لخّصلي

يجنح الأطفال ـ في كثير من الأحيان ـ إلى طرح أسئلة قد تؤدي إلى : 1- دهشة للآباء والأمهات . 2- حوج للآباء والأمهات . مما يفضي إلى : 1- الاعتناء بتلك الأسئلة في حمالة الدهشة ، عبر تنميتها والاعتناء بسياقاتها ا 2- القضاء عليها في حالة الحرج ، عبر التحايل عليها لحظة انبثاقها وطمس معالمها مع الزمن بإزاء أسئلة الأطفال ؛ ثمة تساؤل حوف لبلورة حالتي : ١- الدهشة 2- الحرج .
وما يفضيان إليه من : 1- تنمية تلك الأسئلة . 2- تدمير تلك الأسئلة . متمثل ـ أعني التساؤل أعلاه ـ في الآتي : في أي أسرة تنشأ حالة الدهشة ؟ وفي أيها أسرة تنشأ حالة الحرج ؟ أو في أي أسرة يمكن أن يخلق سؤالا يطرحه الطفل حالة من الدهشة والانبهار لدى الأب والأم ؛ وبالمقابل في أي أسرة يمكن أن يخلق سؤالا يطرحه الطفل حالة من الحرج لدى الأب والأم ؟ قبل ذلك ، ما هي طبيعة تلك الأسئلة ؟ وكيف تنشأ ؟ ولماذا ؟ وأي مآلات لها ؟ ابتداء من اللحظة الأولى التي تم تأريخها علميا بـ الانفجار الأعظم The Big Bang قبل 15 مليار سنة ، وصولًا إلى حظتنا الراهنة إذ يسيطر جنسنا أو ما اصطلح عليه علميا بـ الإنسان العاقل Homo Sapiens منذ ما يقارب الـ 30 ألف سنة ( 1 ) على كوكب الأرض ، نمت شجرة هائلة من المورثات : 1- البيولوجية . 2- الثقافية ، التي ( جمعت فصلت ) بني البشر عن بعضهم البعض . فاختلفت الأعراق والألوان والأجناس والألسن
والحضارات والعلوم والمعارف ، ونشأت مجتمعات كثيرة ومتعددة ، لديها مشتركات عديدة مع غيرها من المجتمعات ، ولديها الختلافات عديدة أيضا مع : تلك المجتمعات . فالمجتمع الأشوري القديم ( متفق / مختلف ) عن المجتمع الياباني الحديث في كثير من النقاط . وبرأيي أن درجة ( الاتفاق / الاختلاف ) بين مجتمع وآخر تنطلق من تعريفات تلك المجتمعات لثلاثية : 1- الإله . 2- الإنسان . 3- العالم . وتقاطعات تلك الثلاثية مع ثلاثية : 1- الأشخاص . 2- الأفكار . 3- الأشياء . أو المحددات المعرفية العالم المعقولات وتمثلات تلك المحددات في عالم الماديات . أو المنطلقات المعرفية في تعريفثلاثية : 1- الإله . 2- الإنسان . 3- العالم . على المستوى اللهني . ومآلات تلك التعريفات على : 1- الأشخاص . 2- الأفكار . 3- الأشياء . في الواقع العملي . وبرأيي ـ مرة أخرى ـ أن جميع الأسئلة التي يسألها الكبار والصغار ، الأطفال والحكماء ، الفلاسفة والعلماء ، وجميع الأجوبة التي يقترحها الناس صغيرهم وكبيرهم ، جاهلهم ومتعلمهم ، تدور حول واحدة ـ يمكن أن تزيد وفقا لاعتبارات شتى من أهمها الاشتغال المعرفي ـ من تلك السداسية ، سواء أكانت على المستوى الذهني أو المستوى العملي . وعليه ، فأسئلة الأطفال ـ موضوعنا في هذا المقام - تندرج بداية حول واحدة من ثلاثية : 1- الإله . 2- الإنسان . 3- العالم . أو ثلاثية : 1- الأشخاص . 2- الأفكار . 3- الأشياء . وقد يكون ثمة سؤال من الأسئلة التي تطرح جامعا لأكثر واحدة من هاته المبادئ . أي أن طبيعة تلك الأستالة أو ماهويتها تدور ح ر حول مبدأ من المبادئ التأسيسية التي يقوم عليها معمار الوجود الإنساني . لكنها طبيعة أو ماهوية ضبابية إلى حد ما ، لسببين : 1- استادها إلى خبرات غير واعية في النفس الإنسانية
فالطفل حامل ـ منذ لحظة ولادته ـ لصفات جينية تجعله يندمج في مشتركات مع بقية الجنس البشري ، فهو يجوع مثلهم ويعطش مثلهم ويكافح للبقاء على قيد الحياة مثلهم ، وعادة_بما أنه لا يملك وسائل أخرى تحديدا في الفترات الأولى لولادته ـ ما يستخدم أداة البكاء لتنبيه أمه أو مربيته أو من هم حوله إلى ضرورة إطعامه أو إشرابه أو تنظيفه أو معالجته ... إلخ . لكن الملاحظ أن مثل هذه الخبرات لا تجد لها تأطيرا واعيا ، أي أن الفرد لا يدخل في حالة تشذيب لخبراته اللاواعية إلا عبر تجرية الوعي إذ يستفيد مع الزمن من خبرات الآخرين في هذا المجال ، بما فيها المحددات التي يحددها المجتمع للتعامل مع تلك الخبرات في المجال العام . ولأنها كذلك ، فإنها : 2- تثيثق بطريقة فجائية ، فالطفل لا يعرف ما هي الضوابط الاجتماعية التي تحدد له ما هي الصيغة الأمثل والأسلم التي تؤمن له الإطار النهائي لأسئلته التي يجب أن يسألها ، وتلك التي يجب أن يخلق فمه ـ قبل ذلك عقله ـ عنها فلا يعاود السؤال عنها . وعليه ، أني لأنها غير واعية ابتداء وتنبثق بطريقة فجائية من ثم ، فإن المجتمعات تتعامل بحيور ورضا وضحك حتىمع أسئلة الأطفال في المرة الأولى . لكن في حال تكرار أسئلة يعينها ـ تحديدا تلك التي تتجاوز مثاليات المجتمع وطهاراته التي يصطلح عليها بالتقادم ـ تنبثق الفروقات الثقافية بين المجتمعات ، لتحدث حالة : 1- الدهشة من أسئلة الأطفال لدى البعض ، أو تحدث حالة ؛ 2- الحرج من أسئلة الأطفال لدي البعض الآخر . إذا ، تنشأ أسئلة الأطفال : 1- بطريقة غير واعية ، استجابة لتراكم المورثات البيولوجية والثقافية ، وانتقالها إلى الطفل جيلا إثر جيل لكن بطريقة مشوشة وغير منظمة ، مما يفضي إلى انبثاق الأسئلة : 2- بطريقة فجائية تخلو من أي نية مضمرة للذهاب باتجاه إجابات بعينها ، يريدها الطفل تحديدا دون غيرها ، بل تبقى معلقة برسم من يحيطون به ، والآلية التي يتعاملون بها مع تلك الأسئلة . فالطفل إذ يسأل فإنه يسأل استجابة لنداء غير واع من جهة وغير زمني من جهة ثانية . فهو يتدرج ـ من لحظة ولادته وصولا إلى عمر السنتين ـ وفقا لتقسيات جان بياجييه ( 2 ) Jean Biage