Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

(Using the AI)

يتناول النص مبدأ استقلال اتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي، مُؤكداً على استقلاليته القانونية والموضوعية، وليس المادية فقط. يبقى اتفاق التحكيم سارياً حتى مع بطلان أو فسخ العقد الأصلي، لحماية مصالح الأطراف ومنع التهرب من الالتزامات. يتفق الفقه والقضاء ولوائح التحكيم الدولية على هذا المبدأ، مع استثناءات في حالة تأثير عيب مباشر على اتفاق التحكيم نفسه، كعدم الأهلية. كما يُمكن لكل من العقد واتفاق التحكيم أن يخضع لقانون مختلف، رغم شيوع خضوعهما لنفس القانون. يُعدّ مبدأ "الاختصاص بالاختصاص" من أهم آثار الاستقلال، حيث يمنح هيئة التحكيم سلطة الفصل في اختصاصها، حتى في حالات بطلان العقد الأصلي. تُؤكد اتفاقيات دولية وقوانين ولوائح تحكيم على هذا المبدأ، مع تحديد حدود تدخل القضاء الوطني في حالات استثنائية، كإجراءات تحفظية أو تنفيذ أحكام التحكيم، مع التأكيد على أن امتناع قضاء الدولة عن النظر في النزاع يُشكل ضمانة لفاعلية اتفاق التحكيم.


Original text

تقلال اتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي مفهومًا أساسيًا مُعترفًا به دوليًا ومحليًا وفي لوائح التحكيم. يُركز هذا المبدأ على الاستقلال القانوني والموضوعي أكثر من الاستقلال المادي، مما يعني أن اتفاق التحكيم يبقى ساريًا بغض النظر عن وضع العقد الأصلي، حتى في حالة التنازل عنه أو إبطاله. يهدف هذا المبدأ إلى حماية مصالح الأطراف ومنع أساليب سوء النية التي تهدف إلى التهرب من الالتزامات التعاقدية أو عملية التحكيم، والتي تُسفر عن عواقب قانونية مباشرة وغير مباشرة.
المطلب الأول عدم ارتباط اتفاق التحكيم التجاري الدولي بمصير العقد الأصلي


ؤكد مبدأ استقلال اتفاقية التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي على أن صحة اتفاقية التحكيم وقابليتها للتنفيذ لا تتأثر بحالة العقد الأساسي. وهذا يعني أنه حتى في حالة بطلان العقد الأصلي أو إنهائه أو عدم قابليته للتنفيذ، يمكن أن تظل اتفاقية التحكيم سارية المفعول وتحتفظ هيئة التحكيم بالاختصاص، شريطة أن تكون اتفاقية التحكيم نفسها صحيحة. ومع ذلك، إذا أثر العيب بشكل مباشر على اتفاقية التحكيم - مثل انعدام الأهلية القانونية - فسيتم النظر في كل مسألة على حدة، ولا ينطبق مبدأ الاستقلال. ويدعم هذا المبدأ المادة 16/1 من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985، مؤكدةً أن إعلان بطلان العقد لا يُبطل تلقائيًا شرط التحكيم.
الفرع الأول: موقف الفقه من عدم ارتباط اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي
ينص الفقه القانوني عمومًا على أن اتفاق التحكيم يبقى صحيحًا حتى في حال بطلان العقد الأصلي، ولكنه يتأثر ببطلانه. وترى بعض المحاكم الفرنسية أنه لا داعي للتمييز بين بطلان العقد وبطلان الاتفاق نفسه، مؤكدةً على استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي. لذلك، إذا كان العقد معيبًا منذ البداية، فإن هذا العيب قد يؤثر على اتفاق التحكيم، ويجب على المحكم التحقق من صحة الادعاءات المتعلقة بوجود العقد وموافقته قبل تحديد الاختصاص
الفرع الثاني: موقف القضاء ولوائح التحكيم من عدم ارتباط اتفاق التحكيم بمصير العقد
يتناول هذا النص موقف القضاء، تحديداً محكمة النقض الفرنسية، ولوائح التحكيم الدولي من استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. فقد أكدت محكمة النقض الفرنسية، انطلاقاً من رأي " Piter Senders " و "Eric Loquin"، على انعدام اتفاق التحكيم بانعدام العقد الأصلي لعدم وجود رضا الأطراف، مُبينةً أن بطلان العقد لا يؤثر على اتفاق التحكيم ما لم يُصاب بعيب في الإرادة أو مخالفة للنظام العام. يُظهر حكمها في قضية "كاسيا" ضد "بيا" (10 يوليو 1990) اشتراط وجود العقد الأصلي شكلياً، مع تحديد القانون الواجب التطبيق وفقاً للقواعد الدولية الخاصة. على عكس ذلك، رفضت معاهدة جنيف 1961 التفرقة بين بطلان وانعدام العقد، مُخولةً محكمة التحكيم الفصل في وجود وصحة العقد الذي يتضمن اتفاق التحكيم
ثانيا: موقف لوائح التحكيم من عدم ارتباط اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي
تتفق لوائح التحكيم المختلفة، مثل لائحة الأمم المتحدة للقانون النموذجي الدولي (المادة 16/ف1) ولائحة غرفة التجارة الدولية بباريس (المادة 16/ف4) ولائحة هيئة التحكيم الأمريكية (A.A.A) الصادرة عام 1992 (المادة 15/ف1)، مع اتفاقية جنيف في رفض التمييز بين بطلان العقد وانعدامه. وتؤكد هذه اللوائح جميعها على أن ادعاء بطلان أو انعدام العقد لا يعني بالضرورة عدم اختصاص محكمة التحكيم.
المطلب الثاني: خضوع اتفاق التحكيم التجاري الدولي لقانون آخر غير ذلك الذي يحكم العقد الأصلي
بفضل استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، يمكن أن يخضع كل منهما لقانون مختلف. هذا يعني انفصالهما، وإمكانية اختيار قانون منفصل لاتفاق التحكيم بغض النظر عن قانون العقد الأصلي. رغم شيوع خضوع كليهما لنفس القانون نتيجة اختيار الأطراف، إلا أن هذا لا ينفي استقلالية اتفاق التحكيم. وقد نال هذا الجانب اهتمامًا فقهيًا وقضائيًا، وسنستعرض كلا الجانبين لاحقًا
الفرع الأول: موقف الفقه من خضوع اتفاق التحكيم لقانون أخر غير ذلك الذي يخضع له العقد الأصلي
يُجادل بعض الفقهاء بأنّ تحديد وجود وصحة اتفاق التحكيم، وإن تطلب تطبيق قانون وضعي، لا يعني بالضرورة خضوعه لنفس قانون العقد الأصلي. فاستقلالية اتفاق التحكيم تسمح بإخضاعه لقانون مختلف عن قانون العقد، سواءً من قبل الأطراف أو القضاء المختص بالفصل في وجوده وصحته، حيث يُعتبر شرط التحكيم جزءًا منفصلاً بذاته عن باقي بنود العقد.
الفرع الثاني: موقف القضاء من خضوع اتفاق التحكيم لقانون أخر غير ذلك الذي يخضع له العقد الأصلي
يؤكد القضاء، خاصة الفرنسي، على استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي قانونيًا. فقد قضت محكمة الاستئناف الفرنسية (21/10/1983) ومحكمة النقض (14/12/1983) باستقلالية شرط التحكيم قانونيًا عن العقد، مؤكدة ذلك حكم محكمة باريس في قضية "سونتكس" (3 مارس 1992). كما أيدت أحكام تحكيم دولية، مثل الحكم رقم 1507 لعام 1970، هذا المبدأ، مشيرة إلى إمكانية خضوع اتفاق التحكيم لقانون يختلف عن قانون العقد الأصلي. وإلى ذلك، تنص المادة 1040/ف2 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري على إمكانية اختيار الأطراف لقانون يُحكم اتفاقية التحكيم، مختلفًا عن قانون العقد الأصلي، أو ترك الأمر لتقدير المحكم. وبالتالي، يتضح أن القانون المنظم للعقد لا يُطبق بالضرورة على اتفاق التحكيم إلا باتفاق الأطراف الصريح.


المبحث الثاني
الآثار غير المباشرة المترتبة عن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي
تمهيد:
يرتكز مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي على تمكين اتفاق التحكيم الدولي من الفاعلية الكاملة، بمنحه قوة ملزمة واختصاصًا بديلاً عن قضاء الدولة. لا يتحقق هذا بمجرد عرض النزاع للتحكيم، بل يتطلب امتناع القضاء عن التدخل، وهذا من آثار استقلالية الاتفاق. ستتناول الدراسة استقلال المحكم في الفصل باختصاصه ("الاختصاص بالاختصاص")، وعدم اختصاص قضاء الدولة في النظر بالنزاع.
المطلب الأول: مبدأ استقلالية المحكم في الفصل في اختصاصه (الاختصاص بالاختصاص)
يُعد مبدأ اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في اختصاصها (الاختصاص بالاختصاص) من أهم آثار استقلالية اتفاق التحكيم، إذ ينقل الاختصاص من القضاء العام إلى قضاء خاص أنشأته إرادة الأطراف، مما يمنح هيئة التحكيم وحدها سلطة الفصل في النزاع دون إمكانية الإنابة أو التفويض. ويرتبط هذا المبدأ ارتباطًا وثيقًا باستقلالية اتفاق التحكيم، رغم وجود جدل فقهي حول مدى ارتباطهما، فبعضهم يراه نتيجة حتمية للاستقلالية، بينما يرى آخرون ارتباطًا جزئيًا فقط. يركز البحث على دراسة مبدأ الاختصاص بالاختصاص كنتيجة غير مباشرة لاستقلالية اتفاق التحكيم، متناولاً مفهومه وأساسه، ومبرراته وآثاره.
الفرع الأول: مفهوم مبدأ الاختصاص بالاختصاص وأساسه
أولا: مفهوم الاختصاص بالاختصاص
يمثل مبدأ الاختصاص بالاختصاص ركيزةً أساسيةً لفعالية التحكيم، فهو يمنع المماطلة ويسرع الفصل في النزاعات. يُخول هذا المبدأ المحكم تحديد اختصاصه بنفسه، بحيث يقرر وجود اتفاق تحكيم صحيح من عدمه. لهيئة التحكيم سلطة البت في جميع الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، وتلك المتعلقة ببطلان، أو انقضاء، أو فسخ، أو إنهاء العقد الأصلي، وتأثير ذلك على اتفاق التحكيم، بل وحتى الاعتراضات المتعلقة بالترابط بين العقد الأصلي واتفاق التحكيم. يُميّز هذا المبدأ عن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم، حيث أن الأخير يسمح للمحكم بالفصل في اختصاصه حتى لو كان العقد الأصلي باطلاً، مُتيحاً له البت في صحة العقد. في حالة بطلان العقد الأصلي أو اتفاق التحكيم، يكمل مبدأ الاستقلالية مبدأ الاختصاص بالاختصاص، حيث يُسّرّ الأول الإجراءات و يُبين الثاني سلطة المحكم. يُؤكد الاتجاه السائد على ضرورة الفصل بين المبدأين، رغم تقاطعهما جزئياً، فالمحكم يبقى مختصاً حتى في حالة بطلان العقد الأصلي، مُحكماً بالبطلان و مُفصلاً في الموضوع.
ثانيا : أساس الاختصاص بالاختصاص.
يتأسس مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه على الاتفاقيات ولوائح هيئات التحكيم، وقد كرّسته التشريعات الوطنية وقرارات قضاء التحكيم الدولي. سندرس أساس هذا المبدأ من خلال دراسة تلك الاتفاقيات والتشريعات والقضاء.
1 - الاتفاقيات الدولية

اتفاقية جنيف 1961:
تنص اتفاقية جنيف لعام 1961 (المادة 5/ ف) على اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه، ووجود أو صحة اتفاق التحكيم أو العقد المرتبط به، دون التخلي عن القضية حتى مع دعوى عدم الاختصاص من أحد الخصوم. يُعتبر قرار المحكم في هذه المسألة حكما مؤقتا، خاضعا للرقابة القضائية لاحقا للتأكد من صحة قراره. بمعنى آخر، على المحكم البت في اختصاصه قبل الدخول في الموضوع، سواء تعلق الأمر ببطلان العقد الأساسي، أو اتفاق التحكيم، أو تجاوزه لنطاق الاختصاص المتفق عليه.
اتفاقية واشنطن 1965:
تنص اتفاقية واشنطن 1965 (المادة 41) على حق هيئة التحكيم بتحديد اختصاصها، مع إمكانية الطعن في هذا الاختصاص من قبل أحد الأطراف. وتحدد المحكمة فيما إذا كان هذا الطعن يُعالَج بشكل منفصل أو يُضمّ إلى موضوع النزاع. وبالتالي، تعترف الاتفاقية باختصاص هيئة التحكيم في تحديد اختصاصها، بغض النظر عن سبب الدفع بعدم الاختصاص (عقد أصلي أو اتفاق تحكيم).



  • القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي سنة 1985: ينصّ القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985، في مادته 16، على مبدأ اختصاص المحكمة بالفصل في اختصاصها. يُخول هذا النص للمحكم سلطة البتّ في اختصاصه، بما يشمل الدفوع المتعلقة بوجود أو صحة اتفاق التحكيم. وبذلك، تُمنح المحكمة صلاحية البت في مدى اختصاصها بالفصل في النزاع.
    2 - لوائح التحكيم
    تؤكد العديد من لوائح التحكيم، كلائحة غرفة التجارة الدولية بباريس (المادة 8/ الفقرة 3 و 4) ولائحة جمعية التحكيم الأمريكية (المادة 15)، ومركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، ومحكمة لندن للتحكيم الدولي (المادة 14) على مبدأ الاختصاص بالاختصاص. فهي تخول هيئة التحكيم البتّ في اختصاصها، بما في ذلك النظر في دفوع وجود أو صحة اتفاق التحكيم، حتى لو لم يثرها أحد الأطراف. فعلى سبيل المثال، تُعتبر لائحة غرفة التجارة الدولية أن الادعاء ببطلان العقد لا يمنع اختصاص المحكم إن رأى صحة اتفاق التحكيم، بينما تسمح لائحة جمعية التحكيم الأمريكية للمحكمة بالبت في اختصاصها خلال 45 يوماً من بدء التحكيم.


3 – قضاء التحكيم الدولي
أقرّ العديد من القرارات بمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه، ومنها قرار التحكيم رقم 1526 لسنة 1968. رفضت فيه دولة متعاقدة المشاركة في إجراءات التحكيم، فعيّنت محكمة التحكيم الدائمة (غرفة التجارة الدولية) محكماً وحيداً في برن. أكد المحكم اختصاصه، معتبراً ذلك قاعدة راسخة في التحكيم الدولي، مستنداً إلى عدم وجود نصوص قانونية (فرنسية، سويسرية، أو قانون دولة الطرف) تلغي هذه القاعدة. وبالتالي، ثبّت هذا القرار مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه عند الطعن فيه.


4 –التشريعات الوطنية
تتبنى العديد من التشريعات الوطنية مبدأ الاختصاص بالاختصاص، حيث تُمنح هيئة التحكيم سلطة الفصل في اختصاصها. ففي فرنسا، تُخول المادة 1466 من قانون المرافعات المدنية الجديدة (1980) المحكم سلطة الفصل في صحة ولايته، بما يشمل فحص مشروعية اتفاق التحكيم. أما التشريع المصري (المادة 22/1 من القانون 27 لسنة 1994)، فيُخوّل هيئة التحكيم الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، شاملةً تلك المتعلقة بعدم وجود أو بطلان اتفاق التحكيم، دون تعطيل إجراءات التحكيم. وقد رفضت محكمة استئناف القاهرة دفعًا بعدم دستورية هذه المادة، مؤكدةً أن اختصاص هيئة التحكيم لا يخل باستقلالها. وفي الجزائر، تنص المادة 1044 من قانون الإجراءات المدنية على أن تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بحكم أولي، إلا إذا كان الدفع مرتبطًا بموضوع النزاع. وبالتالي، يعتمد المشرع الجزائري المبدأ بشكل غير مطلق، مع إعطاء هيئة التحكيم حرية واسعة في تقرير شرعية اتفاق التحكيم، بما يعكس نهجًا ليبراليًا في التحكيم.
الفرع الثاني: مبررات مبدأ الاختصاص بالاختصاص وآثاره
أولا: مبررات الاختصاص بالاختصاص.
يرى اتجاه فقهي أن مبدأ الاختصاص بالاختصاص ضروري في قوانين التحكيم الداخلية، لما له من أهمية في التحكيم الحديث. ويستند هذا على عدة مبررات: أولاً، سدّ ثغرات الاحتيال والتهرب من الالتزامات، وضمان فعالية التحكيم. ثانياً، تجنّب الرجوع للقضاء العادي، وتلافي الخصومات الطويلة المعقدة. ثالثاً، تعزيز ثقة الأطراف في قضاء التحكيم، بما في ذلك البتّ في اختصاصه. رابعاً، ضمان فعالية الاختصاص بالاختصاص عبر إعطاء المحكم حرية تقدير صلاحية التحكيم، وتركيز البتّ لديه، وتفادي الإجراءات الموازية أمام القضاء.


ثانيا: الآثار المترتبة على مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
تناول النص أثر مبدأ الاختصاص بالاختصاص، مُميّزاً بين أثره الإيجابي والسلبي. فالأثر الإيجابي يكمن في منح المحكم سلطة الفصل في اختصاصه تلقائياً، دون انتظار قرار قضائي، وهو ما أكّدته غالبية القوانين الوطنية. أما الأثر السلبي، فيتمثل بمنع القضاء الوطني من النظر في اختصاص المحكم قبل أن يفصل فيه، مُعطياً المحكم الأولوية في البتّ في هذه المسألة. وقد تبنّت محكمة النقض الفرنسية هذا الأثر قبل تقنينه قانونياً، بينما لم يتبنّاه المشرّع الجزائري، مكتفياً بمنح محكمة التحكيم صلاحية الفصل في اختصاصها دون منع القضاء الوطني من التدخل قبل صدور حكم التحكيم
. المطلب الثاني:
عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في النزاع
يتناول النص آثار استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، مشيرا إلى الجانب الإيجابي المتمثل في امتناع أطراف النزاع عن اللجوء للقضاء، وامتناع القضاء بدوره عن التدخل في مسألة التحكيم، ما يعني حرمانهم من القضاء العادي بموجب اتفاقهم. يؤكد النص أن اللجوء للقضاء يدل على تخلي الأطراف عن اتفاق التحكيم، سواء صريحاً أو ضمنياً، وأن القاضي لا يثير هذا الاتفاق من تلقاء نفسه، ولا يلتزم باتفاق تخلى عنه الأطراف. ويشدد على أهمية تمسك الطرف المعني باتفاق التحكيم، وإلا أصبح الاتفاق مجرد اتفاق شرف غير ملزم.


الفرع الأول: أساس عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في النزاع.
يلخص النص آثار استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. فمن ناحية، يضمن هذا المبدأ اللجوء للتحكيم وتجنب قضاء الدولة، وهو أثر إيجابي للاختصاص بالاختصاص. ومن ناحية أخرى، يمنع القضاء العادي من التدخل في مسائل التحكيم، خاصة ما يتعلق بالموضوع، مما يعني حرمان الأطراف من اللجوء للقضاء العادي إلاّ في حال تخليهم صراحةً عن اتفاق التحكيم. ولا يمكن للقاضي إثارة مسألة اتفاق التحكيم من تلقاء نفسه أو التمسك بعقد تخلى عنه الأطراف. ويؤكد النص على أهمية تمسك الأطراف باتفاق التحكيم، وإلاّ أصبح مجرد اتفاق شرف غير ملزم.
الفرع الأول: أساس عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في النزاع.
يلقي النص الضوء على إشكالية عدم اختصاص قضاء الدولة في النزاعات التي يخضع طرفاها للتحكيم، مُبرزًا التناقض بين التزام المتنازعين بالتحكيم وامتناع القاضي الوطني عن النظر في القضية. يتناول النص هذا المبدأ من خلال أربعة محاور: أولها بيان موضعه في الاتفاقيات الدولية (كبروتوكول جنيف 1923 واتفاقية نيويورك) والتشريعات الداخلية (كالمادة 458 مكرر من المرسوم التشريعي الجزائري الملغى)، مع الإشارة إلى تحفظ بعض الاتفاقيات على تقدير وجود وصحة العقد الأصلي. ثانيًا، يُبيّن النظام المتبع، وثالثًا، وقت تدخل القاضي لتقدير اتفاق التحكيم. رابعًا، يُحدد حدود عدم اختصاص القاضي، مُشددًا على أن فتح المجال لاختصاص القضاء مع وجود اتفاق تحكيم يُفَرِّغُه من محتواه، ويُمثل تهربًا من الالتزامات والتحايل على القضاء. لذا، يُؤكد النص على أهمية عدم اختصاص قضاء الدولة كضمانة لفاعلية اتفاق التحكيم.
ثانيا : نظام مبدأ اختصاص قضاء الدولة
يُعتمد التحكيم على إرادة الأطراف، ويمكنهما التنازل عنه باتفاق مشترك للجوء للقضاء العادي. يُصبح القاضي غير مختص تلقائياً فقط بموافقة المدعي وقبول المدعى عليه. يؤكد بروتوكول جنيف 1923 واتفاقية نيويورك (المادة الثانية، الفقرة الثالثة) أن عدم اختصاص هيئة التحكيم لا يُثار إلا بطلب أحد الأطراف. يُفسّر ذلك بتفسير ضيق لاتفاق التحكيم باعتباره قضاءً استثنائياً سلطته من إرادة الأطراف، مقتصراً على ما نصت عليه. وتؤكد التشريعات أن عدم اختصاص قضاء الدولة ليس تلقائياً.
ثالثا : المرحلة التي يتدخل فيها القضاء لتقدير صحة وجود اتفاق التحكيم
بفرض النزاع المتعلق بوجود وصحة إتفاق التحكيم،لا يمنع محاكم التحكيم من متابعة مهامها بتأكد اختصاصها لتبت في الموضوع دون ترقب دعوى الإلغاء في القضاء العادي التي تتعلق بمراقبة الاختصاص فنص المادة 458 مكرر(ملغاة) واضحة في هذا الشأن.
رابعا : حدود عدم اختصاص القضاء العادي.
تتأسس المحكمة التحكيمية باتفاق تحكيم صحيح، مُستوفٍ للشروط القانونية، وخالٍ من عيوب الإرادة ومخالفة النظام العام. يُثبت بطلان الاتفاق بدليل، بينما يتدخل القضاء العادي في مسائل ثانوية كاختيار المحكمين، والتدابير التحفظية، والرقابة على تنفيذ القرارات. استناد المحكمة التحكيمية لمبدأ الاختصاص بالاختصاص يحدد نطاقها، إلاّ ببطلان اتفاق التحكيم، ما يُلزم اللجوء للقضاء. يُطرح تساؤل حول اختصاص القاضي بالفصل في الموضوع عند تأسيس محكمة تحكيم من طرف واحد.
الفرع الثاني: مبررات تدخل قضاء الدولة دون الاختصاص لحكم النزاع.
يلجأ قضاء الدولة في حالات استثنائية فقط عند وجود اتفاق تحكيم، بحيث يلتزم الأطراف باحترام إرادتهم وطلب إبعاد قضاء الدولة عن النزاع. يتدخل القضاء أولا في تعيين المحكمين، سواء بالتعيين المباشر أو عبر محكمة مختصة في حال صعوبة التعيين أو الوفاة أو فقدان الأهلية، كما هو منصوص عليه في القوانين الجزائرية والعربية. ثانيا، يتدخل القاضي في اتخاذ إجراءات تحفظية لحماية حق أو منع ضرر وشيك لافتقاد المحكم سلطة الأمر بالتنفيذ، دون اعتبار ذلك تنازلاً عن التحكيم. ثالثا، يتدخل القضاء في عزل المحكمين بناءً على اتفاق الأطراف أو حكم قضائي، ويعزى العزل لأسباب مشابهة لأسباب رد القاضي، مع تعيين محكم جديد من رئيس المحكمة المختصة. رابعا، يلجأ الطرف المستفيد من حكم التحكيم للقضاء للحصول على أمر بتنفيذ الحكم عبر عريضة تُقدم لرئيس المحكمة المختصة، ليصدر القاضي أمره دون خصومة أو إعلان، مما يبرز قوة اتفاق التحكيم في إبعاد قضاء الدولة عن النزاع.
خلاصة الفصل الثاني
يؤدي تطبيق مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلى نتائج مباشرة وغير مباشرة. من بين الآثار المباشرة، عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي (إلا باتفاق الأطراف)، وعدم خضوعه للقانون الذي يخضع له العقد الأصلي (مع إمكانية الاتفاق على ذلك). أما الآثار غير المباشرة، فتتمثل في منح المحكم سلطة الفصل في اختصاصه (مبدأ الاختصاص بالاختصاص)، مما يسمح له بالفصل في اختصاصه قبل القضاء العادي، مع ما لذلك من آثار إيجابية وسلبية. كما ينتج عنه عدم تدخل قضاء الدولة إلا في حالات استثنائية محددة. بشكل عام، تساهم هذه الآثار في تعزيز فعالية مبدأ الاستقلالية والتحكيم التجاري الدولي.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

تفضل، هذا النص ...

تفضل، هذا النص الكامل المفصل والمرتب لتلخيص الفصول الأربعة (الأخلاق – العنف الجامعي – الانحراف الفكر...

Finalement, la ...

Finalement, la chrysalide s'ouvre et le papillon adulte (ou imago) en émerge. Ses ailes sont d'abord...

اذا كانت السلعه...

اذا كانت السلعه منحاصرا بيعها في عدد معين من الناس حاله الاحتكار سواء كان ذلك الانحصار او الاحتكار ا...

تحيز بعض رجال ا...

تحيز بعض رجال المرور لاحد او بعض المواطنين خلافاً للقوانين والتعليمات المرورية النافذة وتجاوزهم مبدأ...

 שם האבחנה: לק...

 שם האבחנה: לקות ראייה לקות ראייה היא מצב שמשפיע על תפקוד הראייה אצל האדם, ויכולה להופיע באופן חל...

الاطار النظري ل...

الاطار النظري للدراسة الفصل الأول : مدخل عام للعلاقات العامة المبحث الأول :ماهية العلاقات العامة ...

اتهم وزير الإعل...

اتهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، معمر الإرياني، مليشيا الحوثي التابعة لإيران...

تأسست قرطاج عام...

تأسست قرطاج عام 814 ق.م على يد الفينيقيين القادمين من صور (حاليا في لبنان)، وسرعان ما تحولت إلى قوة ...

مذهب الشرح على ...

مذهب الشرح على المتون نقد المذهب الأسس التي يقوم عليها المذهب النتائج المترتبة على هذا المذهب يت...

من التطورات الج...

من التطورات الجديدة في روبوتات الدردشة آلية ذاكرة طويلة المدى تتذكر المعلومات من المحادثات السابقة ل...

يعتبر تحديد عدد...

يعتبر تحديد عدد الزوجات المسموح به من أهم الشروط التي وضعها الدين الحنيف،حيث كان تحت الرجال عشرة أو ...

في ظل التغيرات ...

في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم على المستويات الاقتصادية، التكنولوجية، والاجتماعية، أصبحت ...