Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

لما انتهى من القسم الأول والنوع الأول وهو ما يميز الاسم عن قسيميه الفعل والحرف انتقل إلى النوع الثاني، وثنى به لأنه يأتي أحد جزئي الكلام، لأنه قد يزول الكلام بزواله. بتا فعلتَ: هذا جار ومجرور، ويا افعلي: هذا معطوف عليه، ونونِ أقبلن: معطوف عليه، معطوف على أي شيء؟ ونونِ: هذا بالكسر، معطوف على أي شيء؟ على ياء افعلي، أو على تاء فعلتَ؟ الأول؛ لأن القاعدة أن ما جاء بالمعطوفات بحرف العطف الواو حينئذٍ العطف على الأول، يكون مرده إلى الأول، وأما ثم والفاء فهذه على حسب ما قبلها. فِعْلٌ يَنْجَلِي: فعل: هذا مبتدأ، يعني: يظهر بتا فعلت، فعل: نقول: هذا مبتدأ وهو نكرة، كيف جاز الابتداء بالنكرة؟ ينجلي: هذا خبر، هل نقول: صفة؟ فعل: هذا مبتدأ، ينجلي: يعني: يظهر بتا فعلت، بتا فعلت: جار ومجرور متعلق بقوله: ينجلي، كيف جاز الابتداء بالنكرة وهو فعل؟ نقول: قصد لفظه، حينئذٍ نقول: هل استقام الكلام بتاء فعلت فعل ينجلي؟ واضح الكلام. إذاً: حصلت الفائدة بتقديم الجار والمجرور وإن كان متعلقاً بالخبر، وهذا لا يجوز عندهم لكن للضرورة ولكونه جاراً ومجروراً، فِعل: بكسر الفاء وإسكان العين، الفعل بكسر الفاء: اسم لكلمة مخصوصة، والفعل مسماه: قام يقوم قم، كما نقول: زيد مسمى واسمه اسم، إذاً: الفعل بكسر الفاء وإسكان العين، احترازاً من الفعل بفتح الفاء فهو من الأحداث مصدر، لكن المكسور في اللغة فِعْل، يعني: يأتي بمعنى اسم المفعول كما ذكره في الكشاف: (( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ))[الأنبياء:73] يعني: مفعولات الخيرات، ومفتوح الفاء مصدراً له بحسب الاصطلاح، يأتي المصدر منه فِعْلٌ وفَعْلٌ. وأما عند النحاة فلا، فرقوا بينهما مجرد اصطلاح، ما مصدره؟ قالوا: الفَعْلُ، فِعْلٌ يَنْجَلِي يعني: يظهر ويتضح ويتميز عن أخويه بأربع علامات ذكرها متوالية، هذه قالوا: يتعين القصر هنا للوزن، ولكن هنا يتعين فنقول: لغة فيه، ولا نقول إلا من أجل بيان أنه لا بد منه للوزن. وفعلت: مضاف إليه، فلما قصد لفظه صار علماً، فعندنا مضاف ومضاف إليه، يعني: بتا الفاعل، سواء كانت مضمومةً نحو فَعَلْتُ، أو فعلْتِ؟ يجوز الأوجه الثلاثة، وروي في روايةٍ مختلف في تصحيحها: بتا فعلْتُ على أنها بالضم. على كل هذا أو ذاك قل ما شئت؛ حينئذٍ أقول: بتا فعلْتَ. أي: بتا الفاعل، أو مخاطباً نحو: تباركتَ يا الله، أو مخاطبةٍ نحو: قمتِ يا هند بكسرها، فحينئذٍ مراد الناظم هنا لو قلنا بأحد الأوجه بتا فعلتُ، هل المراد به خصوص التاء المضمومة أو المراد به ما هو أعم؟ أعم؛ لأن ثم فرقاً بين المخاطب والمتكلم، فحينئذٍ إذا قيد اللفظ بحركة معينة ولا بد من تقييده نقول: بتا فعلتُ المضمومة على جهة الخصوص أو المراد به العموم؟ الثاني: المراد به العموم. إذاً: ليس مراد الناظم بقوله: بتا فعلتَ خصوص التاء سواء كانت مضمومة أو مفتوحة على الوجهين، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل، ومثل ذلك يقال في قوله: وَيَا افْعَلِي وَنُونِ أقْبِلَنَّ ، ويا افعلي: الياء هذه المراد به ياء الفاعل، افعلي: هذا فعل أمر، هل ياء الفاعل خاصة بفعل الأمر؟ لا، افعلي: هذه ياء الفاعل، إذاً كونه أضاف يا إلى افعلي، هل هو لخصوص افعلي أو المراد به الأعم من ذلك فيشمل المضارع؟ الثاني، حينئذٍ يكون فيه مجاز. وأقبلن: مضاف إليه، إذاً النون التي في أقبلن وهو فعل أمر هل هي خاصة به أم تدخل على المضارع؟ تدخل على المضارع، إذاً: لم يقصد الناظم بقوله: تا فعلت خصوص تاء الفاعل المفتوحة أو المضمومة على حسب النطق، ولم يقصد يا افعلي: خصوص الفعل فعل الأمر، ولم يقصد بقوله: نون أقبلن خصوص فعل الأمر، ثم المراد بتاء الفاعل هنا. المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه، لأنك تقول: ضربتُ، هذا إسناد الضرب إلى من أحدث الفعل، أنا أوقعت الضرب على غيري متعدي، متُّ الحدث أين؟ قام بي أو أقمته على غيري؟ قام بي، إذاً: يشمل الاثنين النوعين، سواء كان متعدياً إلى الغير ضربتُ، لأن الفاعل سواء كان قائماً به أو واقعاً عليه، وضربتُ فعل وفاعل، فُعِل الضرب أو لا؟ لم يفعل، أين الفعل؟ نقول: هذا سيأتينا في بابه، أن المراد به مجرد اصطلاح فحسب، فحينئذٍ إذا قال: ما ضربت زيداً، وليس عندنا حدث أصالةً؟ نقول: هذا من باب الاصطلاح كما سيأتي في محله. إذَاً: تاء الفاعل المراد بها التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل، وما مت، بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، لو قيل: المراد بتا فعلت هنا، كنت، تاء الفاعل، هل المراد بالفاعل هنا الذي أوجد الفعل؟ الجواب: لا، بل هي اسم كان، ويعرب مجازاً على أنه فاعل. إذاً: ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، ولزوم الدور حيث عرف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل، وهذا سيأتي في موضعه، وهل المراد به الفاعل اللغوي؟ من هو الفاعل اللغوي؟ كل من أحدث الحدث، أو قام به الحدث، أو نفي عنه الحدث. إذاً: لا بد من التفسير ولذلك قلنا: أنه مجاز إما من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. من ذكر الملزوم وإرادة اللازم، فحينئذٍ ماذا نقول هنا بتا فعلت؟ هل نقول: الفاعل الاصطلاحي أو الفاعل اللغوي، أو لا هذا ولا ذاك؟ نقول: لا هذا ولا ذاك، لكن من حيث الاتصال وعدمه ما يصدق عليه تاء الفاعل أعم من الفاعل الاصطلاحي وأعم من الفاعل اللغوي، مع أنها لا تسمى فاعلاً عند النحاة، ما ضربتُ زيداً، التاء: هذا ليست بفاعل لغوي، مع أنها فاعل اصطلاحي، لأننا لو وقفنا مع اللفظ فأدخلنا وأخرجنا فحينئذٍ خرجت بعض الألفاظ ودخل ما لا يراد. ولا يرد التاء في نحو: ما قام إلا أنت، أنتَ بفتح التاء، لماذا؟ لأنها لم تدل بالمطابقة، أو نفي عنه الفعل، على مذهب البصريين، أن الضمير هو: أن، بقي الإشكال في ماذا؟ أن هذه تا فعلت هذه تدخل ليس. (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] وبها استدل على فعليتها خلافاً لمن أنكره: (( لَيْسُوا سَوَاءً ))[آل عمران:113] إذاً: هي فعل، لست. وإنما تدل على نفيٍ فحسب، لأنه لا يفهم منها حدث، إذا كان لا يفهم منها حدث كيف نقول: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] والتاء هذه تاء الخطاب فهي تاء الفاعل؟ ليس عندنا حدث أصلاً. في هذا التركيب: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22] لست، اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر، وهذا يرجع إلى المصطلح. وأما دخول اللاحقة لعسى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) ، نقول: عسى فعل الصحيح، لماذا؟ لاتصال تاء الفاعل بها، الحدث، وليس المراد به الفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي، بتا فعلت، وهذه تدخل على ماذا، تاء الفاعل تتصل بماذا، من خواص الفعل الماضي دخول أو قبول تاء الفاعل به. فلأن الفاعل لا يكون إلا مستتراً، وأما المضارع؛ لا، بتا فعلت. والتعليل السابق فيما بعده. يعني: عطف على ماذا؟ بتا فعلتَ، وبتاء أتتْ، قلنا: تا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، هل هو معطوف على تاء أو معطوف على المضاف إليه. حينئذٍ إذا عطفناه على المضاف صار لا بد من التقدير بتا فعلت، أو على فعلت. على جعل التاء في قوله: بتا، من استعمال المشترك في معنييه، بتا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، إن عطف على المضاف. على تاء حينئذٍ لا بد من التقدير، يعني: وتاء أتت، وإن عطف على المضاف إليه حينئذٍ بتا: يكون لفظاً مشتركاً بين التائين. مثل تنوين التمكين، من إضافة الدال إلى المدلول؛ تأنيث ماذا؟ تأنيث الفاعل، هذا على المشهور، لماذا اتصلت به؟ للدلالة على تأنيث الفاعل، ضَرَبَت هند. إذاً: أنث الفعل هنا واتصلت به تاء التأنيث للدلالة على تأنيث نائب الفاعل. ( وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ))[التحريم:12] كانت. التاء هذه تاء التأنيث الساكنة، اتصلت بالفعل كان للدلالة على ماذا؟ على تأنيث الفاعل؟ لا، على تأنيث نائب الفاعل؟ لا، ولذلك نقول: الأولى أن يقال: تاء التأنيث الدالة على تأنيث المسند إليه، إذاً: المراد بها تاء التأنيث الساكنة، وهذه الساكنة صفة لتاء، أصالةً، وضع للدلالة على ما ذكرناه. قامت هندٌ، والتاء، وقال بعضهم: بل تاء التأنيث اسم، وهذا خرق للإجماع، لماذا؟ لأن المبدل منه: يجوز إسقاطه ويستغنى عنه بالبدل، والتاء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وهندٌ: بدل منه، لا يلتفت إليه. نحو: أتت هندٌ، أي: تأنيث الفاعل تأنيثاً معنوياً، والأحسن المسند إليه، وقد اتصلت به تاء تأنيث ساكنة، لماذا؟ لأن التاء هنا لتأنيث اللفظ، والتي تعتبر علامة على الفعلية هي تاء التأنيث المعنوي، فحينئذٍ ليست علامةً على الفعلية بل دخلت الحرف، وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني احترزنا به عن المتحركة في المثالين السابقين، ورُبَّةَ. أصالةً: نقول: هذا قيد لهذا القيد، لكن للإدخال، والاحتراز بالساكنة عن المتحركة، وبالأصالة عن الحركة العارضة، أما المتحركة: فإن كانت حركتها حركة إعراب فهي خاصة بالاسم، نحو: مسلمة، نقول: هذه تاء التأنيث متحركة أصالةً. متحركة أصالةً بحركة إعراب، ونلحقها بما ذكرناه سابقاً، هذا متى؟ إذا كانت تاء التأنيث متحركةً أصالةً. هل تختص بالفعل؟ إذا كان حركتها حركة بناء: لا حول ولا قوة، قوة: هذا مؤنث أو لا؟ مؤنث، والتاء هنا محركة لكن حركتها حركة بناء، على لغة من فتح. وإذا كانت حركتها حركة بنية فحينئذٍ تدخل على الفعل، حركتها حركة. زيدٌ، جاء زيدٌ، وإنما سكن التاء الفعلي للفرق بين تائه وتاء الاسم، ولم يعكس لئلا ينظم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل، هذا تعليل، قيل: مسلمةٌ. فاطمةُ تحركت، والاسم خفيف والحركة ثقيلة، أعطي الخفيف الذي هو الاسم الثقل الذي هو الحركة، وأعطي الثقيل الذي هو الفعل الخفيف الذي هو السكون، سلوكاً مسلك التعادل والتناسب، فإن تحركت على جهة العرب، نقول: هل يخرجها على كونها علامةٍ أو لا؟ الجواب: لا، نحو ماذا؟ نحو: (( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ))[يوسف:51] قالت: هذا الأصل أنها ساكنة، التقى ساكنان، التاء والميم، ماذا نصنع؟ نحرك التاء بالكسر على الأصل بالتخلص من التقاء الساكنين. (( قَالَتِ امْرَأَةُ ))[يوسف:51] وهذا واضح بكسر التاء لالتقاء الساكنين. أمةٌ، ألقيت الحركة على التاء وحذفت، إذاً: هذه الحركة على التاء حركة عارضة، قال: فعل ماضي، وإذا قلت: قالتِ امرأة. منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، لا مضموماً ولا مكسوراً. قالتُ امة. (الهندان رمتا)، رمى: إذا اتصلت به تاء التأنيث، ثم تاء، حينئذٍ حذفنا الألف، أليس كذلك؟ فقيل: رمت. لو كانت هذه الحركة معتبرة، إذ لو كانت أصالةً، لرجعت الألف، لأننا نقول: رمتا. رمت: حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين، طيب!ورمتا، ليس عندنا ساكنان، في اللفظ ليس عندنا ساكنان، فلو كانت هذه الحركة معتبرة لرجعت الألف، وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل، بل تكون في الاسم نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه كما سبق حركة بناء. وفي الفعل نحو هندٌ تقوم، هندٌ تقوم، التاء هذه تاء تأنيث، وحركت بماذا؟ بالفتح، هل حركتها حركة بناء أو بنية؟ نقول: بنية، لماذا؟ لأنها في أصل الكلمة، لا وزيدت عليها التاء، لعل. لعلَّة، ورُبَّة وثُمَّة، وما عداها فعلى الأصل. وبهاتين العلامتين. المراد بها تاء الفاعل على جهة العموم الذي ذكرناه، وكلا العلامتين علامة على الفعلية، فعلية الفعل الماضي، بقي هل هي فعل أم حرف؟ عند الفارسي ونحوه أنها حرف، لماذا؟ لأنها لا تدل على حدث. وإنما هي لمجرد النفي، مثل ما النافية، وما النافية حرف باتفاق. وهذا الأصل في الفعلية، ثانياً: كونها تتصل بها وهو الشاهد معنا. كونها تتصل بها تاء الفاعل، هذا الأصل فيها، ليس: هذه فعل بدليل ماذا؟ بدليل اتصال تاء الفاعل بها، وأجاب الفارسي: بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، لكن هذا التعليل ضعيف، وهنا اتصال التاء باللفظ من جهة اللفظ، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عسى، قياساً على لعلَّ، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية: نعم، وبئس. ونعم، ولأن ما اتصل بها من الألفاظ مقدم على المعاني، ليس وعسى، عست هندٌ مفلحةً. ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ))[محمد:22] تاء الفاعل، أليس كذلك؟ تفتح التاء، هل صليتم. هل زكيتم؟ إلى آخره، وأما في المخاطب المفرد، هل صليتَ. هل زكيتَ؟ تكون بالفتح، هذا تنبيه، تاء التأنيث الساكنة بنعم وبئس، بئست المرأة دعدٌ. وهل تتصل به تاء التأنيث الساكنة؟ هذا محل النزاع، لأنه يقال: تباركت أسماء الله، وقيل: تبارك تقبل التائين، بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي. أتت: هذه نقول التاء: تاء التأنيث الساكنة، تتصل بكل فعل ماضٍ إلا أربعة أنواع، ثانياً: حبذا في المدح، لا يقبل تاء التأنيث ولا تاء الفاعل. خلا وعدا وحاشا، جاء القوم ما عدا زيداً. ما عدا هنداً. لا يقبل التأنيث. الرابع: كفى، في قولهم: كفى بهندٍ، لا تقل: كفت بهندٍ؛ وهندٍ ما إعرابه؟ كيف نعربه؟ كفى: فعل ماضي، بهندٍ: الباء حرف جر زائد، وهندٍ: فاعل مرفوع، صحيح؟ فاعل مرفوع، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. ( مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ ))[المائدة:19] بشيرٍ: فاعل مرفوع، أليس كذلك؟ يعني: توكيد، بل هي مشتركة بين فعل الأمر: اركعي، نقول: هذا فعل أمر، أنتي تقومين، الياء هذه ياء. ما نوعها؟ ياء المخاطبة، ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو: قومي يا هند، وأنتي يا هند تقومين، فهي مشتركة بخلاف تا فعلت وأتت، ولم يقل: ياء الضمير، أو ياء المتكلم للحوقهما الاسم والفعل والحرف، مر بي أخي فأكرمني، دخل عليها حرف الجر، ليست من خواص الفعل، مر بي: اسم مجرور بالباء، ياء المتكلم: مر بي أخي فأكرمني، مثال واحد يشمل الجميع. إذاً: ياء المتكلم ليست خاصةً بالفعل ولا بالاسم ولا بالحرف، بل يدخل عليها الحرف وتضاف وكذلك تنصب، فأكرمني: هنا اتصلت به ياء المتكلم، وتعالي: بفتح اللام اسما. فعلي أمر، فهات بمعنى: ناول، هذه الأفعال هاتي وتعالَ هل هما اسما فعْلِ أمر، أو فعْلُ أمر؟ الصواب الثاني، وتعالي يا هند، وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث، فقوله: ويا افعلي، أي: لا خصوص للاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة، هل المضاف إليه قيد في المضاف، هل هو قيد، يعني: ياء افعلي متصلة بفعل الأمر احترازاً عن غيره، عطفاً على تاء، يعني: بنون أقبلن، يعني: ونون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة نحو: أقبلن، أقبلنَّ: هذا فعل أمر اتصلت به نون التوكيد الثقيلة، هل اتصال نون التوكيد الثقيلة خاص بفعل الأمر؟ الجواب: لا، وإن أوهمته عبارة المصنف، بل هو عام، وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله: أَشَاهِرُنَّ بَعْدَنَا السُّيُوفَا وقوله: أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُوْدَا ، فهذا شاذ لا يعول عليه، يعني: يحفظ ولا يقاس عليه، وسهَّلَه مشابهته للمضارع لفظاً ومعنىً. إذاً: هذه أربع علامات للفعل، لكن المصنف هنا قال: فعل ينجلي، هل أراد خصوص فعل، أم أطلقها مشتركة ثم فصل بعد ذلك؟ الثاني، قال السيوطي في جمع الجوامع: جميع ما ذكره الناس من علامات الفعل بضع عشرة علامة، ثانياً: ياؤه، ثالثاً: تاء التأنيث الساكنة، خامساً: السين، سادساً: سوف، ثامناً: النواصب لن. يعني: لن وأخواتها، تاسعاً: الجوازم، عاشراً: أحرف المضارعة، وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ، رابع عشر: تغيير صيغته لاختلاف الزمان. أكثر ما قيل في ما يميز الفعل عن قسيميه الاسم والحرف هو وجود واحد من هذه العلامات، بل قد يقبلها بعضها والبعض لا يقبله كما ذكرناه في الاسم. على الإعراب الذي ذكرناه، وهو لم يجعله على الإعراب المشهور. ينجلي الفعل، سوى ماذا؟ سوى الاسم والفعل، لأنه قال: علم من هذا التركيب أن الحرف سوى الاسم والفعل، ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه لا فائدة فيه، لأن سوى الاسم والفعل معلوم من قوله: واسم وفعل ثم حرف، ولا شك أن الاسم سوى الفعل، وأن الفعل سوى الاسم، لأن سوى بمعنى: غير، وكذلك الحرف سوى الاسم والفعل. لأنه ذكر خمساً للاسم وأربعاً للفعل فهي تسعة، ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل –الحرف-، هذا مراد المصنف، هو يريد أن يبين ماذا؟ هل أراد أن يبين أن الحرف قسم للاسم والفعل، أم ما يميز لنا الحرف عن غيره؟ الثاني، وإذا فسرنا سواهما: سوى الفعل والاسم حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهذا نقول: فاسد؛ وإنما المراد هنا: ذكر علامة تميزه عن غيره. هذا مراده، سوى، يعني: غير، فما مر بك من لفظ ولا تدري هل هو اسم أو فعل أو حرف أدخل عليه علامات الاسم، فإن لم يقبل شيئاً من علامات الفعل فاحكم عليه بأنه حرف، لماذا؟ لأن القسمة ثلاثية حصر لا رابع لها، وهو أنه حرف، لكنها ليست عدماً مطلقاً بل عدماً مقيداً، العدم المطلق لو أحلناه على شيء مجهول غير معروف، علامة ماذا؟ هذا عدم مطلق، والعدم كاسمه عدم ليس بشيء، والحرفُ ما ليستْ لهُ عَلامَهْ
ليس المراد ما ليس له علامة؟ لا، واضح هذا؟ إذاً: سواهما الحرف. ما إعراب سواهما الحرف؟ مبتدأ وخبر، والحرف معرفة، فإذا كان كذلك فهو المحكوم عليه، وهو أولى. فحينئذٍ كيف نجعل: سواهما معرفةً ونجوز الوجهين؟ عرفتم الإشكال، سوى. قلنا: هذه نكرة مضافة إلى الضمير فاكتسبت التعريف، هذا الظاهر، وغير: خبر، السكون مضاف إليه معرفة أو لا؟ معرفة، وغير: نكرة، لماذا؟ لأنها وقعت بين ضدين، غير: مضاف، هنا: سواهما، يعني: سوى قابلي علامات الاسم والفعل، إذا كان التقسيم محصوراً في ثلاثة أنواع فحينئذٍ صارت القسمة مقابلة: اسم وفعل يقابلها الحرف، مثل الحركة والسكون، فإذا كان كذلك حينئذٍ صح أن يقال: بأن سوى هنا اكتسبت التعريف من الضمير، وهذا هو الظاهر. أي: أي سوى قابلي العلامات التسع المذكورة الحرف، والحرف مبتدأ مؤخر؛ وقلنا: التسع المذكورة لماذا؟ لأننا لو عممنا في العلامات وجعلناها شاملةً للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول، يعني: لماذا نقول: التسع، سوى قابلي العلامات التسع؟ لأننا لو قلنا: سوى قابلي علامات الأسماء والفعل، قلنا: الأسماء علاماتها أكثر من ثلاثين، وهذه أكثر من الأربعة التي ذكرها المصنف، ففيها إحالة على مجهول، لكن نقول: هذه الإحالة مغتفرة هنا؛ لأنها إحالة على المُوَقِّفْ، يعني: المعلِّم، كما ذكرناها، قلنا: هذا ليس بمطرد، يعني: العلامة هنا ليست بمطردة قد يقبل بعضها علامات ولا يقبل الآخر، بل قد لا يقبل علامةً البتة، بعض الأسماء قد لا يقبل شيئاً من العلامات، هل عدم قبوله لشيء من العلامات ينفي اسميته؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن عندنا شيئين يميز الاسم عن الفعل والحرف، أولاً: الحد فنطبق الحد، ولو لم يقبل شيئاً من العلامات، كذلك القول في الفعل. يعني: وذلك كهل، قسم لنا الحرف إلى ثلاثة أقسام؛ إما أن يكون مشتركاً بين الاسم والفعل، ويدخل على الفعل، إذاً: هذا التعداد هو مقصود لبيان هذه الأنواع الثلاثة، حرف مختص عامل. مختص بالاسم عامل. وحرف مختص بالفعل وهو عامل.


Original text

لما انتهى من القسم الأول والنوع الأول وهو ما يميز الاسم عن قسيميه الفعل والحرف انتقل إلى النوع الثاني، وثنى به لأنه يأتي أحد جزئي الكلام، يعني: هو ركن، وإذا كان ركناً حينئذٍ له أهمية ومنزلة؛ لأنه قد يزول الكلام بزواله.
بتا فعلتَ وأتَتْ.. بتا فعلتَ: هذا جار ومجرور، وأتت: معطوف عليه، ويا افعلي: هذا معطوف عليه، ونونِ أقبلن: معطوف عليه، معطوف على أي شيء؟ ونونِ: هذا بالكسر، معطوف على أي شيء؟ على ياء افعلي، أو على تاء فعلتَ؟ الأول؛ لأن القاعدة أن ما جاء بالمعطوفات بحرف العطف الواو حينئذٍ العطف على الأول، يكون مرده إلى الأول، وكذلك: أو، وأما ثم والفاء فهذه على حسب ما قبلها.
فِعْلٌ يَنْجَلِي: فعل: هذا مبتدأ، ينجلي: صفته، يعني: يظهر بتا فعلت، فعل: نقول: هذا مبتدأ وهو نكرة، كيف جاز الابتداء بالنكرة؟ ينجلي: هذا خبر، هل نقول: صفة؟ فعل: هذا مبتدأ، ينجلي: يعني: يظهر بتا فعلت، بتا فعلت: جار ومجرور متعلق بقوله: ينجلي، وينجلي: هذا خبر فعل، كيف جاز الابتداء بالنكرة وهو فعل؟ نقول: قصد لفظه، هذا قول، فصار معرفةً، أو يقال: بتقديم –بتا-؛ لأن النكرة إذا أفادت أي فائدة.. مالم تفد أي فائدة، حينئذٍ نقول: هل استقام الكلام بتاء فعلت فعل ينجلي؟ واضح الكلام.
إذاً: حصلت الفائدة بتقديم الجار والمجرور وإن كان متعلقاً بالخبر، وهذا لا يجوز عندهم لكن للضرورة ولكونه جاراً ومجروراً، فِعل: بكسر الفاء وإسكان العين، الفعل بكسر الفاء: اسم لكلمة مخصوصة، يعني: اسم مسماه لفظ، زيد، قلنا: هذا مسماه الذات، والفعل مسماه: قام يقوم قم، هذا مسمى، وفعل اسمه، كما نقول: زيد مسمى واسمه اسم، اسم: هذا لفظه، مسماه: زيد وعمرو، قام: مسمى، اسمه: فعل، إذاً: الفعل بكسر الفاء وإسكان العين، اسم لكلمة مخصوصة، احترازاً من الفعل بفتح الفاء فهو من الأحداث مصدر، هذا عند النحاة، مصدر فَعَلَ.
لكن المكسور في اللغة فِعْل، بمعنى اسم المفعول، يعني: يأتي بمعنى اسم المفعول كما ذكره في الكشاف: (( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ))[الأنبياء:73] يعني: مفعولات الخيرات، وكون مكسور الفاء اسماً لما ذكر، ومفتوح الفاء مصدراً له بحسب الاصطلاح، وأما في اللغة فهم مصدران، إذاً: فعل، يأتي المصدر منه فِعْلٌ وفَعْلٌ.
وأما عند النحاة فلا، فرقوا بينهما مجرد اصطلاح، فالفعل اسم لكلمة مخصوصة، ما مصدره؟ قالوا: الفَعْلُ، وهذا مجرد اصطلاح، فِعْلٌ يَنْجَلِي يعني: يظهر ويتضح ويتميز عن أخويه بأربع علامات ذكرها متوالية، قال:
بتا فعلتَ، يعني: بتا، تا.. هذه قالوا: يتعين القصر هنا للوزن، وإن كان لغةً فيه.. يتعين القصر هنا للوزن، وإن كان في نحو الباء والتاء والثاء المد والقصر، الباء: با وباءٌ.. تا وتاءٌ.. ثا وثاءٌ، يجوز فيه المد والقصر، ولكن هنا يتعين فنقول: لغة فيه، ولا نقول إلا من أجل بيان أنه لا بد منه للوزن.
بتا فعلت: بتا، أي: الفاعل، لماذا؟ لأن تا مضاف، وفعلت: مضاف إليه، وهو جملة في الأصل، لكنه قصد لفظه، فلما قصد لفظه صار علماً، فعندنا مضاف ومضاف إليه، بتا فعلت، يعني: بتا الفاعل، سواء كانت مضمومةً نحو فَعَلْتُ، أو مفتوحةً نحو فَعَلْتَ، أو مكسورةً نحو فَعَلْتِ، وهنا بماذا نضبطها، بتا فعلْتَ، أو فعلْتُ، أو فعلْتِ؟ يجوز الأوجه الثلاثة، ولكن قيل: الرواية بالفتح، بتا فعلتَ، وروي في روايةٍ مختلف في تصحيحها: بتا فعلْتُ على أنها بالضم.
على كل هذا أو ذاك قل ما شئت؛ لأنه ليس بكلامٍ وحي، حينئذٍ أقول: بتا فعلْتَ.. بتا فعلتُ.. بتا فعلْتِ، يجوز الأوجه الثلاثة وإن كان المشهور أنه بالفتح.
إذاً: بتا، أي: بتا الفاعل، متكلماً نحو فعلتُ بالضم، أو مخاطباً نحو: تباركتَ يا الله، فعلتَ، أو مخاطبةٍ نحو: قمتِ يا هند بكسرها، فحينئذٍ مراد الناظم هنا لو قلنا بأحد الأوجه بتا فعلتُ، هل المراد به خصوص التاء المضمومة أو المراد به ما هو أعم؟ أعم؛ لأن ثم فرقاً بين المخاطب والمتكلم، والمخاطبة، فحينئذٍ إذا قيد اللفظ بحركة معينة ولا بد من تقييده نقول: بتا فعلتُ المضمومة على جهة الخصوص أو المراد به العموم؟ الثاني: المراد به العموم.
إذاً: ليس مراد الناظم بقوله: بتا فعلتَ خصوص التاء سواء كانت مضمومة أو مفتوحة على الوجهين، بل التاء تاء الفاعل مطلقاً، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل، يعني: مجاز.
ومثل ذلك يقال في قوله: وَيَا افْعَلِي وَنُونِ أقْبِلَنَّ ، ويا افعلي: الياء هذه المراد به ياء الفاعل، وافعلي، افعلي: هذا فعل أمر، هل ياء الفاعل خاصة بفعل الأمر؟ لا، تضربين هذه ياء الفاعل، افعلي: هذه ياء الفاعل، إذاً كونه أضاف يا إلى افعلي، هل هو لخصوص افعلي أو المراد به الأعم من ذلك فيشمل المضارع؟ الثاني، حينئذٍ يكون فيه مجاز.
وَنُونِ أقْبِلَنَّ.. أقبلن، نون: هذا مضاف، وأقبلن: مضاف إليه، إذاً النون التي في أقبلن وهو فعل أمر هل هي خاصة به أم تدخل على المضارع؟ تدخل على المضارع، إذاً: لم يقصد الناظم بقوله: تا فعلت خصوص تاء الفاعل المفتوحة أو المضمومة على حسب النطق، ولم يقصد يا افعلي: خصوص الفعل فعل الأمر، ولم يقصد بقوله: نون أقبلن خصوص فعل الأمر، بل الحكم عام، ثم المراد بتاء الفاعل هنا.. المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه، لماذا؟
لأنك تقول: ضربتُ، هذا إسناد الضرب إلى من أحدث الفعل، أنا أوقعت الضرب على غيري متعدي، ضربتُ، متُّ الحدث أين؟ قام بي أو أقمته على غيري؟ قام بي، إذاً: يشمل الاثنين النوعين، سواء كان متعدياً إلى الغير ضربتُ، أو كان قائماً به؛ لأن الفاعل سواء كان قائماً به أو واقعاً عليه، ويبقى ماذا؟ يبقى ما ضربت زيداً، ما: حرف نفي، وضربتُ فعل وفاعل، فُعِل الضرب أو لا؟ لم يفعل، كيف نقول: تاء الفاعل، أين الفعل؟ نقول: هذا سيأتينا في بابه، أن المراد به مجرد اصطلاح فحسب، وإلا الفاعل هو من أوجد الفعل، هذا في لغة العرب.. من أوجد الفعل.. من أوجد الحدث، فحينئذٍ إذا قال: ما ضربت زيداً، كيف هنا نقول: التاء فاعل، وليس عندنا حدث أصالةً؟ نقول: هذا من باب الاصطلاح كما سيأتي في محله.
إذَاً: تاء الفاعل المراد بها التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل، أو قام به، أو نفي عنه، وذلك كضربت، ومت، وما ضربت، وما مت، فليس المراد الفاعل الاصطلاحي كما سيأتي للزوم القصور عليه، بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، لو قيل: المراد بتا فعلت هنا، هل المراد به الفاعل الاصطلاحي؟ نقول: لو قلنا بهذا لخرجت التاء التي أسند إليها كان، كنت قائماً.. كنت، نقول: هذه تاء الفاعل أو لا؟ نعم، تاء الفاعل، هل المراد بالفاعل هنا الذي أوجد الفعل؟ الجواب: لا، ليس المراد به الفاعل الاصطلاحي؛ لأن التاء هنا لا تعرب فاعلاً، بل هي اسم كان، ويعرب مجازاً على أنه فاعل.
إذاً: ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، ولزوم الدور حيث عرف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل، وعرف الفاعل في بابه بأنه المسند إليه فعله، وهذا سيأتي في موضعه، وهل المراد به الفاعل اللغوي؟ من هو الفاعل اللغوي؟
كل من أحدث الحدث، إذاً: ليس المراد به الفاعل اللغوي ولا الفاعل الاصطلاحي؛ لأن الفاعل اللغوي لا يشمل نحو: ما ضربت زيداً؛ لأنه ليس بفاعل وإنما هو اصطلاحي، وكذلك: مت، وضربت، وما مت، وما ضربت، نقول: هذه داخلة في الحد، لا بد أن يشمل من أحدث.. أوقع الحدث، أو قام به الحدث، أو نفي عنه الحدث.. وهذا لا يتصور في الفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي، إذاً: لا بد من التفسير ولذلك قلنا: أنه مجاز إما من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم.. من ذكر الملزوم وإرادة اللازم، على طريق الكناية أو المجاز المرسل، فحينئذٍ ماذا نقول هنا بتا فعلت؟ هل نقول: الفاعل الاصطلاحي أو الفاعل اللغوي، أو لا هذا ولا ذاك؟
نقول: لا هذا ولا ذاك، وإنما ذكر الأخص الذي هو الفاعل من باب إطلاق اللفظ الذي لا بد منه؛ لأنه لو لم يعبر بهذا اللفظ ماذا يعبر؟ ليس عندنا إلا فاعل اصطلاحي أو فاعل لغوي، لكن من حيث الاتصال وعدمه ما يصدق عليه تاء الفاعل أعم من الفاعل الاصطلاحي وأعم من الفاعل اللغوي، ولذلك: كنت قائماً، التاء هذه تاء الفاعل، مع أنها لا تسمى فاعلاً عند النحاة، وليس فاعلاً اصطلاحياً.
ما ضربتُ زيداً، التاء: هذا ليست بفاعل لغوي، مع أنها فاعل اصطلاحي، إذاً: بتا فعلتُ، المراد بالتاء هناك الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه، بهذا نفسرها ولا نقف مع اللفظ؛ لأننا لو وقفنا مع اللفظ فأدخلنا وأخرجنا فحينئذٍ خرجت بعض الألفاظ ودخل ما لا يراد.
ولا يرد التاء في نحو: ما قام إلا أنت، أنتَ بفتح التاء، هل هي مثل تا فعلتَ؟ نقول: لا، لماذا؟ لأنها لم تدل بالمطابقة، وقد عرفنا أن التاء المراد بها ما دل بالمطابقة على من أحدث أو قام به، أو نفي عنه الفعل، وهنا: ما قام إلا أنت نقول: ليست دالة بالمطابقة على نفس الفاعل، بل الدال عليه: أن، على مذهب البصريين، أن الضمير هو: أن، وتاء التاء هذه مفتوحة حرف خطاب.
بقي الإشكال في ماذا؟ أن هذه تا فعلت هذه تدخل ليس.. (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] وبها استدل على فعليتها خلافاً لمن أنكره: (( لَيْسُوا سَوَاءً ))[آل عمران:113] إذاً: هي فعل، لست.. ليس هذه هل تدل على حدث؟ لا، وإنما تدل على نفيٍ فحسب، ولذلك ذهب بعضهم أنها حرف بمنزلة ما النافية، لأنه لا يفهم منها حدث، إذا كان لا يفهم منها حدث كيف نقول: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] والتاء هذه تاء الخطاب فهي تاء الفاعل؟ ليس عندنا حدث أصلاً.
بقي الإشكال في دخول التاء اللاحقة لليس، حتى ينهض الرد على من زعم حرفيتها بلحاق تاء الفاعل، إذ لا يصدق عليها أنها تاء من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه، لعدم دلالة ليس على الحدث، وهذا وارد.
وحينئذٍ نقول: هي تاء من نفي عنه الخبر، في هذا التركيب: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22] لست، هذه التاء، نقول: تاء من نفي عنه الخبر، ولا نعبر عنها بأنها تاء الفاعل إلا من باب التعميم فحسب، وأما عند التحقيق فنقول: هنا ليس عندنا حدث، بل هي تاء من نفي عنه الخبر، اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر، وهذا يرجع إلى المصطلح.
وأما دخول اللاحقة لعسى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) ، نقول: عسى فعل الصحيح، لماذا؟ لاتصال تاء الفاعل بها، إذ هي تاء من قام به الرجاء أو انتفى عنه، إذاً: بتا فعلت، المراد هنا بتاء المطابقة الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل.. الحدث، أو قام به أو نفي عنه، ليعم كل ما ذكرناه، وليس المراد به الفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي، بتا فعلت، وهذه تدخل على ماذا، تاء الفاعل تتصل بماذا، بأي أنواع الفعل؟ الماضي، وهل تدخل على الفعل المضارع؟ الجواب: لا، من خواص الفعل الماضي دخول أو قبول تاء الفاعل به.. اتصالها به، لماذا؟ لأنها بالسماع.. سماع ما نقل عن العرب لم ينقل أنها دخلت على المضارع ولا على الأمر، واضح؟
أما الأمر؛ فلأن الفاعل لا يكون إلا مستتراً، هذا واضح، وأما المضارع؛ فلأن الفعل المضارع إذا أسند إلى.. تتصل به، المضارع تتصل به؟ نقول: لا، لا تتصل به، لماذا؟ ..
لا، هذا في تاء التأنيث الساكنة، يأتي معنا.
بتا فعلت.. إذاً: تاء الفاعل خاصة بالفعل الماضي، والتعليل السابق فيما بعده.
وأتت.. يعني: عطف على ماذا؟ بتا فعلتَ، وبتاء أتتْ، قلنا: تا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، حينئذٍ أتت هذا قصد لفظه، هل هو معطوف على تاء أو معطوف على المضاف إليه.. هل هو معطوف على المضاف أو على المضاف إليه؟ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، حينئذٍ إذا عطفناه على المضاف صار لا بد من التقدير بتا فعلت، وبتا أتت، وإذا عطفناه إلى المضاف إليه حينئذٍ بتا صار مشتركاً بين التائين: تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة.
إذاً قوله: وأتت، عطف على تا فعلت، بتقدير مضاف، أي: وتاء أتت، أو على فعلت.. على جعل التاء في قوله: بتا، من استعمال المشترك في معنييه، وهذا جائز.
بتا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، وأتتْ: هذا إما أن يكون معطوفاً على المضاف وهو تا، وإما أن يكون معطوفاً على المضاف إليه، إن عطف على المضاف.. على تاء حينئذٍ لا بد من التقدير، يعني: وتاء أتت، مثل الأول، وإن عطف على المضاف إليه حينئذٍ بتا: يكون لفظاً مشتركاً بين التائين.
إذاً: وأتتْ: المراد به تاء التأنيث الساكنة، تاء التأنيث من إضافة الدال إلى المدلول، مثل تنوين التمكين، من إضافة الدال إلى المدلول؛ لأنه حرف معنى، تاء التأنيث حرف معنى، إذاً: تاء التأنيث: حرف دال على تأنيث.. تأنيث ماذا؟ تأنيث الفاعل، هذا على المشهور، ضربت هندٌ عمرواً، ضربت هندٌ، ضربت: التاء هذه تاء التأنيث الساكنة اتصلت بالفعل الماضي، لماذا اتصلت به؟ للدلالة على تأنيث الفاعل، وهو: هند، ضَرَبَت هند.
ضُرِبَت هندٌ، ما إعراب هند؟ نائب فاعل، هل هو فاعل؟ لا، إذاً: أنث الفعل هنا واتصلت به تاء التأنيث للدلالة على تأنيث نائب الفاعل.
(( وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ))[التحريم:12] كانت.. هي مريم، التاء هذه تاء التأنيث الساكنة، اتصلت بالفعل كان للدلالة على ماذا؟ على تأنيث الفاعل؟ لا، على تأنيث نائب الفاعل؟ لا، على تأنيث اسمها، ولذلك نقول: الأولى أن يقال: تاء التأنيث الدالة على تأنيث المسند إليه، ليعم الفاعل ونائب الفاعل واسم كان، وأما إذا خصصناها بالفاعل حينئذٍ خرج نائب الفاعل، وخرج اسم كان.
إذاً: المراد بها تاء التأنيث الساكنة، وهذه الساكنة صفة لتاء، لا للتأنيث، أصالةً، يعني: في أصل وضعها هي ساكنة، وهذا محل وفاق: أن تاء التأنيث تعتبر ساكنةً وهي حرف.. حرف معنى، وضع للدلالة على ما ذكرناه.
قامت هندٌ، قام: فعل ماضي، والتاء، نقول: حرف تأنيث دال على تأنيث الفاعل، مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وهندٌ: فاعل، وقال بعضهم: بل تاء التأنيث اسم، وهذا خرق للإجماع، وما بعده بدل عنه، وهو باطل، لماذا؟ لأن المبدل منه: يجوز إسقاطه ويستغنى عنه بالبدل، وهنا لو أسقطناه؟ الإعراب على هذا القول، قامت هندٌ، قام: فعل ماضي، والتاء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وهندٌ: بدل منه، إذاً التاء: مبدل منه، من علامات صحة البدل إسقاط المبدل منه وإقامة البدل مقامه، هل يصح هنا؟ لا يصح: قام هندٌ، إذاً: هذا القول فاسد من أصله، لا يلتفت إليه.
تاء التأنيث الساكنة أصالةً، نحو: أتت هندٌ، وقولنا: تاء التأنيث، أي: تأنيث الفاعل تأنيثاً معنوياً، والأحسن المسند إليه، فلا يرد حينئذٍ تاء: رُبَّةَ وثُمَّةَ لماذا؟ لأن التاء هنا في رب؛ لأن رب حرف وثم حرف، وقد اتصلت به تاء تأنيث ساكنة، هل نقول: رب وثم أفعال؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن التاء هنا لتأنيث اللفظ، لا لتأنيث المعنى، والتي تعتبر علامة على الفعلية هي تاء التأنيث المعنوي، ففرق بينهما.
فإن روعي المعنى فهي علامة على الفعلية، وإن روعي اللفظ، فحينئذٍ ليست علامةً على الفعلية بل دخلت الحرف، إذاً: ورُبَّةَ سائل، تحركت التاء هنا لغة، وقول الشاعر أيضاً:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني
فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ لا يَعنيني


فثُمَّةَ ورُبَّةَ على لغة من سكنهما حينئذٍ نقول: التاء هنا لتأنيث اللفظ لا لتأنيث المعنى، وقولنا: الساكنة، تاء التأنيث الساكنة، نقول: هذا القيد للإخراج.. احترزنا به عن المتحركة في المثالين السابقين، ورُبَّةَ.. ثُمَّةَ هذه متحركة ولا إشكال فيها.
أصالةً: نقول: هذا قيد لهذا القيد، لكن للإدخال، والاحتراز بالساكنة عن المتحركة، وبالأصالة عن الحركة العارضة، أما المتحركة: فإن كانت حركتها حركة إعراب فهي خاصة بالاسم، نحو: مسلمة، نقول: هذه تاء التأنيث متحركة أصالةً.. متحركة أصالةً بحركة إعراب، حينئذٍ هذه من خواص الأسماء، ونلحقها بما ذكرناه سابقاً، هذا متى؟ إذا كانت تاء التأنيث متحركةً أصالةً.
فإن كان حركتها حركة بناء حينئذٍ تدخل.. هل تختص بالفعل؟ إذا كان حركتها حركة بناء: لا حول ولا قوة، قوة: هذا مؤنث أو لا؟ مؤنث، وهو مختوم بالتاء، والتاء هنا محركة لكن حركتها حركة بناء، حينئذٍ نقول: هذه الحركة حركة بناء، وليست حركة إعراب، فإذا كان كذلك فليست من خواص الاسم، بل تدخل الحرف كما في المثال الذي ذكرناه رُبَّةَ، على لغة من فتح.
وإذا كانت حركتها حركة بنية فحينئذٍ تدخل على الفعل، هندٌ تقوم، التاء هذه تاء التأنيث، وهي محركة بالفتح، وحركتها هذه حركة بنية، الحرف الأول والثاني والثالث أو الرابع ما قبل الأخير أي حركة له يسمى حركة بنية، يعني: حركة وزن وصيغة، زيد.. زَ.. زَ. الزا مفتوح، الفتحة هذه نسميها حركة إعراب أو حركة بناء؟ لا هذه ولا تلك، وإنما نسميها حركة بنية.
وكذلك: زيدٌ، الدال هذه مضمومة، حركتها حركة.. زيدٌ، جاء زيدٌ، الحركة هذه حركة إعراب.
طيب! قالت حذامي، الحركة هنا حركة بناء، ففرق بين الحركات الثلاث.
وإنما سكن التاء الفعلي للفرق بين تائه وتاء الاسم، ولم يعكس لئلا ينظم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل، هذا تعليل، قيل: مسلمةٌ.. فاطمةُ تحركت، وهنا قلنا: قامت، لماذا سكنت؟ قالوا: الفعل ثقيل والحركة ثقيلة، والاسم خفيف والحركة ثقيلة، فأعطي الخفيف الثقيل، أعطي الخفيف الذي هو الاسم الثقل الذي هو الحركة، وأعطي الثقيل الذي هو الفعل الخفيف الذي هو السكون، سلوكاً مسلك التعادل والتناسب، والله أعلم.
والحركة العارضة نحو: (( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ))[يوسف:51] إذاً: نشترط في هذه التاء الساكنة أن تكون علامةً، إذا كانت ساكنةً أصالةً، فإن تحركت على جهة العرب، نقول: هل يخرجها على كونها علامةٍ أو لا؟ الجواب: لا، نحو ماذا؟ نحو: (( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ))[يوسف:51] قالت: هذا الأصل أنها ساكنة، ام.. التقى ساكنان، التاء والميم، والهمزة هذه تسقط في درج الكلام، ماذا نصنع؟ نحرك التاء بالكسر على الأصل بالتخلص من التقاء الساكنين.. (( قَالَتِ امْرَأَةُ ))[يوسف:51] وهذا واضح بكسر التاء لالتقاء الساكنين.
وقالت امةٌ.. أمةٌ، ألقيت الحركة على التاء وحذفت، يعني: أريد التخلص من هذه الهمزة فألقيت حركتها على التاء، فقيل: قالت امةٌ، إذاً: هذه الحركة على التاء حركة عارضة، ولذلك إذا جئت تعرب: قالتُ.. قال: فعل ماضي، والتاء حرف تأنيث مبني على السكون المقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة النقل.
وإذا قلت: قالتِ امرأة.. قال: فعل ماضي، والتاء: حرف تأنيث مبني على السكون، أين السكون؟ مقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، والأصل هو السكون.
وقالتا.. (( قَالَتَا أَتَيْنَا ))[فصلت:11] هنا حركت بماذا؟ بالفتح، والألف هذه فاعل، لماذا حركت؟ للتخلص من التقاء الساكنين؛ لأن الألف ساكنة والتاء ساكنة، لماذا كان خصوص الحركة الفتحة؟ لأن الألف لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مفتوحاً، لا مضموماً ولا مكسوراً.
إذاً: في هذه الأنواع الثلاثة، قالتِ امرأة.. قالتُ امة.. قالتا، نقول: هنا الأصل في التاء أنها ساكنة، وحركت عرضاً، ما الدليل على أن هذه الحركة لا تأثير لها في كون الأصل في التاء السكون، نقول: رمتا، (الهندان رمتا)، رمى: إذا اتصلت به تاء التأنيث، قلت: رمت هندٌ، رمت.. راء ثم ميم، ثم تاء، رمت، والأصل: رمى مثل: فتى، لما أريد اتصال التاء به التقى ساكنان: الألف والتاء، لا يمكن تحريك الأول، ولا يمكن حذف الثاني؛ لأنه حرف معنى، حينئذٍ حذفنا الألف، أليس كذلك؟ فقيل: رمت.. رمت، على وزن: فعت، اللام محذوفة.. رمت هندٌ.
رمتا.. لما اتصلت الألف بالفعل الذي ألحقت به التاء حينئذٍ تحركت التاء لمناسبة الألف، أليس كذلك؟ حركت التاء لمناسبة الألف، لو كانت هذه الحركة معتبرة، نقول: هذه الحركة غير معتبرة، بل الأصل هو السكون، وهذه الحركة عرضاً، إذ لو كانت أصالةً، لرجعت الألف، لأننا نقول: رمتا.. رمت: حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين، طيب!ورمتا، ليس عندنا ساكنان، في اللفظ ليس عندنا ساكنان، فلو كانت هذه الحركة معتبرة لرجعت الألف، فدل على أن التحرك هنا بالفتح إنما هو لمناسبة ماذا؟ الألف، ولا حذف إلا بحركة أصلية كما سيأتي في محله.
أما تاء التأنيث المتحركة أصالةً فلا تختص بالفعل، بل إن كانت حركتها إعراباً اختصت بالاسم نحو فاطمة وقائمة، وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل، بل تكون في الاسم نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه كما سبق حركة بناء.
وفي الفعل نحو هندٌ تقوم، نعم هو هذا الشاهد الذي أردناه.. هندٌ تقوم، التاء هذه تاء تأنيث، وحركت بماذا؟ بالفتح، هل حركتها حركة بناء أو بنية؟ نقول: بنية، لماذا؟ لأنها في أصل الكلمة، لما دخلت على المضارع وامتزجت به قلنا: صار كالحرف منه، كأنه جزء من الفعل المضارع، وإذا كان كذلك فهو كحركة الزاي من زيد، إذاً: هندٌ تقوم نقول: هذه حركة بنية.
وفي الحرف نحو رُبَّةَ وثُمَّةَ على لغة تحريك تائيهما، وهما ولاةَ ولعلَّة على لغة من ألحق: لعلَّ تاء ساكنة، وليس من الحروف ما أنث بالتاء إلا هذه الأربعة فقط، لاةَ ولعلَّة.. لاتَ، أصلها: ولاةَ سيأتي في محله، لاةَ.. لا وزيدت عليها التاء، لعل.. لعلَّة، ورُبَّة وثُمَّة، فقط التي أنثت من الحروف، وما عداها فعلى الأصل.
وبهاتين العلامتين.. إذاً: عندنا علامتان: بتا فعلت، المراد بها تاء الفاعل على جهة العموم الذي ذكرناه، وأتت: أي: تاء التأنيث الساكنة أصالةً، وكلا العلامتين علامة على الفعلية، فعلية الفعل الماضي، ولا تدخل على المضارع ولا على الأمر.
وبهاتين العلامتين وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة رُدَّ على من زعم من البصريين كالفارسي حرفية ليس قياساً على ما النافية، ليس، هل هي حرف أو فعل أو اسم؟ لم يكن ثم قول بأنها اسم، انتهينا بالإجماع.. بقي هل هي فعل أم حرف؟ عند الفارسي ونحوه أنها حرف، لماذا؟ لأنها لا تدل على حدث.. ليس فيها حدث، وإنما هي لمجرد النفي، مثل ما النافية، وما النافية حرف باتفاق.
حينئذٍ ليس مثلها، هذا نازعها شيء من جهة المعنى، فحينئذٍ لما ثبتت لها آثار الفعلية وهو كونها ترفع وتنصب، وهذا الأصل في الفعلية، ثانياً: كونها تتصل بها وهو الشاهد معنا.. كونها تتصل بها تاء الفاعل، حكمنا عليها بأنها فعل: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22] لست.. نقول: لست.. ليس، هذا الأصل فيها، ليس: هذه فعل بدليل ماذا؟ بدليل اتصال تاء الفاعل بها، وتاء الفاعل لا تتصل إلا بالفعل.
وأجاب الفارسي: بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، ورافعاً وناصباً، لكن هذا التعليل ضعيف، لماذا؟ لأنه من جهة الاجتهاد وجهة المعنى، وهنا اتصال التاء باللفظ من جهة اللفظ، فهو منطوق به، وخاصةً مجيئه في أفصح الكلام: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22].. (( لَيْسُوا سَوَاءً ))[آل عمران:113] فهي فعل اتصل به الواو، وليس: صار مسنداً، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عسى، قياساً على لعلَّ، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية: نعم، وبئس.
إذاً: ليس، وعسى، ونعم، وبئس: أفعال على الصحيح، بدليل اتصال إحدى التائين المذكورتين تاء التأنيث أو تاء الفاعل بها، وهذا يكفي في ثبوت فعليتها، وما قيل من التعليل أنها حرف رجاء ونحو ذلك فهذا كله مردود؛ لأنه من جهة المعنى، ولأنه اجتهاد، ولأن ما اتصل بها من الألفاظ مقدم على المعاني، هذا هو الأصل في هذا، فاشترك التاءان في لحاق ليس وعسى.. لست.. ليست اتصل بها التاءات، ليس وعسى، عست هندٌ مفلحةً.
(( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ))[محمد:22] تاء الفاعل، تاء الفاعل إذا كان المخاطب واحد، تقول: صليت.. هل صليت، أليس كذلك؟ تفتح التاء، نحن نقول: المخاطب تكون التاء مفتوحة بتا فعلت للمخاطب، (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ))[محمد:22] التاء مضمومة هنا ما السر؟ لأن الميم الدالة على الجمع يناسبها ما قبلها أن يكون مضموماً، إذاً: إذا كان المخاطب بها جمع حينئذٍ ضمت، فهل عسيتم.. هل صليتم.. هل صمتم.. هل زكيتم؟ إلى آخره، نقول: التاء هنا تكون مضمومة.
وأما في المخاطب المفرد، هل صليتَ.. هل صمتَ.. هل زكيتَ؟ تكون بالفتح، هذا تنبيه، إذاً: اشترك التاءان في لحاق ليس وعسى، وانفردت الساكنة.. تاء التأنيث الساكنة بنعم وبئس، ولا تتصل بها تاء الفاعل، أليس كذلك؟ نعمت المرأة هندٌ.. بئست المرأة دعدٌ.
وانفرد التاء الفاعل بتبارك على قولٍ، تبارك.. تباركت يا الله، وهل تتصل به تاء التأنيث الساكنة؟ هذا محل النزاع، والظاهر أنها تتصل؛ لأنه يقال: تباركت أسماء الله، وقيل: تبارك تقبل التائين، تقول: تباركت يا الله، وتباركت أسماء الله.
بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي.. أتت: هذه نقول التاء: تاء التأنيث الساكنة، وكذلك تاء الفاعل، تتصل بكل فعل ماضٍ إلا أربعة أنواع، لا تقبل إحدى التائين البتة:
الأول: أفعال التعجب، ما أحسن زيداً.. ما أحسن عمرواً.. ما أحسن هنداً يبقى على الأصل، أفعال التعجب لا تقبل لا تاء الفاعل ولا تاء التأنيث.
ثانياً: حبذا في المدح، لا يقبل تاء التأنيث ولا تاء الفاعل.
الثالث: أفعال الاستثناء، خلا وعدا وحاشا، جاء القوم ما عدا زيداً.. ما عدا هنداً.. لا يقبل التأنيث.
الرابع: كفى، في قولهم: كفى بهندٍ، لا تقل: كفت بهندٍ؛ لأن الباء هذه زائدة، وهندٍ ما إعرابه؟ كيف نعربه؟ كفى: فعل ماضي، بهندٍ: الباء حرف جر زائد، وهندٍ: فاعل مرفوع، صحيح؟ فاعل مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وهذا واقع في القرآن فلا تنكروه: (( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ))[فاطر:3] خالقٍ: هذا مبتدأ دخلت عليه من الزائدة، حينئذٍ، خالقٍ: مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
(( مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ ))[المائدة:19] بشيرٍ: فاعل مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، أليس كذلك؟
(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ ))[النساء:64] رسولٍ: مفعول به، ومن: هذه زائدة.. صلة، يعني: توكيد، قل: هذا أو ذاك فلا بأس، القول بالزيادة في القرآن إذا فهم المعنى لا بأس بها.
بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي.. ويا افعلي: بقصر ياء للوزن، يعني: ياء المخاطبة، ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع، إذاً: ليست خاصة بـ:فعلي الذي هو الأمر، بل هي مشتركة بين فعل الأمر: اركعي، اركعي، نقول: هذا فعل أمر، واتصلت به ياء المخاطبة.
أنتي تقومين، الياء هذه ياء.. ما نوعها؟ ياء المخاطبة، ولا نقول: ياء الضمير.
ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو: قومي يا هند، وأنتي يا هند تقومين، فهي مشتركة بخلاف تا فعلت وأتت، ولم يقل: ياء الضمير، أو ياء المتكلم للحوقهما الاسم والفعل والحرف، مر بي أخي فأكرمني، مر بي: هذه ياء المتكلم، دخل عليها حرف الجر، إذاً: ليست من خواص الاسم.. ليست من خواص الفعل، مر بي: اسم مجرور بالباء، أخي: أضيف إلى الاسم، فأكرمني: هذه ياء المتكلم في الثلاث، ياء المتكلم: مر بي أخي فأكرمني، مثال واحد يشمل الجميع.
إذاً: ياء المتكلم ليست خاصةً بالفعل ولا بالاسم ولا بالحرف، بل يدخل عليها الحرف وتضاف وكذلك تنصب، فأكرمني: هنا اتصلت به ياء المتكلم، وبهذه العلامة رد على من قال بأن هاتِ: بكسر التاء، وتعالي: بفتح اللام اسما.. فعلي أمر، فهات بمعنى: ناول، وتعالي بمعنى: أقبل أو تعال، هذه الأفعال هاتي وتعالَ هل هما اسما فعْلِ أمر، أو فعْلُ أمر؟ الصواب الثاني، بدليل ماذا؟ تقول: هاتي يا هند، وتعالي يا هند، قبل الياء على الصحيح، والصحيح أنهما فعلا أمر مبنيان على حذف حرف العلة إن خوطب بهما مذكر، وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث، فقوله: ويا افعلي، أي: لا خصوص للاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة، بل لا بد من التعميم كما ذكرناه سابقاً.
يا افعلي: ياء مضاف، وافعلي: مضاف إليه، هل المضاف إليه قيد في المضاف، هل هو قيد، يعني: ياء افعلي متصلة بفعل الأمر احترازاً عن غيره، أم أنه لبيان الواقع؟ لبيان الواقع، لماذا؟ لأن هذه الياء ليست خاصة بفعل الأمر بل بتدخل الفعل المضارع.
ونونِ أقبلنَّ.. ونونِ بالجر، عطفاً على تاء، يعني: بنون أقبلن، يعني: ونون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة نحو: أقبلن، أقبلنَّ: هذا فعل أمر اتصلت به نون التوكيد الثقيلة، هل اتصال نون التوكيد الثقيلة خاص بفعل الأمر؟ الجواب: لا، وإن أوهمته عبارة المصنف، بل هو عام، لا خصوص هذا الفعل، لماذا؟ لأنه يدخل الفعل المضارع: (( لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ ))[يوسف:32] ونحو: (( لَنَسْفَعاً ))[العلق:15] وقد اجتمعا في قوله: (( لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً ))[يوسف:32] .
وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله:
أَشَاهِرُنَّ بَعْدَنَا السُّيُوفَا
وقوله:
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُوْدَا
، فهذا شاذ لا يعول عليه، يعني: يحفظ ولا يقاس عليه، وسهَّلَه مشابهته للمضارع لفظاً ومعنىً.
إذاً: هذه أربع علامات للفعل، لكن المصنف هنا قال: فعل ينجلي، بهذه المسائل، بهذه العلامات، هل أراد خصوص فعل، أم أطلقها مشتركة ثم فصل بعد ذلك؟ الثاني، ولذلك نقول: فعل هنا: المراد به المصدقات، بقطع النظر عن كونه مضارعاً أو ماضياً أو أمراً، فعل: قلنا: هذا اسم، أليس كذلك؟ اسم لكلمة مخصوصة يصدق على أي شيء؟ على الأفعال الماضية والأفعال المضارعة والأمر، هل هنا عين نوعاً واحداً من هذه الأنواع؟ الجواب: لا، لأنه سيأتي:
فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ ...
وَمَاضِيَ الأفْعَالِ بِالتَّا مِزْ وَسِمْ ...
فأجمل أولاً ثم فصل ثانياً.
فِعْلٌ يَنْجَلِي:.. يعني: يظهر بما ذكرناه، قال السيوطي في جمع الجوامع: جميع ما ذكره الناس من علامات الفعل بضع عشرة علامة، وهي: تاء الفاعل أولاً، ثانياً: ياؤه، ثالثاً: تاء التأنيث الساكنة، رابعاً: قد، خامساً: السين، سادساً: سوف، سابعاً: لو، ثامناً: النواصب لن.. يعني: لن وأخواتها، تاسعاً: الجوازم، عاشراً: أحرف المضارعة، على الصحيح وإن أنكرها ابن هشام، الحادي عشر: نونا التوكيد، ثاني عشر: اتصاله بضمير الرفع البارز، ثالث عشر: لزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، سيأتي:
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ، ثالث عشر: لزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، رابع عشر: تغيير صيغته لاختلاف الزمان.
هذه أربع عشرة علامة، أكثر ما قيل في ما يميز الفعل عن قسيميه الاسم والحرف هو وجود واحد من هذه العلامات، لكن لا يشترط أن توجد بالفعل ولا يشترط أن يقبل الفعل كل العلامات، بل قد يقبلها بعضها والبعض لا يقبله كما ذكرناه في الاسم.
فمعنى البيت: ينجلي الفعل بتاء الفاعل، وتاء التأنيث الساكنة، وياء الفاعلة، ونون التوكيد، حينئذٍ جعل البيت.. قال: ينجلي، جملة فعلية أو اسمة؟ فعلية، لو أردناه جملة اسمية، نقول: الفعل ينجلي بتاء الفاعل، على الإعراب الذي ذكرناه، وهو لم يجعله على الإعراب المشهور.
ينجلي الفعل، يعني: يظهر وينكشف ويتميز عن قسيميه الاسم والحرف بتاء الفاعل، وما عطف عليه.
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ.. سوى ماذا؟ سوى الاسم والفعل، لكن هذا غلط، لماذا؟ لأن سواهما، الحرف..سوى الاسم والفعل هذا معلوم؛ لأنه قال:
وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ.. علم من هذا التركيب أن الحرف سوى الاسم والفعل، صحيح؟ إذاً: سواهما الحرف.. يعني: سوى الاسم والفعل بهذا التقدير نقول فيه نظر، ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه لا فائدة فيه، وإنما يكون تكراراً مع ما سبق؛ لأن سوى الاسم والفعل معلوم من قوله: واسم وفعل ثم حرف، ولا شك أن الاسم سوى الفعل، وأن الفعل سوى الاسم، يعني: غيره؛ لأن سوى بمعنى: غير، وكذلك الحرف سوى الاسم والفعل.
لكن المراد هنا سواهما الحرف، أي: سوى قابلي العلامات، لا بد من التقدير، سوى قابلي العلامات التسع المذكورة؛ لأنه ذكر خمساً للاسم وأربعاً للفعل فهي تسعة، ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل –الحرف-، هذا مراد المصنف، هو يريد أن يبين ماذا؟ هل أراد أن يبين أن الحرف قسم للاسم والفعل، أم ما يميز لنا الحرف عن غيره؟ الثاني، وإذا فسرنا سواهما: سوى الفعل والاسم حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهذا نقول: فاسد؛ لأن تميز الحرف عن الاسم والفعل بذاته هذا معلوم مما سبق، وإنما المراد هنا: ذكر علامة تميزه عن غيره.
فقال: علامة الحرف عدمية، هذا مراده، سوى، يعني: غير، قابلي علامات الاسم والفعل التسع المذكورة فهو الحرف، فما مر بك من لفظ ولا تدري هل هو اسم أو فعل أو حرف أدخل عليه علامات الاسم، فإن قبلها أو قبل واحداً منها فاحكم باسميته، فإن لم يقبل شيئاً من علامات الأسماء تأتي إلى المرتبة الثانية: تدخل عليه شيئاً من علامات الفعل، فإن لم يقبل شيئاً من علامات الفعل فاحكم عليه بأنه حرف، لماذا؟ لأن القسمة ثلاثية حصر لا رابع لها، إذا انتفى كونه اسماً وانتفى كونه فعلاً تعين الثالث، وهو أنه حرف، ولذلك نقول هنا: العلامة عدمية، لكنها ليست عدماً مطلقاً بل عدماً مقيداً، يعني: ما لم يقبل علامة الاسم ولا علامة الفعل.
العدم المطلق لو أحلناه على شيء مجهول غير معروف، قلنا: لا يقبل علامةً، علامة ماذا؟ هذا عدم مطلق، لا يصح أن يكون علامةً على الحرف؛ لأن الحرف موجود، والعدم كاسمه عدم ليس بشيء، فكيف يجعل العدم الذي ليس بشيء علامةً على وجود الحرف؟ نقول: هذا في العدم المطلق، أما في العدم المقيد بانتفاء علامات الاسم أو علامات الفعل فهو وارد ولا إشكال فيه.
ولذلك قال الحريري هناك:
والحرفُ ما ليستْ لهُ عَلامَهْ

فَقِسْ على قَولي تَكُنْ عَلامَهْ


الحرف ما ليست له علامة وجودية، لا بد من التقدير، ليس المراد ما ليس له علامة؟ لا، له علامة لكنها علامة عدمية مقيدة، واضح هذا؟ إذاً: سواهما الحرف.. سواهما، أي: سوى قابلي العلامات التسع المذكورة الحرف، ما إعراب سواهما الحرف؟ مبتدأ وخبر، سوى: معرفة أو نكرة، والحرف: معرفة أو نكرة؟ سواهما على قولكم معرفة، والحرف معرفة، وحينئذٍ يجوز الوجهان.
إذا كان كل منهما معرفة، نقول: يجوز الوجهان، لكن الأولى أن يجعل الحرف مبتدءاً، وسواهما: خبراً مقدماً؛ لأن الذي تحدث عنه ويتكلم عنه هو الحرف، فإذا كان كذلك فهو المحكوم عليه، وهو أولى.
فإن قيل: ابن مالك رحمه الله يرى أن سوى، بمعنى: غير، وأن غير لا تتعرف بالإضافة، فحينئذٍ كيف نجعل: سواهما معرفةً ونجوز الوجهين؟ عرفتم الإشكال، سوى.. سواهما، قلنا: هذه نكرة مضافة إلى الضمير فاكتسبت التعريف، هذا الظاهر، ولكن سوى كغير، وغير لا تتعرف بالإضافة، هل سواهما معرفة هنا أو لا؟ معرفة، ليس بمعرفة.. القاعدة صحيحة، لكن يستثنى في المضاف الذي تضاف إليه غير ولا يكون معرفاً لها ألا تقع بين ضدين، فإن وقعت بين ضدين فحينئذٍ اكتسبت التعريف.
الحركة غير السكون، الحركة: هذا مبتدأ، وغير: خبر، وهو مضاف والسكون مضافاً إليه، السكون مضاف إليه معرفة أو لا؟ معرفة، وغير: نكرة، هل اكتسبت النكرة المضاف هنا غير التعريف من المضاف إليه أم لا؟ اكتسبته، لماذا؟ لأنها وقعت بين ضدين، أما لو قيل: زيد غير عمروٍ، اكتسبت التعريف؟ لا؛ لأنها ليست بين ضدين، فغير عمرو، غير: مضاف، وعمروٍ: مضاف إليه وهو معرفة علم، لكن غير ما زالت نكرة لم تكتسب التعريف، هذا سيأتي في محله.
هنا: سواهما، سوى هل أضيف إلى ما هو ضد للاسم والفعل؟ سواهما، يعني: سوى الفعل والاسم، يعني: سوى قابلي علامات الاسم والفعل، إذا كان التقسيم محصوراً في ثلاثة أنواع فحينئذٍ صارت القسمة مقابلة: اسم وفعل يقابلها الحرف، مثل الحركة والسكون، فإذا كان كذلك حينئذٍ صح أن يقال: بأن سوى هنا اكتسبت التعريف من الضمير، وهذا هو الظاهر.
إذاً: سواهما الحرف، قال: كهل، سواهما، أي: أي سوى قابلي العلامات التسع المذكورة الحرف، وسواهما: خبر مقدم، والحرف مبتدأ مؤخر؛ لأنه المحدث عنه فهو المبتدأ، وقلنا: التسع المذكورة لماذا؟ لأننا لو عممنا في العلامات وجعلناها شاملةً للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول، يعني: لماذا نقول: التسع، سوى قابلي العلامات التسع؟
لأننا لو قلنا: سوى قابلي علامات الأسماء والفعل، قلنا: الأسماء علاماتها أكثر من ثلاثين، وهذه أكثر من الأربعة التي ذكرها المصنف، ففيها إحالة على مجهول، لكن نقول: هذه الإحالة مغتفرة هنا؛ لأنها إحالة على المُوَقِّفْ، يعني: المعلِّم، كما ذكرناها، فإن قيل: من الأسماء ما لا يقبل شيئاً من هذه التسع كقط وعوضُ، قلنا: هذا ليس بمطرد، يعني: العلامة هنا ليست بمطردة قد يقبل بعضها علامات ولا يقبل الآخر، بل قد لا يقبل علامةً البتة، حينئذٍ إذا لم يقبل علامةً البتة رجعنا إلى الحد.
بعض الأسماء قد لا يقبل شيئاً من العلامات، هل عدم قبوله لشيء من العلامات ينفي اسميته؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن عندنا شيئين يميز الاسم عن الفعل والحرف، أولاً: الحد فنطبق الحد، فإن دل اللفظ على معنىً غير مقترن بزمان صدق عليه أنه اسم، ولو لم يقبل شيئاً من العلامات، كذلك القول في الفعل.
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفي وَلَمْ كهل، يعني: وذلك كهل، قسم لنا الحرف إلى ثلاثة أقسام؛ لأن الحرف الذي هو حرف معنى، إما أن يكون مشتركاً بين الاسم والفعل، يعني: يدخل على الاسم، ويدخل على الفعل، مثل له بهل.. كهل: (( فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ))[الأنبياء:80] جملة اسمية، (( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ))[المائدة:112] جملة فعلية، إذاً: هل: مشتركة بين الاسم والفعل، تدخل على الاسم وتدخل على الفعل.
وفي.. هذا إشارة إلى الحرف المختص، والمختص قسمان: مختص بالاسم كـ:في، ومختص بالفعل كـ:لم، إذاً: هذا التعداد هو مقصود لبيان هذه الأنواع الثلاثة، أن الحرف ثلاثة أنوع على جهة التفصيل: حرف مشترك وحرف مختص بالاسم كـ:في، وحرف مختص بالفعل، ثم كل من هذه الثلاث إما مهمل وإما عامل فالنتيجة ستة.
حرف مشترك عامل.
حرف مشترك غير عامل –مهمل-.
حرف مختص عامل.
وحرف مختص بالاسم غير عامل، مختص بالاسم عامل.
حرف مختص بالفعل وهو مهمل غير عامل.
وحرف مختص بالفعل وهو عامل.
هذه كلها ستة، ولذلك أشار إليها بقوله:
كهل وفي ولم.. كهل: الكاف هذه حرف، وهل: حرف، وسبق أن الحرف لا يدخل إلا على الاسم، حرف كاف، كيف دخل على: هل؟ قصد لفظه، إذاً: صار علماً.. صار اسماً، هل هنا اسم، فالكاف: حرف جر، وهل، نقول: اسم مجرور بالكاف، قصد لفظه، مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الحكاية، وهنا قد أتى به ساكنة.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

عرف قدماء المصر...

عرف قدماء المصريين الشعوب التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين. كانت القبيلة الليبية التي تعيش في ال...

يعتمد اقتصاد لي...

يعتمد اقتصاد ليبيا على ثلاث قواعد هي :- التجارة والزراعة والصناعة, وقد عرفت طرابلس أنماط ا مختلفة من...

انها الخرائط ال...

انها الخرائط التي تمثل ظاهرات حاصلة في نقاط محدودة دون ان تعطي مساحات واسعة بشكل متواصل ودون انقطاع،...

We may think mo...

We may think more clearly and present stronger arguments when we apply logic. Symbolization is th...

إِعْلَانٌ عَنْ ...

إِعْلَانٌ عَنْ فَتْحِ بَابِ التَّرَشُّحِ لِلْمُسَابَقَةِ الوَطَنِيَّةِ (ٱلتُّرَاثُ ٱلْإِمَارَاتِيُّ:...

ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ...

ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻫﺬا ﻛﺘﺎب ﻳﻄﺮح ﺳﺆاﻻً »:ﻛﻴﻒ ﻧﺘﻐﲑّ؟ «، وﳚﻴﺐ »:ﻧﺘﻐﲑّ ﲝﺴﺐ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ « .و...

بحيث لا يكون لل...

بحيث لا يكون للدولة الفلسطينية حدود مع الاردن بالمعنى الجعرافى ، بل بالمعنى المعنوى والسياسى ، وقد ص...

I have the skil...

I have the skill to design an electrical circuit designed to control the sequential operation of mot...

التهاب المعدة و...

التهاب المعدة والأمعاء الحاد (AGE) هو التهاب الأغشية المخاطية في الجهاز الهضمي. ويتميز بالقيء ولأو ا...

L’environnement...

L’environnement extérieur d’une structure aéronautique est souvent la source de nombreux dommages qu...

How far is it c...

How far is it correct to sympathise with Heathcliff? We sympathise with Heathcliff We sympathise wit...

Evaluate Therma...

Evaluate Thermal Properties of Pipeline Materials. 2. Optimize Material Selection Based on Cost, ...