Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

فتلك القيم و المعايير التي يكتسبها الفرد من بيئته الإجتماعية ماهي إلا إنعكاس لأفكاره وسلوكياته وتصرفاته تجاه مواقف الحياة وظروفها المختلفة بغض النظر عن نوعية السلوك الذي يشير إلى الإختلاف البارز في عملية التنشئة الإجتماعية ،
لاتزال الصحة و المرض تشكل رهانات الدول والمجتمعات المعاصرة لما لها من أهمية في تطور وتقدم أي مجتمع إنساني ،
حيث كان هذا الأخير يستعمل طرق ووسائل علاجية بسيطة تتلاءم ووضعية الحياة الإجتماعية المعاشة لعلاج الأمراض ،
وبتطور التفكير العلمي المبني على قواعد تجريبية وحسية إبتعد الإنسان عن الطرق الميتافيزيقية في تفسيره للظواهر الصحية و المرضية التي كانت تهدده من جهة ،
إكتسى مفهوم الغذاء طابعا جديدا و أصبح من الضروري الوقوف على ضرورة معرفة مدى خطورة عدم توفره ،
لذلك تعتبر الصحة الأسرية من المواضيع المحورية الهامة التي تساعد الفرد و المجتمع على تنظيم الحياة اليومية الإجتماعية ،
بإعتبارها مجموعة من الأوضاع و العمليات المتداخلة و المتفاعلة التي تتطلب تحليل العلاقات داخل و خارج الأسرة ،
1- الإطار المفاهيمي :
مفهوم الأمن الغذائي :
و أهم تعريف هو لوز ير الخارجية الكندي Axworthy Lloyd الذي عرً ف الأمن الإنساني " بأنه وسيلة لحماية الأفراد ضد التهديدات و ضد العنف و هذا لوجود انتهاكات لحقوق الإنسان و في حقهم في الأمن.
حيث تم الاهتمام بكل جوانب الأمن الإنساني و الغرض في الأخير هو تحقيق أمن الفرد من الخوف و من الحاجة و هو المفهوم الذي تم النص عليه في تقرير التنمية الإنسانية لسنة(عرفة،
و الأمن الإنساني حسب تقرير التنمية الإنسانية لسنة 1994 يتضمن سبعة (7 ) أبعاد هي : الأمن الاقتصادي ،
المجتمعي و الغذائي فهذا الأخير الذي له الأهمية الكبرى محوره هو الفرد ،
و بما أن المحور هو الفرد فإنه يركز على حق شخصي هو الحق في الغذاء،
الذي كفلته العديد من الوثائق الدولية قبل ظهور مفهوم الأمن الإنساني بصفة عامة و مفهوم الأمن الغذائي بصفة خاصة.
حيث يوجد حوالي مائتي (200) تعريف و حوالي (400 ) مؤشر للأمن الغذائي و يعود سبب ذلك إلى طبيعة المفهوم التي تجمع بين مجالات عدة ،
فهو لا يقتصر على مجال العلوم الطبيعية بل يتعدى ذلك إلى مجال البحث في التنمية الاقتصادية والبيئة والزراعة و الصحة(Apage & Redclift,
كما أنه يشتمل أيضا على العديد من القطاعات سواء ما تعلق بقطاع الإنتاج أو التوزيع أو الاستهلاك كما يتعدى المجال الداخلي إلى المجال الخارجي،
قبل أن نتطرق لتعريف الأمن الغذائي نوضح أو لا تعريف الأمن كمصطلح و كمفهوم
أولا: تعريف الأمن :
1-1 التعريف اللغوي للأمن: الأمن لغة له عدة معاني منها: أمن ،
الأمانة وأمن( بكسر الميم) بمعنى سلم.
و اسم االله تعالى : الآمن لأنه أمن عباده من أن يظلمهم.
وكما أظهرت الإختلافات بين التعاريف التي تضم معنى الحماية من الخطر و التعاريف التي تتضمن معنى الإحساس و الشعور الذاتي بالأمان ،
و قد عرفهBuzanعلى" أنه التحرر من كل تهديد " (Buzan,
و أنه مفهوم ضيق إن احصر في التهديد العسكري و مفهوم واسع إن تعدى ليشمل التهديدات الأخرى البيئية ،
كما عرف الأمن على أنه "الإحساس الذي يتملك الإنسان بالتحرر من الخوف من أي خطر".
أما الأمن في العلاقات الدولية فقد كان التركيز على الأمن الصلب أي أمن الدول من أي هجوم خارجي فكان التركيز على التهديدات العسكرية و كانت آليات مواجهتها و التصدي لها تتسم باستعمال القوة العسكرية أيضا .
إن وضع تعريف شامل للأمن الغذائي مر بعدة مراحل ومن قبل العديد من الهيئات الدولية المعنية بالأمن الغذائي ،
تختلف كل مرحلة عن المرحلة السابقة لها بسبب تعدد و تنوع التهديدات التي تعترض بناء الأمن الغذائي ،
و نظرا لكون الأمن الغذائي كان شبه منعدم في العديد من دول العالم ،
1-3 تعريف لجنة الأمن الغذائي العالمي: كان أول اهتمام رسمي بمفهوم الأمن الغذائي من قبل لجنة الأمن الغذائي العالمي سنة 1974 وذلك بعد الأزمة العالمية لسنة 1970 حيث عرفت الأمن الغذائي بأنه:" القدرة على توفير الإمداد الكافي من الغذاء" .
و مع الإزدياد المفرط لعدد السكان في العالم زاد الطلب على الغذاء و النتيجة كانت عجز العديد من الدول على تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
و صعوبة عقد الإتفاقيات الدولية بشأن الأمن الغذائي ،
لذلك صدر تقرير لجنة الأمن الغذائي لسنة 1974 بالنص على:" أنً لكل شخص،
و ذلك بعد ثماني (8) سنوات من اعتماد هذا الحق في المعهد الدولي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية لسنة 1996 (Francis.
1-4 تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: في تقرير التنمية البشرية لسنة 1994 ،
هذا التقرير الذي حرره محبوب الحق و اعتمده برنامج الأمم المتحدة للتنمية،
فعرفه على أنه:" أن تكون لدى جميع الناس و في جميع الأوقات إمكانية الحصول ماديا و اقتصاديا على الغذاء الأساسي،
وأن يكون من السهل ذلك سواء بشرائه أو زرعه فرديا،
و أن يكون هناك توزيع عادل وجيد للأغذية " (تقرير التنمية البشرية,
-بعد التوفير: يعني توفير الغذاء الكافي لكل شخص بشتى الطرق ما يضمن له العيش بكرامة له و لعائلته.
حيث توجد مناطق في العالم يتوافر لديها الغذاء الكافي لشعوبها بسبب ازدياد نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي مثلا أو لتطور الدولة في مجالات التنمية ،
و مثال ذلك ازدياد نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي في الدول النامية حسب التقرير ب %18 خلال الثمانيات لكن بقيت حالة انعدام الأمن الغذائي بسبب انعدام التوزيع العادل للغذاء(تقرير التنمية البشرية،
1-5 تعريف المنظمة العالمية للأغذية و الزراعة FAO: بدعوة من منظمة fao إنعقد مؤتمر القمة العالمي للأغذية سنة 1996 ،
الذي إعتمد المفهوم الأوسع للأمن الغذائي على أنه "يوجد عندما تكون لدى جميع الأفراد وفي جميع الأوقات إمكانية الحصول المادية و الإقتصادية و الإجتماعية على الغذاء الكافي و المأمون و المغذي ،
يفي بإحتياجاتهم الغذائية كي يمارسوا حياة موفورة النشاط و الصحة " (fao،
1- بعد الكفاية: أي توفير الغذاء سواء بالإنتاج المحلي أو بالإستيراد أو المساعدات الغذائية و أن يكون كافيا للفرد ولأسرته،
-2 بعد الحصول على الغذاء : إمكانية الحصول على الغذاء وبكميات متساوية .
-3 بعد الجودة : بأن يكون الغذاء مأمونا سليما ومغذيا.
4 - بعد الإستقرار و الإستدامة: أي أن يكون الغذاء يوفر النشاط والصحة على مدار الزمن .
فالأمن الغذائي حسب تعريف منظمة fao لا يعني توفر الغذاء فقط بل يتضمن أيضا الحصول على الغذاء وجودته و إستدامته (Mcdonald,
1-6 تعريف البنك الدولي: عرف الأمن الغذائي بأنه " إمكانية حصول كل الأفراد و في كل الأوقات على غذاء كافي لحياة نشطة وصحية.
من خلال التعاريف السابقة نلاحظ أنها خضعت لتسلسل زمني في تطورها حيث أن التعاريف الأولى كانت تركز فقط على مدى توفر الغذاء،
ثم تم الإنتقال إلى التركيز على توزيعه بعد توفره وبعدها تم اعتماد تعاريف تركز على مختلف أبعاد الأمن الغذائي من التوافر و الجودة و الإستدامة ،
ثانيا : تعريف البيئة
إن مفهوم الأمن لم يعد يرتبط فقط بالقوات المسلحة من أجل الدفاع والقتال وسباق التسلح،
ولكنه صار يرتبط بصورة كبيرة بمشاكل بيئية تتعلق بالمياه،
تفوق من حيث طبيعتها ونطاقها ما كانت تمارسه الأجيال السابقة،
فقد أوجد الإنسان بيئة جديدة لاتنفك تتحول وتتغير،
لما أصابها من خراب ودمار يهدد حياة الكائنات البشرية و الحيوانية والنباتية،
فهذا الواقع المطروح جعل حماية البيئة ضرورة أمنية تستلزم تطبيق القوانين الدولية والإقليمية والمحلية والوطنية،
وقد إزدادت أهميتها بعدما أضحى التلوث البيئي في عالمنا اليوم كظاهرة خطيرة على حياة الإنسان والكائنات الحية،
و لأن إستمرار الحياة على كوكب الأرض مرهون بتواجد بيئة صحية متوازنة وآمنة لكافة المخلوقات دون تمييز .
خاصة مع إنعدام تعريف موحد يبين ماهية البيئة ويحدد مجالاتها المتعددة.
وبعض القوانين أن تضع له تعريفا ومنه : " تمثل البيئة ذلك الحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم،
الذي عقد في أستوكهولم عام 1978 مفهوم البيئة بأنها كل شئ يحيط بالإنسان.
هذا المصطلح بأنه : "يعني مجموعة الموارد الطبيعية والإجتماعية المتاحة في وقت معين من أجل إشباع الحاجات الإنسانية (بشير،
نلاحظ أن أغلب التعريفات المذكورة أعلاه تتفق على أن البيئة تحوي كل الكائنات بما فيها الإنسان،
وهو الرأي الذي أكده مؤتمر قمة الأمم المتحدة والبيئة المنظم سنة 1982 بعاصمة السويد،
لاسيما حق الإنسان من التواجد في بيئة تسمح له بالعيش في كرامة ورفاهية،
وعلى الإنسان واجب متميز يقضي بحماية المحيط للأجيال الحالية والقادمة،
وهي التزايد السكاني المضطرد وما ينتج عنه من إستغلال بشع للثروات الطبيعية،
الشئ الذي يؤدي إلى إتلاف الثروات وتزايد نسبة التلوث (عطية ط.
فالبيئة إذن تعتبر كمخزون ديناميكي للمصادر الطبيعية المتوفرة في وقت ما من أجل تلبية إحتياجات الإنسان،
الحيوانات والنباتات والطاقة الشمسية والبشر.
ومصادر الطاقة والأراضي الزراعية.
ثالثا : تعريف البيئة الإجتماعية :
وهي أيضا ذلك المستودع لموارد الإنسان وعناصر الثورة المتجددة وغير المتجددة التي تتفاعل مع بعضها البعض وتؤثر على الإنسان وتتأثر به (صالح،
وأستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته فعمر الأرض وإخترق الجواء لغزو الفضاء .
كما تعرف أيضا بأنها " الظروف و الملابسات جميعها التي تحيط بالأفراد وتؤثر فيهم تأثيرا كبيرا سواء بطريقة مقصودة أم غير مقصودة " (جاد،
عرف أحمد زكي بدوي البيئة افجتماعية بأنها تلك البيئة الإجتماعية التي تشكل النظم و القواعد و القوانين و اللوائح و العادات و التقاليد و القيم و المعايير و الأعراف أو العلاقات الإجتماعية و اللغة و الدين و الأوضاع الإقتصادية و النظم السياسية و التعليم والإعلام و الفنون و الأداب و الظروف الصحية ،
رابعا : تعريف الصحة الأسرية
التعريف اللغوي للصحة :
- الصحة لغة :جاء في قاموس شارح لسان العرب : بأنها من الصحاح خلاف السقم وذهاب المرض ومنه صح فلان من علته واستصح (مكرم،
كما تعني أيضا : نقيض المرض و السقم وذهابهما(قندلي،
- أما في معجم welisterالإنجليزي :فتشير كلمةhealth أي( الصحة ) إلى المضامين التالية :
ب- حالة الجسم ( سيئة كانت أم جيدة).
ج - حالة إزدهار وسعادة ،
فيمكن إطلاقها في السياق العام لها.
- أما معجمdorland's فيعتبر الصحة "حالة مثالية للسلامة والإزدهار (أو العافية) الجسديين والذهنيينوالإجتماعيين وليس مجرد غياب أو العجز أو الضعف.
- الصحة اصطلاحا: يستخدم هذا المفهوم على معنيين :
الثاني: يشير إلى علم وفن الوقاية من المرض والإرتقاء بالصحة من خلال المجهودات المنظمة من طرف المجتمع وتشمل العديد من المجالات والميادين.
وقد أورد مارشال في الفصل الخامس من الجزء الرابع من كتابه "مبادئ الإقتصاد" لدراسة اثر الصحة على السكان والثروة الاقتصادية تحت عنوان thehealthand strengthof the population " "،
مفهوم الصحة بأنها "القوة الجسمية physical والقوة العقليةmental،
للفرد ويرتبط المستوى الصحي للفرد بحاجة المسكن ومستوى التعليم ومستوى الغذاء وتنوعه ،
ومستوى نظافة البيئة والخدمات الصحية المتاحة ومدى إمكانية الحصول عليها"(طيلب،
هذا التعريف يعتبر شاملا لأنه جمع بين ما هو مادي ومعنوي لتحقيق الصحة وكذلك بضرورة توفير العوامل الأساسية التي تدخل ضمن إطار تحقيق الصحة العامة للفرد .
تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها " حالة التحسن الجسمي و العقلي و الإجتماعي الكامل ،
كما تعرفها أيضا بأنها " حالة من الكفاية و السلامة الكاملة الجسمية والعقلية والإجتماعية ،
و ليست مجرد الخلو من المرض والعجز(صالح،
فهذا التعريف عام وشامل يعطي دلالة على أن الصحة ثابتة وغير متغيرة ،
2- الصحة الأسرية والبيئة :
2-1 البعد السوسيو تاريخي للصحة كمجال لفهم الصحة الأسرية :
فالإنسان الأول عرف المرض وكان يعالج الإصابات المرضية بالسحر و الشعوذة و الصلاة وكان الإعتقاد السائد بأن المرض ماهو إلا نتيجة قوى خارقة فوق البشر،
ففي العصر اليوناني إهتمت الدولة بالصحة البدنية وقوة العضلات حتى أنهم إتخذوا للصحة آلهة يعبدونها(السيد،
أما حديثا فقد كثر إستعمال لفظ الصحة للدلالة على جميع الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة لسلامة الشعب ورفاهيته ،
- كشف الأمراض المعدية وعلاجها ومكافحتها بإستعمال اللقاحات وكذلك التطهير و التعقيم .
- رفع مستوى الصحة الشخصية عن طريق توفير الأغذية المتكاملة و الرياضة و التنسيق الصحي
- إصحاح البيئة عن طريق نظافة الأوساط المحيطة بالإنسان ،
وهي الهوا و المأكولات(السيد،
- الصحة تعني حالة السلامة و الكفاية البدنية و العقلية و الإجتماعية الإيجابية ،
وليست مجرد الخلو من المرض أو العجز (القتلاوي،
أما النظرة العلمية للصحة فتشير إلى أنها تسمح بالنظر إلى الجسم ككل أو عضو من الأعضاء أو جهاز من أجهزة الجسم على أنه في حالة صحية طبية إذا كان يؤدي وظائفه بفعالية ،
مشبعا للحاجات مستجيبا لمتطلبات الحياة أو حاجيات البيئة سواء ما تعلق بالإحتياجات الداخلية أو الخارجية ،
في حين تشير النظرة الإجتماعية الطبية للصحة على انها القدرة الذاتية الضرورية و الكافية بدرجة مرضية لكي يؤدي الفرد بكفاءة وفعالية دوره ووظائفه المتعددة و المتنوعة في نطاق النظام الإجتماعي الذي يعيش فيه ،
على أساس أنه يعكس الكيفية التي يستخدمها الناس لمعالجة المشكلات الموجودة في المجتمع ،
كما ان أنواع الأمراض ومعدلات الوفيات وأنواعها في المجتمع تتأثر كثيرا بالقيم المتصلة بتنظيم الأسرة و العمل (آخرون،
عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة سنة 1948 بأنها "حالة من العافية الكاملة البدنية و النفسية و العقلية و الإجتماعية ،
فهذا التعريف عام وشامل يعطي دلالة على أن الصحة ثابتة وغير متغيرة ،
2-2 : التفاعل بين الصحة الأسرية و البيئة
بالإضافة إلى أن هناك بعض السمات الشخصية التي تتكون وتتولد في الإنسان من خلال مؤثرات المكونات البيئية وما يتعرض له من تربية وتعامل وتنشئة إجتماعية و أخلاقية ودينية و روحية وفكرية وعقائدية .
فهذا الأخير يستغل ويستثمر مواردها وفي مقابل ذلك هو ملزم بالمحافظة على هذه الموارد من الإستنزاف والنفاذ ،
فهل هذا يعني أنه يتعامل معها كتعامله مع أي حق يمنح له أو يتمكن منه مع إلزام الغير بإحترامه ،
و هذا ما نقصد به أبعاد أو مكونات الأمن الغذائي من توافر الغذاء وجودته واستدامته فهل هذا يعني أن الأمن الغذائي أصبح هو الآخر حق للإنسان يمكن أن يطالب به و أن يتمكن منه كباقي حقوق الإنسان الأخرى.
لذا يجب المحافظة عليها حتى يكون هناك إنتاج غذائي مستدام و هذا ما يبرز العلاقة بين البيئة و الأمن الغذائي.
لاينبغي أن نفهم الصحة بمعزل عن العوامل الأخرى المتصلة بعملية التنمية ،
على إعتبار أن البيئة في مفهومها العام " هي ذلك الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان يتأثر به و يؤثر فيه ،
وقد يضيق فلا يتضمن سوى مساحة بسيطة لا تتعدى رقعة المنزل الذي يسكنه ،
فالبيئة بالمعنى المحدود" تشير إلى ذلك المحيط الطبيعي الحيوي الذي يدعم الإنسان والكائنات الحية الأخرى من أجل البقاء ،
فهي بهذا المعنى تتضمن الجانب العضوي الذي يشمل مختلف الكائنات الحية ،
كما تشير البيئة بمعناها الواسع إلى المحيط الإجتماعي والثقافي الذي يتضمن النظم الإجتماعية و الأيديولوجية و الرموز و التقنية (غيث،
- الجانب الطبيعي العضوي : و الذي يتضمن كل الظواهر التي لا دخل للإنسان في وجودها كالمناخ و التضاريس و النبات وعالم الحيوانات .
- الجانب الإجتماعي الثقافي : و الذي يتضمن تلك الإنجازات المتراكمة التي أبدعها الإنسان على المستويين :
- الفكري : كالعادات و التقاليد و المعتقدات و النظم الإجتماعية .
- المادي : كالمسكن و الطرق و المواصلات و الملابس و المرافق .
فمن خلال ماتم التطرق إليه يتبين أن البيئة يتم فهمها وفق التصور السوسيولوجي و الذي يتضمن الأبعاد الثلاثة التالية : الثقافية و الإجتماعية و البيئية إضافة إلى البعد الطبيعي .
فالصحة الأسرية والبيئة نتيجة التفاعل بينهما يظهر عنصر يتوسطهما وهو المرض الذي يعتبر مفهوما معقدا لأنه يتضمن العديد من الجوانب المتداخلة ،
ويتفق علماء الإجتماع الطبي على ان هناك بعدين أساسيين في تعريف المرض وهما : البعد الطبي البيولوجي ،
فالبعد البيولوجي الطبي يعرف المرض بانه " يمثل الوضع الطبيعي للكائن الحي في حالة التوازن الفسيولوجي الدقيق أو مايطلق عليه الإتزان البدني من حيث إستمرار العمليات الحيوية بواسطة ميكانيزمات معقدة داخل الجسم ،
ومن ثم يتمثل المعنى البديهي للمرض في النتائج المترتبة على تعطل الميكانيزمات التي تتحكم في الإتزان البدني داخل الكائن الحي(خليل،
إذن فالتعريف السوسيو ثقافي للمرض" يعني مدى إتفاق ثقافة المجتمع على أن المعاناة من شيء ما تعد مرضا أو لاتعد كذلك ،
فعندما يتفق أفراد المجتمع على شيء ما بأنه مرض فإنهم يشكلون أفكارهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم بناء على هذا الإتفاق " (الخشاب،
أما البعد البيئي بالمعنى الواسع للمصطلح فهو جانب مهم في الفهم العلمي الصحيح للمرض ،
والمرض بإهتمام واضح من جانب علماء الإجتماع و الأنثروبولوجيا منذ منتصف القرن الماضي تقريبا .
وجب على علماء الإجتماع دراسته من الناحية الجسدية لفهم العلاقة بين الجسد والعوامل الإجتماعية أين ذهب علم اجتماع الجسد لدراسة الطرق التي يتأثر فيها الجسد بالعوامل الإجتماعية المحيطة به وكذا الخبرات الإجتماعية و المعايير والقيم الإجتماعية ضمن المجموعات التي ينتمي إليها ،
كلها إرتباطات تحيك شبكة معقدة بين الحياة الإجتماعية و الجسد الذي أصبح في الآونة الأخيرة أحد أهداف العلم في مجال التقنية والتي أفرزت عدة إشكالات جديدة على غرار التقنية الحيوية و مستقبل الإنسان .
فعلى سبيل المثال لدى بعض الأفراد على إختلاف ثقافاتهم لا نستطيع إقناعهم على تغيير عاداتهم الغذائية مثل أكل الحلويات بكثرة في المناسبات وذلك لإرتباطهم بقيم ثقافية أو دينية ،
2-3 علاقة الصحة الأسرية بالبيئة ونمط المعيشة :
والتي تدخل ضمن إطار التوعية الصحية التي تعرف على أنها مجموع الأنشطة التواصلية و الإعلامية و التحسيسية و التربوية الهادفة إلى خلق وعي صحي بإطلاع الناس على وقائع الصحة و تحذيرهم من مخاطر الأوبئة والأمراض المحدقة بالإنسان من أجل تربية فئات المجتمع على القيم الصحية والوقائية المنبثقة من عقيدة المجتمع وثقافته ،
من خلال ماسبق فإن التوعية الصحية هي مجموعة من الأنشطة والإجراءات التعليمية والإعلامية التي تقدم للمواطنين المعلومات السليمة حول حمايتهم لأنفسهم وأطفالهم من الأمراض و تحذيرهم من المخاطر التي تحدق بهم والغاية منها تحسين صحة الفرد ومحاولة الإنقاص من إحتمالية تعرضه للأمراض و تحسين نوعية حياته.
وهي عملية تقوم بها عدة مؤسسات في المجتمع كالأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية و المؤسسات الإعلامية و الإتصالية و مؤسسات المجتمع المدني ،
بهدف نشر المفاهيم و المعارف الصحية السليمة في المجتمع و كذا مساعدة الأفراد على حل مشكلاتهم الصحية من خلال إستخدامهم لإمكاناتهم ،
بالإضافة إلى العمل على بناء الإتجاهات الصحية السوية بهدف خلق سلوك صحي سليم وتغيير السلوك الخاطئ إلى سلوك صحيح (عميرات،
فالأسرة هي إحدى المؤسسات الإجتماعية الأساسية التي تعد بمثابة اللبنة الأولى لبناء المجتمع والأرضية الخصبة لتشكل الوعي لأفرادها سواء ماتعلق بالوعي البيئي أو الوعي الصحي ،
ولذلك فإن دور الأسرة هو غرس السلوك الصحي في أفرادها وإكتسابهم لعادات صحية سليمة كالنظافة ،
مع تعليم الفرد على كيفية تجنب العادات السيئة الضارة بصحته ،
ولذا فإن دور الأسرة يعد من أهم الوظائف التي يقوم بها الأباء في الأسرة لتنشئة أبنائهم تنشئة سليمة (الطريف،
من هنا يلعب المناخ الأسري والمتضمن طبيعة العلاقات الأسرية والحياة الإجتماعية والنفسية و الدينية و الروحية التي تسود بين أفراد الأسرة الواحدة ،
إضافة إلى إشباع الحاجات الضرورية وتفهم كل فرد لدوره ومسؤولياته ،
دور أساسيا في التأثير على الصحة النفسية للأفراد والتي تطبع آثار مختلفة على شخصياتهم وأنماط سلوكياتهم (أديب،
فالصحة النفسية هي جزء فعال وضروري في تحقيق الصحة الأسرية فهي الجسر الواصل بين عوامل التكوين العقلي وعوامل التكوين الإنفعالي للفرد ،
كل هذا يسهم في تحديد إستجابات الفرد الدالة على إتزانه الإنفعالي وتوافقه الشخصي و الإجتماعي وتحقيق ذاته ،
و أن مايتمتع به من قيم شخصية و إجتماعية تدل على سعي الفرد لتحقيق ذاته ويرفع من درجة توافقه الشخصي و الإجتماعي ،
فالفرد الذي يتمتع بهذه الخصائص هو الذي يتصف بالصحة النفسية السليمة وذلك من خلال ما يستدل عليه من سلوكه (شمال،
فهذا يحيلنا إلى الإعتماد في تحليل الصحة النفسية داخل النسق الأسري على الإتجاه النفسي الإجتماعي الذي يعتمد على الإجتماع و النفس لأن الإهتمام الرئيسي يتعلق بأساليب التفاعل و الإتصال بين الأفراد و التأثير المتبادل .
إن حياة الإنسان وأهدافه وعملياته الفكرية تتحدد من خلال ثقافته وخبراته في الحياة والمسؤولية الإجتماعية ،
ما يجعل من الضروري دراسة السلوك ليس بإعتباره مجرد نتيجة للأحداث التي تقع للفرد و إنما في ضوء التصورات التي ينظم من خلالها بيئته ويقيمها ،
لأن أهداف الإنسان و إختياراته يمكن أن تصبح متغيرات ضرورية في فهم السلوك الإنساني و العمليات الإجتماعية ،
ما يشكل إطار يمكن من خلاله دراسة العلاقة التفاعلية بين الصحة الأسرية ونمط المعيشة في بيئة منفتحة على كل التغيرات و التحولات التي تؤثر على أنماط السلوك الصحية للأفراد ،
ولذا فإن نمط المعيشة يظهر كواقع يؤثر في الحالة النفسية والجسدية للفرد من خلال أهم مكوناته و هي العمليات و السلوكات الإجتماعية و الثقافية والإقتصادية المتمثلة في الرعاية الصحية ،
إذن فالعلاقة التفاعلية بين الصحة الأسرية و نمط المعيشة وسط بيئة إجتماعية هي علاقة ترشيد عقلاني لمختلف أنماط السلوك المشكلة للوعي الصحي بمساعدة العناصر المكونة لنمط المعيشة السالفة الذكر ضمن إطار الصحة الأسرية .
نستنتج من العرض السابق أن العلاقة المعقدة بين الصحة الأسرية و البيئة الإجتماعية و الأمن الغذائي بتأكيد أهمية تفاعل هذه العوامل في تحديد جودة الحياة و إستقرار الأسر،
ومن خلال تعزيز الوعي بأهمية التغذية السليمة و توفير الغذاء يمكن للمجتمعات تعزيز صحة الأسر وتحسين مستويات الصحة العامة ،


Original text

مقدمة:
تعد البيئة الوسط الإجتماعي الذي يحتل أهمية قصوى في مجال التوعية عموما والتوعية الصحية خصوصا ، فهي تمثل نمط من التفاعل والتعامل القائم بين الأفراد ، خاصة وانها أحد المحددات الأساسية لشخصية الفرد و إتجاهاته و المعايير والقيم التي يتحلى بها ، بالإضافة إلى أنها تحدد الطريقة التي ينظم بها حياته اليومية و الإجتماعية ، فتلك القيم و المعايير التي يكتسبها الفرد من بيئته الإجتماعية ماهي إلا إنعكاس لأفكاره وسلوكياته وتصرفاته تجاه مواقف الحياة وظروفها المختلفة بغض النظر عن نوعية السلوك الذي يشير إلى الإختلاف البارز في عملية التنشئة الإجتماعية ، و التفاوت في الثقافة البيئية و الإجتماعية التي يعيشها الفرد و القيم التي يكتسبها من خلال الأسرة التي تعتبر الوعاء الذي يحدد سلوكياته وتصرفاته وردود أفعاله تجاه مواقف الحياة و مجالاتها المختلفة ، وتوجيهه نحو الممارسات الصحية ومدى إهتمامه بالصحة و المرض .
لاتزال الصحة و المرض تشكل رهانات الدول والمجتمعات المعاصرة لما لها من أهمية في تطور وتقدم أي مجتمع إنساني ، فلقد ظهرت مشاكل الصحة و المرض بظهور الإنسان ، حيث كان هذا الأخير يستعمل طرق ووسائل علاجية بسيطة تتلاءم ووضعية الحياة الإجتماعية المعاشة لعلاج الأمراض ، وبتطور التفكير العلمي المبني على قواعد تجريبية وحسية إبتعد الإنسان عن الطرق الميتافيزيقية في تفسيره للظواهر الصحية و المرضية التي كانت تهدده من جهة ، وتعقد الحياة الصحية للفرد من جهة أخرى ، ما أدى إلى ظهور أشكال مختلفة من الأمراض .
فالإهتمام بالجوانب الصحية هو من أهم متطلبات الحياة بإعتبار أن جل وظائف الإنسان وأدواره الإجتماعية إنما تتوقف على المستوى الصحي للفرد الذي يعد أساس وجوده وإستمراريته في أداء وظائفه المختلفة ، والقيام بتوفير إحتياجاته الأساسية لاسيما الغذائية منها والتي لم تعد مسألة فردية فحسب بل تعدت الحدود لتصبح مسألة إجتماعية وجب البحث فيها .
إن الإهتمام بمسألة الغذاء و تحقيق الأمن الغذائي يشكل أحد ابرز القضايا التي تحظى بإهتمام العديد من الباحثين ، ففي الماضي كان التركيز على الإهتمام بالجوانب العسكرية والإقتصادية لأمن الدولة وكيفية تطويرها وحمايتها ، اما الأن فأصبح التركيز منصبا على المحور الأساسي الذي يبنى به المجتمع ألا وهو الفرد ، فهذا الأخير يركز جل إهتمامه على البحث عن قوت يومه ، ويعد توفره مؤشرا على إستقرار الأفراد و الجماعات ، وهو الأمر الذي يحظى بأهمية بالغة منذ القدم ، ولكن مع التطورات الحاصلة على صعيد المجتمعات و الدول ، إكتسى مفهوم الغذاء طابعا جديدا و أصبح من الضروري الوقوف على ضرورة معرفة مدى خطورة عدم توفره ، والذي ينعكس سلبا على الوضع الصحي للفرد .
لذلك تعتبر الصحة الأسرية من المواضيع المحورية الهامة التي تساعد الفرد و المجتمع على تنظيم الحياة اليومية الإجتماعية ، بإعتبارها مجموعة من الأوضاع و العمليات المتداخلة و المتفاعلة التي تتطلب تحليل العلاقات داخل و خارج الأسرة ، مع الأخذ بعين الإعتبار إحتياجات الأسرة ، كما أن نمط العيش في الحياة اليومية يعتبر بمثابة المحدد الأساسي للحالة الصحية للفرد ، بالإضافة إلى أنه يمثل حالة وسطى بين المرض و الصحة .


1- الإطار المفاهيمي :
مفهوم الأمن الغذائي :
شكلت مسألة الغذاء ولسنوات عديدة إحدى اهم المشاكل التي حظيت بإهتمام كبير من قبل جمهور البالحثين ، حيث إرتبطت هذه المشاكل بما أصبح يطلق عليه " الأمن الغذائي " هذا الأخير الذي تعددت تعاريفه بحسب تعدد المشارب الفكرية و التخصصات العلمية التي تناولته .
الأمن الغذائي هو بعد من أبعاد الأمن الإنساني ، هذا الأخير الذي ظهر في العلاقات الدولية بشكل رسمي في تقرير التنمية الإنسانية لسنة 1994 لكن بوادر ظهور المفهوم كانت سابقة لهذا التقرير ، حيث اعتمدته العديد من المدارس الأمنية في العلاقات الدولية و التي منها ما أعطته التعريف الضيق و أخرى التعريف الواسع. التعريف الضيق تبناه الموقف الكندي و الذي تم التركيز فيه بالطبع على أمن الإنسان لكن التركيز أكثر كان على الجانب السياسي، و أهم تعريف هو لوز ير الخارجية الكندي Axworthy Lloyd الذي عرً ف الأمن الإنساني " بأنه وسيلة لحماية الأفراد ضد التهديدات و ضد العنف و هذا لوجود انتهاكات لحقوق الإنسان و في حقهم في الأمن.(Rioux, 2001, pp. 31-33) .
أما التعريف الأوسع له فقد تبنته النظرة اليابانية للأمن الإنساني، حيث تم الاهتمام بكل جوانب الأمن الإنساني و الغرض في الأخير هو تحقيق أمن الفرد من الخوف و من الحاجة و هو المفهوم الذي تم النص عليه في تقرير التنمية الإنسانية لسنة(عرفة، 2006) 1994.
و الأمن الإنساني حسب تقرير التنمية الإنسانية لسنة 1994 يتضمن سبعة (7 ) أبعاد هي : الأمن الاقتصادي ، الشخصي، الصحي، البيئي ، السياسي ، المجتمعي و الغذائي فهذا الأخير الذي له الأهمية الكبرى محوره هو الفرد ، ذلك لأن تحقيق الأمن الغذائي الفردي يؤدي إلى تحقيق الأمن الغذائي العالمي، و بما أن المحور هو الفرد فإنه يركز على حق شخصي هو الحق في الغذاء، الذي كفلته العديد من الوثائق الدولية قبل ظهور مفهوم الأمن الإنساني بصفة عامة و مفهوم الأمن الغذائي بصفة خاصة.
إن الأمن الغذائي هو مفهوم متطور و تزيد أهميته عبر الزمن ، حيث يوجد حوالي مائتي (200) تعريف و حوالي (400 ) مؤشر للأمن الغذائي و يعود سبب ذلك إلى طبيعة المفهوم التي تجمع بين مجالات عدة ، فهو لا يقتصر على مجال العلوم الطبيعية بل يتعدى ذلك إلى مجال البحث في التنمية الاقتصادية والبيئة والزراعة و الصحة(Apage & Redclift, 2002, p. 129).
كما أنه يشتمل أيضا على العديد من القطاعات سواء ما تعلق بقطاع الإنتاج أو التوزيع أو الاستهلاك كما يتعدى المجال الداخلي إلى المجال الخارجي، وهو بذلك يتأثر بمختلف الأوضاع الدولية و التهديدات التي تمس العالم .
قبل أن نتطرق لتعريف الأمن الغذائي نوضح أو لا تعريف الأمن كمصطلح و كمفهوم
أولا: تعريف الأمن :
1-1 التعريف اللغوي للأمن: الأمن لغة له عدة معاني منها: أمن ،الأمان ، الأمانة وأمن( بكسر الميم) بمعنى سلم.
الإيمان بمعنى التصديق، و اسم االله تعالى : الآمن لأنه أمن عباده من أن يظلمهم. الآمنة : بمعنى هي الأمن (عطية، 2009، الصفحات 27-28)
و في قوله تعالى:" و هذا البلد الأمين" ، و آمن منه أي سلم منه(سورة التين ، الأية رقم 03)
1- 2 التعريف الاصطلاحي للأمن: إن مفهوم الأمن حسب Buzan Barryهو مفهوم مركب و غامض، ففي التعريفات الواردة في القواميس تظهر ذلك ، وكما أظهرت الإختلافات بين التعاريف التي تضم معنى الحماية من الخطر و التعاريف التي تتضمن معنى الإحساس و الشعور الذاتي بالأمان ، و معنى أيضا التحرر من الشك .
و قد عرفهBuzanعلى" أنه التحرر من كل تهديد " (Buzan, 1983, p. 19)
و أنه مفهوم ضيق إن احصر في التهديد العسكري و مفهوم واسع إن تعدى ليشمل التهديدات الأخرى البيئية ، الاجتماعية الاقتصادية.
كما عرف الأمن على أنه "الإحساس الذي يتملك الإنسان بالتحرر من الخوف من أي خطر".(هلال، بدون سنة النشر، صفحة 155) .
أما الأمن في العلاقات الدولية فقد كان التركيز على الأمن الصلب أي أمن الدول من أي هجوم خارجي فكان التركيز على التهديدات العسكرية و كانت آليات مواجهتها و التصدي لها تتسم باستعمال القوة العسكرية أيضا .
إن وضع تعريف شامل للأمن الغذائي مر بعدة مراحل ومن قبل العديد من الهيئات الدولية المعنية بالأمن الغذائي ، تختلف كل مرحلة عن المرحلة السابقة لها بسبب تعدد و تنوع التهديدات التي تعترض بناء الأمن الغذائي ، وذلك ما أثر على تحديد أبعاد الأمن الغذائي. ففي الفترات الأولي لظهور المفهوم ، و نظرا لكون الأمن الغذائي كان شبه منعدم في العديد من دول العالم ، كان التركيز فقط على بعد توفير الغذاء، ثم بدأ المفهوم بالتطور إلى أن اشتمل على العديد من الأبعاد ، تختلف درجة الإهتمام بها من هيئة لأخرى .
1-3 تعريف لجنة الأمن الغذائي العالمي: كان أول اهتمام رسمي بمفهوم الأمن الغذائي من قبل لجنة الأمن الغذائي العالمي سنة 1974 وذلك بعد الأزمة العالمية لسنة 1970 حيث عرفت الأمن الغذائي بأنه:" القدرة على توفير الإمداد الكافي من الغذاء" .(Apage و Redclift، 2002، صفحة 129 )" ، في هذه الفترة كان التركيز على العناصر التالية للأمن الغذائي و هي :



  • توفير الغذاء: أي الاهتمام فقط بمدى كفاية الغذاء للشعوب، و يتحقق ذلك بسعي الدولة إلى توفيره لشعبها بمختلف السبل، سواء بالإنتاج المحلي أو الاستيراد، و مع الإزدياد المفرط لعدد السكان في العالم زاد الطلب على الغذاء و النتيجة كانت عجز العديد من الدول على تحقيق الأمن الغذائي الوطني.

  • بعد الأزمة العالمية للغذاء في السبعينيات، و صعوبة عقد الإتفاقيات الدولية بشأن الأمن الغذائي ، لجأت الدول إلى الإهتمام فقط بالأمن الغذائي المحلي و ليس العالمي، لذلك صدر تقرير لجنة الأمن الغذائي لسنة 1974 بالنص على:" أنً لكل شخص، رجل أو إمرأة أو ولد، الحق في التحرر من الجوع وسوء التغذية."(Francis.Snyder, 2004, pp. 50-51)
    وهذا يعد أول اعتماد للحق في الغذاء في المواثيق الدولية ، دون الإهتمام بالأبعاد الأخرى للأمن الغذائي أي بالجودة و الإستمرارية، و ذلك بعد ثماني (8) سنوات من اعتماد هذا الحق في المعهد الدولي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية لسنة 1996 (Francis.Snyder، 2004، صفحة 51).
    1-4 تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: في تقرير التنمية البشرية لسنة 1994 ، هذا التقرير الذي حرره محبوب الحق و اعتمده برنامج الأمم المتحدة للتنمية، و كان هناك تضمين للمفهوم الواسع للأمن الغذائي. فعرفه على أنه:" أن تكون لدى جميع الناس و في جميع الأوقات إمكانية الحصول ماديا و اقتصاديا على الغذاء الأساسي، و على أن يكون لكل شخص الحق في الحصول على الغذاء ، وأن يكون من السهل ذلك سواء بشرائه أو زرعه فرديا، و أن يكون هناك توزيع عادل وجيد للأغذية " (تقرير التنمية البشرية, 1994)، أي اعتمد التقرير بعدين: بعد التوفير، وبعد التوزيع العادل للغذاء.
    -بعد التوفير: يعني توفير الغذاء الكافي لكل شخص بشتى الطرق ما يضمن له العيش بكرامة له و لعائلته.

  • بعد التوزيع العادل للموارد الغذائية : فهو مكمل لبعد التوفير، لأن توفير الغذاء فقط غير كافي لتحقيق الأمن الغذائي، حيث توجد مناطق في العالم يتوافر لديها الغذاء الكافي لشعوبها بسبب ازدياد نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي مثلا أو لتطور الدولة في مجالات التنمية ، لكنها تبقى تعاني من اللاأمن الغذائي بسبب انعدام التوزيع العادل للموارد الغذائية، و مثال ذلك ازدياد نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي في الدول النامية حسب التقرير ب %18 خلال الثمانيات لكن بقيت حالة انعدام الأمن الغذائي بسبب انعدام التوزيع العادل للغذاء(تقرير التنمية البشرية، 1994).
    1-5 تعريف المنظمة العالمية للأغذية و الزراعة FAO: بدعوة من منظمة fao إنعقد مؤتمر القمة العالمي للأغذية سنة 1996 ، الذي إعتمد المفهوم الأوسع للأمن الغذائي على أنه "يوجد عندما تكون لدى جميع الأفراد وفي جميع الأوقات إمكانية الحصول المادية و الإقتصادية و الإجتماعية على الغذاء الكافي و المأمون و المغذي ، يفي بإحتياجاتهم الغذائية كي يمارسوا حياة موفورة النشاط و الصحة " (fao، 1996) ، فهذا التعريف يشير إلى أبعاد الأمن الغذائي التالية
    1- بعد الكفاية: أي توفير الغذاء سواء بالإنتاج المحلي أو بالإستيراد أو المساعدات الغذائية و أن يكون كافيا للفرد ولأسرته، ولن يكون ذلك دون إمكانية الأفراد في الوصول إلى الغذاء و الحصول عليه .
    -2 بعد الحصول على الغذاء : إمكانية الحصول على الغذاء وبكميات متساوية .
    -3 بعد الجودة : بأن يكون الغذاء مأمونا سليما ومغذيا.
    4 - بعد الإستقرار و الإستدامة: أي أن يكون الغذاء يوفر النشاط والصحة على مدار الزمن .
    فالأمن الغذائي حسب تعريف منظمة fao لا يعني توفر الغذاء فقط بل يتضمن أيضا الحصول على الغذاء وجودته و إستدامته (Mcdonald, 2010, p. 15).
    1-6 تعريف البنك الدولي: عرف الأمن الغذائي بأنه " إمكانية حصول كل الأفراد و في كل الأوقات على غذاء كافي لحياة نشطة وصحية.(Fabray, p. 14). .
    من خلال التعاريف السابقة نلاحظ أنها خضعت لتسلسل زمني في تطورها حيث أن التعاريف الأولى كانت تركز فقط على مدى توفر الغذاء، ثم تم الإنتقال إلى التركيز على توزيعه بعد توفره وبعدها تم اعتماد تعاريف تركز على مختلف أبعاد الأمن الغذائي من التوافر و الجودة و الإستدامة ، والأسباب في هذه التطورات عديدة، منها الأزمات التي مر بها الأمن الغذائي العالمي ،كالأزمات العالمية لإرتفاع الأسعار .
    ثانيا : تعريف البيئة
    إن مفهوم الأمن لم يعد يرتبط فقط بالقوات المسلحة من أجل الدفاع والقتال وسباق التسلح، ولكنه صار يرتبط بصورة كبيرة بمشاكل بيئية تتعلق بالمياه، الغذاء، الغابات، الموارد، المناخ، لاسيما وأن الإنسان صار يمارس إعتداءات كبيرة على البيئة، تفوق من حيث طبيعتها ونطاقها ما كانت تمارسه الأجيال السابقة، فقد أوجد الإنسان بيئة جديدة لاتنفك تتحول وتتغير، وبناء على ذلك أصبحت البيئة ذات أولوية، لما أصابها من خراب ودمار يهدد حياة الكائنات البشرية و الحيوانية والنباتية، والأحياء الدقيقة على حد سواء.
    فهذا الواقع المطروح جعل حماية البيئة ضرورة أمنية تستلزم تطبيق القوانين الدولية والإقليمية والمحلية والوطنية، لحماية ما تبقى منها، خاصة وأن مفهوم الأمن البيئي يفرض ذاته بين أهم مفاهيم الأمن المختلفة، بل هناك من يعتقد أن أهمية مفهوم الأمن البيئي تسمو على غيرها من مفاهيم الأمن الأخرى ، ذلك لأن أي تهديد للأمن البيئي لا يؤثر على فرد أو مجموعة أفراد، وإنما تأثيره قد يمس الإنسان أينما وجد(العظيم، 2014، صفحة 05/17).
    تعتبر كلمة البيئة من الكلمات المعاصرة، التي راجت وانتشرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد إزدادت أهميتها بعدما أضحى التلوث البيئي في عالمنا اليوم كظاهرة خطيرة على حياة الإنسان والكائنات الحية، ولهذا بدأ الحديث عن حماية البيئة لأنه يرتبط بسلامة البشرية وأمنها، و لأن إستمرار الحياة على كوكب الأرض مرهون بتواجد بيئة صحية متوازنة وآمنة لكافة المخلوقات دون تمييز .
    لقد شاع إستخدام مصطلح البيئة، حيث أصبح مرتبطا بجميع مجالات الحياة، ومع ذلك فإن مفهوم هذه الكلمة لايزال غامضا، خاصة مع إنعدام تعريف موحد يبين ماهية البيئة ويحدد مجالاتها المتعددة.
    وقد حاول كل من الفقه والمؤسسات الدولية التي تهتم بموضوع البيئة، وبعض القوانين أن تضع له تعريفا ومنه : " تمثل البيئة ذلك الحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم، ويشمل كافة الكائنات الحية من حيوان، نبات والتي يتعايش معها الإنسان.(البعيني، 1999، صفحة 11).
    كما لخص إعلان مؤتمر البيئة البشرية، الذي عقد في أستوكهولم عام 1978 مفهوم البيئة بأنها كل شئ يحيط بالإنسان.(بشير، 2011، صفحة 10)
    وعرف كذلك برنامج الأمم المتحدة للبيئة، هذا المصطلح بأنه : "يعني مجموعة الموارد الطبيعية والإجتماعية المتاحة في وقت معين من أجل إشباع الحاجات الإنسانية (بشير، 2011، صفحة 11)
    نلاحظ أن أغلب التعريفات المذكورة أعلاه تتفق على أن البيئة تحوي كل الكائنات بما فيها الإنسان، الذي يعتبر أساس هذه المعادلة، والحفاظ على هذه البيئة مرهون بكيفية تعامل الإنسان مع بيئته، وهو الرأي الذي أكده مؤتمر قمة الأمم المتحدة والبيئة المنظم سنة 1982 بعاصمة السويد، لاسيما حق الإنسان من التواجد في بيئة تسمح له بالعيش في كرامة ورفاهية، وعلى الإنسان واجب متميز يقضي بحماية المحيط للأجيال الحالية والقادمة، وقد حدد المؤتمر أهم الإختلالات البيئية، وهي التزايد السكاني المضطرد وما ينتج عنه من إستغلال بشع للثروات الطبيعية، الشئ الذي يؤدي إلى إتلاف الثروات وتزايد نسبة التلوث (عطية ط.، 2009، صفحة 108)
    فالبيئة إذن تعتبر كمخزون ديناميكي للمصادر الطبيعية المتوفرة في وقت ما من أجل تلبية إحتياجات الإنسان، وهذه الموارد الطبيعية تنقسم من حيث التجدد إلى نوعين :

  • الموارد المتجددة : من المياه، الهواء، الحيوانات والنباتات والطاقة الشمسية والبشر.

  • الموارد غير المتجددة: وتشمل المعادن، ومصادر الطاقة والأراضي الزراعية.
    ثالثا : تعريف البيئة الإجتماعية :
    يشير مفهوم البيئة الإجتماعية في علم الإجتماع بأنها ذلك المحيط الذي يعيش فيه الإنسان ويمارس فيه نشاطه في الحياة ، وهي أيضا ذلك المستودع لموارد الإنسان وعناصر الثورة المتجددة وغير المتجددة التي تتفاعل مع بعضها البعض وتؤثر على الإنسان وتتأثر به (صالح، 2003، صفحة 46)
    بينما أشارآخرون بأن البيئة الإجتماعية هي ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة حياة الإنسان مع غيره ، ذلك الإطار من العلاقات الذي هو الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء بين أفرادها بعضهم ببعض في بيئة ما ، أم بين جماعات متباينة أو متشابهة معا وحضارة في بيئات متباعدة ، وتؤلف أنماط تلك العلاقات مايعرف بالنظم الإجتماعية ، وأستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته فعمر الأرض وإخترق الجواء لغزو الفضاء .
    كما تعرف أيضا بأنها " الظروف و الملابسات جميعها التي تحيط بالأفراد وتؤثر فيهم تأثيرا كبيرا سواء بطريقة مقصودة أم غير مقصودة " (جاد، 2009، صفحة 50) .
    عرف أحمد زكي بدوي البيئة افجتماعية بأنها تلك البيئة الإجتماعية التي تشكل النظم و القواعد و القوانين و اللوائح و العادات و التقاليد و القيم و المعايير و الأعراف أو العلاقات الإجتماعية و اللغة و الدين و الأوضاع الإقتصادية و النظم السياسية و التعليم والإعلام و الفنون و الأداب و الظروف الصحية ، وعوامل البيئة مترابطة مع بعضها البعض تؤثر في الإنسان وتتأثر به (بدوي، 1986، صفحة 126) .
    رابعا : تعريف الصحة الأسرية
    التعريف اللغوي للصحة :

  • الصحة لغة :جاء في قاموس شارح لسان العرب : بأنها من الصحاح خلاف السقم وذهاب المرض ومنه صح فلان من علته واستصح (مكرم، 1981، صفحة 2401).
    كما تعني أيضا : نقيض المرض و السقم وذهابهما(قندلي، جانفي 2012، صفحة 218).

  • أما في معجم welisterالإنجليزي :فتشير كلمةhealth أي( الصحة ) إلى المضامين التالية :
    أ- حالة السلامة في الجسد و الذهن و الروح، وبشكل خاص الخلو من المرض الجسدي و الألم .
    ب- حالة الجسم ( سيئة كانت أم جيدة).
    ج - حالة إزدهار وسعادة ، فيمكن إطلاقها في السياق العام لها. (line, 2023)

  • أما معجمdorland's فيعتبر الصحة "حالة مثالية للسلامة والإزدهار (أو العافية) الجسديين والذهنيينوالإجتماعيين وليس مجرد غياب أو العجز أو الضعف.(dorland's, 2022)

  • الصحة اصطلاحا: يستخدم هذا المفهوم على معنيين :
    الأول: أنها تشير إلى حالة من التوازن النسبي لوظائف الجسم، وهي بالتالي تقابل المرض كحالة إنحراف عن الحالة الطبيعية .
    الثاني: يشير إلى علم وفن الوقاية من المرض والإرتقاء بالصحة من خلال المجهودات المنظمة من طرف المجتمع وتشمل العديد من المجالات والميادين.(محمود، 2003، صفحة 25)
    وقد أورد مارشال في الفصل الخامس من الجزء الرابع من كتابه "مبادئ الإقتصاد" لدراسة اثر الصحة على السكان والثروة الاقتصادية تحت عنوان thehealthand strengthof the population " "،
    مفهوم الصحة بأنها "القوة الجسمية physical والقوة العقليةmental،للفرد ويرتبط المستوى الصحي للفرد بحاجة المسكن ومستوى التعليم ومستوى الغذاء وتنوعه ،ومستوى نظافة البيئة والخدمات الصحية المتاحة ومدى إمكانية الحصول عليها"(طيلب، 2020، صفحة 65)
    هذا التعريف يعتبر شاملا لأنه جمع بين ما هو مادي ومعنوي لتحقيق الصحة وكذلك بضرورة توفير العوامل الأساسية التي تدخل ضمن إطار تحقيق الصحة العامة للفرد .
    تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها " حالة التحسن الجسمي و العقلي و الإجتماعي الكامل ، وليس مجرد غيابالمرض أو العلة(قطاش، 2000، صفحة 36).
    كما تعرفها أيضا بأنها " حالة من الكفاية و السلامة الكاملة الجسمية والعقلية والإجتماعية ، و ليست مجرد الخلو من المرض والعجز(صالح، 2009، صفحة 35).
    فهذا التعريف عام وشامل يعطي دلالة على أن الصحة ثابتة وغير متغيرة ، ولايزال يعتمد إلى اليوم .
    2- الصحة الأسرية والبيئة :
    2-1 البعد السوسيو تاريخي للصحة كمجال لفهم الصحة الأسرية :
    لقد عرفت الصحة العامة منذ أقدم العصور، وإختلفت مدلولاتها طبقا لدرجة رقي العلوم الطبيعية و الإجتماعية ، فالإنسان الأول عرف المرض وكان يعالج الإصابات المرضية بالسحر و الشعوذة و الصلاة وكان الإعتقاد السائد بأن المرض ماهو إلا نتيجة قوى خارقة فوق البشر، ثم بدأ الإنسان يعالج نفسه عن طريق الأعشاب ، ففي العصر اليوناني إهتمت الدولة بالصحة البدنية وقوة العضلات حتى أنهم إتخذوا للصحة آلهة يعبدونها(السيد، 1996، صفحة 389).
    أما في العهد الروماني فقد كان مفهوم الصحة يمثل مفهوم البيئة النظيفة ، ولهذا سميت الصحة في هذا العصر بصحة البيئة ، التي تشمل نظافة المسكن ومكان العمل و نظافة الأغذية وتنقية المياه .
    في أوائل القرن التاسع عشر بدأ إكتشاف الميكروبات التي تسبب المراض المعدية للإنسان ، وعرفت الصحة في هذا الوقت الطب الوقائي ، أما حديثا فقد كثر إستعمال لفظ الصحة للدلالة على جميع الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة لسلامة الشعب ورفاهيته ، وعلى هذا الأساس فالصحة العامة تشتمل على :

  • كشف الأمراض المعدية وعلاجها ومكافحتها بإستعمال اللقاحات وكذلك التطهير و التعقيم .

  • رفع مستوى الصحة الشخصية عن طريق توفير الأغذية المتكاملة و الرياضة و التنسيق الصحي

  • إصحاح البيئة عن طريق نظافة الأوساط المحيطة بالإنسان ، وهي الهوا و المأكولات(السيد، 1996، صفحة 390)

  • الصحة تعني حالة السلامة و الكفاية البدنية و العقلية و الإجتماعية الإيجابية ، وليست مجرد الخلو من المرض أو العجز (القتلاوي، 1997، صفحة 10)
    فالصحة بحسب هذا التعريف لا تعني خلو الجسم من الأمراض ، أما النظرة العلمية للصحة فتشير إلى أنها تسمح بالنظر إلى الجسم ككل أو عضو من الأعضاء أو جهاز من أجهزة الجسم على أنه في حالة صحية طبية إذا كان يؤدي وظائفه بفعالية ، مشبعا للحاجات مستجيبا لمتطلبات الحياة أو حاجيات البيئة سواء ما تعلق بالإحتياجات الداخلية أو الخارجية ، ومؤديا دوره في النمو و التكاثر .
    في حين تشير النظرة الإجتماعية الطبية للصحة على انها القدرة الذاتية الضرورية و الكافية بدرجة مرضية لكي يؤدي الفرد بكفاءة وفعالية دوره ووظائفه المتعددة و المتنوعة في نطاق النظام الإجتماعي الذي يعيش فيه ، وعلاقته بالبيئة التي يتواجد فيها ويرتبط بها (أيوب، 1985، صفحة 47).
    في حين يشير المنظور الثقافي و المجتمعي إلى دراسة صحة الأفراد في إطار الأسلوب الإجتماعي الذي يتواجدون فيه ، على أساس أنه يعكس الكيفية التي يستخدمها الناس لمعالجة المشكلات الموجودة في المجتمع ، كما ان أنواع الأمراض ومعدلات الوفيات وأنواعها في المجتمع تتأثر كثيرا بالقيم المتصلة بتنظيم الأسرة و العمل (آخرون، 1989، صفحة 86).
    عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة سنة 1948 بأنها "حالة من العافية الكاملة البدنية و النفسية و العقلية و الإجتماعية ، وليست حالة إنتفاء المرض أو العجز "
    فهذا التعريف عام وشامل يعطي دلالة على أن الصحة ثابتة وغير متغيرة ، ولايزال يعتمد إلى اليوم .
    إذن يمكن القول بأن الصحة هي التمتع بالعافية ، فهو يشير إلى تحقيق الصحة السليمة الخالية من الأمراض ، وهذا يتطلب الموازنة بين مختلف الجوانب الشخصية للفرد .
    وعليه فالصحة الأسرية هي جزء متفاعل مع الصحة المجتمعية التي تعني السلامة على مستوى كل مايحيط بالفرد ، فهي ترتبط بالوضع الإجتماعي و الثقافي و الإقتصادي للفرد .
    إذن فالصحة الأسرية تعني مجموعة من العمليات المتداخلة والمتفاعلة والتي تتطلب تحليل العلاقات داخل وخارج الأسرة مع ضرورة مراعاة الحاجات الأساسية للأسرة ، بمعنى أن تفاعل أفراد الأسرة مع البيئة المحيطة بها بهدف تلبية الإحتياجات الإجتماعية والنفسية والجسدية و الإقتصادية .
    2-2 : التفاعل بين الصحة الأسرية و البيئة
    الإنسان هو إبن البيئة و الوراثة معا ، بمعنى أن شخصيته وتكوينه ونموه وسلوكاته وميولاته و أفكاره وسماته الشخصية إنما هي وليدة التفاعل بين البيئة و الوراثة ، بالإضافة إلى أن هناك بعض السمات الشخصية التي تتكون وتتولد في الإنسان من خلال مؤثرات المكونات البيئية وما يتعرض له من تربية وتعامل وتنشئة إجتماعية و أخلاقية ودينية و روحية وفكرية وعقائدية .
    إن الحق في الصحة وفي بيئة صحية حق أصيل أكدته المواثيق الدولية ، حيث يمتد إلى البيئة بمكوناتها الطبيعية وغير الطبيعية ، فهي مصدر عيش كل الكائنات الحية بما فيها الإنسان ، فهذا الأخير يستغل ويستثمر مواردها وفي مقابل ذلك هو ملزم بالمحافظة على هذه الموارد من الإستنزاف والنفاذ ، والعمل على تحقيق استدامتها للأجيال المقبلة ، فهل هذا يعني أنه يتعامل معها كتعامله مع أي حق يمنح له أو يتمكن منه مع إلزام الغير بإحترامه ، والتزامه هو بواجب المحافظة عليها و أن لايمثل تهديدا لها ، و للإنسان أيضا الحق في الحصول على ما يكفيه من الغذاء من بيئة ذات جودة و نوعية ، و أن لا يكون ذلك لفترة أو لفترات محدودة ،بل يجب أن يكون مستداما، و هذا ما نقصد به أبعاد أو مكونات الأمن الغذائي من توافر الغذاء وجودته واستدامته فهل هذا يعني أن الأمن الغذائي أصبح هو الآخر حق للإنسان يمكن أن يطالب به و أن يتمكن منه كباقي حقوق الإنسان الأخرى.
    و لن يتمكن الإنسان من الحصول على الغذاء إلا باللجوء إلى البيئة الطبيعية، لذا يجب المحافظة عليها حتى يكون هناك إنتاج غذائي مستدام و هذا ما يبرز العلاقة بين البيئة و الأمن الغذائي.
    إذن فمن خلال التفاعل الحاصل بين الصحة الأسرية والبيئة ، لاينبغي أن نفهم الصحة بمعزل عن العوامل الأخرى المتصلة بعملية التنمية ، لأن الصحة تؤثر بدورها على العوامل الإجتماعية والإقتصادية المختلفة ، كما تتأثر هي ذاتها بنفس العوامل على غرار الدخل ، المستوى المعيشي و التغذوي ، على إعتبار أن البيئة في مفهومها العام " هي ذلك الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان يتأثر به و يؤثر فيه ، وقد يتسع هذا الوسط ليشمل منطقة كبيرة جدا ، وقد يضيق فلا يتضمن سوى مساحة بسيطة لا تتعدى رقعة المنزل الذي يسكنه ، أو بالأحرى فهي تتضمن الماء و النبات و الهواء و الأرض ، إذن هي كل مايحيط بنا من عناصر "(المقصود، 1981، صفحة 07)
    يرى علماء الإجتماع أن مفهوم البيئة لا يقف عند البعد الطبيعي فقط ، و إنما يتضمن أيضا البعد الإجتماعي و الثقافي ، فالبيئة بالمعنى المحدود" تشير إلى ذلك المحيط الطبيعي الحيوي الذي يدعم الإنسان والكائنات الحية الأخرى من أجل البقاء ، فهي بهذا المعنى تتضمن الجانب العضوي الذي يشمل مختلف الكائنات الحية ، و الجانب الغير عضوي الذي يتضمن المناخ و التربة .
    كما تشير البيئة بمعناها الواسع إلى المحيط الإجتماعي والثقافي الذي يتضمن النظم الإجتماعية و الأيديولوجية و الرموز و التقنية (غيث، 1990، صفحة 144) ، فالبيئة وفق التصور السوسيولوجي لها جانبان مترابطان :

  • الجانب الطبيعي العضوي : و الذي يتضمن كل الظواهر التي لا دخل للإنسان في وجودها كالمناخ و التضاريس و النبات وعالم الحيوانات .

  • الجانب الإجتماعي الثقافي : و الذي يتضمن تلك الإنجازات المتراكمة التي أبدعها الإنسان على المستويين :

  • الفكري : كالعادات و التقاليد و المعتقدات و النظم الإجتماعية .

  • المادي : كالمسكن و الطرق و المواصلات و الملابس و المرافق .
    فمن خلال ماتم التطرق إليه يتبين أن البيئة يتم فهمها وفق التصور السوسيولوجي و الذي يتضمن الأبعاد الثلاثة التالية : الثقافية و الإجتماعية و البيئية إضافة إلى البعد الطبيعي .
    فالصحة الأسرية والبيئة نتيجة التفاعل بينهما يظهر عنصر يتوسطهما وهو المرض الذي يعتبر مفهوما معقدا لأنه يتضمن العديد من الجوانب المتداخلة ، ويتفق علماء الإجتماع الطبي على ان هناك بعدين أساسيين في تعريف المرض وهما : البعد الطبي البيولوجي ، و البعد الإجتماعي الثقافي .
    فالبعد البيولوجي الطبي يعرف المرض بانه " يمثل الوضع الطبيعي للكائن الحي في حالة التوازن الفسيولوجي الدقيق أو مايطلق عليه الإتزان البدني من حيث إستمرار العمليات الحيوية بواسطة ميكانيزمات معقدة داخل الجسم ، ومن ثم يتمثل المعنى البديهي للمرض في النتائج المترتبة على تعطل الميكانيزمات التي تتحكم في الإتزان البدني داخل الكائن الحي(خليل، 2006، صفحة 31).
    اما التعريف السوسيو ثقافي للمرض من خلال علماء الإجتماع فيرون بأن مفهوم المرض تحكمه مجموعة من القيم الإجتماعية التي تنبثق عن خبرة الناس نتيجة لعضويتهم في جماعات مختلفة ، إضافة إلى متغير السن و النوع و الظروف الأسرية والأصول الإجتماعية و الطبقية وغيرها .
    إذن فالتعريف السوسيو ثقافي للمرض" يعني مدى إتفاق ثقافة المجتمع على أن المعاناة من شيء ما تعد مرضا أو لاتعد كذلك ، فعندما يتفق أفراد المجتمع على شيء ما بأنه مرض فإنهم يشكلون أفكارهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم بناء على هذا الإتفاق " (الخشاب، 2003، صفحة 41)
    فالمرض ليس شيء عضوي فحسب بل هو ظاهرة إجتماعية ترتبط بمتغيرات إجتماعية وثقافية ، ولايمكن فهم المرض في إطاره البيولوجي و الفيسيولوجي فقط وإنما يتعدى إلى جوانب أخرى .
    أما البعد البيئي بالمعنى الواسع للمصطلح فهو جانب مهم في الفهم العلمي الصحيح للمرض ، وقد حظيت العلاقة بين الأبعاد الأيكولوجية المختلفة ، الطبيعية والإجتماعية و الثقافية ، والمرض بإهتمام واضح من جانب علماء الإجتماع و الأنثروبولوجيا منذ منتصف القرن الماضي تقريبا .
    والواقع أن العلاقة التي تربط البيئية بالصحة و المرض تمثل إحدى تجليات العلاقة المعقدة بين الإنسان والبيئة ، ذلك أنها تمثل مؤشرا حاسما لذلك التفاعل بين الإنسان والواقع المحيط به بأبعاده الطبيعية و الإجتماعية و الثقافية ، فالمرض يشير إلى أهمية تأثير العوامل الإجتماعية على حياة الفرد ، فهذا الأخير كإنسان يملك روحا وجسدا ، وجب على علماء الإجتماع دراسته من الناحية الجسدية لفهم العلاقة بين الجسد والعوامل الإجتماعية أين ذهب علم اجتماع الجسد لدراسة الطرق التي يتأثر فيها الجسد بالعوامل الإجتماعية المحيطة به وكذا الخبرات الإجتماعية و المعايير والقيم الإجتماعية ضمن المجموعات التي ينتمي إليها ، كلها إرتباطات تحيك شبكة معقدة بين الحياة الإجتماعية و الجسد الذي أصبح في الآونة الأخيرة أحد أهداف العلم في مجال التقنية والتي أفرزت عدة إشكالات جديدة على غرار التقنية الحيوية و مستقبل الإنسان .
    فالمنظور الإجتماعي يفيد في توجيه إهتمامنا نحو متطلبات الحياة الأسرية و الأنشطة الإجتماعية بوجه عام ، ولذا يجب الإهتمام بالطريقة التي يمكن أن يحدث من خلالها الإندماج بين إستجابات الأفراد ومتطلبات الحياة الإجتماعية و البيئية و الإقتصادية ، فهذا التكيف و الإندماج يتيح للفرد في أي نسق التعامل مع بيئات إجتماعية مختلفة .
    في حين أن التحليل السوسيو ثقافي للتفاعل الحاصل بين الصحة الأسرية و البيئة يتضح بشكل موسع في برامج الصحة العامة التي تولي إهتماما خاصا بالعوامل الثقافية وتؤكد على ضرورتها ، ونشر نوع من الثقافة بين الأفراد حول بعض الممارسات الصحية التي يعتبرها البعض شيء أساسي في الأسرة والحياة الإجتماعية ، في حين يراها البعض الآخر في ثقافات مختلفة كتوجيه فقط ، فعلى سبيل المثال لدى بعض الأفراد على إختلاف ثقافاتهم لا نستطيع إقناعهم على تغيير عاداتهم الغذائية مثل أكل الحلويات بكثرة في المناسبات وذلك لإرتباطهم بقيم ثقافية أو دينية ، ومن ثم يجدون ضرورة في إتساق العادات الغذائية الجديدة مع الثقافة السائدة في المجتمع ، و الوعي بالدور الهام للثقافة في المسائل الصحية .
    2-3 علاقة الصحة الأسرية بالبيئة ونمط المعيشة :
    إن البحث في العلاقة بين الصحة الأسرية و إرتباطها بالبيئة ونمط المعيشة يستوجب منا الوقوف على مجموعة من العمليات الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية لفهم وتفسير هذه العلاقة التي تعد همزة وصل بين الأسرة وصحتها و البيئة المحيطة ، والتي تدخل ضمن إطار التوعية الصحية التي تعرف على أنها مجموع الأنشطة التواصلية و الإعلامية و التحسيسية و التربوية الهادفة إلى خلق وعي صحي بإطلاع الناس على وقائع الصحة و تحذيرهم من مخاطر الأوبئة والأمراض المحدقة بالإنسان من أجل تربية فئات المجتمع على القيم الصحية والوقائية المنبثقة من عقيدة المجتمع وثقافته ، كما أنها السلاح الأقوى للصحة العامة و تمثل مجالا صحيا هاما يعمل على تحقيق مفهوم الصحة العامة من خلال نشر الوعي ، فهي تسعى إلى تزويد الأفراد بمعلومات صحية صحيحة وبمهارات إتخاذ القرار في مختلف المواقف الصحية (عثمان، دون سنة النشر، صفحة 10)
    من خلال ماسبق فإن التوعية الصحية هي مجموعة من الأنشطة والإجراءات التعليمية والإعلامية التي تقدم للمواطنين المعلومات السليمة حول حمايتهم لأنفسهم وأطفالهم من الأمراض و تحذيرهم من المخاطر التي تحدق بهم والغاية منها تحسين صحة الفرد ومحاولة الإنقاص من إحتمالية تعرضه للأمراض و تحسين نوعية حياته.
    وهي عملية تقوم بها عدة مؤسسات في المجتمع كالأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية و المؤسسات الإعلامية و الإتصالية و مؤسسات المجتمع المدني ، بهدف نشر المفاهيم و المعارف الصحية السليمة في المجتمع و كذا مساعدة الأفراد على حل مشكلاتهم الصحية من خلال إستخدامهم لإمكاناتهم ، بالإضافة إلى العمل على بناء الإتجاهات الصحية السوية بهدف خلق سلوك صحي سليم وتغيير السلوك الخاطئ إلى سلوك صحيح (عميرات، 2021/2022، صفحة 33) .
    إذن فالتوعية الصحية تعتبر الموجه الأساسي نحو تشكيل ثقافة صحية لدى أفراد الأسرة وتمكينهم من التفاعل مع البيئة المحيطة ، وخلق نمط معيشي جيد من خلال الإنفاق والإستهلاك ومستوى الدخل والرعاية الصحية من اجل حياة صحية نشطة وسليمة .
    فالأسرة هي إحدى المؤسسات الإجتماعية الأساسية التي تعد بمثابة اللبنة الأولى لبناء المجتمع والأرضية الخصبة لتشكل الوعي لأفرادها سواء ماتعلق بالوعي البيئي أو الوعي الصحي ، بإعتبارها الوحدة الإجتماعية التي يحتك فيها الفرد إحتكاكا مباشرا ومستمرا ، فهي الوعاء الذي يحدد نمط شخصيته و إتجاهاته وقيمه وعاداته و انماط سلوكه ، ولذلك فإن دور الأسرة هو غرس السلوك الصحي في أفرادها وإكتسابهم لعادات صحية سليمة كالنظافة ، وتناول الأغذية الصحية وممارسة الرياضة ، ومراجعة المستشفى والمراكز الصحية عند الشعور بالمرض ، مع تعليم الفرد على كيفية تجنب العادات السيئة الضارة بصحته ، ولذا فإن دور الأسرة يعد من أهم الوظائف التي يقوم بها الأباء في الأسرة لتنشئة أبنائهم تنشئة سليمة (الطريف، 1996، صفحة 16).
    من هنا يلعب المناخ الأسري والمتضمن طبيعة العلاقات الأسرية والحياة الإجتماعية والنفسية و الدينية و الروحية التي تسود بين أفراد الأسرة الواحدة ، إضافة إلى إشباع الحاجات الضرورية وتفهم كل فرد لدوره ومسؤولياته ، دور أساسيا في التأثير على الصحة النفسية للأفراد والتي تطبع آثار مختلفة على شخصياتهم وأنماط سلوكياتهم (أديب، 2002، الصفحات 153-155)
    فالصحة النفسية هي جزء فعال وضروري في تحقيق الصحة الأسرية فهي الجسر الواصل بين عوامل التكوين العقلي وعوامل التكوين الإنفعالي للفرد ، كل هذا يسهم في تحديد إستجابات الفرد الدالة على إتزانه الإنفعالي وتوافقه الشخصي و الإجتماعي وتحقيق ذاته ، و أن مايتمتع به من قيم شخصية و إجتماعية تدل على سعي الفرد لتحقيق ذاته ويرفع من درجة توافقه الشخصي و الإجتماعي ، فالفرد الذي يتمتع بهذه الخصائص هو الذي يتصف بالصحة النفسية السليمة وذلك من خلال ما يستدل عليه من سلوكه (شمال، 2001، صفحة 263) .
    فهذا يحيلنا إلى الإعتماد في تحليل الصحة النفسية داخل النسق الأسري على الإتجاه النفسي الإجتماعي الذي يعتمد على الإجتماع و النفس لأن الإهتمام الرئيسي يتعلق بأساليب التفاعل و الإتصال بين الأفراد و التأثير المتبادل .
    إن حياة الإنسان وأهدافه وعملياته الفكرية تتحدد من خلال ثقافته وخبراته في الحياة والمسؤولية الإجتماعية ، ما يجعل من الضروري دراسة السلوك ليس بإعتباره مجرد نتيجة للأحداث التي تقع للفرد و إنما في ضوء التصورات التي ينظم من خلالها بيئته ويقيمها ، لأن أهداف الإنسان و إختياراته يمكن أن تصبح متغيرات ضرورية في فهم السلوك الإنساني و العمليات الإجتماعية ، ما يشكل إطار يمكن من خلاله دراسة العلاقة التفاعلية بين الصحة الأسرية ونمط المعيشة في بيئة منفتحة على كل التغيرات و التحولات التي تؤثر على أنماط السلوك الصحية للأفراد ، على إعتبار أن نمط المعيشة متصل بالإطار المحيط بالفرد ، أي المجال الذي يعيش فيه الفرد بكل ما يحمله من خصائص بالإضافة إلى السلوكيات اليومية على غرار العمل ، التنقل، التغذية ، فكلها تشير إلى نمط عيش معين يحتل حالة وسطية بين الصحة و المرض ، ولذا فإن نمط المعيشة يظهر كواقع يؤثر في الحالة النفسية والجسدية للفرد من خلال أهم مكوناته و هي العمليات و السلوكات الإجتماعية و الثقافية والإقتصادية المتمثلة في الرعاية الصحية ، و طريقة الإستهلاك ومستوى الدخل و النمو الديموغرافي .
    إذن فالعلاقة التفاعلية بين الصحة الأسرية و نمط المعيشة وسط بيئة إجتماعية هي علاقة ترشيد عقلاني لمختلف أنماط السلوك المشكلة للوعي الصحي بمساعدة العناصر المكونة لنمط المعيشة السالفة الذكر ضمن إطار الصحة الأسرية .
    خاتمة :
    نستنتج من العرض السابق أن العلاقة المعقدة بين الصحة الأسرية و البيئة الإجتماعية و الأمن الغذائي بتأكيد أهمية تفاعل هذه العوامل في تحديد جودة الحياة و إستقرار الأسر، فعلى الرغم من أن البيئة الإجتماعية تؤثر بشكل كبير على نمط الحياة و السلوك الصحي للأسر ، إلا أن الصحة الأسرية تعتبر الركيزة الأساسية التي تؤثر بدورها في القدرة على الإستفادة من الغذاء بشكل صحيح ، ومن خلال تعزيز الوعي بأهمية التغذية السليمة و توفير الغذاء يمكن للمجتمعات تعزيز صحة الأسر وتحسين مستويات الصحة العامة ، فالتفاعل الشامل بين هذه العوامل يشكل أساسا لتحقيق الصحة الكاملة للأسر والتنمية المستدامة.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

الاستيقاظ مبكرا...

الاستيقاظ مبكراً من اعظم الامور واكثرها اهمية فحياتنا هي الاستيقاظ مبكراً بتساعدنا في كثير من المح...

يسعدنا اليوم أن...

يسعدنا اليوم أن نقدم المقالات الفورية، وهو منتج جديد للناشرين لإنشاء مقالات سريعة وتفاعلية على فيسبو...

الائتلاف الوطني...

الائتلاف الوطني: نظام الأسد يبتز نازحي مخيم الركبان والمجتمع الدولي بالحصار أكد منسق مجموعة عمل الل...

The cycle begin...

The cycle begins when the eggs hatch and start producing waste. Fortunately, just after hatching the...

تقوم الدولة برب...

تقوم الدولة بربط سعر عملتها بسعر عملة معينة أو بسعر سلة من العملات، حيث تتدخل هذه الدولة للمحافظة عل...

مقدمة ...

مقدمة التحفيز المهني هو مجموعة من الأنظمة والإجراءات والسياسات التي تهدف إلى تحفيز الم...

1- مفهوم الفلسف...

1- مفهوم الفلسفة المثالية تعد الفلسفة المثالية من أقدم الفلسفات الفكرية، والتي ترجع إلى كل من سقراط...

كما تنزعج الشيا...

كما تنزعج الشياطين التي تكون مبطنة في جوف الإنسان ممن تلبس به ،فإذا همّ بالرقية أو همّ بأمر مما يكون...

الجسد والنفس وح...

الجسد والنفس وحدة متكاملة غير منفصلة، ولكلاهما تأثير على الآخر، بمعنى ان الصحة الجسدية جزء لا يتجزأ ...

مقدمة: يلعب الت...

مقدمة: يلعب التخطيط الحضري في فلسطين دورًا مهمًا في إنشاء أحياء مستدامة. تواجه المدن الفلسطينية توسع...

نصل أوكام ، وهو...

نصل أوكام ، وهو مبدأ لحل المشاكل ينص على أنه "لا ينبغي الإكثار من شيء إذا لم تقتض الضرورة ذلك"، أو ب...

الفصل الأول: ال...

الفصل الأول: التعريف بالشيخ القرضاوي وبمفردات البحث المبحث الثاني: التعريف بمفردات البحث والألفاظ ذا...