Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

‎وكان أبو الحسن بن الفرات يتبع أبا العباس أخاه وينوب عنه إلى أن توفي أبو العباس فتقلد الأعمال رياسةً. وولي الوزارة ثلاث دفعات في أيام المقتدر بالله، فالأولى منها بعد قتل العباس بن الحسن وزوال فتنة عبد الله بن المعتز. قال أبو الحسن ثابت بن سنان فيما أرخه من الأخبار: لما زالت فتنة عبد الله بن المعتز قلد المقتدر بالله مؤنساً الخادم الشرطة بالحضرة مكان ابن عمرويه، وأنفذه إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات بخاتمه ليحضره ويقلده وزارته، وكان أبو الحسن مستتراً عند بعض التجار من جيران داره بسوق العطش، ووصل إلى المقتدر بالله رحمة الله عليه في يوم الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، وركب وفي موكبه أبو القاسم غريب الخال والحجاب والأمراء والقواد والغلمان وسائر الناس حتى صار إلى داره بسوق العطش، لأن أصاغر الجند والعوام قد كانوا قصدوا دار العباس ابن الحسن ودوراً اتصلت بها ونهبوها. وانتقل أبو الحسن بن الفرات من بعد ذلك إلى ما أقطعه المقتدر بالله إياه من دار سليمان بن وهب بباب المخرم على دجلة، والدور التي كانت في يد داية المكتفي بالله، وأقطعه المقتدر بالله أيضاً الضياع التي كان المكتفي بالله أقطعها العباس بن الحسن وارتفاعها خمسون ألف دينار، وللمحسن والحسين والفضل أولاده ألفاً وخمسمائة دينار أثلاثاً بينهم. وسلم إليه علي بن عيسى ومحمد بن عبدون فاعتقلهما في دار بدر اللاني، وثقلها على محمد بن عبدون لعداوة كانت بينهما. وأخرج محمد بن عبدون إلى الأهواز، وعلي بن عيسى إلى واسط بعد أن أعطي سوسناً الحاجب خمسة آلاف دينار كفه بها عن ذكر علي بن عيسى والاغراء به، وكتب إلى وكيله بواسط بخدمته وإقامة ما يحتاج إليه لنفقته، ومع محمد بن عبدون خادماً من خدم المقتدر بالله، وجرت أمور أبي الحسن، ‎وكان محمد بن داود بن الجراح قد وزر لعبد الله بن المعتز ودبره. ‎وذكر أبو الحسن بن سنان أن موسى ثم دعني فإني أسوق الأمر إلى أخذ أمان الخليفة لك بخطه والاشهاد عليه في الوفاء به وإظهارك وبلوغ إيثارك. فعجب من ذلك وأدخله، وأنهى خبره إلى المقتدر بالله، فقتله وطرحه على باب سقاية حتى أخذه أهله ودفنوه، وحدث أبو عبد الله زنجي قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات في أول ما وزر إذ كتب إليه صاحب الخبر بحضور رجل يقول: إن عنده نصيحةً لا يذكرها إلا للوزير فاستدعاه وسأله عما عنده، ثم أمره بجمع الرجال الذين برسمه، ولم يزل ابن الفرات يحث العباس الحاجب في جمع الرجال، ويدفع بالأمر، وأمره بأخذ الرجل وأخذهم وقصد الموضع الذي يذكره والاحتياط عليه من سطوحه وجوانبه، وكبسه بعد ذلك وتفتيشه، فمضى العباس، وشهره على جمل والنداء عليه. وطالع المقتدر بالله بما فعله فاستصابه. وكان سوسن الحاجب يدخل مع العباس بن الحسن في التدبير، فثقل عليه ذلك، وشاع الحديث بأن سوسناً قد عمل على قتل ابن الفرات في دار الخلافة وواقف عليه جماعة من الغلمان الحجرية، وضمن عنه استخراج أموال كثيرة من ابن الفرات، ونفذ بني بن نفيس إلى الأهواز وأودع صدره فيه ما أذن له معه بالقبض عليه، وأنفذ إلى محمد بن عبدون من قبض عليه في طريقه وحمله إلى الحضرة، وعرف أبو الحسن علي بن عيسى وهو بواسط ما جرى في أمر محمد ابن عبدون، إلا أنه مع ذلك لا يدع الصدق عن حاله، ويقول: إنه لم يكن يسعى على دم نفسه بضمان الوزارة، وخرج من ذاك إلى أن سأله الاذن له في المضي إلى مكة ليسلم من الظنة وينسى السلطان ذكره. فأجابه إلى ما طلبه، وأخرجه من واسط إلى مكة على طريق البصرة مرفهاً محروساً. وكان غرض علي ابن عيسى فيما ذكر محمد بن عبدون به حراسة نفسه، فوصل كتابه وقد مضى لسبيله. وكان من جملة الداخلين في فتنة عبد الله بن المعتز أبو عمر محمد بن يوسف القاضي فأُخذ فيمن أُخذ وحبس، وحضر أبوه يوسف وهو شيخ كبير مجلس أبي الحسن ابن الفرات، رق له منه وسأله حراسة نفس ولده أبي عمر والتصدق عليه به. فقال أبو الحسن:الجناية عظيمة، فبذل يوسف أن يفقر نفسه وابنه طلباً لبقائه. وتلطف ابن الفرات فيما قاله المقتدر بالله وقرر أمر أبي عمر على مائة ألف دينار، فأدى منها تسعين ألفاً، وأمره ابن الفرات بعد ذلك بملازمة داره وألا يخرج منها لئلا يجعل له حديث مجدد. وكان أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلاً على أبي الحسن بن الفرات بمودة بين أسلافه وبين أبي جعفر والد أبي الحسن وأبي العباس عمه، فوجه أبو الحسن الكتب إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك المقتدر بالله ولا ذكره، واعتمد التقديم له والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد لعلي بن عيسى مجلس العامة في ديوان الخاصة. ثم إن سليمان شرع لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة، وقام ليصلي صلاة المغرب مع جماعة من الكتاب فسقطت من كمه، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، وحدثت الحوادث في متصرفاتها ومجاريها وحضر عيد النحر من سنة تسع وتسعين ومائتين فاحتيج فيه من النفقات إلى ما جرت العادة به، والمؤن قد تضاعفت، وطلب من المقتدر بالله أن يعطيه من بيت مال الخاصة ما يصرفه في نفقات هذا العيد، ووجد بذلك أعداؤه الطريق إلى الوقيعة فيه. وركب في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة إلى دار الخلافة وهو على غاية السكون والطمأنينة، وجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه قبل الوصول إلى السلطان، فقبض عليه وعلى محمد ابن أحمد الكلوذاني وكان يكتب بين يديه وعلى محمود بن صالح وكان معه من أصحابه، وصار مؤنس الخادم إلى دار الوزارة فوكل بها، وعاقب قوماً منهم، وصح له ما مقداره ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار سوى الأثاث والرحل والكراع والجمال، وخرج من ذاك إلى أن سأله الاذن له في المضي إلى مكة ليسلم من الظنة وينسى السلطان ذكره. فأجابه إلى ما طلبه، وأخرجه من واسط إلى مكة على طريق البصرة مرفهاً محروساً. وكان غرض علي ابن عيسى فيما ذكر محمد بن عبدون به حراسة نفسه، فوصل كتابه وقد مضى لسبيله. وحضر أبوه يوسف وهو شيخ كبير مجلس أبي الحسن ابن الفرات، وبكي بين يديه بكاء شديداً، رق له منه وسأله حراسة نفس ولده أبي عمر والتصدق عليه به. فقال أبو الحسن:الجناية عظيمة، فبذل يوسف أن يفقر نفسه وابنه طلباً لبقائه. وتلطف ابن الفرات فيما قاله المقتدر بالله وقرر أمر أبي عمر على مائة ألف دينار، فأدى منها تسعين ألفاً، وأمره ابن الفرات بعد ذلك بملازمة داره وألا يخرج منها لئلا يجعل له حديث مجدد. وكان أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلاً على أبي الحسن بن الفرات بمودة بين أسلافه وبين أبي جعفر والد أبي الحسن وأبي العباس عمه، فوجه أبو الحسن الكتب إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك المقتدر بالله ولا ذكره، واعتمد التقديم له والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد لعلي بن عيسى مجلس العامة في ديوان الخاصة. ثم إن سليمان شرع لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة، وقام ليصلي صلاة المغرب مع جماعة من الكتاب فسقطت من كمه، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، وحدثت الحوادث في متصرفاتها ومجاريها وحضر عيد النحر من سنة تسع وتسعين ومائتين فاحتيج فيه من النفقات إلى ما جرت العادة به، والمؤن قد تضاعفت، وطلب من المقتدر بالله أن يعطيه من بيت مال الخاصة ما يصرفه في نفقات هذا العيد، ووجد بذلك أعداؤه الطريق إلى الوقيعة فيه. وركب في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة إلى دار الخلافة وهو على غاية السكون والطمأنينة، وجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه قبل الوصول إلى السلطان، فقبض عليه وعلى محمد ابن أحمد الكلوذاني وكان يكتب بين يديه وعلى محمود بن صالح وكان معه من أصحابه، وصار مؤنس الخادم إلى دار الوزارة فوكل بها، وعاقب قوماً منهم، فطلع آخر مثله في شوال في مطلع الهلال،


Original text

‎وكان أبو الحسن بن الفرات يتبع أبا العباس أخاه وينوب عنه إلى أن توفي أبو العباس فتقلد الأعمال رياسةً. وولي الوزارة ثلاث دفعات في أيام المقتدر بالله، فالأولى منها بعد قتل العباس بن الحسن وزوال فتنة عبد الله بن المعتز. قال أبو الحسن ثابت بن سنان فيما أرخه من الأخبار: لما زالت فتنة عبد الله بن المعتز قلد المقتدر بالله مؤنساً الخادم الشرطة بالحضرة مكان ابن عمرويه، وأنفذه إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات بخاتمه ليحضره ويقلده وزارته، وكان أبو الحسن مستتراً عند بعض التجار من جيران داره بسوق العطش، فظهر لمؤنس وركب معه إلى دار السلطان، ووصل إلى المقتدر بالله رحمة الله عليه في يوم الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، فخاطبه بما سكن منه وأعلمه تعويله في تدبير الأمور عليه، وخلع عليه من غد خلع الوزارة، وركب وفي موكبه أبو القاسم غريب الخال والحجاب والأمراء والقواد والغلمان وسائر الناس حتى صار إلى داره بسوق العطش، ونظر في الأمور ورتب مؤنساً في المعونة، وأمر جماعةً من القواد بطوف البلد ليلاً والايقاع بأهل الدعارة ومن يرونه متعرضاً لنهب دار وأخذ مال، لأن أصاغر الجند والعوام قد كانوا قصدوا دار العباس ابن الحسن ودوراً اتصلت بها ونهبوها. وانتقل أبو الحسن بن الفرات من بعد ذلك إلى ما أقطعه المقتدر بالله إياه من دار سليمان بن وهب بباب المخرم على دجلة، وما يجاورها من دار إبراهيم بن سليمان،
‎والاصطبل الذي كان للسلطان، والدور التي كانت في يد داية المكتفي بالله، ومساحة ذلك مائة ألف وثلاثة وسبعون ألفاً وثلثمائة وستة وأربعون ذراعاً، وغير ذلك وجدده وأنشأ المجالس الجليلة والأبنية الحسنة وعمل للدار مسناة مشرفة على دجلة، وأقطعه المقتدر بالله أيضاً الضياع التي كان المكتفي بالله أقطعها العباس بن الحسن وارتفاعها خمسون ألف دينار، وأجرى له خمسة آلاف دينار في كل شهر، وللمحسن والحسين والفضل أولاده ألفاً وخمسمائة دينار أثلاثاً بينهم. وسلم إليه علي بن عيسى ومحمد بن عبدون فاعتقلهما في دار بدر اللاني، وقرر عليهما مصادرةً خففها عن علي بن عيسى، وثقلها على محمد بن عبدون لعداوة كانت بينهما. ثم تكفل بتخليصهما وإبعادهما من الحضرة وقال للمقتدر: إنهما لم يدخلا في أمر عبد الله بن المعتز ولا حضرا داره وقت البيعة إلا عن ضرورة، وأخرج محمد بن عبدون إلى الأهواز، وعلي بن عيسى إلى واسط بعد أن أعطي سوسناً الحاجب خمسة آلاف دينار كفه بها عن ذكر علي بن عيسى والاغراء به، وكتب إلى وكيله بواسط بخدمته وإقامة ما يحتاج إليه لنفقته، وأنفذ معه حافظاً من جهته، ومع محمد بن عبدون خادماً من خدم المقتدر بالله، ووافقه على منعه من مكاتبة أحد أو قراءة كتابه. وجرت أمور أبي الحسن، والأمور في نظره ما ليس غرضنا استيفاءه على سياقته، وإنما نورد أطرافاً منه وما كان منشوراً مما لم تتضمن التواريخ ذكره.


‎وكان محمد بن داود بن الجراح قد وزر لعبد الله بن المعتز ودبره. فلما انتفض أمره استتر وأخفى شخصه.
‎وذكر أبو الحسن بن سنان أن موسى


ابن عيسى كاتب مؤنس عرض على أبي الحسن بن الفرات رقعة من محمد ابن داود، فلما قرأها قال: تقول له الاستتار صناعة وجرمك عظيم، وأمرك بعد طري. فتوقف إلى أن تخلق القصة، ثم دعني فإني أسوق الأمر إلى أخذ أمان الخليفة لك بخطه والاشهاد عليه في الوفاء به وإظهارك وبلوغ إيثارك. فلما عاد موسى ابن عيسى إلى محمد بن داود بذلك ارتاب بقول ابن الفرات، وشك فيه، وقدر أنه على وجه المغالطة والمدافعة ليستمر عليه الاستتار والنكبة فقال: أي ذنب لي أحتاج معه إلى زيادة في الاستظهار ومطاولة الانتظار؟! ومضى إلى سوسن الحاجب، فلما استؤذن عليه لم يصدق، وظن أنه رسول منه، واستثبت حاجبه واستفهمه، فخرج وعاد وقال: قد حضر هو بنفسه. فعجب من ذلك وأدخله، وأنهى خبره إلى المقتدر بالله، فأمره بتسليمه إلى مؤنس الخازن، فسلمه إليه، فقتله وطرحه على باب سقاية حتى أخذه أهله ودفنوه، وعرف أبو الحسن بن الفرات خبره فغمه أمره وقال: كان على عداوته لي فاضلاً راجحاً ومتقدماً في الصناعة بارعاً، وقد جرى عليه من القتل صبراً أمر عظيم. وحدث أبو عبد الله زنجي قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات في أول ما وزر إذ كتب إليه صاحب الخبر بحضور رجل يقول: إن عنده نصيحةً لا يذكرها إلا للوزير فاستدعاه وسأله عما عنده، فأسر إليه بما لم نقف عليه، وتقدم إلى العباس الفرعاني حاجبه بأن يجلسه في دار العامة إلى أن يطلبه منه، ثم أمره بجمع الرجال الذين برسمه، ودعا أبا بشر بن فرجويه وقال له: قد حضر هذا الرجل المتنصح، وذكر أنه يعرف موضع محمد بن داود، وأنه بات البارحة عنده،


والتمس أن ينفذ معه من يدله عليه ويسلمه إليه، وقد بذلت له ألف دينار عند صحة قوله، أو نيله بالعقوبة إن كان كاذباً فيه، فرضي بذلك. فاكتب إلى محمد الساعة أن ينتقل عن موضعه أين كان، فإنني على إنفاد من يكسبه ويطلبه. ولم يزل ابن الفرات يحث العباس الحاجب في جمع الرجال، وهو يذكر إنفاذ من يجمعهم على اختلاف وتباعد منازلهم، ويدفع بالأمر، إلى أن عاد جواب محمد إلى أبي بشر يشكر ما فعله، وبأنه قد تحول من مكانه إلى غيره. فسأل حينئذ العباس عمن اجتمع من الرجال فقال: خمسمائة نفر. وأمره بأخذ الرجل وأخذهم وقصد الموضع الذي يذكره والاحتياط عليه من سطوحه وجوانبه، وكبسه بعد ذلك وتفتيشه، والقبض على محمد بن داود إن وجده وحمله، وإن لم يجده رد الرجل معه. فمضى العباس، وعمل ما رسمه له ابن الفرات، فلم يصادف أحداً، وعاد والرجل معه، وأمر ابن الفرات بضربه مائتي سوط على باب العامة، وشهره على جمل والنداء عليه. وطالع المقتدر بالله بما فعله فاستصابه. ولما خلي الرجل الساعي بمحمد بن داود بعد ما لحقه أعطاه ابن الفرات مائتي دينار وحدره إلى البصرة وقال لابن فرجويه: ما كذب الرجل في قوله وإنما عاقبناه على شره. وكان سوسن الحاجب يدخل مع العباس بن الحسن في التدبير، فلما وزر أبو الحسن بن الفرات لم يجر هذا المجرى، فثقل عليه ذلك، وشاع الحديث بأن سوسناً قد عمل على قتل ابن الفرات في دار الخلافة وواقف عليه جماعة من الغلمان الحجرية، وأشار على المقتدر بالله بإحضار محمد بن عبدون وتقليده الوزارة، وضمن عنه استخراج أموال كثيرة من ابن الفرات، ونفذ بني بن نفيس إلى الأهواز


‎على ظاهر يخالف هذا الباطن. وعرف أبو الحسن بن الفرات الصورة بعد حصول بني بن نفيس بواسط. فتوصل إلى أن قرر في نفس المقتدر بالله أن سوسناً كان من أكبر أعضاد عبد الله بن المعتز والداخلين معه في التدبير عليه، وإنما قعد أخيراً عنه لما استحجب عبد الله بن المعتز غيره. وأودع صدره فيه ما أذن له معه بالقبض عليه، فقبض عليه وقتله سراً في يومه، وأنفذ إلى محمد بن عبدون من قبض عليه في طريقه وحمله إلى الحضرة، فصادره مصادرة مجددة ثم سلمه إلى مؤنس الخادم فقتله. وعرف أبو الحسن علي بن عيسى وهو بواسط ما جرى في أمر محمد ابن عبدون، فأقلقه وأزعجه، وكتب إلى ابن الفرات كتاباً يحلف فيه أنه على قديم عداوته لمحمد بن عبدون، إلا أنه مع ذلك لا يدع الصدق عن حاله، ويقول: إنه لم يكن يسعى على دم نفسه بضمان الوزارة، وقد كان راضياً بالسلامة بعد فتنة عبد الله بن


‎المعتز، وإن سوسناً أسماه وذكره بغير معرفته ولا موافقته، وخرج من ذاك إلى أن سأله الاذن له في المضي إلى مكة ليسلم من الظنة وينسى السلطان ذكره. فأجابه إلى ما طلبه، وأخرجه من واسط إلى مكة على طريق البصرة مرفهاً محروساً. وكان غرض علي ابن عيسى فيما ذكر محمد بن عبدون به حراسة نفسه، فوصل كتابه وقد مضى لسبيله. وكان من جملة الداخلين في فتنة عبد الله بن المعتز أبو عمر محمد بن يوسف القاضي فأُخذ فيمن أُخذ وحبس، وحضر أبوه يوسف وهو شيخ كبير مجلس أبي الحسن ابن الفرات، وبكي بين يديه بكاء شديداً، رق له منه وسأله حراسة نفس ولده أبي عمر والتصدق عليه به. فقال أبو الحسن:الجناية عظيمة، ولا يمكن تخليته إلا بمال جليل يطمع الخليفة فيه من جهته. فبذل يوسف أن يفقر نفسه وابنه طلباً لبقائه. وتلطف ابن الفرات فيما قاله المقتدر بالله وقرر أمر أبي عمر على مائة ألف دينار، فأدى منها تسعين ألفاً، من جملتها خمسة وأربعون ألفاً كانت عنده للعباس بن الحسن، وأمره ابن الفرات بعد ذلك بملازمة داره وألا يخرج منها لئلا يجعل له حديث مجدد. وكان أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلاً على أبي الحسن بن الفرات بمودة بين أسلافه وبين أبي جعفر والد أبي الحسن وأبي العباس عمه، وباختصاصه هو به، فوجه أبو الحسن الكتب إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك المقتدر بالله ولا ذكره، واعتمد التقديم له والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد لعلي بن عيسى مجلس العامة في ديوان الخاصة. فقلده ابن الفرات هذا الديوان رئاسة. ثم إن سليمان شرع لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة، وعمل في ذلك نسخةً بخطه عن نفسه إلى المقتدر بالله يسعى فيها بابن الفرات وكتابه وضياعه وأمواله، وقام ليصلي صلاة المغرب مع جماعة من الكتاب فسقطت من كمه، فأخذها الصقر بن محمد الكاتب، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، فلما وقف عليها قبض عليه وحدره في زورق مطبق إلى واسط، وقد أوردنا مستأنفاً ما فعله معه بعد ذلك. ومضى لأبي الحسن بن الفرات في وزارته هذه ثلاث سنين وثمانية أشهر وأربعة عشر يوماً، اختلفت عليه الأمور فيها، وحدثت الحوادث في متصرفاتها ومجاريها وحضر عيد النحر من سنة تسع وتسعين ومائتين فاحتيج فيه من النفقات إلى ما جرت العادة به، وكانت المواد قد قصرت، والمؤن قد تضاعفت، وطلب من المقتدر بالله أن يعطيه من بيت مال الخاصة ما يصرفه في نفقات هذا العيد، فمنعه ذلك، وألزمه القيام به من جهته، فأقام على أنه لا وجه له إلا مما يعان به، ووجد بذلك أعداؤه الطريق إلى الوقيعة فيه. وركب في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة إلى دار الخلافة وهو على غاية السكون والطمأنينة، وجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه قبل الوصول إلى السلطان، فقبض عليه وعلى محمد ابن أحمد الكلوذاني وكان يكتب بين يديه وعلى محمود بن صالح وكان معه من أصحابه، ومضى القواد للقبض على أسبابه وكتابه فقبضوا على عبد الله وأبي نوح ابني جبير، وموسى بن خلف وكان من خواصه. وصار مؤنس الخادم إلى دار الوزارة فوكل بها، وأنفذ يلبق إلى دار ابن الفرات بسوق العطش فأحاط عليها. وتسرع الجند والعوام إلى دور أولاده وأهله فنهبوها وأخذوا ساجها وسقفوها، وعظم الأمر في النهب حتى ركب أبو القاسم الخال بعد العصر في القواد والغلمان وطلب النهاية، وعاقب قوماً منهم، فقامت الهيبة، وسكنت الفتنة. وأُحضر أبو علي محمد بن عبيد الله بن خاقان واستوزر، وقبض ما كان لأبي الحسن من الضياع والإقطاع والأملاك والعقار والأموال والغلات، وصح له ما مقداره ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار سوى الأثاث والرحل والكراع والجمال، ولم يؤخذ من أحد من الوزراء قبله ولا بعده مثل ذلك. ز، وإن سوسناً أسماه وذكره بغير معرفته ولا موافقته، وخرج من ذاك إلى أن سأله الاذن له في المضي إلى مكة ليسلم من الظنة وينسى السلطان ذكره. فأجابه إلى ما طلبه، وأخرجه من واسط إلى مكة على طريق البصرة مرفهاً محروساً. وكان غرض علي ابن عيسى فيما ذكر محمد بن عبدون به حراسة نفسه، فوصل كتابه وقد مضى لسبيله. وكان من جملة الداخلين في فتنة عبد الله بن المعتز أبو عمر محمد بن يوسف القاضي فأُخذ فيمن أُخذ وحبس، وحضر أبوه يوسف وهو شيخ كبير مجلس أبي الحسن ابن الفرات، وبكي بين يديه بكاء شديداً، رق له منه وسأله حراسة
نفس ولده أبي عمر والتصدق عليه به. فقال أبو الحسن:الجناية عظيمة، ولا يمكن تخليته إلا بمال جليل يطمع الخليفة فيه من جهته. فبذل يوسف أن يفقر نفسه وابنه طلباً لبقائه. وتلطف ابن الفرات فيما قاله المقتدر بالله وقرر أمر أبي عمر على مائة ألف دينار، فأدى منها تسعين ألفاً، من جملتها خمسة وأربعون ألفاً كانت عنده للعباس بن الحسن، وأمره ابن الفرات بعد ذلك بملازمة داره وألا يخرج منها لئلا يجعل له حديث مجدد. وكان أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلاً على أبي الحسن بن الفرات بمودة بين أسلافه وبين أبي جعفر والد أبي الحسن وأبي العباس عمه، وباختصاصه هو به، فوجه أبو الحسن الكتب إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك المقتدر بالله ولا ذكره، واعتمد التقديم له والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد لعلي بن عيسى مجلس العامة في ديوان الخاصة. فقلده ابن الفرات هذا الديوان رئاسة. ثم إن سليمان شرع لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة، وعمل في ذلك نسخةً بخطه عن نفسه إلى المقتدر بالله يسعى فيها بابن الفرات وكتابه وضياعه وأمواله، وقام ليصلي صلاة المغرب مع جماعة من الكتاب فسقطت من كمه، فأخذها الصقر بن محمد الكاتب، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، فلما وقف عليها قبض عليه وحدره في زورق مطبق إلى واسط، وقد أوردنا مستأنفاً ما فعله معه بعد ذلك. ومضى لأبي الحسن بن الفرات في وزارته هذه ثلاث سنين وثمانية أشهر وأربعة عشر يوماً، اختلفت عليه الأمور فيها، وحدثت الحوادث في متصرفاتها ومجاريها وحضر عيد النحر من سنة تسع وتسعين ومائتين فاحتيج فيه من النفقات إلى ما جرت العادة به، وكانت المواد قد قصرت، والمؤن قد تضاعفت، وطلب من المقتدر بالله أن يعطيه من بيت مال الخاصة ما يصرفه في نفقات هذا العيد، فمنعه ذلك، وألزمه القيام به من جهته، فأقام على أنه لا وجه له إلا مما يعان به، ووجد بذلك أعداؤه الطريق إلى الوقيعة فيه. وركب في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة إلى دار الخلافة وهو على غاية السكون والطمأنينة، وجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه قبل الوصول إلى السلطان، فقبض عليه وعلى محمد ابن أحمد الكلوذاني وكان يكتب بين يديه وعلى محمود بن صالح وكان معه من أصحابه، ومضى القواد للقبض على أسبابه وكتابه فقبضوا على عبد الله وأبي نوح ابني جبير، وموسى بن خلف وكان من خواصه. وصار مؤنس الخادم إلى دار الوزارة فوكل بها، وأنفذ يلبق إلى دار ابن الفرات بسوق العطش فأحاط عليها. وتسرع الجند والعوام إلى دور أولاده وأهله فنهبوها وأخذوا ساجها وسقفوها، وعظم الأمر في النهب حتى ركب أبو القاسم الخال بعد العصر في القواد والغلمان وطلب النهاية، وعاقب قوماً منهم، فقامت الهيبة، وسكنت الفتنة. وأُحضر أبو علي محمد بن عبيد الله بن خاقان واستوزر، وقبض ما كان لأبي الحسن من الضياع والإقطاع والأملاك والعقار والأموال والغلات، وصح له ما مقداره ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار سوى الأثاث والرحل والكراع والجمال، ولم يؤخذ من أحد من الوزراء قبله ولا بعده مثل ذلك.


‎ومما حدث قبل القبض عليه أن طلع في شهر رمضان من السنة المذكورة كوكب ذو ذؤابة، فطلع آخر مثله في شوال في مطلع الهلال، وطلع ثالث في ذي القعدة في مطلع الشمس، وأكثر الناس القول في ذلك وما يحدثه من حادث، فكان زوال أمر ابن الفرات.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Saudi Arabia ho...

Saudi Arabia hosting the 2034 World Cup gives an ideal impression of the ambition and vision of the ...

Table 1 gives d...

Table 1 gives details on the three hundred PAU nursing students included in the research. Accordin...

فإن مسألة صيغ ا...

فإن مسألة صيغ المصادر ودلالتها، سواء المصادر السماعية أو القياسية، تُعد من القضايا المحورية في علم ا...

خطط الإعداد للب...

خطط الإعداد للبطولات الرياضية مقدمة إن خطط الإعداد للبطولات الرياضية تتمثل في تخطيط التدريب الرياضي ...

وفقاً لنتائج اس...

وفقاً لنتائج استطلاع آراء المديرين ومساعدي المديرين في الفنادق الخمس نجوم فقد ذكر: 1. تستخدم الفنادق...

المقدمة: ثمّةَ ...

المقدمة: ثمّةَ عوامل جعلت من المفكِّرِ الكبيرِ عالمِ الاجتماعِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ خلدون(1332 – 1406م...

في السنوات الأخ...

في السنوات الأخيرة، أصبح التسويق الرقمي عنصرًا أساسيًا لنجاح الشركات على مستوى العالم، خاصةً مع تزاي...

[18/04, 21:56] ...

[18/04, 21:56] Ghizlan Sadik: يقولون الحب أعمى.. وهو يقول أصابني العمى حين أحببت.. ولكن ماذا يفعل......

: خصائص كل من ا...

: خصائص كل من المسؤولية الجزائية والمسؤولية التأديبية. ين الل عذا الماللب سيتم التالاق إل ضرك ن المس...

لماذا قدمت لهما...

لماذا قدمت لهما جائزة (نوبل) بهذه السرعة؟ لقد أجاب على هذا السؤال رئيس لجنة اختيار الفائزين بجائزة ن...

Data standardiz...

Data standardization and augmentation Prior to feeding the data to the neural network for training, ...

تُعد السياحة من...

تُعد السياحة من الظواهر المعقدة متعددة الأبعاد، التي تجمع بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقاف...