Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

آسيا الوسطى: ساحة المعركة الرئيسية في اللعبة الكبرى الجديدة
كان وسيبقى ساحة المعركة الرئيسية في اللعبة الكبرى الجديدة، حسبما نتذكرها جميعاً، أوجدت صراعاً بين الإمبراطوريتَين البريطانية والروسية في أواخر القرن التاسع عشر، والاتحاد السوفياتي من جهة أخرى، ومن بعدها بين الولايات المتحدة (وأتباعها في الاتحاد الأوروبي) وروسيا. "قلب الأرض" - أو وسط أوراسيا - هو "محور التاريخ" الشهير وفقاً للعبة الجيوسياسية التي صمّمها ماكيندر ووضعتها إمبراطورية بريطانيا في عام 1904. تجدد الدور التاريخي لقلب الأرض في القرن الحادي والعشرين وهو لا يقل أهمية عما كان عليه في القرون الماضية، لذلك، ليس من المستغرب أن جميع القوى الكبرى تنشط في قلب الأرض/وسط أوراسيا، وقد يصبح بعض هذه الدول قريباً - مثل كازاخستان - أعضاء في مجموعة "البريكس +". الصراع الجيوسياسي/الاستراتيجي المباشر من أجل فرض النفوذ على قلب الأرض يضع الولايات المتحدة في مواجهة روسيا والصين، بالطبع، تتمثل أساليب عمل القوى الإمبريالية بتوجيه التهديدات والإنذارات. مثل التهديدات الصريحة أو الخفية. تكشف المحادثات غير الرسمية مع الشركات في سمرقند وبخارى في أوزبكستان، والاتصالات في كازاخستان عن أسلوب يتلخص بأن الجميع يدركون أن الأميركيين لن يترددوا في استخدام القوة لتأكيد نفوذهم في قلب الأرض/آسيا الوسطى. لا يكاد يوجد مكان في قلب الأرض تتجلى فيه لعبة النفوذ الحالية أكثر من سمرقند، وهي محور بالغ الأهمية للاتجاهات الثقافية بين الشرق والغرب، والزرادشتية، ومتجهات ما قبل/بعد الإسلام. على غرار الفينيقيين في منطقة البحر الأبيض المتوسط، استعمر الصغديانيون بحكم الأمر الواقع، أن عائلات سمرقند الثرية دعمت التجارة في المستعمرات البعيدة. كانت اللغة السائدة على طرق الحرير هي الصغدية وقد ترجم البوذيون والمسيحيون والمانويون نصوصهم الدينية إليها. تدرك تماماً كل ما سبق، أي أن العوامل المذكورة تشكّل الدافع الرئيسي وراء مفهوم طرق الحرير الجديدة، والتي يُشار إليها رسمياً باسم مبادرة الحزام والطريق، المُعلن عنها منذ حوالي عقد من الزمان من قِبل شي جين بينغ في أستانا في كازاخستان. تشعر بكين بالحاجة إلى إعادة الاتصال بجيرانها الغربيين كمسار ضروري نحو زيادة التجارة والترابط في عموم أوراسيا. تتكامل أهداف بكين وموسكو في ما خص العلاقات مع قلب الأرض، التي تأسست في عام 2001، قبل بضعة أشهر فقط من أحداث 11 أيلول، هي نتاج فعلي للاستراتيجية المشتركة بين روسيا والصين، طاجيكستان، على سبيل المثال، الضعيفة من الناحية الاقتصادية والتي تعتمد بشكل كبير على السوق الروسية كمزود للعمالة الرخيصة، تتبع رسمياً سياسة الانفتاح على مختلف أنواع التعاون، بما في ذلك مع الغرب. وقد أنشأت كازاخستان والولايات المتحدة مجلساً للشراكة الاستراتيجية (حصل آخر اجتماع بينهما في أواخر العام الماضي). تقيم أوزبكستان والولايات المتحدة "حواراً للشراكة الاستراتيجية"، ويتجلّى من خلال مركز تجاري بارز هناك، يحاول الاتحاد الأوروبي مواكبة الأمر، 5 مليار دولار) من أوروبا. الرئيس الأوزبكي ميرزيوييف - الذي يتمتع بشعبية كبيرة، لأنه حقق انفتاح البلاد منذ خمس سنوات - عقد صفقات تجارية بقيمة 9 مليارات دولار عندما زار ألمانيا قبل ثلاثة أشهر. منذ انطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية قبل عقد من الزمن، استثمر الاتحاد الأوروبي حوالي 120 مليار دولار في قلب الأرض، لكنه لا يزال أقل من الالتزامات المالية التي تعهدت بها الصين. كما هو متوقع، ينصب تركيز القوى الإمبريالية في قلب الأرض على كازاخستان، وذلك بسبب النفط والغاز. 8 مليارات دولار فقط في العام الماضي). فما بالك بالتجارة الأميركية مع أوزبكستان التي تشكّل فقط 7 في المئة من إجمالي هذه التجارة مع آسيا الوسطى؟
وهو جزء من مفهومها للسياسة الخارجية لفترة 2014 - 2020. يرتبط شعار أستانا الجديد بشعارها السابق "الدبلوماسية متعددة الاتجاهات"، التي نشأت خلال سنوات حكم نزارباييف. كازاخستان تحت حكم الرئيس توكاييف هي عضو في منظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومبادرة الحزام والطريق. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تبقى في حالة تأهب مستمر للمؤامرات الإمبريالية. لقد أنقذت روسيا والتدخل الفوري لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي حكم توكاييف من مسعى الثورة الملونة في مطلع عام 2022. في عقد اجتماعات رفيعة المستوى، مثل قمة الصين وآسيا الوسطى (5+1)، التي انعقدت قبل ثلاثة أشهر فقط. ثم هناك تطور آخر مثير للاهتمام هو منظمة الدول التركية، المعروفة سابقاً باسم المجلس التركي، والتي تجمع تركيا وأذربيجان وثلاث "ستانات" في آسيا الوسطى هي: كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان. لكن الممارسة العملية لهذه المنظمة غير ظاهرة في جميع أنحاء قلب الأرض، باستثناء الإشارات الغامضة إلى "مشاريع الاقتصاد والثقافة والتعليم والنقل"، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ولكن من نزارباييف خلال عهده في أستانا، لقد شدّد الأمين العام المؤسس، خليل أكينجي، إحدى "ستانات" آسيا الوسطى المميزة التي تؤكد على حيادها الجيوسياسي الثابت، تتمتع بصفة دولة مراقبة في منظمة الدول التركية. ومن الجدير بالذكر أيضاً وجود مركز للحضارات البدوية في مدينة بيشكيك، حل لغز روسيا وقلب الأرض
استفاد عدد غير قليل من لاعبي قلب الأرض من العقوبات التي فرضها الغرب الجماعي على روسيا. ارتفعت صادرات تلك الدول بشكل كبير (بنفس القدر الذي ارتفعت به الواردات القادمة من أوروبا، يمكن القول إن عشرات الآلاف من الروس الأثرياء نسبياً انتقلوا إلى قلب الأرض بسبب حملة التعبئة الروسية، فيما وجد الكثير من عمّال آسيا الوسطى وظائف جديدة، خاصةً في موسكو وسان بطرسبرغ. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، ووفقاً للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ستنمو الاقتصادات في جميع أنحاء قلب الأرض بنسبة سليمة تبلغ 5. 2 في المئة في عام 2023 و5. يتجلّى هذا التحول بشكل خاص في سمرقند، التي باتت تشبه موقع بناء وترميم ضخم. وكلها نظيفة. ولا يوجد فيها متشردون ولا مشردون ولا مدمنون على المخدرات، في طشقند، يركز بشكل كبير على الأعمال التجارية في عموم أوراسيا. وما زالت اللغة الروسية هي لغة التواصل المشتركة في كل مجالات الحياة. لا توجد نزاعات حدودية). في ظل الاتحاد السوفياتي، وبالقرب من أوروبا. تعتبر كازاخستان نفسها أوراسية بامتياز، أبلغ توكاييف بوتين شخصياً في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي، أن أستانا لن تعترف باستقلال جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتَين. في الخفاء). وكما يبدو، وهناك احتمال ألا يحدث شيء. يجب اعتبار كل ما سبق على أنه عقبات بسيطة. ففي العام الماضي، زار بوتين جميع "الستانات" الخمسة في آسيا الوسطى للمرة الأولى منذ فترة طويلة. وعلى غرار الصين، عقدوا قمة 5+1 أيضاً للمرة الأولى. ودعونا لا ننسى أن رؤساء جميع "ستانات" آسيا الوسطى الخمسة كانوا حاضرين شخصياً في احتفال الساحة الحمراء في موسكو في يوم النصر في أيار/مايو الماضي. تعرف الدبلوماسية الروسية كل ما يمكن معرفته عن الهوس الإمبريالي الرئيسي بإخراج "ستانات" آسيا الوسطى من دائرة النفوذ الروسي. وهذا يتجاوز استراتيجية الولايات المتحدة الرسمية لآسيا الوسطى الموضوعة لفترة 2019-2025 – والتي تطورت الآن إلى حالة تشبه الارتباك بعد الإذلال الأميركي في أفغانستان والإذلال الوشيك لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا. الذي اختلقته وزارة الخارجية الأميركية وروّجت له وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون في عام 2011. لقد تناولت هذه القصة بالتفصيل في مطلع عام 2010، هو إحباط تطوير خط الأنابيب الإيراني - الباكستاني المنافس، من خلال إجبار إسلام أباد على إلغائه، في أعقاب فضيحة الحرب القانونية الكبيرة المعدة لإبعاد رئيس الوزراء السابق عمران خان، فإن قصة خطَي أنابيب تركمانستان - أفغانستان - باكستان - الهند وإيران - باكستان لم تنتهِ بعد. ومع تحرر أفغانستان من الاحتلال الأميركي، يرتبط بالممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني في ملتقى طرق بين وسط وجنوب آسيا. فإن النموذج الصيني لا نظير له كمثال للتنمية المستدامة، وهو ملهم في البحث عن الحلول المحلية في آسيا الوسطى. الذين استخدمتهم من أجل زعزعة الاستقرار السياسي في أضعف المناطق المحورية في آسيا الوسطى (من وادي فرغانة إلى الحدود الأفغانية - الطاجيكية، في اجتماعات مثل مؤتمر فالداي لآسيا الوسطى. رستم خيداروف، التقييم الأكثر دقة للعلاقات بين الغرب وقلب الأرض عندما قال:
"الغرب الجماعي غريب علينا من حيث الثقافة والنظرة إلى العالم. لا توجد حادثة أو حدث واحد، يمكن أن يكون أساساً للعلاقة والتقارب بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من ناحية وآسيا الوسطى من ناحية أخرى. الأميركيون والأوروبيون غير ملمّين بثقافة وعقلية وتقاليد شعوب آسيا الوسطى، لذلك لم يتمكنوا من التفاعل معنا ولن يكونوا قادرين على ذلك. بالنظر إلى هذا السيناريو، فليس من المستغرب أن تعرب بعض الدوائر الدبلوماسية في قلب الأرض عن اهتمام كبير بتكامل أوثق لآسيا الوسطى في إطار مجموعة "البريكس +".


Original text

آسيا الوسطى: ساحة المعركة الرئيسية في اللعبة الكبرى الجديدة


وسط أوراسيا، أو ما يُعرف تاريخياً بـ"قلب الأرض"، كان وسيبقى ساحة المعركة الرئيسية في اللعبة الكبرى الجديدة، التي تدور بين الولايات المتحدة الأميركية والشراكة الاستراتيجية الصينية - الروسية.


اللعبة الكبرى الأساسية، حسبما نتذكرها جميعاً، أوجدت صراعاً بين الإمبراطوريتَين البريطانية والروسية في أواخر القرن التاسع عشر، وفي الواقع لم تنتهِ أبداً بل تطورت إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المتحالفتَين من جهة، والاتحاد السوفياتي من جهة أخرى، ومن بعدها بين الولايات المتحدة (وأتباعها في الاتحاد الأوروبي) وروسيا.


"قلب الأرض" - أو وسط أوراسيا - هو "محور التاريخ" الشهير وفقاً للعبة الجيوسياسية التي صمّمها ماكيندر ووضعتها إمبراطورية بريطانيا في عام 1904. تجدد الدور التاريخي لقلب الأرض في القرن الحادي والعشرين وهو لا يقل أهمية عما كان عليه في القرون الماضية، إذ أصبح محرّكاً رئيسياً للتعددية القطبية الناشئة.


لذلك، ليس من المستغرب أن جميع القوى الكبرى تنشط في قلب الأرض/وسط أوراسيا، وهي: الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والهند وإيران وتركيا، وعلى نطاق أضيق، اليابان. أربعة من أصل خمسة "ستانات" (الدول التي تنتهي أسماؤها بكلمة "ستان") في آسيا الوسطى هي أعضاء كاملة العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون وهي: كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. وقد يصبح بعض هذه الدول قريباً - مثل كازاخستان - أعضاء في مجموعة "البريكس +".


الصراع الجيوسياسي/الاستراتيجي المباشر من أجل فرض النفوذ على قلب الأرض يضع الولايات المتحدة في مواجهة روسيا والصين، وتدور هذه المواجهة في عدد كبير من الجبهات السياسية والاقتصادية والمالية.


بالطبع، تتمثل أساليب عمل القوى الإمبريالية بتوجيه التهديدات والإنذارات. قبل أربعة أشهر فقط، قام مبعوثون من الهيئات الإمبريالية، أي وزارة الخارجية والخزانة الأميركية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية، بجولة مكثفة إلى قلب الأرض، حاملين حزمة كاملة من "الهدايا"، مثل التهديدات الصريحة أو الخفية. الرسالة الرئيسية هي: إذا "ساعدت" روسيا أو حتى تاجرت معها بأي شكل من الأشكال، فإنك ستواجه عقوبات ثانوية.


تكشف المحادثات غير الرسمية مع الشركات في سمرقند وبخارى في أوزبكستان، والاتصالات في كازاخستان عن أسلوب يتلخص بأن الجميع يدركون أن الأميركيين لن يترددوا في استخدام القوة لتأكيد نفوذهم في قلب الأرض/آسيا الوسطى.


ملوك طرق الحرير القديمة


لا يكاد يوجد مكان في قلب الأرض تتجلى فيه لعبة النفوذ الحالية أكثر من سمرقند، التي هي "روما الشرق" الأسطورية. نحن هنا في قلب بلاد الصغد القديمة – نقطة التقاء التجارة تاريخياً بين الصين والهند وبارثيا وبلاد فارس، وهي محور بالغ الأهمية للاتجاهات الثقافية بين الشرق والغرب، والزرادشتية، ومتجهات ما قبل/بعد الإسلام.


على غرار الفينيقيين في منطقة البحر الأبيض المتوسط، استعمر الصغديانيون بحكم الأمر الواقع، طريق الحرير القديم - عدة طرق في الواقع - إذ قاموا ببناء أسواق على طوله، امتدّت من قلب الأرض وصولاً إلى الصين.


أكدت الرسائل الصغديانية القديمة التي عُثر عليها بالقرب من معلم طريق الحرير في دونهوانغ في الصين، أن عائلات سمرقند الثرية دعمت التجارة في المستعمرات البعيدة. وأخيراً وليس آخراً، كانت اللغة السائدة على طرق الحرير هي الصغدية وقد ترجم البوذيون والمسيحيون والمانويون نصوصهم الدينية إليها.


من القرن الرابع إلى القرن الثامن، احتكر الصغديانيون تجارة القوافل بين شرق آسيا وآسيا الوسطى وغرب آسيا - في الحرير والقطن والذهب والفضة والنحاس والأسلحة والعطور والفراء والسجاد والملابس والسيراميك والزجاج والخزف والحلي والأحجار شبه الكريمة والمرايا. استفاد التجار الصغديانيون المكرة من الحماية التي قدّمتها السلالات البدوية لهم من أجل تعزيز التجارة بين الصين وبيزنطة.


النخبة الصينية المتميزة، والمعروفة بتفكيرها في الدورات التاريخية الطويلة، تدرك تماماً كل ما سبق، أي أن العوامل المذكورة تشكّل الدافع الرئيسي وراء مفهوم طرق الحرير الجديدة، والتي يُشار إليها رسمياً باسم مبادرة الحزام والطريق، المُعلن عنها منذ حوالي عقد من الزمان من قِبل شي جين بينغ في أستانا في كازاخستان. تشعر بكين بالحاجة إلى إعادة الاتصال بجيرانها الغربيين كمسار ضروري نحو زيادة التجارة والترابط في عموم أوراسيا.


تتكامل أهداف بكين وموسكو في ما خص العلاقات مع قلب الأرض، وتسترشد باستمرار بمبدأ التعاون الاستراتيجي. وقد انخرط كلاهما منذ عام 1998 في الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي مع آسيا الوسطى. إن منظمة شانغهاي للتعاون، التي تأسست في عام 2001، قبل بضعة أشهر فقط من أحداث 11 أيلول، هي نتاج فعلي للاستراتيجية المشتركة بين روسيا والصين، فضلاً عن كونها منصة للحوار المتواصل مع قلب الأرض.


أما "ستانات" آسيا الوسطى فهي تبدي ردود فعل متنوعة تجاه هذه المسألة، مما يشكّل قضية معقدة. طاجيكستان، على سبيل المثال، الضعيفة من الناحية الاقتصادية والتي تعتمد بشكل كبير على السوق الروسية كمزود للعمالة الرخيصة، تتبع رسمياً سياسة الانفتاح على مختلف أنواع التعاون، بما في ذلك مع الغرب.


وقد أنشأت كازاخستان والولايات المتحدة مجلساً للشراكة الاستراتيجية (حصل آخر اجتماع بينهما في أواخر العام الماضي). تقيم أوزبكستان والولايات المتحدة "حواراً للشراكة الاستراتيجية"، انطلق في أواخر عام 2021. أما الحضور التجاري الأميركي فهو واضح جداً في طشقند، ويتجلّى من خلال مركز تجاري بارز هناك، بالإضافة إلى بيع الـمشروبات الغازية "كوكاكولا" و"بيبسي" في كل متجر في القرى الأوزبكية.


يحاول الاتحاد الأوروبي مواكبة الأمر، خاصةً في كازاخستان، حيث يأتي أكثر من 30 في المئة من التجارة الخارجية (تُقدّر بـ 39 مليار دولار) والاستثمارات (تصل إلى 12.5 مليار دولار) من أوروبا. الرئيس الأوزبكي ميرزيوييف - الذي يتمتع بشعبية كبيرة، لأنه حقق انفتاح البلاد منذ خمس سنوات - عقد صفقات تجارية بقيمة 9 مليارات دولار عندما زار ألمانيا قبل ثلاثة أشهر.


منذ انطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية قبل عقد من الزمن، استثمر الاتحاد الأوروبي حوالي 120 مليار دولار في قلب الأرض، وهو مبلغ كبير (يشكّل 40 في المئة من إجمالي الاستثمار الأجنبي)، لكنه لا يزال أقل من الالتزامات المالية التي تعهدت بها الصين.


ما الذي تنوي تركيا فعله حقاً؟


كما هو متوقع، ينصب تركيز القوى الإمبريالية في قلب الأرض على كازاخستان، وذلك بسبب النفط والغاز. تمثل التجارة بين الولايات المتحدة وكازاخستان 86 في المئة من إجمالي التجارة الأميركية مع آسيا الوسطى (وهذا ليس كثيراً: 3.8 مليارات دولار فقط في العام الماضي). فما بالك بالتجارة الأميركية مع أوزبكستان التي تشكّل فقط 7 في المئة من إجمالي هذه التجارة مع آسيا الوسطى؟


يمكن القول إن معظم هذه "الستانات" الأربعة في آسيا الوسطى، والتي هي أعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون، تمارس ما يوصف بأنه "دبلوماسية متعددة الأوجه"، وذلك في محاولة لعدم إثارة غضب القوى الإمبريالية غير المرغوب فيه. وتنتهج كازاخستان من جانبها "الدبلوماسية المتوازنة"، وهو جزء من مفهومها للسياسة الخارجية لفترة 2014 - 2020.


في الواقع، يرتبط شعار أستانا الجديد بشعارها السابق "الدبلوماسية متعددة الاتجاهات"، التي نشأت خلال سنوات حكم نزارباييف. كازاخستان تحت حكم الرئيس توكاييف هي عضو في منظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومبادرة الحزام والطريق. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تبقى في حالة تأهب مستمر للمؤامرات الإمبريالية. لقد أنقذت روسيا والتدخل الفوري لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي حكم توكاييف من مسعى الثورة الملونة في مطلع عام 2022.


يعتمد الصينيون من جانبهم نهجاً جماعياً يتمثل على سبيل المثال، في عقد اجتماعات رفيعة المستوى، مثل قمة الصين وآسيا الوسطى (5+1)، التي انعقدت قبل ثلاثة أشهر فقط.


ثم هناك تطور آخر مثير للاهتمام هو منظمة الدول التركية، المعروفة سابقاً باسم المجلس التركي، والتي تجمع تركيا وأذربيجان وثلاث "ستانات" في آسيا الوسطى هي: كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان.


الهدف الأساسي لمنظمة الدول التركية هو "تعزيز التعاون الشامل بين الدول الناطقة بالتركية". لكن الممارسة العملية لهذه المنظمة غير ظاهرة في جميع أنحاء قلب الأرض، باستثناء لوحة إعلانات غريبة تروّج للمنتجات التركية. لم توفّر الزيارة إلى الأمانة العامة للمنظمة في إسطنبول في ربيع عام 2022، إجابات واضحة، باستثناء الإشارات الغامضة إلى "مشاريع الاقتصاد والثقافة والتعليم والنقل"، والأهم من ذلك، الجمارك.


في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقّعت منظمة الدول التركية في سمرقند اتفاقية "بشأن إنشاء ممر جمركي مبسّط". من المبكر أن نعرف ما إذا كانت هذه الاتفاقية ستؤدي إلى إنشاء نوع من طريق الحرير التركي المصغر في قلب الأرض.


ومع ذلك، من المفيد مراقبة ما قد يتوصلون إليه بعد ذلك، إذ يؤكد ميثاق المنظمة على "التوصل إلى مواقف مشتركة بشأن قضايا السياسة الخارجية" و"تنسيق إجراءات مكافحة الإرهاب الدولي والنزعات الانفصالية والتطرف والجرائم العابرة للحدود" وإيجاد " ظروف ملائمة للتجارة والاستثمار".


الفكرة الأساسية وراء إنشاء المجلس التركي لم تأتِ في الواقع من أنقرة، ولكن من نزارباييف خلال عهده في أستانا، في عام 2006. لقد شدّد الأمين العام المؤسس، خليل أكينجي، أن المجلس التركي آنذاك كان أول تحالف طوعي للدول التركية في التاريخ.


تركمانستان، إحدى "ستانات" آسيا الوسطى المميزة التي تؤكد على حيادها الجيوسياسي الثابت، تتمتع بصفة دولة مراقبة في منظمة الدول التركية. ومن الجدير بالذكر أيضاً وجود مركز للحضارات البدوية في مدينة بيشكيك، عاصمة قيرغيزستان.


حل لغز روسيا وقلب الأرض


استفاد عدد غير قليل من لاعبي قلب الأرض من العقوبات التي فرضها الغرب الجماعي على روسيا. ونظراً للعلاقات الاقتصادية الوثيقة بين آسيا الوسطى وروسيا، ارتفعت صادرات تلك الدول بشكل كبير (بنفس القدر الذي ارتفعت به الواردات القادمة من أوروبا، بالمناسبة).


انتقل عدد غير قليل من شركات الاتحاد الأوروبي إلى قلب الأرض بعد أن أقفلت في روسيا، وذلك بالتزامن مع قيام بعض كبار رجال الأعمال المختارين من آسيا الوسطى بشراء الأصول الروسية. وفي نفس الوقت، يمكن القول إن عشرات الآلاف من الروس الأثرياء نسبياً انتقلوا إلى قلب الأرض بسبب حملة التعبئة الروسية، فيما وجد الكثير من عمّال آسيا الوسطى وظائف جديدة، خاصةً في موسكو وسان بطرسبرغ.


ففي العام الماضي، على سبيل المثال، ارتفعت التحويلات المالية إلى أوزبكستان إلى 16.9 مليار دولار وكان 85 في المئة منها (أي حوالي 14.5 مليار دولار) مرسلة من العمّال في روسيا. ووفقاً للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ستنمو الاقتصادات في جميع أنحاء قلب الأرض بنسبة سليمة تبلغ 5.2 في المئة في عام 2023 و5.4 في المئة في عام 2024.


يتجلّى هذا التحول بشكل خاص في سمرقند، التي باتت تشبه موقع بناء وترميم ضخم. وهي تتميز بالعديد من الشوارع الواسعة الجديدة والمصممة بدقة، إضافة إلى المساحات الخضراء والزهور والنوافير والأرصفة الواسعة، وكلها نظيفة. ولا يوجد فيها متشردون ولا مشردون ولا مدمنون على المخدرات، مما يدهش الزوار من المدن الغربية الفاسدة.


في طشقند، تقوم الحكومة الأوزبكية ببناء مركز كبير ومدهش للحضارة الإسلامية، يركز بشكل كبير على الأعمال التجارية في عموم أوراسيا.


لا شك في أن المتجه الجيوسياسي الرئيسي في جميع أنحاء قلب الأرض يرتكز على العلاقة مع رأس الاتحاد السوفياتي السابق، أي روسيا. وما زالت اللغة الروسية هي لغة التواصل المشتركة في كل مجالات الحياة.


لنبدأ بكازاخستان، فهي تتشارك مع روسيا حدوداً كبيرة تمتد على طول 7500 كيلومتر (ومع ذلك، لا توجد نزاعات حدودية). في ظل الاتحاد السوفياتي، كانت "ستانات" آسيا الوسطى الخمسة تُسمّى في الواقع "آسيا الوسطى وكازاخستان"، وذلك لأن جزءاً كبيراً من كازاخستان يقع في جنوب غرب سيبيريا، وبالقرب من أوروبا. تعتبر كازاخستان نفسها أوراسية بامتياز، وهو أمر غير مستغرب لأن أستانا تفضل التكامل الأوراسي منذ عهد نزارباييف.


في العام الماضي، أبلغ توكاييف بوتين شخصياً في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي، أن أستانا لن تعترف باستقلال جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتَين. يواصل الدبلوماسيون الكازاخستانيون التأكيد على أنهم لا يستطيعون تحمل أن تكون البلاد بوابة لتجاوز العقوبات الغربية (ولكن في الواقع هذا ما يحدث في كثير من الحالات، في الخفاء).


من جانبها، ألغت قيرغيزستان المناورات العسكرية المشتركة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي تحت عنوان "الأخوة القوية لعام 2022" التي كان من المقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي (ومع ذلك، فإن المشكلة في هذه الحالة لم تكن روسيا، بل قضية حدودية مع طاجيكستان).


اقترح بوتين إنشاء اتحاد غاز بين روسيا وكازاخستان وأوزبكستان. وكما يبدو، لم تحدث أي تطورات، وهناك احتمال ألا يحدث شيء.


يجب اعتبار كل ما سبق على أنه عقبات بسيطة. ففي العام الماضي، زار بوتين جميع "الستانات" الخمسة في آسيا الوسطى للمرة الأولى منذ فترة طويلة. وعلى غرار الصين، عقدوا قمة 5+1 أيضاً للمرة الأولى. يجوب الدبلوماسيون ورجال الأعمال الروس طرق قلب الأرض طوال الوقت. ودعونا لا ننسى أن رؤساء جميع "ستانات" آسيا الوسطى الخمسة كانوا حاضرين شخصياً في احتفال الساحة الحمراء في موسكو في يوم النصر في أيار/مايو الماضي.


تعرف الدبلوماسية الروسية كل ما يمكن معرفته عن الهوس الإمبريالي الرئيسي بإخراج "ستانات" آسيا الوسطى من دائرة النفوذ الروسي.


وهذا يتجاوز استراتيجية الولايات المتحدة الرسمية لآسيا الوسطى الموضوعة لفترة 2019-2025 – والتي تطورت الآن إلى حالة تشبه الارتباك بعد الإذلال الأميركي في أفغانستان والإذلال الوشيك لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا.


وعلى الجبهة الحاسمة في مجال الطاقة، قليلون جداً من يتذكرون اليوم أن خط أنابيب تركمانستان - أفغانستان - باكستان - الهند، الذي لم يعد يشمل سوى ثلاثة من هذه الدول بعد أن انسحبت الهند، كان يشكّل أولوية لطريق الحرير الأميركي الجديد، الذي اختلقته وزارة الخارجية الأميركية وروّجت له وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون في عام 2011.


لقد تناولت هذه القصة بالتفصيل في مطلع عام 2010، في كتابي إمبراطورية الفوضى. عملياً، لم يحدث أي تطور. ما تمكّن الأمريكيون من القيام به مؤخراً، هو إحباط تطوير خط الأنابيب الإيراني - الباكستاني المنافس، من خلال إجبار إسلام أباد على إلغائه، في أعقاب فضيحة الحرب القانونية الكبيرة المعدة لإبعاد رئيس الوزراء السابق عمران خان، عن الحياة السياسية في باكستان.


ومع ذلك، فإن قصة خطَي أنابيب تركمانستان - أفغانستان - باكستان - الهند وإيران - باكستان لم تنتهِ بعد. ومع تحرر أفغانستان من الاحتلال الأميركي، فإن شركة "غازبروم" مهتمة جداً بأن تشارك في خط أنابيب تركمانستان - أفغانستان - باكستان - الهند، وكذلك الشركات الصينية، وذلك لأنه سيشكّل محوراً استراتيجياً لمبادرة الحزام والطريق، يرتبط بالممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني في ملتقى طرق بين وسط وجنوب آسيا.


الغرب الجماعي الدخيل


بقدر ما كانت روسيا - وستبقى - صاحبة نفوذ في جميع أنحاء قلب الأرض، فإن النموذج الصيني لا نظير له كمثال للتنمية المستدامة، وهو ملهم في البحث عن الحلول المحلية في آسيا الوسطى.


في المقابل، ما الذي تقدمه الهيمنة الأميركية؟ باختصار: سياسة "فرق تسد" التي تنتهجها من خلال أتباعها الإرهابيين المحليين مثل داعش - خراسان، الذين استخدمتهم من أجل زعزعة الاستقرار السياسي في أضعف المناطق المحورية في آسيا الوسطى (من وادي فرغانة إلى الحدود الأفغانية - الطاجيكية، على سبيل المثال).


لقد نوقشت بالتفصيل التحديات المتعددة التي يواجهها قلب الأرض، في اجتماعات مثل مؤتمر فالداي لآسيا الوسطى.


لقد وضع خبير نادي فالداي، رستم خيداروف، التقييم الأكثر دقة للعلاقات بين الغرب وقلب الأرض عندما قال:


"الغرب الجماعي غريب علينا من حيث الثقافة والنظرة إلى العالم. لا توجد حادثة أو حدث واحد، أو عنصر من الثقافة الحديثة، يمكن أن يكون أساساً للعلاقة والتقارب بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من ناحية وآسيا الوسطى من ناحية أخرى. الأميركيون والأوروبيون غير ملمّين بثقافة وعقلية وتقاليد شعوب آسيا الوسطى، لذلك لم يتمكنوا من التفاعل معنا ولن يكونوا قادرين على ذلك. لا تربط آسيا الوسطى الازدهار الاقتصادي بالديمقراطية الليبرالية الغربية، والتي هي في الأساس مفهوم غريب على بلدان المنطقة".

بالنظر إلى هذا السيناريو، لا سيما في سياق اشتداد "اللعبة الكبرى الجديدة" يوماً بعد يوم، فليس من المستغرب أن تعرب بعض الدوائر الدبلوماسية في قلب الأرض عن اهتمام كبير بتكامل أوثق لآسيا الوسطى في إطار مجموعة "البريكس +". لا بد من مناقشة هذا الأمر في قمة "البريكس" في جنوب أفريقيا الأسبوع المقبل.


تضم المعادلة الاستراتيجية روسيا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. باختصار، هي مثال آخر على تكامل "العالم الشامل" (على حدّ تعبير لوكاشينكو). يمكن أن تبدأ هذه العملية مع قبول انضمام كازاخستان إلى مجموعة "البريكس +" لتصبح أول دولة من قلب الأرض عضواً فيها.


وبعد ذلك، يصبح العالم كله مسرحاً لإحياء عودة قلب الأرض - في النقل والخدمات اللوجستية والطاقة والتجارة والصناعة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والثقافة، وأخيراً وليس آخراً، في "التبادلات بين الناس والشعوب"، بما يتماشى مع روح طرق الحرير القديمة والجديدة.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Showing kindnes...

Showing kindness is a crucial human trait. When someone is facing hardship or difficulty, extending ...

بيان المهمة " ت...

بيان المهمة " توفير تعليم وتدريب عالي الجودة يحركه السوق ودعم ريادة الأعمال والبحث التطبيقي التعاوني...

مفهوم القيم في ...

مفهوم القيم في الفلسفة: يوجد اختلاف في النظر إلى القيم حسب المذاهب الفلسفية، وباعتبار المواضيع التي ...

الفصل 5: فورت ك...

الفصل 5: فورت كارون في الصباح بعد لقاءنا بالملك، عدت إلى فندقنا لاصطحاب روكسي، بينما بقيت زانوبا في...

ثانياً الأندلس ...

ثانياً الأندلس : المراد بلفظ الأندلس اسبانيا الاسلامية بصفة عامة اطلق هذا اللفظ في بادىء الأمر على ش...

We then identif...

We then identify the enabling technologies for the introduced 6G services and outline a comprehensiv...

‏1. Exporting: ...

‏1. Exporting: - In this initial stage, the firm starts selling its products or services in foreign ...

إن الاعتدال وال...

إن الاعتدال والوسطية في المنهج الإسلامي من المسلمات المهمة للتعايش وبناء السلام، وعلى هذا المنوال نج...

وينبغـي أن يالح...

وينبغـي أن يالحـظ أن العبـرة فـي وصـف المـادة بأنهـا سـامة أم ال، ليسـت بطبيعـة هـذه المـادة فـي ذات...

* Links surroun...

* Links surrounding window themes and frames the doors. * The connections between walls and foundat...

يشير الكتاب الى...

يشير الكتاب الى مسار المرض باعتباره محددا اساسيا في رحلة العلاج للمرضى منطلقا من تعريف أنسيلم ستراوس...

Laser Doppler V...

Laser Doppler Velocimetry: Principle: This technique measures the velocity of blood flow in retinal...