لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

مقدمة
من أهمية المساواة بين الجنسين، أو من
المحلي الإجمالي؛ من
شأنه أن يُسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح ما بين 12 إلى 28 تريليون
دولار بحلول عام 2005 في البلدان المتقدمة والنامية في آن كما يعتبر من العوامل الأساسية
ص6)؛ نفسه أن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات مماثلة لمشاركة الذكور ؛ زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (5%) في الولايات المتحدة الأميركية، وبنسبة (9%) في
اليابان، التوالي. والمعطيات الإمبيريقية المثبتة علميًّا التي تكاثرت في العقود الأخيرة؛ تُشدد على دور
المرأة الاقتصادي في التنمية المستدامة، وفي القضاء على الفقر والتهميش. يتخذ هذا البحث منحى آخر ؛ كظاهرتين تطالان بتأثيرهما
الفئات المهمشة (1) ، الاجتماعية كافة؛ لاسيما النساء. شكل منعطفًا في مسار العمل والجهود المبذولة عالميًّا وعربيا من أجل تكريس حق المرأة
في الحصول على حياة كريمة، والعيش في مجتمع خالٍ من التمييز ومما جاء في نص
الوثيقة الختامية للمؤتمر الذي عقد ما بين 4 و 15 أيلول (سبتمبر) في عام 1995: «إن
والوصول إلى الموارد ، هي أمور حاسمة لرفاهيتهما ورفاهية أسرتهما، وكذلك لتدعيم الديمقراطية»، وحماية البيئة، يقتضي اشتراك المرأة في التنمية
ومشاركة المرأة والرجل مشاركة كاملة على قدم
المساواة؛ مستفيدين منها (جامعة منيسوتا ، ولعل أبرز ما أفضى إليه هذا المؤتمر التاريخي، الحكومات والمجتمع الدولي باتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز
وإزالة جميع العقبات التي تعترض تحقيق المساواة بين الجنسين، والنهوض بالمرأة
وتمكينها ؛ عدة واتفاقيات تعاون بين الحكومات وبين القطاع الخاص والمجتمع المدني (بما في ذلك
الذي أفضى في عام 2015 إلى تحديد أهداف التنمية
وحماية الكوكب، وقد شملت هذه الأهداف الحقوق
وضمان
وضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي، خدمات الطاقة بأسعار معقولة، في سياق من التوازن بين المجالات الاجتماعية والاقتصادية
والبيئية ؛ نظرًا إلى أن
التنمية في كل هذه المجالات ستؤثر إيجابًا على المجالات الأخرى. على الرغم من كل الجهود المبذولة عالميًّا وعربيا بحسب ما تؤكده التقارير ؛ ومنها التقرير
العربي الشامل حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد خمسة
وعشرين عامًا - مازال يُشير إلى ارتفاع نسب البطالة في صفوف النساء، وطأة الظروف الإقليمية غير المواتية لا يلوح في الأفق أي تحسن في الوضع الاقتصادي، أو
وإلى أن التفاوتات الجغرافية لاسيما بين المناطق الحضرية وبين
فالنساء من المناطق
النظامي، وللزواج المبكر وللولادة في سن مبكرة، وللمضاعفات أثناء الولادة. إلخ (الإسكوا، ديسمبر 2019، ص79). وانطلاقًا من هذه الوقائع والحقائق والمعطيات؛ لإنجاح خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة، وبين واقع النساء الفعلي من جهة ثانية؛ والعلم، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، المركزية للثورة الصناعية الرابعة الحديثة نسبيًّا ، النوع الاجتماعي، وتؤدي إلى فقدان عدد أكبر من النساء لوظائفهن؛ قطاعات الإنتاج التقليدية؛ سعينا في هذا البحث إلى رصد المعوقات التي تجعل الفقر والتهميش
الاجتماعي مُلازمين للنساء في الدول العربية بالاستناد إلى قراءة شاملة متعددة الأبعاد، تستوي خارج القراءة الماكروية للواقع التنموي العربي، المعطيات الكمية فيتحدد بكونه وسيلة وليس هدفًا؛ خصوصًا أن الأرقام قد لا تعبر بعمق
أحيانًا عن هذا التهميش. وقد اتجهنا في هذا البحث إلى وضع هذه الظاهرة في سياقها العالمي أولاً؛ وذلك بتوصيف الواقع
وتعيين الإشكاليات البنيوية العميقة التي تتصل بموقع الإنسان والمجتمعات في
مسار النمط الراهن للعولمة وليبراليتها المتوحشة، لتهميش النساء في الدول العربية؛ وفي خطوة ثالثة عاينا واقع النساء والفقر، بحثنا أخيرًا بتلمس التحديات المستقبلية؛ التي من شأنها مفاقمة واقع الفقر والتهميش لدى النساء
أولاً: في الواقع العالمي المأزوم
ولازمت مشروع الحداثة الغربية؛ شهدا انتكاسة أو نكوصًا عن مضامينهما
المؤسسة، وبلوغ سعادة البشر ؛ نكوص تجلى في سيطرة غير مسبوقة للأيديولوجيا النيوليبرالية التي أسهم في دعمها انهيار
التجربة الاشتراكية في أواخر ثمانينيات القرن الفائت، وبتوحش رأسمالي أفضى إلى عدم
على مستوى توزيع الثروة والدخل سواء على مستوى العالم، أو داخل
وغيرها؛ وتولد الإذلالات؛ التي هي الأمهات المنجبات لضروب
العنف كافة بادي، وتكفي الإشارة إلى بعض الإحصائيات والأرقام التي
تضمنها كتاب أوضاع العالم 2016: عالم اللامساواة؛ للتدليل على مأساوية الصورة (بادي، ب.، 1. التفاوتات على مستوى العالم
ضعفًا - ما كان يكسبه (20%) الأفقر ؛ كما أن (83. من الثروات المتراكمة في العالم هي في حيازة (84%) من سكان العالم، الأمر الذي يُحرِّم على نحو قبلي النصيب الذي ينسب إلى آسيا، والفرد الواحد من
سكان البلدان الثمانية عشرة الأولى في العالم؛ هو أغنى بـ 33. أغنى بمائتي (200) مرة من نظيره مواطن
جمهورية أفريقيا الوسطى متوسط الحال . والشمال يأوي (16%) من سكان العالم؛ %70) من ثرواته(3). زاد دخل (10%) من المواطنين الأغنى في البلاد
2%) بعد احتساب الضريبة، في حين انخفض دخل (10%) من الشريحة الأفقر من
الفرنسيين بنسبة (4. 3 التفاوتات على مستوى الجنوب
كذلك
بين شبه جزيرة العرب وبين بقية العالم العربي، أو بين الصين الساحلية التي تشهد نهوضًا
مرموقا وبين الداخل الريفي الذي يكدح ويُجاهد للخلاص من قصور التنمية، وبين هند وادي الغانج وبين هند
بانغالور Bangalore. أو مستوى تفاوت مثيران للقلق ؛ 49)، أو البرازيل (0. أو جنوب أفريقيا (0. لا تقتصر على التفاوتات
الاقتصادية المحددة بتوزيع الدخل والثروة؛ وإنما تطال أيضًا التفاوتات في الحصول على
المعارف، وعلى الخدمات الصحية والسكن والغذاء، فضلاً عن التفاوتات البيئية. ففي نهاية تحليله لتطور توزيع الثروة على المستوى العالمي وهيكل اللامساواة منذ القرن
الثامن عشر حتى تفاقمه في بداية العقد الحالي؛ Thomas Miketty إن الارتفاع الكبير في الثروات الخاصة الذي شهدته الدول الغنية خلال
والأمر بالمثل في حالة اتجاه نصيب الثروات العليا في إجمالي الثروات
إلى الارتفاع هذا بالتأكيد برهان على صعوبة تتبع الأصول في الرأسمالية المعولمة في بداية
القرن الحادي والعشرين؛ ص 501). ولا تكتمل صورة العالم في دائرة الرأسمالية المتوحشة ؛ حاصلة على المستويات السياسية والجيواستراتيجية والاجتماعية والأيديولوجية والثقافية، وغيرها؛ التي لا يسعنا التعمق فيها في هذا البحث؛ لكن تكفي الإشارة إلى أن تهميش
للعولمة الرأسمالية، وما رافق انطلاقتها واشتدادها من كلام على ظاهرة «تأنيث الفقر»؛ التي وصفها الاقتصادي الكندي ميشيل تشوسودوفيسكي Michel
Chossudovsky بـ الإبادة الاقتصادية»؛ بما أن التكيُّف الهيكلي «يجري بالتلاعب الواعي
(. فتدويل سياسة
ويحول الاقتصادات القومية إلى
«احتياطيات» من العمل الرخيص والموارد الطبيعية (تشوسودوفيسكي، م. ص31). ولا يسعنا في هذا الصدد التغاضي عما خلفته الأزمات والحروب من تصاعد في حركات الهجرة
والنزوح على مستوى العالم لاسيما من البلدان الفقيرة التي تشهد قلاقل أمنية- إلى البلدان
وقطر والكويت - الأغلبية منهم ؛ مرتين إلى ثلاثة أضعاف - في مجموعة متنوعة من البلدان متوسطة الدخل؛ بما في ذلك جنوب
وكوتديفوار ، فضلاً عن انطلاق أكبر ممر للهجرة من المكسيك
إلى الولايات المتحدة، ومن شمال أفريقيا إلى جنوب
ومن جنوب آسيا إلى دول الخليج (اليونسكو، بسبب ما تتمتع به كوسموبوليتية النخبة من حظوة، p)، لاسيما أن «واقع الحدود
كان دائمًا ظاهرة طبقية (43 . Wagner, كظاهرة الاتجار بالبشر ، والجرائم المنظمة، وتجارة المخدرات والأسلحة. فإن ثمة تسعة ملايين لاجئ من بين المهاجرين
قصدوا المنطقة التماسًا للحماية؛ بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فلسطيني مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين. وبحسب التقرير نفسه؛ أدت النزاعات والضغوط البيئية إلى نزوح أكثر من 15 مليون شخص داخل بلدانهم؛ لاسيما في
الجمهورية العربية السورية، 2020، ص 3). حيث قدّر عدد المهاجرين من بعض بلدان
المنطقة ب 29 مليون شخص في عام 2017 ، العربي، وفي البلدان العربية الأقل نموا، مقابل (35) في بلدان المغرب العربي و (28%) في
وقد شكلن نحو (33) من السكان المهاجرين واللاجئين في
2020، ص 7). من سمات النماذج الاقتصادية التنموية العربية أنها نماذج تابعة؛ بحكم تبعيتها الاقتصادية
وفشل دولها في فك هذه التبعية بعد تحررها السياسي؛ مرحلة الاستقلالات الوطنية وبناء الدولة الوطنية، فضلاً عن عجزها عن بناء نموذجها
فكان هذا النموذج الاقتصادي التنموي خلال القرنين المنصرمين
أقرب إلى خليط هجين من نماذج تنموية؛ نماذج يغلب عليها الطابع الريعي؛ التنمية وأهمها على الإطلاق؛ وإجمالي القوى العاملة، الصادرات، اقتصاد ومبادلات خارجية عاجزة عن التنويع هذا الخلل البنيوي المصحوب بمعدلات نموّ
وبطالة بالغة الارتفاع؛ في مختلف المراحل الزمنية السابقة، حتى في المرحلة
الراهنة ؛ مازالت ضعيفة، وقد تراوحت خلال الفترة من 2016 حتى 2018 ما بين (0. مع كمية قليلة من الصادرات من منتجات التكنولوجيا
الإسكوا، 2020، ص217) ، عن عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الخدمات العامة والثروات ؛ وهي فوارق من شأنها أن تغدو أكثر حدة مع انخراط العالم في
والمهارات البشرية وتقنية المعلومات؛ هذه الاختلالات كلها ؛ المصحوبة بفسادٍ تشكو منه غالبية الدول العربية والهدر، وسوء توزيع
الثروة ؛ بحيث استقرت الفجوة في النمو بين الدخل القومي وبين دخل الأسرة المعيشي، الأمثلة على ذلك حالة مصر ؛ بنحو (30%) بالمعايير الحقيقية؛ بينما نما الاقتصاد ككل فيها بما يزيد عن (70%) (الإسكوا، وعلى الرغم من تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية للدول العربية؛ إلا أن
لاسيما
عندما تقاس على أساس وطني، وليس على مستوى كل من الفئات الاجتماعية، الإثنية والثقافية المتنوعة، والنوع الاجتماعي (الجندر)، والمناطق
الريفية والمدينية داخل كل دولة عربية على حدة. والإنجاز، من أصحاب الدخل الأعلى بأكثر من (60%) من الدخل القومي (الإسكوا، ص134)؛ بل تتعداه إلى البعد الإثني، والثقافي، هذه الاختلالات كلها جعلت اقتصادات الدول العربية أكثر عرضةً لتعثر قدرات إنتاجها المحلي
الصناعي والزراعي ، الاختلالات مع الوقت بنيوية، ومسئولة بشكل رئيسي عن تعثر جهود التغيير والتنمية، وكذلك
كأن يُحتسب على
أساس الدخل، الفقر والتهميش الاجتماعي للنساء في الدول العربية
المتبعة في البلدان الصناعية المتقدمة أو النامية، إلخ. فإذا أخذنا
فإن نسبة الفقراء
وقد نبه ميشيل تشوسودوفيسكي إلى التالي: «مع إلغاء ضوابط أسواق
لم تعد أسعار تجزئة السلع الاستهلاكية الأساسية تقل كثيرًا عنها في الولايات المتحدة
أو في أوروبا الغربية؛ فتكلفة المعيشة في كثير من مدن العالم الثالث أعلى منها في الولايات
المتحدة تشوسودوفيسكي ، م . م.، يبقى الفقر شديد الارتباط بالاختلالات البنيوية المشار إليها آنفًا؛ حيث
أو غيرها من ذلك مثلاً ارتفاع أسعار
%54) في اليمن ؛ حيث أدى عدم
2014، صص
واستمرار عدم التصدي لمعالجات بنيوية للاقتصادات
العربية؛ لتتراوح ما بين
%4. 8) في المغرب و (48. 6%) في اليمن، وتزيد عن (40%) من السكان في جزر القمر
كما شاهدنا التفاوتات
حيث ترتفع حصة الشريحة الأغنى مقابل حصة أفقر (20%)
وتقع النسبة بين 5
ما عدا مصر والعراق والجزائر ؛ حيث تقل تلك النسبة عن 5
أضعاف (صندوق النقد العربي 2019، كما تشهد المنطقة ارتفاعًا مطردًا في عدم المساواة بين مجموعات بلدانها؛ مرة بحلول عام 2017 الإسكوا 2020، ص (135). فإن تباطؤ النشاط الاقتصادي في عدد من الدول بسبب
مقابل (3. 3%) للمستوى المُسجَّل في عام
نمو الدول العربية في عام 2020 إلى نحو نصف مستوياته المتوقعة قبل انتشار جائحة كورونا
2020 ، تلك الجائحة العالمية التي قدّر لها أن تتسبب
3 ملايين شخص في شباك الفقر؛ 4 ملايين شخص في المنطقة؛ ص1)؛ هذا في الوقت الذي تُسجّل فيه المنطقة العربية أعلى نسبة مئوية في العالم
كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث بلغت نحو (6. 2%) في عام 2016، 06) من الناتج المحلي الإجمالي (الإسكوا، 2020، هذه الوقائع كلها تترافق مع استمرار الصراعات العربية العربية، وضعف التعاون العربي على
المستويين السياسي والاقتصادي؛ حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 219؛ 2%)؛ لتصل إلى
نحو 109. 2 مليارات دولار مسجلة في عام 2017
ص9)، في حين لم تتخط نسبة التجارة البينية في السلع من
ولا تزال أقل بكثير مما
2017 2020
إلا أنها تطال بتأثيراتها المرأة بأشكال
مختلفة؛ مما يُلحق بنساء العالم عمومًا والنساء العربيات خصوصا - أضرارًا مزدوجة؛ جزء كبير منها بالنوع الاجتماعي، المساواة بينها وبين الرجل؛ ليس على الصعيد الاقتصادي (الثروة الدخل) فحسب؛ بل على
فإذا كان عدم العدالة في توزيع الثروة والدخل الوطنيين، وعدم عدالة النظم الضريبية القائمة ؛ فإن انعكاسات ذلك فيما يخص عدم تكافؤ فُرص التعليم، الاجتماعية - تطال بتأثيراتها المرأة أكثر من الرجل ؛ 1. التعليم
وأن الفوارق تشمل مستويات التعليم جميعًا. مقارنة بنحو
أي إن نسبة الحاصلين على التعليم العالي في بلدان التنمية
البشرية المرتفعة جدًّا ؛ تزداد بوتيرة أسرع بست مرات مما في بلدان التنمية البشرية المنخفضة
2019: 7، 10). لاسيما مع التقدم في مراحل التعليم؛ بالمدرسة في
لكن
عندما يصل الطلاب إلى التعليم الثانوي؛ فمن المرجح أن تكمل الفتيات تعليمهن أكثر من
فعلى الرغم من تطور
عددٍ من المؤشرات الكلية فيما يخص التعليم في الوطن العربي عمومًا؛ والجامعات الوطنية أو الرسمية، والازدياد المطرد في عدد المنتسبين إليها، وتراجع نسب
وتعميم التعليم الإلزامي في غالبية الدول العربية على الأقل في المرحلة الإعدادية، ويخضع لآليات الحفظ والتلقين
إلخ؛ مما يستدعي الكلام عن مدى جودته ؛ منطقتنا العربية إنه «ما من منطقة في العالم استثمرت أكثر في التعليم مع حصولها
س؛ ص2). ففي البلدان العربية ثمة تعليم
حكومي، «من
ونوعية التعليم، وما
لا تتيح لهم فرصا متساوية، «النواقص الإسكوا ، 2014 ، ولبناء القدرة على
خصوصًا في اكتساب المعرفة وإنتاجها والتعلم الذاتي والتحليل والنقد؛ وهي مهارات
2014 ، إذ يجري لاحقًا توزيعهم على أساس هذه المعدلات التي لا يمكن فصلها عن
البيئة التي ينحدر منها الطلاب كالمدرسة، والمنطقة الجغرافية، الأسر، والمنطق الخاص بالمؤسسة التعليمية 39 . Bourdieu, P. 1994, p)؛ حيث
أي يعمل على «الحفاظ على النظام
المتمثل في الفجوة الموجودة بين التلاميذ الحاصلين على كميات غير متساوية من
Bourdieu, 1994, p ؛ فالنظام التربوي والتعليمي أولاً وآخرًا هو
آلية اجتماعية يعتمدها النظام السياسي لإعادة إنتاج قوى الإنتاج، المفروضة من السلطات الاجتماعية؛ بغية تشكيل الأفراد وفق نماذج وقوالب تتوافق واحتياجاتها
أو تجسيدًا للعلاقة بين السلطة وبين المعرفة بمفهوم الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو Michel
وذلك لإعادة رسم خرائط القوة. الثقافي نفسه، فعلى الرغم من ارتفاع معدلات التحاق الإناث بالتعليم العالي فهي معدلات تقارب معدلات
إلا أن الاتجاه
التكنولوجية والرياضيات. فلا يمكن تفسيرها على أنها انقلاب في السلوكيات؛ كما أن قصورها على فترات زمنية محددة لا ينبئ بتغير مستدام في
أو في الذهنيات (كيوان، 2017-2018، أفضت الثورة الصناعية الرابعة التي انخرط العالم فيها إلى تركز الطلب على مهارات عالية
مثل
الذكاء الاصطناعي، وغيرها؛ وإذا كانت مهارات العلوم
العقود المقبلة؛ فإن مهارات الحاسوب تُعتبر ضمن المهارات الأهم مهارات الحوسبة السحابية
والتحليل الإحصائي، وبرمجة تطبيقات الأجهزة المحمولة)؛ أن يتمتع المتقدمون بما يقرب من (73%) من الوظائف في مجالات
ماتزال فيه الفجوة الرقمية بين الجنسين في العالم العربي قائمة ؛ وتكفي الإشارة مثلاً إلى أن الفجوة
3%) في عام 2017 ، متجاوزة الفجوة العالمية
من
4) في عام 2013، 4%) في عام 2019 الإسكوا، هذا
فضلاً عن الفجوة على صعيد الأمية الرقمية؛ الماثلة بقوة؛ باتت اليوم عنصرًا
يلزم البلدان العربية والبلدان المجاورة نحو 153 سنة لسد الفجوة الاقتصادية
بين الجنسين، و 61
2020 ، ص74) ، مشاركة اقتصادية للمرأة في العالم؛ مقارنة بمتوسط
عالمي قدره (50%) ، الإسكوا، ص(74) ، في السنوات من 2014 حتى 2018 سجلت أعلى مستويات لها مقارنةً بمناطق أخرى في العالم
وبطالة النساء كما بات واضحًا من خلال بحثنا - لا تخرج عن دائرة الفقر المحلي، وارتباطاته
وبمسألة تأنيث الفقر التي
إذ يصحب عولمة الفقراء عادةً ؛ تفيد في توضيح خارطة اللامساواة الاقتصادية
لاسيما إذا ما أضفنا إلى ذلك ارتفاع نسبة
بما
ذلك صغيرات السن والقاصرات فضلاً عن خدمات الرعاية غير مدفوعة الأجر. من ناحية ثانية؛ %45) وأكثر من (75%) باستثناء القطاع الزراعي - من مجموع القوى العاملة (الإسكوا، 2020: 18)؛ النساء المُعيلات لأسرهن لأسباب مختلفة من بينها ارتفاع نسب الطلاق، الحروب والنزاعات والتهجير ؛ الرجال ؛ عندما يكن مسئولات عن إعالة أطفال دون شريك يسهم في نفقات الأسرة؛ البلدان المتقدمة أم النامية (197). 4. اللامساواة في نظم الحماية الاجتماعية والمعاشات
تفتقر النساء لاسيما الفقيرات والمهمشات - إلى خدمات الحماية الاجتماعية؛ التي يغلب عليها
في البلدان العربية طابع انتقائي؛ لغير العاملين بأجر ؛ ما يعني عدم شمولها للنساء العاملات في القطاع غير النظامي؛ الرغم من تمثيلهن لشريحة واسعة كما تبين آنفًا - لاسيما مع انخفاض المشاركة الاقتصادية
وغيرها من المخاطر المحتملة التي قد تعرّض المرأة الفقيرة والمهمشة
العربية على الحماية الاجتماعية باستثناء الصحة - (2. الإسكوا ديسمبر 2019، ص12). أما نسبة النساء المشتركات في المعاشات التقاعدية؛ فهي أقل كثيرا من النسبة ذاتها لدى
وموريتانيا، والأردن والسعودية؛ إلا أنها ترتفع إلى النصف في السودان، وتونس، والكويت، المُسنين الرجال في مصر، وتصل إلى (8%) فقط بين المُسنات والنسبة المقابلة في الأردن
هي (82) للرجال و (12%) للنساء ؛ عند بلوغهن سن التقاعد أكبر مما هو لدى الرجال (الليثي، هـ، صص 11 12
خاتمة: المخاطر المستقبلية
وانخراط النساء في العمل غير النظامي أضلاعه الثلاثة؛ القطاع الذين هم خارج معظم نظم الحماية الاجتماعية - إلى اعتماد استراتيجيات تكيف فردية، غالبًا ما تكون باهظة التكلفة وقليلة الفعالية الإسكوا 2020 ، وفقرهن، يضاف إلى ذلك محدودية الفرص المتاحة أمامهن على صعيد التعليم النوعي والتدريب
العالي، وسوى ذلك من الفرص المختلفة التي يتحكم بها الفقر ، بقدر ما تتحكم بها العادات
والتقاليد الاجتماعية والثقافية عامة ؛ غير أن تفاعل أطراف هذا المثلث (أي الفقر، والبطالة، على صلة شديدة ومتداخلة
بوصفها المحدّد الأساسي في إنتاج الفقر واللامساواة بين الجنسين؛ غير أن واقع الفقر واللامساواة والتهميش هذا ؛ فيما ستنمو مستويات الطلب على العمالة
في مجالات إنتاج التقنية والهندسة والرياضيات والعلوم، والتحليل المنطقي والتفكير الإبداعي، مجالات التقنية والابتكار والبحث والتطوير ؛ نظرًا لارتفاع العائد على رأس المال المعرفي والتكنولوجي، خاصة فيما يتعلق بالعمالة غير الماهرة؛ ؛ قعلول، ص28، وما يرافقها من أزمات اقتصادية
النامية أو الصناعية المتقدمة، والتوقعات
3%)
قبل تفشي الوباء، إلى أقل من (2%) بعد تفشيه (منظمة العمل العربية، وإمكانية وصول أعداد المشتغلين في الوطن العربي الذين ينتمون إلى أسر؛ تنخفض عن خط
الفقر الدولي (1. 9$ في اليوم إلى نحو 9. وبلوغ نسبة المشتغلين في الوظائف الهشة نحو 49. منظمة العمل العربية 2020، وارتفاع الوظائف المُتوقع فقدها خلال الجائحة على
مع توقعات بطالة على مستوى الوطن العربي
3 ملايين متعطل، دون أن
في زيادة أعداد المتعطلين بنحو 5. ص2). لاسيما
في ظل عدم المساواة التي يعانين منها أساسًا على الصعد كافة؛ حيث يغدو الوباء بتداعياته
المختلفة لاسيما الاقتصادية منها - عاملاً إضافيًا في إفقارهن وتهميشهن؛ كونهن أساسًا الحلقة


النص الأصلي

مقدمة
لا ينطلق هذا البحث المعنون بـ«الفقر والتهميش الاجتماعي للنساء في الدول العربية»
من أهمية المساواة بين الجنسين، ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية عموما، أو من
المؤشرات المختلفة التي تؤكد أن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل؛ من شأنها زيادة الناتج
المحلي الإجمالي؛ حيث تبين عالميًّا «أن القضاء على عدم المساواة بين الرجل وبين المرأة؛ من
شأنه أن يُسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح ما بين 12 إلى 28 تريليون
دولار بحلول عام 2005 في البلدان المتقدمة والنامية في آن كما يعتبر من العوامل الأساسية
لخفض الفقر في الدول النامية ( عبد المنعم ، هـ . ؛ قعلول، س، 2018، ص6)؛ إذ يؤكد المصدر
نفسه أن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات مماثلة لمشاركة الذكور ؛ تسهم «في
زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (5%) في الولايات المتحدة الأميركية، وبنسبة (9%) في
اليابان، وزيادته في بعض البلدان العربية مثل الإمارات ومصر ؛ بنسبة 12%) و (34%) على
التوالي. والمعطيات الإمبيريقية المثبتة علميًّا التي تكاثرت في العقود الأخيرة؛ تُشدد على دور
المرأة الاقتصادي في التنمية المستدامة، وفي القضاء على الفقر والتهميش.
وعليه؛ يتخذ هذا البحث منحى آخر ؛ وذلك بتشديده على العوامل الماكروية التي مازالت
تقف حائلاً دون القضاء على الفقر والبطالة في الوطن العربي؛ كظاهرتين تطالان بتأثيرهما
الفئات المهمشة (1) ، وتُعيقان بالتالي مسار التنمية المستدامة والرفاه للمجتمعات العربية بفئاتها
الاجتماعية كافة؛ لاسيما النساء.
6

لاشك أن المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة الذي انعقد في العاصمة الصينية بكين)؛
شكل منعطفًا في مسار العمل والجهود المبذولة عالميًّا وعربيا من أجل تكريس حق المرأة
في الحصول على حياة كريمة، والعيش في مجتمع خالٍ من التمييز ومما جاء في نص
الوثيقة الختامية للمؤتمر الذي عقد ما بين 4 و 15 أيلول (سبتمبر) في عام 1995: «إن
المساواة في الحقوق والفرص، والوصول إلى الموارد ، وتقاسم الرجل والمرأة المسئوليات عن
الأسرة بالتساوي والشراكة المنسجمة بينهما ؛ هي أمور حاسمة لرفاهيتهما ورفاهية أسرتهما،
وكذلك لتدعيم الديمقراطية»، وإن القضاء على الفقر بالاعتماد على النمو الاقتصادي المطرد،
والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة، وتوفير العدالة الاجتماعية ؛ يقتضي اشتراك المرأة في التنمية
الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق تكافؤ الفرص، ومشاركة المرأة والرجل مشاركة كاملة على قدم
المساواة؛ باعتبارهما من عوامل تحقيق التنمية المستدامة الموجهة لخدمة البشر
مستفيدين منها (جامعة منيسوتا ، 154 أيلول / سبتمبر 1995).


ولعل أبرز ما أفضى إليه هذا المؤتمر التاريخي، المتوّج للجهود العالمية السابقة (2)؛ هو التزام
الحكومات والمجتمع الدولي باتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز
ضد المرأة، وإزالة جميع العقبات التي تعترض تحقيق المساواة بين الجنسين، والنهوض بالمرأة
وتمكينها ؛ على أن تأتي هذه الجهود بثمارها عند مطلع الألفية الثالثة. وقد استتبع ذلك شراكات
عدة واتفاقيات تعاون بين الحكومات وبين القطاع الخاص والمجتمع المدني (بما في ذلك
المنظمات والهيئات والحركات النسائية؛ كرَّست العمل على أرض الواقع، وصولاً إلى
التعاون الدولي عبر الأمم المتحدة، الذي أفضى في عام 2015 إلى تحديد أهداف التنمية
المستدامة السبعة عشرة (SDG) ؛ الرامية إلى إنهاء الفقر، وحماية الكوكب، وضمان
تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030 . وقد شملت هذه الأهداف الحقوق
الأساسية الخاصة بالنساء والفتيات؛ لاسيما في مسائل القضاء على الفقر والجوع، وضمان
التعليم الجيد والصحة الجيدة، وضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي، والحصول على
خدمات الطاقة بأسعار معقولة، في سياق من التوازن بين المجالات الاجتماعية والاقتصادية
والبيئية ؛ على اعتبار أن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بالتعاضد والتكامل بينها ؛ نظرًا إلى أن
التنمية في كل هذه المجالات ستؤثر إيجابًا على المجالات الأخرى. لكن واقع المرأة العربية
على الرغم من كل الجهود المبذولة عالميًّا وعربيا بحسب ما تؤكده التقارير ؛ ومنها التقرير
العربي الشامل حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد خمسة
وعشرين عامًا - مازال يُشير إلى ارتفاع نسب البطالة في صفوف النساء، وإلى أنه تحت
وطأة الظروف الإقليمية غير المواتية لا يلوح في الأفق أي تحسن في الوضع الاقتصادي، أو
في خلق فرص عمل كافية، وإلى أن التفاوتات الجغرافية لاسيما بين المناطق الحضرية وبين
المناطق الريفية - مازالت تشكّل عقبة أمام تحقيق المساواة بين الجنسين؛ فالنساء من المناطق
الريفية الفقيرة مازلن مثلاً أكثر عرضة للعنف، وللتسرب من المدرسة والانخراط في العمل غير
النظامي، وللزواج المبكر وللولادة في سن مبكرة، وللمضاعفات أثناء الولادة... إلخ (الإسكوا،
ديسمبر 2019، ص79).
وانطلاقًا من هذه الوقائع والحقائق والمعطيات؛ تمثلت إشكالية هذا البحث في المفارقة القائمة
بين الجهود المبذولة منذ عام 2015 ؛ لإنجاح خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة،
والتزام الحكومات العربية بها في سياق مواصلة مسيرة الأهداف الإنمائية للألفية من جهة،
وبين واقع النساء الفعلي من جهة ثانية؛ لاسيما على صعيد عدم تحقق المساواة بين الجنسين
في مجالات التعليم والعمل، والعلم، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها من المجالات
المركزية للثورة الصناعية الرابعة الحديثة نسبيًّا ، وغيرها من وجوه عدم المساواة التي تعمّق فجوة
النوع الاجتماعي، وتؤدي إلى فقدان عدد أكبر من النساء لوظائفهن؛ نظرًا إلى تركز عملهن في
قطاعات الإنتاج التقليدية؛ مما يسهم في تعميق ظاهرة تأنيث الفقر.
أمام هذه الإشكالية؛ سعينا في هذا البحث إلى رصد المعوقات التي تجعل الفقر والتهميش
الاجتماعي مُلازمين للنساء في الدول العربية بالاستناد إلى قراءة شاملة متعددة الأبعاد، لا
تستوي خارج القراءة الماكروية للواقع التنموي العربي، وارتباطاته العالمية. أما استنادنا إلى
المعطيات الكمية فيتحدد بكونه وسيلة وليس هدفًا؛ خصوصًا أن الأرقام قد لا تعبر بعمق
أحيانًا عن هذا التهميش.
وقد اتجهنا في هذا البحث إلى وضع هذه الظاهرة في سياقها العالمي أولاً؛ وذلك بتوصيف الواقع
العالمي المأزوم، وتعيين الإشكاليات البنيوية العميقة التي تتصل بموقع الإنسان والمجتمعات في
مسار النمط الراهن للعولمة وليبراليتها المتوحشة، واتجهنا ثانيًا إلى البحث في الدوافع الهيكلية
لتهميش النساء في الدول العربية؛ وفي خطوة ثالثة عاينا واقع النساء والفقر، قبل أن ننهي
بحثنا أخيرًا بتلمس التحديات المستقبلية؛ التي من شأنها مفاقمة واقع الفقر والتهميش لدى النساء
في المنطقة.
أولاً: في الواقع العالمي المأزوم
الدولة - كدولة راعية - والحرية كمفهومين أساسيين من بين المفاهيم التي تشكلت منها المنظومة
الفكرية الليبرالية، ولازمت مشروع الحداثة الغربية؛ شهدا انتكاسة أو نكوصًا عن مضامينهما
المؤسسة، وعن وعود الليبرالية بانتصار قيم العدالة والديمقراطية، وبلوغ سعادة البشر ؛ وهو
نكوص تجلى في سيطرة غير مسبوقة للأيديولوجيا النيوليبرالية التي أسهم في دعمها انهيار
التجربة الاشتراكية في أواخر ثمانينيات القرن الفائت، وبتوحش رأسمالي أفضى إلى عدم
المساواة الاقتصادية؛ على مستوى توزيع الثروة والدخل سواء على مستوى العالم، أو داخل
كل بلد على حدة - فضلاً عن تفاوتات تشمل ميادين مختلفة؛ مثل التفاوتات البيئية والصحية،
والتفاوتات في الحصول على المعارف، وغيرها؛ بحيث استحالت الحياة الدولية «في برهة وجيزة
إلى الصورة الكاملة المتكاملة للامساواة، والتفاوت الإنسانيين. هذه التفاوتات هي مصدر الريب
وأصل عدم الاستقرار، والمنبع الذي يُغذي حمى الهويات والاندفاعات الأصولية؛ وهي التي
تُسبب الإحباطات في الحياة اليومية، وتولد الإذلالات؛ التي هي الأمهات المنجبات لضروب
العنف كافة بادي، ب. ، 2015 ، ص13). وتكفي الإشارة إلى بعض الإحصائيات والأرقام التي
تضمنها كتاب أوضاع العالم 2016: عالم اللامساواة؛ للتدليل على مأساوية الصورة (بادي،
ب.، 2015، صص 16-19).



  1. التفاوتات على مستوى العالم
    في حين أن مكسب (20%) من الناس الأغنى في العالم كان يفوق في عام 1960 بثلاثين
    ضعفًا - ما كان يكسبه (20%) الأفقر ؛ فإن الفارق اليوم هو من 1 إلى 74، كما أن (83.4%)
    من الثروات المتراكمة في العالم هي في حيازة (84%) من سكان العالم، فيما يملك (1%)
    من البشر حوالي نصف الثروة العالمية وتحوز أميركا الشمالية وأوروبا معا ثلثي الثروة النقدية
    العالمية؛ الأمر الذي يُحرِّم على نحو قبلي النصيب الذي ينسب إلى آسيا، والفرد الواحد من
    سكان البلدان الثمانية عشرة الأولى في العالم؛ هو أغنى بـ 33.5 مرة من نظيره من مواطني
    مجموعة البلدان الأفقر ؛ فالقطري المتوسط مثلاً ؛ أغنى بمائتي (200) مرة من نظيره مواطن
    جمهورية أفريقيا الوسطى متوسط الحال ... والشمال يأوي (16%) من سكان العالم؛ إلا أنه
    ينتج
    (%70) من ثرواته(3).

  2. التفاوتات على مستوى أوروبا
    في فرنسا مثلاً بين عامي 2008 و 2011؛ زاد دخل (10%) من المواطنين الأغنى في البلاد
    بنسبة (3.2%) بعد احتساب الضريبة، في حين انخفض دخل (10%) من الشريحة الأفقر من
    الفرنسيين بنسبة (4.8%).
    .3 التفاوتات على مستوى الجنوب
    كذلك
    بين شبه جزيرة العرب وبين بقية العالم العربي، أو بين الصين الساحلية التي تشهد نهوضًا
    مرموقا وبين الداخل الريفي الذي يكدح ويُجاهد للخلاص من قصور التنمية، وكذلك بين البرازيل
    الشمالية الشرقية وبين الجنوب البرازيلي المتزايد غنى وثراء ، وبين هند وادي الغانج وبين هند
    بانغالور Bangalore... إن مؤشر جيني Gini الذي يمثل الرقم 1 نقطة اللامساواة القصوى
    فيه؛ يُظهر أن بلدًا كالصين ؛ يبلغ مؤشر اللامساواة فيه 0.42؛ وهو رقم يترجم عتبة لامساواة
    أو مستوى تفاوت مثيران للقلق ؛ ولكنه يظل دون ما تعرفه الهند (0.49)، أو البرازيل (0.56)،
    أو جنوب أفريقيا (0.72)
    هذه الشواهد عن عدم المساواة المدعومة بالأرقام التي لا تنتهي؛ لا تقتصر على التفاوتات
    الاقتصادية المحددة بتوزيع الدخل والثروة؛ وإنما تطال أيضًا التفاوتات في الحصول على
    المعارف، وعلى الخدمات الصحية والسكن والغذاء، فضلاً عن التفاوتات البيئية... إلخ(4)؛
    ففي نهاية تحليله لتطور توزيع الثروة على المستوى العالمي وهيكل اللامساواة منذ القرن
    الثامن عشر حتى تفاقمه في بداية العقد الحالي؛ يقول الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي
    Thomas Miketty إن الارتفاع الكبير في الثروات الخاصة الذي شهدته الدول الغنية خلال
    العقود الأخيرة - كنسبة من الدخل القومي (...) هو فعليًّا أشد ارتفاعًا مما استطعنا قياسه عبر
    الحسابات الرسمية، والأمر بالمثل في حالة اتجاه نصيب الثروات العليا في إجمالي الثروات
    إلى الارتفاع هذا بالتأكيد برهان على صعوبة تتبع الأصول في الرأسمالية المعولمة في بداية
    القرن الحادي والعشرين؛ مما يعيق رؤيتنا لأبسط جوانب جغرافيا الثروة (بيكيتي، ت.، 2016،
    ص 501).
    ولا تكتمل صورة العالم في دائرة الرأسمالية المتوحشة ؛ إلا في سياق ما واكبها من تحولات
    حاصلة على المستويات السياسية والجيواستراتيجية والاجتماعية والأيديولوجية والثقافية، وكذلك
    القيمية، وغيرها؛ التي لا يسعنا التعمق فيها في هذا البحث؛ لكن تكفي الإشارة إلى أن تهميش
    النساء وفقرهن في المنطقة العربية - موضوع ورقتنا غير منفصل عن التداعيات السلبية
    للعولمة الرأسمالية، وما رافق انطلاقتها واشتدادها من كلام على ظاهرة «تأنيث الفقر»؛ وذلك
    مع سياسات التكيف الهيكلي ، التي وصفها الاقتصادي الكندي ميشيل تشوسودوفيسكي Michel
    Chossudovsky بـ الإبادة الاقتصادية»؛ بما أن التكيُّف الهيكلي «يجري بالتلاعب الواعي
    والعمدي بقوى السوق»؛ حيث الأثر الاجتماعي لهذه الإبادة «مُدمّر إذا ما قورنت بالإبادة
    في مختلف فترات التاريخ الاستعماري (مثل العمل الإجباري والعبودية). (...) فتدويل سياسة
    الاقتصاد الكلي يحوّل البلدان إلى أراض اقتصادية مفتوحة، ويحول الاقتصادات القومية إلى
    «احتياطيات» من العمل الرخيص والموارد الطبيعية (تشوسودوفيسكي، م.، 2012، ص31).
    ولا يسعنا في هذا الصدد التغاضي عما خلفته الأزمات والحروب من تصاعد في حركات الهجرة
    والنزوح على مستوى العالم لاسيما من البلدان الفقيرة التي تشهد قلاقل أمنية- إلى البلدان
    الغنية أو المستقرة؛ بحيث ارتفعت حصة المهاجرين بالنسبة إلى سكان العالم من (10%) في
    عام 2000 إلى (14) في عام 2017، واستقطبت دول الخليج -بما فيها الإمارات العربية
    المتحدة، وقطر والكويت - الأغلبية منهم ؛ فيما تجاوزت معدلات الهجرة المتوسط العالمي - من
    مرتين إلى ثلاثة أضعاف - في مجموعة متنوعة من البلدان متوسطة الدخل؛ بما في ذلك جنوب
    أفريقيا، وكوتديفوار ، وكوستاريكا ، وماليزيا، فضلاً عن انطلاق أكبر ممر للهجرة من المكسيك
    إلى الولايات المتحدة، ومن أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية، ومن شمال أفريقيا إلى جنوب
    أوروبا، ومن جنوب آسيا إلى دول الخليج (اليونسكو، 2018، ص18).
    ولئن كان تنقل كلّ من الطبقات العليا والشعبية باتجاه بلدان أجنبية ينطوي على تفاوت متجدِّر
    تاريخيًّا كما تُشير إلى ذلك عالمة الاجتماع الفرنسية آن كاترين واينر Anne-Catherine
    Wagner؛ بسبب ما تتمتع به كوسموبوليتية النخبة من حظوة، تتعارض مع وصمة العار
    المرتبطة بتشرد الطبقات الدنيا 85 .Wagner, A., 2007, p)، لاسيما أن «واقع الحدود
    كان دائمًا ظاهرة طبقية (43 .Wagner,.-C., 2007, p)؛ فإن هذه الظاهرة باتت مع
    العولمة وتداعياتها الراهنة أكثر حدة، خصوصًا مع المآسي التي خلفتها ظاهرة الهجرات غير
    الشرعية التي رافقت تفاقم ظواهر أخرى؛ كظاهرة الاتجار بالبشر ، والجرائم المنظمة، والفساد
    المنظم، والجريمة، والإرهاب والعنف، وتجارة المخدرات والأسلحة...إلخ.
    وبحسب تقرير حالة الهجرة الدولية لعام 2019 ؛ فإن ثمة تسعة ملايين لاجئ من بين المهاجرين
    المنتشرين في المنطقة العربية ؛ قصدوا المنطقة التماسًا للحماية؛ من بينهم 3.7 ملايين لاجئ؛
    بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فضلاً عن 5.4 ملايين لاجئ
    فلسطيني مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين. وبحسب التقرير نفسه؛
    أدت النزاعات والضغوط البيئية إلى نزوح أكثر من 15 مليون شخص داخل بلدانهم؛ لاسيما في
    الجمهورية العربية السورية، والسودان والصومال والعراق واليمن الإسكوا، 2020، ص 3).
    في المقابل لم تتوقف موجات الهجرة عن التزايد؛ حيث قدّر عدد المهاجرين من بعض بلدان
    المنطقة ب 29 مليون شخص في عام 2017 ، «نصفهم تقريبًا هاجر إلى بلدان داخل المنطقة».
    وقد شكلت النساء في عام 2017 نحو (50%) من السكان المهاجرين في بلدان المشرق
    العربي، وفي البلدان العربية الأقل نموا، مقابل (35) في بلدان المغرب العربي و (28%) في
    دول مجلس التعاون الخليجي، وقد شكلن نحو (33) من السكان المهاجرين واللاجئين في
    المنطقة العربية (الإسكوا، 2020، ص 7).
    ثانيا: في الدوافع الهيكلية لتهميش النساء في العالم العربي
    من سمات النماذج الاقتصادية التنموية العربية أنها نماذج تابعة؛ بحكم تبعيتها الاقتصادية
    أساسًا للغرب الاستعماري، وفشل دولها في فك هذه التبعية بعد تحررها السياسي؛ أي في
    مرحلة الاستقلالات الوطنية وبناء الدولة الوطنية، فضلاً عن عجزها عن بناء نموذجها
    الاقتصادي التنموي الخاص؛ فكان هذا النموذج الاقتصادي التنموي خلال القرنين المنصرمين
    أقرب إلى خليط هجين من نماذج تنموية؛ ليبرالية واشتراكية؛ تُحاكي النماذج الأصلية بصورة
    مشوهة ؛ نماذج يغلب عليها الطابع الريعي؛ الذي يفتقر إلى التصنيع بوصفه أحد أبرز حلقات
    التنمية وأهمها على الإطلاق؛ مما جعل معظم الدول العربية في أسفل لائحة البلدان عموما،
    فيما يخص وزن الصناعة النسبي في الناتج المحلي القائم، وإجمالي القوى العاملة، وإجمالي
    الصادرات، فضلاً عن الاختلال البنيوي في جانبي العرض والطلب على العمل، ضمن بنية
    اقتصاد ومبادلات خارجية عاجزة عن التنويع هذا الخلل البنيوي المصحوب بمعدلات نموّ
    منخفضة جدًّا، وبطالة بالغة الارتفاع؛ أعاق بلداننا الاستهلاكية في نقل التكنولوجيا واستيعابها
    في مختلف المراحل الزمنية السابقة، كما جعلها متخلفة عن القيام بهذا الدور ؛ حتى في المرحلة
    الراهنة ؛ بحيث يقتصر دورها على الاستمرار في شراء هذه التكنولوجيا واستيرادها في صيغها
    الجاهزة؛ فمساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي مثلاً؛
    مازالت ضعيفة، وقد تراوحت خلال الفترة من 2016 حتى 2018 ما بين (0.6%) و (6%).
    ومعظم التركيز كان على الاتصالات، مع كمية قليلة من الصادرات من منتجات التكنولوجيا
    الإسكوا، 2020، ص217) ، ناهيك عن الازدياد المطرد في الفوارق الاجتماعية الناجمة
    عن عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الخدمات العامة والثروات ؛ نتيجة احتكارها من النخب
    السياسية والاقتصادية المسيطرة ؛ وهي فوارق من شأنها أن تغدو أكثر حدة مع انخراط العالم في
    اقتصادات جديدة تستند إلى عناصر الإبداع والابتكار، والمهارات البشرية وتقنية المعلومات؛
    على عكس الاقتصادات التقليدية التي تعتمد على عناصر الأرض والعمال ورأس المال.
    هذه الاختلالات كلها ؛ المصحوبة بفسادٍ تشكو منه غالبية الدول العربية والهدر، وسوء توزيع
    الثروة ؛ حالت دون أن يُترجم نمو إجمالي الناتج القومي للبلدان العربية بارتفاع دخل الأسرة
    المعيشية؛ بحيث استقرت الفجوة في النمو بين الدخل القومي وبين دخل الأسرة المعيشي، ومن
    الأمثلة على ذلك حالة مصر ؛ التي نما فيها دخل الأسرة المعيشية خلال فترة 25 عاما تقريبًا؛
    بنحو (30%) بالمعايير الحقيقية؛ بينما نما الاقتصاد ككل فيها بما يزيد عن (70%) (الإسكوا،
    2019، ص 19).
    وعلى الرغم من تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية للدول العربية؛ إلا أن
    الاختلالات البنيوية ظلت تخفي معها تباينات واضحة فيما يخص المؤشرات الاقتصادية؛ لاسيما
    عندما تقاس على أساس وطني، وليس على مستوى كل من الفئات الاجتماعية، والمجموعات
    الإثنية والثقافية المتنوعة، وقطاعات النشاط الاقتصادي، والنوع الاجتماعي (الجندر)، والمناطق
    الريفية والمدينية داخل كل دولة عربية على حدة. وقد أفضت النماذج الاقتصادية التنموية
    العربية التي تفتقر إلى قيم الحكم القائم على الجدارة Meritocracy المتمثل في الأداء،
    والإنجاز، والاستحقاق إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية في غالبية دولنا؛ حيث سجلت المنطقة
    العربية أحد أعلى مستويات فوارق الدخل في العالم، وفي بعض البلدان استأثرت نسبة (10%)
    من أصحاب الدخل الأعلى بأكثر من (60%) من الدخل القومي (الإسكوا، 2020، ص134)؛
    وهذه الفوارق لا تقتصر على بعد الدخل ؛ بل تتعداه إلى البعد الإثني، والثقافي، والجندري،
    والمناطقي ريفي ومديني).
    هذه الاختلالات كلها جعلت اقتصادات الدول العربية أكثر عرضةً لتعثر قدرات إنتاجها المحلي
    الصناعي والزراعي ، وأكثر اعتمادًا على الاستيراد من أجل الاستهلاك المحلي؛ لتغدو- أي هذه
    الاختلالات مع الوقت بنيوية، ومسئولة بشكل رئيسي عن تعثر جهود التغيير والتنمية، وكذلك
    عن إنتاج الفقر .
    ولما كان الفقر ظاهرة اجتماعية اقتصادية؛ فإن مقاييسه تتعدد أساسًا؛ كأن يُحتسب على
    أساس الدخل، أو على أساس مقاييس أخرى اجتماعية وثقافية أو على أساس المقاييس نفسها
    الفقر والتهميش الاجتماعي للنساء في الدول العربية
    المتبعة في البلدان الصناعية المتقدمة أو النامية، أو الغنية أو الفقيرة، أو...إلخ. فإذا أخذنا
    دولارًا واحدًا أو حتى دولارين أو ثلاثة كمعيار للفقر المدقع في الدول العربية؛ فإن نسبة الفقراء
    ستكون متدنية؛ خصوصًا في البلدان العربية ذات المستوى المرتفع أو المتوسط للتنمية والدخل؛
    فقد تُسهم الخدمات المتعلقة بالصحة والتعليم في الحد منه؛ وإن كانت لا تقضي عليه في ظل
    ارتفاع كلفة المعيشة. وقد نبه ميشيل تشوسودوفيسكي إلى التالي: «مع إلغاء ضوابط أسواق
    السلع؛ لم تعد أسعار تجزئة السلع الاستهلاكية الأساسية تقل كثيرًا عنها في الولايات المتحدة
    أو في أوروبا الغربية؛ فتكلفة المعيشة في كثير من مدن العالم الثالث أعلى منها في الولايات
    المتحدة تشوسودوفيسكي ، م . ، 2012، ص 302).
    ،،
    م.،
    وأيًّا ما كانت مقاييسه؛ يبقى الفقر شديد الارتباط بالاختلالات البنيوية المشار إليها آنفًا؛ حيث
    تزداد حدته عند كل أزمة اقتصادية أو سياسية أو أمنية، أو غيرها من ذلك مثلاً ارتفاع أسعار
    الغذاء في عام 2008 الذي أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة الذين يعيشون دون خط الفقر الأدنى
    من (8) إلى (13%) في لبنان، ومن (20) إلى (34%) في مصر، ومن (34%) إلى
    (%54) في اليمن ؛ وذلك بحسب تقرير التكامل العربي سبيلاً لنهضة إنسانية؛ حيث أدى عدم
    مواجهة هذا الواقع إلى تفاقمه؛ ليصبح عدد الأطفال المهددين بالموت جوعا في اليمن وحده
    أكثر من نصف مليون طفل، وأكثر من مليون طفل في الصومال (الإسكوا، 2014، صص
    (72-71). ومع تفاقم الأزمات والحروب، واستمرار عدم التصدي لمعالجات بنيوية للاقتصادات
    العربية؛ رأينا الفوارق بين نسب الفقر الوطنية في الدول العربية تزداد تفاوتا؛ لتتراوح ما بين
    (%4.8) في المغرب و (48.6%) في اليمن، وتزيد عن (40%) من السكان في جزر القمر
    والسودان والصومال واليمن صندوق النقد العربي 2019، ص 3، كما شاهدنا التفاوتات
    نفسها داخل البلد العربي الواحد ؛ حيث ترتفع حصة الشريحة الأغنى مقابل حصة أفقر (20%)
    من السكان؛ لتتجاوز 10 أضعاف في كلّ من جُزر القمر وجيبوتي، وتقع النسبة بين 5
    و 10 في بقية الدول العربية، ما عدا مصر والعراق والجزائر ؛ حيث تقل تلك النسبة عن 5
    أضعاف (صندوق النقد العربي 2019، ص 3).
    كما تشهد المنطقة ارتفاعًا مطردًا في عدم المساواة بين مجموعات بلدانها؛ فبعد أن كان نصيب
    الفرد من الدخل القومي الإجمالي في عام 2010 قد بلغ في بلدان التنمية البشرية المرتفعة
    ثلاث عشرة مرة ما كان عليه في بلدان التنمية البشرية المُنخفضة؛ اتسع الفارق بنحو عشرين
    مرة بحلول عام 2017 الإسكوا 2020، ص (135).
    وبحسب تقرير آفاق الاقتصاد العربي؛ فإن تباطؤ النشاط الاقتصادي في عدد من الدول بسبب
    التوترات التجارية ما بين الولايات المتحدة الأميركية والصين؛ رافقه انخفاض في معدل نمو
    الناتج المحلي الإجمالي العالمي وصل إلى (2.9%)، مقابل (3.3%) للمستوى المُسجَّل في عام
    2018 . كما توقع التقرير نفسه دخول الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية في مرحلة ركود في عام
    2020 قد يكون أسوأ من مثيله المسجّل خلال الأزمة المالية العالمية، وكذلك انخفاض معدل
    نمو الدول العربية في عام 2020 إلى نحو نصف مستوياته المتوقعة قبل انتشار جائحة كورونا
    (صندوق النقد العربي، أبريل ،2020 ، ص2)؛ تلك الجائحة العالمية التي قدّر لها أن تتسبب
    في رفع عدد الفقراء في المنطقة العربية، ووقوع نحو 8.3 ملايين شخص في شباك الفقر؛ أي
    مجموعه 101.4 ملايين شخص في المنطقة؛ حيث سيُصنفون في عداد الفقراء (الإسكوا،
    أيلول 2020، ص1)؛ هذا في الوقت الذي تُسجّل فيه المنطقة العربية أعلى نسبة مئوية في العالم
    للنفقات العسكرية؛ كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث بلغت نحو (6.2%) في عام 2016،
    في حين أن أميركا الشمالية التي تسجّل ثاني أعلى نسبة للنفقات العسكرية؛ لا تتجاوز نفقاتها
    (%2.06) من الناتج المحلي الإجمالي (الإسكوا، 2020، ص 203).
    ما
    هذه الوقائع كلها تترافق مع استمرار الصراعات العربية العربية، وضعف التعاون العربي على
    المستويين السياسي والاقتصادي؛ حيث ارتفعت قيمة التجارة العربية البينية خلال عام 2018
    حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 219؛ بمعدل بلغ حوالى (6.2%)؛ لتصل إلى
    نحو 109.6 مليارات دولار مقابل حوالى 103.2 مليارات دولار مسجلة في عام 2017
    (صندوق النقد العربي 2019 ، ص9)، في حين لم تتخط نسبة التجارة البينية في السلع من
    مجموع المبادرات التجارية في المنطقة العربية (13) في عام 2017 ، ولا تزال أقل بكثير مما
    هي عليه في الاتحاد الأوروبي (64%)، وفي رابطة أمم جنوب شرق آسيا (24%) (الإسكوا،
    .(2017 2020
    ثالثًا: المرأة العربية والفقر
    هذه الظواهر جميعها وإن كانت تبعاتها تقع على الجنسين؛ إلا أنها تطال بتأثيراتها المرأة بأشكال
    مختلفة؛ مما يُلحق بنساء العالم عمومًا والنساء العربيات خصوصا - أضرارًا مزدوجة؛ يرتبط
    جزء كبير منها بالنوع الاجتماعي، وغالبًا ما تكون العلاقة جدلية بين تهميش النساء وفقرهن
    من جهة، وبين أوجه التمييز المختلفة ضد المرأة من جهة أخرى؛ لأن هذا التمييز يتضمن عدم
    المساواة بينها وبين الرجل؛ ليس على الصعيد الاقتصادي (الثروة الدخل) فحسب؛ بل على
    الصعد الاجتماعية والحياتية كافة؛ فإذا كان عدم العدالة في توزيع الثروة والدخل الوطنيين،
    وعدم عدالة النظم الضريبية القائمة ؛ يشكّلان سمة غالبة للبنية الاقتصادية على المستوى
    الماكروي ؛ فإن انعكاسات ذلك فيما يخص عدم تكافؤ فُرص التعليم، ومحو الأمية، والصحة،
    والسكن، والنقل العام، فضلاً عن محدودية فعالية نُظم التقاعد والتأمينات العامة والرعاية
    الاجتماعية - تطال بتأثيراتها المرأة أكثر من الرجل ؛ نتيجة البنية الاجتماعية البطركية الذكورية.

  3. التعليم
    تشير الأرقام على مستوى العالم إلى أن نسبة الحاصلين على التعليم الابتدائي من البالغين في
    بلدان التنمية البشرية المنخفضة هي في حدود (42) مقابل (94%) في بلدان التنمية البشرية
    المرتفعة جدًّا، وأن الفوارق تشمل مستويات التعليم جميعًا. أما عن نسبة الحاصلين على التعليم
    العالي من البالغين؛ فهي في حدود (3.2%) في بلدان التنمية البشرية المنخفضة، مقارنة بنحو
    (29) في البلدان المتقدمة؛ أي إن نسبة الحاصلين على التعليم العالي في بلدان التنمية
    البشرية المرتفعة جدًّا ؛ تزداد بوتيرة أسرع بست مرات مما في بلدان التنمية البشرية المنخفضة
    الإسكوا، 2019: 7، 10).
    غير أن المعطيات بدورها تفيد أيضًا أن الفتيات في المنطقة العربية أكثر عرضة من الفتيان؛
    لأن يكن خارج المدارس، لاسيما مع التقدم في مراحل التعليم؛ فنسبة الفتيات غير الملتحقات
    بالمدرسة في
    المرحلة الأولى من التعليم الثانوي تناهز (18) مقابل (12%) للفتيان؛ لكن
    عندما يصل الطلاب إلى التعليم الثانوي؛ فمن المرجح أن تكمل الفتيات تعليمهن أكثر من
    الفتيان الذين يتسربون عادة من المدرسة للعمل الإسكوا، 2020 : (64)؛ فعلى الرغم من تطور
    عددٍ من المؤشرات الكلية فيما يخص التعليم في الوطن العربي عمومًا؛ كتطوير المدارس
    والجامعات الوطنية أو الرسمية، والازدياد المطرد في عدد المنتسبين إليها، وتراجع نسب
    الأمية، وتعميم التعليم الإلزامي في غالبية الدول العربية على الأقل في المرحلة الإعدادية،
    أو الابتدائية من جهة، وارتفاع معدلات التحاق الإناث في مختلف مراحل التعليم من جهة
    ثانية؛ إلا أن اتجاه التعليم في العالم العربي يسير ناحية الكم، ويخضع لآليات الحفظ والتلقين
    والاختبارات... إلخ؛ مما يستدعي الكلام عن مدى جودته ؛ لذا قيل فيما يخص الإنفاق على
    التعليم في
    منطقتنا العربية إنه «ما من منطقة في العالم استثمرت أكثر في التعليم مع حصولها
    على مردود ظاهر أقل (..) في منطقة تضم 370 مليون نسمة موزعين على 22 دولة، تملك
    ثلث احتياطيات النفط العالمية ( بركات، س؛ ميلتون، س.، 2015، ص2).
    فالمؤشرات الكمية قد لا تعكس تماما التمييز القائم على أساس الجنس فيما يخص فرص النساء
    في الحصول على تعليم ذي جودة، مقارنةً بتلك المتاحة للذكور ؛ ففي البلدان العربية ثمة تعليم
    حكومي، وآخر خاص؛ يتفاوتان حسب تقرير التكامل العربي سبيلاً لنهضة إنسانية؛ «من
    حيث الموارد، ونوعية التعليم، وجودة العملية التعليمية، وكذلك من حيث مستوى الطلاب، وما
    يكتسبون لاحقًا من مؤهلات، لا تتيح لهم فرصا متساوية، في سوق عمل يشكو الكثير من
    «النواقص الإسكوا ، 2014 ، ص152)؛ كما أن أنماط التعليم ماتزال -بحسب التقرير نفسه
    «قاصرة عن تزويد المتعلمين بالمهارات المطلوبة لرفع الكفاءة الإنتاجية، ولبناء القدرة على
    الابتكار، خصوصًا في اكتساب المعرفة وإنتاجها والتعلم الذاتي والتحليل والنقد؛ وهي مهارات
    أساسية لكل عمل إبداعي الإسكوا، 2014 ، ص152).
    وإقبال الإناث على التعليم الجامعي لا يعني إذن بالضرورة تكافؤا أو عدالة في توفير فرص
    الدراسة الجامعية؛ حتى في الجامعات الحكومية التي تستند في قبول الطلاب على معدلات
    الشهادة الثانوية؛ إذ يجري لاحقًا توزيعهم على أساس هذه المعدلات التي لا يمكن فصلها عن
    البيئة التي ينحدر منها الطلاب كالمدرسة، والطبقة الاجتماعية، والمنطقة الجغرافية، وغيرها
    من المتغيرات التي تشير إلى عدم تكافؤ الرأسمال الاجتماعي والثقافي لهؤلاء الطلاب؛ حيث
    عملية إعادة إنتاج بنية توزيع الرأسمال الثقافي، في إطار العلاقة القائمة بين استراتيجيات
    الأسر، والمنطق الخاص بالمؤسسة التعليمية 39 .Bourdieu, P., 1994, p)؛ حيث
    يعمل النظام المدرسي على طريقة «شيطان ماكسويل»؛ أي يعمل على «الحفاظ على النظام
    القائم، المتمثل في الفجوة الموجودة بين التلاميذ الحاصلين على كميات غير متساوية من
    الرأسمال «الثقافي 4 .Bourdieu, P., 1994, p ؛ فالنظام التربوي والتعليمي أولاً وآخرًا هو
    آلية اجتماعية يعتمدها النظام السياسي لإعادة إنتاج قوى الإنتاج، والقوانين والقيم الاجتماعية
    المفروضة من السلطات الاجتماعية؛ بغية تشكيل الأفراد وفق نماذج وقوالب تتوافق واحتياجاتها
    بالمنظور الفلسفي الألتوسيري (نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي لويس التوسير Althusser
    أو تجسيدًا للعلاقة بين السلطة وبين المعرفة بمفهوم الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو Michel
    Foucault ؛ وذلك لإعادة رسم خرائط القوة.
    "(L?
    يضاف إلى ذلك عدم التوازن في الالتحاق بالاختصاصات للأسباب المرتبطة بالرأسمال
    الثقافي نفسه، فضلاً عن الرأسمال الاجتماعي والطبقي، والانتماء الجغرافي والإتني والجنسي؛
    فعلى الرغم من ارتفاع معدلات التحاق الإناث بالتعليم العالي فهي معدلات تقارب معدلات
    الذكور - فإن ثمة فجوة بين الجنسين في مجال الاتجاهات التعليمية؛ حيث تتجه الفتيات إلى
    الاختصاصات الأدبية والإنسانية أكثر من اتجاههن إلى الاختصاصات العلمية والتكنولوجية؛
    أسوة بالذكور . ولئن بين العقدان السابقان أن هناك تحسنًا «على نحو إيجابي في اتجاه ردم
    الفجوة بين الجنسين في مجال العلوم الصحية وعلوم التكنولوجيا والرياضيات؛ إلا أن الاتجاه
    نحو العلوم البيولوجية والطبية مازال أقوى لدى الطالبات العربيات من الاتجاه نحو العلوم
    التكنولوجية والرياضيات. أما بعض المؤشرات الإيجابية التي تظهر في هذه الدولة العربية
    أو تلك، وفي فترات قصيرة؛ فلا يمكن تفسيرها على أنها انقلاب في السلوكيات؛ ذلك أنها لا
    تشمل الدول العربية كافة، كما أن قصورها على فترات زمنية محددة لا ينبئ بتغير مستدام في
    السلوكيات الاجتماعية العامة، أو في الذهنيات (كيوان، ف. 2017-2018، ص490).

  4. اكتساب المهارات
    أفضت الثورة الصناعية الرابعة التي انخرط العالم فيها إلى تركز الطلب على مهارات عالية
    وجديدة؛ لاعتمادها على قطاعات تكنولوجية ذات مكون معرفي يُعزّز الاقتصاد المعرفي؛ مثل
    الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد كوسيلة معتمدة للصناعة،
    والسيارات ذاتية القيادة، وغيرها؛ التي تتطلب مهارات مرتبطة بالتقنية. وإذا كانت مهارات العلوم
    والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تأتي في مقدمة المهارات التي سوف يشتد الطلب عليها في
    العقود المقبلة؛ فإن مهارات الحاسوب تُعتبر ضمن المهارات الأهم مهارات الحوسبة السحابية
    واستخراج البيانات، والتحليل الإحصائي، وبرمجة تطبيقات الأجهزة المحمولة)؛ حيث يُتوقع
    بحلول عام 2024 ؛ أن يتمتع المتقدمون بما يقرب من (73%) من الوظائف في مجالات
    العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (الإسكوا، 3/ 2019، ص 19)؛ هذا في الوقت الذي
    ماتزال فيه الفجوة الرقمية بين الجنسين في العالم العربي قائمة ؛ سواء في الوصول المتكافئ
    إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أم في استخدامها. وتكفي الإشارة مثلاً إلى أن الفجوة
    بين الجنسين في استخدام الإنترنت بلغت (17.3%) في عام 2017 ، متجاوزة الفجوة العالمية
    بنسبة (50%) (الإسكوا، 2020 ، ص (75) ، مع توشع في الفارق بين الجنسين في المنطقة، من
    (%17.4) في عام 2013، إلى (24.4%) في عام 2019 الإسكوا، 2020، ص217)، هذا
    فضلاً عن الفجوة على صعيد الأمية الرقمية؛ الماثلة بقوة؛ الأمر الذي يشكّل فجوات جديدة،
    لاسيما أن معايير الكفاءة المهنية التي كانت تُعتبر في السابق مزايا ذاتية؛ باتت اليوم عنصرًا
    رئيسيًّا في التنافس المهني.

  5. العمل
    بحسب التقديرات؛ يلزم البلدان العربية والبلدان المجاورة نحو 153 سنة لسد الفجوة الاقتصادية
    بين الجنسين، فيما تصل هذه المدة إلى 136 سنة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و 61
    سنة في أوروبا الغربية (الإسكوا، 2020 ، ص74) ، كما يُسجل في المنطقة العربية أدنى مستوى
    مشاركة اقتصادية للمرأة في العالم؛ فهو لم يتجاوز (25%) في عام 2014، مقارنة بمتوسط
    عالمي قدره (50%) ، فيما تزاول (38%) من النساء العاملات في المنطقة أعمالاً غير مستقرة
    (الإسكوا، 2020، ص(74) ، كما تؤكد مصادر أخرى أن معدلات بطالة المرأة في البلدان العربية
    في السنوات من 2014 حتى 2018 سجلت أعلى مستويات لها مقارنةً بمناطق أخرى في العالم
    راجع جدول رقم (2).
    وبطالة النساء كما بات واضحًا من خلال بحثنا - لا تخرج عن دائرة الفقر المحلي، وارتباطاته
    بالاختلالات البنيوية لاقتصادات غالبية البلدان العربية من جهة، وبمسألة تأنيث الفقر التي
    تكرست مع العولمة من جهة ثانية؛ إذ يصحب عولمة الفقراء عادةً ؛ تشكيل اقتصادات
    هذه البيانات المستقاة من التقارير المختلفة؛ تفيد في توضيح خارطة اللامساواة الاقتصادية
    المُضاعفة التي تعاني منها النساء في المنطقة ؛ لاسيما إذا ما أضفنا إلى ذلك ارتفاع نسبة
    العمل غير النظامي لدى النساء ؛ الذي يستقطب العاملات من شرائح عمرية مختلفة؛ بما
    ذلك صغيرات السن والقاصرات فضلاً عن خدمات الرعاية غير مدفوعة الأجر.
    من ناحية ثانية؛ تتراوح نسبة العمل غير النظامي لدى النساء في بعض البلدان العربية ما بين
    (%45) وأكثر من (75%) باستثناء القطاع الزراعي - من مجموع القوى العاملة (الإسكوا،
    2020: 18)؛ الأمر الذي يُعزّز انتشار الفقر أكثر بين العاملات فيه، لاسيما مع تزايد نسب
    النساء المُعيلات لأسرهن لأسباب مختلفة من بينها ارتفاع نسب الطلاق، والترمل بسبب
    الحروب والنزاعات والتهجير ؛ ذلك أن النساء في سن العمل يتعرضن عمومًا للفقر أكثر من
    الرجال ؛ عندما يكن مسئولات عن إعالة أطفال دون شريك يسهم في نفقات الأسرة؛ سواء في
    البلدان المتقدمة أم النامية (197). 2016-2015 Les femmes dans le monde).

  6. اللامساواة في نظم الحماية الاجتماعية والمعاشات
    تفتقر النساء لاسيما الفقيرات والمهمشات - إلى خدمات الحماية الاجتماعية؛ التي يغلب عليها
    في البلدان العربية طابع انتقائي؛ بسبب عدم شمول أنظمتها تأمينات ضد البطالة، أو أخرى
    لغير العاملين بأجر ؛ ما يعني عدم شمولها للنساء العاملات في القطاع غير النظامي؛ على
    الرغم من تمثيلهن لشريحة واسعة كما تبين آنفًا - لاسيما مع انخفاض المشاركة الاقتصادية
    للنساء ، وارتفاع معدلات البطالة بينهن ، هذا فضلاً عن غياب المعاشات التأمينية في حالات
    العجز والشيخوخة والوفاة، وغيرها من المخاطر المحتملة التي قد تعرّض المرأة الفقيرة والمهمشة
    إلى مزيد من الفقر والتهميش، وتُهدّد بتوريث الفقر للأبناء ؛ حيث لا يتجاوز متوسط إنفاق الدول
    العربية على الحماية الاجتماعية باستثناء الصحة - (2.5%) من الناتج المحلي الإجمالي
    الإسكوا ديسمبر 2019، ص12).
    أما نسبة النساء المشتركات في المعاشات التقاعدية؛ فهي أقل كثيرا من النسبة ذاتها لدى
    الرجال ؛ فهي تصل إلى ثلث النسبة السائدة لجميع العاملين ؛ في الجزائر، ومصر، وموريتانيا،
    والأردن والسعودية؛ إلا أنها ترتفع إلى النصف في السودان، وتونس، والكويت، وتقل عن
    (%11) في اليمن. بينما تصل نسبة المستفيدين من المعاشات التقاعدية إلى (62%) من
    المُسنين الرجال في مصر، وتصل إلى (8%) فقط بين المُسنات والنسبة المقابلة في الأردن
    هي (82) للرجال و (12%) للنساء ؛ مما يجعل احتمال تعرُّض النساء للوقوع في دائرة الفقر
    عند بلوغهن سن التقاعد أكبر مما هو لدى الرجال (الليثي، هـ، 2015 ، صص 11 12
    خاتمة: المخاطر المستقبلية
    ثمة مثلث يُشكّل الفقر والبطالة، وانخراط النساء في العمل غير النظامي أضلاعه الثلاثة؛
    إذ تلجأ العاملات في القطاع غير النظامي شأنهن في ذلك شأن جميع العاملين في هذا
    القطاع الذين هم خارج معظم نظم الحماية الاجتماعية - إلى اعتماد استراتيجيات تكيف فردية،
    غالبًا ما تكون باهظة التكلفة وقليلة الفعالية الإسكوا 2020 ، ص 18)؛ مما يُعمّق تهميشهن
    وفقرهن، يضاف إلى ذلك محدودية الفرص المتاحة أمامهن على صعيد التعليم النوعي والتدريب
    العالي، وسوى ذلك من الفرص المختلفة التي يتحكم بها الفقر ، بقدر ما تتحكم بها العادات
    والأعراف، والتقاليد الاجتماعية والثقافية عامة ؛ غير أن تفاعل أطراف هذا المثلث (أي الفقر،
    والبطالة، والعمل غير النظامي) التي يتغذى بعضها من بعض؛ على صلة شديدة ومتداخلة
    ببنية الاقتصادات العربية؛ بوصفها المحدّد الأساسي في إنتاج الفقر واللامساواة بين الجنسين؛
    بأبعادهما الاقتصادية والاجتماعية، وما يتبع ذلك من تهميش يطال النساء بشكل رئيسي.
    غير أن واقع الفقر واللامساواة والتهميش هذا ؛ قد يكون أسوأ مستقبلاً؛ حيث من المتوقع في
    ظل الثورة الصناعية الرابعة أن يحدث انخفاض كبير في مستويات الطلب على العمالة غير
    الماهرة بنسبة تتراوح ما بين (25%) و (50%) (...) فيما ستنمو مستويات الطلب على العمالة
    في مجالات إنتاج التقنية والهندسة والرياضيات والعلوم، والتحليل المنطقي والتفكير الإبداعي،
    وحل المشكلات؛ نظرًا لأن هذه الثورة التي تعتمد على المعرفة ورأس المال المستثمر في
    مجالات التقنية والابتكار والبحث والتطوير ؛ سينتج عنها زيادة في مستويات عدم العدالة في
    توزيع الدخول ؛ نظرًا لارتفاع العائد على رأس المال المعرفي والتكنولوجي، في مقابل تراجع العائد
    على العمل التقليدي والحرفي؛ خاصة فيما يتعلق بالعمالة غير الماهرة؛ التي لا تمتلك فرص
    النفاذ إلى التعليم القائم على المعرفة والتقنية المتطورة ( عبد المنعم ، هـ. ؛ قعلول،س.، 2018،
    ص28، هذا فضلاً عما تنبئ به التوقعات حول أزمة كورونا، وما يرافقها من أزمات اقتصادية
    لابد أن تطال غالبية بلدان العالم الغنية والفقيرة، النامية أو الصناعية المتقدمة، والتوقعات
    بتراجع معدلات النمو الاقتصادي للبلدان العربية للعام الحالي (2020) من حوالى (3.3%)
    قبل تفشي الوباء، إلى أقل من (2%) بعد تفشيه (منظمة العمل العربية، يوليو 2020، ص7)،
    وإمكانية وصول أعداد المشتغلين في الوطن العربي الذين ينتمون إلى أسر؛ تنخفض عن خط
    الفقر الدولي (1.9$ في اليوم إلى نحو 9.3 مليون مشتغل مقارنةً بنحو 7.6 ملايين مشتغل
    في الأوضاع الطبيعية، وبلوغ نسبة المشتغلين في الوظائف الهشة نحو 49.4 مليون مشتغل
    (منظمة العمل العربية 2020، ص3) ، وارتفاع الوظائف المُتوقع فقدها خلال الجائحة على
    مستوى الوطن العربي إلى 483.0 ألف وظيفة، مع توقعات بطالة على مستوى الوطن العربي
    لعام 2021 تصل إلى نحو 20.5 ملايين متعطل مقارنةً بنحو 15.3 ملايين متعطل، دون أن
    يكون هناك أي أحداث أخرى مضرة بالاقتصاد؛ أي بسبب الجائحة الوبائية وحدها التي ستتسبب
    في زيادة أعداد المتعطلين بنحو 5.2 ملايين منظمة العمل العربية، 2020، ص2).
    إذن في إطار هذه التوقعات كلها ؛ لنا أن نتخيل حجم الآثار السلبية التي ستطال النساء؛ لاسيما
    في ظل عدم المساواة التي يعانين منها أساسًا على الصعد كافة؛ حيث يغدو الوباء بتداعياته
    المختلفة لاسيما الاقتصادية منها - عاملاً إضافيًا في إفقارهن وتهميشهن؛ كونهن أساسًا الحلقة





الأضعف، وتقع عليهن تبعات بنية الاقتصادات العربية نفسها، وتحديات الاقتصاد الكلي، وما
يرافق ذلك من حروب ونزاعات ؛ غالبًا ما يشهدها عدد غير قليل من الدول العربية؛ بسبب
أوضاعه السياسية غير المستقرة.
والخلاصة الأساسية التي يفضي إليها بحثنا ؛ تتمثل في أهمية المُقاربة الكلية لواقع المرأة
العربية؛ بما يستتبع ذلك من سياسات وخطط اقتصادية اجتماعية شاملة وعادلة؛ كونها تسهم
في نهضة مجتمعاتنا، في الوقت الذي قد تفضي فيه المقاربات الانتقائية لمعالجة أي ظاهرة
بارزة شأن ظاهرة الفقر عامة، وفقر النساء خاصة التي تستهدف بؤرًا بعينها - إلى تحسين
الوضع الاقتصادي لبعض شرائح المجتمع ؛ لكن دون أن يُنبئ ذلك بعلاج مستدام لمشكلة الفقر
عمومًا، ولفقر النساء خصوصا.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

- دعت باكستان ط...

- دعت باكستان طاجيكستان لاستخدام ميناء كراتشي لتجارة الترانزيت حيث اتفق البلدان على تعزيز التعاون، و...

كانت العلاقة بي...

كانت العلاقة بين الإمبراطورية العثمانية وبريطانيا العظمى جيدة في القرن التاسع عشر، ولكن في أوائل الق...

سبق وأن قام وال...

سبق وأن قام والدي المؤرخ المرحوم (عبدالرحمن بن سليمان الرويشد) بتكليف من الأمير المرحوم فهد بن محمد ...

في علم النفس كا...

في علم النفس كان هناك صراع بين التحليل النفسي و العلاج السلوكي، حيث ركز كلاهما على البؤس والصراع، مع...

وأعظم الأسباب ل...

وأعظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَ...

Showing kindnes...

Showing kindness is a crucial human trait. When someone is facing hardship or difficulty, extending ...

بيان المهمة " ت...

بيان المهمة " توفير تعليم وتدريب عالي الجودة يحركه السوق ودعم ريادة الأعمال والبحث التطبيقي التعاوني...

مفهوم القيم في ...

مفهوم القيم في الفلسفة: يوجد اختلاف في النظر إلى القيم حسب المذاهب الفلسفية، وباعتبار المواضيع التي ...

الفصل 5: فورت ك...

الفصل 5: فورت كارون في الصباح بعد لقاءنا بالملك، عدت إلى فندقنا لاصطحاب روكسي، بينما بقيت زانوبا في...

ثانياً الأندلس ...

ثانياً الأندلس : المراد بلفظ الأندلس اسبانيا الاسلامية بصفة عامة اطلق هذا اللفظ في بادىء الأمر على ش...

We then identif...

We then identify the enabling technologies for the introduced 6G services and outline a comprehensiv...

‏1. Exporting: ...

‏1. Exporting: - In this initial stage, the firm starts selling its products or services in foreign ...