Lakhasly

تقييم الشخصية صلاح الدين الأيوبي وإنقاذ الإسلام والمشرق من عدوان الغرب النصراني، وعدوان الصليبيين علي الشام، وقد وفق صلاح الدين في تحقيق هذه الغاية أعظم توفيق، بل استطاع أن يجمع كلمة الكتلة الإسلامية من جبال كردستان ومشارف آسيا الصغري حتى صحراء لوبية، وأن يعتمد على جهودها الموحدة في محاربة الصليبيين ورد عدوان الغرب النصراني، يشعرون جميعاً بشعور واحد، وحضارته وتراثه. ولا يؤمن بغيرها، ومن ثم فإنه من الخطأ التاريخي أن يقال إن صلاح الدين كان يؤمن بفكرة العروبة أو القومية، وإنما كانت مثله وجهاده، وإعلاء كلمة النصرانية، إنما يقضي في نفس الوقت على مطامع الغرب الاستعمارية في الشرق. فإذا نحن أسبغنا علي صلاح الدين أو علي مشاريعه وأهدافه، أية صفة أخري غير الصفة الإسلامية، ويقول آخر: «وأغمد سيف الله الذي كان علي أعدائه دائم التجريد، فهو أعظم فاقد لأعظم فقيد». وافر الجود والبدل، ولم يوجد في خزانته شي من الذهب أو الفضة سوي دينار واحد وسبعة وأربعين درهماً، ويشارك الفقهاء في تحقيق الظلامات وتصريف العدالة، وكان قد وقد على مصر، فارتحل إليه خلق كثير جدا، وإخوته وأمراؤه في : الأولى للإسكندرية سنة ٥٧٢هـ ، وفهم من ذلك ما يحتاج إليه وكان صلاح الدين شديد الرغبة في سماع الحديث، وإن كان المسمع ممن لا يطرق أبواب السلاطين سعى إليه وسمع عليه، وكان صحيح العقيدة، وكان قد سمع الحافظ السلفي، وغيره بالإسكندرية وسمع الملك المظفر تقي الدين عمر نور الدين شاهنشاه بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، وابن عوف، ولا شيخها المرتب للتدريس بها. والثقة في شرفهم ووعودهم، وكان هذا التصرف الذي تمليه الشهامة والفروسية، ما ارتكبه الصليبيون حين

تقييم الشخصية صلاح الدين الأيوبي

وهب صلاح الدين حياته للجهاد في سبيل الله، وإنقاذ الإسلام والمشرق من عدوان الغرب النصراني، واستطاع قبل وفاته أن يحقق أعظم أمانيه باسترداد بيت المقدس، وسحق المملكة الفرنجية الصليبية، وكان سبيله إلى تحقيق هذه الأمنية العظيمة، هو أن يجمع كلمة الشرق الإسلامي، وأن يعيد إليه وحدته الإقليمية، التي انصدعت بإنحلال الدولة الفاطمية، وعدوان الصليبيين علي الشام، وقد وفق صلاح الدين في تحقيق هذه الغاية أعظم توفيق، ولم تقف جهوده عند رد الإمبراطورية المصرية إلى سابق تماسكها الإقليمي، بل استطاع أن يجمع كلمة الكتلة الإسلامية من جبال كردستان ومشارف آسيا الصغري حتى صحراء لوبية، وأن يعتمد على جهودها الموحدة في محاربة الصليبيين ورد عدوان الغرب النصراني، فكانت جيوش صلاح الدين تجمع في صعيد واحد بين المصريين والشاميين والعرب والأكراد والتركمان والترك، وغيرهم، يشعرون جميعاً بشعور واحد، ويعملون جميعاً لغاية واحدة هي الذود عن الإسلام وأرضه
وحضارته وتراثه.كان صلاح الدين بطل الإسلام بلا مراء، بل هو من أعظم أبطال الإسلام قاطبة، وكانت الفكرة الإسلامية تملأ نفسه ومشاعره، يضطرم بها، ولا يؤمن بغيرها، ولم تكن تحدوه في جهاده أية فكرة قومية أو عنصرية أو إقليمية، ومن ثم فإنه من الخطأ التاريخي أن يقال إن صلاح الدين كان يؤمن بفكرة العروبة أو القومية، وإنه كان في جهاده لم أقطار الدولة الفاطمية القديمة، في مصر والشام، وهي التي غدا هو وريثها وعاملها .. كان يعمل لوحدة عربية أو ما يشبهها، فلم تكن تجول بخاطره أية فكرة من هذا النوع، وإنما كانت مثله وجهاده، نتجه إلى آفاق أوسع وأبعد مدي إلى آفاق الوحدة الإسلامية. ذلك أنه إذا كان عدوان الحملات الصليبية، يتسم في ظاهره بالصبغة الدينية، ويرمي إلى مهاجمة الإسلام والقضاء على سلطانه، وإعلاء كلمة النصرانية، فقد كان صلاح الدين يضطرم بفكرة الدفاع عن الإسلام، والذود عن قوته وتراثه، ولم يكن يخفي عليه أنه يسحق الحملات الصليبية، إنما يقضي في نفس الوقت
على مطامع الغرب الاستعمارية في الشرق.فإذا نحن أسبغنا علي صلاح الدين أو علي مشاريعه وأهدافه، وجهاده في سبيل الله، أية صفة أخري غير الصفة الإسلامية، وإذا نحن نسبناها إلى بواعث قومية أو عنصرية أو إقليمية، فإنا بذلك نجني علي سيرة البطل الإسلامي العظيم، إذ نجرده من أروع حلل بطولته وأشرفها.ولم يخف هذا المغزي الإسلامي العظيم الذي جعله صلاح الدين شعار حياته، وشعار جهاده، علي مفكري عصره، فنري صاحب الروضتين يقول معلقاً على وفاته وكن يوماً لم يصب الإسلام والمسلمون بمثله، من فقد الخلفاء الراشدون وغشي القلعة والبلد والدنيا من الوحشة ما لا يعلمه إلا الله تعالي». ويقول آخر: «وأغمد سيف الله الذي كان علي أعدائه دائم التجريد،وخفت الأرض من جبلها الذي كان يمنعها أن تميد، وأصبح الإسلام وقد فقد ناصره، تاكلاً لوحيد، فهو أعظم فاقد لأعظم فقيد».
وكان صلاح الدين، يتسم بطائفة من أجمل الصفات الملوكية والإنسانية فقد كان وافر الحلم، جم التواضع والبساطة، متقشفاً في ملبسه وطعامه، وافر الجود والبدل، ينفق كل ما تصل إليه يده في أغراض الجهاد ومصالح المسلمين، ولا يهتم بشئ من أعراض هذه الدنيا من مال أو قصور أو غيرها، حتى أنه لما توفي لم يخلف مالاً ولا عقاراً، ولم يوجد في خزانته شي من الذهب أو الفضة سوي دينار واحد وسبعة وأربعين درهماً، فكان ذلك دليلاً مؤثراً على زهده، وعفة نفسه، وطهارة يده، وصونه لمال المسلمين.وكان شديد التقي والورع، يشغف بمجالس القرآن والحديث، ويؤثر مجالس العلم والتقي، ويشارك الفقهاء في تحقيق الظلامات وتصريف العدالة، وكنت مجالسه تتسم بالوقار، والجد وعفة اللسان، وكان يؤثر الشورى وجمع في بلاطه جمهرة من أكابر كتاب العصر ومفكريه. وفي مقدمتهم صديقه ومستشاره الوفي عبد الرحيم البيساني المعروف بالقاضي الفاضل، وكاتبه العماد الأصفهاني الذي خلد في كتابه الفتح القسي في الفتح القدسي»، كثيراً من صور جهاد السلطان وفضائله وخلاله المرقة. ومما يؤثر عن تسامحه وتقديره لنوابغ العلم، أنه عين العلامة الطبيب والفيلسوف اليهودي القرطبي موسى بن ميمون طبيباً خاصاً له، وكان قد وقد على مصر، بعد أن غادر الأندلس وطنه تحت ضغط الاضطهاد الموحدي، ونزل بالقاهرة سنة ٥٦١ هـ، ولما توفي السلطان، استمر طبيباً خاصاً لولده الملك الأفضل.واستمر الحافظ السلفي الأصفاني يدرس في مدرسته بالإسكندرية زهاء ثلاثين عاما، فارتحل إليه خلق كثير جدا، خاصة بعد زوال الدولة الفاطمية مراؤه في زيارته فقد ارتحل إليه السلطان صلاح الدين الأيوبي وأولاده، وإخوته وأمراؤه في : الأولى للإسكندرية سنة ٥٧٢هـ ، فسمعوا عليه الحديث بالمدرسة وكان صلاح الدين الأيوبي حسن العقيدة، كثير الذكر الله مع مشايخ أهل العلم وأكابر الفقهاء، وفهم من ذلك ما يحتاج إليه وكان صلاح الدين شديد الرغبة في سماع الحديث، وإن كان المسمع ممن لا يطرق أبواب السلاطين سعى إليه وسمع عليه، فتردد إلى الحافظ السلفي ثلاثة أيام في الأسبوع بثغر الإسكندرية وروى عنه أحاديث كثيرة وكان السلطان الأفضل أبو الحسن نور الدين علي بن السلطان الأعظم الناصري صلاح الدين يوسف بن أيوب يحب أهل العلم والدين، ويؤثر مجالسهم ويحترمهم، وكان صحيح العقيدة، وهو أكبر ولد الناصر وكان عنده علم وأدب، وكان يكتب خطا حسنا وله شعر جيد، وكان قد سمع الحافظ السلفي، وغيره بالإسكندرية وسمع الملك المظفر تقي الدين عمر نور الدين شاهنشاه بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، وهو ابن أخي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الحديث من السلفي، وابن عوف، وكان الأمير أبو محمد ضياء الدين عيسى بن محمد بن عيسى الهكاري الفقيه المحقق أكبر أمراء الدولة الصلاحية ممن سمعوا أيضا من ۱۱۸۲م زار السلطان صلاح الدين الأيوبي الإسكندرية مرة ثانية في شهر شوال وأمر بإنشاء مدرسة سنية جامعة، والحق بها سنة ٥٧٧هـ / فبراير مساكن للطلبة الغرباء، وحمامات، ومارستان لعلاجهم). وللأسف لم تمدنا المصادر بأخبار عن موقعها، وتاريخ البناء تحديدًا، ولا شيخها المرتب للتدريس بها. ويرجح أحد كبار المتخصصين في تاريخ مدينة الإسكندرية أن هذه الأبنية شيدت على مقربة من الباب الغربي للمدينة قرب ضريح والي الإسكندرية الملك المعظم شمس الدولة تورانشاه أخي صلاح الدين (ت ٥٧٦هـ / ١١٨١م)). وقد اغتنم السلطان الفرصة أيضا كما ذكر كاتبه العماد الأصفهاني وزار هو وأولاده وقواد جيشه وكبار رجال دولته المرافقين له زيارة الطاهر بن عوف في مدرسته وسمع عليه موطأ مالك بروايته عن الطرطوشي، فتم له ولأولاده، ولمرافقيه السماع في العشر الأخيرة من شوال سنة ٥٧٧هـ / فبراير (١١٨٢م).الحافظ السلفي وكانت الشهامة والفروسية من أبرز صفات هذا السلطان العظيم المظفر فقد كان صلاح الدين فارس الإسلام بحق، بل كان مثلاً أعلي للفروسية في عصره، وقد رأينا كيف كانت تحمله الفروسية في كثير من المواطن علي العفو عن خصومه من الفرنج الصليبيين وإطلاق سراحهم، والثقة في شرفهم ووعودهم، ثم كانوا يقابلون تسامحه وفروسيته بالنكث، ويعودون إلى قتاله، وقد رأينا كيف عفا عن الفرنج المدافعين عن بيت المقدس وحقن دماءهم، وصرح لهم بافتداء أنفسهم، وكان هذا التصرف الذي تمليه الشهامة والفروسية، من أنبل تصرفات صلاح الدين، وكان يناقض كل المناقضة، ما ارتكبه الصليبيون حين
افتتح بيت المقدس من قتل الألوف من أهلها المسلمين الغزل. والخلاصة أننا كلما تأملنا جوانب هذه الشخصية الإسلامية العظيمة ألفيناها تفيض بآيات البطولة والنبل والإنسانية المؤثرة ).