خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
بودي أن أقصر حديثي اليوم على الفنون الشعبية بمراكش واقليمها اللهم الا من حيث المقارنة والتنظير مع باقي الجهات المغربية ولكن يجب ان نحدد اطار هذا البحث فنتساءل عن مفهوم الفنون الشعبية ذلك أن صفة الشعبية قد الصقت بكثير من المعطيات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي وحتى الفكري فتداخلت كثير من العناصر يندرج بعضها تارة في مدلول الفولكلور Folklore كعلم للتقاليد والعادات والمعتقدات والاساطير والاغاني والآداب الشعبية عموما وهو المعنى الذي افرغ في كلمة فولكلور لاول مرة فى انجلترا عام 1846م ، ونجد مفهوم الفولكلور يتسع ويتمدد ليشمل القصص الشعبي والاغاني وكل جوانب الحياة الاجتماعية نص محاضرة القيت بمراكش يوم 29 مايو 1975 بمناسبة افتتاح شهر الفولكلور والفنون الشعبية بمراكش(1) فأين نحن في المغرب من هذه البيبليوغرافيات ؟ الواقع ان هذه التلقائية الشعبية التي طبعت الفولكلور عند الشعوب المحافظة خاصة كشعب الانجليز من أبرز خواص الذاتية عند الشعوب العربية لا سيما في الشمال الافريقي ذلك ان كل العناصر التي لم يستطع العلم البرهنة واقعية على ماهيتها كمقوم يشكل ركنا في حياة الانسان كلها اندرجت تلقائيا فى المفهوم الشعبي الفطري لتلك الازدواجية التي تجعل من الانسان الحي معادلة متواكبة تتوازى فيها الروح مع الجسم والقلب مع العقل والوجدان مع المنطق ، وهذا التساوق الطبيعي هو الذي ينقص كثيرا من الحضارات التي رجحت جانبا على آخر دون أن تحاول التنسيق والتوفيق فلهذا كان مفهوم الفولكلور فى هذا الاطار من مقومات الحضارة الاسلامية التي فسحت المجال للتلقائية الشعبية بصورة شعر معها رجال الفكر انفسهم بأنهم اذا لم يندرجوا فى هذه المجموعة فانهم سيشذون عن طبيعة الانماديا وروحيا مما لا يدخل فى علم بعينه ولكن ما لبثت أوربا ان اتجهت منذ نهاية الحرب العالمية الاولى الى تمطيط هذا المفهوم ليتصل بالاقتصاد السياسي وتاريخ المؤسسة الشعبية ، كما يتصل بالجانب الشعبي في الحقوق والآداب والفن وحتى التكنولوجية دون امتزاج وانصهار في هذه المجالات كعلوم وقد صدر عام 1917 كتاب حول بيبليوغرافية الفولكلور وضع تخطيطاته الاستاذ هوفمان کراییر Hoffman Krayer انطلاقا من هذا المفهوم الجديد الواسع للفولكلور فرسم لنا صور القرية وما تحتوي عليه من مختلف المقومات فأدرج في لائحته الطويلة الحرف التقليدية والتقنيات والفنون الشعبية بما فيهـ من طب شعبي وموسيقى ومسرح وأحاجي والغاز وأمثال وحكم بل حتى مصطلحات الشعب وتعابيره الخاصة التي طمعت اللغة وأثرتها كما أذكت الفكر انطلاقا من الوجدان ولاول مرة اهتمت فرنسا بهذه الفنون فأسست عام 1936 متحفا للفنون والتقاليد الشعبية سان الحق ولذلك رأينا فى تاريخ الاسلام مجموعة من رجالات الفكر يندمجون في البوتقة الشعبية كقصاصين وزجالين وموسيقيين بل وفنانين يدلون بدلوهم فى مختلف هذه المناحي التي نجد لها أصداء فيصناعاتنا التقليدية وفى شتى انشطة الفكر الشعبي التي كانت تتمثل قبل فترات التحجر والانكماش فى حركات وسكنات رجل الشارع المهذب الذي لا تمنعه اميته من اكتساب نوع من الرصانة الفكرية قد لا توجد عند الكثير من المثقفين ، فهنالك عندنا طب شعبي قد تحدثت عنه باسهاب فی کتابی "الطب والاطباء " الذي صدر منذ م 1960/1380 غير أنني أود ان اشير الى جانب هام يتصل بكل ذلك ويتصل باختصاصي في حقل اللغة وبحكم الرسالة التي اضطلع بها منذ أزيد من عشر سنوات فى العالم العربي كمشرف على مكتب تنسيق التعريب على الصعيد العربي فقد انكببت على دراسة المصطلح الشعبي من خلال العامية المغربية وأصدرت نتائج ابحاثي فى كتابين هما : « اصول العربية في العامية المغربية » و « نحو تفصيح العامية في الوطن العربي » حيث قارنت بين اللهجات الدارجة فى مصر والشام وامارات الخليج والمغرب العربي ، وكلنا نعرف عددا من الأميين الذين كانوا شعراء بل وقضاة ببعض الحواضر كفاس نفسها يناظرون العلماء بل يكفي أن تقرأ ما كتبه الاجانب عن هذه الثقافات الشعبية كالمؤرخ مولييراس في كتابه واذا اعتبرنا أن بعض عناصر الفولكلور والفنون الشعبية قد تغلغلت معطياتها في الصنائع التقليدية منذ ان تركزت الوحدة في القرن الخامس الهجري بين أجزاء المغرب من الصحراء الى شمال العدوة ـ أمكننا أن نستعرض ما كان يسمى بالصنائع المشتركة وكلها شعبية ، وبذلك أصبح هذا الاقليم ينافس العالم كله فى روعة انتاجه فكانت جلود اغمات تفوق جودة صنعها جلود الدنيا ( حسب عبارة ياقوت في معجمه) كما برزت اصناف المصنوعات التـ عددها الادريسي كالنحاس والاكسية والمنسوجات الصوفية والزجاج والافاريه والعطور والآلات الحديدية
عبد العزيز ابن عبد الله
بودي أن أقصر حديثي اليوم على الفنون الشعبية بمراكش واقليمها اللهم الا من حيث المقارنة والتنظير مع باقي الجهات المغربية ولكن يجب ان نحدد اطار هذا البحث فنتساءل عن مفهوم الفنون الشعبية ذلك أن صفة الشعبية قد الصقت بكثير من المعطيات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي وحتى الفكري فتداخلت كثير من العناصر يندرج بعضها تارة في مدلول الفولكلور Folklore كعلم للتقاليد والعادات والمعتقدات والاساطير والاغاني والآداب الشعبية عموما وهو المعنى الذي افرغ في كلمة فولكلور لاول مرة فى انجلترا عام 1846م ، ونجد مفهوم الفولكلور يتسع ويتمدد ليشمل القصص الشعبي والاغاني وكل جوانب الحياة الاجتماعية
نص محاضرة القيت بمراكش يوم 29 مايو 1975 بمناسبة افتتاح شهر الفولكلور والفنون الشعبية بمراكش(1)
فأين نحن في المغرب من هذه البيبليوغرافيات ؟ الواقع ان هذه التلقائية الشعبية التي طبعت الفولكلور عند الشعوب المحافظة خاصة كشعب الانجليز من أبرز خواص الذاتية عند الشعوب العربية لا سيما في الشمال الافريقي ذلك ان كل العناصر التي لم يستطع العلم البرهنة واقعية على ماهيتها كمقوم يشكل ركنا في حياة الانسان كلها اندرجت تلقائيا فى المفهوم الشعبي الفطري لتلك الازدواجية التي تجعل من الانسان الحي معادلة متواكبة تتوازى فيها الروح مع الجسم والقلب مع العقل والوجدان مع المنطق ، وهذا التساوق الطبيعي هو الذي ينقص كثيرا من الحضارات التي رجحت جانبا على آخر دون أن تحاول التنسيق والتوفيق فلهذا كان مفهوم الفولكلور فى هذا الاطار من مقومات الحضارة الاسلامية التي فسحت المجال للتلقائية الشعبية بصورة شعر معها رجال الفكر انفسهم بأنهم اذا لم يندرجوا فى هذه المجموعة فانهم سيشذون عن طبيعة الانماديا وروحيا مما لا يدخل فى علم بعينه ولكن ما لبثت أوربا ان اتجهت منذ نهاية الحرب العالمية الاولى الى تمطيط هذا المفهوم ليتصل بالاقتصاد السياسي وتاريخ المؤسسة الشعبية ، كما يتصل بالجانب الشعبي في الحقوق والآداب والفن وحتى التكنولوجية دون امتزاج وانصهار في هذه المجالات كعلوم وقد صدر عام 1917 كتاب حول بيبليوغرافية الفولكلور وضع تخطيطاته الاستاذ هوفمان کراییر Hoffman Krayer انطلاقا من هذا المفهوم الجديد الواسع للفولكلور فرسم لنا صور القرية وما تحتوي عليه من مختلف المقومات فأدرج في لائحته الطويلة الحرف التقليدية والتقنيات والفنون الشعبية بما فيهـ من طب شعبي وموسيقى ومسرح وأحاجي والغاز وأمثال وحكم بل حتى مصطلحات الشعب وتعابيره الخاصة التي طمعت اللغة وأثرتها كما أذكت الفكر انطلاقا من الوجدان ولاول مرة اهتمت فرنسا بهذه الفنون فأسست عام 1936 متحفا للفنون والتقاليد الشعبية
سان الحق ولذلك رأينا فى تاريخ الاسلام مجموعة من رجالات الفكر يندمجون في البوتقة الشعبية كقصاصين وزجالين وموسيقيين بل وفنانين يدلون بدلوهم فى مختلف هذه المناحي التي نجد لها أصداء فيصناعاتنا التقليدية وفى شتى انشطة الفكر الشعبي التي كانت تتمثل قبل فترات التحجر والانكماش فى حركات وسكنات رجل الشارع المهذب الذي لا تمنعه اميته من اكتساب نوع من الرصانة الفكرية قد لا توجد عند الكثير من المثقفين ، فالامة التي لا تنطلق فيها بكل حرية » الفنون الشعبية » بهذا المفهوم الواسع لا يمكن ان يكتمل فيها قوام الحيوية ، فلذلك أرى انه انطلاقا من تاريخنا الحضاري المعزز بالاتجاه الجديد في أوربا والعالم الحديث يجب ان نعطي لفنوننا الشعبية امكانات أوسع للتطور والاشعاع ولا يهمنا في طفرتنا الحضارية هذه ان تتداخل العناصر لا سيما وأن النظرة العلمية الدقيقة لمفهوم الفولكلور الشعبي في أوربا قد سطت على الكثير من المعطيات التي تتجاذبها العلوم والفنون الاخرى
فلننظر اذن الى هذه المعطيات الشعبية فى مراكش واقليمها خاصة ولننطلق اولا مما اضطرت أوربا الى اعتباره جزءا من الحضارة التلقائية الشعبية ، فهنالك عندنا طب شعبي قد تحدثت عنه باسهاب فی کتابی "الطب والاطباء " الذي صدر منذ م 1960/1380
ثرية بما تنطوي عليه
بمقدمة من حضرة الاستاذ الكبير السيد محمد الفاسي ، وهذه الم من أعشاب وعقاقير جمعها الشعب وجربها قبل أن يفيد منها أطباؤنا في مصنفاتهم وما زال العشابون عندنا يمتازون بالضلاعة في معرفة خواص الحشائش مما أصبحت التجارب الصيدلية الحديثة تهتم به باسم الدعوة الى طبعية العلاج أي استخلاص الدواء من الطبيعة .
•
ولن اتحدث عن الموسيقى والملحون والازجال والاحاجي والالفاز والامثال الشعبية لان الاستاذ الكبير محمد الفاسي المعروف بضلاعته في هذا الميدان قد كفانا ذلك ، غير أنني أود ان اشير الى جانب هام يتصل بكل ذلك ويتصل باختصاصي في حقل اللغة وبحكم الرسالة التي اضطلع بها منذ أزيد من عشر سنوات فى العالم العربي كمشرف على مكتب تنسيق التعريب على الصعيد العربي فقد انكببت على دراسة المصطلح الشعبي من خلال العامية المغربية وأصدرت نتائج ابحاثي فى كتابين هما : « اصول العربية في العامية المغربية » و « نحو تفصيح العامية في الوطن العربي » حيث قارنت بين اللهجات الدارجة فى مصر والشام وامارات الخليج والمغرب العربي ، وحللت الفوارق واستخلصت مظاهر عبقرية الشعب في التركيز على لغة القرءان لرسم صور حية عما يتلجلج فى خاطره بدقة وعمق مما أثرى لغة الضاد في نظري وجعل من الضروري الارتكاز على هذا الرصيد الحي لدعم الفصحى كما دعمها الشعب العربي بسليقته الخلاقة المبدعة في العهد الجاهلي ، وتتجه المجامع العلمية الى تحقيق هذا النوع من الاقتباس الذي أسهم فيه الاستاذ محمد الفاسي كعضو في هذه المجامع لابراز فعالية العامية المغربية فى دعم التراث الحضاري العربي
ولن اطيل في جانب آخر من موضوعنا وهو الفن في عمومه لانني اصدرت منذ عشر سنوات باللغنين العربية والفرنسية كتابا حول الفن المغربي صدره أيضا الاستاذ محمد الفاسي بمقدمة بليغة وقد حللت فيه الجوانب الشعبية فى الفن المعماري ومختلف انواع الرسوم التي برهن الاطلس وفى ضمنه هذا الاقليم منذ أعرق العصور على ما يذكي الانسان المغربي من حساسية عريقة وذوق رقيق ، ففي مغارات جبال اكايمدن رسم الانسان الاول منذ أربعين ألف سنة ثلاثة الاف وخمسمائة صوره صخرية مغارية تكشف لنا عن لنا عن الحياة اليومية للرجل المغربي في الاطلس وقد ابدعت بتلقائية أخاذة طبقا لمنظورية رائعة لا يمكن أن نصدق انها ترفع الى هذا العهد السحيق لولا وجود ما يضاهيها في مغارات « الماسيف سنترال » Massif central الذي يشغل سدس مساحة فرنسا ولم يصل الفنان الحديث الى أبدع مما بلغه الفنان المغربي آنذاك في تشكيله وتشخيصه للحيوان فى مختلف وضعاته وحركاته ، وان دل هذا على شيء فقد يدل على مدى عمق الروح الفنية لدى الانسان المغربي خاصة في هذا الاقليم الذي كان في غضون وثنايا التاريخ صلة وصل بين الاندلس والصحراء اللتين اكتملت حضارتهما باشراف صنهاجة ومصمودة
وما زال التاريخ الحديث يسعفنا بنماذج لهذه العبقريات فقد عرضت فتاة مغربية أمية اخيرا الواحا فنية في باريس تحدثت عنها الصحف باعجاب لانها تبرهن عما يمكن أن تتمخض عنه التلقائية الفطرية الشعبية من روائع ، وان نظرة الى ما تقلب فيه منذ قرنين جامع الفنا ( بفتح الفاء لتعليق رؤوس الثوار فيه ) أو الفنا بالكسر ( كفناء وساحة أمام جامع الكتبية ) تصور لنا مدى تنوع جانب الفنون الشعبية كالغناء والرقص والبهلوانيات بما تنطوي عليه الملاعب الشعبية فى السيرك العصري من انواع الانشطة الرياضية والترفيهية والغنائية وشتى التسخيرات لمختلف اصناف الحيوانات الصغيرة ) لان الكبيرة لا يتسع لها هذا الفناء ) ، وقد خصصت في موسوعتي المغربية التي بدأت تصدر فى نحو عشرين مجلدا عشرات الصفحات لفئات من الرقص الشعبي مثل احواش في الجنوب والزفن ) وهو الكلمة الفصحى للرقص ( لدى القبائل العربية كالشاوية وزعير كما تحدثت باسهاب عن أجواق الموسيقى الشعبية وروعة تلاحينها وسمو مقاصدها الحكيمة فى ملحونها ومواويلها وبراولها وأزجالها التي استهدف التنكيب الساخر والوصف المبدع لمساوىء المجتمع وامراضه وعلاجاتها والتهذيب الرقيق لاخلاق المواطنين ، وكان الشعب على مستوى أرفع مما هو عليه اليوم خلقا وثقافة لان ( الجامعة الشعبية » كانت قائمة حية في كل مسجد وقرية تلقى فيها الدروس ليل نهار لتثقيف الخلق الديني وبث روح المواطنة من خلال الفكر الاسلامي الذي يبثه العلماء والفقهاء ، وكلنا نعرف عددا من الأميين الذين كانوا شعراء بل وقضاة ببعض الحواضر كفاس نفسها يناظرون العلماء بل يكفي أن تقرأ ما كتبه الاجانب عن هذه الثقافات الشعبية كالمؤرخ مولييراس في كتابه
Maroc Inconnu Le "المغرب المجهول " الذي صدر آخر القرن الماضي ( 1895م ) لتلمس مدى انتشار الوعي والقراءة والكتابة حتى في جبالة والريف خاصة لدى المرأة ، وقد أفردت فصلا خاصا لهذا الموضوع في الجزء الاول من كتابي ) معطيات الحضارة » ثم أن الكثير من هذه الفنون الشعبية التي تريد ان تضفي على نفسها صفة الروحانية قد استحالت اليوم الى شعوذة غمرت الحواضر والبوادي وزادها ايفالا في السخريات استفحال الامية ابان الحماية الاستعمارية والا فان بعض هذه الفنون ترتكز على معطيات علمية وصفها ابن خلدون فى مقدمته وابن البنا المراكشي في كتابه حول العزائم والرقى والطلسمات والزجر والفال والكهانة وخط الرمل ، وكذلك الشيخ عبد الرحمن الفاسي سيوطي المغرب في رسالة حول علم الكف وهذه من الفنون التي أصبحت تقوم بين جميع طبقات الامة بدور اجتماعي خطير لا مجال لتفصيل القول فيها هنا .
واذا اعتبرنا أن بعض عناصر الفولكلور والفنون الشعبية قد تغلغلت معطياتها في الصنائع التقليدية منذ ان تركزت الوحدة في القرن الخامس الهجري بين أجزاء المغرب من الصحراء الى شمال العدوة ـ أمكننا أن نستعرض ما كان يسمى بالصنائع المشتركة وكلها شعبية ، فمراكش هي التي تزعمت منذ عهد يوسف بن تاشفين حركة دعم الفن الشعبي الصحراوي بعناصر اندلسية حيث استقدم الامير صناعا بالاضافة الى المهندسين لخلق فن معماري جديد قام على اكتاف اختصاصيين من الشعب في المساجد والحمامات والخانات والسقايات والجسور والقناطر فكانت قنطرة تنسيف في مدخل مراكش باكورة هذا الفن الذي نقل البلاط المراكشي أروع عناصره الى فاس لتوسيع أعظم جامع واقدم جامعة عرفها الاسلام منذ أزيد من ألف عام ، وقد وصف ابن أبي زرع ما أبدعه رجال الحرف والفنون مما هال المستشرقين أمثال مارسي Marçais فانكروه لولا کشف الحفريات الحديثة عام 1952 م عن جملة من الروائع التي أبدعتها يد الصانع المغربي تسطيرا وتجبيسا وقرنصة وتزليجا وصبغا وتلوينا ، وقد انطلقت من مراكش في عهد يوسف الموحدي الذي عاش في اشبيلية فنون شعبية مختلفة من هذا الطراز الذي نتحدث عنه از نتحدث عنه ازدادت ازدهارا فی عهد ولده يعقوب المنصور الذي بني رباط الفتح وجامع حسان وأكمل منارة اشبيلية والكتبية وجعل من مراكش بغداد المغرب ببناياتها وقصورها وحدائقها كالمسرة والمنارة وكانت تلك هي الانطلاقة الاولى لتوحيد الفنون الشعبية تحت ظل بلاط مراكش الحمراء في جميع أنحاء المغرب العربي حيث امتدت بدائع المرابطين والموحدين الى بجاية ومهدية وتونس وتلمسان والجزائر ، وقد تبلورت هذه الروعة أكثر فأكثر فى العصور التالية ولكن كانت هذه النواة الاولى وقد أشار صاحب «الاستبصار » الى « دار الامة » التي بناها يوسف بن تاشفين للدلالة على مدى اسهام الشعب في خلــــق الحياة في المغرب الموحد سهلا وأطلسا وصحراء ، كما أشار الادريسي الى دار الحجر » التي أسسها ولده ووصف عبد الواحد المراكشي في المعجب ( ص 186) اروع مارستان عرفه الاسلام حيث اكد المؤرخ الفرنسي ميليي Millet في كتابه الموحدين les Almohades ان مستشفيات باريس فى عهد صدور الكتاب( أي عام 1926 ) تخجل من هذا المستشفى لحسن تنميقه ووفرة اطبائه وصيادلته وأدويته ولا بدع أن ينطلق هذا الابداع الخلاق من مراكش، فهل تعلمون ان البلاط المراكشي يرجع اليه الفضل في تأسيس أعظم حصن ما زال قائما الى الآن وهو حصن جبل طارق في سنة الاخماس أي عام 555 هـ ؟ ! .
أما القناطر والسواقي فقد استخدم المرابطون رجال الفنون الشعبية من الصحراء والاندلس معززین بمهندسين ويتجلى هذا المزيج الصحراوي الاندلسي في القنوات التي نقلت الماء من الجبل الى مراكش وهذا النوع هو الخطارات التي ما زالت تستعمل الى الآن والتي يرجع أهمها وهي قنوات عين غبولة برباط الفتح الى عبد المؤمن الموحدي وتعتبر هذه الاعمال في عصرنا هذا من اختصاص عمال الاشغال العمومية التي كان معظمهم آنذاك بمراكش حيث نقل يعقوب المنصور الماء على قنطرة الى هذه الحضرة aqueduc كما بنى والده قنطرة الوادي الكبير وقنطرة قلعة جابر باشبيلية وانبرى عمال الفنون العسكرية الشعبية لبناء القلاع والقصور والملاجيء والمطافيء في طول البلاد وعرضها وكذلك الاســـــوار التي امتازت بالطابية المنيعة ومنها أسوار الرباط الموحدية التي لم ينل منها معول ولا ديناميت التقنية المعاصرة أول سنوات الاستقلال عندما ارادت الدولة فتح شوارع من خلال هذه الاسوار .
وقد ذكر البكري ( المغرب ص 163 ) أن اهل أغمات من هذا الاقليم كانوا قبل بناء مراكش أكثر الناس تكسبا وأطلبهم للرزق يكلفون نساءهم وصبيانهم التحرف والتكسب ومعنى هذا أن تدريب الشعب على الفنون والمهن والحرف كان في مراكش وناحيتها منذ العصور الاولى اوسع وأعمق منه فى كثير من حواضر المغرب ، وبذلك أصبح هذا الاقليم ينافس العالم كله فى روعة انتاجه فكانت جلود اغمات تفوق جودة صنعها جلود الدنيا ( حسب عبارة ياقوت في معجمه) كما برزت اصناف المصنوعات التـ عددها الادريسي كالنحاس والاكسية والمنسوجات الصوفية والزجاج والافاريه والعطور والآلات الحديدية
وحتى المرأة ضربت أروع مثال فى تنشيط الفنون الشعبية حيث بذت الرجال في تلوين الخزف وصنع الزرابي وغزل النسيج وكانت مراكش باب الصحراء تشرف على تكوين أطر الفن الشعبي فى الاطلس والسهول حتى أصبحت المرأة في سجلماسة - كما يقول ياقوت في معجمه ( ج 5 ص 41 ) تحيك بيدها الصناع مآزر مصبوغة بادق الالوان تفوق المآزر المصرية ، ويبلغ ثمن الازار الواحد منها خمسة وثلاثين دينارا ذهبيا ( كان الدينار يساوي آنذاك خمسة جرامات من الذهب ) وقد ذكر مؤرخو القرن الثالث أن مراكش كانت احدى مراحل القوافل التجارية التي تنحدر من الاندلس والبصرة قرب القصر الكبير مارة بسجلماسة الى الخليج خلال الصحراء حيث كان يستعمل نوع من الحوالات المصرفية ، ومن هذه الطريق كانت القوافل المغربية تربط الشرق بالغرب في عهد الحسن بن محمد الوزان وهو ليون الافريقي فى القرن العاشر الهجري ، ومن هذه الطريق ايضا دخل افريقش الحميري بعربه القحطانيين الذين عمروا الاطلس فكان منهم - اذا صحت رواية النسابين العرب - مصمودة وصنهاجة علاوة على كتامة في سهول الشمال ، ولعل هذه الاصالة العربية في رجال الصحراء المغربية هي التي جعلت الصحراويين من شنقيط والساقية الحمراء ووادي الذهب أقرب في لهجتهم إلى الفصحى ، وقد انعكست هذه الاصالة على مراكش حاضرة الملثمين الصحراويين التي امتازت اسماء حرفها التقليدية بطابع عربي فصيح مثل بامهاود للحكم بالمهاودة والحناط ) لبائع الحنطة ( والنيار لصانع المناول والسفاط ) لصانع السفط أي السلل ) والاسكافي لصانع البلاغي الخ . ومعظم أسماء الفنون الشعبية الاخرى فصيحة عريقة على وزن فعال تعد بالمات کشماع وزيات ونقاش الخ ، ولكن السمة الرائعة فى الفنون الشعبية المراكشية انما تستمد أصالتها الفطرية من روح « نكتة البهجة » التي تنم عن عمق في الاحساس وبداهة في التفكير وجزالة فى التعبير لا تضاهيها في العالم العربي الا نكتة أهل مصر ، وقد صنف عبيد الله بن احمد الزجالي المراكشي المتوفى عام 694 هـ كتابا فى نكت الخواص والعوام توجد نسخه منه فى خزانة القرويين ( رقم 985 د ) .
وكان نظام الحناطي هو السائد باشراف المحتسب الذي كان يسير دواليب الحياة الاقتصادية فهو الذي يراقب المتاجر والمصانع ويفصل الدعاوي بين ارباب الفنون الشعبية من حلايقية وبهلوانيين وقصاصين وتجار وصناع ومحترفين ، وكان نظام الحناطي يمتاز بالمغرب كله كما لاحظ المؤرخ باليز Balez في النشرة الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب ( عدد 49 و 50) بطابع الحرية حيث أن المخزن كان يحترم مبدأ الحرية التجارية قبل صدور ظهير 1917 القاضي بتنظيم البلديات ، وانما فسد بالاحتكاك بالغرب - كما يقول باليز - .
و من مراكش أرسل المولى زيدان بن المنصور السعدي عملاء الى أوربا للدعاية للفنون والحرف الشعبية والمنتجات التقليدية وحمايتها من المزاحمة الاجنبية فحظر انذاك توريد المنسوجات الانجليزية وغيرها وكان بعض هذه الفنون الشعبية ميرانا للاندلس منذ القرن الخامس الهجري ، ومعلوم أن براعة العرب والبربر فى الاندلس كانت ـ كما قال الدكتور لي في كتابه ) حول الموريسك ( - قدوة فى الزراعة والصناعة والعلوم والفنون كما كانت قدوة في النشاط والمثابرة حيث كان ذلك كما يؤكد الدكتور « من افضل العناصر التي يمكن أن تضمنها دولة متمدنة ولم تكن البادية أقل حظوة من الحاضرة من لان الفقر ودور القصدير والبطالة لم تستفحل الا ابان الحماية من جراء سياسة نزع الملكية لصالح المعمرين - تلك السياسة التي جرفت بكثير من الصناعات والفنون الشعبية ودفعت الآلاف من أرباب الحرف البدوية الى الحواضر حيث تراكموا في اخصاص القصدير الموبوءة ، ويكفي دليلا على براعة اليد المغربية الصناع في مختلف الفنون أنه بخروج العرب من الاندلس كما يقول لي بول في كتابه ( الموريسك في اسبانيا » - اندرست حسب تعبيره - فنون اشبيلية وطليطلة والمرية وعفت صناعاتها ، ومن هذه الفنون الشعبية ما أشار اليه ابن مرزوق فى القرن الثامن حيث ذكر من بين الفنون التي يسميها « الصناعات المشتركة ( القسم المتصل بالبناء وحده فعدد النجارين والجباسين والزليجيين والرخامين والقنويين والدهانين والحدادين والصفارين ، وقد ذكر المقري فى نفح الطيب أن الموحدين عندما أرادوا اتخاذ أصونة للمصحف العثماني حشروا الصناع المتفنين ممن كان بحضرتهم العلية ) أي مراكش ) وسائر البلاد من مهندسين وصباغين ونظامين وحلائين ونقاشين ومرصفين ونجارين ورسامين ومجلدين وعرفاء البناء .
وقد نوه الحسن بن محمد الوزان فى القرن العاشر الهجري بأصناف من الفنون والحرف والمهن التي ازدهرت بمراکش و فاس وسبتة ، كما ازدهرت بتیویت وسوس وهسكورة بالاطلس وتادلا وسجلماسة بالصحراء.
وكان نصف سكان المغرب تقريبا يضطلعون بمختلف الفنون الشعبية التي كانت تجمع العامي والعالم حيث برع في مهن شتى علماء أفذاذ فكان الفكر يعزز الوجدان فى بدائع مأثورات الفولكلور الشعبي ، وقد قام ماسنيون عام 1924م بتحقيق حول حناطي الحرف والتجارة بالحواضر فلاحظ أن رجال الحرف يمثلون نصف مجموع السكان ، وكان الشعــ يضفي على هذه الصنائع من روحه الوثابة فيخلقها خلقا يتجدد مع الايام ، ولذلك راحم بعضها أوربا كمصانع الورق والزجاج والسكر والجلود
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يجيب عن أسئلة شفوية بمجلس النواب. قدم السيد مح...
حقق المعمل المركزي للمناخ الزراعي إنجازات بارزة ومتنوعة. لقد طوّر المعمل نظامًا متكاملًا للتنبؤ بالظ...
رهف طفلة عمرها ١٢ سنة من حمص اصيبت بطلق بالرأس وطلقة في الفك وهي تلعب جانب باب البيت ، الاب عامل بسي...
قصة “سأتُعشى الليلة” للكاتبة الفلسطينية سميرة عزام تحمل رؤية إنسانية ووطنية عميقة، حيث تسلط الضوء عل...
اعداد خطة عمل عن بعد والتناوب مع رئيس القسم لضمان استمرارية العمل أثناء وباء كوفيد 19، وبالإضافة إلى...
بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...
خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...
فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...
@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...
انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...
توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...
Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...