لخّصلي

أولا الايجاب: السكوت لا يصلح كوسيلة للتعبير عنه لان الايجاب عرض و هذا يتطلب موقف إيجابي و يتخذه الموجب و السكوت موقف سلبي .
ثانيا بالنسبة للقبول: الأصل هنا هو عدم اعتبار قبول السكوت تعبيرا عن القبول .
: و ذلك لسببين ،أولا: السكوت لا يفيد بوضوح اتجاه الإرادة نحو غاية محدد فقد يكون سكوت الشخص لعدم انتباهه، أو لرفضه أو بنية الاستحسان او الموافقة و لذا فان السكوت لا يعبر عن قبول الايجاب ، و لذا فيقول فقهاء الشريعة الإسلامية "لا ينسب لساكت قول"

ثانيا: اعتبار السكوت قبولا ينتهى إلى إنفاذ التزام قانوني على جميع من يوجه إليه إيجابا ولا يروق له أن يقوم بالرد عليه بالرفض، ذلك الذي يؤدى إلى تحميل من وجه إليه الإيجاب عبء الرد وفي ذلك إرهاق واثم دون دافع و مبرر.

و بناء علي ذلك فالراجح في الفقه و القضاء أنه إذا عرض شخص على آخر إيجابا فسكت الموجه إليه الإيجاب، فالعقد في هذه الحالة لا ينعقد، حيث لا يستفاد من السكوت قبولا. ومن ثم لم يقترن القبول بالإيجاب، هذا حتى ولو أفصح الموجب مقدما في إيجابه أن سكوت الموجه إليه الايجاب يعد قبولا.

الاستثناء :السكوت يعد قبولا: لو كان هذا هو الأصل فى مسالة سكوت الموجه إليه الإيجاب ، سوى أنه قد يري المشرع ترجيح إشارة الموافقة على دلالة الرفض لاعتبارات جيدة ومحفزة خاصة ببعض الحالات ، أو قد تحيط بالعملية جميعها ظروف خاصة وملابسات ترجح دلالة القبول على دلالة الرفض ، وبالتالي فإن اعتبار السكوت قبولاً ، يكون هناك استثناء من هذه القاعدة في حالتين هما السكوت الموصوف و السكوت الملابس ، كما نصت عليهما في المادة ٩٨من القانون المدني المصري و هذا الاستثناء مبني علي القاعدة الشرعية السكوت في معرض الحاجة بيان و بالتالي يعد قبولا :
أ-السكوت الموصوف:
وهو السكوت الذى وصفه المشرع ذاته بأنه قبولاً لاعتبارات قدرها هو ترجيحا منه لدلالة القبول على الرفض ، ومثال علي ذلك ما جاء في المادة ( ٤٢١ ) مدنى مصري في البيع بشرط التجزئة ، إذا فاتت مدة التجربة للمبيع وسكت المشترى وظل محتفظاً بالمبيع عقب تجربته ، فيعد قبولاً للمبيع ولعقد البيع . ولا يحرم هذا الافراد من الاتفاق على اعتبار السكوت عن الرد لفترة محددة قبولاً في الإجراءات التي يجرونها بينما بينهم ، بحيث يؤدى فوات المدة دون الرد إلى انعقاد العقد وتحضير آثاره في حقهما ، ويكون السكوت موصوفاً هنا أيضاً ، اى موصوفاً بالقبول ، ولكن باتفاق الأفراد.

ب-السكوت الملابس:
هو السكوت لأذي لابسته و أحاطت و احدقت به ظروف خاصة ترجح دلالة القبول علي الرفض هذه المسالة تدخل في سلطة القاضي و لا يخضع لرقابة محكمة النقض ، و قد ذكر القانون لهذا السبب أيضا الظروف الملابسة المحيطة بالسكوت التي يستخلص منها القبول علي سبيل المثال و لا علي سبيل الحصر كما اشارت المادة٩٨من القانون المدني المصري علي حالات السكوت الملابس :
١-اذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين ، الذي يشير الي ان السكوت يعتبر قبولا ،و مثال علي ذلك كان يعتاد تاجر التجزئة علي التعامل مع تاجر الجملة اعتاد علي طلب سلعة معينة من تاجر و يسكت تاجر الجملة عند الطلب منه و هنا يستفاد من سكوته انه قبل ، فاذا فرض ان طالب تاجر التجزئة دفعة معينة من تاجر الجملة و سكت هذا الآخر كان الحق ان تاجر التجزئة ان يعتبر هذا السكوت قبولا بناد علي تعامل السابق بينهم و كان يجب علي تاجر الجملة ان يرد بالرفض اذا لم يكن لديه نية القبول .
٢-اذا كان العرف يجري علي اعتبار السكوت قبولاً ، و مثال علي ذلك ماجري عليه العادة لدي البنوك ان يتم ارسال كشف حساب الجاري لعملاتها ، فان العميل لم يعترض و سكت هذا يدل علي القبول بمعني اعتبر ذلك اعتمادا للحساب .
ان كانت طبيعة المعاملة تجرى علي اعتباره السكوت قبولا وطبيعة المعاملة يؤخذ في الاعتبار نمط التعاقد كأن يكون بيعاً ، أو ايجارا ، أو رهناً، أو كفالة . مثلما يؤخذ في الاعتبار خاصية المعاملة كأن تكون مدنية أو تجارية . ففي تعاملات بورصة الأوراق المالية يعد السكوت على الايجاب فترة محددة قبولا بالبيع.
٣-ذا كان الإيجاب يتمحض عن منفعة خالصة للموجه إليه. فهنا يعد سكوت الموجه إليه الإيجاب قبول، مثال ذلك أن يعرض شخص علي آخر إعارة شيء فسكت الموجه إليه العرض . فهنا يمكن اعتبار سكوته قبولا لأن الإيجاب يتمخض عن منفعة له.

وقضت محكمة النقض بإن كان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الفسخ فترة من الزمن رغم العلم بقيام موجبه لا يعتبر نزولا عن الحق، إلا أنه إذا اتخذ صاحب الحق مع سكوته موقفا لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته علي قصد النزول، كان هذا تعبيرًا ضمنيا عن إرادة النزول عن الحق عملا بالمادة ٩٠ من القانون المدني نقض ۸/ ١١ / ٢٠٠٠ طعن ٦٩١س ق ٦٨.