Lakhasly

أولت المملكة العربية السعودية منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016 عناية كبيرة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وبذلت جهودًا واسعة في تهيئة المناخ الملائم لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والشركات الدولية وجذبها، من خلال تحديث الأنظمة والقوانين الملزمة والواضحة، وتوفير البنية الأساسية للمشروعات الاستثمارية، وتقديم التسهيلات والبرامج والمبادرات، وتمكين المستثمرين الأجانب من استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة، وإجراء العديد من الإصلاحات القانونية والاقتصادية التي انعكست على تعزيز البيئة التنافسية في المملكة. ويعد إنشاء الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار جنبًا إلى جنب مع وزارة الاستثمار خطوة مهمة نحو تسويق المملكة بوصفها وجهة جاذبة للاستثمارات إقليميًا وعالميًا. وتميز النظام السعودي بذلك، إذ لم تُنشَأ إلى هذا الوقت وزارات أو وكالات ترويج خاصة بالاستثمار في الدول المتقدمة مثل كندا أو الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، فالملاحظ أنه حتى في ظل نظام الاستثمار الأجنبي الحالي، فإنه توجد بعض النقاط التي يمكن تحسينها؛ لخلق بيئة استثمارية متكاملة في المملكة ومنافسة على المستوى الدولي، كخفض رسوم تجديد التراخيص، وتسهيل الإجراءات الإدارية لترخيص المشروعات الاستثمارية، وتسريع عمليات التعويضات وتقييمها، وتقديم المزيد من الحوافز التشجيعية والامتيازات المالية، لما لها من دور فعال في جذب الاستثمار الأجنبي. وفيما يتعلق بالرسوم والتكاليف المالية، فقد يكون من الأفضل في هذا التوقيت -في ظل التنافسية العالمية- مراجعتها وتخفيضها ولا سيما رسوم تجديد التراخيص؛ لجعل المملكة أكثر تنافسية مع الدول الأخرى. ويمكن لهذا التخفيض أن يجذب ويحفّز أصحاب الابتكار والمبادرات التقنية والصحية للاستثمار في المملكة. كما أن فرض الرسوم العالية يميل في بعض الأحيان لصالح الشركات الكبيرة التي قد تسهم في خنق المسافة مع الشركات المحلية. وفيما يتعلق بمالكي براءات الاختراع، فقد يكون من المناسب أن تضيف وزارة الاستثمار أحكامًا مبتكرة تسمح للمستثمرين الصغار -مالكي براءات الاختراع- بالاستثمار في المملكة، وهو أمر ستتفوق فيه المملكة إذا قدمت تسهيلات كبيرة لمالك لملاك براءة الاختراع، ومن شأنه تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الفرص الوظيفية للمواطنين في الصناعات المرتبطة ببراءات الاختراع والملكية الفكرية.. وفي شأن آخر، نصت المادة العشرون من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية على أعباء تشغيلية فيها نوع من الثقل وقد لا تتسم بمراعاة ظروف الأسواق التجارية والظروف القاهرة، وكانت نوعًا ما طويلة، وهذه تُعد من الأمور التي يمكن تحسينها لجعل بيئة الاستثمار في المملكة أكثر تنافسية وجاذبية، وقد يكون من الأنسب تخفيف تلك الأعباء لتنسجم مع غايات المستثمر في تحقيق الربح أو تخفيف المصاريف. فعلى سبيل المثال، قضت الفقرة (21) من المادة العشرين في اللائحة التنفيذية بأنه يعد من المخالفة لنظام الاستثمار الأجنبي عدم التقيد بإنتاج المنتجات المرخص لها جميعها، ويُعدّ تجاوز الطاقة الإنتاجية انتهاكًا، وهذا لا ينسجم مع مفهوم العرض والطلب في الأسواق ومع رغبة المستثمر في حال انخفاض الطلب على منتج معين أو إيقافه أو تخفيفه. وحددت المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي أن الاستثمارات الأجنبية المرخص لها بالمملكة إما أن تكون كيانات مملوكة باشتراك بين مستثمر وطني ومستثمر أجنبي، وإما كيانات مملوكة بالكامل لمستثمر أجنبي. ومع هذا، قد يكون من الأنسب إضافة حكم ثالث بأن يكون الاستثمار لمستثمرَيْن أجنبيَيْن أو أكثر كما هو متبع في أغلب الممارسات الدولية. وفيما يتعلق بالهيئة السعودية لتسويق الاستثمار، قد يكون من المنطقي إعطاؤها صلاحيات واسعة لاقتراح إصلاحات تنظيمية تتقدم بها لتعزيز الأنشطة الترويجية للاستثمار في المملكة، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى، وأن يكون الغاية من تلك الصلاحيات تعزيز الشفافية القانونية، والإسهام في حوكمة أنشطة التسويق، ومراجعة تلك الحوكمة بما يلائم التطورات المتسارعة في تشريعات جذب رؤوس الأموال الأجنبية. وعليه، قد تأخذ الهيئة في الاعتبار نشر أدوات التنظيم الذاتي، مثل الأدلة الإجرائية والإرشادية والمبادئ التوجيهية،التي ستتضمن الخطط والبرامج المتعلقة بتسويق الاستثمار في المملكة وإبراز الفرص الاستثمارية في جميع القطاعات. ومن الضروري أن تقوم المملكة العربية السعودية بالتركيز على نوعية الاستثمارات كي لا يكون الاستثمار الأجنبي عبئًا عليها في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال، ركزت رؤية المملكة 2030 ضمن أهدافها على جذب الاستثمارات الأجنبية النوعية التي تضيف للاقتصاد الوطني وتدعمه من خلال خلق فرص عمل للمواطنين، والمساهمة في القضاء على البطالة، وتزويد السوق المحلي بالخبرات والتقنية المطلوبة التي تسهم في رفع معدل المنافسة مع الأسواق الدولية. ولا شك أنّ العمل على جميع ما ذكر سابقًا سيساهم في تسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية للمملكة وتعزيز قدرتها التنافسية بصفتها مقرًا رئيسيًا للاستثمارات الأجنبية على المستوى الدولي.