Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

(Using the AI)

يتناول النصُّ تحديات البحث العلمي في الإعلام والاتصال في العالم العربي، في ظلّ التحوّلات السريعة للصناعات الإعلامية الرقمية. يشير إلى تزايد الوعي بضرورة تطوير أطر معرفية ومنهجيات بحثية جديدة تتناسب مع هذه التحولات، مع التأكيد على أهمية الاستفادة من الإرث العلمي العربي في مجالات كعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة والأنثروبولوجيا. يُبرز النصّ آراء عدد من الباحثين الذين يُشدّدون على ضرورة إنتاج نظرية إعلامية عربية مستقلة، والتخلّي عن المقاربات الوصفية والكمية البحتة، والانفتاح على المناهج الكيفية والكيفيّة-كمية، كالإثنوغرافيا الرقمية وتحليل الشبكات الاجتماعية. كما يُسلّط الضوء على معوقات البحث، كغياب السياسات البحثية، وضعف الدافعية لدى الباحثين، ومشاكل تدريس منهجية البحث، وقصور البحوث في معالجة القضايا الكيفية وتحليل البيانات الضخمة، بالإضافة إلى ضعف الالتزام بالمعايير الأخلاقية، وعدم توظيف مخرجات البحث العلمي في خدمة صناعة الإعلام العربي. يُقترح النصُّ حلولا لهذه التحديات، كالتعاون بين الباحثين العرب والأجانب، وتطوير البرامج البحثية باللغة العربية، وإنشاء شبكة عربية للبحث العلمي، وتوحيد المصطلحات، وإدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، وتطوير الأدوات والأساليب البحثية، وتعزيز ثقافة الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي، والعمل على تفعيل العلاقة بين البحث العلمي ومؤسسات الإعلام العربية. يُشدّد النص على أهمية التجديد والتطوير في البحث العلمي الإعلامي العربي لمواكبة التغيرات السريعة في البيئة الإعلامية الرقمية، وإنتاج معارف نظرية أصيلة تساهم في إثراء الحقل المعرفي العربي.


Original text

في ظل التحولات التي تعرفها الظواهر والصناعات الإعلامية، وتعقد البحث في مجال الإعلام الرقمي وخصوصيته، بات الوعي بأهمية ابتكار أطر معرفية تقوم على أدوات علمية جديدة وعدة منهجية تعددية لشرح وتأويل وفهم هذه الظواهر، يزداد بصورة تلقائية، وهو ما تشير إليه المؤتمرات العلمية التي تنظمها المراكز البحثية والمؤسسات الأكاديمية لمناقشة مسارات تطوير البحث العلمي في حقل الاتصال والإعلام، لاسيما التأثيرات العميقة التي أحدثتها الرقمنة الاجتماعية في هذا الحقل، ومحاولة استكشاف الإستراتيجيات البحثية والرؤى المنهجية المناسبة للتعامل مع الظواهر الاتصالية والإعلامية الرقمية.
وعلى الرغم من أهمية التطور الذي تشهده خريطة مناهج البحث الإعلامي، وظهور مناهج رقمية، مثل الإثنوغرافيا الرقمية، ومناهج تحليل الشبكات الاجتماعية، يرى الدكتور يوسف تمار أن الإرث العلمي العربي جدير بأن يشكل القاعدة الأساسية لانطلاق التفكير في مقاربات أصيلة لدراسة الإعلام الجديد وفهمه، سواء أكان هذا الإرث في علم الاجتماع (عبد الرحمن بن خلدون)، أم في علم النفس (ابن إسحاق الكندي وابن الصائغ المعروف بابن باجة)، أو علم السياسة ( عبد القادر بن عمر البغدادي، والمرتضى الزبيدي)،
أو حتى في أنثروبولوجيا المنطقة العربية (أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وأحمد بن مسكويه) وغيرهم كثير جدا سواء من القدماء أم المحدثين، وسواء في هذه العلوم أم في العلوم التي يمكن أن ننهل منها مبادئ نظرية ومنهجية لدراسة الإعلام الجديد.
ويؤكد الدكتور تمار أن وعي الباحثين والإعلاميين العرب بالوضع السابق أصبح قائما، لأن الكثير منهم يصرحون به في الكثير من مداخلاتهم، فهذا يوسف محمد السماسيري يقول في هذا الشأن: "إن البحث العلمي في حقل علوم الإعلام والاتصال في البلدان العربية سيظل قاصرا، ما لم يتمكن من إنتاج نظرية خاصة به، ولم يحقق استقلاليته عن النظريات الغربية، وسيتطور هذا البحث إذا وظف الباحثون العرب نظريات الإعلام والاتصال عندما يتمكنون من تحقيق الاستقلالية". وإذا بقيت البحوث العربية في منزلة بين المنزلتين، فلا هي تملكت النظريات العلوم الإعلام والاتصال بشكل خلاق من خلال تجريبها وتعديلها وإثرائها وتجديدها، ولا هي بادرت إلى استنباط مرجعيات جديدة وأصيلة نابعة من رحم الواقع العربي، فإن هذا الوضع يؤدي إلى نتائج خطيرة منها غلبة المقاربة الوصفية (وهو المستوى الأول من البحث، وهيمنة الأسلوب الإنشائي الخطابي
والانسياق وراء التعميمات واختزال البحث في الإعلام في الدراسة الكمية التي لم تقض
التراكمات المتواصلة إلى معارف نظرية تؤسس لشرعية العلم.
و خلصت الدكتورة مي العبد الله إلى أن العائق الأساسي للمشاركة في الإنتاج المعرفي الإعلامي في المنطقة العربية هو غياب السياسات والرؤى البحثية، والمختبرات والفرق البحثية التي تحتضن الأعمال البحثية وتستثمر نتائج الدراسات التي تذهب سدى وتبقى من غير فائدة عملية والجهود البحثية موجودة في العالم العربي، لكنها لم تثمر بسبب غياب سياسات البحث العلمي وضعفها. من هنا، يضيع مفهوم البحث العلمي لدى الباحثين أنفسهم، فيركزون على المناهج الثقيلة والأفكار الشائعة والنظريات الموروثة، دون محاولة تقديم المختلف والجديد؛ فالبحث هو إما للترقية أو واجب مفروض، أو وسيلة للتكوين الأكاديمي للتخرج الممارسة مهنة التعليم في الجامعة، ولا فائدة منه أكثر من ذلك في نظر الباحثين. أما الخروج بنظريات علمية فهذا ليس من شأنهم، أو أكثر من ذلك، ما لا قدرة لهم عليه.
وترى الدكتورة العبد الله أن معظم الباحثين العرب اكتفوا إلى الآن بإجراء البحوث الكمية، فالطلب الاجتماعي على بحوث الإعلام والاتصال في المنطقة العربية ما زال محدودا، ومرتهنا بمنطقي السوق والأيديولوجيا. وإذا عددنا السوق قوة ناشئة في المنطقة العربية تحرك الاستهلاك الإعلامي والثقافي، فإنها تحتاج إلى الدراسات الكيفية التي ترتكز على تحليل حاجات الجمهور وكيفية تلبيتها.
ومن أهم النتائج التي توصل إليها الأكاديمي سعد سلمان المشهداني أن المعوقات التي يعاني منها الأستاذ الجامعي في الدرس الأكاديمي الإعلامي - بسبب ضعف التحصيل الدراسي للطالب في مراحل التعليم العام، وعدم تمكنه من مهارات التعلم الأساسية، مثل:
مهارات القراءة والكتابة، فضلا عن إهمال الطالب للاستعداد والتحضير الحضور
المحاضرات التعليمية - تؤثر بشكل سلبي في إستراتيجية الأستاذ الجامعي وتحبط رغبته في
تطوير الدرس الأكاديمي. وأكدت نتائج الاستبانة أن الأستاذ الجامعي مثقل بأعباء
الدرس الأكاديمي وأعمال إدارية وبحثية ونشاطات علمية تتعلق بوجوب مشاركته
بحضور الندوات والمؤتمرات وتقديم أبحاثه، فضلا عن تكليفه بمحاضرات إضافية
بسبب قلة أعضاء هيئة التدريس في الأقسام العلمية للكلية، وهذا ما يؤثر سلبا على تطويره للمنهج الدراسي للمقررات التي يدرسها بسبب تشتيت جهده وحالة الارتباك الناتجة عن تكليفه بأكثر من مهمة ونشاط إداري في الكلية.
ولاحظ الدكتور المشهداني وجود مشكلات عدة في تدريس مقرر منهجية البحث في كليات وأقسام الإعلام في الجامعات العراقية، بسبب عدم التزام التدريسي بمفردات المقرر الدراسي، والتركيز على المناهج المقررة فقط مصدرا أساسيا للتعلم في المقررات الدراسية، وافتقار أغلب التدريسيين المهارات استخدام تقنيات التعليم الإلكتروني. كما أن مشكلات الدرس الأكاديمي ترتبط ارتباطاً فعليا بأداء وفاعلية الطالب وتنفيذه لواجباته في تحضير ومتابعة الدرس الأكاديمي، وتنمية دافعيته للتفوق العلمي، لذلك فإن ترتيب أولويات معالجة مشكلات الدرس الأكاديمي تبدأ بالطالب أولا مرورا بالمنهج الدراسي وانتهاء بالأستاذ الجامعي.
وخلصت الورقة التي أعدها الدكتور نصر الدين العياضي لبعض الدروس الأولية، ومن أبرزها أن البحوث الإعلامية في السياق الرقمي وضعت حدا للجدل العقيم والمتمثل في أيهما أفضل: الدراسات الكمية أم الكيفية؟ لقد تكاملا فعلا في الميدان بدليل أن المناهج الرقمية أصبحت تسمى المناهج الكيفو - كمية (Quali-Quantitative). فمحاولة تبسيط الممارسات الإعلامية المعقدة وغير المستقرة في البيئة الرقمية عبر الأرقام والنسب والرسوم البيانية تخل بالمعنى ما لم تستكمل بالسؤال عن الأطراف الفاعلة في هذه الممارسات واستجلاء دلالة ما يقومون به من خلال المقابلات المعمقة، ومقابلات المواجهة، وزيارة المواقع الرقمية المعلق عليها، والتوصيف المكثف، والسير ذاتية، وغيرها، وبهذا قلصت الفجوة التي كانت قائمة في بحوث الميديا بين القياس والفهم. وينتظر أن تقوم البحوث المعاصرة بالقضاء عليها.
ويبين تحليل العينة أن البحث في السياق الرقمي وظف المفاهيم والأدوات البحثية القائمة الدراسة الظواهر الإعلامية والاتصالية الجديدة من جهة، واستغل الظواهر الاتصالية المعقدة لاقتراح مفاهيم وأدوات جديدة لدراستها، مثل: المواجهة الذاتية، والزيارة المعلق عليها، والاستسقاط، والسرنديبية، والقدارة، والقدرة على الفعل والتأثير، والمواءمة وغيرها من المفاهيم التي فتحت مسالك جديدة لفهم الميديا الاجتماعية. كما أن الفصل بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي الفعلي في البحوث العلمية أصبح اليوم غير منتج على الصعيد المنهجي، وأضحى مضرا على الصعيد المعرفي، خاصة بعد أن تغلغلت الميديا الرقمية في الحياة اليومية، وفي مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، وأصبحت تشكل جزءا أساسيا منها. ومن أضرار هذا الفصل انصراف بعض البحوث، على سبيل المثال، إلى التبرير الضمني الممارسات الأشخاص في الميديا الاجتماعية وتحميل العدة التقنية وحدها المسؤولية عن كل الانحرافات التي تلاحظ في البيئة الافتراضية. هذا دون أن تتكبد مشقة البحث عن قدارة الميديا الاجتماعية، أي ما تتيحه من إمكانات وفرص الاستخدام وما تفرض من إكراهات، مثلما تقتضي ذلك المناهج الرقمية.
وأوضح الدكتور العياضي أن البيانات الضخمة كشفت درجة تعقد الظواهر الإعلامية والاتصالية في البيئة الرقمية؛ مما يتطلب تعدد النظريات لشرحها وتأويلها وفهمها، وهذا عملا بمقولة: البيانات الضخمة تقابلها النظرية، ويتطلب هذا التقابل تعددية منهجية، لأنه في ظل التحولات التي تعيشها الميديا والصناعات الإعلامية أصبح الاعتماد على أحادية المنهج الدراستها دلالة على الانغلاق الذهني والدوغمائية. فمن أجل دراسة مشاهدة الشباب للمواد السمعية البصرية عبر الخط على سبيل المثال، جرى توليف مجموعة من المناهج التقليدية والرقمية من أجل الإلمام بهذه المشاهدة والتطرق المختلف جوانبها والتغلب على حدود كل منهج على حدة.
وخلصت الورقة أيضًا إلى أن مناهج البحث في السياق الرقمي أثرت في ممارسة البحث العلمي الإعلامي؛ إذ أضحى من الصعوبة بمكان القيام ببحث عن مستخدمي الميديا الاجتماعية وانتشارهم الجغرافي، وأشكال استخداماتهم، على سبيل المثال، أو تفاعلاتهم مع مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقة الصحافي بمستخدمي صفحاته في موقع التواصل الاجتماعي، وأشكال التواصل السياسي عبر الميديا الاجتماعية، ومصادر المعلومات والتعددية الإعلامية في شبكة الإنترنت وتطور المعجم اللغوي في النص الصحفي المعاصر، وغيرها من الموضوعات دون الاستعانة بخدمات المختصين في المعلوماتية
فجل بحوث العينة تستهل أو تذيل بتوجيه الشكر إلى الفني أو المهندس في المعلوماتية الذي ساعد الباحثين على جمع البيانات الرقمية وجسد خاصية مرؤتيتها عبر الرسوم البيانية والخرائط السحابية للكلمات، والأسماء، والمصادر، والصحافيين .... إلخ.
ولعل ذلك قد يحفز مراكز البحث في البلدان العربية على استدراك التأخر الملحوظ في تطبيق المناهج "الحديثة" في دراسة الميديا؛ فباستثناء بعض الدراسات التعريفية بها، والمحاولات القليلة للاستعانة بها لفهم ممارسات الاتصال في البيئة الافتراضية، لم ينفتحالبحث الإعلامي في هذه البلدان على المناهج الحاسوبية والرقمية. وبصرف النظر عن كل الانتقادات التي وجهت إلى هذه المناهج مثل، تعزيز ظاهرة "فقاعة التصفية"، و"غرفة الصدى " إلا أنها يمكن لها أن تقدم، على الأقل، بعض المؤشرات عن آراء مستخدمي الميديا الاجتماعية في المنطقة العربية في هذه القضية أو تلك المسألة انطلاقا من آثارهم الرقمية في شبكة الإنترنت، بعيدا عن مراكز استطلاعات الرأي المطعون في استقلاليتها، وتعري حدود التعددية الإعلامية، وتكشف عن "أوهام" الحديث عن التفاعلية في الصحافة العربية في شبكة الإنترنت، وتنقذ بحوث الجمهور ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية من سطحيتها الامتثالية.
وتبين الورقة التي قدمتها الدكتورة أسماء حسين ملكاوي أهمية منهج تحليل الشبكات الاجتماعية في التعامل مع القضايا الاتصالية والإعلامية الرقمية؛ إذ يوفر هذا المنهج تحليلا بصريا ورياضيا للعلاقات الإنسانية، ويقدم تحليلا لمضمون بيانات الإعلام الاجتماعي وما فيها من مشاعر. كما يقدم صورة للشبكة الاجتماعية تمكن الباحث من تحديد نوع الشبكة وفقا للشكل أو الهيكل الذي تبدو عليه محادثات المشاركين في الحديث حول موضوع ما، وأيضا تحديد المجموعات التي تتمايز وفقا للموضوعات التي تتحدث عنها، أو الروابط التي تشاركها، أو المواقف التي تتخذها، وتحديد المؤثرين وفقا لقياسات مركزية الدرجة ومركزية البينية، ومركزية القرب وغيرها. وهذا المنهج في طبيعته منهج مختلط يستخدم طرق التحليل الكمية والنوعية. ويقدم تحليل الشبكات الاجتماعية للباحثين إمكانيات تحليل على جميع المستويات الواسعة والمتوسطة والضيقة. ولكل مستوى من هذه المستويات قياسات وأرقام تحدد شكل الشبكة وبنيتها، وطبيعة المجموعات وكيف تشكلت ولماذا تشكلت بهذه الطريقة. كما تقدم القياسات للباحث إمكانية تحديد المشاركين والمؤثرين منهم على المستوى الجمعي والرسائل التي يقدمونها، والفرادي منهم كذلك، فلكل شخص شارك في الشبكة قياسات خاصة به تشير إلى مدى تأثيره.
ولتجاوز العوائق التي يمكن أن يواجهها الباحثون في استخدام مناهج الشبكات الاجتماعية، أوصت الباحثة أسماء ملكاوي بضرورة التعاون بين المتخصصين في العلوم الاجتماعية وعلوم الحاسوب لتطوير مزيد من البرامج التي تفيد في التعامل مع البيانات الضخمة لغايات بحثية، خاصة باللغة العربية، والقيام بترجمات لأهم المراجع والمصادر العلمية حول المناهج الرقمية الحديثة. من جانب آخر، يحتاج المجتمع البحثي في حفل الإعلام إلى العناية باللغة العربية في مستواها الرقمي، وبناء معجم رقمي عربي، يسهل للعربية الاندماج في مجتمع المعرفة الرقمية، وابتداع الحلول للمشاكل التي تواجه الباحثين في تحليل نصوص ومضامين الشبكات الاجتماعية العربية، وتدريس مقررات خاصة بتحليل الشبكات الاجتماعية في الجامعات العربية.
وتلاحظ الورقة التي أعدتها الدكتورة منال المزاهرة أن هناك قصورا وصعوبات في إعداد البحوث الإعلامية العربية في سياق البيئة الإعلامية الرقمية الجديدة؛ إذ اعتمد معظم بحوث العينة مقاربات كمية ولم يتعمق في المقاربات الكيفية لتحليل البيئة الإعلامية الرقمية الجديدة. ولا يمكن أيضًا إنكار أن عددا لا يستهان به من الدراسات استعان بالأدوات الكيفية لتحليل البيئة الرقمية الجديدة، بينما اعتمدت بحوث أخرى مقاربات مشتركة كمية وكيفية. أما القصور الذي لاحظه بعض الباحثين بشأن العجز عن وضع نظريات إعلامية خاصة بالبيئة العربية، فليس له علاقة بالاستعانة بالنظريات الغربية، وإنما بالتطبيق الصحيح لهذه النظريات في البيئة العربية؛ حيث نجد عددا من البحوث العربية التي تمكنت من تطويع النظريات الغربية والاستفادة منها في سياق البيئة الإعلامية الرقمية الجديدة.
وعلى الرغم من الإشكاليات المنهجية والنظرية التي تواجه البحوث العربية، فإن هناك اتجاها واضحا نحو التجديد والتطوير الدراسة وتطبيق مناهج ونظريات حديثة للبحوث المستقبلية، تتناسب مع خصوصية البيئة الإعلامية الرقمية الجديدة. وفي هذا السباق اقترحت الباحثة رؤى لتطوير البحوث العربية تمثلت في مقترحات لإعادة النظر في الأدوات والأساليب البحثية المستخدمة من خلال مناهج بحثية جديدة لرفع قيمة هذه البحوث والعمل على استقراء أسس نظرية تتجاوز الاتجاهات البحثية الكلاسيكية التأسيس تصورات أكثر تمثيلا وانفتاحا للتغيير والتطوير الذي يحتاج إلى تضافر الجهود التعديل المنظومة التعليمية الحالية، من خلال إتاحة الولوج إلى قواعد البيانات الأجنبية للباحثين والدارسين وطلبة كليات الإعلام في الدول العربية والتركيز على التدريب للوصول إلى أسس سليمة لإعداد البحوث العربية الرقمية بإطارها المنهجي والنظري.
وخلص الدكتور جريس صدقه إلى أن الخروج من أزمة مناهج البحث الإعلامي في العالم العربي يتطلب خطوات أساسية لتثبيت البحث العلمي في هذا الميدان. وقد جاء مؤتمر الجزيرة ليشكل مبادرة نحو بناء شبكة عربية للبحث العلمي في علوم الإعلام ومحاولة معالجة التشرذم العلمي الحاصل، ومن الضروري أن تستتبعه خطوات أخرى، مثل:



  • مراكمة الأبحاث وجمعها من خلال وضع جردة علمية لها حتى اليوم.

  • ربط المختبرات المتخصصة في الجامعات العربية ببعضها.

  • ربط كليات الإعلام والتبادل المعرفي والبحثي.

  • ربط الباحثين والمجموعات البحثية.

  • ربط معاهد الدكتوراه بالنظر إلى إنتاجها الجديد والكثيف وتعزيز تبادل الهيئات التعليمية للتفاعل مع بعضها.

  • توحيد المصطلحات اللغوية والمعرفية التي لا تزال عائقا أمام التبادل المعرفي.

  • تشجيع المنشورات المتخصصة والتعريف بالمنشورات والمجلات المتخصصة في العالم العربي

  • الربط مع جامعات أجنبية وباحثين أجانب للاستفادة من خبراتهم ومواكبة التراكم العلمي الغربي في هذا الميدان.

  • تعزيز التبادل البشري بين الجامعات.
    إن المعوقات التي يمر بها ميدان البحث في علوم الإعلام والاتصال في العالم العربي إنما من بها غيرنا من المجتمعات، ويمكننا الاستفادة من تجاربها من أجل تفعيل واقعنا واستنباط الحلول، لكن ذلك يتطلب أولا إرادة مشتركة لذلك.
    وبين الدكتور محمد نجيب الصرايرة أن التجديد والتطوير سمتان مميزتان يجب الحرص عليهما والسعي من أجل تفعيلهما، وبخاصة في زمن التحولات والتغيرات التي تترك آثارا كبيرة. وفي مجال البحث العلمي ومناهجه في المجال الإعلامي يصبح التجديد والتطوير أمرا ملحا بعد كل هذه التحولات في الخريطة الإعلامية، وبروز مفاهيم جديدة تتطلب البحث والتدقيق. إن استمرار النسق النظري الخاص بالإعلام ونظرياته، أو تأثيراته، أو مساراته التقليدية، دون الأخذ بالاعتبار التحولات الكبيرة ومن بينها تطور البعد الرقمي والتكنولوجي، ربما يعيق بدرجة كبيرة فهم هذه التحولات وتأثيراتها. وعليه، نحن بحاجة إلى البحث في الإشكاليات التي يواجهها البحث الإعلامي في هذا الاتجاه، وتطوير رؤى نقدية وتحليلية، والبحث في توظيف الاتجاه التحليلي، والبيني، والتتبعي والمستقبلي والنقدي، إلى جانب التطوير المستمر للمناهج والطرائق المستخدمة لدراسة هذه التحولات وما أفرزته من ظواهر.
    وخلصت الورقة التي أعدها الدكتور معتصم بابكر إلى أن علوم الإعلام والاتصال تعد من العلوم الحديثة مقارنة بالعلوم الإنسانية الأخرى، ولكن على الرغم من حداثتها شهدت منذ خمسينات القرن العشرين نقلة نوعية على مستوى المناهج والأدوات والتنظير، وجذبت اهتمام الكثير من الباحثين والعلماء الذين ينتمون إلى تخصصات علمية متنوعة على مستوى العالم، وزاد الاهتمام بعلوم الإعلام والاتصال إثر التطور السريع والمتنامي الذي شهدته وسائله على المستوى التقني، وعلى مستوى استخدامات الفرد والمجتمع لها، ولكن في المنطقة العربية ما زال هذا الحقل يعاني من القصور على المستوى البحثي والإبستمولوجي. كما أن المكتبة العربية تعاني قصورا في مجال التنظير الإعلامي والاتصالي، باستثناء بعض الأعمال البحثية التي يمكن أن تشكل لبنة أساسية من أجل الانطلاق نحو إنجاز دراسات معمقة، خصوصا في ظل تزايد أهمية الوسيلة مقابل الرسالة، فالبحث العربي في مجال علوم الاتصال يواجه العديد من الإشكاليات التي تتعلق باختيار الموضوعات والمناهج والأدوات البحثية، وعدم قدرة بعض الباحثين على إحداث قطيعة إبستمولوجية مع أفكارهم المسبقة أثناء معالجتهم للقضايا المبحوثة؛ مما يؤدي إلى إحداث خلل وظيفي على مستوى النتائج البحثية، وهذا ما يوحي بضعف مصداقية وموضوعية هذه النتائج. وترجع أسباب القصور والإشكاليات إلى قلة المبادرات التي تسعى إلى إثراء المجال الإبستمولوجي في مجال علوم الإعلام والاتصال؛ إذ إن معظم بحوث الاتصال في المنطقة العربية يتم إجراؤها بهدف الترقي الوظيفي والأكاديمي وليس الإضافة المعرفية للعلم أو التخصص، فضلا عن غياب مؤسسة أو جسم عربي يهتم بتطوير الجانب المعرفي في هذا المجال ويتبنى إجراء البحوث والدراسات التي تتسم بالدقة والمصداقية والموضوعية ويعمل على تمويلها بشكل جماعي، إضافة إلى ذلك، فإن هناك شبه قطيعة بين المهني والأكاديمي في الحقل الإعلامي والاتصالي العربي تركت بصماتها على مخرجات البحث والدرس الأكاديمي في هذا المجال.
    ومن الملاحظ أن التنظير والبحث والدرس الأكاديمي العربي في علوم الإعلام والاتصال اعتمد حولا يزال على الترجمة والنقل الحرفي للمعرفة الغربية في هذا التخصص، وتحتاج مخرجات هذه الترجمة للتحليل والنقد والإضافة التي تقود إلى التجديد والإبداع. ويرى الدكتور بابكر أن هناك حاجة ملحة لمواكبة الذكاء الاصطناعي من قبل الدرس الأكاديمي العربي وإدراج ذلك في مناهج كليات ومعاهد وأقسام الإعلام بالجامعات العربية؛ حيث يعد الذكاء الاصطناعي من الابتكارات التي ستنهي منهجية البحث العلمي بصيغتها الحالية. لذلك، لابد من وضع فلسفة جديدة مختلفة للدرس الأكاديمي الإعلامي العربي تقوم على الاستفادة من التقنيات المصاحبة للثورة الصناعية الرابعة "إذا أردنا مساهمة البحث العلمي الإعلامي العربي في إثراء المعرفة والتنظير في علوم الإعلام والاتصال فعلى كليات ومعاهد وأقسام الإعلام في المنطقة العربية القيام بمجموعة مختلفة ومتكاملة من الأدوار والمهام التي تجمع بين المواكبة والتعليم والبحث والتدريب والممارسة.
    و خلصت الدكتورة منية عبيدي إلى أن علم المناهج يتضمن الكثير من التعقيد، وليس كل من أنجز بحثاً علمياً هو بالضرورة متمكن من خصوصيات هذا العلم، وحتى من خصوصيات المنهج الذي اتبعه في بحثه والبحث يتطلب إدراك المفاهيم الخاصة بكل منهج وعدم الخلط بينها، والوقوف على الاختلافات صلب المنهج الواحد، ومقارنتها، وذلك بمعرفة الأبعاد النظرية لكل منهج، والرهانات التي يقوم عليها، وتطويع مبادئ هذه المناهج للبحث العلمي في مجال علوم الإعلام والاتصال في عصرنا الراهن الزاخر بالوسائل وبالبيانات المختلفة والمتغيرة بتغير المكان والزمان.
    وعلى الباحث في هذا المجال أخذ عامل الوقت بعين الاعتبار، لأنه يمثل ركيزة أساسية الجدوى البحث. وتكون معالجة البيانات والمعلومات ومقارية الموضوع عبر الملاحظة والتحليل والمقابلات الفردية والاستجوابات ومعايشة التجارب، والتمكن من المناهج المتطورة. وأهم عنصر في البحث هو تبرير الاختيار وتقديم الحجة على ملاءمته للموضوع المطروق، والتركيز على راهنية الموضوع ومدى قدرة المنهج الذي اختاره الباحث على معالجة أبعاده معالجة تتلاءم مع ما تحقق من تقدم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
    ومن أهم النتائج التي توصلت إليها ورقة الدكتور عبد الكريم علي الدبيسي أن مستوى الالتزام بالمعايير الأخلاقية في بحوث علوم الإعلام والاتصال في الوطن العربي كان بدرجة متوسطة، وأن قضايا حيوية مثل التزام الباحثين بأخلاقيات البحث العلمي، والأمانة العلمية، ودقة المصادر، والموضوعية والحياد، لا يتم تطبيقها بشكل منهجي وعلمي متكامل وتؤكد هذه النتيجة إشكالية عدم التزام بعض الباحثين بأخلاقيات البحث العلمي، ويعزى ذلك إلى تجاهل نسبة غير قليلة من الباحثين لتطبيق المعايير الأخلاقية في البحوث الجامعية، وضعف آليات حوكمة تحكيم البحوث الجامعية. وهو ما يتطلب ضرورة قيام كليات الإعلام في الجامعات العربية بصياغة دليل توجيهي عملي الضبط الممارسة المعيارية في البحث الأكاديمي بحقل الإعلام والاتصال، فضلا عن أهمية تكثيف جهودها لرفع مستوى ثقافة الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي.
    وأكدت النتائج أيضا أن مستوى تقديرات المبحوثين لتأثيرات ضعف الالتزام بالمعايير الأخلاقية في بحوث علوم الإعلام والاتصال كان مرتفعا؛ إذ تفيد هذه النتيجة ببروز ظواهر سلبية تتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي، ولها تأثيرات سلبية على جودته ومخرجاته، منها ظاهرة المتاجرة العلنية ببيع الخدمات البحثية، وهي الظاهرة السلبية الأبرز، إضافة إلى ظاهرة المبالغة في عدد أعضاء الفرق البحثية، وظاهرة الانتحال التي تفقد البحث العلمي الجامعي قيمته العلمية والعملية. وتعزى هذه النتيجة إلى ضعف أطر الرقابة والمساءلة القانونية من قبل المؤسسات الرسمية العربية، والجامعات في محاربة ظاهرة المتاجرة العلنية ببيع البحوث الجامعية، وكذلك ضعف إجراءات تقييم وتحكيم البحوث الجامعية وتدقيقها قبل النشر، وعدم استخدام البرمجيات من بعض الجامعات والمجلات العلمية المحكمة لكشف الانتحال وضبط جودة البحث العلمي، وغياب الأسس والمعايير في التقييم، مما يساعد على تمرير بحوث جامعية تفتقر إلى المنهجية العلمية السليمة، أو غير متوافقة مع أخلاقيات البحث العلمي.
    وأفادت نتائج الورقة أن آليات حوكمة تطبيق أخلاقيات البحث العلمي في بحوث الإعلام والاتصال غير فاعلة بالقدر الكافي، وبحاجة إلى مراجعة وصياغة أطر فاعلة التطبيق أخلاقيات البحث العلمي قبل نشر البحوث، وتتطلب إخضاعها للمراجعة العلمية الرصينة، والفحص باستخدام برمجيات قياس النزاهة الأكاديمية، مثل برنامج تيرنيتين"، وكذلك إخضاع البحوث الجامعية لضوابط تحكيم دقيقة ومنصفة لضمان عدم نشر البحوث التي لا تراعي أخلاقيات البحث العلمي، وكذلك تفعيل الدور الرقابي للجامعات العربية بهدف الارتقاء بأخلاقيات وجودة البحث العلمي. ودلت النتائج على ضعف مستوى توظيف مخرجات البحث العلمي في بحوث الإعلام والاتصال الخدمة صناعة وريادة الإعلام العربي، ويعزى سبب ذلك إلى أن هناك عددا كبيرا من البحوث الجامعية لا يولي أهمية الدراسة المشكلات الأساسية التي تواجه مؤسسات الإعلام العربي، وصياغة رؤى من شأنها الإسهام في تقدم صناعة واقتصاديات الإعلام العربي، وتطوير مؤسساته، واستشراف إستراتيجيات المواجهة التحديات التي تعترضه، بناء على متابعة المتغيرات السريعة في بيئة تكنولوجيا الاتصال ووسائل الإعلام. ويعزى ضعف مستوى توظيف مخرجات البحث العلمي لتطوير صناعة وريادة الإعلام العربي إلى سببين: أولهما: عدم دعم تلك المؤسسات الإعلامية للبحوث الجامعية، وتجسير العلاقة بينها وبين كليات وأقسام الإعلام في الجامعات العربية، وثانيهما: تدني مستوى ثقة المؤسسات الإعلامية العربية بنتائج البحوث الجامعية في علوم الإعلام والاتصال، فضلا عن ندرة البحوث العربية الرصينة التي تتناول الرؤى الاستشرافية لمستقبل وسائل الإعلام العربية في ظل تحديات التقدم السريع في التكنولوجيا.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

المدارس الجغراف...

المدارس الجغرافية وإشكالية المدينة. المدرسة السلوكية يعتقد أصحاب هذه المدرسة أن التوزيعات المكانية ...

تضافرت عدة أسبا...

تضافرت عدة أسباب لاندلاع الحرب العالمية الثانية، ومنها أسباب غير المباشرة، وتتمثل في: مخلفات الحرب ...

Bessan Ismail x...

Bessan Ismail x Fouad Jned - خطية (Official Music Video) | بيسان اسماعيل و فؤاد جنيد / Bessan Ismai...

1مقدمة التعاريف...

1مقدمة التعاريف التي ذكرت في البيروقراطية أدت إلى الخلط في تفسير معانيها، إلا أن اغلب المعاني العامة...

ظهرت الهرمنيوطي...

ظهرت الهرمنيوطيقا الرومانسية في إطار الحركة الرومانسية الألمانية، كاستجابة للعقلانية الصارمة التي مي...

التعلم الموجة ن...

التعلم الموجة نحو الأبداع عندما نتحدث عن التعلم الإبداعي فإننا نستبعد ذلك التعلم الشكلي القائم ...

فمن هنا كانت حا...

فمن هنا كانت حاجة الإنسانية كلها إلى أن تدين لبارئها عز وجل بلاعتقاد الحازم بوجوده ووحدانيته وأن تدي...

تتجلى في النضام...

تتجلى في النضام الملكي الاستبدالي الذي ساد في فرنسا مند أواخر القرن 15 حيث كان الملك يستبدل سلطته و ...

في القانون الفر...

في القانون الفرنسي، تُقيّم القيمة المالية للمنتجات الصناعية وفقًا لمجموعة من القواعد القانونية والضر...

المادة : مجزوءة...

المادة : مجزوءة المعرفة – الفلسفة الطرح الإشكالي من المباحث الأساسية في الفلسفة المعاصرة نجد مبحث ال...

ليس في الانحراف...

ليس في الانحراف دائما إعلان أحيانا يكفي أن يذوب الإحساس بالخطأ ويصير الصمت حيله العقل والتبرير لغه ا...

اسمي كامل عمري ...

اسمي كامل عمري 13 سنه اعيش بالرامه انا ثصتي اني انولدت في الرامه وبره حياتي كثير اكره كوني من اسائيل...