إجماع على تعريف كل من برنارد بيرلسون Bernard Berelson وأولي هولستي Ole Holsti حيث أن الأول يعرف تحليل المضمون بأنه، و الثاني يعرفه بأنه وسيلة للقيام باستنتاجات عن طريق التحديد المنظم والموضوعي لسمات معينة في الرسائل الاتصالية . يتسم أسلوب تحليل المضمون بالموضوعية والتي تعد سمة مميزة للبحث العلمي ذاته، متمثلة في اختيار عينة عشوائية إلى جانب الالتزام بمستوى أو وحدة التحليل المناسبة، وهناك مراجع عديدة في المنهجية تعتبر تحليل المضمون وسيلة من وسائل جمع البيانات، كما يمكن لتحليل المحتوى أن يستخدم في دراسات علم الإعلام لوصف المحتوى الظاهر والمضمون الصريح للمادة الإعلامية المراد تحليلها من حيث الشكل والمضمون. ويستخدم أيضاً في الدراسات التربوية والنفسية والسياسية أكثر مما يستخدم في الدراسات الاجتماعية، لأن الدراسات الاجتماعية تعتمد على منهج المسح الميداني والمنهج المقارن ومنهج الملاحظة والملاحظة بالمشاركة أكثر مما تعتمد على منهج تحليل المضمون. لذا يضطر الباحث الاجتماعي في مثل هذه الحالات استخدام الوثائق والسجلات والمستندات والمذكرات والمقالات والصحف وغيرها من أجل التوصل إلى الحقائق والبيانات عن موضوع البحث المزمع إجراؤه. وهناك عدة أسباب تجعل الباحثين في مجال علم الاجتماع يستخدمون أسلوب تحليل المضمون، - تحليل النص للوصول إلى الاستنتاجات عن المرسل من ناحية، وذلك للكشف عن الاتجاهات والاهتمامات والقيم السائدة في الجماعات المختلفة، - يستخدم تحليل المضمون في الدراسات المتعلقة بالرأي العام بهدف التعرف على المشاكل التي تحظى باهتماماته واتجاهاته وردود أفعاله تجاه قضايا معينة، على الباحث آن يقرر المجتمع الذي يدرسه والعينة التي يختارها؛ على الباحث أن يقرر كيفية معالجة بيانات إحصائية لاستخلاص النتائج. ويختلف مجتمع أو وحدة الدراسة في تحليل المضمون باختلاف أهداف البحث نفسه، فإن مجتمع البحث هو جميع أعداد الصحيفة الصادرة خلال الفترة التي يغطيها البحث. وقد تتأثر عملية تحديد وحدة البحث بعدة عوامل مثل استمرارية أو انقطاع الجرائد والمجلات لفترة زمنية معينة، ومن الطبيعي أن يكون مجتمع البحث واسعاً في بعض الأحيان قلما يستطيع الباحث أن يدرسها بدراسة شاملة، وعليه أن يلجأ إلى اختيار عينة ممثلة لمجتمع الدراسة أو البحث. ومن أكثر أنماط العينات المستخدمة في دراسات تحليل المضمون عموماً العينة المتعددة المراحل أو عينة التجمعات، فالعينة المختارة في الدراسات التي تستخدم أسلوب تحليل المضمون كأداة لجمع البيانات قد تشمل الكلمات، كما ويمتاز أسلوب تحليل المضمون بعدد من المزايا يمكن تعداد بعضها انطلاقا من أن الاتصال المباشر بالمصادر البشرية يمكن أن يقلل من احتمال التدخل ذاتي حيث لا يؤثر الباحث في المعلومات التي يقوم بتحليلها فتبقى كما هي قبل وبعد إجراء الدراسة، مع إمكانية إعادة إجراء الدراسة مرة ثانية ومقارنة النتائج مع المرة الأولى لنفس الظاهرة أو مع نتائج دراسة ظواهر وحالات أخرى. إذا نجح في اختيار عينة ممثلة عن الوثائق وإذا استخدم المنهج العلمي في نقدها قبل دراستها وتحليلها. ✓ المنهج الكمي: حيث يستخدم المنهج الكمي في إنتاج بيانات عددية أو إحصائية، ولغرض التحكم في الظاهرة المدروسة يجري فيه الاعتماد على تجزئتها واعتماد النظرة التجزيئية بدلا من النظرة الكلية ما ويتم الاعتماد فيه على التحقق الميداني من قبول الفرض أو نقضه ونفيه عبر جميع البيانات الموضوعية للوصول إلى النتائج وذلك باستخدام الوسائل الإحصائية المناسبة. وأكثر ما يشاع عن البحوث ذات المناهج الكمية أنها متحررة من كل ما هو داخلي وتعتمد على كل ما هو خارجي قابل للملاحظة. ✓ المنهج الكيفي: مصطلح البحوث الكيفية مصطلح شامل يحتوي على أنماط مختلفة من البحوث في علم الاجتماع منها البحوث الاثنوغرافية، ولا يتعامل البحث الكيفي على أن الحقائق ثابتة بقدر ما يتعامل معها كحقائق دينامية متفاعلة ومتغيرة ومتحولة. وتتحكم خطوات البحث فيها بعقل الباحث، التخلي عن تكوين الفرضيات مسبقاً؛ التركيز على البحث الميداني الاستطلاعي.  البحث بوصفه متفاعلاً: إذا كانت مناهج البحث الكمي تؤكد على المسافة بين الباحث والمبحوث في عملية البحث، وبين الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافة معينة.  الطابع الديناميكي بين البحث والموضوع: إن فهم البحث عملية تفاعل واتصال بين الباحث والمبحوث، أي إن هذه الديناميكية هي ما تميز البحث وموضوع البحث.  التأمل النقدي للموضوع والتحليل: يتميز البحث الاجتماعي الكيفي بالتفكير النقدي بالموضوع، أو تأمل موضوع البحث وعملية البحث. يقوم على التصور النظري لمجال الموضوع ذاته. بخلاف منهج البحث الكمي الذي يغلب عليه الطابع الآلي التقني. وبالرغم من الاختلاف الموجود بين المنهج الكمي والكيفي إلا أنهما يكملان بعضهما البعض (يتم استدراك عيوب كليهما بالتكامل بينهما)، كما نقل كل من "ستراوش وكويون وبانون" حيث يوجد تداخل شديد في استخدام المناهج الكمية والكيفية، ما دام علماء الاجتماع يسعون إلى الحصول على كلا النوعين من البيانات. ويستخدم عدد كبير من علماء الاجتماع- وربما معظمهم- هذين النوعين لاستكمال البيانات،


Original text

تستوجب الضرورة المنهجية على الباحث إتباع منهج علمي معين من بين العديد من المناهج المتباينة، حيث يتم اختياره انطلاقا من نوع البحث وموضوعه وأهدافه، ومتغيراته وحسب نوع المعطيات المراد جمعها... والجدير بالذكر في هذا المقام أن المناهج تختلف باختلاف التخصصات والحقول المعرفية، كما أن المناهج العلمية لها مزايا وعيوب، الأمر الذي يمكن أن يتجاوز من خلال اعتماد أكثر من منهج في البحث الواحد. وانطلاقا من اعتبار المنهج الطريقة المتبعة في دراسة وتحليل موضوع معين بشكل مترابط ومنسق وذلك بالاعتماد على أدوات استقصائية تستعمل في استخراج المعلومات من مصادرها الأصلية والثانوية، البشرية والمادية، والبيئية والفكرية. كما ويعتبر في سياق آخر أسلوب للتفكير والعمل يتم اعتماده لتنظيم الأفكار لبلوغ الحقائق حول ظاهرة معينة.
وتتمثل أهمية المنهج العلمي من خلال:
• كونه الطريق الآمن في الوصول إلى العلم الصحيح ويتم اعتماد منهج معين من أول البحث بداية من الجانب النظري وليس كالأداة (الوسيلة) التي يم اعتمادها انطلاقا من الجانب الميداني؛
• كونه في أبسط معانيه يمثل استراتيجية تم تطويرها ثم تبنيها من قبل العلماء والمفكرين في عملية جمع المعلومات والشواهد والأدلة من الواقع حول موضوع معين تعتبر بمثابة مداخل عامة يستعين بها الباحث في رؤية الواقع الاجتماعي من زوايا مختلفة فهو بذلك أكبر من مجرد أداة أو وسيلة هذه الأخيرة يتم تحديدها بعده بمعنى تحديد المنهج يسبق تحديد الوسيلة أو الأداة التي تم بها جمع البيانات؛
• كونه يساعد الباحث على ممارسة التفكير بطريقة منظمة لبلوغ الأهداف المسطرة؛
• كونه يتيح للباحث طرق منهجية يختارها ليقتصد في الجهد والوقت في اشتغاله على موضوع بحثه؛
• كونه يتيح للباحث التعرف على الخبرات السابقة في مجاله لاستثمارها في بحثه، استعانة بمن سبقه من الباحثين والعلماء ليفي بحثه بالغرض المطلوب.
هناك تصنيفات عديدة للمناهج فهناك من يصنفها إلى مناهج فلسفية ومناهج تفسيرية، وهناك تصنيفا لمناهج تلقائية وأخرى تأملية ومناهج علمية، وهناك من يصنفها إلى مناهج استنباطية أو قياسية (نمط التفكير فيه يكون من الكل إلى الجزء أو من العام إلى الخاص أي من المقدمات إلى النتائج) ومناهج استقرائية (عكس الاستنباطية)... وسنكتفي في هذا المقام بعرض المناهج في علم الاجتماع حسب التصنيف الأكثر شيوعا من حيث الاستخدام والتداول وفق المنوال التالي:
✓ المنهج التاريخي (الاستردادي أو الاسترجاعي): التاريخ طويل يعكس الماضي يبدأ من حيث بدأ التقاء الإنسان بالطبيعة وهو مستمر ما دام اللقاء بينهما مستمر وفق ثنائية الفعل والزمن (لكل حدث زمانه)، ففي الوقت الذي يبدأ فيه الحاضر ينتهي الماضي فاللحظة الآنية تصبح بعدها في حكم التاريخ وهكذا دواليك... ولكي نستعيد التاريخ هناك منهج خاص بذلك وهو المنهج التاريخي والذي يعمل هذا المنهج على استرداد واسترجاع الماضي بمنافعه وأضراره وبانتصاراته وانتكاساته وذلك على أساس دراسة أحداث الماضي وتفسيرها وتحليلها بهدف التوصل إلى قوانين عامة تساعدنا على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل وهو ما يمثل في ميزان البحث العلمي قيمة من قيم العلم حيث يشكل بعدا مركزيا في هوية الظواهر، الأمر الذي يجعلنا جميعنا نقر بأن التاريخ ليس مجرد ذكرى لا جدوى منها بل يعتبر وسيلة لإشباع الفضول العقلي ومحاولة الإلمام بالأحداث ومجرياتها وإفراز الحقائق وإبرازها. ويختص هذا المنهج بوصف الأحداث بطريقة موضوعية ويحاول أن يربطها في سياق زمني من أجل تقديم استمرار من الماضي إلى الحاضر والمستقبل وبذلك فلا بد للباحث الاجتماعي من الرجوع إلى الماضي لتعقب الظاهرة منذ نشأتها، والوقوف على عوامل تغيرها وانتقالها من حال إلى حال. ويتضمن البحث وفق هذا الإطار وضع الأدلة المأخوذة من الوثائق والسجلات مع بعضها بطريقة منطقية، والاعتماد على هذه الأدلة في تكوين النتائج التي تؤسس لحقائق . فالباحث الذي يستخدم المنهج التاريخي يستطيع من خلال تطبيق أدوات البحث العلمي في دراسته كالدقة والموضوعية والأمانة الفكرية وجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها أن يصل إلى ربط الأحداث التاريخية وإيجاد بعض العلاقات السببية بينها، ومن ثم محاولة وضع قوانين يمكن تعميمها والاستفادة منها. وينبغي في هذا المقام الإشارة إلى الاختلاف الموجود بين الباحث الاجتماعي والمؤرخ إذ ينصب اهتمام الأول على تفسير وتحليل الحدث وربطه بظروف بيئته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بينما يذهب عمل المؤرخ إلى تدوين الحدث والإلمام بتفاصيل الماضي والأحداث المنفردة. وعليه يمكن القول أن المنهج التاريخي ليس مجرد عملية بحث عن الوثائق بل يعتبر أيضا إجراءا لإثبات أصالة الوثائق ولترميزها والحفاظ عليها، كما يمنكن تطبيقه عند دراسة كل أنواع الوثائق المكتوبة أو السمعية أو البصرية، أو السمعية البصرية والتي تم إنتاجها في ماض قديم أو حديث، ويعتبر عبد الرحمان ابن خلدون أول من تناول المادة التاريخية بجد وبين كيفية الاستفادة منها في فهم أحوال الأمم.


وللمنهج التاريخي مزايا وعيوب شأنه في ذلك شأن أي منهج آخركما سبق وأن أشرنا إلى ذلك آنفا:
فأما المزايا: الكشف عن كيفية تطور المجتمع الإنساني، لا يمكن الاستغناء عن دراسة الجذور التاريخية للحياة المعاصرة والحديثة لأنها امتداد للحياة السابقة فلا يمكن دراسة الحاضر بمعزل عن الماضي. وأما العيوب فمنها من يرى بأن آراء المؤرخين تختلف حول الموضوع التاريخي الواحد وأن بعضهم ينتقد بعضاً، وهذا دليل على ضرورة الاعتراف بوجود العنصر الذاتي في التفكير التاريخي ما يجعله يفتقر إلى درجة كبيرة من الموضوعية وذلك لعدم القدرة أو الإمكانية لإخضاع كافة الأحداث الماضية للتكرار من جهة بالإضافة إلى ضعف قدرة المؤرخين الباحثين على ضبط العوامل المؤثرة من خلال تجميد أو تثبيت بعضها، كما وقد تتعرض الأحداث التاريخية للتلف والتزوير أو الاحتكار من قبل جهة معينة، كما وقد تكون البدايات الأولى للتاريخ الإنساني غير معروفة، وبالتالي فمن الصعب إعطاء معرفة كاملة حول مختلف جوانب الحياة الماضية كما ويرتكز هذا المنهج على فرضيات تخمينية غير يقينية، أي غير قابلة للتحقق منها. وبناء على كل ما سبق فإن عملية الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها بحسب هذا المنهج تبدو مستحيلة وذلك لارتباط الظواهر التاريخية بمعطيات زمنية وبيئية يصعب تكرارها على غرار أن الدراسات التاريخية موضع تعديل مستمر، إذ يتوقع أن تظهر في المستقبل وجهات نظر جديدة تفسر الوقائع الماضية من خلال وقائع جديدة.
✓ منهج المسح الاجتماعي: يعتبر منهج المسح الاجتماعي من أشهر مناهج البحث وأكثرها استخداماً في الدراسات الوصفية خاصة وأنه يوفر الكثير من البيانات والمعلومات عن موضوع الدراسة. ويعتبر المسح أكثر طرق البحث الاجتماعي استعمالاً، ذلك لأننا بواسطته نجمع وقائع ومعلومات موضوعية عن ظاهرة معينة أو حادثة مخصصة أو جماعة من الجماعات أو ناحية من النواحي: صحية، تربوية، اجتماعية... ويعرف المسح بأنه عبارة عن دراسة عامة لظاهرة موجودة في جماعة معينة وفي مكان معين وفي الوقت الحاضر، دون الخوض في تأثير الماضي والتعمق في هذا الماضي، كما أنها تدرس الظواهر كما هي دون تدخل الباحث فيها والتأثير على مجرياتها. وفي المسح الاجتماعي يتم جمع بيانات مقننة من مجتمع البحث، ويعد الاستبيان والمقابلات المقننة أكثر الأساليب استخداماً في تنفيذ المسوح الاجتماعية. ويتمثل الغرض الرئيسي من إجراء المسح في إنتاج بيانات تشكل أساساً للتعميم حول مجتمع المسح أو الجماعات المستهدفة النتائج للاستفادة منها في وضع الخطط والبرامج لإجراء الإصلاح الاجتماعي. وتستخدم الدراسات المسحية أيضا لاكتشاف العلاقات الارتباطية بين المتغيرات. والمسوح الاجتماعية نوعين رئيسيين، هما: المسح الشامل حيث تجمع معلومات شاملة حول جوانب الظاهرة المدروسة من جميع وحدات البحث سواء أكانت أفرادا أو جماعات. والمسح بالعينة (بالمعاينة)، وهو أكثر استخداماً وشيوعاً من المسح الشامل، وذلك لقلة تكاليفه نسبياً، ولإمكانية الحصول على نتائج ممثلة حقا، أي يمكن تعميمها على جميع وحدات مجتمع الدراسة. والباحث في هذا النوع يكتفي بدراسة عدد محدود من الحالات أو المفردات في حدود الوقت والجهد والإمكانيات المتوفرة لدى الباحث.
ولدراسات المسح الاجتماعي ميزة أساسية، كونها تمثل أسلوباً ناجحاً في دراسة الظواهر والأحداث الاجتماعية والمشكلات الاجتماعية التي يمكن جمع معلومات وبيانات نوعية وكمية عنها، وفي كونها وسيلة لقياس أو إحصاء الواقع لوضع الخطط وتطويره بصفة مستمرة. أما عيوب المسح الاجتماعي فتتمثل في كون الدراسات المسحية تهتم بالشمول أكثر مما تهتم بالعمق، فالباحث الذي يقوم بعملية المسح الاجتماعي يهتم بدراسة أراء الناس ومواقفهم المعلنة دون أن يهتم بالتحليل أو بالتعميق في دراسة العوامل التي تؤدي إلى هذه الآراء والمواقف. كما يرى بعض الباحثين أن الدراسات المسحية لا تعطي الباحث مرونة كافية لاستيعاب الظاهرة، كما قد يجدها في الواقع، وذلك لأن الباحث يعد مسبقاً أدوات بحثه كالاستبيان مثلاً قبل أن يبدأ عملية المسح، وبذلك يقيد نفسه في أسئلة الاستبيان فقط، مما قد يؤدي إلى إغفال بعض المعلومات، غير أن هذا النقد يمكن أن تقل أهميته كثيراً أذا كان الباحث قد أعد استبيانه بعد فترة كافية من الدراسة الاستطلاعية والملاحظة، كما يستطيع الباحث أن يعزز المعلومات التي يحصل عليها من الاستبيان باستخدام أدوات تدعيمية أخرى كالمقابلة أو الملاحظة. ومن عيوب المسح الاجتماعي أيضاً الخطأ الذي يقع فيه الباحث أثناء اختيار العينة، ومعنى هذا أنه لو حدث خطأ في اختيار العينة، فإن هذا الخطأ سيلحق بالمسح كله ويؤثر عليه، ناهيك على خطأ التحيز في الاستبيان سواء كان من قبل الباحث أو المبحوث.
✓ المنهج المقارن: يركز هذا المنهج على مقارنة جوانب التشابه والاختلاف بين الظواهر الاجتماعية لغرض اكتشاف أي العوامل أو الظروف التي تصاحب حدوث ظاهرة اجتماعية أو ممارسة معينة، على أن تكون المقارنة في حقبة زمنية واحدة، أو تقوم بمقارنة ظاهرة واحدة في نفس المجتمع في فترة زمنية مختلفة لمعرفة تطورها وتغيرها، ولكي يحقق الباحث الاجتماعي أهدافه العلمية بتطبيق منهج الدراسات المقارنة عليه أن يقوم بتصنيف دقيق للثقافات الإنسانية للمجتمعات المشمولة بالدراسة، ثم تنظيم مشاهداته عن هذه الثقافات وأخيراً تصنيف المادة التي انتهى من جمعها لغرض التسجيل والتحليل. ويخضع التحليل المقارن إلى أربع حالات من المقارنة وهي كما يلي:
▪ مقارنة متغير واحد في مجتمعات متشابهة؛
▪ مقارنة عدة متغيرات في مجتمعات متشابهة؛
▪ مقارنة علاقة عدة متغيرات في مجتمع واحد؛
▪ مقارنة علاقة عدة متغيرات في مجتمعات متباينة.
غير أن بحوث المقارنة تمتاز عن البحوث غير المقارنة في عدة جوانب من بينها أن البحوث المقارنة تؤدي إلى زيادة قدرة الباحث على تقديم تفسيرات أكثر قوة للظاهرة المدروسة بالاستعانة بالعوامل والجوانب الثقافية والاجتماعية الخاصة بكل مجتمع مدروس ، إذ أن هذه التفسيرات تستند إلى أدلة تجمع من مجتمعين فأكثر وليس من مجتمع واحد، مما يقلل من تأثير عوامل الصدفة والتحيزات الثقافية هذا من جهة، كما وتؤدي البحوث المقارنة إلى تدعيم قدرة الباحث على زيادة المتغيرات المدروسة التي يشملها تصميم البحث باستخدام مؤشرات متنوعة مستمدة من أكثر من مجتمع من جهة أخرى.
وعلى الرغم من هذه المميزات للمنهج المقارن فإنه في التطبيق العملي يواجه عدداً من العيوب والانتقادات منها -على سبيل المثال لا الحصر- من الصعب في كثير من الأحيان تحديد السبب من النتيجة أو العلة من المعلول خصوصاً إذا كان التلازم بينهما هو تلازم قائم على الصدفة وليس تلازماً سببيا. كما لا ترتبط النتائج غالباً بعامل واحد بل تكون حصيلة مجموعة من العوامل المتداخلة والمتفاعلة مع بعضها البعض؛ فقد تحدث ظاهرة ما نتيجة لسبب ما في ظرف معين وقد تحدث نفس نتيجة لسبب آخر يختلف عن السبب الأول في ظرف آخر.كما يستحيل في بعض الأحيان ضبط المتغيرات المختلفة في حالة المنهج المقارن. والتحكم بها وذلك بسبب تداخلها وتشابكها مع بعضها البعض، وبالتالي يصعب عزلها والسيطرة عليها، كما قد تحدث تغيرات جذرية عند مقارنة ظاهرة معينة في فترتين زمنيتين مختلفتين مما قد يؤثر على صدق نتائج المقارنة وثباتها. على غرار أنه من الصعب فصل دراسة الظاهرة الاجتماعية بمعزل عن محيطها الاجتماعي الذي نشأت فيه، فهي ليست مجردة من الارتباطات الاجتماعية والثقافية، وهذا الإغفال يقوم به أصحاب المنهج المقارن أيضاً.بيد أن منهج المقارنة يقوم على معالجة الظواهر التي يصعب معالجتها بالبحوث التجريبية. ففي العلوم الطبيعية يمكن إثبات ظاهرة معينة عن طريق التجربة، وأما في علم الاجتماع، فيتم إثبات الظاهرة عن طريق مقارنة الحالات التي تحدث فيها تلك الظاهرة بالحالات التي تخلو منها، وبالتالي كشف الارتباطات السببية بينها، ولهذا فإن أسلوب المقارنة في أبسط معانيه وأقربها لفحوى هذا المنهج كونه أسلوب التجربة غير المباشرة للبحوث الاجتماعية في حال أتيحت للباحث ظواهر شوهدت في أماكن مختلفة وأزمنة مختلفة وتحت ظروف مختلفة فإن ذلك يعطي للمقارنة قاعدة عريضة من التفسير والتحليل.
✓ منهج دراسة الحالة: يختلف علماء المناهج في تحديد دراسة الحالة، هل هي منهج ضمن مناهج البحث أو يمكن اعتبارها إحدى أدوات جمع البيانات. وحسب قاموس علم الاجتماع فإن دراسة الحالة منهج في البحث وضعه الباحث الاجتماعي فايرشايلد Fairchild والذي يمكن عن طريقه جمع البيانات ودراستها، بحيث يمكن رسم صورة كلية لوحدة معينة في علاقاتها المتنوعة وأوضاعها الثقافية. ودراسة الحالة هي الدراسة التي تهتم بحالة فرد أو جماعة (كالأسرة مثلا) يصعب على الباحث استخدام المناهج الأخرى من أجل جمع معلومات عن أفراد مجتمع الدراسة بأسلوب معمق. ولا يؤخذ بهذه الطريقة في جميع تخصصات علم الاجتماع . ويستعمل منهج دراسة الحالة بكثرة في علم الإجرام حيث يؤخذ به في دراسة مجموعات صغيرة من أفراد المؤسسات الإصلاحية كالسجون وإصلاح الأحداث ودور الرعاية، بينما علم السكان أو علم الاجتماع الحضري لا يأخذان به. وكما يمكن الجمع بين الدراسة الكمية والكيفية في هذا المنهج. ودراسة الحالة نوع من الدراسات الوصفية، أو أسلوباً من أساليب البحث الوصفي، يزود الباحث ببيانات كمية وكيفية عن عوامل متعددة تتعلق بفرد أو مؤسسة أو أسرة أو عدد قليل من الأفراد أو نظاماً اجتماعيا وحالات محددة. وتتضمن هذه البيانات جوانب شخصية وبيئية ونفسية وغيرها، مما يمكن الباحث من إجراء وصف تفصيلي متعمق للحالة موضوع الدراسة. وإذا كان موضوع الدراسة منصباً على المؤسسات الاجتماعية، فإن كل مؤسسة اجتماعية تعتبر بمثابة حالة، بينما يصبح الأفراد مجرد أجزاء أو مواقف أو عوامل داخلة في تكوين الحالة. ويعتقد بعض العلماء في البحث الاجتماعي بأن منهج دراسة الحالة قد يدرس مرحلة معينة من تاريخ الوحدة أو يدرس جميع المراحل التي مرت بها للوصول إلى التعميمات العلمية المتعلقة بالوحدة المدروسة وبغيرها من الوحدات المشابهة لها.
​​ومن أدوات هذا المنهج أو إجراءاته كما هو الحال في مناهج البحث الأخرى، المقابلة الشخصية ودراسة الوثائق والسجلات الرسمية والمذكرات الشخصية وتقارير الأطباء وملاحظات الجهاز الإصلاحي داخل المؤسسة وهوايات المبحوثين، وكذلك الملاحظة، الفحوص والاختبارات. هذه الإجراءات هي متطلبات أو تقنيات دراسة الحالة. كما وتستلزم دراسة الحالة أحياناً اشتراك فريق من تخصصات مختلفة، لكل فرد في الفريق دور يقوم به ويجمع من خلال هذا الدور بيانات عن الحالة. وتتم مناقشة البيانات الواردة من كل عضو في الفريق في اجتماع ويخرج هذا المؤتمر(مؤتمر الحالة) بتوصيات حول الحالة من حيث إجراء المزيد من البحث أو السير في تنفيذ الخطة العلاجية. وتتحدد خطوات دراسة الحالة على مراحل هي:



  • تحديد مشكلة الدراسة أو نوع السلوك المطلوب دراسته.

  • تحديد المفاهيم والفروض العلمية والتأكد من توفر البيانات اللازمة؛

  • اختبار العينة المماثلة للحالة التي يقوم بدراستها؛

  • تحديد وسائل جمع البيانات كالملاحظة والمقابلة والوثائق الشخصية كتواريخ الحياة والمفكرات ... الخ.؛

  • تدريب جامعي البيانات؛

  • جمع البيانات وتسجيلها وتحليلها؛

  • استخلاص النتائج وتعميمها.


أما أهداف دراسة الحالة فهي تتمثل في الأهداف المباشرة والأهداف غير المباشرة؛ فأما الأهداف المباشرة فتتحدد من خلال محاولة فهم وتقييم شخصية الفرد والتعرف على نمط الحياة الذي يعيش فيه وبيئته الاجتماعية والكشف عن مختلف ظروف الموقف الحاصل. أما الأهداف غير المباشرة لمنهج دراسة الحالة فتتمثل في التعرف على السمات المشتركة لبعض المشكلات النوعية في مجالات خدمة الفرد واختيار وانتقاء الفروق بعد دراسة عدد معين من وتعديلها أو تدعيمها وفقاً لنتائج الاختبارات.
​وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنهج يمتاز عن غيره من المناهج بالعمق والتركيز على ظاهرة أو موضوع محدد وعدم الاكتفاء بالوصف الخارجي للحالة موضوع الاهتمام حيث يهتم بالموقف الكلي من خلال تحليل مختلف العوامل المؤثرة في الحال. أما أهم ما يعيب هذا المنهج هو صعوبة تعميم النتائج على حالات لان طبيعة الحالة انفرادية فمن الصعب أن تكون أساساً للتعميم. فكل حالة تختلف عن غيرها من الحالات حتى وإن بدت مشابهة نسبيا وذلك بسبب التغير المستمر للظروف البيئية المحيطة بالحالة بالإضافة إلى إمكانية التحيز من قبل الباحث في عرض نتائج دراسة الحالة الأمر أو المبحوث (كأن يندفع إلى المبالغة والتركيز على الجوانب التي تدعم موقفه ويتجنب الجوانب التي تتناقض معه) الأمر الذي من شأنه أن يهدد درجة المصداقية على النتائج المتوصل إليها كما ويعاني هذا المنهج من صعوبات ترتبط بإمكانية ضعف تمثيل العينة لمجتمع الدراسة الأمر الذي ينجر عنه صعوبات كبيرة عند محاولة التعميم.
وعلى كل حال فمعظم هذه الانتقادات، لا يختص بها منهج دراسة الحالة من دون مناهج البحث الاجتماعي الأخرى، رغم ذلك فقد أثبتت دراسة الحالة في الوقت الحاضر فعاليتها وقيمتها في مجالات متعددة كالتعليم ومهنة العمل الاجتماعي...، وما يبدو مؤكداً أننا نتمكن من رؤية العلاقة بين العوامل المعزولة بصورة أكثر وضوحاً من مجرد التحليل الكمي. وهذا ما يجعل من دراسة الحالة مدخل ينظر إلى أي وحدة اجتماعية نظرة كلية شاملة تستوعب تطور هذه الوحدة ونموها، سواء كانت تلك الوحدة فردا أو أسرة، وتعتمد هذه الطريقة لتحقيق تلك النظرة الكلية على جمع أكبر عدد من المعلومات والبيانات عن الوحدة المدروسة للوصول إلى النتائج المتعمقة للوحدة المدروسة.


✓ منهج تحليل المضمون (المحتوى): هناك تعاريف عديدة لتحليل المضمون، إلا أن هناك شبه إجماع على تعريف كل من برنارد بيرلسون Bernard Berelson وأولي هولستي Ole Holsti حيث أن الأول يعرف تحليل المضمون بأنه، أحد أساليب البحث العلمي التي تهدف إلى الوصف الموضوعي المنظم والكمي للمحتوى الظاهر لمضمون الاتصال، و الثاني يعرفه بأنه وسيلة للقيام باستنتاجات عن طريق التحديد المنظم والموضوعي لسمات معينة في الرسائل الاتصالية .
ويتضح من تعريف بيرلسون أن هناك عدة عناصر لتحليل المضمون يمكن إيجازها فيما يلي:
▪ يتسم أسلوب تحليل المضمون بالموضوعية والتي تعد سمة مميزة للبحث العلمي ذاته، وفي هذا الإطار على الباحث أن يتحرر من أي نزعة شخصية، وأن لا يصدر أحكامه بناء على ما يجب أن يكون.
▪ يجب أن يتم تحليل مضمون مادة الاتصال بطريقة منظمة وموضوعية تتماشى وقواعد البحث العلمي. فالباحث في هذه الحالة لا يختار المادة التي تستهويه ويستبعد ما عدا ذلك، ولكنه يختار ما ينبغي دراسته بناء على أسس علمية، متمثلة في اختيار عينة عشوائية إلى جانب الالتزام بمستوى أو وحدة التحليل المناسبة، حتى يمكن الوصول إلى تعميمات علمية سليمة.
▪ يرتبط تطبيق أسلوب تحليل المضمون في الدراسات الاجتماعية بوصف الظاهرة أو الظواهر المدروسة كمياً ويستلزم في هذا الأسلوب استخدام لغة الأرقام وذلك عن طريق رصد تكرارات الفئات المختلفة لوصف الظاهرة المدروسة.
▪ يهتم هذا الأسلوب بدراسة المضمون الظاهر للاتصال، أي يكون التحليل محصوراً في إطار النص محل الاهتمام والدراسة، دون تجاوز الباحث للنص المدروس أثناء عملية الوصف المبدئي للظاهرة المدروسة. ويستطيع الباحث أن يبحث عن تعليلات أو تفسيرات لشرح ما يحدث في مرحلة تحليل البيانات.
وهناك مراجع عديدة في المنهجية تعتبر تحليل المضمون وسيلة من وسائل جمع البيانات، حيث يستخدم كأداة في تحليل محتوى المادة التي تقدمها وسائل الاتصال الجماهيري، ففي حين ترتبط أشكال الدراسات المسحية السابقة بالاتصال المباشر مع المصادر البشرية التي تمتلك المعلومات التي يريدها الباحث، فإن دراسات تحليل المحتوى تتم من غير اتصال، حيث يكتفي الباحث باختيار عدد من الوثائق المرتبطة بموضوع بحثه مثل السجلات والقوانين والأنظمة والصحف والمجلات وبرامج التلفزيون والكتب المدرسية وغيرها من المواد التي تحوي المعلومات التي يبحث عنها الباحث. ويرتبط تحليل المضمون ارتباطاً وثيقاً بالبحوث التاريخية والمنهج التاريخي. كما يمكن لتحليل المحتوى أن يستخدم في دراسات علم الإعلام لوصف المحتوى الظاهر والمضمون الصريح للمادة الإعلامية المراد تحليلها من حيث الشكل والمضمون. ويستخدم أيضاً في الدراسات التربوية والنفسية والسياسية أكثر مما يستخدم في الدراسات الاجتماعية، لأن الدراسات الاجتماعية تعتمد على منهج المسح الميداني والمنهج المقارن ومنهج الملاحظة والملاحظة بالمشاركة أكثر مما تعتمد على منهج تحليل المضمون. ومع ذلك يستخدم تحليل المضمون في الأبحاث والدراسات الاجتماعية التي يصعب مقابلة وحداتها نظراً لوفاتها أو غيابها أو بعدها الجغرافي أو ارتفاع مكانتها الاجتماعية والسياسية. لذا يضطر الباحث الاجتماعي في مثل هذه الحالات استخدام الوثائق والسجلات والمستندات والمذكرات والمقالات والصحف وغيرها من أجل التوصل إلى الحقائق والبيانات عن موضوع البحث المزمع إجراؤه.


وهناك عدة أسباب تجعل الباحثين في مجال علم الاجتماع يستخدمون أسلوب تحليل المضمون، ويمكن تلخيص هذه الأسباب كما يلي:



  • تحليل محتوى المادة التي ترمي إليها وسائل الاتصال الجماهيري، مثل الصحف والمجلات، وبرامج الإذاعة المرئية والمسموعة. فالباحث الذي يرمي إلى تحليل محتوى المادة التي ترمي إليها وسائل الاتصال يتساءل عادة على مضمون الرسالة الاتصالية، إلى جانب التساؤل عن عناصر العملية الاتصالية المتمثلة في (من يقول ماذا، إلى من، كيف وما هو الأثر؟)، حيث نلحظ أن الأدبيات تزخر بهذا النوع من الدراسات النظرية والتطبيقية. فوسائل الاتصال الجماهيري ترمي عادة إلى توصيل رسائل محددة إلى قرائها عن طريق الرموز الاجتماعية والسياسية وغيرها من الرموز الأخرى.

  • تحليل النص للوصول إلى الاستنتاجات عن المرسل من ناحية، وعن الأسباب أو خلفيات الرسالة الاتصالية من ناحية أخرى. فمن خلال تحليل مضمون النصوص يمكن للباحث التمييز بين كتاب أو مؤلفين، حيث يمكن تمييز باحث عن آخر من خلال الكلمات أو التعبيرات المميزة لكل منهم.

  • يستخدم تحليل المضمون لاستنتاج أوجه التغير الثقافي والثقافة عن طريق قيام الباحث مثلاً بتحليل مضمون الأدبيات السائدة في أكثر من ثقافة مختلفة.

  • يستخدم تحليل المضمون في دراسة الجمهور المستمع أو القارئ أو المشاهد وتأثير الاتصال على الجمهور، وذلك للكشف عن الاتجاهات والاهتمامات والقيم السائدة في الجماعات المختلفة، وتحديد محور الاهتمام في محتوى الاتصال، ووصف تأثير مادة الاتصال في تغيير الاتجاهات والأساليب السلوكية للجمهور المستمع أو القارئ أو المشاهد.

  • يستخدم تحليل المضمون في الدراسات المتعلقة بالرأي العام بهدف التعرف على المشاكل التي تحظى باهتماماته واتجاهاته وردود أفعاله تجاه قضايا معينة، إلى جانب معرفة مدى تأثر الرأي العام بالدعاية الموجهة إليه ومدى مقاومته أو انقياده لها.
    ويتطلب تحليل المضمون اتخاذ خطوات معينة لضمان نتائج علمية مقبولة وهي:
    ▪ على الباحث أن يقرر ما يريد دراسته مثل مقدار العنف المشاهد في التلفزيون أو القيم الاجتماعية التي تبثها أفلام الكارتون.....الخ...
    ▪ على الباحث أن يقرر وحدة التحليل، كالكلمة أو الفكرة أو الشخصيات؛
    ▪ على الباحث أن يحدد طبيعة الفئات التي سوف يجري التحليل بموجبها؛
    ▪ على الباحث آن يقرر المجتمع الذي يدرسه والعينة التي يختارها؛
    ▪ على الباحث أن يقرر كيفية معالجة بيانات إحصائية لاستخلاص النتائج.
    ويختلف مجتمع أو وحدة الدراسة في تحليل المضمون باختلاف أهداف البحث نفسه، فلو كان الباحث يريد تحليل محتوى صحيفة يومية معينة مثلا، فإن مجتمع البحث هو جميع أعداد الصحيفة الصادرة خلال الفترة التي يغطيها البحث. وقد تتأثر عملية تحديد وحدة البحث بعدة عوامل مثل استمرارية أو انقطاع الجرائد والمجلات لفترة زمنية معينة، توفر أو عدم توفر النصوص المطلوبة بالكامل، ومدى تمثيل أو عدم تمثيل المفردات لوحدة البحث محل الاهتمام والدراسة. ومن الطبيعي أن يكون مجتمع البحث واسعاً في بعض الأحيان قلما يستطيع الباحث أن يدرسها بدراسة شاملة، وعليه أن يلجأ إلى اختيار عينة ممثلة لمجتمع الدراسة أو البحث. ومن أكثر أنماط العينات المستخدمة في دراسات تحليل المضمون عموماً العينة المتعددة المراحل أو عينة التجمعات، والعينة العشوائية المنتظمة. فالعينة المختارة في الدراسات التي تستخدم أسلوب تحليل المضمون كأداة لجمع البيانات قد تشمل الكلمات، العبارات، الجمل، الفقرات، المباحث أو الأجزاء، الفصول، المقالات، الكتب، الخطب، الوثائق، البرامج المرئية والمسموعة، الجرائد والمجلات، السيرة الذاتية للقادة وغيرها.
    كما ويمتاز أسلوب تحليل المضمون بعدد من المزايا يمكن تعداد بعضها انطلاقا من أن الاتصال المباشر بالمصادر البشرية يمكن أن يقلل من احتمال التدخل ذاتي حيث لا يؤثر الباحث في المعلومات التي يقوم بتحليلها فتبقى كما هي قبل وبعد إجراء الدراسة، مع إمكانية إعادة إجراء الدراسة مرة ثانية ومقارنة النتائج مع المرة الأولى لنفس الظاهرة أو مع نتائج دراسة ظواهر وحالات أخرى. ورغم هذه المزايا إلا أن استخدام هذا الأسلوب لا يخلو من بعض العيوب كون بعض الوثائق التي يحللها الباحث ليست واقعية، بل تمثل صورة مثالية وقد لا يستطيع الباحث الإطلاع على بعض الوثائق الهامة والتي تتسم بطابع السرية كما قد تكون بعض الوثائق محرفة أو مزورة، مما يؤدي إلى نتائج خاطئة بعد تحليلها. رغم ذلك يستطيع الباحث أن يقلل من هذه الصعوبات، إذا نجح في اختيار عينة ممثلة عن الوثائق وإذا استخدم المنهج العلمي في نقدها قبل دراستها وتحليلها.
    ✓ المنهج الكمي: حيث يستخدم المنهج الكمي في إنتاج بيانات عددية أو إحصائية، أي يرتبط مفهوم هذا المنهج بالكم ومدى قابلية الظواهر محل الدراسة للقياس.ويعتمد على ملاحظة الظواهر ملاحظة مباشرة وقياسها من حيث الترتيب أو العدد أو المستويات وحجم الانتشار والشدة أو من حيث العلاقات. ولغرض التحكم في الظاهرة المدروسة يجري فيه الاعتماد على تجزئتها واعتماد النظرة التجزيئية بدلا من النظرة الكلية ما ويتم الاعتماد فيه على التحقق الميداني من قبول الفرض أو نقضه ونفيه عبر جميع البيانات الموضوعية للوصول إلى النتائج وذلك باستخدام الوسائل الإحصائية المناسبة. وأكثر ما يشاع عن البحوث ذات المناهج الكمية أنها متحررة من كل ما هو داخلي وتعتمد على كل ما هو خارجي قابل للملاحظة. فتعنى بالسلوك الظاهري وتقنن الظاهرة وحصرها في المكان والزمان؛ فهي بهذا تحاول عزل الموضوع عن سياقاته وأطره النظرية باصطناع وضع تجريبي صارم ما يعل نتائجها أكثر موضوعية. وبصفة عامة تبدو المناهج الكمية أكثر تواءما مع البحوث البنائية، والمناهج الكيفية أكثر تواءما مع البحوث التأويلية.
    ✓ المنهج الكيفي: مصطلح البحوث الكيفية مصطلح شامل يحتوي على أنماط مختلفة من البحوث في علم الاجتماع منها البحوث الاثنوغرافية، ودراسة الحالة، والبحوث الميدانية، وبحوث الملاحظة بالمشاركة... وتختلف هذه البحوث عن بعضها البعض في أسسها الفلسفية والتحليلية، إلا أن بينها جميعاً عدداً من المظاهر المشتركة تضعها في تصنيف واحد مقارنة بالبحوث الكمية. يختلف الاستقصاء الكيفي عن الطريقة الكمية في دراسة الظواهر الاجتماعية والسلوكية في أنها ترفض اعتبار أن أغراض وطرق العلوم الاجتماعية هي نفسها أغراض وطرق العلوم الطبيعية والفيزيائية، على الأقل من حيث المبدأ. ولا يتعامل البحث الكيفي على أن الحقائق ثابتة بقدر ما يتعامل معها كحقائق دينامية متفاعلة ومتغيرة ومتحولة. ويهدف هذا النوع من البحوث إلى فهم الظاهرة من حيث دلالاتها ومعانيها ولا تكتفي بالرصد الكمي وصياغة الواقع صياغة رياضية، حيث تسعى إلى إضفاء معاني ودلالات وأفكار وتصورات على الظواهر.

    ولعل أهم ما يميز المنهج الكيفي هو:
     جدلية الأصالة، أصالة في الاقتراب من المبحوث، وأخرى من الواقع، وتعني الأصالة أن الباحث يفهم الموضوع في خصوصياته.
     الانفتاح: إذا كانت عملية البحث الكمي مقننة ومحددة، فإن عملية البحث الكيفي تكون مفتوحة. المناهج الكمية مغلقة، وتتحكم خطوات البحث فيها بعقل الباحث، أما المناهج الكيفية فتعتبر البحث مجالاً مفتوحاً أمام الباحث للتعديل والتطوير، وهذا المبدأ يضمن على الصعيدين النظري والمنهجي، مجموعة من النتائج، وأهمها:
    ▪ التأكيد على الوظيفة الاستكشافية للبحث؛
    ▪ التخلي عن تكوين الفرضيات مسبقاً؛
    ▪ التركيز على البحث الميداني الاستطلاعي.
     البحث بوصفه متفاعلاً: إذا كانت مناهج البحث الكمي تؤكد على المسافة بين الباحث والمبحوث في عملية البحث، فإن المناهج الكيفية بخلاف ذلك تؤكد على أن عملية البحث ينبغي أن تكون عملية تفاعلية بين الباحث، وبين الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافة معينة.
     الطابع الديناميكي بين البحث والموضوع: إن فهم البحث عملية تفاعل واتصال بين الباحث والمبحوث، يعني أن العلاقة بين البحث والموضوع ديناميكية، أي إن هذه الديناميكية هي ما تميز البحث وموضوع البحث.
     التأمل النقدي للموضوع والتحليل: يتميز البحث الاجتماعي الكيفي بالتفكير النقدي بالموضوع، أو تأمل موضوع البحث وعملية البحث. إن مبدأ التأمل بالنسبة إلى موضوع التحليل، أي الظواهر والعمليات التي ينبغي دراستها، يقوم على التصور النظري لمجال الموضوع ذاته.
     التفسير: أن نتوقع من الباحث الاجتماعي بيان الخطوات المختلفة لعملية البحث بقدر الإمكان، وتتحدد أيضاً القواعد التي ينبغي بموجبها تفسير البيانات التي تم الحصول عليها ميدانياً، ويتعين على الباحث الكيفي تفسير بياناته بشكل أفضل، وألا يقع فريسة للتكميم والترميز، كما هو الحال في البحث الكمي. فالبحث الكيفي فكري وعقلي وميداني، حتى الواقع الإمبريقي فإنه يبحث كإشكالية فكرية ومعرفية، بخلاف منهج البحث الكمي الذي يغلب عليه الطابع الآلي التقني.
     المرونة: يتعين على الباحث الكيفي أن يوجه البحث للحصول على البيانات والتفسيرات من الحياة الاجتماعية الإمبريقية، فالبحث يبقى متجذراً فيها. ويتحدد هدف البحث الكيفي من خلال كيفية طرح المشكلة وعرضها والحصول على البيانات المطلوبة من المبحوثين في عملية البحث.
    وبالرغم من الاختلاف الموجود بين المنهج الكمي والكيفي إلا أنهما يكملان بعضهما البعض (يتم استدراك عيوب كليهما بالتكامل بينهما)، ويمكن الجمع بينهما في بحث واحد، كما نقل كل من "ستراوش وكويون وبانون" حيث يوجد تداخل شديد في استخدام المناهج الكمية والكيفية، ما دام علماء الاجتماع يسعون إلى الحصول على كلا النوعين من البيانات. ويستخدم عدد كبير من علماء الاجتماع- وربما معظمهم- هذين النوعين لاستكمال البيانات، إلا أن مناصري البحث النوعي ومن بينهم "جين ميرسيك" يصرون على التمييز بينهما على نحو لا يقبل الجمع بينهما.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

القوة كمصدر للت...

القوة كمصدر للتغيير: - يعرف الإنسان أن التغيرات تحدث منذ اللحظة التي يفكر فيها في العالم من حوله. ا...

مقدمة: لقد أثب...

مقدمة: لقد أثبت تحليل القوى المختلفة المؤثرة على كفاءة المنظمة حقيقة هامة ، وهي أن أهم تلك القوى وأ...

أتوقع أن حياة ا...

أتوقع أن حياة الشيخ كصياد مثل البحر، متقلب الأحوال, مرة يكون هادئا ومرة عاصفا هائجا، فلا بد أن يكون ...

المقدمة في عال...

المقدمة في عالم يتجه بخطى سريعة نحو الاستدامة والطاقة النظيفة، تحتل الطاقة الشمسية مكانة بارزة كواح...

O Chapter (2) M...

O Chapter (2) Marketing, market, Production Marketing • Marketing is the activity, and processes fo...

1. It gives mem...

1. It gives members an organizational identity sense of togetherness that helps promotes a feeling o...

ويتصل بالأمر ال...

ويتصل بالأمر السابق ضرورة البعد عن الوقوع في حالة اليأس أو التشاؤم أو الإحباط أو أن يركن المسلم إلى ...

قال ابن القيم: ...

قال ابن القيم: قد وردت السنة على استبراء الحامل بوضع الحمل، وعلى استبراء الحائض بحيضة، فكيف سكت عن ا...

المخالفة السلطو...

المخالفة السلطوية العامة: وتعني خرق القانون أو مخالفة القانون من قبل شخص يعمل في وظيفة حكومية او في ...

تتباين اراء الب...

تتباين اراء الباحثين في التعبير عن مفهوم الاداء المنظمي بين الاهتمام الضيق بتحقيق اهداف محددة لجانب ...

في البداية قبل ...

في البداية قبل الحديث عن التغيرات المناخيه يجب أن نلقي نظرة سريعة علي غازات الاحتباس الحراري الستة ا...

في تعريف اللعن ...

في تعريف اللعن وما يتعلق به من ألفاظ لغة وشرعاً اللعن كلمة ورد ذكرها في الشرع واللغة لمعان، فقد تح...