Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (43%)

ما الذكاء الاصطناعي؟ الهدف الأساسي من الذكاء الاصطناعي هو تمكني أجهزة الكمبيوتر من تنفيذ املهام التي يستطيع العقل تنفيذها. ولكن جميعها لا يخلو من مهارات ِّ نفسية تمكن الرؤية) لا يُطلَ ِّ الإنسان والحيوان من الوصول إلى أهدافهما، لا ينطوي الذكاء على بُ ِّ عد واحد، يستخدم الذكاء الاصطناعي العديد من التقنيات املختلفة التي تنفِّذ العديد من املهام املختلفة. ِ أضف إلى ذلك أن الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان. توجد الاستخدامات العملية للذكاء الاصطناعي في املنازل، والسيارات (والسيارات بدون سائق)، أفلام الرسوم املتحركة في هوليوود، جميعها تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. لحسن الحظ أن الطائرات العسكرية التي بدون طيار تجول في ساحات القتال اليوم، لا يركز معظم العاملني في ِّ الذكاء الاصطناعي إلا على هدف من هذين الهدفني، ً ر الذكاء الاصطناعي عددا لا يُ ِ حصى من الأدوات التكنولوجية، مكن الذكاء الاصطناعي علماء النفس وعلماء الأعصاب من وضع نظريات راسخة عن العقل والدماغ. وسؤالا َ آخر لا يقل أهمية وهو: «ما الذي يفعله الدماغ؟» ما الأسئلة الحاسوبية (السيكولوجية) التي يجيب عنها؟ وما أنواع معالجة املعلومات التي تُ ِّمكنه من فعل ذلك؟ َمنا الذكاء الاصطناعي نفسه أن عقولنا هناك العديد من الأسئلة التي لم يُ َجب عنها، وهذا يساعدهم في شرح الأنواع ُّ املختلفة من سلوك الحيوان، ِّ ر الذكاء الاصطناعي في الفلسفة. يؤسس العديد بالإضافة إلى التأثري في علوم الحياة، أثَّ من الفلاسفة اليوم أفكارهم على مفاهيم الذكاء الاصطناعي. يستخدم ِ الفلاسفة تلك املفاهيم لحل املعضلة الشهرية بني العقل والجسم، ويدور والعديد من الألغاز املتعلِّ ً خلاف كبري بشأن ما إذا كان هناك أي نظام للذكاء الاصطناعي يمتلك شكلا حقيقيٍّا من الذكاء أو الإبداع أو الحياة. تحد ِّ ى الذكاء الاصطناعي الطرق التي نفكر بها بشأن الإنسانية ٍّ ا أم لا؛ وعلى الرغم من ترحيب بعض املفكرين بهذا املستقبل فإن الغالبية تخشاه؛ فك ِّ ر املصم ُ م في تطوير م ِعال َّ ج كلمات وجربَ َّ ه املستخدمون ممن ِّ لهم تعامل مباشر مع الكلمات والفقرات. ولكن البرنامج نفسه ليس من مكوناته الفكرة أو التجربة. على الرغم من أنه عادةً ما تُنفَّذ باستخدام جهاز كمبيوتر (تسلسلي) بهيكلة فون نيومان. يحاول َ العاملون في مجال الذكاء الاصطناعي أن يكتشفوا م َكمن الخطأ عندما يفعل البرنامج ً ع، تتكون الأجهزة الافتراضية بوجه عام من أنماط أنشطة (معالجة املعلومات) ذات عدة مستويات. ليست الأجهزة الافتراضية وحدها هي التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر. أو بالأحرى مجموعة من َّ الأجهزة الافتراضية التي تتبادل التفاعل وتعمل بالتوازي بعضها مع بعض (وقد تطوَرت َمت في أوقات مختلفة). ولكن لا يمكن استخدام أجهزة الكمبيوتر إلا إذا أمكن تشغيل الأجهزة الافتراضية ُّ القوية في معالجة املعلومات. التقد ً م في علم الأعصاب يتطلب فهما أفضل للأجهزة الافتراضية النفسية التي تُنفِّذها الخلايا العصبية املادية؛ تُستخدم أنواع مختلفة من معلومات العالم الخارجي. فكل نظام يعمل بالذكاء ُ الاصطناعي يحتاج إلى أجهزة م َدخ ُ لات وم َخرجات، ِّ بحيث تمكن الأجهزة الافتراضية املتنوعة داخل النظام بأكمله من التفاعل بعضها مع ً بعض. أنواع الذكاء الاصطناعي الأساسية َ تعتمد طريقة معالجة املعلومات على الجهاز الافتراضي املستخدم. وكل نوع يضم العديد من التباينات. النوع الأول هو الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي — أو الرمزي — ويُطلَق عليه في بعض الأحيان الذكاء َ الاصطناعي التقليدي الجميل. فإنها يمكن أن تنري العقل والسلوك ُّ بالإضافة إلى الاستخدامات العملية لتلك الن والحياة. الشبكات العصبية مفيدة في نمذجة الجوانب العقلية، يمكن للذكاء الاصطناعي الكلاسيكي (لا سيما عند دمجه مع الإحصاءات) أن يضع وتعل م، بعض املناهج أقرب إلى علم الأحياء من علم النفس، وبعضها أقرب إلى السلوك التأملي من التفكري التشاوري. حيث إنهم يسعون خلف الكفاءة التكنولوجية وليس الفهم العلمي. حتى وإن كانت أساليب العقل ِّ متأصلة في علم النفس، فإنه لا توجد علاقة وثيقة به الآن. لكننا سنرى أن التقدم في الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة (الذكاء الاصطناعي العام) يحتاج إلى فهم البنية الحاسوبية ً للعقل فهما عميقً ا. التنبؤ بالذكاء الاصطناعي تنبَّأت السيدة آدا لافليس بالذكاء الاصطناعي، تنبَّأت به السيدة في أربعينيات القرن التاسع عشر. فقد تنبَّ َّ أت بشق من الذكاء الاصطناعي. ركزت السيدة آدا لافليس على الرموز واملنطق، كذلك لم يك ُّ ن لديها أي ميول تجاه الهدف َّ النفسي من الذكاء الاصطناعي، بل انصب كل اهتمامها على الجانب التكنولوجي. قالت — على سبيل املثال — إن الآلة بإمكانها أن «تؤلِّف مقطوعات موسيقية دقيقة ِّ وعلمية مهما كان تعقيدها أو طالت مدتها»، ِّ الآلة التي كانت في بالها هي املحر ُ ك التحليلي. إنه جهاز م َّكون من تروس وعجلات َّ نة (ولم يكتمل بناؤه قط) من تصميم صديقها املقرب تشارلز باباج عام . ١٨٣٤ وعلى ُمسنَّ ُ الرغم من أن الجهاز كان م َّخص ًص ً ا للجبر والأعداد، فإنه كان معادلا في الأساس لجهاز كمبيوتر رقمي يُستخدم في الأغراض العامة. ِّ أدركت آدا لافليس احتمالية تعميم املحرك وقُدرته على معالجة الرموز التي تمثِّل «كل ما في الكون». البرامج املخزنة والإجراءات الفرعية ذات التداخل الهرمي والعنونة والبرمجة الدقيقة والتكرار الحلقي ُ والج ً مل الشرطية والتعليقات، كيف بدأ الذكاء الاصطناعي َّ تكش َف اللغز بعد قرن على يد ألان تورينج. ١٩٣٦ أوضح تورينج أن كل عملية حسابية يمكن تنفيذها من حيث املبدأ باستخدام نظام رياضي يُ َّسمى الآن آلة تورينج العاملية. بعد فك الشفرة في بلتشلي بارك في أثناء الحرب العاملية الثانية، قضى ِّ ى من أربعينيات القرن العشرين يفكر بشأن كيفية تقريب آلة تورينج التجريدية ما تبقَّ باستخدام آلة مادية، واكتمل بمانشستر عام ١٩٤٨). 16 ما الذكاء الاصطناعي؟ َ ل تورينج هدفي الذكاء الاصطناعي. أراد أن تنفِّذ الآلات ِ وعلى خلاف آدا لافليس، وكذلك تضع نماذج للعمليات التي تحدث في العقل البيولوجي. ١٩٥٠ وقال فيها مازحا: إن اختبار تورينج (انظر الفصل السادس) كان في املقام الأول بيانً ُ ا عن الذكاء الاصطناعي. ٍّ كانت تلك ملاحظات عامة إلى حد كبري؛ َّ تعزز اقتناع تورينج بأن الذكاء الاصطناعي لا بد أن يكون ممكنًا بطريقة أو بأخرى في أوائل أربعينيات القرن العشرين على يد عالم الأعصاب/الطبيب النفسي وارن ماكولو وعالم الرياضيات وولتر بيتس. وح َ دا عمل تورينج مع عنصرين آخرين مثريين للاهتمام (ويعود كلاهما إلى أوائل القرن العشرين)، بمعنى أن تكون إما صحيحة . فسيُفترَض أن كلا املقترحني صحيحان. يمكن الجمع بني راسل وشرينجتون إلى جانب ماكولو وبيتس؛ لأن كلا الفريقني َوص ُ ف أنظمة ثنائية. وإلى «٠ / ١» في الحالات الفردية في آلة تورينج. أي شيء يمكن ذكره بمنطق القضايا يمكن حوسبته بشبكة عصبية وبآلة تورينج. اعتقد ماكولو وبيتس (كما اعتقد العديد من الفلاسفة حينذاك) أ أن اللغة الطبيعية أساسها املنطق من حيث الجوهر. لذا كل نتاجهم من التفكري والآراء ُ من الح ً جة العلمية وحتى الأوهام الفصامية — كان نتاجا ملطحنة نظرياتهم. — بدايةً وبالنسبة إلى علم النفس بأكمله، وهو «إمكانية تطبيق املنهج النظري نفسه — أي حوسبة تورينج — على الذكاء البشري وذكاء الآلة». فالتكنولوجيا املتاحة حينذاك كانت بدائية للغاية. بدأت أبحاث الذكاء الاصطناعي الرمزي — إذ بُ ٍّ نيت على بيان تورينج إلى حد كبري — ٍّ في كل من أوروبا وأمريكا. كانت تلك أمارة على أن أجهزة الكمبيوتر يمكن أن تكتسب ً ا يوم ُ ا ما، وتتفوق على قدرات م ِبرمجيها. وإن كان صمويل ٍّ ُ ت إلى دليل م َعتبر ً على إحدى تلك النظريات. (سر راسل ُ لاعب داما متوسط املستوى، فإن راسل كان من ر َّواد العالَ 18 ما الذكاء الاصطناعي؟ نفسه بهذا الإنجاز، ولكن رفضت مجلة «جورنال أوف سيمبوليك لوجيك» أن تنشر ورقة ٍّ بحثية بها برنامج كمبيوتر مسمى على اسم املؤلف، َّ سرعان ما تفوقَت آلة حل املسائل العامة على آلة النظرية املنطقية، والتفوق هنا لا يعني أن آلة حل املسائل العامة يمكن أن تتفوق على أصحاب الذكاء الحاد، يمكن تطبيق آلة حل املسائل العامة ُ على أي مسألة يمكن تمثيلها (كما هو م َّوضح في الفصل الثاني) من حيث الأهداف الرئيسية ُ والأهداف الفرعية والإجراءات واملشغلون. وِكل إلى املبرمجني تحديد الأهداف والإجراءات َّ واملعاملات ذات الصلة بأي مجال بعينه. تمكنَت آلة حل املسائل العامة من حل مسألة «املبشرين وآكلي لحوم البشر». (ثلاثة مبشرين وثلاثة من آكلي لحوم البشر على ضفة نهر، فكيف يَ ُعبر الجميع النهر من دون أن يتفوق آكلو لحوم البشر في العدد على املبشرين؟) ُ تلك املسألة صعبة حتى على البشر؛ (حاول حلها باستخدام البنسات!) كانت آلة النظرية املنطقية وآلة حل املسائل العامة أمثلةً أولية على الذكاء الاصطناعي ً التقليدي الجميل. وكلاهما له أهمية كبرية في الذكاء الاصطناعي اليوم (انظر الفصل الثاني). ُ لم يكن الذكاء الاصطناعي التقليدي الجميل هو النوع الوحيد املستلهم من الورقة البحثية التي تحمل اسم «حساب التفاضل والتكامل املنطقي». بدلا ُ من شبكات البوابات املنطقية امل َّصممة بعناية، كما رأى ً التنظيم الذاتي العصبي ناتجا عن موجات التنشيط الديناميكية؛ فإن القول بأن العمليات النفسية التي يمكن نمذجتها بآلة ٌّ النقاشات السفسطائية لا يعني أن الدماغ يعمل مثل تلك الآلة في الواقع. أشار كل من ماكولو وبيتس إلى ذلك من قبل. وبعد أربعة أعوام من نشر ورقتهما البحثية الرائدة، نشرا ورقة بحثية أخرى يقولان فيها إن الديناميكا الحرارية أقرب إلى عمل الدماغ من املنطق. والوحدات الفردية للوحدات الجماعية، رأوا هذا النهج الجديد على أنه «امتداد» لنهجهم السابق وليس مناقضا له. ولكنه كان أكثر واقعية من الناحية البيولوجية. السبرانية ِّ ذهب تأثري ماكولو في الذكاء الاصطناعي املبكر إلى ما هو أبعد من الذكاء الاصطناعي ً التقليدي الجميل والترابطية. َّركز اختصاصيُّو السبرانية على التنظيم الذاتي البيولوجي. وكذلك التنظيم الفسيولوجي (العصبي). حيث اعتمدت امللاحظات على أوجه الاختلاف في الأهداف؛ بمعنى أن املسافة الحالية عن الهدف كانت تُستخدم لتوجيه الخطوة التالية. أطلق نوربرت وينر (الذي صمم الصواريخ املضادة للصواريخ البالستية في أثناء ً الحرب) اسما على الحركة عام ، استُخدمت أوجه الاختلاف في الأهداف للتحكم في الصواريخ املوجهة ولتوجيه حل املسائل الرمزية. استخدم تورينج — بطل الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي — املعادلات الديناميكية (التي تصف الانتشار الكيميائي) لتحديد الأنظمة الذاتية التنظيم، ِ من الأعضاء الأوائل الآخرين في الحركة عال ُم النفس التجريبي كينيث كريك، وعالم ِ الرياضيات جون فون نيومان، والطبيب النفسي وعالم الأنثروبولوجيا جريجوري باتسون، وعالم الكيمياء وعالم النفس جوردن باسك. وقد أشار إلى الحوسبة التماثلية ملا فكر في الجهاز العصبي. ومفهوم النماذج العقلية — أو التمثيلات — ستكون عامل تأثري كبري في الذكاء الاصطناعي. وسرَّ كثريًا بأول ورقة بحثية كتبها ماكولو وبيتس. وإلى جانب تغيري تصميم جهازه الكمبيوتر الأساسي من التصميم العشري إلى التصميم الثنائي، فقد كيَّف أفكارهما لشرح التطور َّ والتكاثر البيولوجي. حتى إنه حدد وحدةَ نسخ عامة قادرة على نسخ أي شيء بما في ذلك نفسها. وقال إن الأخطاء في النسخ يمكن أن تؤدي إلى التطور. ولكن يمكن تجسيدها بعدة طرق مثل الروبوتات الذاتية التجميع، أو الانتشار الكيميائي لتورينج، ذلك الجهاز املثري للاهتمام يمكن أن ِّ يحافظ على حالة توازن تام، بغض ُ النظر عن القيم التي عينت في البداية ملعلماته البالغ عددها ١٠٠ معلمة (مما يُ ِّ تيح قرابة ٤٠٠ ألف حالة بدء مختلفة). سواء داخل الجسم (لا سيما الدماغ) وبني الجسم والبيئة الخارجية باستخدام طريقة التعلم عن طريق املحاولة والخطأ والسلوك التكيفي. وقد ُعرضت على عامة الجمهور في مهرجان بريطانيا عام . ١٩٥١ ا ِّ بعد ١٠ أعوام، ُّ تعلم برنامج الذكاء الاصطناعي التقليدي الجميل هذا التعرف على الأنماط عن طريق توافر العديد من «البرامج الخفية» ذات املستوى الأدنى، ولا يتوقَّف كل برنامج عن البحث ُ عن م ً دخل إدراكي بسيط تنتقل نتائجه إلى برامج خفية ذات مستوى أعلى. وهو ما يقلِّل من أهمية أي ميزات غري مناسبة. اختار البرنامج الخفي املهيمن أكثر نمط معقول بناءً على الأدلة املتاحة ٍّ ر هذا البحث في كل من الذكاء الاصطناعي (املتضاربة في كثري من الأحيان). التي اختريت في وقت سابق في الاجتماعات بشأن السبرانية. والتواصل بني الروبوتات املوسيقية، واملعمارية التي تعلَّمت وتكيَّ ُ فت مع أهداف مستخدميها واملفاهيم الذاتية التنظيم كيميائيٍّا، بُحثت كل أنواع الذكاء الاصطناعي الأساسية، ولكن ظل طيف ً تورينج حاضر ُ ا في وليمة الذكاء الاصطناعي. لم يكن الباقون يتذكرهم سوى قلة من مجتمع الباحثني. كاد يُنسى جراي وولتر وأشبي على وجه الخصوص حتى َ شيد بهما (مع تورينج) باعتبارهما أبوي الحياة ُ أواخر ثمانينيات القرن العشرين حني أ َّ الاصطناعية. كيف انقسم الذكاء الاصطناعي ُ قبل ستينيات القرن العشرين، (حتى إن دونالد ماكاي اقترح بناء أجهزة كمبيوتر هجينة تجمع بني الشبكات العصبية واملعالجة الرمزية). رأى الباحثون الذين يدرسون ُ التنظيم الذاتي الفسيولوجي أنفسهم أنهم م ِ نخرطون في املشروع الكلي نفسه مثل زملائهم ُّ أصحاب التوج ِّ ه النفسي. مثل الندوات العلمية املتعددة ُّ التخصصات التي كان يعقدها ماسي في الولايات املتحدة (وقد ترأسها ماكولو في الفترة من َّ ١٩٤٦ حتى ١٩٥١) ومؤتمر لندن الرائد بشأن «ميكنة عمليات التفكري» (الذي نظمه أتلي عام ١٩٥٨). وتحول املهتمون ب «العقل» إلى الحوسبة الرمزية. وبالطبع اهتم ِّ املتحم ٍّ سون للشبكات بكل من الدماغ والعقل. وليس املحتوى الدلالي أو التفكري املنطقي على وجه التحديد؛ ومن ثَم وقعوا ضمن مجال ُ السبرانية وليس الذكاء الاصطناعي الرمزي. ما كان هناك مناص من ظهور مجموعات اجتماعية مميزة. وكذلك اختلفت الأسئلة النظرية التي كانت تُطرح — سواء البيولوجية (ذات الأنواع املتفاوتة) والنفسية ً دخلت املهارات الفنية أيضا؛ وهي بوجه عام املقارنة ُ ً (ذات الأنواع املتفاوتة أيضا). ولذا أ 23 الذكاء الاصطناعي ُّ بني املعادلات املنطقية واملعادلات التفاضلية. لم يكن التقسيم بحاجة إلى أن يكون بهذا السوء. لأنهم كانوا يرون أنفسهم يكسبون منافسة َ الذكاء الاصطناعي. وعلى خلاف نظام بانديمونيوم، فهذا الشكل الجديد من الترابطية لا يمكن يحلِّ ُ أن يتجاهله فريق الرمزية. تلك النتيجة التي َّ قصدها املهاجمان عن عمد عمقَت العداء بني فرق الذكاء الاصطناعي. يبدو الآن أن الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي كان الخيار الوحيد املتاح حينذاك. كما أحدثت حول نظام َّ أدالاين الذي صممه برنارد ويدرو للتعلم بالأنماط (بناءً على معالجة الإشارات). ومن ثَم تصدر الذكاء الاصطناعي الرمزي قنوات الإعلام في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين (كما أثَّر في فلسفة العقل كذلك). ظهرت الشبكات العصبية على الساحة مرةً أخرى عام ١٩٨٦ َ (انظر الفصل الرابع)، كان معالج البيانات املبرمج هو السائد، وشاع أن الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي قد فشل. َ أخرى في املجال بما أسموه بالنسبة إلى بقية أنصار السبرانية، فقد انخرطوا مرةً الحياة الاصطناعية عام . ومن ثَم وقَع الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي في مأزق مرةً أخرى. أصبح واضح ُّ ا أن تنو ُّ ع الأسئلة يحتاج إلى تنوع الإجابات — فلكل مقام مقال. يُستخدم «التعلم العميق» في ُّ — وحتى التعاون — بني الن بعض الأحيان في الأنظمة القوية التي تجمع بني املنطق الرمزي والشبكات الاحتمالية ُهج املختلطة تتضمن نماذج طموحة من الوعي (انظر ُّ املتعددة الطبقات، ِّ بناءً على التنوع الثري للأجهزة الافتراضية التي تشكل العقل البشري،


Original text

ما الذكاء الاصطناعي؟ الهدف الأساسي من الذكاء الاصطناعي هو تمكني أجهزة الكمبيوتر من تنفيذ املهام التي يستطيع العقل تنفيذها. عادةً ما يُطلَق على بعض تلك املهام (مثل التفكري) صفة «الذكاء». وبعضها (مثل ٍ ق عليه ذلك الوصف. ولكن جميعها لا يخلو من مهارات ِّ نفسية تمكن الرؤية) لا يُطلَ ِّ الإنسان والحيوان من الوصول إلى أهدافهما، ومن تلك املهارات الإدراك الحسي، والربط بني الأفكار، والتنبؤ، والتخطيط، والتحكم الحركي. لا ينطوي الذكاء على بُ ِّ عد واحد، ولكنه مساحة غنية بالتنظيم، وتضم قدرات متنوعة ملعالجة املعلومات. ومن ثَم، يستخدم الذكاء الاصطناعي العديد من التقنيات املختلفة التي تنفِّذ العديد من املهام املختلفة. ِ أضف إلى ذلك أن الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان. توجد الاستخدامات العملية للذكاء الاصطناعي في املنازل، والسيارات (والسيارات بدون سائق)، واملكاتب، والبنوك، واملستشفيات، والفضاء ... وشبكة الإنترنت، بما في ذلك إنترنت الأشياء (الذي يربط املستشعرات املادية التي يتزايد استخدامها في الأجهزة وامللابس َرسل والبيئات). بعض تلك الاستخدامات يكون خارج الكوكب، مثل الروبوتات التي تُ إلى القمر واملريخ، أو الأقمار الصناعية التي تدور في الفضاء. أفلام الرسوم املتحركة في هوليوود، وألعاب الفيديو والكمبيوتر، وأنظمة امللاحة عبر الأقمار الصناعية، ومحركات ً بحث «جوجل»، جميعها تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن ذلك أيضا الأنظمة ِ التي يستخدمها املستثمرون للتنبؤ بتحركات البورصة والأنظمة التي تستخدمها الحكومات الوطنية للإسهام في توجيه القرارات املتعلِّقة بشأن الصحة والنقل واملواصلات. ومن ذلك ً أيض ِ ا التطبيقات على الهواتف املحمولة. أضف إلى ذلك الصور الرمزية في الواقع الافتراضي الذكاء الاصطناعي َّطور في الروبوتات «املرافقة». حتى املعارض الفنية والنماذج التجريبية للعاطفة التي تُ تستخدم الذكاء الاصطناعي على مواقعها الإلكترونية، وحتى في معارضالفنون الحاسوبية. لحسن الحظ أن الطائرات العسكرية التي بدون طيار تجول في ساحات القتال اليوم، ً ولحسن الحظ أكثر أن كاسحات الألغام الروبوتية أيضا تفعل ذلك. ثَمة هدفان أساسيان للذكاء الاصطناعي. الهدف الأول «تكنولوجي»؛ استخدام أجهزة ِّ الكمبيوتر لإنجاز مهام مفيدة (وتوظ ُ ف في بعض الأحيان طرقًا غري التي يستخدمها العقل ً تماما). الهدف الثاني «علمي»؛ استخدام مفاهيم الذكاء الاصطناعي ونماذجه للمساعدة ِّ في الإجابة عن أسئلة تتعلق بالإنسان وغريه من الكائنات الحية. لا يركز معظم العاملني في ِّ الذكاء الاصطناعي إلا على هدف من هذين الهدفني، ولكن بعضهم يركز على كليهما. ً ر الذكاء الاصطناعي عددا لا يُ ِ حصى من الأدوات التكنولوجية، أضف إلى ذلك تأثريه يوفِّ العميق في علوم الحياة. َّ وعلى وجه التحديد، مكن الذكاء الاصطناعي علماء النفس وعلماء الأعصاب من وضع نظريات راسخة عن العقل والدماغ. تتضمن تلك النظريات نماذج عن «آلية عمل دماغ ً الإنسان»، وسؤالا َ آخر لا يقل أهمية وهو: «ما الذي يفعله الدماغ؟» ما الأسئلة الحاسوبية (السيكولوجية) التي يجيب عنها؟ وما أنواع معالجة املعلومات التي تُ ِّمكنه من فعل ذلك؟ َمنا الذكاء الاصطناعي نفسه أن عقولنا هناك العديد من الأسئلة التي لم يُ َجب عنها، وقد علَّ َّ أغنى مما تصوره علماء النفس من قبل. ِّ كذلك استخدم علماء الأحياء الذكاءَ الاصطناعي في صورة «حياة اصطناعية» تطور نماذج حاسوبية لجوانب مختلفة لدى الكائنات الحية. وهذا يساعدهم في شرح الأنواع ُّ املختلفة من سلوك الحيوان، ونمو الجسم، والتطور الأحيائي، وطبيعة الحياة نفسها. ِّ ر الذكاء الاصطناعي في الفلسفة. يؤسس العديد بالإضافة إلى التأثري في علوم الحياة، أثَّ من الفلاسفة اليوم أفكارهم على مفاهيم الذكاء الاصطناعي. على سبيل املثال، يستخدم ِ الفلاسفة تلك املفاهيم لحل املعضلة الشهرية بني العقل والجسم، ولغز الإرادة الحرة، ٍّ قة بالوعي. لكن هذه الأفكار الفلسفية جدلية إلى حد كبري. ويدور والعديد من الألغاز املتعلِّ ً خلاف كبري بشأن ما إذا كان هناك أي نظام للذكاء الاصطناعي يمتلك شكلا حقيقيٍّا من الذكاء أو الإبداع أو الحياة. وأخريً ِ ا وليس آخًر َّ ا، تحد ِّ ى الذكاء الاصطناعي الطرق التي نفكر بها بشأن الإنسانية ٍّ ا أم لا؛ لأنهم ومستقبلها. في الحقيقة، يخشى البعض ولا يدري هل املستقبل لنا حق 12 ما الذكاء الاصطناعي؟ ُّ يستشرفون تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في شتى املجالات. وعلى الرغم من ترحيب بعض املفكرين بهذا املستقبل فإن الغالبية تخشاه؛ إذ يتساءلون: ماذا سيبقى لكرامة الإنسان ومسئوليته؟ سنتناول كل تلك املسائل في الفصول الآتية. الأجهزة الافتراضية قد يقول أحدهم: «الحديث عن الذكاء الاصطناعي يعني الحديث عن أجهزة الكمبيوتر.» الإجابة لها وجهان. ولكن أجهزة الكمبيوتر ليست محور املوضوع. بل إنها أدوات تُستخدم في هذا الشأن. بعبارة أخرى، على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى أجهزة «مادية» (مثل أجهزة الكمبيوتر)، فالأحرى أن تنصرف أذهاننا إلى ما يُ ِّسميه علماء الكمبيوتر «الأجهزة الافتراضية». ً الجهاز الافتراضي ليس جهاز ً ا مصور ِّ ا في الواقع الافتراضي، وليس كتقليد محرك ُ السيارة امل َ ستخدم في تدريب امليكانيكيني. بل هو «نظام ملعالجة املعلومات» يتصوره ُ امل ِبرم ً ج في عقله عندما يكتب برنامجا، ويتصوره الناس في عقولهم عندما يستخدمونه. َّ على سبيل املثال، فك ِّ ر املصم ُ م في تطوير م ِعال َّ ج كلمات وجربَ َّ ه املستخدمون ممن ِّ لهم تعامل مباشر مع الكلمات والفقرات. ولكن البرنامج نفسه ليس من مكوناته الفكرة أو التجربة. يُعتقد كذلك أن الشبكة العصبية (انظر الفصل الرابع) تعالج املعلومات ب «التوازي»، على الرغم من أنه عادةً ما تُنفَّذ باستخدام جهاز كمبيوتر (تسلسلي) بهيكلة فون نيومان. هذا لا يعني أن الجهاز الافتراضي مجرد قصة نرويها أو مجرد ضرب من الخيال. الأجهزة الافتراضية حقائق واقعية. بإمكان تلك الأجهزة تنفيذ مهمات، سواء داخل النظام ُ أو في العالم الخارجي (إذا ربطت بأجهزة مادية مثل الكامريا أو أيدي الروبوت). يحاول َ العاملون في مجال الذكاء الاصطناعي أن يكتشفوا م َكمن الخطأ عندما يفعل البرنامج ً ع، ونادرا ما يأخذون في الاعتبار أعطال مكونات الأجهزة. وعادةً ما يهتمون شيئًا غري متوقَّ بالأحداث والتفاعلات السببية في الجهاز الافتراضي أو البرنامج. َترجم تعليماتها إلى تعليمات لغات البرمجة كذلك عبارة عن أجهزة افتراضية (حيث تُ برمجية للجهاز قبل تشغيلها). تُعرف بعض لغات البرمجة بأنها لغات منخفضة املستوى؛ ومن ثَم تلزم الترجمة على عدة مستويات. 13 الذكاء الاصطناعي َّ لا يقتصر الأمر على لغات البرمجة وحدها. تتكون الأجهزة الافتراضية بوجه عام من أنماط أنشطة (معالجة املعلومات) ذات عدة مستويات. إضافة إلى ذلك، ليست الأجهزة الافتراضية وحدها هي التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر. سنرى في الفصل السادس أنه ُ يمكن فهم «العقل البشري» وكأنه جهاز ظاهري م َّركب في الدماغ، أو بالأحرى مجموعة من َّ الأجهزة الافتراضية التي تتبادل التفاعل وتعمل بالتوازي بعضها مع بعض (وقد تطوَرت َمت في أوقات مختلفة). أو تعلَّ ُّ التقد ُّ م في الذكاء الاصطناعي يتطلب التقدم في تحديد الأجهزة الافتراضية املهمة/املفيدة. كلما زادت قوة أجهزة الكمبيوتر ماديٍّا (من حيث الحجم أو السرعة)، ُ كان ذلك أفضل. وربما تكون القوة ضرورية لأنواع معيَّنة من الأجهزة الافتراضية املراد تنفيذها. ولكن لا يمكن استخدام أجهزة الكمبيوتر إلا إذا أمكن تشغيل الأجهزة الافتراضية ُّ القوية في معالجة املعلومات. (وباملثل، التقد ً م في علم الأعصاب يتطلب فهما أفضل للأجهزة الافتراضية النفسية التي تُنفِّذها الخلايا العصبية املادية؛ انظر الفصل السابع). تُستخدم أنواع مختلفة من معلومات العالم الخارجي. فكل نظام يعمل بالذكاء ُ الاصطناعي يحتاج إلى أجهزة م َدخ ُ لات وم َخرجات، حتى ولو لوحة مفاتيح وشاشة. وفي كثري من الأحيان، توجد مستشعرات تُستخدم لأغراض خاصة (ربما كامريات أو شعريات حساسة للضغط) و/أو أجهزة استجابة (ربما معدات تركيب الصوت للموسيقى أو الكلام، أو أذرع الروبوت). يتصل برنامج الذكاء الاصطناعي بأجهزة الكمبيوتر تلك، ويُحدث تغيريات في الواجهات العاملية، وكذلك يعالج املعلومات داخليٍّا. عادةً ما تتضمن معالجة الذكاء الاصطناعي أجهزة مدخلات ومخرجات «داخلية»، ِّ بحيث تمكن الأجهزة الافتراضية املتنوعة داخل النظام بأكمله من التفاعل بعضها مع ً بعض. على سبيل املثال، ربما يكتشف جزء في برنامج الشطرنج تهديد ً ا محتملا برصد َ شيء يحدث في جزء آخ ٍ ر، وربما يربطه عندئذ بجزء ثالث بحثًا عن حركة حظر. أنواع الذكاء الاصطناعي الأساسية َ تعتمد طريقة معالجة املعلومات على الجهاز الافتراضي املستخدم. وكما سنرى في الفصول اللاحقة، يوجد خمسة أنواع أساسية، وكل نوع يضم العديد من التباينات. النوع الأول هو الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي — أو الرمزي — ويُطلَق عليه في بعض الأحيان الذكاء َ الاصطناعي التقليدي الجميل. يوجد نوع آخر، وهو الشبكات العصبية الاصطناعية أو 14 ما الذكاء الاصطناعي؟ الترابطية. إضافةً إلى ذلك، يوجد نوع من البرمجة التطورية، وهو الأتمتة الخلوية، والأنظمة الديناميكية. غالبًا ما يستخدم فُرادى الباحثني طريقةً واحدة، ولكن هذا لا ينفي استخدام أجهزة افتراضية «مختلطة». على سبيل املثال، ورد في الفصل الرابع نظرية الفعل البشري الذي لا يتوقف عن التبديل بني املعالجة الرمزية والاتصالية. (تشرح تلك النظرية ملاذا وكيف ُ ينصرف الشخص عن متابعة مهمة م َّخطط لها عندما يلاحظ شيئًا في البيئة لا علاقة له ِّ باملهمة). كذلك ورد في الفصل الخامس جهاز حسي حركي يجمع بني برمجة الروبوتات «املوضعية» والشبكات العصبية والبرمجة التطورية. (يساعد هذا الجهاز الروبوت على َّ إيجاد طريقه إلى «املنزل» باستخدام مثلث من الورق املقوى باعتباره علامةً بارزة). ُهج، فإنها يمكن أن تنري العقل والسلوك ُّ بالإضافة إلى الاستخدامات العملية لتلك الن والحياة. الشبكات العصبية مفيدة في نمذجة الجوانب العقلية، وفي التعرف على النمط ُّمه. يمكن للذكاء الاصطناعي الكلاسيكي (لا سيما عند دمجه مع الإحصاءات) أن يضع وتعل م، وكذلك يمكنه التخطيط والتفكري املنطقي. تُلقي البرمجة التطورية الضوء ُّ ً نموذجا للتعل على التطور الأحيائي ونمو الدماغ. يمكن استخدام الأتمتة الخلوية والأنظمة الديناميكية في إنشاء نماذج التطور لدى الكائنات الحية. بعض املناهج أقرب إلى علم الأحياء من علم النفس، وبعضها أقرب إلى السلوك التأملي من التفكري التشاوري. لفهم النطاق الكامل للعقل، فسيلزم توافر كل تلك الأنواع وربما أكثر. لا يهتم كثري من الباحثني في الذكاء الاصطناعي بطريقة عمل العقل؛ حيث إنهم يسعون خلف الكفاءة التكنولوجية وليس الفهم العلمي. حتى وإن كانت أساليب العقل ِّ متأصلة في علم النفس، فإنه لا توجد علاقة وثيقة به الآن. لكننا سنرى أن التقدم في الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة (الذكاء الاصطناعي العام) يحتاج إلى فهم البنية الحاسوبية ً للعقل فهما عميقً ا. التنبؤ بالذكاء الاصطناعي تنبَّأت السيدة آدا لافليس بالذكاء الاصطناعي، تنبَّأت به السيدة في أربعينيات القرن التاسع عشر. وملزيد من الدقة، فقد تنبَّ َّ أت بشق من الذكاء الاصطناعي. ركزت السيدة آدا لافليس على الرموز واملنطق، ولم يكن لديها أدنى فكرة بشأن الشبكات العصبية أو 15 الذكاء الاصطناعي ُّ الذكاء الاصطناعي التطو ُ ري أو الديناميكي. كذلك لم يك ُّ ن لديها أي ميول تجاه الهدف َّ النفسي من الذكاء الاصطناعي، بل انصب كل اهتمامها على الجانب التكنولوجي. قالت — على سبيل املثال — إن الآلة بإمكانها أن «تؤلِّف مقطوعات موسيقية دقيقة ِّ وعلمية مهما كان تعقيدها أو طالت مدتها»، ويمكن أن تعبر ً أيضا عن «الحقائق العظيمة للعالم الطبيعي»، وهو ما يُ ِّمكن «لحقبة مجيدة في تاريخ العلوم». (لذا ما كانت لتتفاجأ حني ِ ترى العلماء بعد قرنني يستخدمون «البيانات الضخمة» وحيًَلا ُ برمجية م َ بتك ً رة خصوصا للتقدم في علم الوراثة والصيدلة وعلم الأوبئة وغريها ... والقائمة لا تنتهي). ِّ الآلة التي كانت في بالها هي املحر ُ ك التحليلي. إنه جهاز م َّكون من تروس وعجلات َّ نة (ولم يكتمل بناؤه قط) من تصميم صديقها املقرب تشارلز باباج عام .١٨٣٤ وعلى ُمسنَّ ُ الرغم من أن الجهاز كان م َّخص ًص ً ا للجبر والأعداد، فإنه كان معادلا في الأساس لجهاز كمبيوتر رقمي يُستخدم في الأغراض العامة. ِّ أدركت آدا لافليس احتمالية تعميم املحرك وقُدرته على معالجة الرموز التي تمثِّل «كل ما في الكون». كذلك وصفت العديد من أساسيات البرمجة الحديثة؛ البرامج املخزنة والإجراءات الفرعية ذات التداخل الهرمي والعنونة والبرمجة الدقيقة والتكرار الحلقي ُ والج ً مل الشرطية والتعليقات، بل الأخطاء أيض ُ ا. لكنها لم تذكر شيئًا عن كيفية تنفيذ مقطوعة موسيقية، أو تفكري علمي على آلة باباج. نعم كان الذكاء الاصطناعي ممكنًا، ً ولكن طريقة تحقيقه كانت لا تزال لغزا. كيف بدأ الذكاء الاصطناعي َّ تكش َف اللغز بعد قرن على يد ألان تورينج. في عام ،١٩٣٦ أوضح تورينج أن كل عملية حسابية يمكن تنفيذها من حيث املبدأ باستخدام نظام رياضي يُ َّسمى الآن آلة تورينج العاملية. هذا النظام التخيُّ ِّ لي يبني ويعدل مجموعات من الرموز الثنائية — التي تُمثَّل بالرقمني «٠» و«١». بعد فك الشفرة في بلتشلي بارك في أثناء الحرب العاملية الثانية، قضى ِّ ى من أربعينيات القرن العشرين يفكر بشأن كيفية تقريب آلة تورينج التجريدية ما تبقَّ باستخدام آلة مادية، وكيفية حث تلك الآلة الغريبة للعمل بذكاء (وقد ساعد في تصميم أول جهاز كمبيوتر حديث، واكتمل بمانشستر عام ١٩٤٨). 16 ما الذكاء الاصطناعي؟ َ ل تورينج هدفي الذكاء الاصطناعي. أراد أن تنفِّذ الآلات ِ وعلى خلاف آدا لافليس، قب الجديدة أشياء مفيدة يُقال عادةً إنها تتطلب الذكاء (ربما استخدام تقنيات غري طبيعية بدرجة كبرية)، وكذلك تضع نماذج للعمليات التي تحدث في العقل البيولوجي. ً نشر ورقة بحثية عام ،١٩٥٠ وقال فيها مازحا: إن اختبار تورينج (انظر الفصل السادس) كان في املقام الأول بيانً ُ ا عن الذكاء الاصطناعي. (كتب الإصدار الأكمل بعد الحرب ُ بفترة وجيزة، ولكن م َّ نع نشره بموجب قانون الأسرار الرسمية). لقد حدد الأسئلة الأساسية عن معالجة املعلومات الداخلة في الذكاء (ممارسة الألعاب والإدراك واللغة والتعلم)، وهو ُ ما أعطى تلميحات م ِّحرية بشأن ما تحقَّق بالفعل. («تلميحات» فقط لأن العمل في بلتشلي بارك كان لا يزال سريٍّا للغاية). اقترحت الورقة مناهج حوسبة — مثل الشبكات العصبية والحوسبة التطورية — ولم تبرز إلا بعد وقت طويل. لكن لم يكن اللغز قد انقشع بعد. ٍّ كانت تلك ملاحظات عامة إلى حد كبري؛ ملاحظات برمجية، وليست برامج. َّ تعزز اقتناع تورينج بأن الذكاء الاصطناعي لا بد أن يكون ممكنًا بطريقة أو بأخرى في أوائل أربعينيات القرن العشرين على يد عالم الأعصاب/الطبيب النفسي وارن ماكولو وعالم الرياضيات وولتر بيتس. وفي ورقة بحثية بعنوان «حساب التفاضل والتكامل املنطقي َّ للأفكار الكامنة في النشاط العصبي»، وح َ دا عمل تورينج مع عنصرين آخرين مثريين للاهتمام (ويعود كلاهما إلى أوائل القرن العشرين)، وهما: منطق القضايا لبرتراند راسل، ونظرية التشابكات العصبية لتشارلز شرينجتون. َّسمى الفكرة الأساسية في منطق القضايا هي الثنائية. وفيه يُفترض أن كل جملة (وتُ ً أيض ً ا «افتراض َّ ا») إما صحيحة وإما خطأ. لا يوجد طريق وسط، ولا يُعترف بالشك أو الاحتمال. ولا يُ َّ سمح بأكثر من قيمتني من «قيم الحقيقة»، بمعنى أن تكون إما صحيحة . ً وإما خطأ إضافة إلى ذلك، تُ ُ صاغ الافتراضات املعقَّدة، وتُنفَّذ الحجج الاستنتاجية باستخدام َّ املعاملات املنطقية (مثل «و» و«أو» و«الجمل الشرطية») حيث يتحدد معناها من حيث ُ صواب/خطأ املقترحات املصوغة. على سبيل املثال، إذا ربط افتراضان (أو أكثر) بحرف العطف «و»، فسيُفترَض أن كلا املقترحني صحيحان. إذَن، جملة «ماري زوجة توم وفلوسي زوجة بيتر» صحيحة إذا — فقط إذا — كانت عبارة «ماري زوجة توم» وعبارة «فلوسي زوجة بيتر» صحيحتني. يمكن الجمع بني راسل وشرينجتون إلى جانب ماكولو وبيتس؛ لأن كلا الفريقني َوص ُ ف أنظمة ثنائية. خ ِّططت قيم «صح/خطأ» في املنطق إلى نشاط «تشغيل/إيقاف» في 17 الذكاء الاصطناعي خلايا الدماغ، وإلى «٠ / ١» في الحالات الفردية في آلة تورينج. كان شرينجتون يعتقد أن ً الخلايا العصبية ليست صارمة بشأن التشغيل/الإيقاف فحسب، ولكن لها حدودا دنيا ُ م عرفت البوابات املنطقية (حوسبة «و» و«أو» و«ليس») بأنها شبكات ً ثابتة أيضا. ومن ثَ ِ عصبية يمكن أن تكون مترابطة للتعبري عن مقترحات بالغة التعقيد. أي شيء يمكن ذكره بمنطق القضايا يمكن حوسبته بشبكة عصبية وبآلة تورينج. ُ باختصار، جِمع علم وظائف الأعصاب واملنطق والحوسبة بعضهم مع بعض، ثم ُضيف إليها علم النفس. اعتقد ماكولو وبيتس (كما اعتقد العديد من الفلاسفة حينذاك) أ أن اللغة الطبيعية أساسها املنطق من حيث الجوهر. لذا كل نتاجهم من التفكري والآراء ُ من الح ً جة العلمية وحتى الأوهام الفصامية — كان نتاجا ملطحنة نظرياتهم. — بدايةً وبالنسبة إلى علم النفس بأكمله، فقد توقَّعوا وقتًا «ستُساهم فيه مواصفات الشبكة [العصبية] في كل ما يمكن تحقيقه في هذا املجال». ً كان املعنى الضمني الأساسي واضحا، وهو «إمكانية تطبيق املنهج النظري نفسه — أي حوسبة تورينج — على الذكاء البشري وذكاء الآلة». ِ بالطبع اتفق تورينج مع ذلك. لكنه لم يستطع التقدم أكثر بالذكاء الاصطناعي؛ فالتكنولوجيا املتاحة حينذاك كانت بدائية للغاية. لكن في أواسط خمسينيات القرن العشرين، ابتُكرت أجهزة أقوى وأسهل في الاستخدام. املقصود ب «أسهل في الاستخدام» هنا الأسهل في تحديد أجهزة افتراضية جديدة (مثل لغات البرمجة) يمكن استخدامها بسهولة ً أكبر على الأجهزة الافتراضية الأعلى مستوى (مثل البرامج التي تحل املسائل الرياضية أو تضطلع بالتخطيط). بدأت أبحاث الذكاء الاصطناعي الرمزي — إذ بُ ٍّ نيت على بيان تورينج إلى حد كبري — ٍّ في كل من أوروبا وأمريكا. ومن العلامات البارزة في أواخر خمسينيات القرن العشرين لاعب الداما الذي ابتكره آرثر صمويل وتصدرت عناوين الصحف، أن اللاعب تعلَّم حتى إلحاق الهزيمة بصمويل نفسه. كانت تلك أمارة على أن أجهزة الكمبيوتر يمكن أن تكتسب ً ا يوم ُ ا ما، وتتفوق على قدرات م ِبرمجيها. ذكاءً بشريٍّا فائقً ِ ظهرت أمارة أخرى في أواخر خمسينيات القرن العشرين حينما لم تكتف «آلة النظريات املنطقية» أن تثبت ١٨ نظرية من نظريات راسل املنطقية الأساسية فحسب، بل ا. وإن كان صمويل ٍّ ُ ت إلى دليل م َعتبر ً على إحدى تلك النظريات. كان هذا رائعا حق َّ توصلَ ُ م في علم املنطق. (سر راسل ُ لاعب داما متوسط املستوى، فإن راسل كان من ر َّواد العالَ 18 ما الذكاء الاصطناعي؟ نفسه بهذا الإنجاز، ولكن رفضت مجلة «جورنال أوف سيمبوليك لوجيك» أن تنشر ورقة ٍّ بحثية بها برنامج كمبيوتر مسمى على اسم املؤلف، لا سيما أنه لم يبرهن على نظرية جديدة). َّ سرعان ما تفوقَت آلة حل املسائل العامة على آلة النظرية املنطقية، والتفوق هنا لا يعني أن آلة حل املسائل العامة يمكن أن تتفوق على أصحاب الذكاء الحاد، ولكن تعني أنها ليست محصورة في مجال واحد. وحسب دلالة الاسم، يمكن تطبيق آلة حل املسائل العامة ُ على أي مسألة يمكن تمثيلها (كما هو م َّوضح في الفصل الثاني) من حيث الأهداف الرئيسية ُ والأهداف الفرعية والإجراءات واملشغلون. وِكل إلى املبرمجني تحديد الأهداف والإجراءات َّ واملعاملات ذات الصلة بأي مجال بعينه. ولكن بمجرد إنجاز تلك املرحلة، فإنه يمكن ترك «التفكري املنطقي» للبرنامج. َّ على سبيل املثال، تمكنَت آلة حل املسائل العامة من حل مسألة «املبشرين وآكلي لحوم البشر». (ثلاثة مبشرين وثلاثة من آكلي لحوم البشر على ضفة نهر، والزورق يسع فردين، فكيف يَ ُعبر الجميع النهر من دون أن يتفوق آكلو لحوم البشر في العدد على املبشرين؟) ُ تلك املسألة صعبة حتى على البشر؛ لأنها تتطلب عودة أحدهم كي يعبر ِ النهر. (حاول حلها باستخدام البنسات!) كانت آلة النظرية املنطقية وآلة حل املسائل العامة أمثلةً أولية على الذكاء الاصطناعي ً التقليدي الجميل. لا شك أن الزمن عفا عليهما الآن. ولكن كانت الآلتان «جيدتني» أيضا؛ َّ حيث إنهما تصدرا استخدام الاستدلال والتخطيط، وكلاهما له أهمية كبرية في الذكاء الاصطناعي اليوم (انظر الفصل الثاني). ُ لم يكن الذكاء الاصطناعي التقليدي الجميل هو النوع الوحيد املستلهم من الورقة البحثية التي تحمل اسم «حساب التفاضل والتكامل املنطقي». كانت هذه الورقة البحثية ً بمثابة تشجيع ملبدأ الترابطية أيضا. في خمسينيات القرن العشرين، استُخدمت شبكات ُ الخلايا العصبية املنطقية ماكولو-بيتس، سواء امل َّصممة حسب الغرض أو املحاكاة على أجهزة كمبيوتر رقمية (مثل ألبرت أتلي) لوضع نموذج التعليم الترابطي وردود الأفعال ُ املكيَّفة. (وعلى خلاف الشبكات العصبية اليوم، فتلك الشبكات كانت تُجري عمليات املعالجة َّ املحلية دون املوزعة؛ انظر الفصل الرابع). ولكن النماذج الأولى للشبكة لم يُهيمن عليها منطق الخلية العصبية. فالأنظمة التي نفَّذها ريموند بريل في أواسط خمسينيات القرن العشرين (في أجهزة الكمبيوتر التماثلية) 19 الذكاء الاصطناعي ً ا. بدلا ُ من شبكات البوابات املنطقية امل َّصممة بعناية، بدأ من املجموعات كانت مختلفة كثريً املرتبة الثنائية الأبعاد للوحدات املتصلة عشوائيٍّا وذات الحدود الدنيا املتفاوتة. كما رأى ً التنظيم الذاتي العصبي ناتجا عن موجات التنشيط الديناميكية؛ البناء والنشر والاستمرار والانتهاء، وأحيانًا التفاعل. بناءً على ما أدركه بريل، فإن القول بأن العمليات النفسية التي يمكن نمذجتها بآلة ٌّ النقاشات السفسطائية لا يعني أن الدماغ يعمل مثل تلك الآلة في الواقع. أشار كل من ماكولو وبيتس إلى ذلك من قبل. وبعد أربعة أعوام من نشر ورقتهما البحثية الرائدة، نشرا ورقة بحثية أخرى يقولان فيها إن الديناميكا الحرارية أقرب إلى عمل الدماغ من املنطق. أفسح املنطق الطريق للإحصاء، والوحدات الفردية للوحدات الجماعية، والصفاء الحتمي للتشويش الاحتمالي. َّ بعبارة أخرى، تحد َّ ثوا عما يُطلَق عليه الآن الحوسبة املوزعة التي تحتمل الخطأ (انظر ً الفصل الرابع). رأوا هذا النهج الجديد على أنه «امتداد» لنهجهم السابق وليس مناقضا له. ولكنه كان أكثر واقعية من الناحية البيولوجية. السبرانية ِّ ذهب تأثري ماكولو في الذكاء الاصطناعي املبكر إلى ما هو أبعد من الذكاء الاصطناعي ً التقليدي الجميل والترابطية. جعلته معرفته بعلم الأعصاب وكذلك املنطق رائد ُ ا م ً لهما في بناء حركة علم السبرانية في أربعينيات القرن العشرين. َّركز اختصاصيُّو السبرانية على التنظيم الذاتي البيولوجي. وهذا يشمل عدة أنواع من التكيُّف والتمثيل الغذائي، ومنها التفكري املستقل والسلوك الحركي، وكذلك التنظيم الفسيولوجي (العصبي). تمحور مفهوم تلك الأنواع حول مبدأ «التعليل الدائري» أو امللاحظات. وكان الشاغل الرئيسي هو علم الغائية أو تحديد الأهداف. كانت تلك الأفكار وثيقة الصلة بعضها ببعض، حيث اعتمدت امللاحظات على أوجه الاختلاف في الأهداف؛ بمعنى أن املسافة الحالية عن الهدف كانت تُستخدم لتوجيه الخطوة التالية. أطلق نوربرت وينر (الذي صمم الصواريخ املضادة للصواريخ البالستية في أثناء ً الحرب) اسما على الحركة عام ،١٩٤٨ وعرفها بأنها «دراسة التحكم والاتصال لدى الحيوان والآلة». غالبًا ما استوحى اختصاصيُّو السبرانية الذين أنشئوا نماذج لأجهزة الكمبيوتر الإلهام من هندسة التحكم وأجهزة الكمبيوتر التماثلية دون املنطق أو الحوسبة 20 ما الذكاء الاصطناعي؟ ُ الرقمية. ولكن لم يك ً ن الفرق واضحا تمام الوضوح. على سبيل املثال، استُخدمت أوجه الاختلاف في الأهداف للتحكم في الصواريخ املوجهة ولتوجيه حل املسائل الرمزية. إضافةً إلى ذلك، استخدم تورينج — بطل الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي — املعادلات الديناميكية (التي تصف الانتشار الكيميائي) لتحديد الأنظمة الذاتية التنظيم، التي يمكن أن تظهر فيها بنية جديدة مثل البقع أو التجزئة من أصل متجانس (انظر الفصل الخامس). ِ من الأعضاء الأوائل الآخرين في الحركة عال ُم النفس التجريبي كينيث كريك، وعالم ِ الرياضيات جون فون نيومان، وعالما الأعصاب ويليان جراي وولتر وويليام روس أشبي، واملهندس أوليفر سيلفريدج، والطبيب النفسي وعالم الأنثروبولوجيا جريجوري باتسون، وعالم الكيمياء وعالم النفس جوردن باسك. ً وفي كريك في حادث ركوب دراجة (عن عمر ٣١ عاما) عام ١٩٤٣ قبل اختراع أجهزة تُ َّ الكمبيوتر الرقمية، وقد أشار إلى الحوسبة التماثلية ملا فكر في الجهاز العصبي. وبوجه عام، وصف الإدراك والفعل الحركي والذكاء بأنها ملاحظات من «نماذج» في الدماغ. ومفهوم النماذج العقلية — أو التمثيلات — ستكون عامل تأثري كبري في الذكاء الاصطناعي. ُ وقع فون نيومان في حرية بشأن التنظيم الذاتي في ثلاثينيات القرن العشرين، وسرَّ كثريًا بأول ورقة بحثية كتبها ماكولو وبيتس. وإلى جانب تغيري تصميم جهازه الكمبيوتر الأساسي من التصميم العشري إلى التصميم الثنائي، فقد كيَّف أفكارهما لشرح التطور َّ والتكاثر البيولوجي. حدد بعض أنظمة الأتمتة الخلوية، وهي أنظمة تتألف من عدة وحدات حاسوبية، وتغيريات تلك الوحدات تتبع قواعد بسيطة تعتمد على الحالة الحالية َّ للوحدات املجاورة. وبعض تلك الوحدات يمكن أن تنسخ وحدات أخرى. حتى إنه حدد وحدةَ نسخ عامة قادرة على نسخ أي شيء بما في ذلك نفسها. وقال إن الأخطاء في النسخ يمكن أن تؤدي إلى التطور. َّ الأتمتة الخلوية حددها فون نيومان بمصطلحات معلوماتية مجردة. ولكن يمكن تجسيدها بعدة طرق مثل الروبوتات الذاتية التجميع، أو الانتشار الكيميائي لتورينج، أو ً املوجات الفيزيائية لبريل، أو الحمض النووي الذي سرعان ما أصبح واضحا. َّ من أواخر أربعينيات القرن العشرين، طور أشبي جهاز هوميوستات، وهو وبدايةً نموذج كهروكيميائي لآلية الاستتباب الفسيولوجية. ذلك الجهاز املثري للاهتمام يمكن أن ِّ يحافظ على حالة توازن تام، بغض ُ النظر عن القيم التي عينت في البداية ملعلماته البالغ عددها ١٠٠ معلمة (مما يُ ِّ تيح قرابة ٤٠٠ ألف حالة بدء مختلفة). إنه يوضح نظرية أشبي 21 الذكاء الاصطناعي في التكيف الديناميكي، سواء داخل الجسم (لا سيما الدماغ) وبني الجسم والبيئة الخارجية باستخدام طريقة التعلم عن طريق املحاولة والخطأ والسلوك التكيفي. ً كان جراي وولتر أيض ً ا يدرس السلوك التكيفي، ولكن بطريقة مختلفة تماما. لقد بنى روبوتات صغرية تشبه السلاحف، وقد حذت داراتها الحسية الحركية حذو نظرية شرينجتون عن ردود الفعل العصبية. أظهرت تلك الروبوتات الرائدة سلوكيات واقعية مثل البحث عن الضوء وتجنب العقبات والتعليم الترابطي عبر ردود الفعل املتكيِّفة. وقد ُعرضت على عامة الجمهور في مهرجان بريطانيا عام .١٩٥١ ا ِّ بعد ١٠ أعوام، استخدم سلفريدج (حفيد مؤسس متجر لندن املتعدد الأقسام) طرقً رمزية لتنفيذ نظام معالجة متوازية في الأساس، ويُسمى بانديمونيوم. ُّ تعلم برنامج الذكاء الاصطناعي التقليدي الجميل هذا التعرف على الأنماط عن طريق توافر العديد من «البرامج الخفية» ذات املستوى الأدنى، ولا يتوقَّف كل برنامج عن البحث ُ عن م ً دخل إدراكي بسيط تنتقل نتائجه إلى برامج خفية ذات مستوى أعلى. وازنت تلك البرامج بني امليزات التي تم التعرف عليها بهدف تحقيق الاتساق (مثل وجود شريطني أفقيني فقط في حرف F(، وهو ما يقلِّل من أهمية أي ميزات غري مناسبة. قد تتفاوت مستويات الثقة، وهذه مسألة مهمة؛ فالبرامج الخفية ذات النشاط الأعلى لها أكبر تأثري. ِ وفي النهاية، اختار البرنامج الخفي املهيمن أكثر نمط معقول بناءً على الأدلة املتاحة ٍّ ر هذا البحث في كل من الذكاء الاصطناعي (املتضاربة في كثري من الأحيان). وسرعان ما أثَّ الترابطي والرمزي. (ومن أحدث الفروع نموذج تعلم وكيل التوزيع الذكي LIDA الخاص بالوعي؛ انظر الفصل السادس). لم يهتم باتسون بالآلات كثريً َّ ا، ولكنه أسس نظرياته في ستينيات القرن العشرين عن ِ الثقافة ومعاقرة الخمر والفصام املزدوج الاتصال على الأفكار املتعلِّقة بالتواصل (مثل التغذية الراجعة)، التي اختريت في وقت سابق في الاجتماعات بشأن السبرانية. ومنذ أواسط خمسينيات القرن العشرين، استخدم باسك — الذي وصفه ماكولو بأنه «عبقرية الأنظمة َّ الذاتية التنظيم» — الأفكار السبرانية والرمزية في العديد من املشروعات املختلفة. تضمنت تلك الأفكار املسرح التفاعلي، والتواصل بني الروبوتات املوسيقية، واملعمارية التي تعلَّمت وتكيَّ ُ فت مع أهداف مستخدميها واملفاهيم الذاتية التنظيم كيميائيٍّا، وتعلم الآلة. تعلُّم الآلة ُ ا مختلفة عبر تمثيل معرفي معقَّد؛ ومن ثَم كانت مناسبة َّمكن الناس من أن يسلكوا طرقً ٍّ لكل من الأنماط الإدراكية التدرجية والشاملة (وتفاوت السماح بدرجات انعدام الصلة) من جانب املتعلِّم. 22 ما الذكاء الاصطناعي؟ باختصار، بُحثت كل أنواع الذكاء الاصطناعي الأساسية، حتى إنها نُفذت بحلول أواخر ستينيات القرن العشرين، وبعضها كان في وقت سابق لذلك بكثري. َّ في الوقت الراهن، يحظى معظم الباحثني املعنيني بتقدير كبري. ولكن ظل طيف ً تورينج حاضر ُ ا في وليمة الذكاء الاصطناعي. وعلى مدار عدة سنني، لم يكن الباقون يتذكرهم سوى قلة من مجتمع الباحثني. كاد يُنسى جراي وولتر وأشبي على وجه الخصوص حتى َ شيد بهما (مع تورينج) باعتبارهما أبوي الحياة ُ أواخر ثمانينيات القرن العشرين حني أ َّ الاصطناعية. لفهم السبب، يجب معرفة كيف تفر ِّ ق مصممو أجهزة الكمبيوتر. كيف انقسم الذكاء الاصطناعي ُ قبل ستينيات القرن العشرين، لم يكن ثَمة فرق واضح بني أصحاب نماذج اللغة أو التفكري املنطقي وأصحاب نماذج السلوك الحركي املقصود/التكيفي. ولكن البعض عمل في املجالني. (حتى إن دونالد ماكاي اقترح بناء أجهزة كمبيوتر هجينة تجمع بني الشبكات العصبية واملعالجة الرمزية). أيَّ ً د الجميع بعضهم بعضا. رأى الباحثون الذين يدرسون ُ التنظيم الذاتي الفسيولوجي أنفسهم أنهم م ِ نخرطون في املشروع الكلي نفسه مثل زملائهم ُّ أصحاب التوج ِّ ه النفسي. وجميعهم حضر اللقاءات نفسها، مثل الندوات العلمية املتعددة ُّ التخصصات التي كان يعقدها ماسي في الولايات املتحدة (وقد ترأسها ماكولو في الفترة من َّ ١٩٤٦ حتى ١٩٥١) ومؤتمر لندن الرائد بشأن «ميكنة عمليات التفكري» (الذي نظمه أتلي عام ١٩٥٨). َ لكن منذ حوالي َّ ،١٩٦٠ نشأ انقسام فكري. بوجه عام، ظل املهتمون ب «الحياة» َّ في الحوسبة السبرانية، وتحول املهتمون ب «العقل» إلى الحوسبة الرمزية. وبالطبع اهتم ِّ املتحم ٍّ سون للشبكات بكل من الدماغ والعقل. ولكنهم درسوا التعليم الترابطي بوجه عام، وليس املحتوى الدلالي أو التفكري املنطقي على وجه التحديد؛ ومن ثَم وقعوا ضمن مجال ُ السبرانية وليس الذكاء الاصطناعي الرمزي. ولسوء الحظ، لم يكن هناك قدر كبري من الاحترام املتبادل بني املجموعتني الفرعيتني اللتني يزيد الفارق بينهما. ٍ عندئذ، ما كان هناك مناص من ظهور مجموعات اجتماعية مميزة. وكذلك اختلفت الأسئلة النظرية التي كانت تُطرح — سواء البيولوجية (ذات الأنواع املتفاوتة) والنفسية ً دخلت املهارات الفنية أيضا؛ وهي بوجه عام املقارنة ُ ً (ذات الأنواع املتفاوتة أيضا). ولذا أ 23 الذكاء الاصطناعي ُّ بني املعادلات املنطقية واملعادلات التفاضلية. نمو التخصص زاد من صعوبة التواصل كما زاد من عدم جدواه. وأصبحت املؤتمرات ذات درجة الانتقاء العالية شيئًا من املاضي. ُ وعلى الرغم من ذلك، لم يكن التقسيم بحاجة إلى أن يكون بهذا السوء. بدأ الشعور السيِّئ من جانب أصحاب املبدأ السبراني/الترابطي في صورة مزيج من الغرية املهنية والسخط املحمود. كان الدافع وراء هذا الشعور هو النجاح الأولي الذي حقَّقته الحوسبة الرمزية، والاهتمام الصحفي بتصدير املصطلح املستفز «الذكاء الاصطناعي» (الذي صاغه جون مكارثي عام ١٩٥٦ لتسمية ما كان يُطلَق عليه قبل ذلك اسم «محاكاة الكمبيوتر») َّ والعجرفة — والضجة غري الواقعية — التي عبر عنها بعض أصحاب الحوسبة الرمزية. كان معسكر الرمزية أقل عداءً في البداية؛ لأنهم كانوا يرون أنفسهم يكسبون منافسة َ الذكاء الاصطناعي. في الحقيقة، لقد تجاهلوا إلى حد كبري الأبحاث الأولى عن الشبكات على الرغم من أن بعض قادتهم (مثل مارفن مينسكي) بدأ من هذا املجال. ُ لكن في عام ،١٩٥٨ طرحت نظرية طموحة عن الديناميكا العصبية على يد فرانك روزنبلات، وقد نفَّذها جزئيٍّا في جهاز بريسيبترون الكهروضوئي، وتقول النظرية إن أنظمة املعالجة املتوازية قادرة على التعلم الذاتي التنظيم النابع من أساس عشوائي (كما أنه يحتمل الخطأ في البداية). وعلى خلاف نظام بانديمونيوم، لا يحتاج هذا النظام أن ٍ ل املبرمجون أنماط املدخلات بشكل مسبق. فهذا الشكل الجديد من الترابطية لا يمكن يحلِّ ُ أن يتجاهله فريق الرمزية. ولكن سرعان ما رفض بازدراء. وحسبما ورد في الفصل الرابع، ً أطلق مينسكي (مع سيمور بابريت) نقد ً ا لاذع ً ا في ستينيات القرن العشرين زعما أن أجهزة بريسيبترون غري قادرة على حساب بعض الأشياء الأساسية. بناءً على ذلك، توقَّف تمويل البحوث الخاصة بالشبكات العصبية. تلك النتيجة التي َّ قصدها املهاجمان عن عمد عمقَت العداء بني فرق الذكاء الاصطناعي. من وجهة نظر العامة، يبدو الآن أن الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي كان الخيار الوحيد املتاح حينذاك. ولا أحد يُ َّ نكر أن روبوتات السلاحف التي صممها جراي وولتر حظيَت باستحسان كبري في مهرجان بريطانيا. أحدثت الصحافة ضجة حول جهاز بريسيبترون َّ الذي صممه روزنبلات في أواخر خمسينيات القرن العشرين، كما أحدثت حول نظام َّ أدالاين الذي صممه برنارد ويدرو للتعلم بالأنماط (بناءً على معالجة الإشارات). ولكن ً فريق الرمزية أخمد ذلك الاهتمام تماما. ومن ثَم تصدر الذكاء الاصطناعي الرمزي قنوات الإعلام في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين (كما أثَّر في فلسفة العقل كذلك). 24 ما الذكاء الاصطناعي؟ لم يستمر املوقف. ظهرت الشبكات العصبية على الساحة مرةً أخرى عام ١٩٨٦ َ (انظر الفصل الرابع)، مثل أنظمة معالج البيانات املبرمج (التي تُجري املعالجة املوزعة املتوازية). يعتقد كثري من غري املختصني — وبعض املختصني الذين من املفترض أنهم ً على معرفة أفضل — أن هذا النهج جديد تماما. ومن ثَم استهوى الخريجني، وجذَب انتباه َ عدد كبري من أهل الصحافة (والفلسفة). والآن، أصحاب الذكاء الاصطناعي الرمزي هم من َ انزعجوا. كان معالج البيانات املبرمج هو السائد، وشاع أن الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي قد فشل. َ أخرى في املجال بما أسموه بالنسبة إلى بقية أنصار السبرانية، فقد انخرطوا مرةً الحياة الاصطناعية عام .١٩٨٧ وتبعهم الصحفيون والخريجون. ومن ثَم وقَع الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي في مأزق مرةً أخرى. ً لكن في القرن الحادي والعشرين، أصبح واضح ُّ ا أن تنو ُّ ع الأسئلة يحتاج إلى تنوع الإجابات — فلكل مقام مقال. وعلى الرغم من بقاء آثار العداء القديم، توجد فسحة للاحترام ُهج املختلفة. على سبيل املثال، يُستخدم «التعلم العميق» في ُّ — وحتى التعاون — بني الن بعض الأحيان في الأنظمة القوية التي تجمع بني املنطق الرمزي والشبكات الاحتمالية ُهج املختلطة تتضمن نماذج طموحة من الوعي (انظر ُّ املتعددة الطبقات، وغريها من الن الفصل السادس). ِّ بناءً على التنوع الثري للأجهزة الافتراضية التي تشكل العقل البشري، فلا ينبغي أن يندهش املرء كثريًا.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

1-الواقعة المذك...

1-الواقعة المذكورة وقعت في منزلي حيث ان الوالدة تسكن معي في منزل املكه 2_توجد أصابة تبعية الدفاع عن...

إذا قُدّر للرئي...

إذا قُدّر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاتفاق مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو أمر يرجح...

لقد أرسلت طلبا ...

لقد أرسلت طلبا عبر البريد الإلكتروني إلى HR و وتم الموافقه على الطلب من قبل ال HR ولكن قالت لي بان ...

شركة/ مارش هي ص...

شركة/ مارش هي صاحبة مصلحة تتعارض مع مصالح المستأنفة الأولى، نظراً لكون المستأنفة الأولى من المنافسين...

يتفق الباحثون ب...

يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...

بما أن الفلسفة ...

بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...

1-بذلت أنا والأ...

1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...

With such sadne...

With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...

1. طوير برامج م...

1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...