Lakhasly

تُعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية قديمة لا تقتصر على فئة عمرية محددة. فقد ثبت أن الأطفال قادرون على ارتكاب جرائم خطيرة وبشعة رغم صغر سنهم. وقد أطلق على هذه الفئة من الأطفال في الجزائر مصطلح "الأحداث". في هذه المرحلة العمرية، يجب أن يُولى الطفل اهتمامًا خاصًا ويُراعى في تعامله، حيث تُعتبر هذه المرحلة أكثر خطورة وحساسية من غيرها. ففيها يكتسب الطفل سلوكياته وشخصيته، ولذلك يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا ونوفر الدعم اللازم لحماية ورعاية هذه الفئة. يُعتبر الحدث في السياق القانوني الشخص الذي لم يصل إلى سن الرشد القانوني، وهذا العمر يتفاوت حسب التشريعات في كل بلد. عمومًا، يُعتبر الحدث هو الشخص الذي لم يتجاوز السن المحددة بالقانون للتمييز بين الأشخاص القاصرين والبالغين.
بينما في مجالي علم الاجتماع وعلم النفس، يمكن أن يكون مفهوم الحدث أوسع ويشمل أحداثًا أو تجاربًا شخصية مهمة للفرد بغض النظر عن عمره. يتم التركيز فيه على التأثيرات النفسية أو الاجتماعية لتلك الأحداث على الفرد. يمكننا القول إن فترة الحداثة تبدأ منذ لحظة الميلاد. وهذا أمر طبيعي، حيث يُعتبر الحدث الصغير من والدته، سواء كان ذكرًا أو أنثى، حتى يصل إلى سن الرشد الجنائي المحدد قانونيًا. يختلف هذا العمر حسب التشريعات في كل بلد ويحظى بحماية خاصة من خلال الرعاية التي يقدمها الأهل والمجتمع. فالتقصير في ذلك يمكن أن يؤدي إلى ظهور عدة مشاكل وسلوكيات إجرامية تؤثر على الاستقرار الاجتماعي، مثل ظاهرة انحراف سلوك الأطفال عن المسار الصحيح. اتفق الباحثون على أن انحراف الأحداث هو مشكلة ذات أبعاد مختلفة، وكيفية التصدي لها تعتبر من أهم التحديات التي تواجه مختلف الدول، سواء كانت متقدمة أو متأخرة. يُعتبر انحراف الأحداث مؤشرًا على خطورة اجتماعية أو احتمالية ارتكاب جريمة في المستقبل. وبالتالي، يُظهر قصور الدور المجتمعي في مراقبة هذه الفئة وحمايتها من الانحراف والوقوع في الجريمة. وعلى هذا الأساس يمكن فهم جنوح الأحداث على انه: "كل فعل يرتكبه صغير السن ويقع تحت طائلة قانون العقوبات فيخرج من ذلك أفعال التشرد وغيرها من الأفعال التي تكشف عن تعرض الصغير للانحراف وحاجته الماسة إلى نوع من التدابير الاجتماعية التي تحميه من الانحراف" .
توجد عدة أسباب لجنوح الأحداث، وتشمل عوامل متعددة. من بين هذه العوامل، ضعف الرقابة الأسرية وفقدان سلطتها، وتأثير موجات الغضب العالمية التي تنتشر بين الشباب. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الفقر والمرض والإحباط والمشاكل العاطفية والاجتماعية والأسرية في زيادة احتمالية الجنوح. وعلى الرغم من أن الفقر ليس السبب الوحيد في حدوث الجنوح، إلا أنه يؤدي إلى الإحباط ويعوق تحقيق الرغبات وإشباع الحاجات، مما يدفع بعض الأفراد إلى ارتكاب الكذب والسرقة والسلوكيات السلبية. يساهم الفقر أيضًا في انتشار الأمراض ويعزز الجهل والشقاق العائلي، مما يزيد من حالات الجنوح في المجتمع. يشير السلوك الجانح إلى سلوك غير مقبول وغير مرغوب فيه من قبل غالبية أفراد المجتمع أو طبقاته، لأنه يمثل تهديدًا لقيم المجتمع وتقاليده وعاداته وقيمه الاجتماعية بشكل عام. عندما نتحدث عن جنوح الأحداث، فإننا نفتح نافذة على تحديات كثيرة يواجهها الشباب في المجتمعات اليوم والتي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات الخطورة الإجرامية بين الأحداث.
تعد الخطورة الإجرامية أحد الجوانب الرئيسية في السياسة الجنائية الحديثة، إذ تلعب دوراً هاماً في تشكيل القوانين الجنائية ومفاهيم علم الجريمة والعقاب.
تلعب مفاهيم الخطورة الإجرامية دورًا هامًا في تحديد الأحكام القضائية وفهم القضايا الجنائية في تشريعات القوانين. يستند القاضي إلى هذه المفاهيم في اتخاذ قراراته، حيث تعكس درجة الخطر الذي يشكله المجرم على المجتمع. وبناءً على ذلك، يتم تحديد نوع العقوبة المناسبة للجريمة المرتكبة. فالجرائم ذات الخطورة العالية قد تستوجب عقوبات صارمة، بينما قد تكون الجرائم ذات الخطورة المنخفضة تستحق عقوبات أخف. وبفضل مفاهيم الخطورة الإجرامية، يمكن للسياسات الجنائية التنبؤ بالمخاطر المحتملة التي تهدد المجتمع، من خلال تحليل الجرائم وتوجيه الجهود نحو الوقاية منها. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز الجهود للحد من انتشار الجريمة وتعزيز الأمن العام يعتبران جزءًا أساسيًا من استراتيجيات السياسة الجنائية الحديثة. وتعني الخطورة الإجرامية أيضًا الحالة التي تشير إلى احتمالية ارتكاب جريمة في المستقبل، وليس فقط الشخص المجرم نفسه أو الجرائم التي قد يرتكبها. وتعتبر فهم الخطورة الإجرامية مهمًا لتحقيق العدالة وزيادة الأمن والاستقرار في المجتمعات. وتعد فكرة الخطورة الإجرامية موضوعًا هامًا يقف على الحدود بين علم الأجرام وعلم العقاب وقانون العقوبات، نظرًا للمشكلات الإجرامية والعقابية والقانونية التي تثيرها.
تتجسد هذه الفكرة بشكل واضح في النصوص القانونية المتعلقة بالعقوبات، حيث أصبحت جزءًا لا يمكن تجاهله منها. يعد تقدير مدى خطورة الجريمة أمرًا حيويًا في سياق السياسة الجنائية الحديثة، حيث يلعب دورًا هامًا في تحديد الرد القانوني على الأفعال غير القانونية وتحديد العقوبات المناسبة. من خلال تقدير مدى خطورة الفرد على المجتمع، يساهم ذلك في توجيه الجهود نحو الوقاية من ال3edجريمة وتقليل انتشارها. ينبه النظام الجنائي إلى الظروف والعوامل التي قد تزيد من احتمالية ارتكاب الجرائم، ويعزز الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار في المجتمعات.