Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

أصبحت المخدرات إشكالية عالمية مطروحة على المجتمع الدولي لكونها تتخذ أبعادا أكثر تعقيدا وخطورة، وذلك بإدخال هذه الأخيرة في إطار العلاقات الدولية والقانون الدولي شعورا منه بأن المكافحة الناجعة لهذا الداء، يجب ألا تتم بشكل انفرادي خصوصا وأن المكافحة على الصعيد الوطني بالرغم من أهميتها في الحد من مشكل المخدرات اتجارا، فقد أبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف في مجال المخدرات ، جلها تهدف إلى تنظيم الاستعمال المزدوج للمواد المخدرة ، بمعنى تنظيم استعمالات المواد المخدرة في الأغراض المشروعة ومحاولة منع تسربها للأسواق غير المشروعة، وحث الدول الأطراف فيها على محاربة الإنتاج غير المشروع لهذه المواد ومنع إساءة استعمالها، بالإضافة إلى خلق قنوات للتعاون الدولي من أجل المواجهة الجماعية لهذا الداء الوبيل.
وقد عمل المجتمع الدولي أيضا في مجال مكافحة المخدرات على إنشاء وإحداث أجهزة دولية متخصصة عالميا، حيث لم يعد القانون الدولي في صورته الراهنة قانون الدول فقط والقانون المنظم لتلك الدول، بل أصبح أيضا يضم القواعد والمبادئ التي أرستها الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية وقوانين المنظمات الدولية خاصة بعد أن استقر الرأي على الاعتراف المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية. ومن أجل الوقوف أكثر على الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة المخدرات سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين حيث نستعرض في إطار المبحث الأول تطور السياسة الجنائية للاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات بدءا من اتفاقية لاهاي لسنة 1912 وانتهاء باتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1988 دون أن تغفل الحديث عن المنظمات الدولية ومدى مساهمتها في الحد من استفحال المخدرات على الصعيد الدولي على أن تتناول في المبحث الثاني دراسة مقارنة للسياسات الجنائية لمكافحة المخدرات في عدد من بلدان العالم، بهدف التوصل إلى الملامح المشتركة الرئيسية للسياسات الجنائية بين البلدان العربية والأجنبية. السياسات والاستراتيجيات الدولية لمجابهة المواد المخدرة: تحظى مشكلة المخدرات باهتمام العالم بأسره، فهي مشكلة عالمية بكل أبعادها بحكم طبيعتها، فإذا ما وقع إنتاجها في مكان ما فليس هناك من يدري أين سيقع الاستهلاك بصورة مشروعة أو غير مشروعة لذا فقلما يخلو جدول أعمال مؤتمر دولي أو إقليمي يعقد لبحث قضايا اجتماعية أو جنائية من وجود هذه المشكلة.
فجريمة المخدرات فرضت نفسها على المجتمع الدولي الأمر الذي أوجب على هذا الأخير إلى تبني عدد من التدابير والإجراءات درءا لما تؤدي إليه من آثار مدمرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وما يترتب عليها من انعكاسات خطيرة على الظاهرة الإجرامية. إذن فما هي الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحتها والتي تمثل فلسفة المشرع الدولي في مكافحة هاته الظاهرة؟ وهل أفلحت هذه الوسائل في الحد من انتشار الظاهرة؟ وإذا لم تستطع تحقيق ذلك فما هي العوائق التي جعلتها تقف حجر عثرة أمامها وبالتالي إفشال رغبة المشرع الدولي في القضاء على هذه الظاهرة. الآليات القانونية الدولية لمجابهة جريمة المخدرات :
لقد عملت دول العالم على وضع أسس ومعاهدات من أجل الحد من انتشار المخدرات وحصر استعمالها على الأعمال الطبية والعلمية وتجسدت فكرة التعاون الدولى لمكافحة المخدرات لأول مرة بموجب اتفاقية لاهاي المنعقدة بتاريخ 23 يونيو 1912 لتتوالى بعدها سلسلة من الاتفاقيات الدولية كنتيجة أساسية إزاء التصاعد المضطرد الذي عرفته أنشطة الجريمة المنظمة بشكل عام والتجارة غير الشرعية في المخدرات بشكل خاص. الاتفاقيات الدولية المنعقدة في ظل عصبة الأمم: لقد مثل اجتماع اللجنة الأولى للأفيون المنعقد في شنغهاي سنة 1909 نقطة الانطلاق لمكافحة انتشار ظاهرة المخدرات خاصة الاتجار غير المشروع فيها وقد ترجم هذا اللقاء تبني عدد من الاتفاقيات الدولية وبروز عمل مشترك لعدة منظمات فكان أول ما طرح في هذا المؤتمر هو مشكلة انتشار تداول الأفيون الذي أصبح يشكل خطر يهدد مجموعة من الدول منها الصين. وعموما فإن هذا المؤتمر قد أرسى مبدأ حصر تجارة المخدرات في الأغراض الطبية،
وقد شكل مؤتمر شنغهاي أرضية لتوقيع أول معاهدة دولية لمراقبة المخدرات وهي اتفاقية لاهاي لعام 1912 التي أرست تعاونا دوليا في الرقابة على المخدرات ونصت على تدابير وقائية تفاديا لتهريب مخدرات الأفيون والمورفين لكوكايين،
وهكذا فقد تم وضع حد لمثل هذه التجاوزات وتم الإعلان عن العديد من القرارات أهمها:

  1. ضرورة القضاء تدريجيا على تدخين الأفيون
  2. اتخاذ التدابير الرامية إلى القضاء على تهريب الأفيون ومشتقاته وخاصة منع التصدير إلى الدول التي تحظر دخوله إليها أو تمنع الاتجار فيه أو تعاطيه. 3. اتخاذ إجراءات حازمة لمراقبة صناعة وتوزيع المورفين وسائر مشتقات.

ولقد نصت هذه الاتفاقية على مجموعة من المبادئ أهمها: ووضع تراخيص عند عملية الاستيراد والتصدير والقضاء تدريجيا على تدخينه وإساءة استعماله. 2. قصر صناعة وبيع واستعمال المورفين والكوكايين والهيروين وأملاح كل منهم والأفيون الطبي، أي مادة من أشباه قلويات الأفيون تبث من الأبحاث العلمية المعترف بها أن إساءة استعمالها تضر بالصحة العامة في غير الأغراض الطبية المشروعة. 3. عهدت الاتفاقية إلى حكومة هولندا ببعض الوظائف مثل تبادل المعلومات بشأن القوانين واللوائح الإدارية الصادرة في شأن المخدرات أو التي ستصدر وكذلك تبادل البيانات الإحصائية المتعلقة بتجارة العقاقير المخدرة.
وبالرغم من عقد اتفاقية لاهاي للأفيون في عام 1912 إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا في سنة 1920 فقد حالت الحرب العالمية الأولى دون نفاذها ولم تصبح الاتفاقية نافذة إلا في سنة 1920 أي في نفس تاريخ انعقاد معاهدة فرساي للسلام لسنة 1919.
في عام 1936 تم عقد مؤتمر دولي في جنيف بشأن محاربة المخدرات خصوصا مادة الأفيون ومشتقاتها، وتمخض عن هذا المؤتمر إبرام اتفاقية دولية والتي دخلت إلى حيز النفاذ في 26 شتنبر 1939 كأول أدات دولية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية تدين وتعاقب التجار غير الشرعيين للمخدرات. ولقد تضمنت اتفاقية 1936 مجموعة من المقتضيات أهمها:
2. تعهدت الدول بسن التشريعات اللازمة لتشديد العقوبات على الأفعال غير المشروعة في مجال المخدرات.

  • الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961
  • الاتفاقية الوحيدة للمخدرات في صيغتها المعدلة ببرتكول 1972
  • اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 لقد أدى الانتشار الواسع لعملية الاتجار غير المشروع في المخدرات إلى التفكير في نهج استراتيجية عالمية قادرة على مقاومة هذا الوباء الخطير الذي أصبح يهدد جميع أقطار العالم، لذلك اتجه المجتمع الدولي إلى إعداد و صياغة تبني اتفاقية أكثر جرأة وأكثر فاعلية خصوصا في ظل تواجد العديد من المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف والتي لم تجدي نفعا ولم تثمر نتائج إيجابية على الصعيد الدولي. و الذي عرض فيه مشروع الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الذي أعدته لجنة المخدرات ، فنال القبول من طرف هيأة الأمم المتحدة وتم التوقيع عليه في 30 مارس 1961 لتكون كوثيقة وحيدة لمت شتات الاتفاقيات التي صدرت في الفترة من 1912 إلى 1953 في مجال الرقابة على المخدرات.

ولقد انطوت الإتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 على مجموعة من المبادئ والأحكام الآتية :
وذلك عن طريق تجريمها زراعة وإنتاج كل أشكال المخدرات والاتجار فيها واستخدامها لأغراض غير طبية وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأفيون وأوراق الكوكا والقنب فكل هذه الأنواع تعتبر ممنوعة وضروري على الدول الموقعة على الاتفاقية التزامها بمنع زراعتها وإنتاجها وكذا تسويقها بطرق غير مشروعة.

ويتمثل هذا المبدأ في حصر حيازة المخدرات وإمساكها في الأغراض الطبية والعلمية فقط أو بناء على إذن قانوني يتمثل في الحصول على تراخيص من السلطات المختصة.
حيث حلت محل كل من اللجنة الاستشارية للأفيون و هيئة الإشراف على المخدرات, وذلك من أجل تحقيق المزيد من الفعالية والمرونة في تطبيق أحكام هذه الاتفاقية .
نصت الاتفاقية على مجموعة من الأسس والقواعد الرامية إلى خلق تعاون وطني و دولي نظرا لعالمية جريمة المخدرات وتتمثل هذه الاسس و المبادئ في دعوتها للدول المتعاقدة بالقيام مع مراعاة قوانينها الداخلية بأتخاذ الإجراءات اللازمة على المستوى الوطني فيما يخص قمع الاتجار غير المشروع و التعاون مع الاجهزة المختصة في هذا المجال .
5. التعاون الطبي للمدمنين. فلا يجب تهميش المدمن و النظر إليه كمجرم و إنما هو ضحية من ضحايا جرائم المخدرات يجب التعامل معه على هذا الأساس و بالتالي توجيهه إلى العلاج النفسي حتى يستطيع أن يندمج من جديد مع مجتمعه . 6. اعتماد جداول المخدرات.

إذن كانت هذه أهم المبادئ والقواعد التي أقرتها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 توخت من خلالها البساطة والإيجاز والبعد عن التعقيد وإدخال تغييرات جذرية وجديدة لم تكن في ظل المعاهدات السابقة، فأمام الزيادة السريعة في إساءة استعمال المخدرات في كثير من دول العالم وجد المجتمع الدولي نفسه مطالب بإدخال تعديلات على هذه الاتفاقية, - تعزيز سلطات ومسؤوليات وقدرات هيئة الرقابة الدولية على المخدرات وزيادة عدد أعضائها باعتبارها جهاز له دور كبير في عملية مكافحة جرائم المخدرات.

  • النص على مسألة جديدة حيث تم اعتبار جرائم المخدرات هي من الجرائم الأخرى التي يجوز تسليم المجرمين فيها, ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة 1971 :
    وأصبح من الواضح أنه من المتعذر على الحكومات بمفردها إيجاد حلول لمعضلات إساءة استعمالها بدون تعاون و عمل دوليين. وعليه أقر المجتمع الدولي اتفاقية المواد النفسية وذلك بتاريخ 21 فبراير لعام 1971 والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداءا من 16 غشت 1976, وهكذا شكلت هذه الاتفاقية منعطف مهم في سلسلة الاتفاقيات المبرمة في مجال مكافحة المخدرات. ومن أهم ما جاءت به هذه الاتفاقية:
  • تصنيفها للمؤثرات العقلية إلى أربع فئات حسب درجة خطورتها ولاحتمالات تعاطيها ولقيمتها العلاجية. - إلزام الدول الموقعة على الاتفاقية اتخاذ جميع التدابير العلمية لمنع إساءة استعمال المؤتمرات العقلية واكتشاف ذلك مبكرا وعلاجه بالتوحيد والتعليم والرعاية الاجتماعية. - تكريس المبادئ التي جاءت بها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات المعدلة ببرتوكول 1972 خاصة تلك المتعلقة بتكثيف الرقابة على المخدرات وكذا دعوتها للتعاون الدولي لمحاربة الإنتاج والتهريب والاستعمال غير المشروع للمخدرات. ثالثا: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 : أمام تفاقم خطر المخدرات الذي أصبح يشكل نشاطا إجراميا دوليا أصبح لزاما على المجتمع الدولي من وضع اتفاقية جديدة تستجيب للتطورات الحاصلة في مجال المخدرات، إذن أمام كل هذه التغيرات كان ضروريا من وجود عمل دولي يساير المعطيات الحديثة التي أفرزها الاتجار غير المشروع في المخدرات.
    فهذه الاتفاقية شكلت حجر أساس حيث أنينت على أهداف كبرى وقواعد رئيسية فهي جاءت لسد النقص الحاصل في الاتفاقيات السابقة خاصة الشق القانوني منها, حيث شملت مقتضيات جريئة وجديدة تعمل على الحد من حركة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية. ومن أهم ما نصت عليه الاتفاقية: اتخاذ التدابير والإجراءات الملاءمة لضمان عدم استعمال وسائل النقل التجاري للنقل غير المشروع للمخدرات. - إلزام الدول الأعضاء بإنشاء قضاء مختص في الجرائم التي نصت عليها المادة 3 من الاتفاقية. - تطرقها لمسألة التسليم المراقب حيث قدمت تعريفا له وذلك في إطار المادة 11 بكونه مجموعة من التدابير التي يسمح بموجبها للشحنات غير المشروعة من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد التي يكثر استخدامها في الصنع غير المشروع للعقاقير بمواصلة طريقها خارج إقليم دولة أو أكثر أو عبوره أو إلى داخله بعلم السلطات المختصة وتحت رقابتها من أجل كشف هوية الأشخاص المتورطين في الاتجار غير المشروع .
  • مكافحة الاتجار غير المشروع عن طريق البحر وذلك بما يتفق مع القانون الدولي للبحار وقد تم التنصيص على هذه النقطة بالذات نظرا لاتساع حركة التجارة الدولية عبر وسائل النقل البحري والذي يتسم بضخامة حجم البضائع المنقولة بواسطته.
  • إقرارها لمبدأ المساعدة القانونية المتبادلة بين الأطراف حيث أنه يجوز لأية دولة طرف في الاتفاقية أن تطلب يد المساعدة من دولة طرف أخرى وعلى الدولة الموجه إليها الطلب أن تسهل الاستجابة لطلبات المساعدة القانونية. رابعاً اتفاقية سنغافورة حول الجرائم المنظمة العابرة للحدود اتفاقية سنغافورة حول الجرائم المنظمة العابرة للحدود التي تم تبنيها في عام 2000، والمعروفة أيضًا باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، بما في ذلك تجارة المخدرات, وتشمل الاتفاقية أحكامًا تتعلق بتعزيز التعاون بين الأجهزة القضائية في الدول الأعضاء، بما في ذلك تبادل المعلومات القانونية، وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والمحاكمات, و تضع الاتفاقية معايير لإجراءات تنفيذ القوانين الوطنية لمكافحة الجرائم المنظمة، بما في ذلك تدابير لضبط وتفكيك الشبكات الإجرامية عبرالحدود, وتوفير آليات للتعاون بين أجهزة الأمن في الدول الأعضاء, وتعتبر اتفاقية سنغافورة أداة هامة في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم المنظمة التي تتضمن تجارة المخدرات. واتفاقية فيينا، يتضح أن هذه الاتفاقيات توفر الأسس القانونية والتعاون الدولي الضروري لمكافحة تجارة المخدرات بشكل فعال. تعكس هذه الوثائق التزام المجتمع الدولي بمواجهة تحديات تجارة المخدرات وتؤكد أهمية التعاون المشترك في تحقيق الأمان العالمي وصحة المجتمعات. الأجهزة والهيئات الدولية المكلفة بمحاربة المخدرات:

وعليه سنتحدث في الفقرات الموالية عن مختلف الأجهزة الدولية الموكول لها مهمة مواجهة آفة المخدرات. تعد الأمم المتحدة أول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي, ومن أهم الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في مجال مكافحة المخدرات ما يلي:

أولا: لجنة المخدرات وفي سنة 1945 ظهرت للوجود منظمة الأمم المتحدة كاول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي ويعتبر دور الأمم المتحدة في هذا المجال ذو أهمية قصوى وذلك لعدة أسباب منها: ضمها لعدد كبير من الدول حوالي 191 دولة، وتضم هيئة الأمم المتحدة عدة أجهزة نجد في مقدمتها لجنة المخدرات التي تم إنشاءها بمقتضى قرار رقم 9/1 المؤرخ في 26 فبراير 1946 أصدره المجلس الاجتماعي والاقتصادي وهو أحد الأجهزة التابعة للأمم المتحدة والذي له مطلق الصلاحيات في إحداث ما قد تحتاجه هيأة الأمم المتحدة من لجان أو أجهزة لمساعدته في تأدية وظيفته. وهكذا فلجنة المخدرات تعد لجنة دولية تابعة لجهاز رئيسي من أجهزة الأمم المتحدة وهو المجلس الاجتماعي والاقتصادي لتكون هذه اللجنة جهازا دوليا ضمن أجهزة الأمم المتحدة تتولى تقرير السياسات في المسائل المتعلقة بالرقابة الدولية على المخدرات. وفي حالة وجود أمر استعجالي فإنها تعقد اجتماعات استثنائية، وتتشكل لجنة المخدرات من ثلاثين عضوا ينتخبهم المجلس الاجتماعي والاقتصادي من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والدول الأطراف في الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 ويراعى في اختيار أعضاء اللجنة المذكورة بالنظر إلى مبدأ التوزيع الجغرافي العادل والتمثيل المناسب لثلاث فئات هي: الدول الهامة المنتجة للأفيون وأوراق الكوكا - الدول الهامة في مجال تصنيع المخدرات والمؤثرات العقلية ثم الدول التي لديها مشاكل كبيرة في إدمان المخدرات أو الاتجار غير المشروع فيها.


Original text

أصبحت المخدرات إشكالية عالمية مطروحة على المجتمع الدولي لكونها تتخذ أبعادا أكثر تعقيدا وخطورة، وقد حاول هذا المجتمع منذ بداية هذا القرن بمواجهة هذه الظاهرة، وذلك بإدخال هذه الأخيرة في إطار العلاقات الدولية والقانون الدولي شعورا منه بأن المكافحة الناجعة لهذا الداء، يجب ألا تتم بشكل انفرادي خصوصا وأن المكافحة على الصعيد الوطني بالرغم من أهميتها في الحد من مشكل المخدرات اتجارا، وتعاطيا، إلا أنها فقدت مصداقيتها أمام المتغيرات الجديدة التي حدثت على الظاهرة ، وانطلاقا من هذا الشعور ونظرا للحاجة الملحة لخلق آليات دولية للمكافحة وحاجة هذه الآليات للإطارات القانونية والمؤسسات التي تمكنها من ممارسة دورها المنشود، فقد أبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف في مجال المخدرات ، جلها تهدف إلى تنظيم الاستعمال المزدوج للمواد المخدرة ، بمعنى تنظيم استعمالات المواد المخدرة في الأغراض المشروعة ومحاولة منع تسربها للأسواق غير المشروعة، وحث الدول الأطراف فيها على محاربة الإنتاج غير المشروع لهذه المواد ومنع إساءة استعمالها، بالإضافة إلى خلق قنوات للتعاون الدولي من أجل المواجهة الجماعية لهذا الداء الوبيل.

وقد عمل المجتمع الدولي أيضا في مجال مكافحة المخدرات على إنشاء وإحداث أجهزة دولية متخصصة عالميا، حيث لم يعد القانون الدولي في صورته الراهنة قانون الدول فقط والقانون المنظم لتلك الدول، بل أصبح أيضا يضم القواعد والمبادئ التي أرستها الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية وقوانين المنظمات الدولية خاصة بعد أن استقر الرأي على الاعتراف المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية.
ومن أجل الوقوف أكثر على الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة المخدرات سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين حيث نستعرض في إطار المبحث الأول تطور السياسة الجنائية للاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات بدءا من اتفاقية لاهاي لسنة 1912 وانتهاء باتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1988 دون أن تغفل الحديث عن المنظمات الدولية ومدى مساهمتها في الحد من استفحال المخدرات على الصعيد الدولي على أن تتناول في المبحث الثاني دراسة مقارنة للسياسات الجنائية لمكافحة المخدرات في عدد من بلدان العالم، بهدف التوصل إلى الملامح المشتركة الرئيسية للسياسات الجنائية بين البلدان العربية والأجنبية.

السياسات والاستراتيجيات الدولية لمجابهة المواد المخدرة:
تحظى مشكلة المخدرات باهتمام العالم بأسره، فهي مشكلة عالمية بكل أبعادها بحكم طبيعتها، فإذا ما وقع إنتاجها في مكان ما فليس هناك من يدري أين سيقع الاستهلاك بصورة مشروعة أو غير مشروعة لذا فقلما يخلو جدول أعمال مؤتمر دولي أو إقليمي يعقد لبحث قضايا اجتماعية أو جنائية من وجود هذه المشكلة.

فجريمة المخدرات فرضت نفسها على المجتمع الدولي الأمر الذي أوجب على هذا الأخير إلى تبني عدد من التدابير والإجراءات درءا لما تؤدي إليه من آثار مدمرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وما يترتب عليها من انعكاسات خطيرة على الظاهرة الإجرامية.
إذن فما هي الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحتها والتي تمثل فلسفة المشرع الدولي في مكافحة هاته الظاهرة؟ وهل أفلحت هذه الوسائل في الحد من انتشار الظاهرة؟ وإذا لم تستطع تحقيق ذلك فما هي العوائق التي جعلتها تقف حجر عثرة أمامها وبالتالي إفشال رغبة المشرع الدولي في القضاء على هذه الظاهرة.


الآليات القانونية الدولية لمجابهة جريمة المخدرات :

لقد عملت دول العالم على وضع أسس ومعاهدات من أجل الحد من انتشار المخدرات وحصر استعمالها على الأعمال الطبية والعلمية وتجسدت فكرة التعاون الدولى لمكافحة المخدرات لأول مرة بموجب اتفاقية لاهاي المنعقدة بتاريخ 23 يونيو 1912 لتتوالى بعدها سلسلة من الاتفاقيات الدولية كنتيجة أساسية إزاء التصاعد المضطرد الذي عرفته أنشطة الجريمة المنظمة بشكل عام والتجارة غير الشرعية في المخدرات بشكل خاص.


الاتفاقيات الدولية المنعقدة في ظل عصبة الأمم:
لقد مثل اجتماع اللجنة الأولى للأفيون المنعقد في شنغهاي سنة 1909 نقطة الانطلاق لمكافحة انتشار ظاهرة المخدرات خاصة الاتجار غير المشروع فيها وقد ترجم هذا اللقاء تبني عدد من الاتفاقيات الدولية وبروز عمل مشترك لعدة منظمات فكان أول ما طرح في هذا المؤتمر هو مشكلة انتشار تداول الأفيون الذي أصبح يشكل خطر يهدد مجموعة من الدول منها الصين.
وعموما فإن هذا المؤتمر قد أرسى مبدأ حصر تجارة المخدرات في الأغراض الطبية، ولأول مرة في تاريخ الإنسانية قبلت بعض الدول فكرة تخفيض صادراتها حماية لدول أخرى من أخطار الأفيون.

وقد شكل مؤتمر شنغهاي أرضية لتوقيع أول معاهدة دولية لمراقبة المخدرات وهي اتفاقية لاهاي لعام 1912 التي أرست تعاونا دوليا في الرقابة على المخدرات ونصت على تدابير وقائية تفاديا لتهريب مخدرات الأفيون والمورفين لكوكايين، والهروين وتوالت بعدها العديد من المعاهدات الدولية إلى أن وصلنا ى الاتفاقيات الدولية المعاصرة التي تستهدف في مجموعها حماية مصلحة مشتركة وهي الصحة العامة البشرية جمعاء فضلا عن حماية الأسس الاقتصادية والسياسة المجتمعات البشرية بكافة شرائحها.


أولا: مؤتمر شنغهاي للأفيون - 26 فبراير 1909م :

لقد شكل مؤتمر شنغهاي المحطة الأولى التي بدأت فيها عمليات تجريم المخدرات فبعد أن كانت التجارة في المخدرات تعتبر تجارة قانونية ومشروعة في بعض البلدان مثل بريطانيا، فإن هذا الأمر أثر سلبا على بعض الدول نظرا للأضرار الجسدية التي تصيب الإنسان والمجتمع من إساءة استعمال المخدرات، وهكذا فقد تم وضع حد لمثل هذه التجاوزات وتم الإعلان عن العديد من القرارات أهمها:



  1. ضرورة القضاء تدريجيا على تدخين الأفيون

  2. اتخاذ التدابير الرامية إلى القضاء على تهريب الأفيون ومشتقاته وخاصة منع التصدير إلى الدول التي تحظر دخوله إليها أو تمنع الاتجار فيه أو تعاطيه.

  3. اتخاذ إجراءات حازمة لمراقبة صناعة وتوزيع المورفين وسائر مشتقات.

  4. توجيه نداء إلى الحكومات صاحبة الامتياز أو المستعمرات في الصين للتعاون في القضاء على التجارة غير المشروعة للأفيون ومشتقاته.

    و رغم أن مؤتمر شنغهاي لم تتولد عنه اتفاقية دولية لكنه أرسى المبادئ الأولى التي ستسير عليها الجهود الدولية لمكافحة إساءة استعمال المخدرات.


ثانيا : اتفاقية لاهاي الدولية للأفيون 1912:

لقد أثمر مجهود اللقاء الدولي في شنغهاي تغيير جديد على الساحة الدولية تمثل في صياغة أول عمل قانوني في مجال الرقابة على المخدرات حيث اجتمع ممثلي الدول التي اشتركت في لجنة شنغهاي فيما عدا النمسا والمجر وذلك لصياغة القرارات الصادرة عن تلك المؤتمر في وثيقة دولية وقد توسعت هذه الاتفاقية بان أخضعت في نطاق الرقابة الدولية إلى جانب الأفيون ومشتقاته مخدر الكوكايين.

ولقد نصت هذه الاتفاقية على مجموعة من المبادئ أهمها:



  1. إخضاع إنتاج وتوزيع الأفيون للرقابة ومنع عملية تصديره إلى الدول التي تحظر استيراده ومراقبة تصديره إلى البلاد التي وضعت قيودا على استيردا. ووضع تراخيص عند عملية الاستيراد والتصدير والقضاء تدريجيا على تدخينه وإساءة استعماله.

  2. قصر صناعة وبيع واستعمال المورفين والكوكايين والهيروين وأملاح كل منهم والأفيون الطبي، أي مادة من أشباه قلويات الأفيون تبث من الأبحاث العلمية المعترف بها أن إساءة استعمالها تضر بالصحة العامة في غير الأغراض الطبية المشروعة.

  3. عهدت الاتفاقية إلى حكومة هولندا ببعض الوظائف مثل تبادل المعلومات بشأن القوانين واللوائح الإدارية الصادرة في شأن المخدرات أو التي ستصدر وكذلك تبادل البيانات الإحصائية المتعلقة بتجارة العقاقير المخدرة.

    وبالرغم من عقد اتفاقية لاهاي للأفيون في عام 1912 إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا في سنة 1920 فقد حالت الحرب العالمية الأولى دون نفاذها ولم تصبح الاتفاقية نافذة إلا في سنة 1920 أي في نفس تاريخ انعقاد معاهدة فرساي للسلام لسنة 1919.


ثالثا: اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة لسنة1936:

في عام 1936 تم عقد مؤتمر دولي في جنيف بشأن محاربة المخدرات خصوصا مادة الأفيون ومشتقاتها، حيث دعا المؤتمر إلى زجر الاتجار غير المشروع في العقاقير الخطرة وإنزال عقوبات زجرية صارمة على التجار غير الشرعيين للعقاقير، وتمخض عن هذا المؤتمر إبرام اتفاقية دولية والتي دخلت إلى حيز النفاذ في 26 شتنبر 1939 كأول أدات دولية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية تدين وتعاقب التجار غير الشرعيين للمخدرات.
ولقد تضمنت اتفاقية 1936 مجموعة من المقتضيات أهمها:



  1. تحديد الأفعال التي يجب على الدول اعتبارها من الجرائم المعاقب عليها بالنسبة للاتجار غير المشروع في المخدرات .

  2. تعهدت الدول بسن التشريعات اللازمة لتشديد العقوبات على الأفعال غير المشروعة في مجال المخدرات.

  3. اعتبار جرائم المخدرات من الجرائم الموجبة قانونا لتسليم المجرمين بين الدول التي تربطها معاهدات تسليم المجرمين أو تأخذ بمبدأ التعامل بالمثل.


الاتفاقيات الدولية للرقابة على المخدرات في نطاق منظمة الأمم المتحدة:

لقد حلت منظمة الأمم المتحدة محل عصبة الأمم في مجال الرقابة على المخدرات وأبرمت في ظلها العديد من الاتفاقيات وهي:



  • الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961

  • الاتفاقية الوحيدة للمخدرات في صيغتها المعدلة ببرتكول 1972

  • اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971

  • اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988.


أولا: الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961

لقد أدى الانتشار الواسع لعملية الاتجار غير المشروع في المخدرات إلى التفكير في نهج استراتيجية عالمية قادرة على مقاومة هذا الوباء الخطير الذي أصبح يهدد جميع أقطار العالم، لذلك اتجه المجتمع الدولي إلى إعداد و صياغة تبني اتفاقية أكثر جرأة وأكثر فاعلية خصوصا في ظل تواجد العديد من المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف والتي لم تجدي نفعا ولم تثمر نتائج إيجابية على الصعيد الدولي. وهكذا وبتاريخ 24 يناير 1961 انعقد مؤتمر الأمم المتحدة ، و الذي عرض فيه مشروع الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الذي أعدته لجنة المخدرات ، فنال القبول من طرف هيأة الأمم المتحدة وتم التوقيع عليه في 30 مارس 1961 لتكون كوثيقة وحيدة لمت شتات الاتفاقيات التي صدرت في الفترة من 1912 إلى 1953 في مجال الرقابة على المخدرات.

ولقد أنهت هذه الاتفاقية العمل بكافة الأحكام التي كانت تتضمنها نصوص تلك الاتفاقيات ولذا أطلق عليها مسمى الاتفاقية الوحيدة.

ولقد انطوت الإتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 على مجموعة من المبادئ والأحكام الآتية :



  1. مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات .
    وذلك عن طريق تجريمها زراعة وإنتاج كل أشكال المخدرات والاتجار فيها واستخدامها لأغراض غير طبية وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأفيون وأوراق الكوكا والقنب فكل هذه الأنواع تعتبر ممنوعة وضروري على الدول الموقعة على الاتفاقية التزامها بمنع زراعتها وإنتاجها وكذا تسويقها بطرق غير مشروعة.

  2. تنظيم الاتجار المشروع بالمخدرات .

    ويتمثل هذا المبدأ في حصر حيازة المخدرات وإمساكها في الأغراض الطبية والعلمية فقط أو بناء على إذن قانوني يتمثل في الحصول على تراخيص من السلطات المختصة.

  3. إنشاء الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات.
    تم إحداث هيئة دولية تختص بالرقابة على المخدرات إلى جانب لجنة المخدرات, حيث حلت محل كل من اللجنة الاستشارية للأفيون و هيئة الإشراف على المخدرات, وذلك من أجل تحقيق المزيد من الفعالية والمرونة في تطبيق أحكام هذه الاتفاقية .

  4. دعوتها إلى ضرورة التعاون الدولي.
    نصت الاتفاقية على مجموعة من الأسس والقواعد الرامية إلى خلق تعاون وطني و دولي نظرا لعالمية جريمة المخدرات وتتمثل هذه الاسس و المبادئ في دعوتها للدول المتعاقدة بالقيام مع مراعاة قوانينها الداخلية بأتخاذ الإجراءات اللازمة على المستوى الوطني فيما يخص قمع الاتجار غير المشروع و التعاون مع الاجهزة المختصة في هذا المجال .

  5. التعاون الطبي للمدمنين.
    أدرجت الاتفاقية نصا خاصا "المادة 38" يتحدث عن موضوع جديد يتعلق بالمدمنين حيث دعت الدول الموقعة إلى ضرورة توفير العلاج الطبي للمتعاطين و رعايتهم وتأهيلهم اجتماعيا, فلا يجب تهميش المدمن و النظر إليه كمجرم و إنما هو ضحية من ضحايا جرائم المخدرات يجب التعامل معه على هذا الأساس و بالتالي توجيهه إلى العلاج النفسي حتى يستطيع أن يندمج من جديد مع مجتمعه .

  6. اعتماد جداول المخدرات.



  • الجدول الأول : يضم المواد التي تتمتع بدرجة عالية من الخصائص التي قد تسبب الادمان مثل الحشيش والأفيون والكوكايين .

  • الجدول الثاني : يشمل المواد الأقل خطورة مثل الكوكايين .

    -الجدول الثالث : يشمل المواد المخدرة التي تكون قابلية الادمان عليها أقل خطورة.

    -الجدول الرابع: يشمل المواد المخدرة التي تكون قابلية الادمان عليها أكثر خطورة.

    إذن كانت هذه أهم المبادئ والقواعد التي أقرتها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 توخت من خلالها البساطة والإيجاز والبعد عن التعقيد وإدخال تغييرات جذرية وجديدة لم تكن في ظل المعاهدات السابقة، ومع ذلك وبالرغم من المجهودات المبذولة في صياغة وإعداد هذه الاتفاقية فإنها تعرضت بمجموعة من الانتقادات خاصة خصوصا أمام الارتفاع الملحوظ الذي عرفته فترة الستينات في مجال الاتجار غير المشروع في المخدرات, فأمام الزيادة السريعة في إساءة استعمال المخدرات في كثير من دول العالم وجد المجتمع الدولي نفسه مطالب بإدخال تعديلات على هذه الاتفاقية, وبالفعل قام بتعديل أحكام هذه الاتفاقية وذلك بموجب بروتوكول"1972" وتتمحور أهم هذه الإضافات والتعديلات في النقط التالية:

  • تعزيز سلطات ومسؤوليات وقدرات هيئة الرقابة الدولية على المخدرات وزيادة عدد أعضائها باعتبارها جهاز له دور كبير في عملية مكافحة جرائم المخدرات.

  • تشديد الرقابة للحد من إنتاج الأفيون .

  • النص على مسألة جديدة حيث تم اعتبار جرائم المخدرات هي من الجرائم الأخرى التي يجوز تسليم المجرمين فيها, وهكذا أصبح برتكول جنيف 1972 معاهدة لتسليم المجرمين.


ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة 1971 :

أثارت نتائج تعاطي بعض المواد المخدرات خاصة منها المنشطة والمسكنة قلقا كبيرا في أوساط المجتمع الدولي مما دفع الأجهزة الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ولجنة المخدرات إلى أن توصي الحكومات باتخاذ إجراءات تشريعية وإدارية لضمان الرقابة على هذه المخدرات خصوصا وأن هذا النوع الجديد لم يخضع للرقابة بمقتضى الاتفاقية السابقة، وأصبح من الواضح أنه من المتعذر على الحكومات بمفردها إيجاد حلول لمعضلات إساءة استعمالها بدون تعاون و عمل دوليين.
وعليه أقر المجتمع الدولي اتفاقية المواد النفسية وذلك بتاريخ 21 فبراير لعام 1971 والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداءا من 16 غشت 1976, وهكذا شكلت هذه الاتفاقية منعطف مهم في سلسلة الاتفاقيات المبرمة في مجال مكافحة المخدرات.
ومن أهم ما جاءت به هذه الاتفاقية:



  • تصنيفها للمؤثرات العقلية إلى أربع فئات حسب درجة خطورتها ولاحتمالات تعاطيها ولقيمتها العلاجية.

  • إلزام الدول الموقعة على الاتفاقية اتخاذ جميع التدابير العلمية لمنع إساءة استعمال المؤتمرات العقلية واكتشاف ذلك مبكرا وعلاجه بالتوحيد والتعليم والرعاية الاجتماعية.

  • تبني سياسة جنائية مزدوجة تجمع بين العقاب والتدبير الوقائي .

  • تكريس المبادئ التي جاءت بها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات المعدلة ببرتوكول 1972 خاصة تلك المتعلقة بتكثيف الرقابة على المخدرات وكذا دعوتها للتعاون الدولي لمحاربة الإنتاج والتهريب والاستعمال غير المشروع للمخدرات.


ثالثا: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 :
أمام تفاقم خطر المخدرات الذي أصبح يشكل نشاطا إجراميا دوليا أصبح لزاما على المجتمع الدولي من وضع اتفاقية جديدة تستجيب للتطورات الحاصلة في مجال المخدرات، لاسيما بعد أن أخذت الظاهرة أبعادا دولية من حيث ارتباطها بالإجرام الدولي المتمثل في الاتجار غير المشروع في الأسلحة وغسيل الأموال.
إذن أمام كل هذه التغيرات كان ضروريا من وجود عمل دولي يساير المعطيات الحديثة التي أفرزها الاتجار غير المشروع في المخدرات.
وهكذا تم عقد مؤتمر دولي ناقش مشروع اتفاقية فيينا بشأن الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية حيث اقتنعت الهيأة بالمشروع ليتم اعتماده كاتفاقية دولية والتي دخلت إلى حيز التنفيذ في 11 نونبر 1990.

فهذه الاتفاقية شكلت حجر أساس حيث أنينت على أهداف كبرى وقواعد رئيسية فهي جاءت لسد النقص الحاصل في الاتفاقيات السابقة خاصة الشق القانوني منها, حيث شملت مقتضيات جريئة وجديدة تعمل على الحد من حركة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
ومن أهم ما نصت عليه الاتفاقية:
اتخاذ التدابير والإجراءات الملاءمة لضمان عدم استعمال وسائل النقل التجاري للنقل غير المشروع للمخدرات.



  • إلزام الدول الأعضاء بإنشاء قضاء مختص في الجرائم التي نصت عليها المادة 3 من الاتفاقية.

  • تطرقها لمسألة التسليم المراقب حيث قدمت تعريفا له وذلك في إطار المادة 11 بكونه مجموعة من التدابير التي يسمح بموجبها للشحنات غير المشروعة من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد التي يكثر استخدامها في الصنع غير المشروع للعقاقير بمواصلة طريقها خارج إقليم دولة أو أكثر أو عبوره أو إلى داخله بعلم السلطات المختصة وتحت رقابتها من أجل كشف هوية الأشخاص المتورطين في الاتجار غير المشروع .

  • مكافحة الاتجار غير المشروع عن طريق البحر وذلك بما يتفق مع القانون الدولي للبحار وقد تم التنصيص على هذه النقطة بالذات نظرا لاتساع حركة التجارة الدولية عبر وسائل النقل البحري والذي يتسم بضخامة حجم البضائع المنقولة بواسطته.

  • إقرارها لمبدأ المساعدة القانونية المتبادلة بين الأطراف حيث أنه يجوز لأية دولة طرف في الاتفاقية أن تطلب يد المساعدة من دولة طرف أخرى وعلى الدولة الموجه إليها الطلب أن تسهل الاستجابة لطلبات المساعدة القانونية.

    رابعاً اتفاقية سنغافورة حول الجرائم المنظمة العابرة للحدود
    اتفاقية سنغافورة حول الجرائم المنظمة العابرة للحدود التي تم تبنيها في عام 2000، والمعروفة أيضًا باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، تُعَدُّ من أهم الوثائق القانونية التي تعزز جهود التعاون الدولي في مواجهة الجرائم المنظمة، بما في ذلك تجارة المخدرات, و تهدف الاتفاقية إلى توفير إطار قانوني شامل لمكافحة الجرائم المنظمة التي تتجاوز الحدود الوطنية، مع التركيز على تطوير أساليب التعاون والتنسيق بين الدول لمواجهة هذه الأنشطة غير المشروعة, وتشمل الاتفاقية أحكامًا تتعلق بتعزيز التعاون بين الأجهزة القضائية في الدول الأعضاء، بما في ذلك تبادل المعلومات القانونية، وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والمحاكمات, و تضع الاتفاقية معايير لإجراءات تنفيذ القوانين الوطنية لمكافحة الجرائم المنظمة، بما في ذلك تدابير لضبط وتفكيك الشبكات الإجرامية عبرالحدود, و تشجع الاتفاقية على تنسيق التحقيقات المشتركة بين الدول في مجال الجرائم المنظمة، وتوفير آليات للتعاون بين أجهزة الأمن في الدول الأعضاء, وتعتبر اتفاقية سنغافورة أداة هامة في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم المنظمة التي تتضمن تجارة المخدرات.
    تساعد الاتفاقية في توحيد استراتيجيات مكافحة الجريمة عبر الحدود، وتعزز من فعالية الجهود الدولية في مواجهة هذه التهديدات, وان الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات تلعب دورًا حيويًا في تعزيز التعاون الدولي وتوفير الأطر القانونية اللازمة لمواجهة تجارة المخدرات على مستوى العالم. من خلال تحليل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية (1988)، واتفاقية فيينا، واتفاقية سنغافورة حول الجرائم المنظمة العابرة للحدود، يتضح أن هذه الاتفاقيات توفر الأسس القانونية والتعاون الدولي الضروري لمكافحة تجارة المخدرات بشكل فعال. تعكس هذه الوثائق التزام المجتمع الدولي بمواجهة تحديات تجارة المخدرات وتؤكد أهمية التعاون المشترك في تحقيق الأمان العالمي وصحة المجتمعات.


الأجهزة والهيئات الدولية المكلفة بمحاربة المخدرات:

لقد أخذت معضلة الإتجار وتهريب المخدرات وسوء استعمالها من طرف الأفراد باهتمامات المجتمع الدولي فهب عن طريق أجهزته الدولية والجهوية إلى محاربة هذا الوباء الفتاك ذو الطبيعة الدولية.

ونجد في صدارة هذه الأجهزة هيأة الأمم المتحدة التي أولت أهمية خاصة لظاهرة المخدرات حيث خصصت مجموعة من المؤسسات تعمل تحت إشرافها وبشكل مباشر في مجال مكافحة المخدرات كما أن هناك هيئات دولية تتصدى هي الأخرى لهذه الجرائم ولكن بصفة غير مباشرة وغير تابعة لهيأة الأمم المتحدة. وعليه سنتحدث في الفقرات الموالية عن مختلف الأجهزة الدولية الموكول لها مهمة مواجهة آفة المخدرات.


الهيئات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة:
تعد الأمم المتحدة أول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي, ويعتبر دور الأمم المتحدة في هذا المجال ذو أهمية قصوى وذلك لعدة أسباب منها ضمها لعدد كبير من الدول "191 دولة ", إضافة إلى قدرتها على اعتماد معاهدات واتفاقيات دولية لها قوة القانون بالنسبة للدول التي توقع عليها.
ومن أهم الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في مجال مكافحة المخدرات ما يلي:

إحداث جهاز خاص يتولى مكافة المخدرات والذي أطلقت عليه إسم لجنة المخدرات وكذلك أنشئت فيما بعد جهازا آخر يتولى الرقابة على المخدرات.


أولا: لجنة المخدرات
بتاريخ 15 شتنبر 1920 قامت عصبة الأمم في أول جمعية لها بإحداث اللجنة الاستشارية للأفيون وسائر المخدرات الضارة كأول جهاز دولي يهتم بالرقابة على المخدرات وبانتهاء عهد عصبة الأمم زالت اللجنة الاستشارية للأفيون وسائر المخدرات .
وفي سنة 1945 ظهرت للوجود منظمة الأمم المتحدة كاول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي ويعتبر دور الأمم المتحدة في هذا المجال ذو أهمية قصوى وذلك لعدة أسباب منها: ضمها لعدد كبير من الدول حوالي 191 دولة، هذا بالإضافة إلى قدرتها على اعتماد معاهدات واتفاقيات دولية لها قوة القانون بالنسبة للدول التي توقع عليها.
وتضم هيئة الأمم المتحدة عدة أجهزة نجد في مقدمتها لجنة المخدرات التي تم إنشاءها بمقتضى قرار رقم 9/1 المؤرخ في 26 فبراير 1946 أصدره المجلس الاجتماعي والاقتصادي وهو أحد الأجهزة التابعة للأمم المتحدة والذي له مطلق الصلاحيات في إحداث ما قد تحتاجه هيأة الأمم المتحدة من لجان أو أجهزة لمساعدته في تأدية وظيفته.
وهكذا فلجنة المخدرات تعد لجنة دولية تابعة لجهاز رئيسي من أجهزة الأمم المتحدة وهو المجلس الاجتماعي والاقتصادي لتكون هذه اللجنة جهازا دوليا ضمن أجهزة الأمم المتحدة تتولى تقرير السياسات في المسائل المتعلقة بالرقابة الدولية على المخدرات.
وتجتمع لجنة المخدرات في دورات عادية سنوية، وفي حالة وجود أمر استعجالي فإنها تعقد اجتماعات استثنائية، ولهذه اللجنة عدة لجان فرعية أهمها اللجنة الفرعية للاتجار غير المشروع بالمخدرات في منطقة الشرقين الأدنى والأوسط وتعقد اللجنة اجتماعات إقليمية دورية لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في آسيا وإفريقيا والباسفيك وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وتتشكل لجنة المخدرات من ثلاثين عضوا ينتخبهم المجلس الاجتماعي والاقتصادي من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والدول الأطراف في الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 ويراعى في اختيار أعضاء اللجنة المذكورة بالنظر إلى مبدأ التوزيع الجغرافي العادل والتمثيل المناسب لثلاث فئات هي: الدول الهامة المنتجة للأفيون وأوراق الكوكا - الدول الهامة في مجال تصنيع المخدرات والمؤثرات العقلية ثم الدول التي لديها مشاكل كبيرة في إدمان المخدرات أو الاتجار غير المشروع فيها.

ويمكن تحديد نطاق اختصاص لجنة المخدرات في الوظائف التالية:



  • تعديل الجداول المدرجة للمخدرات في الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 وكذا اتفاقية فيينا لسنة 1988، ويكون هذا التعديل على شكل إضافة أو حذف أو نقل من جدول إلى آخر حسب تعليمات منظمة الصحة العالمية والأمانة العامة للأمم المتحدة وتصبح قرارات لجنة المخدرات قرارات جاري بها العمل وسارية المفعول.

  • مساعدة المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة في الإشراف على تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمخدرات.

  • مساعدة الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات في جميع المسائل التي تتصل بوظائف تلك الهيئة أثناء مباشرتها لاختصاصاتها.

  • تقديم الاقتراحات والتوصيات العامة لدراسة كافة المعلومات الواردة من الأطراف وكذلك لفت نظر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات إلى المسائل التي من اختصاصها.

  • تقديم النصح والمشورة للمجلس الاجتماعي والاقتصادي في جميع المسائل المتعلق بالرقابة الدولية على المخدرات وإعداد مشروعات الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة المخدرات.

  • اقتراح برامج البحث العلمي وتبادل المعلومات ذات الطابع العلمي وإنجاز ما يكلفها به المجلس الاجتماعي والاقتصادي من مهام تتصل بالرقابة الدولية على المخدرات.

  • إخبار الدول غير الأطراف بمختلف التدابير المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية و المتعلقة بالرقابة على المخدرات حتى تتمكن من وضع إجراءات ملاءمة مع ما تم إقراره من طرف هيأة الأمم المتحدة.

    ثانيا: الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات

    تعتبر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات جهازا دوليا تم إنشاؤه بمقتضى الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 لتحل محل كل من المكتب المركزي الدائم للأفيون والجهاز الرقابي, وتتكون الهيئة من 13 عضوا ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة 5 سنوات ويعملون بصفتهم الشخصية حيث لا يمثلون أية حكومة وإنما يجري اختيارهم لكفاءتهم وخبرتهم في القضايا المتعلقة بالمخدرات.
    وقد حددت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمخدرات وبالخصوص الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 وكذا اتفاقية المؤثرات العقلية المبرمة سنة 1971 واتفاقية فيينا لسنة 1988 اختصاصات الهيئة وذلك على النحو التالي:



  1. تنفيذ الاتفاقيات الدولية للرقابة على المخدرات :
    حيث تسهر الهيئة على مراقبة إنتاج وتصنيع وترويج المخدرات والعقاقير اللازمة في العالم وجعل استعمالها قاصرا في إطار الأغراض الطبية والعلمية ومنع زراعة المخدرات وإنتاجها وصنعها والاتجار بها واستخدامها بطريقة غير مشروعة.

  2. الرقابة على التجارة المشروعة بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية :
    تتولى الهيئة مراقبة مدى احترام الحكومات للمقتضيات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية والمتعلقة بالمخدرات حيث تتوصل بتقارير دولية ومعطيات إحصائية في هذا الشأن من الحكومات بشكل دوري، ومن خلال تحليل التقارير والمعطيات المتوصل بها يمكن للهيئة تقييم مدى التطبيق الفعال للمعاهدات الدولية من عدمه. وللهيئة أن توصي بتقديم المساعدات تقنية كانت أم مالية إلى أي دولة تتعرض لصعوبات في مجال المكافحة.
    والجدير بالإشارة هنا أن الهيئة لا تكتفي باتخاذ الإجراءات والتدابير في حالة اكتشاف مشاكل خطيرة بل تسعى على العكس من ذلك إلى منع الصعوبات الكبيرة قبل نشوئها ، وفي جميع الأحوال تعمل الهيئة بتعاون وثيق مع الحكومات وتنشر تقريرا سنويا عن أعمالها يتضمن تحليلا للتقديرات والمعلومات الإحصائية المتوفرة لديها كما تعد بيانات بالإيضاحات التي تقدمها أو تطلبها الحكومات وتشفعه باية ملاحظات أو توصيات ترغب الهيئة في تقديمها وتقدم تلك التقارير للجنة المخدرات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وللدول الأطراف.


الأجهزة الدولية المعاصرة المساهمة في الرقابة على المخدرات :
استكمالا للجهود المبذولة من طرف هياة الأمم المتحدة تم إنشاء هيئات وأجهزة تختص بمكافحة الجريمة بصفة عامة ومكافحة المخدرات بصفة خاصة ومن بين هذه الهيات نجد منظمة الصحة العالمية وكذلك منظمة الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول.


أولا: منظمة الشرطة الجنائية الدولية Interpol
بعد الانتشار الواسع والمقلق لجرائم المخدرات على الصعيد العالمي بدأ التفكير في إحداث مؤسسات وأجهزة متخصصة في مكافحة المخدرات باعتبار هذه الأخيرة ظاهرة عمياء وعابرة لكل أقطار العالم، فكل الدول مهددة بهذا الوباء لذلك أصبح المجتمع الدولي ينصب انشغاله في كل اللقاءات والمؤتمرات المنعقدة حول كيفية مواجهة وتطويق مشكلة المخدرات، وكنتيجة لكل هذه اللقاءات تم إحداث منظمة الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول .
وتعد الأنتربول منظمة دولية مستقلة تحظى بإرادة متميزة عن إرادات الدول الأعضاء وتعد شخصا من أشخاص القانون الدولي العام وتتكون المنظمة من الأجهزة التالية:
الجمعية العامة :
تعتبر الجمعية العامة الجهاز الأول والرئيسي داخل المنظمة فهو السلطة العليا المختصة في تحديد السياسة العامة لعمل المنظمة وإصدار التوصيات والقرارات الأعضاءها في المسائل المختصة في النظر إليها ومعالجتها. ويضم هذا القسم كل مندوبي الدول الأعضاء.

اللجنة التنفيذية:
وتتكون من 13 عضوا هم رئيس المنظمة، ونوابه الثلاثة وتسعة أعضاء تختارهم الجمعية العامة للمنظمة من بين مندوبي الدول الأطراف وتتحدد مهمتها في الأشراف على تنفيذ قرارات الجمعية العامة ومباشرة كافة الاختصاصات التي تفوضها فيها الجمعية العامة.
الأمانة العامة:
تعد الأمانة العامة مركزا دوليا لمكافحة الجريمة بصفة عامة ومكافحة المخدرات بصفة خاصة وتتكون من الأمين العام والإدارات الدائمة وتضم الأمانة العامة قسما لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات.

ولهذا القسم دور هام من خلال ما يصدره من نشرات وإحصائيات شهرية تتبادل فيها الدول التي تنتشر فيها هذه التجارة غير المشروعة كافة المعلومات حول الوسائل والطرق التي يتبعها ممارسوها وأماكن إخفاءها ومعامل تحويلها أو تصنيعها كل المعلومات المساعدة على تحقيق الفعالية اللازمة في عملية المكافحة.

المكاتب الوطنية:
حسب مقتضيات دستور منظمة الأنتربول فإن كل عضو مطالب بإنشاء مكاتب مركزية وطنية للشرطة الدولية في إقليمه، وتنظيم هذه المكاتب يعود إلى كل دولة حسبما تراه يتلاءم مع قوانينها الداخلية، وتقوم هذه المكاتب بدور حلقة الاتصال بين الأجهزة الوطنية لمكافحة الجريمة بما فيها جهاز مكافحة المخدرات وبين المنظمة والمكاتب المركزية للإنتربول المنتشرة في الدول الأخرى , حيث تؤدي عمل الأمانة العامة للأنتربول بكافة البيانات والمعلومات المتوافرة لديها عن حجم الجريمة وأساليب الإجرام والمتورطين في الجرائم الدولية.
والجدير في عمل منظمة الأنتربول أن النشاط الذي تضطلع عليه تحكمه بعض المبادئ المتمثلة في:



  • احترام السيادة الوطنية للدول الأعضاء.

  • مكافحة فقط جرائم الحق العام في كل دولة.

  • عالمية التعاون بحيث لا تشكل الحدود الجغرافية و اللغوية عائقا أمام هذا التعاون المساواة في المعاملة لبلدان الأعضاء وتلقي نفس الخدمات مهما بلغت قيمة إسهامها المالي في ميزانية المنظمة.

  • مرونة التعاون.


ثانيا: منظمة الصحة العالمية
تعتبر منظمة الصحة العالمية من بين المنظمات التي برزت مجهوداتها الفعالة على الصعيد العالمي حيث تم إنشاءها منذ سنة 1948 مباشرة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية لتختص بالنظر في كل ما يتعلق بالصحة العامة على مستوى التوجيه والتنسيق بما في ذلك الوقاية والرعاية الصحية وهكذا قدمت منظمة الصحة العالمية منذ نشأتها العديد من التوصيات :الخاصة بتنفيذ المقتضيات الدولية المبرمة في إطار هيأة الأمم المتحدة باعتبار منظمة الصحة العالمية من بين الأجهزة التابعة لها.
وبما أن ظاهرة المخدرات تعد مشكلة خطيرة تهدد الوجود الإنساني فنجد منظمة الصحة العالمية قد أولت أهمية خاصة لها وتابعت هذه الظاهرة عن قرب وذلك بتعاون وتنسيق مع لجنة المخدرات وفي هذا الصدد فقد ارتكز عمل هذه منظمة على الرفع من مستوى نظم توزيع الخدمات الصحية والاجتماعية من خلال إحداث آليات علاج وتأهيل فعالة ومنخفضة التكاليف لمدمني المخدرات وتضع المنظمة في هذا الإطار استراتيجيا للعلاج والوقاية عن طريق الرعاية الصحية الأولية والتي تدخل ضمن أهدافها الرئيسية.
كما تواصل عملها في ميدان الدراسات المتعلقة أو المرتبطة بإخضاع مواد جديدة للرقابة الدولية حسب درجة الخطورة التي تجعلها تضع مادة ما تحت الرقابة الدولية، فالمنظمة هي التى تقرر ما إذا كانت المادة الجديدة تسبب الإدمان من عدمها وما إذا تواجدت أدلة كافية على أن المادة يساء استعمالها و بالتالى تشكل مشكلة ولصحية واجتماعية عامة تبرر وضع المادة تحت الرقابة إذن فالمنظمة ومن خلال ما تقوم به من أدوار تضطلع بدور هام وكبير فيي ميدان مكافحة المخدرات فهي جهاز رئيسي وأساسي في عملية المكافحة نظرا لماتقدمه من خدمات كفيلة لمقاومة وباء انتشار المخدراته


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

تلخيص بأسلوب طا...

تلخيص بأسلوب طالب جامعي و واضح تعرٌف المحل التجاري: ٌيمكن تعرٌيف المحل التجاري بأنه مال منقول معنو...

تعريف القانون ا...

تعريف القانون التجاري القانون التجاري هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم النشاطات التجارية والأعم...

القانون التجاري...

القانون التجاري هو فرع من فروع القانون الخاص يهتم بتنظيم الأعمال التجارية والتجار، ويحدد القواعد الت...

خامساً: خدمات و...

خامساً: خدمات ومؤسسات رعاية الأحداث: تقدم الخدمة للأحداث عن طريق مجموعة من المؤسسات الاجتماعية هي من...

,l—iTWP/d[[hlN+...

,l—iTWP/d[[hlN+l[P[njiU]=W/djS/lPW/d:[^njh=~l/n5d:UiW/d Vmj—i[lz/dl…:=n[aniTW/l+IlZL=ì;n.ji[lz/dl…(l...

األنظمة المدمجة...

األنظمة المدمجة Systems Embedded Embedded system: computing systems designed النظام المضمن: أنظمة ال...

تسعى مختلف الدو...

تسعى مختلف الدول الى تحقيق درجات الكفاءة الاقتصادية لتحقيق مستويات عالية من التشغيل في ظل سياسة اقتص...

خامساً: خدمات و...

خامساً: خدمات ومؤسسات رعاية الأحداث: تقدم الخدمة للأحداث عن طريق مجموعة من المؤسسات الاجتماعية هي من...

شكرًا للتوضيح! ...

شكرًا للتوضيح! إليك حلول الأسئلة الموجودة في الصورة باللغة الإنجليزية: --- Q3) Vocabulary – Compl...

ذكر استيلاء يمي...

ذكر استيلاء يمين الدولة محمود على خراسان و انتزاعها من السامانية كان سبب ذلك أن فائقا ويكتوزون مدي...

Chapter 1. Intr...

Chapter 1. Introduction to Inflammatory Diseases and Machine Learning Approaches 6 1.2.3 Causes of i...

 تتمثل من أحد ...

 تتمثل من أحد الموضوعات المهمَّة والحسَّاسة، وجدية الموضوع لكثرة المنازعات القضائية الجوارية واهتما...