Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

عندما نتالم نريد حتّى من الطبيعة أن ترأف بنا. بدا وجه فارس شاحباً وهو يناولني جهاز الهاتف. ألقيت نظرة على ساعة الجيب. كانت العقارب تشير إلى 11:15 ليلاً. الشيخ مكتوم هو أكبر أبناء الشيخ راشد. أن يطلبني مكتوم في هذه الساعة المتأخرة من الليل فلأمر على جانب من الخطورة. حرصت على إبلاغك بأسرع وقت، منذ حوالي ساعة تعرّض أبي لسكتة دماغية. لكن حالته حرجة جدا أين هو؟ نُقِلَ إلى مستشفى دُبَي أنا قادم. وبعد ساعة وخمسين دقيقة كنت قرب سريره. انحنيتُ نحو أخي وصديقي ورفيق دربي وقبّلتُ جبهته. صدره يعلو ويهبط بنفس قصير، للمرّة الأولى منذ عرفته، تتداعى الأفكار أحياناً على نحو غريب جداً. بإشارة من يده يرفع الحيوان قائمته الأمامية. شعرت بأني أعبر أنهاراً لامرئية، ولم نخلّ يوماً بالاحترام المتبادل. في أشد اللحظات تعقيداً أعرب عن رعاية أبوية حيالي مع أنه لا يكبرني إلاّ بست سنوات. أحياناً كان يمضي ساعات سُهاده في التحدث معي عبر الهاتف عن الخطط التي تستنزفه ويهمه نجاحها أكثر من أن يعيش زمناً أطول إضافياً. والوظيفة غالباً ما تطغى فيها الأُبهة على الصداقة الحقيقية. - ماذا يقول الأطبّاء؟ يجب الاحتفاظ بالأمل. - «توكّلْ على اللهِ وكفى باللهِ وَكيلاً»". عندما نتألّم نريد حتى من الطبيعة أن ترأف بنا. توفيَ أخي شخبوط رحمه الله، لم أجرؤ على التفكير في أنّ مصيبة قد تحلّ براشد أيضاً. صاحب القرار؟ ألَمْ يقلْ: «ولِكُلِّ أُمَّةٍ أجَلٌ فإذا جاءَ أجَلُهُمْ لا يَسْتأْخرون ساعةً ولا يَسْتَقْدِمون»". لم نكن بعيدين عن القصر عندما بثّت الإذاعة الخبر الذي كنّا نخشاه كلّنا: الجيش العراقي دخل إلى الكويت. هذا الغزو كان بالتأكيد أكبر صدمة في حياتي. عدد من أبنائنا تعلّموا في المدارس الكويتية. مواطنونا يتلقون العلاج في بلغتني أولى التفاصيل المتعلّقة بالغزو صباح الثاني من أغسطس 1990. أذكر أنني طلبت ثلاث مرّات من وزير الدفاع أن يكرّر ما قاله عبر الهاتف. أعلنت حالة الطوارئ ووضعت القوّات المسلّحة في حالة تأهُب، بالاتفاق مع الشيخ مكتوم، الذي كان يقوم منذ ثمان وأربعين ساعة بمهامّ نائب الرئيس. كان القرار الأول الذي ينبغي اتخاذه هو استقبال إخواننا وأخواتنا الكويتيين النازحين عن بلادهم. وضعنا في تصرّفهم فنادقنا ومبانينا وفتح لهم عدد من مواطنينا بيوتهم وقلوبهم. مرافئنا أصبحت مناطق رُسوّ للأساطيل الأمريكية والبريطانية. ولم يكن أمامنا من خيار إلاّ الانضمام إلى التحالف المُسمّى ذات يوم أعلن غاندي: «إذا كان الخيار بين الجبن والعنف أبلغني مكتوم أن أباه أسلم الروح لبارثها. انتابني حزن شديد واغرورقت عيناي بالدموع. لكن الوضع يجب أن يتغيّر. من غير المعقول أن يعمل الناس على إفقار بعضهم بعضاً على هذا النحو. كان من النادر أن تأتي فاطمة إلى مكتبي في القصر. إن كان لديها اقتراح أو موضوع تعرضه عليّ كانت تفضّل أن نناقش الأمر معاً في المنزل. سألتها: المهر. فعلاً. عندنا وفي العالم المسلم عامة يُعتبر المهر هدية يقدمها الزوج إلى زوجته. بخلاف العادة في بعض الثقافات الآسيوية حيث تُعطى هذه التقدمة إلى عائلة الزوج، غير أن هذا المبلغ هو، للأسف، لم تعد هذه المكرُمة إحساناً بل أصبحت عبئاً. كلفة زواج نموذجي يمكن أن تبلغ مئات آلاف الدراهم التي تنفق على حفلات الزفاف والاستقبال الباذخة التي تتجاوز الحدّ، وعلى شراء المجوهرات والملابس. أنا أدرك المشكلة، قلتُ لها. فضلاً عن أنني سمعت بأن بعض العائلات أصبح أكثر جشعاً، مما أدّى إلى ارتفاع عدد الفتيات اللواتي ما عدنَ يجدنَ أزواجاً. وهم في أمسّ الحاجة إلى كلّ إمكاناتهم في بداية حياتهم الزوجية. لماذا لا يقيمون أفراحهم كما فعلنا نحن، وكما فعل أجدادنا. يكفيهم أن ينصبوا خيمة كبيرة، يحيط بهم الأصدقاء الحقيقيون، خالٍ من أي حرارة إنسانية، قالت بلهجة مرحة: أمهلتني فاطمة ستة أشهر. في الشهر السابع اتخذت قراري. - تعلمون جميعاً المشكلة التي يعاني منها الشبّان بسبب المهر وآن لنا أن نضع حدّاً لها. ثمّ: علينا أن نأخذ على عاتقنا المهر ونفقات هذا مستحيل. - إن فهمتكم جيّداً، لكن لا يمكنها مساعدة زوجين شابين على بناء مستقبلهما. الأمر هنا يتعلّق بزواج، - غلط، الأمر هنا يتعلّق بمسألة وطنية، التفتُ نحو وزير الشؤون الاجتماعية وطلبت منه إعداد دراسة حول الموضوع في أسرع وقت. في التاسع من ديسمبر 1992 وقّعتُ القرار. يسمح بموجبه تقديم مبلغ قدره عشرون ألف دولار لكل رجل يرغب في الزواج، وفي حالة الولادة يحق له الحصول على خفض الدين بنسبة عشرين في المائة عن كلّ ولد. حلم فاطمة تحقّق. من بين كلّ الأحلام التي شكّلت معالم في حياتي حلمٌ رأيته بعد أسابيع من وفاة شخبوط ثم راشد ولم يكفّ عن ملاحقتي. ذات ليلة كنت مستلقياً في فناء قلعة المويجعي، في العين، لم تكن هذه المرّة الأولى التي أسترخي فيها مفتوح العينين أعدّ كوكبة النجوم التي ستعيش لمليارات السنين بعد موتنا. في لحظة ما غفوت وظنئت أنني أسمع صوتاً يهمس لي: «لقد أطاع أمر السماء». كانت تلك هلوَسة طبعاً. تخيّلت صَرْحاً، صَرْحاً مفتوحاً أمام كلّ الزائرين، أبيض كوردة بيضاء. بل هندسة أثيرية، الإلهي في ملاقاة الإنسان. ومن الماء. من ماء كالبُحيرة، من ماء كالبحر، الذي يرمز إلى الثراء الحقيقي: ماء آبار العين العتيقة، من تركيا، لأن العالم كله سيكون له نفاذ إليه. أكبر سجادة في العالم، ولمَ لا تكون من مدينة مشهد، منسوجة


Original text

كانت طريق العودة طويلة. أطول من أيّ وقت مضى. الصحراء، البحر، النخيل تغفو لامبالية. عندما نتالم نريد حتّى من الطبيعة أن ترأف بنا.
الأوّل من أغسطس 1990
بدا وجه فارس شاحباً وهو يناولني جهاز الهاتف.



  • هذا الشيخ مكتوم. قال إنّ الأمر عاجل.
    ألقيت نظرة على ساعة الجيب. كانت العقارب تشير إلى 11:15 ليلاً.
    الشيخ مكتوم هو أكبر أبناء الشيخ راشد. عرفته منذ كان طفلاً، وها هو يناهز الخمسين من العمر. كان لديه ميلٌ فطري. للتجارة والأعمال كأبيه. شخصية مرموقة. فكّرت في الأسوأ على الفور. أن يطلبني مكتوم في هذه الساعة المتأخرة من الليل فلأمر على جانب من الخطورة. حرصت على إبلاغك بأسرع وقت، يا شيخ زايد. منذ حوالي ساعة تعرّض أبي لسكتة دماغية.باسم اللَّه الرحمن الرحيم. قُلْ لي إنه حي حيّ، لكن حالته حرجة جدا أين هو؟ نُقِلَ إلى مستشفى دُبَي أنا قادم.انتزعت سائقي من فراشه، وبعد ساعة وخمسين دقيقة كنت قرب سريره. وكان أولاده الأربعة هناك.انحنيتُ نحو أخي وصديقي ورفيق دربي وقبّلتُ جبهته.لم يُبد أيّ ردّة فعل. صدره يعلو ويهبط بنفس قصير، متقطع.للمرّة الأولى منذ عرفته، قبل أربعين سنة، بدا هذا الرجل
    الصخرة، الرجل القلعة، بلا حول ولا قوّة.
    تتداعى الأفكار أحياناً على نحو غريب جداً.
    فجأة عاودني مشهد.
    راشد يقف أمام صقلاوي، جواده المفضّل. بإشارة من يده يرفع الحيوان قائمته الأمامية. بإشارة أخرى ينحني احتراماً.
    أفكارنا غير متوقّعة.
    شعرت بأني أعبر أنهاراً لامرئية، من تلك التي تجرف في جريها الذكريات.
    كان بيننا خصومات. تواجهنا مرّات لكن بشرف، ولم نخلّ يوماً بالاحترام المتبادل. في أشد اللحظات تعقيداً أعرب عن رعاية أبوية حيالي مع أنه لا يكبرني إلاّ بست سنوات.
    أحياناً كان يمضي ساعات سُهاده في التحدث معي عبر الهاتف عن الخطط التي تستنزفه ويهمه نجاحها أكثر من أن يعيش زمناً أطول إضافياً. المسؤوليات التي نتحمّلها تفصلنا كثيراً عن الناس، والوظيفة غالباً ما تطغى فيها الأُبهة على الصداقة الحقيقية. لم تكن هذه حالنا.


سألت مكتوم:



  • ماذا يقول الأطبّاء؟

  • يقولون إن التشخيص غير مطمئن. يجب الاحتفاظ بالأمل.
    قلتُ مُرتّلاً:

  • «توكّلْ على اللهِ وكفى باللهِ وَكيلاً»".
    ثمّ عدتُ أدراجي ونفسي مفعمة حزناً.
    كانت طريق العودة طويلة. أطول من أي وقت مضى.
    الصحراء، البحر، النخيل تغفو لامبالية. عندما نتألّم نريد حتى من الطبيعة أن ترأف بنا.
    قبل سنة، يوماً بيوم، توفيَ أخي شخبوط رحمه الله، ذات
    11 فبراير من عام 1989. مات وهو نائم، ولم أكن إلى جانبه.
    رحلَ بتكتّم مثلما عاش. كان في الثالثة والثمانين من العمر.

  • اشتقتُ إليك، يا أخي، اشتقنا إليك.
    (1) سورة الأحراب، الآية 3.


اشتقتُ إليكم أنا أيضاً. لا البحرين ولا بيروت لهما سحر أرضنا.
سنة مرّت. ما زلت أسمع كلماته تتردّد في داخلي بقوّة.
لم أجرؤ على التفكير في أنّ مصيبة قد تحلّ براشد أيضاً.
سيكون هذا من قبيل الظلم. لكن ما قيمة رجائي؟ أليس مصير الناس بيد اللّهُ؟ أليس هو، وهو وحده، صاحب القرار؟ ألَمْ يقلْ: «ولِكُلِّ أُمَّةٍ أجَلٌ فإذا جاءَ أجَلُهُمْ لا يَسْتأْخرون ساعةً ولا يَسْتَقْدِمون»".
لم نكن بعيدين عن القصر عندما بثّت الإذاعة الخبر الذي كنّا نخشاه كلّنا: الجيش العراقي دخل إلى الكويت.
هذا الغزو كان بالتأكيد أكبر صدمة في حياتي.
إذن هو هذا الكابوس الذي رأيته في منامي.
لم تكن الكويت، في نظرنا نحن الإماراتيين، مجرّد بلد جار. كانت جزءاً لا يتجزّا من حياتنا اليومية. عدد من أبنائنا تعلّموا في المدارس الكويتية. مواطنونا يتلقون العلاج في
(1) سوراة الأعراف، الآية 34.


الكويت وبالعكس. كنا أكثر من شعبين مترابطين.
بلغتني أولى التفاصيل المتعلّقة بالغزو صباح الثاني من أغسطس 1990. أذكر أنني طلبت ثلاث مرّات من وزير الدفاع أن يكرّر ما قاله عبر الهاتف. الحدث صحيح إذن.
أعلنت حالة الطوارئ ووضعت القوّات المسلّحة في حالة تأهُب، بالاتفاق مع الشيخ مكتوم، الذي كان يقوم منذ ثمان وأربعين ساعة بمهامّ نائب الرئيس.
كان القرار الأول الذي ينبغي اتخاذه هو استقبال إخواننا وأخواتنا الكويتيين النازحين عن بلادهم. وضعنا في تصرّفهم فنادقنا ومبانينا وفتح لهم عدد من مواطنينا بيوتهم وقلوبهم.
مرافئنا أصبحت مناطق رُسوّ للأساطيل الأمريكية والبريطانية.
ولم يكن أمامنا من خيار إلاّ الانضمام إلى التحالف المُسمّى
«عاصفة الصحراء».
ذات يوم أعلن غاندي: «إذا كان الخيار بين الجبن والعنف
فأنا أنصح بالعنف».
في السابع من أكتوبر فجراً، وفيما الغضب والضوضاء يملآن الأثير، أبلغني مكتوم أن أباه أسلم الروح لبارثها. انتابني


حزن شديد واغرورقت عيناي بالدموع. في أقلّ من سنتين فقدت أخوين، أخ بالدم وأخ بالقلب، جَرَيا في عُروقي مجرى الدم وسيجريان دائماً.
*
يونيو 1992



  • زايد، اعذرني، لكن الوضع يجب أن يتغيّر. من غير المعقول أن يعمل الناس على إفقار بعضهم بعضاً على هذا النحو.
    كان من النادر أن تأتي فاطمة إلى مكتبي في القصر. إن كان لديها اقتراح أو موضوع تعرضه عليّ كانت تفضّل أن نناقش الأمر معاً في المنزل. والأندر أن تبدو مغتاظة إلى هذا الحدّ.
    سألتها:

  • بماذا يتعلّق الأمر ؟


بالموضوع الذي تكلّمنا فيه مراراً... المهر. المهر...
فعلاً.
عندنا وفي العالم المسلم عامة يُعتبر المهر هدية يقدمها الزوج إلى زوجته. بخلاف العادة في بعض الثقافات الآسيوية حيث تُعطى هذه التقدمة إلى عائلة الزوج، وفي مجتمعات أخرى لا تُعطى للزوجة بل لوالدها. بالنسبة إلينا يُعتبر المهر نوعاً من الضمانة من قبل الزوج والتمهيد لتحمُّل مسؤولياته الزوجية. غير أن هذا المبلغ هو، فوق كلّ شيء، وسيلة تمكّن الزوجة من العيش وحدها بضعة أشهر في حال وفاة الزوج أو مرضه. للأسف، لم تعد هذه المكرُمة إحساناً بل أصبحت عبئاً.
كلفة زواج نموذجي يمكن أن تبلغ مئات آلاف الدراهم التي تنفق على حفلات الزفاف والاستقبال الباذخة التي تتجاوز الحدّ، وعلى شراء المجوهرات والملابس. وغالباً ما تكون النتيجة اضطرار كثير من الأزواج الشبان للاستدانة من البنوك والغرق في الديون. أمّا الآخرون فيُكرَهون على حياة العزوبية.
هززتُ رأسي.


أنا أدرك المشكلة، قلتُ لها. فضلاً عن أنني سمعت بأن بعض العائلات أصبح أكثر جشعاً، مما أدّى إلى ارتفاع عدد الفتيات اللواتي ما عدنَ يجدنَ أزواجاً. تعلمين جيداً أنني اعترضت دائماً على الشطط في بعض المهور التي ترهق على نحو مُفرط ميزانية الأزواج الشبّان، وهم في أمسّ الحاجة إلى كلّ إمكاناتهم في بداية حياتهم الزوجية. بدلاً من إنفاق مبالغ طائلة في الفنادق الفخمة، لماذا لا يقيمون أفراحهم كما فعلنا نحن، وكما فعل أجدادنا. يكفيهم أن ينصبوا خيمة كبيرة، يحيط بهم الأصدقاء الحقيقيون، أولئك الأعزّاء على قلوبهم.
وسوف يساعدهم الجيران على إعداد الطعام فيأتي كلّ منهم بما في متناوله. هذا أسهل من أن يأخذ العريس عروسه إلى فندق فخم، خالٍ من أي حرارة إنسانية، ويعرضها على مرأى من مئات الغرباء الذين يلتقطون صوراً لها. ما الحلّ الذي تقتر حينه؟
قالت بلهجة مرحة:




  • أنت الرجل. أنا أطرح المشكلات وأنت تجد الحلول.
    حلول، لا يوجد مئات منها.




  • أمهليني بضع ساعات لأفكر.
    أمهلتني فاطمة ستة أشهر.
    في الشهر السابع اتخذت قراري. عقدت مجلساً ودعوت عدداً من أعضاء الحكومة المعنيين وأعلنت:




  • تعلمون جميعاً المشكلة التي يعاني منها الشبّان بسبب المهر وآن لنا أن نضع حدّاً لها. منذ أشهُر وأنا أفكر في المشكلة. استجوبت العديد من العائلات، وتوصّلت إلى
    نتيجة.
    سكتّ لأعطي ما سيأتي مزيداً من الوزن، ثمّ:




  • على الحكومة، علينا أن نأخذ على عاتقنا المهر ونفقات
    الزواج.
    حدثت جلبة وبدت الدهشة على الوجوه.




  • لكن هذا مستحيل، يا طويل العمر. يمكن لأب أن يساعد ابنه، يمكن لعمّ، لأَمّ، أو لأي كان، أن يساعدوا على الزواج. لكن في هذه الحالة ليس للحكومة أن تتدخّل، لا، هذا مستحيل.





  • إن فهمتكم جيّداً، يمكن للحكومة بكل بساطة أن تقدّم للناس بيوتاً، أو تسدّد قرضاً لإنسان مُتعسِّر، لكن لا يمكنها مساعدة زوجين شابين على بناء مستقبلهما.




  • هذه مسألة أخرى، اعترض وزير، الأمر هنا يتعلّق بزواج، أي بمسألة شخصية بحتة.




  • غلط، الأمر هنا يتعلّق بمسألة وطنية، بمستقبل شعبنا.
    إن تقديمنا هذه المساعدة يعني في الوقت نفسه أننا نضع حداً لمغالاة بعض العائلات في قيمة المهر.
    التفتُ نحو وزير الشؤون الاجتماعية وطلبت منه إعداد دراسة حول الموضوع في أسرع وقت.
    في التاسع من ديسمبر 1992 وقّعتُ القرار. سمّيناه «صندوق الزواج». يسمح بموجبه تقديم مبلغ قدره عشرون ألف دولار لكل رجل يرغب في الزواج، شرط أن يكون إماراتياً ولا يتجاوز دخله مستوى معيّناً. وعليه أن يتعهّد بتسديد هذا المبلغ أقساطاً. وفي حالة الولادة يحق له الحصول على خفض الدين بنسبة عشرين في المائة عن كلّ ولد.
    حلم فاطمة تحقّق.




فبراير 1993
من بين كلّ الأحلام التي شكّلت معالم في حياتي حلمٌ رأيته بعد أسابيع من وفاة شخبوط ثم راشد ولم يكفّ عن ملاحقتي.
ذات ليلة كنت مستلقياً في فناء قلعة المويجعي، في العين، أتمتع بتأمُل القُبّة السماوية المرصّعة بالنجوم. لم تكن هذه المرّة الأولى التي أسترخي فيها مفتوح العينين أعدّ كوكبة النجوم التي ستعيش لمليارات السنين بعد موتنا. في لحظة ما غفوت وظنئت أنني أسمع صوتاً يهمس لي: «لقد أطاع أمر السماء». كانت تلك هلوَسة طبعاً. أو لعلّ السماء تصدر إلينا أوامر يسمعها بعضنا حيث لا يلحظ الآخرون سوى صمت ثقيل؟
عندما فارقني النعاس فكّرت: «ما الذي يبقى عندما لا أعود هنا؟ ما الذي سيحفظونه عني؟». ومن فكرة إلى فكرة وجدتني أردّد هذه الكلمات: «لقد أطاع أمر السماء»،


وتجسدت أمامي رؤية. تخيّلت صَرْحاً، صَرْحاً مفتوحاً أمام كلّ الزائرين، من كلّ الملل والنحل، صرحاً منارة لمجد فنّ لعمارة الإسلاميّ. فأيّ صرح سيكون أعظم من جامع؟ سيكون أبيض كالطهارة.
أبيض كوردة بيضاء.
نقيّاً كقلب طفل.
خطوطه ليّنة للناظر.
سيكون قصيدة تبجّل الخالق العليّ القدير، مكتوبة بكلمات من رُخام، ومن ذهب، ومن خزف صقيل، ومن حجارة نفيسة. لكن من دون إفراط. مرآة للقمر.
ما من ثقل، بل هندسة أثيرية، تكاد تكون لا مادية. الإلهي في ملاقاة الإنسان. تخيّلتُ أيضاً أن هذا البناء سوف يتنفّس على إيقاع الدورة القمرية. عندما يصبح القمر بدراً سوف يتشح بنور أبيض وبارد، ثم يتحوّل تدريجاً من الأبيض إلى الأزرق.
ومن الماء. من ماء كالبُحيرة، من ماء كالبحر، من الماء


الذي يرمز إلى الثراء الحقيقي: ماء آبار العين العتيقة، ماء الأفلاج المحفورة بعرَق أرواحنا، من الماء في حوض يحاذي إحدى واجهاته، معظّماً جماله. لبناء هذا الصرح سوف يُؤتى بخيرة موادّ البناء من إيطاليا، من اليونان من ألمانيا، من المغرب، من الهند، من تركيا، من إيران، من الصين، من العالم كله، لأن العالم كله سيكون له نفاذ إليه.
وفي الداخل، في قاعة الصلاة، سجادة تغطي الأرض، أكبر سجادة في العالم، ولمَ لا تكون من مدينة مشهد، منسوجة
بأيدي النساء؟
للمرة الأولى في حياتي لن أدخل في سباق ضد عقارب
الساعة، لكن سأضع ساعة عقار بها متوقّفة.
تاج محلّ بُني حُبّاً لامرأة. هذا المسجد سوف يُبنى حُبّاً الله.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Lecture Title: ...

Lecture Title: Late Adulthood and Death in the Life Span Developmental Process ⸻ I. Introduction ...

11:43 ‏X القضية...

11:43 ‏X القضية · - 82 قضية المدعي العام ضد بريما امير " الحالة) في الإقليم الغربي لأرضستان ) الدائر...

Imagine walking...

Imagine walking into a busy mall and seeing a welcoming booth labeled "Free Health Screening." That'...

The Kingdom of ...

The Kingdom of Saudi Arabia has also contributed to reducing the spread of desertification, includin...

4- النطاق العاب...

4- النطاق العابر للجدود الوطنية : ساعد التطور التقني في وسائل الإتصالات والنقل المختلفة في توسيع نش...

السبيل لدعم الت...

السبيل لدعم التنمية في أغلب دول العالم، نظرا لأهميتها الإستثمارية والتنموية الناتجة عن تكلفة إنتاجها...

لخص النص التالي...

لخص النص التالي: كتاب الإقرار وهو الاعتراف بالحق؛ مأخوذ من المقر وهو المكان، كأن المقر جعل الحق في ...

1. مفهوم التربي...

1. مفهوم التربية البدنية والرياضية: لقد تعددت مفاهيم التربية البدنية والرياضية عند العلماء ورغم وجود...

Tone refers to ...

Tone refers to the attitude or perspective that the poet adopts toward the subject, audience, or cha...

تزعمت الحركة ال...

تزعمت الحركة الوطنية المقاومة السياسية منذ 1930، واتخذت أشكال عمل مختلفة لمحاربة الاستعمار، أسفر ذلك...

Ecology is the ...

Ecology is the study of organisms, the environment and how they interact with each other and their e...

معرفة فعل الجين...

معرفة فعل الجين ودرجة السيادة بعد امر مهم للعاملين في مجال التربية والتحسين الوراثي لذلك ومن اجل توض...