لخّصلي

وقد اعترف مجلس الدولة الفرنسـي بتـاريخ 27 أكتوبر1995
بكرامة الشخص البشري وأدرجهـا ضـمن عناصر النظام العام في قضية مورسانغ يسور أورج حيث أقر الآتي :
"تقـوم شـرطة البلدية بتأمين حسن النظام والأمن والأمان والصحة العامة"، فيعود إلى السلطة المخولة سلطة الشرطة البلدية أن تتخذ كل البشـري هـو تدبير يمنع الاعتداء على النظام العام، وبما أن احترام كرامة الشخص أحد مكونات النظام العام وبما أن السلطة المخولة سلطة تهريج من شأنه أن يمس كرامة الشخص البشري. الشرطة البلدية تستطيع حتى في حالة عدم وجود ظروف محلية خاصة منع وبما أن التهريج المسمى "قذف القزم قوامه قيام المشاهدين بتقاذف إنسان قزم مما يؤدي إلى اتخاذ إنسان مصاب بعاهة جسدية بقدميه وعرضه بهذا الشكل، وبما أن مثل هذا التهريج في غايته بالذات ينال من كرامة الإنسان وبما أن السلطة المخولة سلطة شرطة البلدية، تستطيع بناء على هذا منعه حتى ولو لم توجـد ظـروف محلية خاصة، وحتـى لـو كـانـت التـدابير الحمائية قد اتخذت من أجل تأمين سلامه الشخص المعني (القزم) ورغم أن هذا الشخص قد رضي بملء إرادته بهذا الاستعراض لقاء أجر.
وبمـا أنـه مـن أجـل إلغاء القرار الصادر في 25 أكتوبر 1991 الذي اتخذه رئيس بلدية مورسانغ – سور – أورغ الذي منع مشهد "قذف الأقزام المقرر في ذات اليوم في أحد مراقص المدينة، ارتكزت المحكمة الإدارية في فرساي علـى واقعـة أنـه حـتـى لـو فـرضـا أن المشـهـد ينـال مـن كـرامـة الشخص البشري فإن منعه لا يمكن إصداره إن لم توجـد ظـروف محلية خاصة، وأنه ينتج عن كل ما تقدم أن هذه الحجة مردودة قانونا.وبمـا أن احترام مبـدأ حريـة العمـل واحـترام مبـدأ حرية التجـارة والصناعة لا يحـول دون أن تقوم السلطة المخولة (سلطة شرطة البلدية) بمنع نشاط حتى ولو كان شرعيا إذا كان هذا التدبيرهو الكفيل وحده بمنع أو بإيقاف خلـل في النظـام العـام، وأنـه هـذا هـو الحـال في القضية المعروضة نظرا إلى طبيعة المهرجان المبحوث فيه.
وبما أن رئيس بلدية مورسانغ - سـور - أروغ أسـس قـراره على الأحكام في المادة 2/131 مـن قـانون البلدية التي تبرز وحـدهـا تدبير منع المشهد، فالحجة المستمدة من أن هذا القرار لا يجد أساسا قانونيا لـه لا في المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية حول حفظ حقوق الإنسان وحول الحريات الأساسية ولا في تعميم صادر عن وزارة الداخلية في 27 نوفمبر 1991 هي حجة لا يؤخذ بها.
وبما أنه يتحصـل مـن كـل مـا تقـدم أن محكمة فرساي بحكمها المطعون فيه قد أخطأت حين حكمت بإبطال قرار رئيس بلدية مورسانغ سور أورغ الصادر بتاريخ 25 أكتوبر 1991 وبـأن تـدفع البلدية المذكورة للمستدعين مبلغ 10.000 فرنك، وأنه وبالتالي هناك موجب لرد مطالبهم
الرامية إلى زيادة مبلغ هذا التعويض (إبطال الحكم ورد الطلب). إن "قذف القزم" هي لعبة قوامها القذف البعيد جدا لقزم يلبس ثوبا يسمح بالإمساك به بالأيدي وبحمايته عند سقوطه على سجادة تلقـي وقـد تطورت هذه الممارسة في فرنسا في مطلع سنوات 1990 أساسا في المسارح حيث تم استثمارها تجاريا برضى الشخص الذي هو موضوع القذف.
واتخذ رئيس بلدية مورسانغ سور قرارا بمنع هذا المشهد في مسرح تابع لبلديته.
إعترف مجلس الدولة بإحترام كرامة الشخص البشـري علـى أنـه ممارستهم صلاحيتهم البوليسية أحد مكونات النظام العام وأنه يعود إلى رئيس البلدية تأمين ذلك ضمن ومـمـا سـبق التعرض إليـه يمكننا القول أن ارتباط الضبط الإداري
بالنظام العام جعلت من تعريفه تعريفا موحدا ودقيقا أمرا صعبا ؛ نظرا لمرونة الهدف مـن وجـوده وهـي تحقيق النظام العام هذه السمة النابعة من الطبيعة الحيوية له والتي لا تتفق مع استقرار النصوص فـلا يستطيع المشرع أن يفرغ مضمونه في قـالـب ثابـت لأنـه سـيمنعه مـن أداء وظيفتـه في تحقيق التطـور الاجتماعي ويرجع السبب في اتصاف النظام العام بهذه الديناميكية أنه على الرغم من إمكانية الإحساس به من حيث سلامة الطرق وهدوءها واطمئنان الناس على حرياتهم وحياتهم وأموالهم فإنـه يمثل حالة لا يمكن إدراك مضمونها كاملا إلا بتصور نقيضها وهو الإخلال بالنظام العام.