لخّصلي

خالد بن الوليد بن المغيرة، رضي هللا عنه، هو أحد الصحابة الجليلين وقائد عسكري
ُو بارع في تاريخ لد في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية، وكان جز ًءا من قبيلة
اإلسالم.
قريش. وقبل أن يدخل اإلسالم، كان يعتبر واحدًا من أعظم المحاربين والفرسان في
قوات قريش.
عندما دخل اإلسالم، كان له تأثير كبير في دفع الدعوة اإلسالمية، وشارك في معظم
المعارك الهامة التي وقعت في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تميز بشجاعته وحنكته العسكرية
في مثلث أحد ومؤتة والخندق وغيرها من المعارك الهامة. بفضل إسهاماته الكبيرة،
أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم لقب "سيف هللا المسلول"، أي "سيف هللا المسلط"، تقدي ًرا
لبطولته وشجاعته في سبيل هللا. بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، شارك خالد بن الوليد في
فتوحات اإلسالم وأسهم في نجاحها. وقاد الجيش المسلم في معركة مؤتة بعد وفاة
النبي، حيث أثبت جدارته كقائد عسكري بارع. ومع ذلك، تعرضت شخصية خالد بن
الوليد لبعض الشبهات واالنتقادات من بعض األشخاص. بعض هذه الشبهات تتعلق
بقراراته في بعض المواقف والمعارك، ولكن يجب فهم هذه القضايا في سياق زمني
وتاريخي محدد. وتوجد تفسيرات وردود على هذه الشبهات قدمها علماء اإلسالم
والتاريخ. يُعتبر خالد بن الوليد رضي هللا عنه من القادة العظام في تاريخ اإلسالم،
وتظل إسهاماته وفضله معترف بها ومحفوظة في التاريخ اإلسالمي.
-دور خالد بن الوليد -رضي هللا عنه- في الفتوح وإعالء كلمة هللا
خالد بن الوليد بن المغيرة، رضي هللا عنه، كان من بين الصحابة الذين اعتنقوا
اإلسالم وشاركوا بفخر في العديد من المعارك الهامة التي وقعت في حياة النبي محمد
صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. شارك خالد في خمس معارك رئيسية، حيث برزت شجاعته وحنكته
العسكرية:
معركة مؤتة: بعد استشهاد ثالثة من قادة المسلمين في معركة مؤتة، تولى خالد بن
الوليد قيادة الجيش. استخدم حنكته العسكرية للحفاظ على وحدة الجيش اإلسالمي،
ونجح في الحفاظ على استقرار الوضع.
فتح مكة: شارك بدور بارز في فتح مكة، حيث عينه النبي صلى الله عليه وسلم قائدًا إلحدى
المجموعات األربع التي دخلت المدينة. وبحسب توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، كان خالد يدخل
مكة من الجنوب باتجاه الشمال.
مشاركة في غزوة حنين: شارك في معركة حنين وكان في مقدمة المسلمين. على
الرغم من أنه أصيب بجراح بليغة، إال أنه استمر في القتال حتى تحقيق النصر
للمسلمين.
سرية إلى أكيدر بن عبد الملك: أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية إلى أكيدر بن عبد الملك،
النصراني من دومة الجندل. نجح خالد بن الوليد في نصب كمين وأسر أكيدر، وتم
التفاوض على دفع الجزية معه
دور خالد بن الوليد في معركة مؤتة
خالد بن الوليد بن المغيرة، رضي هللا عنه، تولى قيادة جيش المسلمين بعد استشهاد
القادة الثالثة الذين عينهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب،
وعبد هللا بن رواحة، رضي هللا عنهم جميعًا. قبل وفاتهم، نعى النبي صلى الله عليه وسلم هؤالء القادة
ِصي َب، األبرار للم : "
ُ
ٌر فَأ
َج ْعفَ
َّم أ َخذَ
ِصي َب، ثُ
ُ
َزْيدٌ فَأ
أ َخذَ ال َّرايَةَ
سلمين في المدينة، قائالً
َسْي ٌف ِمن ُسيُو ِف ََّّللا،ِ حتَّى
ِن: حتَّى أ َخذَ ال َّرايَةَ
ِرفَا
ِصي َب و َعْينَاهُ تَذْ
ُ
َحةَ فَأ
َّم أ َخذَ اب ُن َرَوا
ثُ
فَتَ " )رواه البخاري(. َح ََّّللاُ عليهم
بعد وفاة هؤالء القادة، كانت على خالد بن الوليد رضي هللا عنه المسؤولية لقيادة
الجيش المسلم في معركة مؤتة. رغم المصاعب والظروف الصعبة، نجح خالد
ببراعة في تنظيم الجيش وتنفيذ خطة فعالة، وبذلك حافظ على وحدة الجيش
اإلسالمي.
دور خالد بن الوليد في فتح مكة
يوم فتح هللا مكة، وبينما كان النبي محمد صلى هللا عليه وسلم يدخل المدينة المقدسة
بعد أن أخضع هللا لها ودخلها بسالم، كانت لحظة فارقة تعبر عن تواضع ورقي
الرسول صلى هللا عليه وسلم. حينما وقف أمام األصنام التي كانت تعبدها المشركون
في مكة، لم يتكبر ولم يجبر نفسه كما يفعل المتكبرون، بل ن َّكس رأسه ودمعت عيناه.
رغم فتح مكة وتحقيق النصر العظيم، كان النبي يظهر التواضع والتضرع أمام هللا.
في هذا السياق، تألق القائد العسكري خالد بن الوليد، الذي كان يقود الكتائب المسلمة
بشجاعة. في موقف فريد، قاد خالد هجو ًما ملفتًا على الكفار في معركة الخندمة. قابله
الكفار بجيش ضخم أرادوا به صده، لكن خالد اتسم بالدهاء والتكتيك العسكري الرائع.
فقد تظاهر بالهزيمة وانسحب إلى الصحراء، وعندما ظن الكفار أنهم فازوا، عاد خالد
بقوته وهزم الكفار بشدة.
هذا اإلنجاز البارز يظهر بوضوح قدرة خالد بن الوليد على قيادة وتنظيم القوات
المسلمة ببراعة، وكانت مشاركته الفعّالة في هذه المعركة جز ًءا من سلسلة انتصاراته
المتتالية.
ظهر هذا السياق الديني والتاريخي أن التواضع والتضرع كانت سمة من سمات النبي
محمد صلى هللا عليه وسلم، وأن أمثال خالد بن الوليد رضي هللا عنه كانوا يتبعون
نهج الرسول في التواضع والتسامح حتى في اللحظات الفارقة من النصر واالنتصار.
دور خالد بن الوليد في غزوة حنين
في معركة حنين، كان خالد بن الوليد رضي هللا عنه في طليعة جيش المسلمين. خالل
هذه المعركة، فاجأت قوات هوازن المسلمين بالهجوم والكمائن في المضايق ومداخل
الطريق، مما أدى إلى إصابة خالد بجروح إلى جانب غيره من المسلمين.
وعلى الرغم من إصابته، لم يتردد خالد في النهوض والمشاركة في القتال مع
المسلمين. قاد الهجوم على فلول العدو المنهزم وساهم في تحقيق االنتصار. بعد
هزيمة هوازن، استدعاه النبي صلى هللا عليه وسلم ليكون طليعة لجيش المسلمين في
مواجهة القوات الطائفية في غزوة الطائف.
خالل غزوة الطائف، كان خالد بن الوليد رضي هللا عنه رأس حربة المسلمين،
وساهم بشكل بارز في استمرار النصر وتحقيق االنتصارات. هذه المشاركة الفعّالة
لخالد بن الوليد تعكس شجاعته وقيادته البارعة في الساحة العسكرية، وكانت إحدى
اللحظات البارزة في مسيرته العسكرية المتألقة.
دور خالد بن الوليد في سرية إلى أكيدر بن عبد الملك
َكْيِدِر دُو َمة، وكانت هذه السرية
ُ
خالد بن الوليد رضي هللا عنه شارك في سرية إلى أ
جز ًءا من أحداث غزوة تبوك في شهر رجب من سنة تسع من الهجرة النبوية. النبي
َكْيِدَر بن عبد
ُ
صلى هللا عليه وسلم قرر إرسال خالد بن الوليد رضي هللا عنه لدعوة أ
الملك، النصراني الذي كان يملك دومة ومنطقتها.
قبل أن يرسل خالد، أخبره النبي صلى هللا عليه وسلم بأنه سيجده يصيد البقر، وهذا
ُخبر بها النبي صلى هللا عليه وسلم. خرج
كان جز ًء خالد بن ا من المعجزات التي أ
ُ الوليد َكْيِد ُر يصطاد البقر.
مع فريق من المسلمين في ليلة مظلمة حيث كان أ
ُ
َر بعد أن اكتشفوا وجود أ ، قاد
َكْيِد خالد المسلمين في مطاردة، وفي المعركة التي
َكْيِدر، جرى تنظيم محكمة حيث
ُ
َكْيِدَر وأسروه. بعد االستيالء على أ
نشبت، قتلوا أ ًخا ألُ
تم التوصل إلى اتفاق ينص على دفع جزية وتحقيق المصالحة.
بعد إطالع النبي صلى هللا عليه وسلم على األحداث، حقق خالد بن الوليد فو ًزا
َكْيِد ُر هدايا للنبي صلى هللا عليه وسلم، وكان من
ُ
َكْيِدَر باإلسالم. قدم أ
ُ
دبلوماسيًا بإقناع أ
من ِسيَ َراء وغيرها. تجسدت هذه السرية كمثال على الحكمة والدبلوماسية
ضمنها ُجبَّةٌ
في نشر دعوة اإلسالم وتحقيق المصالح بشكل سلمي.