Online English Summarizer tool, free and accurate!
يتناول هذا البحث العلاقات السياسية بين مملكة ميتاني وآشور خلال الفترة 1500-1204 ق.م، مُقسمًا إياها إلى مرحلتين. المرحلة الأولى (1500-1365 ق.م) تُظهر سيطرة ميتاني على آشور، رغم استقلال آشور الظاهري كما يتضح من اتفاقياتها مع بابل ومصر. لكن سوء تقدير ميتاني لعلاقات آشور مع مصر، دفعها لحملات عسكرية أدت لإخضاع آشور. ساعد في ذلك قوة ميتاني، استقرارها الداخلي، وتحييد مصر. رغم ضعف الملوك الآشوريين، إلا أن محاولات التحرر بدأت مع آشور بيل-نيشيشو، متزامنة مع صراعات داخلية في ميتاني وتوسع الحثيين بقيادة شوبيلوليوما. استغل آشور-وبالط الأول هذه الظروف لتحقيق استقلال آشور نهائيًا.
المرحلة الثانية (1275-1204 ق.م) تُظهر صراعًا جديدًا، لكن هذه المرة على أراضي ميتاني. بدأ الصراع بهجوم ملك ميتاني على آشور، فرد أدد-نيراري الأول بهزيمة ميتاني وأسر ملكها، لكنه أعاده ليكون تابعًا. تُظهر هذه السياسة براغماتية آشورية. استمر الصراع مع ثورة خانيكلبات، ثم عاد شلمنصر الأول لإخضاعها، مُحافظًا على حدود آشور. اختتم توكلتي-نينورتا الأول الصراع بهزيمة ميتاني نهائيًا، مُنهيًا وجودها كقوة مؤثرة. باختصار، البحث يُبرز تحول العلاقة من تبعية آشور لميتاني إلى سيطرة آشورية كاملة على ميتاني، مدعومةً بعوامل داخلية وخارجية في كلتا المملكتين.
الفصل الثاني عشر العلاقات الأشورية - الميتانيه
1500ق م -1204ق م
إن العلاقات السياسية الممالك والدول المتعاصرة في العالم القديم محطة مهمة في معرفة الوضع الدولي حينها، ومن هذا المنطلق تقدم هذا البحث الذي يتناول العلاقات السياسية الميتانية ، الأشورية ولاسيما وأن هاتين الدولتين تشكلان محوراً سياسياً وجغرافياً وتجارياً في المنطقة بعد أن تمكنت مملكة ميتاني من بلورة كيان سياسي فعال كان له الأثر الواضح على الكيانات المجاورة ومنها آشور
وقد قسم البحث إلى مقدمة وتمهيد ومحورين أساسيين تناولا طبيعة العلاقات بين تلك الدولتين إذ شمل المحور الأول العلاقات الميتانية - الأشورية منذ قيام مملكة ميتاني في بداية العصر الأشوري الوسيط وحتى حكم الملك الأشوري أو بالط الأول 1330.1365 ق م وفيها دخلت أشور مرحلة جديدة بعد استقلالها من التبعية الميتانية بينما تمحور المحور الثاني حول الصراع والعنف الذي ساد في عصر كل من أحد - نيراري الأول 1275.1307 ق م وشلمنصر الأول 1245.1274 ق م وتبعية مملكة ميتاني لبلاد آشور ومن ثم إنهاء مملكة ميتاني من قبل الآشوريين وأخيراً الخاتمة.
نشأة مملكة ميتاني في منتصف القرن السادس عشر ق م على أنقاض مملكة خوري، وكان حكامها من الطبقة الأرستقراطية المحاربة وسكانها من الأقوام الجبلية التي كانت تقطن المناطق المحيطة ببحيرة وان والمعروفين باسم الخوريين ) وقد دامت هذه المملكة زهاء القرنين من الزمان(2) وبلغت رقعة مملكة ميتاني في أوج توسعها من نوزي شرقاً إلى
حلب غرباً وكانت تشمل سوريا (كيليكيا) وتلاحظ آثار المملكة الميتانيه منتشرة في اللاذقية وحمص عورت 0
وكان مركز هذه المملكة عند متابع نهر الخابور في مدينة لم يكشف عنها لحد الآن وتعرف باسم (واشوكاني، وقد شملت هذه المملكة طور عابدين وربما السهول الواقعة حول ديار بكر وتمتد في الشمال حتى بلاد آشور (Isuwg) والشي (Alse) شمال نهر دجلة ، وظهر اعتقاد حديث لدى بعض الباحثين على أن مملكة ميثاني عبارة عن اتحاد فدرالي يتكون من اتحاد ثلاث ولايات وهي اتحاد الولايات الشرقية وعاصمته نوزي واتحاد الولايات الوسطى وعاصمته (واشوكاني) واتحاد الولايات الغربية وعاصمته الالاخ وهذا الاتحاد يقوده ملك واحد .
أصبح للميتانيين تأثير سياسي كبير ومركز مهم من مراكز القوى في الشرق الأدنى منذ أواخر القرن الخامس عشر ق م وبداية القرن الرابع عشر ق م وأخذ نفوذهم بالتوسع غرباً حتى سيطروا على مناطق واسعة من سوريا والأجزاء الشمالية من بلاد وادي الرافدين ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن مملكة الحورية المنحلة وسكانها الحوريين لم يكونوا بمعزل عن صراعات ممالك الشرق الأدنى القديم خلال تلك الفترة التي سبقت القرن السادس عشر ق م، وفي القرن السادس عشر ق م اندمج الخوريون والميتانيون ليكونوا مملكة جديدة عرفت باسم مملكة ميتاني وأصبح الميتانيون هم قادة الممالك الخورية السابقة لذلك أصبح من الصعب على الباحثين التمييز بين السكان الخورين والميتانيين وحتى بين المملكة الحورية والمملكة الميتانيه، وبذلك يكون الميتانيين ومملكتهم ما هو إلا امتداد طبيعي للملكة الخورية السابقة (10)
وهكذا أصبحت تسمية المملكة الميتانية مرادقة التسمية المملكة التصورية، وهناك تسمية أخرى اطلقت على مملكة ميثاني وهي مملكة زمان مالیات Hanilgabat) وهذه التسمية اطلقها الأشوريون على مملكة ميتاني بعد أن تراجع نفوذها وتقلصت حدودها حسبما ذكرته النصوص الأشورية إذ أنحصرت أراضيها في أعالي ما بين النهرين فقط (11)
أما اللغة التي استخدمها الميتانيون فهي لغة قرنها بعض الباحثين باللغة الأوراثية (لغة بلاد الأرمن القاطنين في إقليم وان)، بينما قرنها باحثون آخرين باللغة العيلامية والكاشية، وبذلك يكون أن صح التعبير أن اللغة الميثانيه أقرب إلى عائلة اللغات الهندية . أوربية (12) ولهذا تعتبر ثقافة الخوريين استناداً إلى ذلك عنصر مهم في ثقافة الهكسوس المتأخرين في بلاد (13) بينما اعتمد ملوك ميتاني على اللغة البابلية والخط المسماري في تحرير وثائقهم ومراسلاتهم الدولية والمرجح أن اللغة الرسمية المحلية كانت الشام هي اللغة الحورية وهي لغة أغلبية سكان المملكة فقد وجدت رسالة مرسلة من أحد ملوك ميتاني (تشراتا) 1390 ق م) إلى الفرعون باللغة الحورية المصري (المنحوتب الثالث 1360.1397 ق م) (14)
وقد اعتلى عرش مملكة ميتاني مجموعة من الملوك إذ ابتدأ الحكم فيها الملك بارتانا (Barattana) حسبما ورد في النصوص السومرية وكان ذلك في حدود 1500 قم، وكان هذا الملك حاكماً قوياً عمل على توسيع نفوذ مملكته فضلاً عن تمكنه من بسط الاستقرار والأمن والازدهار في أنحاء المملكة (15) لذلك اعتبر كثير من الباحثين أن الملك (بارتانا (Barattana) مؤسس مملكة ميتاني.وأعقب الملك (بارتان Barattana مجموعة من الملوك أهمهم كان الملك (شوشتار Sovssatar)، والملك ارتاناما الأول Artatama) ثم الملك توشرنا Tosta 13190 ق م) الذي اعتبرته المصادر التاريخية مغتصباً للعرش حيث اعتلى عرش مملكة ميتاني بعد اغتيال أخيه الكبير (16).
وبعد هذا العرض الموجز عن مملكة ميتاني منذ بداية نشوتها وتطورها لا يد لنا من الآن تقال إلى صلب موضوع البحث الا وهو العلاقات الخارجية المملكة ميثاني ونخص منها بالذات علاقة المملكة وسياسة الحكومة فيها تجاه الأشوريين بسبب المحاكاة الكثيرة التي حصلت بين الدولتين، والمتتبع لتاريخ هذه العلاقة أي علاقة الدولتين يمكن له أن يضعها ضمن مرحلتين مهمتين
المرحلة الأولى: سيطرة مملكة ميتاني على بلاد آشور.
المرحلة الثانية: استقلال بلاد أشور ومحاولة الملوك الأشوريين السيطرة على مملكة ميتاني.
وستوضح في المبحثين الأول والثاني اللذان ذكرا في المقدمة طبيعة تلك المرحلتين وما رافقهما من إرهاصات أثرت تأثيراً كبيراً على شكل العلاقة بين الدولتين
المرحلة الأولى
مرحلة سيطرة مملكة ميتاني على بلاد أشور
بعدما اتضح لنا أن مملكة ميتاني قامت على أنقاض مملكة خوري وقد استفادت مملكة ميتاني من الموقع الاستراتيجي المملكة خوري في تأسيس وبلورة كيان سياسي ذات أهمية تجارية واقتصادية كان له الأثر الواضح على شكل العلاقة مع الأشوريين وقبل الدخول في تفاصيل تلك العلاقة لابد لنا من الإشارة هنا إلى أهمية منطقة بلاد الشام عموماً وبلاد ما بين النهرين ودورهما في الصراع السياسي وتأثيرهم على الوضع العام لبلدان الشرق الأدنى القديم من خلال وقوعهما على الطرق التجارية المهمة كون منطقة بلاد الشام لها صلة بصحراء النقب وشبه جزيرة سيناء التي تعد منجم النحاس بالنسبة للفراعنة المصريين الذين كانوا يحرصون على توجيه الحملات المستمرة عليها وقيادتها بأنفسهم لضمان سيطرتهم عليها وحمايتها من البدواواي قوة خارجية يمكن أن تتعرض لها وزيادة معلومات القارئ ومعرفة الوضع الدولي خلال منتصف الألف الثاني قبل الميلاد والتوازن الدولي الجديد في الشرق الأدنى القديم ينظر الخارطة رقم (1) وربما يسأل البعض كيف عاد هذا الموقع الاستراتيجي المهم المملكة خوري بالفائدة على مملكة مثاني فيكون الجواب على ذلك من خلال ما أوردته المصادر التاريخية القديمة حيث كان أفراد مملكة خوري منتشرين في بلاد وادي الرافدين منذ أيام حكم الملك الآشوري شمش أدد الأول 1781.1813 ق م وكان خلال هذه الفترة يعمل الخوريين وبموافقة الملك شمشي ادد في إدارة أغلب المناطق المحيطة بالآشوريين، ولم يقتصر أمر الخوريين على الملك شمشي ادد وإنما كان بقية الملوك الآشوريين يعملون على تقوية علاقاتهم بالخوريين، وقد توجت تلك
العلاقة بزواج أحد أحفاد الملك شمشي احد من أميرة حورية، ولهذا يمكننا أن تقول أن للخوريين نفوذ سياسي قوي في أشور ولما ورث الميتانيون مملكة خوري وانصهر الآن سان الخوري في بوتقة المملكة الجديدة يكون من الطبيعي للملكة الجديدة شيء من إمكانيات المملكة السابقة أي أن مملكة ميثاني ورثت شيء من نفوذ مملكة خوري في آشور لاسيما وان الخوريين بقوا في بلاد الرافدين وإن مملكة ميتاني هي مرجعيتهم الجديد يحكم الأمر الواقع والتحولات الجديدة الحاصلة في موطنهم الأصلي عند بحيرة وان لكن نفوذ الميتانيين في بلاد أشور لا يعني إنه كان نفوذ المحتل أو المسيطر (17)
وحتى عند اتساع مملكة ميتاني وامتداد نفوذها مع بداية العصر الآشوري الوسيط في الفترة ما بين 1350.1500 ق م أصبحت مملكة ميتاني تسيطر على معظم شمال سوريا وشمال بلاد الرافدين ومعظم المناطق الشرقية المجاورة لبلاد آشور الا أن بلاد آشور خلال هذه الفترة كانت مستقلة رغم أنها تسيطر على منطقة ضيقة والدليل على استقلالها هوما ذكر في التاريخ التعاصري أن الملك بوزر - آشور الثالث (1498.1521 ق م) ملك آشور وبرنابور باش الأول ملك بابل أقسما يميناً وعينا بينهما حدود ثابتة، رغم عدم معرفة خط الحدود المتفق عليه إلا أن هذه الفقرة تشير إلى وجود حرب سابقة بين الطرفين لا نعرف عنها شيء مؤكداً، وهنا يحدث تداخل تاريخي مع حادثة
أخرى ربما هي دليل آخر على استقلال بلاد آشور خلال هذه الفترة عن مملكة ميتاني إلا وهي أن الملك الآشوري بوزر - آشور الثالث بعث هدايا إلى فرعون مصر تحتمس الثالث (1450.1504 ق م) إثناء حملة الأخير على مجدو في فلسطين، وهنا نتيجة لشعور الملك الآشوري بالأمان على حدوده
الغربية وضمان ولاء الفرعون المصري له فقد وجه نظره إلى بابل مدخل معها ية الحرب التي أسفرت عن الاتفاق المشار إليه، ولكن المرجح أن خلفاء بوند.
الشور الثالث هم الذين بعثوا بالهدايا إلى فرعون المصري وليس الملك نفسه وذلك لوجود فارق زمني بين فترتي حكم هاذين الملكين، ومهما يكن من الأمر فإن كلتا الحادثتين إنما تشيران إلى أن بلاد أشور كانت خلال تلك الفترة مستقلة ولم تكن قد خضعت بعد السيطرة الميتانية، إلا أن العلاقة بين مملكة ميتاني وبلاد آشور ساعت نتيجة سوء تقدير حكام مملكة ميتاني في فهم العلاقة بين ملك أشور وفرعون مصر، فقد تصور ملك ميتاني أن الهدايا المرسلة من قبل ملك أشور إلى فرعون مصر تحوتمس الثالث إنما هي جزية في حين كان الهدف منها هو اظهار ملك أشور صداقته للفرعون المصري على أمل أن يؤدي هذا الموقف إلى وقوف الفرعون ومن وراءه مصر إلى جانب بلاد أشور خاصة وإن الأطماع المملكة ميتاني في بلاد أشور أخذت تلوح في الأفق (18) . إذن من خلال هذه الحوادث يمكن أن تقول أن بلاد آشور في بداية العصر الأشوري الوسيط كانت مستقلة وغير خاضعة للسيطرة الميتانية وبخلاف ذلك لكان من الصعب أن يسمح لملك أشور أن يقدم الهدايا للفرعون المصري وخاصة إذا ما علمنا أن الصراع الميتاني - المصري كان على أشده (19)
خلال هذه الفترة
وكان لهذا الموقف الودي بين ملك آشور بوزر آشور الثالث وفرعون مصر تحوتمس الثالث أثره على العلاقة بين بلاد أشور ومملكة ميتاني وربما كان السبب المباشر في دفع ملوك مملكة ميتاني وبالأخص الملك (شوشتار 14501500Soussatar م في اتخاذ سياسة سلبية قائمة على السيطرة تجاه الآشوريين واعتبار بلاد أشور جزء لا يتجزأ من مملكة ميتاني
ومن ثم اندفاعهم أي الميتانيين إلى القيام بسلسلة من الحملات العسكرية على بلاد أشور ولاسيما تلك التي جرت في عهد الملك (شوشتار Sovssatar) والتي أسفرت لاحقاً عن إخضاع بلاد آشور إلى مملكة ميتاني 20
ولو دققنا في تلك المرحلة لتبين لنا وجود عوامل عديدة ساعدت ملوك مملكة ميتاني في تحقيق أهدافهم في بلاد أشور لعل من بينها ثلاثة عوامل
مهمة
(1) كانت مملكة ميتاني في أوج عظمتها وقوتها في تلك الفترة.
(2) استقرار الأوضاع الداخلية المملكة ميتاني مما سمح لها الاهتمام بالسياسة الخارجية، وبالتحرك خارج المملكة وهم يستندون إلى قواعد داخلية قوية
(21) (3) تحييد الجانب المصري في صراعهم مع الأشوريين من خلال إقامة علاقة طيبة بين مملكة ميتاني ومصر، ولهذا أتخذ الجانب المصري الحياد في تلك المرحلة أي عند من نفوذ مملكة ميتاني في بلاد آشور
وقد ذكرت لنا قوائم الملوك الآشورية أسماء الملوك الأشوريين الذين حكموا خلال تلك الفترة وأشارت المرحلة التاريخية أن أولئك الملوك كانوا ضعفاء بحيث لم يستطيعوا التخلص من سيطرة مملكة ميتاني ولهذا كانوا اتباع للدولة الميتانيه واستمر ذلك الخضوع ما يقارب القرن من الزمان
غير أن هذه الفترة لم تكن خالية من بعض المحاولات للتخلص من
السيطرة الميتانية رغم ضعف الملوك الآشوريين إلا أن الشعور بالوطنية كان واضح لديهم إلا أن تلك المحاولات المبكرة لم يقدر لها النجاح (22)، في حين كان عهد الملك الأشوري آشور بيل - نيشيشو 1411.1449 ق م) شهد أولى محاولات التخلص من السيطرة الميتانية وعلى الرغم من عدم تمكنه من ذلك
إلا أنه تستطيع القول بأن تلك المحاولة كانت مقدمة وتحقيق لمن خلفه من ملوك أشور في العمل على التحرر واستعادة سيادة آشور على نفسها، وقد تمثلت تلك المحاولة أي محاولة الملك الشور بيل - نيشيشو) بقيامه بعقد معاهد.
مع الدولة الكيشية التثبيت الحدود بين الدولتين 15 إن جاء في التاريخ المعاصر ان نكارة انداش ملك كاردونياش وأشور بيل نيشيشو ملك أشور ثبتا بينهما معاهدة واقسما يميناً احدهما للآخر فيما يخص الحدود وعلى الرغم من عدم معرفتنا بخط الحدود المتفق عليه الا أن هذا يشير إلى سيادة من نوع ما عند أشور لكن ذلك لا يعني سيادة كاملة المملكة أشور، وبنفس الوقت تكشف لنا أن مملكة ميتاني ليس لها سيادة مطلقة على بلاد أشور ، وإنما منالك نوع من التبعية، وقد استمر ضعف تلك السيطرة على بلاد الشور من
قبل مملكة ميتاني حتى في عهد الملك الأشوري الشور نادن - أخي الثاني 1379.1417 ق م) وفي هذه الفترة حدثت صراعات داخلية وحروب أهلية في مملكة ميتاني على اثر وفاة شوترنا الثاني Surtarma) حوالي 1400 ق م وقتل الوريث الشرعي في البلاد، الا أن توشرنا Tusratta) تمكن من إنهاء الحرب الأهلية واعتلاء عرش مملكة ميتاني في عام 1390 ق م ولكن رغم ذلك لم يستمر الوضع في صالح الدولة الميتانيه (25) 1 إذ انقلبت موازين القوى في
المنطقة آنذاك لصالح بلاد أشور لاسيما عند اعتلاء عرش بلاد أشور الملك اريبا - ادد الأول 1366.1392 ق م) والد الملك الشور - أو بالط 1330.1365 ق
م)، وقد بدأت في عصر هذا الملك محاولات جادة للتخلص من السيطرة الميتانيه بشكل نهائي لاسيما وإن وضع مملكة ميتاني يساعد على القيام بمثل هذه المحاولة، فميتاني مشغولة بحرب أهلية داخلية جعلتها بعيدة عن التفكير خارج مملكة ميتاني، فضلاً عن حدوث تغييرات سياسية كبيرة في
الشرق الأدنى القديم متمثلة بتولي الملك الحثي (شوبيلوليوما Suppiluliuma 1380 1346 ق م) العرش في المملكة الحثية، وقد حمل هذا الملك معه مشروع تقوية سلطته في الداخل ومن ثم التوجه نحو الخارج للسيطرة على مناطق نفوذ مملكة ميتاني لاسيما في بلاد الشام، وفعلاً نجح الملك (شوبيلوليوما) من السيطرة على مناطق شمال سوريا ثم ما ثبت الملك الحشي من مهاجمة مملكة ميتاني نفسها فقد غزا عاصمتهم والشوكاني Wasukanni) واستولى عليها (26)
وقد كان هناك عوامل عديدة ساعدت على نجاح الملك الحثي
(شوبيلوليوما) في مشروعه أهمها
(1) انشغال فرعون مصر اخناتون 1362.1379 ق م) حليف توشرنا بثورته الدينية مما جعله يهمل شؤون بلاد الشام
(2) انشغال الميتانيين في صراع داخلي تمثل بالتنافس حول عرش مملكة ميتاني فقد كان لهذا العامل دوره المهم في إضعاف مملكة ميتاني من الداخل حيث اصبحت في صراعات دامية على العرش بين أمراء المملكة وخاصة ارتاتاما الثاني الطامع بالعرش والذي وقف ضد الملك الشرعي (توشرتا)
(3) تحالف ارتاتاما الثاني Artatama) وهو أحد الطامعين بعرش مملكة ميتاني مع شوبيلوليوما ضد توشرتا، وهذا التحالف أدى إلى قيام توشرتا بشن حرب ضد الحثيين أسفرت عن خسارة الميتانيين وازدياد أمرهم سوء 275) سوءا
(4) حصول تغيرات سياسية في بلاد أشور أسفرت عن تولي أشور . أو بالط 1330.1365 ق م) عرش البلاد
(5) القسام مملكة ميتالي إلى قسمين احدهما دولة مستقلة عند منطقة بحيرة وان وأخرى في أعالي ما بين بلاد ما بين النهرين والأخير عليه وية ذكرها في النصوص السومرية باسم مملكة خاليكيات الوعلم التسمية أطلقي الأشوريون على مملكة حيتاني بعد أن انحسرت حدودها اعالي ما بين النهرين
لم تكن هذه الأمور مساعدة للمملكة الحيثية فقط وانما ساعدت بلاد أشور على التحركات السياسية المستقلة عن التهديد مملكة ميتاني فقد انتهز الملك الأشوري الشور أو بالط) الأحداث الجارية في مملكة ميتاني على تثبيت استقلال بلاده والارتقاء بنفوذها إلى مستوى أفضل بحيث أصبحت بلاد أشور تمثل أحد مراكز القوى في المنطقة التي تؤثر في سير الأحداث الله.
ولا يفوتنا هنا أن تذكر أن الحركة السياسية للملك الشور، أو بالط) كانت في بداية الأمر سلمية لكن التحولات التي طرأت على النظام السياسي في مملكة ميتاني وكما ذكرنا سلفاً هي التي منحت الملك الشور - أو بالط) فرصة التحول من السلم إلى المواجهة مع مملكة ميتاني
وانتهج الملوك الذين خلفوا شور . أو بالط) النهج ذاته في تثبيت استقلال بلاد آشور عن مملكة ميثاني وتوسيع نفوذ بلادهم من خلال محاولتهم العسكرية الرامية إلى القضاء على مملكة ميتاني
وعلى أثر التطورات السياسية السالفة التي حدثت في مملكة ميتاني اضطرت مملكة ميتاني إلى تغيير نهج سياستها الخارجية السابقة تجاه بلدان المنطقة وأشور بالتحديد بل ذهبت في ذلك بعيداً من خلال محاولة بناء علاقة متميزة وودية مع بلاد أشور
أن هذا التغيير السياسي في مملكة ميتاني ساقها إلى مرحلة جديدة من العلاقات مع بلاد آشور، فقد تأسست المرحلة الجديدة على علاقات مختلفة تتسم بالندية لتأخذ فيما بعد شكل العلاقة بين الدولتين على أساس العلاقات المتكافئة بين الدول لاسيما بعد أن سعى الملك الأشوري آشور . أو بالط) عند ملك ميتان للحصول منه على الاعتراف باستقلال بلاد آشور
المرحلة الثانية مرحلة انهيار المملكة الميتانيه وتبعيتها للأشوريين
لقد شهدت بلاد أشور مع بدايات القرن الثالث عشر قبل الميلاد توسعاً ملحوظاً في رقعتها الجغرافية وإمكانياتها الجيوسياسية رغم أن الظروف التي أحاطت بالملك الأشوري انليل ، تراري 1320.1329 ق م) لم تكن طبيعية بحيث تسمح له من مواصلة حملاته العسكرية ضد مملكة ميتاني بسبب انشغاله بحروب مع جيرانه الكيشيين ولهذا نستطيع القول أن ضغط بلاد أشور على مملكة ميتاني توقف في هذه الفترة، غير أن الفترة اللاحقة شهدت تجدد الصراع بين الأشوريين والميتانيين، وقد تميز هذا الصراع عن سابقه في مكان حدوثه فقد جرى على الأراضي الميتانيه أي أن جیوش آشور كانت تقاتل على أرض عدوها وهذا يفسر على أن الأشوريين كانوا في وضع الهجوم، في حين شهدت العلاقات الأشورية - الميتانية تغيرات جذرية في شكل العلاقة بينهما مع تبوء ملوك ذو طبيعة تحررية وسلطوية في أن واحد العرش في بلاد أشور أسفرت عن تمكن أشور من القضاء النهائي على مملكة ميتاني، وهذه الفترة تمتد منذ أيام عصر الملك ادد . تيراري الأول 1275.1307 ق م ولغاية عصر الملك الأشوري توكلتي تنورتا الأول 1244. 1208 ق م) وما بينهما من ملوك تمكنوا من صياغة واقع سياسي واقتصادي جديد لبلاد آشور كان من أبعاده تشكيل ورسم خارطة جديدة للمنطقة المحيطة ببلاد آشور لم تكن فيها مملكة ميتاني 29.
وكانت بدايات الصراع بالإضافة إلى الطموحات الملوك أشور حصل نتيجة قيام الملك الميتاني (شوتارا Suttara) بالهجوم العسكري على بلاد آشور
للحد من نفوذها المتزايد على مملكته مما جعل الملك الأشوري ادد . نيراري برد على ذلك الهجوم بتجهيز حملة عسكرية ومهاجمة بلاد خاني كلبات
وقد تمكن الملك الأشوري من الحاق الهزيمة بالملك الميتاني وأسره وأفراد عائلته والمجيء به إلى بلاد أشور حيث أعلن فيها الولاء لبلاد أشور وأقسم على دفع الجزية (20)
لقد بلورة هذه الحادثة صفحة جديدة من العلاقات الأشورية - الميتانيه إذ أصبحت مملكة ميتاني تابعة لنفوذ بلاد آشور، وعاد الملك الميتاني إلى بلاده بعد تعهداته المذكورة ليتسلم حكم بلاده من جديد، وهذا يكشف لنا
أمرين:
(1) بعد النظر السياسي عند الأشوريين فبالرغم من أن ما حصل من أحداث كان سببها الملك الميتاني نتيجة عدوانه على بلاد آشور مما دفع الأشوريين للرد على هذا العدوان وكان من نتيجته أسر الملك المعتدي إلا أن السياسة الأشورية لم تتدفع وراء العواطف وتأمر بقتل المعتدي مما يسفر عن تعقيد في المشكلة ولاسيما وإن لهذا الملك شعب قد يغضب الوقتل ملكه فيحفزه على رد الفعل ولا أحد يعرف نتائج ذلك، وإنما ترك الآشوريون ملك ميتاني في ملكه ليكون تابعاً من جهة وقائد النظام سياسي ضعيف من جهة أخرى فيأمن عندها الآشوريون أخطار دولة فضلاً عن الخضوع السياسي لهذه الدولة.
(2) إن حادث إعادة ملك ميتاني إلى ملكه هي الأولى من نوعها التي تبين تنصيب ملك في مملكة من قبل دولة أخرى (31).
وهكذا أصبحت مملكة ميتاني تابعة لبلاد آشور بعد أن كان الأمر مختلف إذ كانت بلاد آشور هي التابعة للنفوذ الميتاني، وفي ضوء التغيرات في الوضع الجديد إشارة وردت في رسالة بعث بها الملك الحلي الخالوشيليش الثالث - 3 3 3 Hattusils 12571289 ق م) إلى الملك الأشوري (ارد - نيراوي) يناقشه فيها أوضاع مملكة ميتاني وهذا يدل على أن مملكة ميتاني من ممتلكات الملك الأشوري، فقد ورد في الرسالة مطالبة الملك الحثي للملك الأشوري بمنع سكان مدن خانيكلبات من الإغارة على مناطق كركميش (وهي موقع عند جرابلس على الحدود السورية - التركية عند عبور نهر الفرات وهي عبارة عن قلعة محصنة وملحقين مسورين إلى جانب بوابات وطرق للمواكب) وكانت خاضعة للمملكة الحثية الل.
أن العلاقات الأشورية - الميتانين هذه لم تستمر فترة طويلة إذ سرعان ما ثارت خانيكلبات على بلاد أشور في عصر الملك الميتاني وشتا (Wasatta) فاضطر الملك الأشوري ادد . نيراري إلى تجهيز حملة عسكرية ثانية ضد مملكة ميتاني كان من نتيجتها القاء القبض على الملك (وشتا Wasatta) وأسره مع افراد عائلته والعديد من السكان الميتانيين، وتجاه ذلك فقد كان الأشوريون يتبعون سياسة مفادها تهجير الشعوب التي كانت تثور ضدهم ونقل الكثير من سكان تلك الشعوب المغلوبة، إلا أن سياسة التهجير هذه بالنسبة للميتانيين كانت مختلفة إلى حد ما، فقد تخلى الملك احد - نيراري) عن هذه السياسة لاحقاً وحتى سياسة تنصيب الحكام في الأقاليم الخاضعة للحكم الأشوري فقد تراجع الآشوريون عنها، لذلك نلاحظ الملك الآشوري (ارد .
نيراري) يتخلى عن فكرة حكم (خاني كلبات) أوضمها إلى الحكم الأشوري المباشر، ولهذا يعتبر الملك ادد - نيراري مؤسس سياسة ضم الأقاليم والدويلات الثائرة ضد النفوذ الأشوري في حالة تجدد الثورة فيها وتنصيب الحكام الموالين لدولته بعد أدائهم يمين الولاء له وتعهدهم بدفع الجزية (33).
بعد أن تخلى الملك الأشوري احد - تيراري عن فكرة حكم خاني كلبات من قبل بلاد أشور استغلت مملكة خانيكليات هذه الفرصة وسارعت إلى إعلان استقلالها عن النفوذ الأشوري وكان ذلك في نهاية حكم الملك احد . تيراري)، لكن ذلك لم يرضي الملوك الأشوريين الذين خلفوا احد خيراري فالسياسة السابقة للملك ادد . تيراري) كانت مرفوضة من قبل الملك الأشوري الشلمنصر الأول 1245.1274 ق م) لذلك قام (شلمنصر الأول) بإعادة نفوذ وحكم بلاده على مملكة ميتاني تدفعه في ذلك أسباب سياسية واقتصادية، إذ بخلاف ذلك تكون حدود بلاد آشور مهددة بخطر هجمات هذه الدولة المستقلة إذا ما استمر ذلك الاستقلال وأبعاده من الاستمكان وأسباب القوة ولاسيما وإن للمملكة الميتانية سياستها المعادية من بلاد آشور ويمكن لهذه السياسة أن تدعم الكيان الجديد واستخدامه في عدائها مع الآشوريين، بالإضافة إلى ذلك أن سيطرة الأشوريين على مملكة خانيكليات نتيح لهم العمق الإستراتيجي الضروري لبلادهم بسبب صفر مساحة بلاد آشور، وقد تمكن (شلمنصر الأول من تحقيق أهدافه في مملكة خانيكلبات وأعاد السيطرة عليها على أثر معركة حاسمه خاضها ضد ملك خانيكلبات (وشتورارا الثاني علماً أن هذا الأخير كان مدعوم من قبل الحيثيين (34)
عند انتهاء الأشوريين من حسم مسألة مملكة خانيكلبات دخلت بلاد آشور مرحلة جديدة في علاقاتها مع الميتانيين عام 1244 ق م تتسم بشيء من الهدوء النسبي، لكن ذلك لم يستمر طويلاً لاسيما عند تبوء الملك الآشوري توكلتي - تنورتا الأول 1204.1244 ق م) فقد تجدد النزاع من جديد بين الآشوريين والميتانيين، وكان رد الآشوريين سريعاً فهاجموا مملكة
ميثاني والحقوا الهزيمة بجيشها، وهذه الهزيمة كانت تؤشر عن مدى الضيف السياسي والاقتصادي الذي كان متنشياً في مملكة ميتاني فقد فقدت ميثاني من جراء هذه المعركة السيطرة على طرق المواصلات التجارية التي كانت تحتكم فيها هذه المملكة بالإضافة إلى تقلص نفوذها بشكل كبير لتكون هذه المعركة آخر النشاطات العسكرية بين بلاد أشور ومملكة ميتاني وبذلك تستطيع القول أن خطر مملكة ميثاني على أشور زال بشكل نهائي
وهكذا انتهت هذه المرحلة من العلاقات الأشورية الميتانية بسقوط وانهيار مملكة ميتاني وزوالها من الوجود.
431
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
المناظــرة: هي مباراة أو مبارزة كالمية تتم بين فريقين أو شخصين يدلي كل واحد منهما بدلوه حول قضية أو ...
Psychology is both an ancient and modern science, where the existence of humanity has been found. In...
العرين قررت إدارة مدرستنا إقامة رحلة إلى محمية العرين؛لنتعرف على أنواع جديدة من الحيوانات و قضاء وقت...
خلق الله في الإنسان عضلة لينة في تكوينها، لكنها حادة في تأثيرها، قادرة على تغيير مصائر الأبناء إذا ا...
معنى البحث العلمي تدرس منهجية البحث العلمي كمادة أساسية في الجامعات العراقية والعربية والعالمية كاف...
قد أكد هذا الميثاق الأمم المتحدة في مادته الحادية والخمسيين التي تنص على حق الشعوب في البقاء وما يقت...
## مشروع مارشال ### مقدمة مشروع مارشال هو برنامج اقتصادي لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الث...
تنظيم مهنة المحاسبة في الجزائر وفقا ألمر رقم 71-82 األمر رقم71-82 المؤرخ في 11ذي القعدة عام1391الموا...
العرب والحرب العالمية الأولى 1914-1918 الحرب العالمية الأولى كانت محطة محورية في تاريخ العالم والعال...
عمل عنيف (مس جسدي أو تحريض على العنف موجّه ضدّ ممثلي السلطة أو مؤسساتها أو منظمات أو أي إنسان بسبب م...
ﺍﻟﻁﺭﺍﺯ ﺍﻷﻤﻭﻱ ﺒﻌﺩ ﺍﻨﺘﻬﺎء ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎء ﺍﻟﺭﺍﺸـﺩﻴﻥ ﻭﻤﻘﺘل ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻜﺭّﻡ ﺍﷲ ﻭﺠﻬﻪ، ﻨﺸـﺄ ﻨﺯﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﻁﺎﺌﻔﺘﻴﻥ...
Life in the Past and Present Life has changed significantly over time, affecting how people live, le...