لخّصلي

مفهوم جودة الحياة
أولاً نشأة المفهوم:
ترجع جذور مفهوم جودة الحياة إلى الفلسفة اليونانية القديمة عند أرسطو حيث كان ينظر لهذا المفهوم من
خلال مفهوم السعادة فذكر أن جميع الأف ارد من العامة وأصحاب الطبقة العليا يدركون الحياة الجيدة بطريقة واحدة، وهي أن يكونوا سعداء.
كما يرجع استخدام مفهوم نوعية الحياة )Life Style( إلى عالم الاجتماع
والاقتصاد ماكس فيبر حيث أشار إلى هذا المفهوم عام 1915م فتناوله لوصف إداركالأفاردللاختياارتالمتاحةلهمفيالحياةالتييتوقفتحقيقهاعلىالفرص
التي تتاح لهم في المجتمع.
وت ازيد الاهتمام بمفهوم جودة الحياة بشكل واسع في النصف الثاني من القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية،فبعدمعاناةالشعوبوالأفاردمنويلاتالحروبوآثارهاالوخيمةأصبحالتركيزعلىتوفيرالظروف الاجتماعية والاقتصادية الجيدة وتحسين نوعية الحياة. وفي عام 1946م قدمت منظمة الصحة العالمية مفهوماً واسعاً وشاملاً للصحة، فعرفتها بأنها "حالة من الرفاهية الجسدية والعقلية والاجتماعية الكاملة وليس مجرد غياب المرض أو العجز". وعلى إثر هذا التعريف تقدم الرئيس الأمريكي بمبادرة لتحسين ظروف الحياة الاقتصادية
والاجتماعية.
وتم استخدام مصطلح جودة الحياة (Quality of Life) لأول مرة عام 1964م في خطاب ألقاه الرئيس
الأمريكي ليندون جونسون حين صرح أن "النمو والأهداف الاجتماعية لا تُقاس بمي ازن البنوك، وأن المجتمع لا يهتم بكمية السلع بل بنوعية وجودة حياة أفارده".
أولاً: نشأة المفهوم:
2
وفي بداية الثمانينات وصولاً إلى التسعينات من القرن الماضي، ومع الانتشار السريع لمفهوم الجودة وتأكيدها، وظهور جودة المدخلات والمخرجات، ودخول معايير الجودة وتطبيقها في العديد من المجالات: الصناعة والز ارعة والاقتصاد والسياسة والطب والعلوم والاجتماع والتربية وعلم النفس، كان أحد نواتج تلك الثورة زيادة الاهتمام
بدارسة مفهوم جودة الحياة في المجالات السابقة.
ثانيًا: تعريف جودة الحياة:
يصعب الاتفاق على تعريف محدد لجودة الحياة، وذلك لعدة اعتباارت أهمها:
 أن الباحثين والمهتمين بموضوع جودة الحياة في كل مجال من المجالات المعرفية المختلفة اعتبروا هذا المفهوم خاصا بهم وحك ار
ًً
عليهم، وعرفوه من وجهة نظرهم المتخصصة، ولذا ظهرت وجهات نظر متعددة وغير متفقة على تعريف محدد. فاستخدام المفهوم لا يرتبط بمجال معين من مجالات الحياة، بل هو موزع بين الباحثين والعلماء
على اختلاف تخصصاتهم واهتماماتهم البحثية.
 مفهوم جودة الحياة من المفاهيم المحيرة نظ ار لاستخدامه في كثير من المواقف المختلفة والمجالات المتعددة، ً
فيمكن أن يشير إلى الصحة أو السعادة والرفاه أو تقدير الذات أو الصحة النفسية، ويمكن أن يرتبط بمجالات مادية كالمستوى الاقتصادي والنفوذ الاجتماعي أو المهني. ولذا تتعدد مقاييس جودة الحياة ويصعب حصر المفهوم في بعد محدد.
 مفهوم جودة الحيااااااااة يتيير بتيير الزمن وتيير ظروف الفرد والمرحلة العمرية التي يمر بها، فالسااااااعادة (باعتبارها مهشاااااا ار مهما
ًً
لجودة الحياة) تحمل معا ٍن متعددة في المواقف المختلفة، فالمريض يرى الساااعادة في الصاااحة، والفقير يرى الساااعادة في المال، والطفل يرى السااااااااعادة في ل بة يحصاااااااال عليها. وهكذا تتيير مفاهيم جودة
الحياة مع تيير الظروف المحيطة بالفرد. لاتوجدنظريةمحددةلجودةالحياةينطلقمنهاهذاالتعريف،فمعظمالدارساتينقصهاالمنهجالواضحفي
قياس هذا المفهوم، مما جعل هذه الدارسات تتناول جودة الحياة دون تحديد تعريف إجارئي لها.
3
 مفهوم جودة الحياة تحدده بعض المتيي ارت الثقافية، مما يجعل هناك فروقاً في التعريف بين الثقافات المتعددة. فمثلاً مفهوم جودة الحياة في المجتمعات المتدينة قد لا يتوافق مع مفهومها في المجتمعات المتحررة.
ومع ذلك يمكن أن نورد مجموعة من أشهر تعريفات جودة الحياة فيما يلي:

1. تعرف منظمة الصااااحة العالمية جودة الحياة بأنها "إدارك الفرد لمركزه في الحياة في سااااياق الثقافة وأنساااااق القيم التي ي يش فيهااا، وماادى تطااابق (أو عاادم تطااابق) ذلااك مع أهدافه وتوقعاته وقيمه واهتماماته المتعلقة بصااااااااااااااحته البدنية وحالته النفسااااااااية، ومسااااااااتوى اسااااااااتقلاليته، وعلاقاته الاجتماعية، واعتقاداته الشخصية، وعلاقته بالبيئة بصفة عامة".


2. تعرف منظمة اليونسكو جودة الحياة بأنها "كل جوانب الحياة كما يدركهاالأفارد،وتشملإشباعالحاجاتالأساسيةالتيتحققالتوافق النفسي للفرد".
   ومن التعريفات الأخرى لبعض الباحثين والمتخصصين:


3. وعي الفرد بتحقيق التوازن بين الجوانب الجسمية والنفسية والاجتماعية للوصول إلى الرضا عن الحياة والاستمتاع بها.


4. درجة تلبية احتياجات الفرد النفسية والاجتماعية والعقلية والجسمية وفقاً لتقييم الفرد الذاتي لمستوى الخدمات المقدمة له في شتى مجالات الحياة وأثر ذلك على سعادته ورضاه عن حياته في سياق أنظمة وقيم المجتمع الذي ي يش فيه.


5. رضا الفرد عن نفسه، وعن أدائه، وإحساسه بمدى قدرته على التكيف مع الإمكانات المتاحة له، وعلى توظيفها واستثمارها في سبيل تحقيق توافقه النفسي وسعادته، واستشعاره بذاته كعضو فاعل في مجتمعه له حقوق وعليه واجبات.


6. القدرة على تبني أسااااااااالوب حياة يشااااااااابع الرغبات والاحتياجات لدى الفرد وعلى أرساااااااااها الخدمات التعليمية، والصحية، والاجتماعية، والنفسية، مع حسن إدارته للوقت والاستفادة منه.


7. الاستمتاع بالظروف المادية في البيئة الخارجية، والإحساس بحسن الحال، وإشباع الحاجات والرضا عن الحياة، وإدارك الفرد لقوى ومضامين حياته، وشعوره بالمعنى، إلى جانب الصحة الجسمية وإحساسه بالسعادة، وصولاً إلى عيش حياة متناغمة متوافقة بين جوهر الإنسان والقيم السائدة في مجتمعه.
   4
   ويلاحظ أن جميع التعريفات السابقة لجودة الحياة وإن اختلفت في متيي ارتها ومهش ارتها، إلا أنها إجمالاً مستمدة من تعريف الصحة العالمية لجودة الحياة. وبالرغم من أن عدم الاتفاق حول تعريف موحد لمفهوم جودة الحياة يعود إلى تعدد جوانبه، إلا أنه يظهر الاتفاق على أنه مهشر لإشباع الحاجات لتحقيق التوازن النفسي والرضا والاستم ارر
   في الحياة.
   وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم جودة الحياة يرتبط بمفاهيم أخرى متعددة منها الرفاه والسعادة والتفاؤل والرضا
   عن الحياة. فالسعادة تشير إلى حب الشخص للحياة التي ي يشها، واستمتاعه بها، وتقديره الذاتي لها. وترتبط
   السعادة ارتباطاً موجباً بالرضا عن الحياة. كما أن التفاؤل هو النظرة الإيجابية للحياة والإقبال عليها، والاعتقاد
   بحدوث الخير أو الجانب الجيد من الحياة، بدلاً من حدوث الشر أو الجانب السيء منها. أما مفهوم الرفاه فهو
   يشيرإلىالحالةالعامةللرفاهيةوالارحةوالرخاءوالسعادةالتييشعربهاالفردأوالمجتمع.ويقاسالرفاهمنخلال ُ
   مهشارتجودةالحياةالتيتشملالعواملالماديةوالمعنويةالمهثرةعلىالحياةاليوميةللأفاردوالمجتمعات،مثل جودة الخدمات الصحية والتعليمية والنقل والإسكان والبيئة والأمن والسلامة والحرية الشخصية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.ويهدفمفهومالرفاهإلىتحسينجودةالحياةللأفاردوالمجتمعاتوتوفيربيئةملائمةللنمووالتطور
   المستدام