لخّصلي

خرجت للدنيا لقت نفسها بنت من وسط كام بنت بس اللي بيعرفوا يقرأوا ويكتبوا في القرية وباقي البنات تقريبا أميين, مبيعرفوش يقرأوا ولا يكتبوا, وبقت مضطرة كخدمة لأهالي القرية وبالأخص لما الجمعية الشرعية كلمتها عشان تعلم بنات القرية في فصول محو الأمية, ولقت نفسها هتدخل في دايرة الندلة اللي مش عايزة تساعد أهل قريتها لو رفضت رغم انها عارفة ان الاختلاط في الأرياف بالستات بيعتبر بركان من المشاكل والغيبة والنميمة والحقد بين دي ودي ودي, بس كانت للأسف مضطرة انها تكمل معاهم للنهاية وأمرها لله..

وبالفعل بدأت تدي دروس للأمهات والبنات في جدول زمني معين عشان تعلمهم القراءة والكتابة وتبقا بتعمل خدمة في أهل قريتها, وكمان لقتها فرصة انها تبعد عن زن أبوها انها تتخطب لابن عمها بعد ما خدت الثانوية العامة ورفض رفض قاطع انها تدخل الكلية..

وكانت بتدريسها في فصول محو الأمية كانت بتعرف تتحجج بتأجيل الخطوبة لأنها من جواها مكانتش مقتنعة بابن عمها ده من الأساس, وكانت قناعتها وحبها الأول اللي كانت بتحبه واللي اتعرفت عليه من وقت طويل, وللأسف مقدرتش تنسى حب حياتها وقررت انها تكمل معاه مهما حصل, عشان كدا كانت بتحاول تأجل الخطوبة لحد ما تلاقي أي حل في موضوع الخطوبة ده..

ويوم بعد يوم بدأ كتير من الستات يخرجوا من بين ايديها بيعرفوا يقرأوا ويكتبوا, وبدأ صيتها يعلى في البلد والناس تثق فيها ويبعتوا بناتها ليها والغالبية من بنات القرية بقوا بيحبوها وبيبعتوا بناتهم عشان يتعلموا عندها, واتلقبت بلقب الأبلة هند..

في الوقت ده ظهر شاب في القرية كفيف محدش يعرف هو جه من أي مكان, وكان عامل زي المسكين بيلف ويدور على المساجد عشان الناس تشفق عليه وتديله الفلوس والأكل ويسكنوه في أي مكان ينفع انه يسكن فيه, لحد ما عرض على الجمعية الشرعية انه يدرس لأهل القرية في فصول محو الأمية..

ورغم اعتراض الناس والأهالي على الموضوع إلا انهم عشان بيثقوا في هند بلغوها في رغبة الشخص ده وهل ينفع انه يدرس للستات في الفصل ولا لا, وان أغلب أهل البلد مش موافقين على الموضوع ده من الأساس, وفكرت هند شوية وبدأت تقولهم انه مجرد شخص مسكين وكفيف, وانه يعلم ستات القرية ده شيء مش عيب ولا غلط, وبما انها تعتبر اللي ماسكة فصول محو الأمية فمعندهاش أي مانع انه يساعدها..

وبدأت أراء أهل القرية تهدى وتميل شوية ناحية رأي هند بما انها محبوبة من الجميع, غير انه لما حكى حكايته الكل أشفق عليه بلا استثناء..

بيحكي ويقول انه كان من عائلة كريمة جدا في القاهرة وانه كان له أخ وأخت تانيين, وابوه كان راجل غني وعنده أملاك كتير أوي, لحد ما توفى أبوه وعدى اليوم الأربعين لوفاته وبدأ هو واخواته يتناقشوا عشان توزيع الورث, بس هو كان طيب ومحترم وهما كانوا طمعانيين في ورثه, وبخطة شيطانية عرضوه في يوم للشمس في رحلة وهما عارفين ان عنيه بتتعبه وبيجيله حساسية كل شوية في عنيه..
وفي الوقت ده بدأوا يعالجوه بقطرة بتدمر العين بعد ما تحط منها ست مرات بس, واستخدم القطرة مرة واتنين وتلاتة لحد ما صحي في يوم لقى عنيه متدمرة تماما, وكشف عند دكتور واتنين والكل أجمع انه مش هيشوف مرة تانية, وبعد أيام وبما انه مبيشوفش أخوه مضاه على تنازل عن كل ورثه بحِجة ان دي أوراق تقسيم الوِرث..

وفي يوم وليلة لقى نفسه معدم, اخواته رموه في الشارع, وبقا هايم على وجهه مش معاه ثمن أكله, وقتها كره المحافظة كلها وقرر يركب قطر الصعيد وينزل ضيف على أي بلد يشتغل هناك مُدرس وياكل ويشرب عند ناس متعرفش الغدر وسرقة أموال الناس بالباطل..

وقتها الكل أشفق عليه, خاصةً هند اللي بكت وأقنعت الكل ان مفيش أي مشكلة لما يشتغل معاها في فصول محو الأمية, وفعلا بدأ يمسك مجموعات ويعلمهم الكتابة والقراءة من ستات القرية اللي وثقوا فيه يوم بعد يوم وبدأت الأمور تستقر اكتر لما خد سكن جمب مكان التدريس وبقت دي كل حياته..

بل وستات القرية اللي بيدرسوا عنده بدأوا يقسموا نفسهم وكل واحدة تعمل الأكل في يوم وتجبهوله كنوع من أنواع الكرم والضيافة, لحد ما فجأة وفي يوم قابلت هند بنت من اللي بيتعلموا اسمها بسنت وكانت خايفة جدا جدا وبتترعش, ولما حاولت تهديها وتفهم هي خايفة من ايه معرفتش تاخد منها كلمة أو تفهم هي خايفة من ايه..

عدى الموضوع بس مع مرور الأيام بدأت هند تشوف الخوف في اكتر من بنت من اللي بيدرسوا, بل وخرجت شائعة في القرية بتقول ان فيه عصابة بتسرق الدهب, خاصةً بعد ما اكتر من خمس بيوت اتسرق منهم الدهب بطريقة غريبة وغير مفهومة, وبدأت رجالة البلد يقعدوا قعدات كبيرة عشان يعرفوا ازاي يصطادوا العصابة اللي بتسرق الدهب من بيوتهم, كل ده خلى هند تربط بين خوف البنات والدهب اللي بيتسرق, وتفكر مرة واتنين وتلاتة, لحد ما في يوم لقت بنت جاية مرعوبة والدموع على خدها وبتقولها انا عايزة اتكلم معاكي ضروري يا أبلة هند..

ولما هند خدتها على جمب وبدأت تتكلم معاها بدأت البنت تتكلم وتقول:

• مش أعمى يا أبلة والله مش أعمى


• تقصدي مين


• اللي بيدرسلنا أستاذ سمير


• انتي بتخرفي بتقولي ايه


• اللي بقولك عليه يا أبلة


• طيب فهميني فيه ايه

الأستاذ سمير مش أعمى بل بيشوف أحسن مني ومنك, ومركب كاميرا في حمام البنات وبيصورهم لما بيقلعوا وبياخد البنت من دول ويهددها بالفيديو, والبنات هنا عارفين ان فيديو زي ده هيتسبب في قتلها بدون أي تفكير, عشان كدا بتخضع لكلامه, بيطلب من البنات تسرق الدهب اللي في بيت أهلها وتجيبه, ولما بتجيبه بياخد كمان من البنات تحت التهديد من جسمها وعفتها ويتحرش بيها, بعدها بيهددها انها تسكت خالص ومتفتحش بقها بنص كلمة وإلا هيفضحها ويقول انها بتعمل حاجات غلط في حمام المكان..

والبنات هنا مرعوبين منه وهما اللي جابوا دهب أهاليهم وخد الدهب منه, وانا كمان بيهددني بس انا مش هجيب الدهب, انا هروح أحكي للناس, ومش مهم يقتلوني أو يدبحوني حتى, المهم البنات يتحرروا من تحت ايد الخنزير ده, انا مش هسكت انا رايحة أفضح الدنيا..

وقتها بس وقفتها هند, وقفته وهي غضبانة وحذرتها تحذير شديد أوي انها لو اتكلمت هتعاقبها عقاب شديد, وقالتلها طالما انا اللي جبته للناس عشان يأذيهم يبقا انا اللي هحررهم منه مهما كانت العواقب..

وقتها سألتها البنت وقالت:

• هتعملي ايه


• هقتله


• وانا هساعدك


• هتساعديني ازاي


• انتي نسيتي اني صعيدية وبحب الشرف والنخوة, انا مش هسيبك لوحدك

وفعلا خططوا لقتل الأستاذ سمير خاصة انه كان ساكن في بيت صغير وسهل أوي يدخله المكان بكل سهولة, وفعلا دخلوا الاتنين في نص الليل بعد ما بعتوله مع العشا عصير فيه منوم, ودخلوا ودبحوه تماما وهو نايم..

بس في الوقت ده وبعد ارتكاب الجريمة بدقيقة سمعوا خبط على باب البيت, وقتها حصلتلهم حالة من الخوف والهرج وهربوا من على السطوح وافترقوا في ثواني معدودة..

وتاني يوم بعتت هند شاب لبيت الأستاذ سمير عشان يستعجله للحصص, بس الشاب جه يصرخ ويقول ان استاذ سمير مات, واتجمع أهل البلد وحزنوا عليه حزن شديد وهما مش عارفين مين اللي عمل فيه كدا وعمل فيه كدا ليه..

وجت المباحث اللي حققت في الواقعة بس مقدرتش توصل لأي نتيجة, وكانت الأمور هتعدي للنهاية بدون أي دليل, لولا موبايل سمير, الموبايل اللي يوم الجريمة لقته البنت اللي مع هند وخدته بدون ما هند تاخد بالها, وقبل ما يتكلموا الباب خبط وهربوا من المكان, الموبايل كانت فيه رسايل بين هند وسمير وعلاقة كاملة بينهم..

والبنت خرجت وسلمت الموبايل للمباحث بعد ما اتعلمت تقرأ وتكتب على ايد هند وسمير, وواجهوا هند بالرسايل واعترفت في النهاية..

هند اعترفت انها على علاقة بسمير ده من زمان من أيام ما كانت بتدرس في مدرسة ثانوي في بلد جمبهم, تعرفت عليه وحبوا بعض أوي, ولما لقت هند انها هتتورط في جواز من ابن عمها خاصة انها بتكره أهل بلدها جدا وشايفة انهم متخلفين وعايشين في قمة الجهل قررت تخطط عشان تهرب من وسطهم..

وجتلها خطة شيطانية, خلت الشاب اللي بتحبه يتنكر في زي كفيف وييجي يدرس في المكان, وكمان ساعدته عشان يبتز البنات من خلال الكاميرا وياخد الدهب اللي كانت عارفة ان أغلب البيوت فيها دهب كتير جدا خاصة المتجوزين, كان كرهها لبلدها خلاها قبل ما تخرج تقرر تاخد ثروة من وراهم..

وكمل الموضوع مرة واتنين وخمسة, بس بدأت تحصل خلافات بينهم لما سمير هددها عشان تجيب الدهب يشيله عنده, وقتها حست بالخوف وانه هيغدر بيها, وكمان لما عرفت انه بيتحرش بالبنات رغم ان اتفاقهم انه ياخد الدهب بس خلاها تكرهه, واستغلت أول فرصة لما البنت قالتلها وخافت تتكلم فيتمسك ويعترف عليها, فقررت تقتل أي حب في قلبها عشان تنجو وتقتله خالص, ويوم ما قتلته كانت رايحة تاخد الموبايل لولا اللي حصل وهروبهم ووقوع الموبايل في ايد البنت عشان تتكشف كل حاجة..

هند اتحكم عليها بالاعدام وقتها بسبب أفعالها الشيطانية, الشيطان اللي خلاها تتبرى من بلدها وتكره أهلها وتأذي بناتهم, فكان الجزاء اسوأ مما تتخيل..