Lakhasly

تؤدي الصناعات الدوائية دورا هاما في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي من الصناعات الكيماوية والإستراتيجية التي تؤثر مباشرة على صحّة الإنسان، وإن كان من الناحية الأخلاقية لا ينبغي التعامل مع الدواء على أنّه سلعة تجارية لما له من أبعاد إنسانية واجتماعية خطيرة، إلاّ أنّه ومن الناحية الواقعية يعتبر الدواء سلعة ومصدر هاما لثراء العديد من الشركات التابعة للدول المتقدمة والتي تعتمد على مبدأ الاحتكار في إنتاجه واستغلاله، وهذا ما جعل الصناعة الدوائية من أكثر الصناعات التي تخضع لعدد كبير من القوانين والقيود، إذ يعتمد هذا النوع من الصناعات بشكل أساسي على الاكتشافات العلمية والتكنولوجية، كما يحتاج إلى رأسمال كبير وكفاءات علمية متخصّصة لإنجاحها، إذ يمكن القول أنّها أصبحت واحدة من أهم وأضخم الصناعات في العالم التي تسعى أكبر الشركات التجارية للسيطرة والهيمنة عليها.

يعرّف الدواء على أنّه " كلّ مادة كيماوية من أصل نباتي أو حيواني يستعمل في علاج أمراض الإنسان أو الوقاية منها أو تشخيصها"، وللصناعات الدوائية علاقة وثيقة بحقوق الملكية الصناعية باعتبار أنّ اتفاقية تربس تحمي المنتج الدوائي بموجب البراءة، وقد حذت حذوها جميع الدول المنظمة إليها والدول في طور الانضمام، وهذا ما لا يخدم الدول النامية باعتبار أنّ حماية المنتج الدوائي بموجب البراءة هو بمثابة إجازة منحت للدول المتقدمة المتخصّصة في هذا المجال والتي تبيح لها حق احتكار استغلال منتجها الدوائي طيلة مدة الحماية.
نظرا للأهمية الانسانية والاقتصادية للدواء، فلقد أثار هذا الأخير العديد من الاشكالات القانونية سواء من حيث القابلية للاستغلال أو من حيث الحق في الإحتكار ومرد ذلك اعتبار هذا الأخير من أهم أدوات تفعيل التنمية الافتصادية في جانبها المتعلق بالصحة، ونظرا لحساسية الموضوع لتعلقه بالدواء الذي طالما سعت الدول خاصة المتقدمة منها إلى احتكاره وفرض الهيمنة على استغلاله، فإن الدراسة ستتأسس حول أشكالية أساسية تستند إلى وضع موازنة بين الدول المتقدمة والنامية حول ملكية هذا المنتج من حيث تحديد دوافع الدول المتقدمة في احتكار المنتج الدوائي، في مقابل سعي الدول النامية إلى الاستناد إلى أسس قانونية للحد من شدة هذا الاحتكار، وفتح مجالات الاستغلال. وبذلك فيما تتمثل دوافع كل من الجانبين في تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية فيما يتعلق باحتكار المنتج الدوائي أو استغلاله؟.
الخاتمة:
مما سبق نخلص القول أن قطاع الصناعة الدوائية بمثابة أداة استراتيجة فائقة الأهمية في مجال تحقيق التنمية الاقتصادية تفطنت لها الدول المتقدمة وسعت جاهدة لاحتكارها والهيمنة على استغلالها نظرا للعوائد المادية الهائلة التي تعود بالنفع عليها وعلى شركاتها المتعددة الجنسية، ولقد طوقت هذا الاحتكار بطائفة من الاليات والاسانيد القانونية تمثلت في الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية تربس وذلك بهدف اضفاء الصفة الشرعية الوطنية والدولية على هذا الاحتكار، مما فرض على الدول النامية العديد من القيود التي شابت حق انتاجها واستغلالها للمنتج الدوائي، الأمر الذي استلزم ضرورة اعتمادها على مجموعة من الاليات المادية والقانونية للحد من شدة هذا الاحتكار خاصة وأن الامر يتعلق بقطاع جد حساس تمثل في القطاع الصحي.