لخّصلي

وال: تعريف التفكري النقدي
اختلف المتخصصون في مجال التفكير النقدي حول تعريفه، إذ يوجد العديد من
التعريفات المتعددة والمتباينة، بسبب تعدد الخلفيات النظرية التي تناولت هذا المفهوم .
يعود مفهوم التفكير النقد ي ا إل

لغوي ى أصيييييل إغريقي، فكلمة " Critical "مشيييييتقة
من كلمتين؛ األولي:"Kriticos "التى تعني الحكم المميز والكلمية الثيانيية "Kriterion"
بمعنى المعيايير. ليذليك فيإن كلمية "نقيد ي ا يسي يي يي يي ييتنيد إلى المعيايير.

ا مميز

" تعني حكمي وفي
اللغة العربية: ورد لفظة "نقد " في )لسييييييييييان العرب ( بمعنى: ميز الدراهم، وأخرج الزيف
منه. كما ورد تعبير "نقد الشييعر" في المعجم الوسيييط بمعنى أظهر ما فيه من عيب أو
حسن. ويفهم من ذلك إظهار المحاسن والعيوب ، وتنقية وعزل ما حاد عن الصواب .
والتفكير النقدي في أبسط معانيه هو فحص و تحليل و تقييم األفكار المطروحة،
أو هو قدرة الشخص على التعرف على االفتراضات، واستخالص النتائج بطريقة منطقية
سليمة، وتفسير البيانات، وتقويم الحجج المتعلقة بالقضايا والمشكالت المختلفة
)الشخصية، والحياتية، والعملية..(.
وهناك عدد كبير من تعريفات التفكير النقدي التي وردت في المجاالت النفسية
والفلسفية والتربوية، يبين بعضها الجدول التالى رقم )1-1(:
]34[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
جدول )-1 1(
نماذج لتعريفات التفكير النقدي
قدمت أدبيات التفكير النقد ي المعاصرة مجموعة كبيرة من التعريفات أشهرها
ما يلي:

• "العقل المفكر الذي ال ينطوي على مجرد تسي يي يي يييلسي يي يي يييل ل فكار، لكن علي ترتيبها
  بحيث تسهم كل فكرة في الوصول إلي النتيجة السليمة )جون ديوى(.


• "العملييات واالسييييييييييتراتيجييات واإلقرارات اليذهنيية التي يسييييييييييتعين بهيا النياس لحيل
  مشاكلهم واتخاذ قراراتهم وتعلم مفاهيم جديدة" )ستيرنبرج(.


• "تفكير تأملي معقول يركز على اتخاذ قرار بشأن ما نصدقه وما نفعله" )أنيس(.


• تفكير يساعد على نقل المهارات النقدية إلى مواضيع التعليم )مكبيكMcPeck).


• تفكير يحتوي على مهي يا ارت التفكير المنطقي، وكي يذلي يك مهي يا ارت مشي يي يي يي ييتركي ية بين
  مجاالت الخبرة )ريسنيك Resnick) .


• التفكير الذي يساعد الطالب على فهم الروابط المنطقية في اللغة )أدلرAdler).


• التفكير الذي يهدف إلى التغلب على التحيز والتحامل والقولبة )ريتشارد بول(.


• وعي المرء ب ار على نقله من السي يي يياق المألوف إلى سي يي يياقات
  تفكيره حتى يكون قاد
  غير مألوفة )آرونس Arons).


• التفكير الذي يهدف إلى تكامل الفكر والعمل )ج. آر. مارتن Martin .R .J) .


• التفكير الذي يحاول الوصيييييول إلى حكم بعد تقييم للبدائل الخاصييييية بأدلة وبراهين
  موجودة )هاتشر Hatcher) .


• التفكير ذو الغرض والرامي إلى تكوين حكم، ويسييييييييييتوفي التفكير ذاتييه معييايير
  الكفاية والدقة" )بايلين Bailin).


• حكم هادف ذو تنظيم ذاتي ينتج عنه تفسييييييير وتحليل وتقييم، واسييييييتدالل، وكذلك
  شيرح األدلة والمفاهيم والمنهج والمعايير، أو االعتبارات النظرية التي يسيتند إليها
  ذلك الحكم" )فاسيون Facione).


• التفكير المنضيبط وذاتي التوجيه الذي يجسيد كمال التفكير المناسيب لوضيع ما أو
  مجال فكري معين" )ريتشارد بول(.


• االنفتاح على أدلة جديدة من شيييييييأنها أن تدحض أفكارال، والتفكير المنطقي غير
  العياطفي، والمطيالبية بيأن تكون الم ازعم ميدعومية بيأدلية، واسي يي يي يي ييتنتياج واسي يي يي يي ييتنبياط
  االستنتاجات من الوقائع والمعلومات المتاحة".
  المصدر : عصام جميل )2015(
  افتتاحية الكتاب والمقدمة ]35[
  و ال
  ّ
  ّساؤل اإليجابي والفع
  إلى الت
  ُ
  ُشير
  قدي هو مصطلح ي
  ّ
  فكير الن
  ّ
  بشك ل عام، الت ،
  ّعاوى المختلفة، بدال من قبولها على ظاهرها.
  ة الد
  ّ
  ّشكيك في صح
  أو الت
  وبالتالي ف الة تشتمل على:
  ّ
  ة فع
  ّ
  قدي هو عملي
  ّ
  فكير الن
  ّ
  الت
  • تقليل أثر األفكار المسبقة واال م األدّلة.
  ّ
  نحيا ازت عندما نقي
  يا استخالصها من
  يا أو منطقًّ
  ّ • تائج التي من الممكن عقلًّ
  تحديد الن األدّلة.
  • ة وجود تفسي ارت بديلة لنتائج األبحاث
  ّ
  أخذ إمكاني ، ى وجود ظواهر أخرى
  ّ
  أو حت
  غير مدروسة بعين االعتبار .
  وترتبط هذه التعريفات والمفاهيم بمفاهيم أخرى مثل قولنا: شخصية نقدية، و مجتمع
  نقدي، وإدارة نقدية، واإلصغاء النقدي، والقراءة النقدية، والكتابة النقدية.
  و يتبين من ذلك أن التفكير النقدي هو في عداد المهارات األساسية التي نحتاجها
  لكي نحصل على نتائج مثمرة من خالل التواصل مع اآلخرين، وكذلك هو عملية أساسية
  التخاذ القرارات الصحيحة، وال غنى عنه لمن يحاول ابتكار الجديد، وهو طريقة لتمييز
  الطرائق الفاسدة في التفكير، وبالتالي التمييز بين النتائج الصحيحة والنتائج الفاسدة التي
  نتوصل إليها أو يعرضها علينا اآلخر و ن.
  واآلن - عزيزي الطالب- بعد أن وقفت على مفهوم "التفكير النقدي " يتضح لك
  ّ هذا الن
  أن وع من التفكير يعتبر عكس التفكير التقليدي السردي الذي يقوم على الحفظ،
  والتلقين، وتكديس المعلومات في العقول، والذي يعد نتيجة حتمية للتعليم البنكي الذي
  على أساس حشو أدمغة الطال
  ّ
  يتم ب نة وإعادتها
  ّ
  والمتعلمين بالمعلومات لفترة معي
  للمعلمين عن طريق االمتحانات، واّلتي على أساسها يتم تقييم الطالب ويتم تقييم العملية
  التعليمية.
  ا
  ً
  ثاني : احلاجة للتفكري النقدي
  يشير "ريمون نيكرسون" في مقالته المهمة "لماذا نعلم التفكيرا
  إلى األهمية الكامنة
  وراء تعليم مهارات التفكير النقدي للطالب، بتأكيده أن تلك المهارات تساعد على :
  .1 تنظيم األفكار و توض يحها بإيجاز وتماسك.
  .2 فهم الفروق بين االستنتاجات واالفت ارضات.
  .3 التمييز بين االستدالالت المنطقية الصادقة والكاذبة.
  .4 التدرب على امتحان وجهات النظر، وفحص ما تنطوي عليه من افت ارضات
  ونتائج.
  .5 استخدام األدلة بمهارة ونزاهة.
  ]36[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
  .6 تعليق الحكم على ما يواجهنا من قضايا في غياب األدلة الكافية لدعم اتخاذ
  القرار.
  .7 استباق العواقب المحتملة باستخدام إجراءات بديلة قبل االختيار من بينها.
  .8 االستمتاع باإلنصات ألفكار اآلخرين.
  .9 البحث عن حلول فعالة للمشكالت المعقدة.
  .10تطبيق أساليب حل المشكالت بشكل مناسب على مجاالت أخرى غير التي
  تعلمها الطالب .
  .11التعرف على ما في آراء الغير من مغالطات ، وما قد تنطوي عليه آراؤنا من
  احتماالت التحيز، سعيا وراء تجنب مخاطر ترجيح األدلة وفقا ل هواء
  الشخصية.
  يحاول "ن يكرسون" في عناصره الموجزة تلك أن يبرز أهم مها ارت التفكير النقدي
  التي يتزود بها المتعلم.
  و من هذا المنطلق، بلور الباحثون أهمية تعليم مها ارت التفكير النقدي في عدة
  مبررات منها:
  ، وفي
  -1 في ظل التكنولوجيا الحديثة أصبح كم المعلومات المتوافرة اآلن كبير جدا
  تزايد مستمر، وبالتالي يحتاج الطالب أن يتعلموا كيفية اختيار الالزم والمفيد
  من المعلومات ، ال أن يكونوا مجرد مستقبلين سلبيين، لذا فمن المهم للمتعلم
  أن يطور ويطبق بفعالية مهارات التفكير النقدي في دراساته األكاديمية
  ولمواجهة مشكالته اليومية، ولمواجهة الخيارات الصعبة التي أنتجها التفجر
  المعرفي التكنولوجي السريع.
  -2 من المهم للمتعلم أن يتعلم إثارة األسئلة الجيدة، والبحث عن إجابات لها، وهو
  طالما
  و متجددا
  ما ينتجه التفكير النقدي حيث إن المجال المعرفي يبقى حيا
  هناال أسئلة تثار وتعالج بجدية.
  -3 إن تدريس التفكير النقدي يؤدي إلى إتقان مهارات التحليل والنقد والدفاع عن
  القضايا والتفكير االستقرائي واالستنباطي، والتوصل للنتائج الحقيقية والواقعية
  من خالل العبار ات الواضحة للمعرفة والمعتقدات .
  -4 إن فكرة تنمية القدرات البشرية }معرفية، انفعالية، سلوكية{ هي تطور طبيعي
  للتراكم المعرفي في مجال دراسة السلوال اإلنساني، لذلك تهدف التربية النفسية
  افتتاحية الكتاب والمقدمة ]37[
  إلى كشف أوجه النقص في قدرات المتعلم وإمكاناته، وتنمية ما يتميز منها.
  وبذلك يساعد التفكير النقدي المتعلمين على أن يصبحوا متفتحي العقول، وأن
  يحترموا وجهات نظر اآلخرين، وأن يكونوا على استعداد لتغيير آرائهم في ضوء
  المعلومات الجديدة، وأن يلتفتوا إلى األفكار غير العادية وغير الشائعة، وفوق
  كل شيء أن يبحثوا عن أسباب لقبول األفكار المختلفة .
  وإنما هو ضرورة تربوية ال غنى عنها، ويعزى
  ر تربويا
  -5 و التفكير النقدي ليس خيا ا
  ذلك إلى جملة من االعتبارات منها أن تنمية قدرة التفكير النقدي عند الطالب
  تؤدي إلى فهم أعمق للمحتوى المعرفي الذي يتعلمونه، ذلك أن التعلم في أساسه
  عملية تفكير، وأن توظيف التفكير يحول عملية اكتساب المعرفة من عملية
  خاملة إلى نشاط عقلي خصب يفضي إلى إتقان أفضل للمحتوى، وإلى ربط
  عناصره ببعضها البعض .
  -6 إن التفكير النقدي هو أحد أهداف التربية المعاصرة، ويجب تدريس مهاراته
  والتدريب عليها ألن أهميته تكمن في بناء شخصية تتسم بالموضوعية، ومواطنة
  فاعلة، ومشاركة في المجتمع الديمقراطي.
  -7 إن القدرة على التفكير النقدي تساعد األفراد على التكيف بدرجة أكبر من
  نظ ارئهم الذين ال يمتلكون هذه القدرة بشكل كاف، حيث إن المجتمع يتغير
  بدرجة سريعة، وتتشابك األحداث فيه وتتعقد، مما يؤدي إلى بروز تحديات ال
  تكفي المعرفة المناسبة فقط لمعالجتها، بل ال بد من امتالال مهارة تطبيق هذه
  المعرفة بشكل جيد .
  -8 مع تعقد المجتمعات وسهولة التواصل بين أفرادها، يتعرض للعديد من
  اإلغراءات والتأثيرات من أجهزة اإلعالم بأنواعها، ولكي يحدد الفرد موقعه من
  ذلك ال بد له من التفكير النقدي الذي يزن األمور، ويفاضل بين األشياء.
  -9 إن المتعلم بحاجة إلى التزود بمهارات التفكير النقدي ألن ذلك يساعده على
  خوض مجاالت التنافس بشكل فعال في هذا العصر الذي ارتبط فيه النجاح
  والتفوق بالقدرة على التفكير الجيد والمهارة في تطبيقاته.
  -10 تكمن أهمية التفكير النقدي في تحول الطالب من التعلم إلى التفكير إذ يراد
  من الطالب أن يفكروا، ال أن يتعلموا فقط ما فكر فيه اآلخرون. وإذا كان
  التفكير النقدي سينمي التعلم ، فذلك ألنه يضاعف من كم ونوعية المعنى
  الذي يستخلصه المتعلم مما يقر ؤ ه ويفهمه ويعبر عنه سواء بالكتابة أو
  ]38[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
  الحديث .
  -11 يساعد التفكير النقدي الدارس على التكيف مع األوضاع المتغيرة والتحديات
  التي تواجهه. والتصدي ل فكار الهدامة والتعصب واالنقياد. و الشعور بالقيمة
  الذاتية والثقة بالنفس.
  وعلى هذا تتجلي الحاجة إلى التفكير النقدي في عدد من المحاور الكبرى التي
  تشكلت في ضوئها موضوعات هذا الكتاب، والتي يمكن بلورتها على النحو التالي:
  ]1[ التفكير النقدي و مواجهة مشكالت الحياة اليومية
  نواجه في حياتنا اليومية عديد من المواقف التي تحتاج منا إلى تقديم ما يمكن
  أن يقنع اآلخرين بسالمة موقفنا، أو لنبرر لماذا نرفض أو نقبل فكرة مطروحة علينا.
  يوميا مزودين برسائل عديدة تخبرنا بما علينا أن نفعله وما ال نفعله، أو إننا نجد أنفسنا
  تخبرنا عما نعتقد فيه وعما ال نعتقد فيه: أن نشتري هذا المشروب، وأن نأكل هذا النوع
  من الطعام على اإلفطار، وأن نصوت لمرشح بعينه، وأال نقود السيارة ونحن سكارى،
  وأال نتعاطى المخدرات، وأن اإلجهاض جريمة، وأن الكائنات الفضائية قد زارت األرض،
  وأن االقتصاد في خطر، وأن محاكمنا عادلة، وأن نقلل من مصادر التلوث ...الخ. نحن
  أيضا. نتجاهل بعض هذه الرسائل، ونقبل بعضها دون تر و، ونرفض بعضها دون تر و
  ونتساءل عن بعضها اآلخر، لماذا يجب عّلي أن أفعل ذلك أو ال أفعلها أو لماذا يجب
  عّلي أن أعتقد في ذلك أو ال أعتقد فيها
  وفي بحثنا عن تبريرات لموقفنا، قد نتزود بنوع من التفكير االنفعالي، أو نحتكم
  إلى معتقدات شائعة تعزز ما يسمى بالتفكير الخرافي، وهما نمطان من التفكير غير
  فَّعالين في مواجهة تلك المواقف، و قد يوقعاننا في أخطاء عديدة، على عكس التحصن
  بنمط أخر من التفكير يساعدنا على حسن االستدالل والبعد عن التحيز أال وهو التفكير
  النقدي. و لعل هذا هو المعنى الذي قصده األديب الكبير نجيب محفوظ في الفقرة التي
  يتضمنها النشاط التالي:
  افتتاحية الكتاب والمقدمة ]39[
  نشاط )1(
  خِّ إقرأ ص في نقاط مبررات الحاجة إلي
  المقال التالي للكاتب العالمى الكبير نجيب محفوظ ثم ل
  التفكير النقدي
  الحاجة إلى التفكير النقدي
  "من أم ارضنا العقلية الشائعة أننا نفكر كثي ار بعواطفنا ونحن ال ندرى، ومما يضاعف من خطورة
  الظاهرة تفشيها بين المتعلمين بل وبين المثقفين، وإليك مثال التسرع في الحكم واالنطالق فيه من
  مسلمات بال تدبر واختبار، ودون رؤ ية أو فحص، وبال أي دليل، ثم نستخدم العقل في تأييد
  مسلماتنا العاطفية وانفعاالتنا وأهوائنا فنخلق من ال شيء حقائق وهمية، وال نكتفى بذلك فنستخرج
  منها استنتاجات، ونتخيل مؤامرات وأشباحا، ونعيش في النهاية في عالم زائف من صنع أوهامنا،
  ّت بصلة للحقيقة
  ال يم ، ونكون أولى ضحاياه. ما أكثر صي التأكيد واليقين في مناقشاتنا، يبدأ
  القائل بقوله: "مما ال شك فيه..." أو "على وجه اليقين..." أو "مما ال يختلف فيه اثنان..."، ثم
  يمضى في بناء خطابه طوبة فوق طوبة دون تدبر ل ساس الذى يقوم عليه، وقد يرجع األمر كله
  إلى مجرد شائعة أو رأى متداول أماله الخصام، أو التمني، أو الكبرياء، وعالج هذا الداء ال ينجح
  ا من التربية األولى التي تقوم على إيقاظ التفكير ال الحفظ.،

إال بدء . و لإلعالم دوره في ذلك، ومثلما
يعالج أمراضنا المتوطنة وغيرهيا بوسائله المتنوعة المباشرة، والدرامية، فعليه أن يتصدى ألمراضنا
العقلية ليدعو الجمهور إلى احترام العقل والموضوعية، والحذر من قوة االنفعاالت والعواطف الذاتية،
ولعل ذلك يكون منطلقه إلى بث روح المنهج العلمي برفق وهوادة، وتعويد الجماهير على إش ارال
العقل في حياتهم اليومية". )من خالل خالد بدر، 2015(.
]2[ التفكير النقدي ومساعدتنا على الحل النقدى واإلبداعي للمشكالت
يتعرض الفرد على مدار اليوم للعديد من المواقف التي تنطوي على مشكالت،
سواء أكان ذلك في المنزل، أم في العمل، أم أثناء اللعب، أم حتى ف ي أماكن التسوق.
كما أدت التطورات االقتصادية، واالجتماعية والسياسية والتكنولوجية إلى ظهور عديد
من المواقف المتالحقة التي تتطلب من الفرد، أو الجماعة، أو المنظمة صنع قرارات
مهمة تتصل بمشكالت عديدة، منها ما يتعلق بالعالقات االجتماعية، أو بتيسير العمل،
أو بالتقدم في المجاالت السياسية واالقتصادية. وتحدد مثل هذه القرارات مسار حي اة
الفرد، أو مستقبل الجماعة، أو المؤسسة.
وألنه من الصعب تجنب المشكالت، فإن اإلنسان يقضي معظم وقته في البحث
عن حلول لها. وتتناسب جهوده –عندئذ - مع درجة تعقد المشكلة وأهميتها. ومدى درجة
إلحاحها وتعقدها. وفي كل الحاالت، فإن هذه المشكالت، سواء أكانت ملحة أم غير
]40[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
ملحة، معقدة أم بسيطة، تتطلب االهتمام، والبحث عن سبل لحلها. ومع ذلك نجد أن
األف ارد يتباينون في ق ار ارتهم تجاه ما يواجهونه من مشكالت، فهناال من ينصب قراره
على تجاهل المشكلة، أو ترقب أن تمر بسالم، وهناال من يسعى لمواجهتها مباشرة،
آمال في حلها.
وعندما تواجه الفرد مشكالت تقليدية، وتتطلب حلوال منطقية لها، فإنه يحتاج إلي
تنشيط ما يسمى بعمليات الحل النقدى للمشكالت، وعندما يواجه مشكالت غير معتادة
و تتطلب حلوال جديدة ومتنوعة فإنه يحتاج إلي تنشيط ما يسمى بعمليات الحل اإلبداعي
للمشكالت. وفي كلتا الحالتين فإنه يمارس عملية تفكير هدفها الوصول إلى مواجهة
المشكلة وحلها.
ويعتمد كل من الحل النقدى للمشكالت، والحل اإلبداعي لها على تنشيط عمليات
التفكير النقدي سو اء للحكم على بدائل الحلول المنطقية التي ينتجها الفرد لحل المشكلة
واختيار أفضلها )في حالة الحل النقدى للمشكالت(، أو للحكم على بدائل الحلول الجديدة
وغير المعتادة التي ينتجها لحل المشكلة )في حالة الحل اإلبداعي للمشكالت( )أيمن
عامر، 2004(.
وكما يحتاج التفكير النقدي لخصوبة اإلبداع لفتح آفاق التفكير، وعدم حصره في
دائرة الصواب والخطأ، يحتاج التفكير النقدي إلى التفكير اإلبداعي لضبط التفكير، ومنع
تشتته. ففي معرض حديثه عن العالقة بين التفكير اإلبداعي والتفكير النقدي، شبه بارنز
)عالم النفس األمريكي( من يستطيع إنتاج عد يد من األفكار الجديدة والمتميزة دون القدرة
على ترشيدها، وتقييمها، ووضعها في إطار له معناه وداللته بمن لديه سرطان في
األفكار.
والمعني الذي قصده العالم هو ضرورة العناية بتنمية قدراتنا على التفكير النقدي
جنبا إلى جنب مع قدراتنا على التفكير اإلبداعي. فالقول ا لشائع بأن اإلبداع سلوال يعتمد
علي الحرية المطلقة في استخدام الخيال، وال يخضع ألية ضوابط أو قيود قول ال يعكس
بدقة طبيعة السلوال الخالق الذي هو توازن متناغم بين استخدام الخيال )لتوليد عديد
من األفكار الجديدة المتنوعة( واستخدام التقييم )للحكم علي هذه األفكار، و اختيار أفضلها
وأكثرها مالءمة(، فاإلبداع ليس "ثرثرة " بفكرة وراء األخرى دون أي حكم أو تقييم، بل
إن التداعيات المبدعة يساويها في األهمية القدرة علي اتخاذ القرارات ، واختيار أفضل
البدائل واألفكار. والتفكير اإلبداعي، بهذا المعني، هو تفكير حر وموجه في آن واحد،
تتضافر خالله قدرات الفرد اإلبداعية والنقدية للوصول إلى أفضل صيغة يرتضيها المبدع
إلنتاجه الوليد.
افتتاحية الكتاب والمقدمة ]41[
]3[ التفكير النقدي والتدرب على المحاجاة لحل الصراعات وفض النزاعات
من بين مهارات عديدة للتفكير النقدي )مثل التحليل، واالسييييييييتدالل، والتركيب ،
والتطبيق، والتقييم، والمقارنة، والتحقق، والتفسير(، يشير الباحثون إلى مهارة "المحاجاة"
بوصفها أبرز تلك المهارات استخداما في المواقف العملية والتطبيقية.
و يقصد بالمحاجة "قدرة الفرد على تفنيييييييييييد ودحض حجج الطرف اآلخر، باألدلة
والبراهين االسييتداللية، والواقعية، وحثه على التخلي عنها، والدفاع في الوقت نفسييه عن
آ ارئيه، وتقيديم حجج إلقنياع الطرف اآلخر بهيا، وذليك حين يتحياجون حول قضي يي يي يي يييية
خالفيية" )طريف شييييييييييوقى، 2005(. وعلى هيذا، في إن عمليية المحياجية بميا تنطوي علييه
من تيدرييب على المنطق واالسييييييييييتيدالل تقوى الروح النقيديية بين األفراد والجمياعيات ،
وبالتالي تقلل من احتمال أن تضي يي ي ييللهم االسي يي ي ييتدالالت ال ازئفة التي يتعرضي يي ي ييون لها بال
انقطاع في أنحاء شتى من العالم.
]4[ التفكير النقدي والتلقي الناقد للنص المقروء
إن اللغة هي األداة الرئيسية األولى التي يستخدمها المفكر النقدي في إدراال
الظاهرة، وتحليلها والتعبير عنها في صياغة دقيقة، وهي التي تحفظ في ذهنه قواعد
وقوانين التفكير المنطقي بصورة يسهل فهمها واالستفادة منها، وبدون اللغة ال يستطيع
العقل أن يستوعب قوانين التفكير، كما ال يمكنه التعبير بشكل واضح عن رؤيته النقد ية.
مكن التفكير النقدي الفرد من م ارجعة إنتاجه اللغوي وتطويره، ويشجع كذلك على
ُ
ي
االستخدام األمثل للغة في مواقف التواصل االجتماعي، كما أنه يساعد على تذوق اللغة،
والفهم األفضل للتراث الشفاهي والمكتوب للغة التي يستخدمها، وتتجلى العالقة بين
اللغة والتفكير النقد ي في أوضح صورها من خالل القراءة النقدية، والتحليل النقدي،
والنقد األدبي.
وتتطلب القراءة النقدية من الفرد التفكير في الشيء ا

الذي يقرؤه، فال يكون متلقي
ا لما يقدم له من معلومات، فهي

سلبي تعد شكال من أشكال القراءة التي تستهدف تنمية
مهارات األفراد للتفاعل بوعي مع النص المقروء، وتبني مواقف ووجهات نظر نقدية،
والقدرة على التمييز، وتحديد أوجه الشبه واالختالف، والعالقة بين األسباب والنتائج،
وعمل االستنتاجات. سواء أكانت هذه القراءة لنص أدبي أم لقاعدة علمي ة، أم لمعني
حبيس داخل لوحة فنية.
ويتميز القارئ النقدي بخصال من قبيل : القدرة على فهم المقروء وفهم السياق
]42[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
العام للنص. والقدرة على استنتاج األفكار الرئيسية والفرعية في النص. والقدرة على
االستدالل من النص لتأييد رأيه الذي كونه عن النص أو الكاتب. والقدرة على كشف
تحيز الكاتب أو موضوعيته )عاصم عبد المجيد، وعمرو محمد، 2018(.
وعلى هذا يمثل تعلم مهارات القراءة النقدية والتحليل النقدي أبرز الركائز التي
يجب أن تبنى عليها التنشئة الثقافية ل بناء، حتى يتمكنوا من أن تكون لهم وجهات
نظر في حياتهم المستقبلية.
]5[ التفكير النقدي و مواجهة األساليب الدعائية و اإلعالمية
على الرغم من الدور اإليجابي الذي تمارسه وسائل اإلعالم في نشر الثقافة إال
أن لها المقدرة على خداع الجماهير وتزييف وعيها الجمعي عبر تبديل الحقائق. وأنه ال
مفر وال مهرب من سطوة تأثير وسائل اإلعالم علينا إال من خالل التفكير النقدي،
والتساؤل حول مدى مصداقية الر سالة اإلعالمية المقدمةا، فنستخدم مهارات التفكير
النقدي مع كل عنصر من عناصر عملية االتصال، فنلقي على أنفسنا أسئلة من قبيل:
لماذا يجري عرض هذه الرسالة اآلنا وهل القضية التي تطرحها مهمة صد بها
ُ
أم أنه ق
إخفاء قضايا أخرى أكثر أهميةا و من الذي قام بإنتاج هذه الر سالة اإلعالميةا و ما انتماؤه
الفكري واأليديولوجيا
]6[ التفكير النقدي و مواجهة مشكالتنا التعليمية والتربوية

تواجه المؤسسات التربوية عديدا من المشكالت التي تعترض عملية تطوير
التعليم، وعلى رأسها اعتماد المناهج الدراسية على الحفظ والتلقين، وعدم القدرة على
مواكبة التغيرات الناتجة عن العولمة واالنفتاح على العالم الخارجي، والتقدم التكنولوجي .
فحسب، وإنما هو
ر تربويا
ويرى بعض الباحثين أن التفكير النقدي ليس خيا ا
ضرورة تربوية ال غنى عنها، ويعزون ذلك إلى جملة من االعتبارات، منها أن تنمية
قدرة التفكير النقدي عند الطلبة تؤدي إلى فهم أعمق للمحتوى المعرفي الذي يتعلمونه،
ذلك أن التعلم في أساسه عملية تفكير وأن توظيف التفكير يحول عملية اكتساب المعرفة
من عملية خاملة إلى نشاط عقلي يفضي إلى إتقان أفضل للمحتوى، و إلى ربط عناصره
ببعضها البعض .
افتتاحية الكتاب والمقدمة ]43[
ومن ثم، فإ ن التفكير النقدي يمثل أحد أهداف التربية المعاصرة، التي تؤكد ضرورة
تدريس مهاراته والتدريب عليها ألن أهميته تكمن في بناء شخصية تتسم بالموضوعية،
وخلق مواطنة فاعلة، ومشاركة في المجتمع الديمقراطي.
ثالثا: ضرورات تعليم التفكري النقدي ووسائله
أشار كثير من الدراسات أنه من الممكن تنمية مهارات التفكير النقدي في ثنايا
دراسة المقررات الدراسية المختلفة، فمن خالل تدريب الطالب على عمليات المقارنة،
والتلخيص، والمالحظة، والتصنيف، والتفسير، والنقد، وصياغة الفروض، وجمع البيانات
وتنظيمها، وتطبيق التعميمات في حل المشكالت الجديدة، فإنه يمكن تنمية التفكير
النقدي لديهم. وهذا يتطلب إعداد مقررات المناهج الد ارسية بحيث تحتوي على أنشطة
تسمح للطالب بممارسة عمليات التعلم وعمليات التفكير، وهذا يمكن تحقيقه من خالل
استخدام طرائق التدريس البعيدة عن اإللقاء كأن نعتمد على المداخل الخاصة بالتعلم
الذاتي (أحمد محمود أبو حديد، أميرة محمد معوض، أميرة أحمد رمضان ) 2018(
التفكير النقدي).
]1[ توجهات تعليم التفكير النقدي
هناال ثالثة اتجاهات حول موضوع تعليم التفكير النقدي، تتمثل فيما يلى:
أ- اتجاه ينادي بتعليم التفكير النقدي من خالل المناهج الدراسية.
ب - اتجاه ثان ينادي بتعليم التفكير النقدي كمادة مستقلة عن المناهج المدرسية.
ج- اتجاه ثالث توفيقي يجمع بين االتجاهين السابقين.

• االتجاه األول: الذي ينادي بتعليم التفكير النقدي من خالل المناهج الدراسية:
  يرى أن يركز المعلم على تعليم التفكير النقدي من خالل المادة الدراسية، وهنا
  يمكن تعليم التفكير النقدي من خالل أشكال عديدة منها:
  1( المحاضرات: وتتطلب استخدام المحاضرة كطريقة الستثارة تفكير الطالب من
  خالل التوقف بين الحين و اآلخر وطرح األسئلة التي تستثير تفكير الطلبة أو
  محاكاة المادة المقدمة للطلبة بطريقة منطقية وعقالنية بعيدا عن أساليب التلقين
  التقليدية.
  2( المختبرات وقاعات البحث: االعتماد على طريقة البحث العلمي كمنهجية في
  تنمية مهارات التفكير النقدي.
  ]44[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
  3( الواجبات المنزلية والبحوث والتقارير: تعد الواجبات المنزلية القرائية أو الكتابية
  وسيلة فعالة وفرصة جيدة لتنمية بعض مهارات التفسير، واالستدالل،
  والمحاكمات المنطقية، وتعد الكتابة من الطرائق المهمة التي تجبر الطلبة على
  إعادة النظر بأفكارهم أو مراجعة الدراسات السابقة وتفنيدها.
  4( التمارين الكمية: وتتطلب االنخراط في تمارين صفية جماعية و فردية من
  خالل التعامل مع القضايا العلمية أو االجتماعية ومحاولة تعليم الطلبة تعميمها
  على مواقف جديدة والتأكد من صحة القو انين التي يتعاملون معها في الحل
  وتجريبها بطرائق مختلفة.
  5( االمتحانات: يمكن لالمتحانات أن تصبح وسيلة فعالة في تنمية التفكير النقدي
  إذا وجهت لتنمية القدرة على التفنيد واالستنتاجات بدال من االعتماد على أسئلة
  الحفظ واالسترجاع المباشر من الذاكرة، فقد يوجه االمتحان ليركز على أسئلة
  المقارنات )أوجه الشبه واالختالف( أو االفتراضات أو التطبيقات في مجاالت
  جديدة.


• االتجاه الثاني: ينادي بتعليم التفكير النقدي كمقرر مستقل عن المناهج
  الدراسية: ويشير هذا االتجاه إلى إمكانية تعليم التفكير النقدي كمادة مستقلة
  خارج المناهج الدراسية، باعتباره قدرة، أو مهارة عامة، ومن هنا يمكن تعليم
  التفكير النقدي بواسطة برامج خاصة بهذا النوع من التفكير، وبهذا يمكن تطبيق
  هذه البرامج خارج الغرف الصفية وتهدف هذه البرامج إلى االر تقاء بتفكير الطلبة
  في كثير من الجوانب التي تتعدى التحصيل.


• االتجاه الثالث: االتجاه التوفيقي: ينادي بتعليم التفكير النقدي داخل المناهج
  الدراسية ولكن كمادة مستقلة كغيره من المواد الدراسية ليجمع بين االتجاه األول
  والثاني معا.
  ]2[ العالقة بين التفكير النقدي واشتقاق أهداف المناهج
  تولى االتجاهات التربوية والمناهج الحديثة في كثير من بلدان العالم المزيد من
  االهتمام للتفكير النقدي، وهو ما تبدى في عدة إجراءات منها :
  )أ( أصبحت تضعه هدفا من أهداف عمليتي التعلم و التعليم.
  )ب ( قامت بتطوير برامج تربوية بهدف تدريب الطالب على التفكير النقدي وخصوصا
  من خالل تدريس المقررات الدراسية.
  افتتاحية الكتاب والمقدمة ]45[
  )ج( اقترحت أساليب وإجراءات يمكن للقائم بالتدريس إتباعها في تدريس التفكير
  النقدي.
  كما أن توفير بيئة صفية مشجعة على النقاش والتساؤل والمعارضة والتأمل،
  تعمل وتشج ع التفكير النقدي، ويمكن توفير مثل هذه البيئة بتخصيص زمن أكبر
  للمناقشات الصفية، ومن المهم وجود المواد المقروءة المساعدة على تحريك االهتمام
  بالتفكير النقدي.
  أن المناهج تهتم اهتماما كبيرا بتربية األبناء وتعليمهم بحيث تقوم بواجبها نحوه
  وذلك لكي تمكنه من االنتفاع من موروثه الثقافي وموروث غيره من ثقافات المجتمعات
  األخرى، ويستدعي هذا كله االعتناء بتنمية مهارات التفكير المختلفة وخصوصا التفكير
  النقدي لدى الطالب
  أن تعليم التفكير يعد هدفا عاما يجب أن نسعى إليه في الوقت الحاضر، كما
  يجب أن يتجه االهتمام إلى تعليم التفكير النقدي لمساعدة الطلبة في معالجة المسائل
  والقضايا وصعوبات التعليم التي تواجههم في المدرسة، وتنمية قدراتهم على االستكشاف ،
  وأن على واضعي المنهاج العمل على تحديد أساليب التفكير النقدي عند الطلبة.
  تهتم المناهج بكل ما يعمل على مساعدة الطالب على حسن االنتفاع بثقافتهم
  التي يعيشون في ظلها، وثقافات األجيال السابقة والمجتمعات األخرى، ويتطلب هذا
  العناية بتنمية مهارات التفكير النقدي لدى الطالب. وهنا تجب اإلشارة إلى أن تنمية
  التفكير ليس بالشيء البسيط الذي يسهل تعلمه في عدد محدود من الدروس أو في
  مقرر واحد أو من خالل وحدة دراسية معينة بعينها، بل إن تنمية مهارات التفكير النقدي
  تتطلب الممارسة المستمرة من خالل العمل، فإن تحديد ما هو مهم لنفكر فيه، والتعميم
  منها، وتتبع خطوات االستنباط المنطقي، ومقارنة الفئات المختلفة من الحقائق والمقابلة
  بينها، كل ذلك يساعد على تنمية مهارات التفكير النقدي.
  هنالك عدة طر ائق لضمان تحقيق هذا الهدف من خالل المنهج، ومن هذه
  الطرائق )التخطيط بعناية للتسلسل في تنمية التفكير، و تنظيم المنهج بحيث يراعى فيه
  أن عملية التفكير تشكل عامال مشتركا بين المواد الدراسية على اختالفها )أي ال بد أن
  تتكامل المحتويات الدراسية من حيث مراعاتها لهذا الهدف(، ولكي تتمكن المناهج من
  الوفاء بهذه المسئولية يجب الوفاء بالمتطلبات التالية:
  -1 تحويل األهداف التربوية من مجرد شعارات إلى أهداف إجرائية سلوكية يمكن
  قياس تأثيرها وتحقيقها داخل قاعة الدرس.
  ]46[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
  -2 إعداد المناهج الدراسية على أساس مشاركة الطالب مشاركة فعالة في اكتساب
  المعارف والمهارات وتأصيل عادة التفكير السليم لديهم.
  -3 القضاء على لفظية التعليم واستخدام طرائق تدريس تعتمد على مشاركة الطالب
  في التوصل إلى حلول للمشكالت التي تعترض طريقهم.
  ونستنتج م ما يلي:
  )أ( أن أفضل الطر ائق إلكساب التفكير النقدي للطالب هو صياغة الدروس في
  صورة مشكالت تتطلب منهم ممارسة تفكيره م الخاص لحلها.
  )ب ( من أهم العوامل التي تساعد على تنمية مهارات التفكير النقدي هو تركيز
  المناهج الدراسية على المشكالت التي تهم الطالب والطالبات، والمشكالت
  البيئية، والتركيز على دراسة المعتقدات والخرافات الخاطئة في البيئة، وتشجيع
  الطالب و الطالبات على المناقشة، والبحث ، والتنقيب عن المعلومات ، مع خلق
  مناخ من حرية التفكير الديموقراطية داخل الفصل.
  )ج( عي يد
  ُ
  ي النقيياش و الجييدل مييدخال من مييداخييل تنمييية مهييارات التفكير، ذلييك ألن
  المناقشيية التي تعتمد على الجدل، يحتاج المشياركون فيها إلى االسييتنباط حيث
  ينتقل العقل من الحالة العامة أو القضييييييييية العامة إلى القضييييييييايا الفرعية، كما
  يحتاجون أيضيا لالسيتقراء حيث ينتقل العقل من القضيية الخاصية إلى القضيية
  العامة.
  ]3[ نشاطات تعليمية مقترحة لتنمية التفكير النقدي
  وضح بعض الباحثين )الزغبي، 2009( أنه من النشاطات التعليمية المقترحة
  لتنمية التفكير النقدي:
  )أ( إغناء المناهج والكتب الدراسية بمهارات التفكير النقدي.
  )ب ( إدارة نقاشات ومناظرات في مواضيع عامة، حيث يقدم الطلبة آرائهم التي تحمل
  وجهات نظر مختلفة، و تبني كل مجموعة وجهة نظر معينة تدافع عنها في
  مواجهة الرأي اآلخر.
  )ج( استخدام لعب األدوار في القضايا التي تحمل نزاعات ما.
  )د ( تشجيع الطلبة على حضور االجتماعات أو مشاهدة برامج التلفاز التي تقدم
  وجهات نظر مختلفة.
  )ه( تشجيع الطلبة على الكتابة بشأن موضوع مهم في حياتهم، ومناقشة ما يكتبون.
  )و( تشجيع الطلبة على تحليل مقاالت الصحف وإيجاد أمثلة عن التحيز أو
  التعصب .
  )ز( تشجيع الطلبة على طرح أسئلة لها إجابات متعددة.
  افتتاحية الكتاب والمقدمة ]47[
  )ح( تشجيع الطلبة على قراءة األدب الذي يعكس قيما وتقاليد مختلفة ومناقشة ذلك.
  )ط( دعوة المهتمين بالقضايا العامة "يحمل كل منهم وجهة نظر مختلفة" ومناقشتهم.
  وبناء على ذلك نجد إنه من الممكن للمؤسسات التعليمية أن تقوم بالعمل على
  تنمية مهارات التفكير النقدي لدى طالبها وذلك بتدريبهم على هذه المهارات عن طريق
  الدور الذي يقوم به المعلم وعن طريق المناهج بصفة عامة التي لها دور مهم في تنمية
  مهارات التفكير النقدي.
  :
  ً
  رابعا توجهات دراسة ال تفكري النقدي
  لقي التفكير النقدي اهتماما كبيرا من عدة تخصييصييات علمية، حصييرتها أدبيات
  في أربعة توجهات () التفكير النقدي – على نحو ما يشيير "أرثر لويس" و"ديفيد سيميث"
  كبرى
  )(
  هي: التوجيييه الفلسييييييييييفي، والتوجيييه المنطقي والتوجيييه النفسييييييييييى، والتوجيييه
  () التعليمي
  .
  ] 1[ التوجه الفلسفي
  يركز هيذا التوجيه على تحيدييد الصييييييييييفيات العيامية التي يتحلى بهيا المفكر النقيدي
  عموما أو ما يسيمى بالمفكر النقدي االفتراضيي، أو المثالي، ولقد أسيهم التوجه الفلسيفي
  في تقديم مجموعة كبيرة من التوجهات الفكرية التي ينبغي أن يكتسييييييييبها المفكر النقدي
  ومنها:
  )أ(
  النزعة الشـــ ية: يتميز التفكير بالنزعة الشيييييكية فهو نوع من التفكير يسييييياعد على كِّ
  التعرف على ما قيييييييييييييييييد يؤدي إلى الغموض وااللتباس، فالتفكير النقدي وفقا لهذ ه
  النزعة يرشيييييدنا إلى "التعامل مع جميع التسييييياؤالت باعتبارها مفتوحة للنقاش، ومع
  جميع اآلراء على إنها متاحة لقدر من الشك". "فالجزء األكبر مما يمكن أن يسمى
  بالمعرفة هو مجرد رأي قابل للشيييييك". ويعد الشيييييك البداية الحقيقية التي يبدأ منها
  انظر : مرجع أرثر لويس وديفيد سميث. ()
  )( يقصييييييييييد بمصييييييييييطلح التوجه أو المقاربة Approach : طريقة لفهم موضييييييييييوع ما، أي نوع من
  االجتهاد في التنظير العلمي إليضييييييياح نظرية ما، أو مفهوم معين في اتصييييييياله بتصيييييييورات أو
  مفاهيم أخرى، بهدف كشف الغموض الذي يكتنف النظرية أو المفهوم".
  علي سييييييبيل المثال حصيييييير "أرثر لويس" و"ديفيد سييييييميث" جذور هذا المفهوم في تخصييييييصيييييي ين ()
  أكاديميين أسييييياسييييييين هما :الفلسيييييفة وعلم النفس المعرفي. أما "سيييييتيرنبر ج"، فأضيي يياف خ طا ثالث
  ا
  للتفكير النقيدي أطلق علييه المقياربة التعليمية. أما "ليبميان"، فيضيييييييييييف مقياربة رابعية لهيذا المفهوم
  بدأت في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، ونعني بها المقاربة ”المنطقية للتفكير النقدي".
  ]48[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
  الطياليب من أجيل الوصييييييييييول للمعرفية والتعلم. والحقيقية أن النزعية الشييييييييييكيية هي:
  التسييييييييييياؤ ل اليدائم عن اعتقياداتيك ونتيائجيك، وبهيا يتميز المفكرون النقيديون اليذين
  يمتحنون على اليدوام اليدلييل والحجج وأسي يي يي يي ييبياب اعتقياداتهم. وهي الطريقية الوحييدة
  للهروب من كل أنواع الخداع
  )ب ( العقالنية:
  عندما نسيييمي شييييئ
  ا ما عقالنيا، أو قابال للتعقل، فهذا يعنى أنه يتطابق
  مع القواعيد Rules والقوانين Laws العيامية واألهيداف المعترف بهيا، ويتوافر فييه
  السييمات والصييفات المحددة للتفكير مثل االتسيياق Consistency والترابط Coherence
  واالكتمال Completeness. فالعقالنية هي السيييييييييعي لفعل األفضيييييييييل". وتجسيييييييييد
  العقالنيييية مفهوم التفكير النقيييدي، وتعكس الجيييانيييب المعرفي واألخالقي والتربوي
  فالعقالنية – كما يشييييير هارHare عام -2001 تشييييمل كيفية التمسييييك بالمعتقد
  بدون تعصي يب، و الشييك في جميع المعتقدات، و االعتقاد بأن المعرفة صييعبة ولكنها
  ليست مستحيلة، و حرية الرأي، و الصدق، و التسامح.
  )ج( اســــتقالل الفكر: ويعني هذا المفهوم قدرة الفرد على تكوين آرائه الخاصييييية، والتي
  يجب أن تقوم على مراجعة دقيقة ل دلة وتقييم الحجج ذات الصيييييييلة، فيجب على
  الفرد وفقيا لهيذا المفهوم :"أن يكون ليدييه حيياديية الحكم، وعيادة البحيث عن الحقيقية
  المجردة، وعيدم الثقية في الشييييييييييعيارات الرنيانية، كميا يجيب أن:"يميز بين الرغبية في
  الحقيقة واالقتناع بأن عقيدة معينة هي الحقيقة". ويتميز أيضييييييييييا: "بأن لديه عادة
  تكوين آرائيه وفق األدلية، وتبنيهيا بيدرجية القنياعية التي تتيحهيا تليك األدلية الكيافيية".
  فتكوين الفرد آلرائه الخاصييية يعني مقاومته لفكرة: أن السيييلطة– أيا كان مصيييدرها
  ا أو

عالم ا

ا عظيم

فيلسوف – قد استحوذت على الحقيقة الكاملة".
] 2[ التوجـــه المنطقي : الغرض من هييييذا التوجييييه هو أن يفكر الفرد في التفكير
وعمليياتيه من خالل تقييم التيدلييل العقلي الجييد وغرس مهياراتيه، ويقع هيذا األمر
ضي يي يي ي يمن حدود المنطق الذي يسي يي يي ي يعي لفهم الفروق بين الحجة الصي يي يي ي يحيحة وغير
الصحيحة. وتدور معظم كتابات هذه التوجه حول الموضوعات التالية:
ح • جاج وأنواعها واكتشي ييياف مدى صي يييحتها، وجوانب
ُجة وال
مناقشي ييية مفاهيم الح
القوة والضعف فيها.
• ج الشائعة.
َ
ُج
يم أنماط الح
ّ
كيفية تحديد وتقي
افتتاحية الكتاب والمقدمة ]49[
• ج، وبيان المنطق الصحيح من ال ازئف.
َ
ُج
كيفية استخ ارج المغالطات في الح
• التعرف على األخطاء الشائعة في التفكير.
• ج االستنباطية واالستق ارئية
َ
ُج
تحليل الح .
• تقييديم أمثليية نموذجييية للحجج التي تواجهنييا في الحييياة اليومييية في مجيياالت
السياسة، والرياضة، والطب، والفن، وغيرها.
] 3[ التوجه النفســــي: يركز هذا التوجه على التفكير النقدي بوصييييييفه إحدى صييييييور
التفكير العليا التي تشييييييييكل البناء المعرفي لدى الفرد. وإذا كان التوجه المنطقي
يهتم بالحجة ومعايير صيييييحتها، فإن التوجه النفسيييييي يهتم بالشيييييخص الذي ينتج
هذه الحجة )من حيث سييماته وخصيياله، وصييفاته، ومهاراته، وأسييلوبه، والمراحل
التي يمر بها عند ممارسة تفكيره النقدي( وتفاعله مع البيئة المحيطة.
ويتنياول علمياء النفس التفكير النقيدي من زواييا عيدييدة، منهيا : الزاويية المعرفيية
)أي دراسييييييييية التفكير النقدي كعملية عقليا عليا، ودراسييييييييية القدرات المعرفية والمهارات
العقلييية التي يقوم عليهييا(، و الزاوييية االرتقييائييية )أي نمو التفكير النقييدي وارتقييائييه عبر
المراحل العمرية المختلفة (، والزاوية العصييبية )حيث دراسيية األسييس العصييبية للتفكير
النقيدي(، و الزاويية االجتمياعيية )أي دراسيييييييييية ميا ييسيييييييييير التفكير النقيدي أو يعوقي ه في
مختلف مواقف التفييياعيييل االجتمييياعي كمواقف حيييل المشييييييييييكالت، و اتخييياذ القرارات،
و التفاوض ، و إدارة األزمات، و مختلف المواقف المهنية اإلدارية منها أو السيييييييييياسيييييييييية..
الخ(.
وتتم دراسة التفكير النقدي عبر هذا التوجه من ثالثة مداخل أساسية تشمل:
أ. وصييييف وفهم وتفسييييير عملية التفكير النقدي، من حيث مكوناتها ومراحلها وما
يرتبط بذلك من عمليات نفسية.
ب . تقدير التفكير النقدي وقياس القدرات والمهارات التي يعتمد عليها.
ج. تنميية مهيارات التفكير النقيدي في مختلف مواقف الحيياة اليوميية واالجتمياعيية
والمهنية والتربوية.
]50[ التفكير النقدي: أسسه وتنمية مهاراته
] 4[ التوجه التعليمي
يقوم هذا التوجه على التوجهات الثالثة السييييييابقة، وتطبيقها على نحو خاص في
المجال التربوي والتعليمي، ويسيتند على كونه " يقوم على أسياس سينوات من الخبرة في
الفصييييييول الدراسييييييية والمالحظات من تعلم الطالب وتدور المناقشييييييات هنا حول كيفية
توظيف التفكير النقدي في إطار العملية التعليمية. ويعد هذا التوجه األكثر انتشيييارا بين
التوجهات التطبيقية الستخدام التفكير النقدي.