لخّصلي

نشأة إمارة الدرعية وقيام الدولة السعودية الأولى

ينتسب آل سعود إلى قبيلة بني حنيفة إحدى قبائل بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وكانت الأسرة السعودية قبل تسميها بهذا الاسم تدعى آل مقرن نسبة إلى مقرن بن مرخان جد محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى.

وكان وجود أسرة آل سعود يتركز في شرق الجزيرة العربية، ووجودهم في تلك المنطقة يعود لهجرات حدثت وسط الجزيرة العربية قام بها فرع من بني حنيفة بعد تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في اليمامة، واستمر وجودهم في تلك المنطقة حتى منتصف القرن التاسع الهجري تقريبا / الخامس عشر الميلادي، شاء الله أن يعودوا إلى منبعهم الأصلي، فكان يتزعم الأسرة في شرق الجزيرة العربية مانع بن ربيعة المريدي، وكان يسكن في مكان في شرق الجزيرة العربية يقال له الدرعية وكان بينه وبين قريبه ابن درع في نجد مراسلات نتج عنها انتقال مانع المريدي إلى نجد وأقاربه ، ومنحه ابن درع في عام ٨٥٠هـ / ١٤٤٦م أراضي المليبد وغصيبة اللتين أصبحتا فيما بعد نواة لتأسيس الدولة السعودية الأولى. وسميت بالدرعية التي أصبحت إمارة فيما بعد، توارثها أبناء مانع المريدي وأحفاده من بعده حتى قيام الدولة السعودية الأولى. وقد قويت هذه الأسرة وازداد نفوذها في المنطقة، وتوسعت على حساب جيرانها، حتى أصبح الأمير محمد بن سعود في عام ۱۱۳۹هـ / ۱۷۲۷م أميراً للدرعية في ظروف غير مستقرة وتحديات قوية حيث كانت المنطقة تعاني من الفرقة والتمزق وتسودها الصراعات والنزاعات والتناحر. وفي ضوء تلك الظروف كان للإمام محمد بن سعود رؤية ثاقبة تتصف بالحكمة وبعد النظر بتأسيس مسار سياسي جديد في تاريخ شبه الجزيرة العربية فأسس دولة عظيمة راسخة، ووحدة سياسية مستقلة لم تعرفها شبه الجزيرة العربية على مدى قرون طويلة. حيث قامت على قيم أصيلة أساسها الكتاب والسنة، وقوامها العدل، وتوفير الأمن والاستقرار حرص الإمام محمد بن سعود على نشر الاستقرار في الدرعية، فأمر ببناء سور الدرعية للتصدي للهجمات الخارجية القادمة إلى الدرعية ، ووحد شطري الدرعية وجعلها تحت حكم واحد بعد أن كان الحكم متفرقاً في مركزين وفرعين، وأهتم بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده، وقنن عملية الحصول على الموارد للدولة وعدم الجور.

كان الإمام محمد بن سعود مستقلاً سياسياً ولم يكن موالي لأي قوة في حين أن بعض بلدان نجد كانت تدين بالولاء لبعض القوى الخارجية وهذا مما أكسب الدرعية مكانة قوية وهيبة تخشاها الإمارات المجاورة لها، وهذه القوة السياسية للدرعية جعلت الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينتقل لها بعد أن تخلى عنه أمير العيينة، فاحتضن الإمام محمد بن سعود الدعوة الإصلاحية واستطاعت الدرعية في عهده أن تتحمل أعباء أعداد كبيرة من المهاجرين الذين انتقلوا لها بعد انتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب إليها.

كان الإمام محمد بن سعود قائداً سياسياً، وحكيما فذاً، تميز بحسن إدارته فجنح إلى سياسة السلم وحسن العلاقة مع زعماء الإمارات المجاورة والعشائر المتنقلة، وجعلهم بسياسته الحكيمة يعلنون الانضمام للدولة والوحدة. فأصبحت الدرعية قاعدة للدولة السعودية الأولى تنطلق منها الجيوش، وأخذت تتسع في رقعتها ، وتزداد في عمرانها، ويكثر سكانها، وبدأت تظهر عليها علامات النمو والرخاء فأعلنت بعض البلدان الانضمام للدولة الجديدة كالعيينة وحريملاء ومنفوحة وضرماء وثرمداء وبعض البلدان الأخرى في الأقاليم مختلفة ولكن بعض هذه البلدان حدثت بينها وبين قادة الدرعية بعض المشاكل، وبعضها ثار ضد الدولة، ولكن قادة الدولة السعودية تمكنت من التغلب عليها واستطاعت أن تعيد هذه البلدان الثائرة للطاعة.