لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

استفسرَ المُفَتِّشُ مِنْ فلّاحٍ كانَ الشّارعِ عنِ المدرسةِ. كانَتِ الشّوارعُ مَليئةً بالمَطَبّاتِ وَالطّينِ، وَتسرَّبَ إليها كثيرٌ منَ المياهِ النّازحةِ مِنَ البيوتِ الطّينيّةِ. فما كانَ منَ المفتّشِ إلّا أنْ سارَ عَبْرَ دَرْبٍ رَطْبٍ بَيْنَ حَقْلَيْنِ. وعلى بُعْدٍ بَصُرَ بسائقِ دراجةٍ متّجهًا ناحيتَه، وما إنِ اقتربَ مِنْهُ حَتّى تَوقّفَ سائِقُ الدّراجةِ، وَنزلَ عنها قبلَ أنْ يَقِفَ باحترامٍ لَهُ:
- أترَى شَجَرةَ الشّيشامِ تِلْكَ. قالَ الدَّرّاجُ مُشيرًا إلى شَجرةٍ بَعيدةٍ. وَغمرَتِ القرويَّ موجةٌ زَهْوٍ إذْ إنَّهُ قُدِّرَ لَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَ العَوْنِ إلى سَيِّدٍ جَليلٍ مِنَ المدينةِ، إِذْ تخيّلَ نفسَهُ وَمُديرَ المدرسةِ وَطُلّبَها أَوْ أيَّ عابرٍ قَرويٍّ ينظرونَ إليهِ وهوَ بِصُحبةِ ذلكَ الباشا. لقد أضحَتْ عَمليّةُ البَحْثِ عنِ المَدارسِ عبرَ القطاعاتِ استنزافًا لِصَبْرِه وَجلَدِه، في المُدنِ القَذِرةِ والأقاليمِ النّائيةِ والمراكزِ المُثقلةِ بالدُّخانِ والغُبارِ، وفي القُرى النّائيةِ حيثُ الطُّرقاتُ ضَيّقَةٌ لايمكنُ لِسَيّارتِه «الجيبِ » أنْ تسيرَ عَبْرَها. لكنَّ الأمرَ لمْ يكنْ بهذهِ السّهولةِ، فكُلُّ مَدرسةٍ كانَتْ منبعَ وَجَعٍ مَحْضٍ؛ ما الّذي بوَسْعِهِ أَنْ يَعَملَهُ؟ تَوصياتٌ وَتَوصياتٌ تَرفضُها إِدارةُ التَّخطيطِ والتَّنميةِ تِلْكَ الّتي تُخَطّطُ قليلً وَتُطوِّرُ أَقَلَّ مِنَ القليلِ!. فيما كانتِ الحشراتُ تَطيرُ فوقَهُ أَوْ تزحَفُ على سَطْحِهِ، وعندَما دَنَيَا منها ارتفعَتْ فجأةً وقد علا طَنينُها. وَروّحَ مُفَتِّشُ المدارسِ على وجهِهِ طاردًا إيّاها فيما كانَ الفَلّحُ يسيرُ دافِعًا دَرّاجتَه بِخُطواتٍ واسِعَةٍ رشيقةٍ، وأجراسُها تَهْتِكُ أستارَ السُّكونِ. وَوَجَدَ المُفَتِّشُ صعوبةً في السَّيْرِ بمحاذاتِهِ. وَمَرّا بحَقْلِ ذُرَةٍ في أكوازِها لمّا تَزَلْ، وَخَلْفَ الحَقْلِ سَمَقَتْ شَجَرةُ «الشّيشامِ !»
كانَتْ شَجرةً ظليلةً على حافّةِ حَقْلٍ حُرِثَ مُنتظِرًا طَوْرَ نَثْرِ البذورِ، قبلَ حَرْثِ الأرضِ على أقلِّ تقديرٍ!
- ثُمَّ؟
إِنَّ المُعَلِّمَ ينقلُها معَهُ، وأنّى ذَهَبَ ارتحلَتْ معَهُ. أنتَ. فظلَّلَهما بيديهِ، ونظرَ إليهما:
- أينَ المدرسةُ يا صاحِ؟ هُنا أستاذٌ منَ المدينةِ ليراها. لقد رأيتُهم على ما أظنُّ مُتَّجهينَ إليه هذا الصباحِ. كانَ حقلُ القَصَبِ كثيفًا غَنيًّا بالمحصولِ، وحمراءَ داكنةٍ، وَنَظَرا حَوْلَهُما. باتَ الأمرُ مُمِلًّ. - رُبَّما كانَتْ في النّاحيةِ الأُخرى!
- اسمعْ! اذهَبْ أنتَ وَتَحَرَّ عَنْ ذلكَ، وعندَما تَجِدُ المدرسةَ أَخْبِرْني. وَطرحَ الرّيفيُّ دراجتَهُ جانبًا، أمّا مُفَتِّشُ المدرسةِ فقدْ جَلَسَ مُجيلً بَصرَهُ في الأرضِ السّمراءِ، وقد تفاوتَتْ دَرَجاتُهُ وظلالُهُ حتّى إذا ما لامسَ طرفَ السّماءِ كانَ في أَوْهاها. وَلَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ غَيْمَةٌ في السّماءِ. وَحَلّقَتْ بعضُ الحِدَأِ عاليًا في كَسَلٍ فيما عبَرَتْ فوقَهُ عَصافيرُ جَذْلى مُترنِّمةٌ. لابُدَّ وَأَنْ يفعلَ شيئًا فيما يَختصُّ بذلك! إنَّه يجلسُ في مكتبِهِ، ويجلسُ في سَيارتِهِ الجيبِ، بالجلوسِ في الكُرسيِّ الوحيدِ في المدارسِ الّتي يزورُها 5. - لقد وَجَدْتُها!
على أنَّ مُفَتِّشَ المَدارسِ تَردّدَ لوهلةٍ، قد يتعرّضُ للسّرقةِ في ذلكَ الحقلِ الكثيفِ ولا شاهِدَ هُناكَ. ورؤوسُ القصبِ الخضرُ تُجَرّحُ يدَيهِ ووجهَهُ. وَثنى ذراعَيه فوقَ رأسِه، وتبِعَ السّوقَ المهتزّةَ المُفْعَمةَ بالضّجيجِ حتّى وصلَ إلى وسطِ الحقلِ، وهناكَ. وفي بُقعةٍ قُصَّتْ أعوادُ القصبِ فيها فبدَتْ ملساءَ، لم يكنْ تحتَهم بساطٌ يقيهم صلابَةَ الأرضِ. كانَ الهدوءُ يلفُّهمْ برداءٍ يبعثُ الرّاحةَ في النّفوسِ، واهتزّتِ الرّؤوسُ جماعيًّا في مُحاولةٍ لِحفْظِ جداولِ الضّربِ فيما انحنى قِسْمٌ منهم على ألواحِهمْ يستذكرونَ ما دُوّنَ فيها. ودُعّمَتْ أطرافُه بشرائحَ حديديّةٍ ثُبِّتَتْ فيه بمساميرَ، ونهضَ مُعلّمُ الصّبيانِ فجأةً وقدَمُهُ تبحثُ
- وقوفْ! صاحَ المرشدُ آمرًا بالإنجليزيّةِ. وَهَبَّ التَلاميذُ وقوفًا. ماسحينَ ما عَلِقَ بظهورِهمْ من غُبارٍ. واستغرقَ المعلّمُ بعضَ الوقتِ كيما يتمالَكُ نفَسَهُ فقدْ أذهلَهُ حضورُ المُفَتِّشِ، ونفضَ الغُبارَ عنِ الكرسيِّ الّذي ترأَّسَ به طلبتَهُ، صاحَ المعلّمُ!
وابتلعَ المعلّمُ ريقَهُ بصوتٍ مسموعٍ:
- نعمْ سيّدي. - منَ المُقرَّراتِ. قالَ ذلكَ قبلَ أنْ يُسَلِّمَ المُفَتِّشَ مجموعةً منَ الكتبِ المُغبرّةِ الرّثةِ كانتْ تحتَ رجْلِ
الكرسيِّ. طالبًا أنْ يقرأَ. - كمْ فصلً لديكَ هُنا؟
وتبيّنَ للمُفَتِّشِ أنّ ما خالَهُ مجموعةً واحدةً كانت في الواقعِ سِتًّا!
سَيّدي! قالَ المعلّمُ مُشيرًا بعصاه. قالَ المُفَتِّشُ آمرًا أحدَهُمْ. لَمْ يُخطىءِ البتّةَ، وبدا جليًّا أنّ المُعَلِّمَ قدِ استردَّ كثيرًا من ثقتِهِ بنفْسِه تبعًا لذلكَ. - اسألْ فصلً آخرَ، وطلبَ المُفَتِّشُ منَ الفصلِ الثّاني إجراءَ بعضِ عمليّاتِ الجَمْعِ فأتمَّها معظمُهم بطريقةٍ صحيحةٍ. وقرأَ طالبانِ منَ الفصلِ الأوّلِ الحروفَ الأبجديّةَ دونَ خطأٍ بالطّريقةِ الإيقاعيّةِ الّتي ساعدَتْ على إجادتِها صمًّا، أَوْ كانَ
ضمنَ المقرّرِ، وهو مايشكُّ فيهِ فذاكَ أروعُ. - وقوفْ. أمّا المعلّمُ فتبعَهُ حاملً عصاهُ. ستتحدّثُ القريةُ وما جاورَها عن ذلك الحدثِ أيّامًا عدّةً. لِمَ لا تفعلُ؟
- كلّ. لا أحدَ يرضى أنْ يُعطيَنا غرفةً واحدةً سيدي! إنّهم لايريدونَ مدرسةً هُنا، لقد أوضحوا ذلك مرّاتٍ عدّةً، إِذْ إنّ كثيرًا منهمْ يرونَ في التّعلّمِ مضيعةً لأوقاتِ الأولادِ الّذينَ يعتقدونَ بأنّ عليهم إزجاءَ الوقتِ في عملٍ نافعٍ مفيدٍ بدلً منَ اللّهوِ الدّراسيِّ!
وبأنّه حريٌّ بهمْ أنْ يساعدوا آباءَهمْ في الحقولِ ورعيِ الماشيةِ - لكنَّ السّيّدَ «شادري علي محمّد » الزّعيمَ. هوَ الوحيدُ الّذي ينظرُ إلينا بعينِ التّفهُّمِ والعطفِ ياسَيّدي! إنّه يدركُ الأهميّةَ القصوى للتّعليمِ، لكنّهُ منحَنا ظِلَّ شجرةِ الشّيشامِ الّتي يملكُها لنتفيّأَهُ طوالَ المَوسمِ، حتّى حَلَّ أوانُ حَرْثِ أرضِها، - نعمْ، سَيّدي، سَيّدي، واستغرقَ العملُ منّا أيامًا ثلاثةً، حتّى طلبةُ الفصلِ الأوّلِ عملوا معنا بكلِّ دَأَبٍ منَ الثّامنةِ صباحًا حتّى صلاةِ المغربِ، وبعدَها كانَ لزامًا أنْ نتوقّفَ عنِ العملِ لحلولِ الظّلامِ. لقدْ قالَ السّيّدُ «شادري » إنّ علينا أَنْ نُثَمِّنَ التّعليمَ، ونقدّرَهُ، كانَتْ ثَمّةَ دموعٌ تترقرقُ في مُقلتَيهِ، واعتمرَ عِمّتَهُ ثانيةً، ثُمَّ نظرَ إلى البعيدِ مُشيحًا ببصرِهِ، وَشَرعا يمشيانِ جَنْبًا إلى جَنْبٍ؛ غُرفةٌ واحدةٌ فقطْ!. فإنْ لم تكنْ غُرفةً فقطعةٌ صغيرةٌ منَ الأرضِ وسوفَ نبنيها. سَيّدي، وبأنّه لا أحدَ يرغبُ في وجودِ مدرسةٍ هُنا، هناكَ أرضٌ في النّاحيةِ المهجورةِ منَ القريةِ سوفَ أكونُ سعيدًا بإنشاءِ مدرسةٍ هناكَ، لكنَّ مُراقبَ المدارسِ كانَ يلوذُ بالصّمتِ! صَمْتٌ مُطبِقٌ رهيبٌ! يكادُ يرى الاقتراحَ يرُفضَُ 9. هو واثقٌ مِنْ ذلكَ؛ إِذْ إنّ الحكومةَ لمْ تكنْ تسمحُ بتخصيصِ أرضٍ لمدرسةٍ ابتدائيّةٍ. فكيفَ سيتغيّرُ ذلك الآنَ؟ القانونُ هوَ القانونُ. قطعةُ أرضٍ صغيرةٌ. كَمْ مِنَ المعلمينَ كانوا بمثلِ إخلاصِ هذا المعلّمِ وتفانيهِ! كَمْ منهمْ كانَ يهتمُّ بذلكَ؟ وَكَمْ منهمْ كانَ بإمكانِه مواجهةَ لامبالاةٍ كهذهِ؟ كلّ لَمْ يستطعِ استرجاعَ حالةٍ واحدةٍ طيلةَ سِنيِّ عملِه الثّلاثِ.


النص الأصلي

استفسرَ المُفَتِّشُ مِنْ فلّاحٍ كانَ الشّارعِ عنِ المدرسةِ. آهِ.. أَجَلْ هُنا مدرسةٌ في مكانٍ ما.. وأعتقدُ أنّها خارجُ القريةِ. وأشارَ بإصبعٍ مُشَقّقةٍ طلاها الغبارُ إلى الطريقِ الطّالعِ منَ القريةِ.


كانَتِ الشّوارعُ مَليئةً بالمَطَبّاتِ وَالطّينِ، وَتسرَّبَ إليها كثيرٌ منَ المياهِ النّازحةِ مِنَ البيوتِ الطّينيّةِ.. فيما اتّشحَتْ أُخرى سَلِمَتْ مِنَ الماءِ -بالغُبارِ- وانتهَتْ تلكَ الشّوارعُ فجأةً حيثُ بدأتِ الحقولُ، فما كانَ منَ المفتّشِ إلّا أنْ سارَ عَبْرَ دَرْبٍ رَطْبٍ بَيْنَ حَقْلَيْنِ.
وعلى بُعْدٍ بَصُرَ بسائقِ دراجةٍ متّجهًا ناحيتَه، وما إنِ اقتربَ مِنْهُ حَتّى تَوقّفَ سائِقُ الدّراجةِ، وَنزلَ عنها قبلَ أنْ يَقِفَ باحترامٍ لَهُ:



  • أينَ المدرسةُ؟

  • المدرسةُ؟

  • أَجَلْ!

  • أترَى شَجَرةَ الشّيشامِ تِلْكَ. قالَ الدَّرّاجُ مُشيرًا إلى شَجرةٍ بَعيدةٍ. إِنّها تحتَها.

  • هَلْ بإمكانِكَ أَنْ تأتيَ معي فَتُريَني إيّاها؟
    وَغمرَتِ القرويَّ موجةٌ زَهْوٍ إذْ إنَّهُ قُدِّرَ لَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَ العَوْنِ إلى سَيِّدٍ جَليلٍ مِنَ المدينةِ، وَأعلنَ على الفَوْرِ موافقتَه. وَشعرَ بالفَخارِ يُكلِّلُ هامتَهُ تارةً أُخرى، إِذْ تخيّلَ نفسَهُ وَمُديرَ المدرسةِ وَطُلّبَها أَوْ أيَّ عابرٍ قَرويٍّ ينظرونَ إليهِ وهوَ بِصُحبةِ ذلكَ الباشا..
    شأنُهُ لاشَكَّ سيعلو في قريتِهمُ الغافيةِ.. وَأحسَّ لذلكَ بِشَيْءٍ مِنَ العُجْبِ والتّيهِ انتفخَ لهما صَدْرُه 1.. وَسارا سَويًّا.

  • إنَّهُ رَجُلٌ رائعٌ ياسيّدي، المُعَلِّمَ أَعني، وهو يعملُ بجدٍّ ودأَبٍ 2.


لَمْ يُجبْ مُفَتِّشُ المَدارسِ، لقد أضحَتْ عَمليّةُ البَحْثِ عنِ المَدارسِ عبرَ القطاعاتِ استنزافًا لِصَبْرِه وَجلَدِه، في المُدنِ القَذِرةِ والأقاليمِ النّائيةِ والمراكزِ المُثقلةِ بالدُّخانِ والغُبارِ، وفي القُرى النّائيةِ حيثُ الطُّرقاتُ ضَيّقَةٌ لايمكنُ لِسَيّارتِه «الجيبِ » أنْ تسيرَ عَبْرَها.. والوضعُ الكئيبُ لذلكَ كلِّهِ كَمْ يبعثُ الحُزْنَ في النّفوسِ.. كانَ عليهِ أَنْ يَعتادَ ذلكَ عبرَ سَنواتِ عملِه الثّلاثِ.. لكنَّ الأمرَ لمْ يكنْ بهذهِ السّهولةِ، فكُلُّ مَدرسةٍ كانَتْ منبعَ وَجَعٍ مَحْضٍ؛ نَقْصِ المُؤَنِ، لامُبالاةِ النّاسِ، تَسيُّبِ الطّلبةِ، وَعُتُوِّ المُعلمينَ، كانَ ذاكَ كثيرًا جدًّا. ثُمَّ، ما الّذي بوَسْعِهِ أَنْ يَعَملَهُ؟ تَوصياتٌ وَتَوصياتٌ تَرفضُها إِدارةُ التَّخطيطِ والتَّنميةِ تِلْكَ الّتي تُخَطّطُ قليلً وَتُطوِّرُ أَقَلَّ مِنَ القليلِ!.


وَمَرَّ بحقولٍ مَحروثةٍ وَأُخرى قدِ اخضلَّتْ بخُضْرَةِ القَمْحِ البِكْرِ، وَتَجَمّعَتِ المياهُ فيهِ فركدَتْ، فيما كانتِ الحشراتُ تَطيرُ فوقَهُ أَوْ تزحَفُ على سَطْحِهِ، وعندَما دَنَيَا منها ارتفعَتْ فجأةً وقد علا طَنينُها.. وَروّحَ مُفَتِّشُ المدارسِ على وجهِهِ طاردًا إيّاها فيما كانَ الفَلّحُ يسيرُ دافِعًا دَرّاجتَه بِخُطواتٍ واسِعَةٍ رشيقةٍ، وأجراسُها تَهْتِكُ أستارَ السُّكونِ.
وَوَجَدَ المُفَتِّشُ صعوبةً في السَّيْرِ بمحاذاتِهِ.. وَمَرّا بحَقْلِ ذُرَةٍ في أكوازِها لمّا تَزَلْ، وَخَلْفَ الحَقْلِ سَمَقَتْ شَجَرةُ «الشّيشامِ !»
كانَتْ شَجرةً ظليلةً على حافّةِ حَقْلٍ حُرِثَ مُنتظِرًا طَوْرَ نَثْرِ البذورِ، إلّا أنّ أحدًا لم يَكُنْ هُناكَ.. واستاءَ الرّيفيُّ:




  • قَدْ كانَتِ المدرسةُ هُنا، أَنا مُتأكّدٌ مِنْ ذلكَ، قبلَ حَرْثِ الأرضِ على أقلِّ تقديرٍ!




  • ثُمَّ؟




  • لابُدَّ وأنّها انتقلَتْ إلى مَوْقعٍ آخرَ!




  • ولكنْ.. المبنى..؟




  • المبنى؟!




  • أليسَ هُناكَ مبنًى؟




  • كلّ سَيِّدي، لا مَبنى هُناكَ البتّةَ، إِنَّ المُعَلِّمَ ينقلُها معَهُ، وأنّى ذَهَبَ ارتحلَتْ معَهُ. وأبصرَ الرّيفيُّ فَلّحًا يحملُ مِجْرَفةً على بُعْدِ حُقولٍ عِدّةٍ، بعدَ أنْ أعيتْهما الحيلةُ:




  • هيهِ.. أنتَ. صاحَ فيه.
    وَتوقّفَ الجَسَدُ المَحنيُّ عنِ الجَرْفِ قبلَ أنْ يعتدلَ. كانتِ الشّمسُ ساقطةً في عَيْنَيْهِ، فظلَّلَهما بيديهِ، ونظرَ إليهما:




  • أينَ المدرسةُ يا صاحِ؟ هُنا أستاذٌ منَ المدينةِ ليراها.




  • مدرسةٌ؟ إنّ الأولادَ بجانبِ حقلِ القصبِ، لقد رأيتُهم على ما أظنُّ مُتَّجهينَ إليه هذا الصباحِ. صاحَ الفَلّحُ مُجيبًا.
    كانَ حقلُ القَصَبِ كثيفًا غَنيًّا بالمحصولِ، فيما امتدّتْ سُوْقُ النَّباتِ في شُموخٍ.. وقدِ اصطبغَتْ ببقعٍ رماديّةِ الاخضرارِ.. وحمراءَ داكنةٍ، وغابَتْ ذراها في رَقْصَةٍ نَشوى مُتمايلةٍ مَعَ هَزّاتِ النّسيمِ. وفي الجهةِ الأُخرى كانَتْ هُناك حقولٌ عديدةٌ قد حُرِثَتْ، وآنَ بِذارُها. وَنَظَرا حَوْلَهُما.. لَمْ يَكُنْ هُناك أَحَدٌ.




  • لقد ذكرَ حقلَ القصبِ! قالَ الرّيفيُّ في دهشةٍ.




  • أجلْ. قالَ المُفَتِّشُ. باتَ الأمرُ مُمِلًّ.




  • رُبَّما كانَتْ في النّاحيةِ الأُخرى!




  • اسمعْ! اذهَبْ أنتَ وَتَحَرَّ عَنْ ذلكَ، وعندَما تَجِدُ المدرسةَ أَخْبِرْني.
    قالَ مُفَتِّشُ المَدارسِ ماسِحًا حاجبَهُ.
    وَطرحَ الرّيفيُّ دراجتَهُ جانبًا، وانطلقَ يبحثُ عنِ المدرسةِ المفقودةِ.
    أمّا مُفَتِّشُ المدرسةِ فقدْ جَلَسَ مُجيلً بَصرَهُ في الأرضِ السّمراءِ، والمحصولِ الماثلِ أمامَهُ.. في الأخضرارِ المُمْتَدِّ أمامَ ناظرَيْهِ باهيًا زاهيًا.. وقد تفاوتَتْ دَرَجاتُهُ وظلالُهُ حتّى إذا ما لامسَ طرفَ السّماءِ كانَ في أَوْهاها.
    وَلَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ غَيْمَةٌ في السّماءِ.. نَعَقَتْ بِضْعُ بوماتٍ في أَشجارٍ بعيدةٍ، وَحَلّقَتْ بعضُ الحِدَأِ عاليًا في كَسَلٍ فيما عبَرَتْ فوقَهُ عَصافيرُ جَذْلى مُترنِّمةٌ.
    وَسَمِعَ فجأةً صياحًا عاليًا، ولمّا التفتَ حَوْلَهُ أبصرَ الرّيفيَّ يعدو في اتّجاهِه وهوَ يومِىءُ لَهُ، ونهضَ مُفَتِّشُ المَدارسِ، فأحسَّ تَشنُّجًا في عضلاتِهِ، لقدْ كانَ با لَياقةٍ.. وهوَ يعرفُ ذلك جَيِّدًا، وراحَ يلومُ نفسَهُ، لابُدَّ وَأَنْ يفعلَ شيئًا فيما يَختصُّ بذلك! إنَّه يجلسُ في مكتبِهِ، ويجلسُ في سَيارتِهِ الجيبِ، ثُمَّ يُنهي ذلكَ السّياقَ الطّويلَ منَ الجلوسِ..
    بالجلوسِ في الكُرسيِّ الوحيدِ في المدارسِ الّتي يزورُها 5.




  • لقد وَجَدْتُها!
    قالَ الرّيفيُّ الطّيّبُ باسِمًا مُتهلّلً وهوَ يتقدّمُهُ كي يُريَهُ ضالَّتَهُ!.
    على أنَّ مُفَتِّشَ المَدارسِ تَردّدَ لوهلةٍ، قد يتعرّضُ للسّرقةِ في ذلكَ الحقلِ الكثيفِ ولا شاهِدَ هُناكَ. وأخذَ طريقَهُ بعدَ لَْيٍ، ورؤوسُ القصبِ الخضرُ تُجَرّحُ يدَيهِ ووجهَهُ.
    وَثنى ذراعَيه فوقَ رأسِه، لكنّهُ تعثّرَ مرّاتٍ عِدَّةً لصلابةِ الأرضِ تحتَهُ، وتبِعَ السّوقَ المهتزّةَ المُفْعَمةَ بالضّجيجِ حتّى وصلَ إلى وسطِ الحقلِ، وهناكَ.. وفي بُقعةٍ قُصَّتْ أعوادُ القصبِ فيها فبدَتْ ملساءَ، جلسَ أربعونَ طالبًا القُرفُصاءَ على الأرضِ الجرداءِ..
    لم يكنْ تحتَهم بساطٌ يقيهم صلابَةَ الأرضِ.. كانَ الهدوءُ يلفُّهمْ برداءٍ يبعثُ الرّاحةَ في النّفوسِ، بدا ذلك جليًّا لِمُفَتِّشِ المدارسِ الّذي قارنَ ذلك بصخَبِ عيدانِ القصبِ إبّانَ تَوَجّهَ إليهمْ 6.
    واهتزّتِ الرّؤوسُ جماعيًّا في مُحاولةٍ لِحفْظِ جداولِ الضّربِ فيما انحنى قِسْمٌ منهم على ألواحِهمْ يستذكرونَ ما دُوّنَ فيها.. ووُضِعَتْ بعضُ الألواحِ تحتَ الشّمسِ كيما يجفَّ مِدادُها الرّطبُ. وجلسَ مُسِنٌّ يحملُ عصًا على كرسيٍّ مُهَلْهَلٍ مُتداعٍ.. واهنٍ.. رُمّمَ مرّاتٍ عِدّةً، ودُعّمَتْ أطرافُه بشرائحَ حديديّةٍ ثُبِّتَتْ فيه بمساميرَ، أمّا ظهرُ الكرسيِّ
    فقدْ ثُبّتَ بألواحٍ رُكّبَتْ على إطارِه الأصليِّ. ونهضَ مُعلّمُ الصّبيانِ فجأةً وقدَمُهُ تبحثُ
    عن فردةِ حذائِهِ:




  • وقوفْ! صاحَ المرشدُ آمرًا بالإنجليزيّةِ.
    وَهَبَّ التَلاميذُ وقوفًا.. ماسحينَ ما عَلِقَ بظهورِهمْ من غُبارٍ. واستغرقَ المعلّمُ بعضَ الوقتِ كيما يتمالَكُ نفَسَهُ فقدْ أذهلَهُ حضورُ المُفَتِّشِ، ونفضَ الغُبارَ عنِ الكرسيِّ الّذي ترأَّسَ به طلبتَهُ، بقطعةِ قماشٍ كانتْ فوقَ كَتِفِهِ قبلَ أنْ يُقَدِّمَ المقعدَ للمفتشِ. ووقفَ الرّيفيُّ مُنتظِرًا إشارةً ما، لكنَّ المفتّشَ شكرَهُ فاختفى كما جاءَ.




  • حضورْ، احترامْ، حضورْ. صاحَ المعلّمُ!




  • إذًا فهذه هيَ المدرسةُ؟
    قالَ المُفَتِّشُ مُجيلً بصرَهُ فيما حولَهُ وقد قطّبَ جبينَهُ، وابتلعَ المعلّمُ ريقَهُ بصوتٍ مسموعٍ:




  • نعمْ سيّدي.




  • وماالذي تُدَرِّسُه لَهُمْ؟ وسمعَهُ المُفَتِّشُ يزدردُ ريقَهُ بصعوبةٍ ثانيةً:




  • إنّي أدرّسُهمُ )الأردو( والحسابَ والإنجليزيّةَ والكتابةَ سيّدي.




  • منَ الكتبِ المقرّرة؟




  • منَ المُقرَّراتِ.. سيدي!
    قالَ ذلكَ قبلَ أنْ يُسَلِّمَ المُفَتِّشَ مجموعةً منَ الكتبِ المُغبرّةِ الرّثةِ كانتْ تحتَ رجْلِ
    الكرسيِّ. وجالَ المُفَتِّشُ بإصبعِه عَبْرَ مُقرَّرِ «الأردو »، ثمَّ توقّفَ عندَ أحدِ فصولِه، وأمرَ
    طالبًا أنْ يقرأَ. ونهضَ الصّبيُّ لكنَّه سُرعانَ ما دَلَفَ في رَدَهاتِ الارتباكِ والصّمتِ!




  • سَيّدي! هذا كتابٌ للصفِّ الرابعِ، وهوَ طالبٌ في الثّاني!




  • كمْ فصلً لديكَ هُنا؟




  • سِتّةٌ سَيّدي! مِنَ الفصلِ الأوّلِ حتّى السّادسِ.
    وتبيّنَ للمُفَتِّشِ أنّ ما خالَهُ مجموعةً واحدةً كانت في الواقعِ سِتًّا!




  • هذا هوَ الفصلُ الرّابعُ، سَيّدي! قالَ المعلّمُ مُشيرًا بعصاه.




  • اقرأْ أنتَ. قالَ المُفَتِّشُ آمرًا أحدَهُمْ.
    ونهضَ الصّبيُّ فشرعَ يقرأُ، كانَتْ قراءتُه واضحةً عاليةَ النَّبَراتِ. لَمْ يُخطىءِ البتّةَ، كما لَمْ يتتأْتأْ. وبدا جليًّا أنّ المُعَلِّمَ قدِ استردَّ كثيرًا من ثقتِهِ بنفْسِه تبعًا لذلكَ.




  • اسألْ فصلً آخرَ، سَيّدي! قالَ المعلّمُ بحماسٍ!
    وطلبَ المُفَتِّشُ منَ الفصلِ الثّاني إجراءَ بعضِ عمليّاتِ الجَمْعِ فأتمَّها معظمُهم بطريقةٍ صحيحةٍ. وقرأَ طالبانِ منَ الفصلِ الأوّلِ الحروفَ الأبجديّةَ دونَ خطأٍ بالطّريقةِ الإيقاعيّةِ الّتي ساعدَتْ على إجادتِها صمًّا، وَهُمْ يتأرجحونَ في أماكنِهم إلى الأمامِ والخلفِ، وتلا طالبٌ منَ الصّف السّادسِ نشيدًا بالإنجليزيّةِ بَدْءًا ومُنهيًا على النّسقِ الإيقاعيِّ ذاتِه، وفكّرَ المُفَتِّشُ؛ إنْ كانَ يحفظُهُ عن ظهرِ قلبٍ فشيءٌ رائعٌ، أَوْ كانَ
    ضمنَ المقرّرِ، وهو مايشكُّ فيهِ فذاكَ أروعُ. وعلى أيِّ حالٍ فقدْ كانَ المستوى الّذي لحظَهُ فوقَ ما يتوقّعُ من طلبةِ المرحلةِ الابتدائيّةِ في المناطقِ الواقعةِ ضمنَ نطاقِه حَقًّا.
    إنّ هذا المُعَلِّمَ يستحقُّ ما اكتسبَهُ مِنْ سُمعةٍ كالذّهبِ. ونهضَ مُفَتِّشُ المَدارسِ، وقد أثلجَ ما رآهُ صدرَهُ، وسُمِعَ لكرسيِّهِ صريرٌ، فيما بدا المعلّمُ مُبتهجًا باشًّا مسرورًا 7.




  • وقوفْ. صاحَ المرشدُ. بدا صوتُه أعلى من ذي قبلُ.
    وخرجَ مُفَتِّشُ المَدارسِ، أمّا المعلّمُ فتبعَهُ حاملً عصاهُ. ستتحدّثُ القريةُ وما جاورَها عن ذلك الحدثِ أيّامًا عدّةً.. وتنفَّسَ مُفَتِّشُ المَدارسِ الصُّعداءَ حالَ خروجِه منَ الحقلِ:




  • لماذا تنتقلُ بمدرستِكَ على هذا النّحوِ، أليسَ بوَسعِك استئجارُ غرفةٍ؟




  • أستأجرُ؟ سَيّدي!!




  • حسنًا.. لِمَ لا تفعلُ؟




  • كلّ. لا أحدَ يرضى أنْ يُعطيَنا غرفةً واحدةً سيدي! إنّهم لايريدونَ مدرسةً هُنا، لقد أوضحوا ذلك مرّاتٍ عدّةً، إِذْ إنّ كثيرًا منهمْ يرونَ في التّعلّمِ مضيعةً لأوقاتِ الأولادِ الّذينَ يعتقدونَ بأنّ عليهم إزجاءَ الوقتِ في عملٍ نافعٍ مفيدٍ بدلً منَ اللّهوِ الدّراسيِّ!
    وبأنّه حريٌّ بهمْ أنْ يساعدوا آباءَهمْ في الحقولِ ورعيِ الماشيةِ - لكنَّ السّيّدَ «شادري علي محمّد » الزّعيمَ.. هوَ الوحيدُ الّذي ينظرُ إلينا بعينِ التّفهُّمِ والعطفِ ياسَيّدي! إنّه يدركُ الأهميّةَ القصوى للتّعليمِ، إنّه لايستطيعُ تأمينَ غُرفةٍ لنا أَوْ حتّى قطعةِ أرضٍ، لكنّهُ منحَنا ظِلَّ شجرةِ الشّيشامِ الّتي يملكُها لنتفيّأَهُ طوالَ المَوسمِ، حتّى حَلَّ أوانُ حَرْثِ أرضِها، وها نحنُ هذا الموسمُ نستخدمُ حقلَ القصبِ الّذي يملكُهُ.




  • جميلٌ أنْ قامَ بإخلاءِ وسطِ الحقلِ وإعدادِهِ لكم.




  • نعمْ، سَيّدي، جميلٌ أنْ يسمحَ لنا بتنظيفِ وسطِ الحقلِ، لقدْ قُمْتُ والأولادَ بجنيِ القصبِ في هذه البقعةِ، سَيّدي، واستغرقَ العملُ منّا أيامًا ثلاثةً، حتّى طلبةُ الفصلِ الأوّلِ عملوا معنا بكلِّ دَأَبٍ منَ الثّامنةِ صباحًا حتّى صلاةِ المغربِ، وبعدَها كانَ لزامًا أنْ نتوقّفَ عنِ العملِ لحلولِ الظّلامِ. وكنّا نربطُ المحصولَ في حزمٍ نُحمِّلُها على عربةِ السّيّدِ «شادري » الّتي كانت تجرُّها العجولُ. لقدْ قالَ السّيّدُ «شادري » إنّ علينا أَنْ نُثَمِّنَ التّعليمَ، ونقدّرَهُ، فكانتْ تلكَ هيَ الطريقةُ الوحيدةُ لإثباتِ ذلك.
    وخلعَ مُعَلّمُ الصّبيانِ عِمامتَهُ البيضاءَ فبدا أعلى رأسِه وقدْ توسّطَتْ بقعةٌ صلعاءُ شعرَهُ المطليَّ بالحنّاءِ، كانَتْ ثَمّةَ دموعٌ تترقرقُ في مُقلتَيهِ، وتغيّرَ صوتُه لوهلةٍ فبدا أجشَّ بعضَ الشّيءِ متهدّجًا.




  • لقد فَقَدْتُ شَعري لكثرةِ ماحملْتُ على رأسي من رِزَمِ القصبِ.
    واعتمرَ عِمّتَهُ ثانيةً، ثُمَّ نظرَ إلى البعيدِ مُشيحًا ببصرِهِ، وَشَرعا يمشيانِ جَنْبًا إلى جَنْبٍ؛ مُفَتِّشُ المَدارسِ وَمُعلّمُ الصّبيانِ الذي كانَ يسيرُ في خُطًى غيرِ مستقيمةٍ 8.




  • سَيّدي! فقطْ لو كانَ لدينا غُرفةٌ، غُرفةٌ واحدةٌ فقطْ!..قالَ المعلّمُ في نبَراتٍ هادئةٍ، فإنْ لم تكنْ غُرفةً فقطعةٌ صغيرةٌ منَ الأرضِ وسوفَ نبنيها. الأولادُ وأنا. قد يستغرقُ الأمرُ فصلً كاملً. لكنّنا سننجزُ ذلك إنْ شاءَ اللّهُ.
    وَمضى مُفَتِّشُ المَدارسِ في طريقِه قُدُمًا دونَ أنْ ينبسَ ببنتِ شَفةٍ.




  • أعلمُ، سَيّدي، أنّي قد أكونُ مغاليًا بطلبِ رقعةِ أرضٍ، وبأنّه لا أحدَ يرغبُ في وجودِ مدرسةٍ هُنا، ولكنّي أرحّبُ بإعطائِنا أرضًا في أيِّ مكانٍ كانَ... هناكَ أرضٌ في النّاحيةِ المهجورةِ منَ القريةِ سوفَ أكونُ سعيدًا بإنشاءِ مدرسةٍ هناكَ، سَيّدي هذا أفضلُ من...




لكنَّ مُراقبَ المدارسِ كانَ يلوذُ بالصّمتِ! صَمْتٌ مُطبِقٌ رهيبٌ! يكادُ يرى الاقتراحَ يرُفضَُ 9....هو واثقٌ مِنْ ذلكَ؛ إِذْ إنّ الحكومةَ لمْ تكنْ تسمحُ بتخصيصِ أرضٍ لمدرسةٍ ابتدائيّةٍ. كانَ على النّاسِ أنْ يقوموا بتأمينِ ذلك، فكيفَ سيتغيّرُ ذلك الآنَ؟ القانونُ هوَ القانونُ. وتنهّدَ في حسرةٍ.. قطعةُ أرضٍ صغيرةٌ.. ثُمَّ؟.. كَمْ مِنَ المعلمينَ كانوا بمثلِ إخلاصِ هذا المعلّمِ وتفانيهِ! كَمْ منهمْ كانَ يهتمُّ بذلكَ؟ وَكَمْ منهمْ كانَ بإمكانِه مواجهةَ لامبالاةٍ كهذهِ؟ كلّ لَمْ يستطعِ استرجاعَ حالةٍ واحدةٍ طيلةَ سِنيِّ عملِه الثّلاثِ.
وَركِبَ سَيّارتَه الجيبَ، وردَّ سلامَ المعلّمِ البشوشِ بإيماءةٍ مِنْ يدِهِ قبلَ أنْ تنهبَ عربتُهُ الطّريقَ.. لَمْ يستطعْ.. كلّ، لَمْ يستطعْ مواجهةَ نظراتِ الرَّجُلِ المتوسِّلةِ 10


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

In economics, t...

In economics, the term ‘market’ is used to describe any situaton where people who demand a good come...

"يقصد بالضمانات...

"يقصد بالضمانات مجموعة الوسائل القانونية التي تهدف إلى الضمان وفاء الدين إلى الدائنين عندما يمتنع ال...

بمعناها الشامل،...

بمعناها الشامل، وتحقيق السلامة والأمان. وتتضمن الحماية الجنائية تطبيق العقوبات على الأفعال غير المشر...

4. The Chinese ...

4. The Chinese are often punctual, always reaching for results, especially when meeting someone for ...

لا يذكر لهذا ال...

لا يذكر لهذا اليوم اسماً، ولا يستطيع أن يضعه حيث وضعه الله من الشهر والسنة، بل لا يستطيع أن يذكر من ...

تركزت مشاورات ا...

تركزت مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 بين فريق مصرف ليبيا المركزي و بعثة خبراء صندوق النقد الدولي ف...

و لعل أعظم ما ن...

و لعل أعظم ما نصبو اليه ، و ما نبتغيه من الطالب الباحث، هو احساسه بغبطة التجربة في البحث، و في الاكت...

خضع ما مجموعه 2...

خضع ما مجموعه 20 مريضا مصابا بالشلل الشديد (جميع المرضى عشوائيا) للختان دون تحضير بواسطة مركزات التخ...

the Human Resou...

the Human Resources Department at Al Ansari Holding Company is divided into 31 departments that prov...

Overall, her fe...

Overall, her feelings while writing about sharks were likely influenced by her deep love for these a...

تصل ماريلا وآن ...

تصل ماريلا وآن إلى دار أيتام السيدة سبنسر ويشرحان الخطأ. تعتذر السيدة سبنسر وتقول إن الوضع سوف يسير ...

Gastrointestina...

Gastrointestinal safety of NSAIDs and over‐the‐counter analgesics‏ I Bjarnason‏ International Journ...