لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (10%)

يجب أن نذكر هنا بما شددنا عليه في الفصل الثاني من صراع داخل الوطن العربي بين الانتماء العربي العام والانتماءات الدينية والاقليمية والقبلية والاثنية وكما تتجسد في الحياة العربية . هناك طبقات حاكمة وجماعات تعمل للحفاظ على الوضع القائم وتكتفي بالحلول الجزئية والترتيبات التوفيقية وبانكار الازمات او العمل على احتوائها بدلاً من مواجهتها
يتم كل ذلك من منطلق الثقافة السائدة وفي خدمة القوى المسيطرة على مقدرات الوطن العربي. يكفي هنا ان نشير الى ان هذه الازمات تتجسد في سيطرة التقاليد المتوارثة في ازمنة التخلف وفي تحول الدين الى مؤسسة ذات مصالح مرتبطة بمصالح
كما ان هناك قوى خارجية تعمل على تفتيت المجتمع العربي ، الخ ، انظر : The Middle
وهناك من يحن الى الماضي السحيق فيريد استعادة نظام سابق بدلا من العمل على خلق نظام جديد ينبثق من المعضلات والمشكلات والحاجات المعاصرة في عالم متغير . والتحرير ، وكما ان الحلم بتحول المجتمع تحولا جذريا لا يشكل بحد ذاته نزعة مثالية رومنطيقية ، بل بين قوى التغيير وقوى المحافظة
ان مظاهر التخلف هذه هي في جوهرها مسائل ذهنية ولا بد من ربطها بجذورها في البنى الاجتماعية السائدة التي تسهم في تعزيز تمسك الاقليات بهوياتها المتميزة وحقوقها وامتيازاتها
لعصبيات اخرى مختلفة أو مضادة لها احيانا . لذلك كثيرا ما يعمد قادة الاقليات المسيطرة الى اثارة مخاوف جماعاتهم للابقاء على حدة العصبية التي يفترض ان تكون قد
ومن هنا أهمية استكمال تحرر الحركة الوطنية من الولاءات التقليدية واعادة
ان هذه المطالبة تنبع من داخل الحركة الوطنية فقد كانت وما تزال تعيد النظر
وفي رأيي ان هناك خمسة عناصر اساسية تشكل تدريجيا قناعات راسخة في صلب الايديولوجية العربية التقدمية فيما يتعلق بمهمة الاندماج الاجتماعي وهي القول بالتنوع المنسجم ، وترسيخ الديمقراطية التي يمكن اعتبارها هنا عنصراً سادساً او اطاراً عاماً تندرج فيه مختلف هذه القناعات
- التنوع المنسجم في اطار الهوية العربية
لقد نمت الحركة الوطنية العربية التقدمية باتجاه مطالبة نفسها قبل غيرها بتوضيح مفهومها للاندماج الاجتماعي والوحدة السياسية والاسس التي يجب ان تقوم عليها والغايات التي يجب ان تخدمها ، فالتنوع - في ظل وحدة يتم فيها التفاهم حول الاسس التي لا ينهض المجتمع بدونها - مصدر غنى وأغناء للجميع . ان في هذا التنوع غنى لا يصدق ولا بد من التعامل الديمقراطي والمشاركة من قبل جميع الجماعات في صنع المستقبل العربي . بل المطلوب هو الاندماج الاجتماعي الذي يحترم التنوع ويقدم الولاء للكل على الولاء للجزء في حالات التناقض بينهما ( اي المطلوب هو عکس ما هو قائم في المجتمع العربي حيث يتقدم الولاء للجزء على الولاء للكل ، ويقتضي وضع هذه الاستراتيجية لتحقيق التنوع المنسجم والتفكير المرحلي والتفاهم عن طريق النقاش الحر الديمقراطي واشراك جميع الجماعات في صنع الثورة
فحسب بل هو ايضا قمع قومي » (۲۰)
أن الاعتماد على الطبقات العربية الحاكمة كاد ان يكون مميتا بالنسبة
سبق ان اشرنا الى ان سعد الدين ابراهيم اتبع منهجا نمطيا ) جريا على منهج عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر Max Weber ) في تصنيف الاقليات في المجتمع العربي حسب بعدين رئيسيين هما الشعور بالانتماء العربي والتحدث باللغة العربية كلغة ام ، من هنا أن سعد الدین ابراهیم نفسه افترض في دراسة أخرى « ان طبقات معينة في المجتمع العربي تكون أكثر تأييدا لفكرة توحيد الامة العربية من غيرها . بل كثيرا ما تستعمل
ضده . المجتمع وفئاته بصرف النظر عن الانتماءات والخلفيات وتشمل فيما تشمل :


النص الأصلي

وكي لا نستنتج من كل ذلك أن التصور المنطلق من مفهوم الانتماءات الخاصة هو تصور صهيوني وغربي فحسب ، يجب أن نذكر هنا بما شددنا عليه في الفصل الثاني من صراع داخل الوطن العربي بين الانتماء العربي العام والانتماءات الدينية والاقليمية والقبلية والاثنية وكما تتجسد في الحياة العربية . هناك طبقات حاكمة وجماعات تعمل للحفاظ على الوضع القائم وتكتفي بالحلول الجزئية والترتيبات التوفيقية وبانكار الازمات او العمل على احتوائها بدلاً من مواجهتها


ومعالجتها بجرأة على المستوى الذي تقتضيه


يعمل التصور الأول ، اذن ، من ضمن اطار خارجي تأمري تحريضي أو من ضمن اطار


محلي يسعى لترسيخ الواقع القائم المتخلف فيصبح المستقبل استمراراً للماضي والحاضر ونسخة تكرارية شبه متطورة عنه . يتم كل ذلك من منطلق الثقافة السائدة وفي خدمة القوى المسيطرة على مقدرات الوطن العربي. وقد يعالج هذا المنظور بعض الازمات ولكنه لا يقصد الى حلها وازالتها


بقدر ما يقصد لاحتوائها ومنعها من تفجير الاوضاع القائمة وبما يساعد على تعزيز هذا التصور رسوخ التيارات الدينية في مرحلة تاريخية يعاني فيها الدين من ازمات حادة كما سنرى في فصل لاحق. يكفي هنا ان نشير الى ان هذه الازمات تتجسد في سيطرة التقاليد المتوارثة في ازمنة التخلف وفي تحول الدين الى مؤسسة ذات مصالح مرتبطة بمصالح


الانظمة السائدة ، والى مجموعة من الطوائف المتفاوتة في مواقعها ومكانتها الاجتماعية


ويساعد في تعزيز هذا التصور قيام طبقات حاكمة مرتبطة بالنظام الرأسمالي العالمي فيهمها الاستمرارية وايهام شعوبها بانها تعمل في سبيل التنمية في الوقت الذي تعمل ضد أي تغيير جذري .


لذلك ، كما ان هناك قوى خارجية تعمل على تفتيت المجتمع العربي ، هناك ايضاً جماعات عربية تريد ان تكون مصرية ولبنانية واردنية وسعودية وخليجية وتونسية ، الخ ، قبل ان تكون


(١٦) كمثل على هذه الدراسات التحريضية شبه التآمرية ، انظر : The Middle


عربية ، كذلك هناك جماعات تعتبر نفسها سنية وشيعية ومارونية قبل ان تكون اعضاء في مجتمع مدني قومي يتساوى فيه جميع المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم وخلفياتهم


وهناك من يحن الى الماضي السحيق فيريد استعادة نظام سابق بدلا من العمل على خلق نظام جديد ينبثق من المعضلات والمشكلات والحاجات المعاصرة في عالم متغير .


ولكن هناك جماعات عربية تعتبر نفسها عربية قبل اي شيء آخر، وتريد ان تخلق مجتمعا مدنيا يقوم على المساواة والحرية ، وتسعى الى تحقيق الاندماج الاجتماعي السياسي . بذلك نأتي


الى التصور الثاني البديل


٢ - التصور الوطني التقدمي


هناك ، ثانيا ، تصور وطني تقدمي يقول بتحول المجتمع تحولا ثوريا باستبدال النظام السائد بنظام جديد يؤمن تحقيق الوحدة القومية والعدالة الاجتماعية والمشاركة الديمقراطية والتنمية . وينطلق هذا التصور من تحليل خاص لطبيعة المشكلات الاساسية التي يعاني منها المجتمع العربي وفي طليعتها مشكلة التجزئة القومية ، ومشكلة الفقر او الفجوة بين الطبقات الميسورة والطبقات المحرومة ، ومشكلة السلطوية في علاقات الافراد والجماعات بالمؤسسات والانظمة القائمة ، ومشكلة الاغتراب التي تحيل الانسان الى كائن عاجز مغلوب على امره ، ومشكلة التخلف ، ومشكلة السيطرة الاستعمارية على مقدرات البلاد، وغيرها من المشاكل المتداخلة والتي تحيل في مجملها وتداخلها المجتمع العربي مجتمعا هشا ليس بامكانه مواجهة التحديات التاريخية والمحافظة على حقوقه وتنمية امكانياته الانسانية والمادية


في صميم هذا التصور حلم رائع بتحول المجتمع العربي تحولا جذريا من مجتمع مفكك -


شبه اقطاعي - شبه برجوازي - فسيفسائي - متخلف - عاجز تجاه التحديات التاريخية - طبقي - مغلوب على امره وخاضع لقوى استعمارية - سلطوي - غيبي الى مجتمع موحد في تنوعه - قومي في ولاءاته - متحرر - تقدمي - منيع - ديمقراطي - علماني - اشتراكي . الحلم هذا - ومهما كان الخلاف حول معناه ومضامينه وتطلعاته ومصادره وواقعيته واحتمالات تحقيقه - هو رفض للواقع


القائم الهزيل اللا - انساني وعمل باتجاه اقامة مجتمع افضل .


هنا نتوقف لنسأل بكل جدية : هل يمكن ان يكون الانسان واقعيا وان يحلم هذا الحلم الكبير ؟ كيف يمكن ان نأمل بتحقيق الوحدة ، والديمقراطية ، والاشتراكية، والعلمنة ، والمناعة القومية ، والتحرير ، والتحرر ، الخ ، في عالم تسيطر عليه قوى غاشمة ساحقة وتسوده حتى الجذور قوى التفسخ والتخلف والتبعية والطبقية والتفكير الغيبي ، الخ ؟ كيف يمكن مجابهة قوى استعمارية جبارة مصممة على الاحتفاظ بسيطرتها ونفوذها وامتيازاتها معتبرة كل تهديد لهذه السيطرة والنفوذ والامتيازات تهديدا لامنها ومسألة حياة او موت ليس فقط لنظامها بل المجتمعاتها وشعوبها ؟ هل ينبثق هذا الحلم والتصور المرتكز اليه عن تفكير مثالي ونزعة رومنطيقية طوباوية يائسة ، ام هل يستند الى وجود نواة حركة وطنية ثورية تقدمية تمكنت بعد قرن من التجارب


الكفاحية من تكوين وعي جديد يرفض الواقع المذل ويصر على الاحتفاظ بشعلة الثورة في هذا


الليل العربي المدلهم ؟


ان يكون للحركة الوطنية العربية التقدمية مثل هذا الحلم وهذه الرؤية المستقبلية لا يعني


بالضرورة انها حركة مثالية رومنطيقية طوباوية . في الواقع أن القبول بهذا الواقع الهش اللا - انساني


هو بالضرورة نتيجة لنزعة قدرية استسلامية اذ انه اقرار ) على الاقل ضمنيا ) باستحالة تجاوز الواقع وتحويله . وكما ان الحلم بتحول المجتمع تحولا جذريا لا يشكل بحد ذاته نزعة مثالية رومنطيقية ،


فان القبول بالأمر الواقع لا يشكل من ناحية اخرى وبحد ذاته نزعة واقعية عقلانية


قد يجوز وصف حركة التحرر العربي بالرومنطيقية والمثالية انما ليس بسبب الحلم والرؤية


المستقبلية بل بسبب عدم تمكنها حتى الآن من وضع استراتيجية تحقق الحلم والرؤية . الواقعية ، اذن ، لا تعني القبول بالواقع بل تعني العمل بموجب استراتيجية تستند الى تحليل دقيق للواقع وتربط بين المسببات والنتائج وتستنبط الوسائل وتتبين المراحل الضرورية في عملية تحقيق الرؤية المستقبلية . ان الخلاف بين اصحاب التصور الاول والتصور الثاني ليس اختلافا في مدى واقعيتهما بل في التصور ، فيكون بامكان كل منهما ان يكون مثاليا او واقعيا . الفرق هو في ان التصور الاول ان


يعمل للحفاظ على هذا النظام السائد ، بينما يعمل التصور الثاني في سبيل استبداله بنظام أفضل المواجهة ليست مواجهة بين المثالية والواقعية ، بل بين قوى التغيير وقوى المحافظة


سنتبين من اقسام الكتاب اللاحقة أن للحركة الوطنية العربية التقدمية تجاربها المريرة وهي من خلال هذه التجارب تستكمل تدريجيا وعيها لطبيعة الاستراتيجية العقلانية الواقعية الكفيلة بتحقيق برنامجها للمستقبل العربي مدركة ، بالاضافة الى ذلك ، ان تجاوز الهوة القائمة بين الحلم


والواقع غاية بعيدة المدى تقتضي استمرار المواجهة وابقاء شعلة الثورة مضيئة


ويبقى ان تستكمل الحركة الوطنية العربية وعيها لطبيعة معوقات الاندماج الاجتماعي ولاي نوع من الاندماج تريد وعلى أي اسس وباتجاه ماذا . ان التفسخ الاجتماعي مستمر باستمرار الولاءات التقليدية ورسوخ الفكر الغيبي . وقد اشار سعد الدين ابراهيم الى عدد من مظاهر تخلف العمل الوحدوي ذاكراً تخلف الفكر القومي ومعاناته من ( الانفصام بين الفكر والعمل » ، وعدم فهم مصادر قوى التوحيد وطبيعة مراحل التكامل السياسي ، وعدم الالتزام بروح الديمقراطية ، وعدم مشاركة الجماهير والاقليات (۱۷) . ان مظاهر التخلف هذه هي في جوهرها مسائل ذهنية ولا بد من ربطها بجذورها في البنى الاجتماعية السائدة التي تسهم في تعزيز تمسك الاقليات بهوياتها المتميزة وحقوقها وامتيازاتها


لعصبيات اخرى مختلفة أو مضادة لها احيانا . لقد ادرك بعض الباحثين في القومية العربية ان الشعوبية ، مثلا ، تعززت في العصر الاموي مقابل عصبية عربية لجأت لها السلطة باستعمالها سلاح القبيلة ، فأفرطت ، على أساس عرقي ، في الاحتقار والعداوة لغير العرب (۱۸) . ان الافراط في عصبية ما يولد كردة فعل افراطا في عصبية مضادة مما يؤدي الى نشوء حلقة مفرغة في العلاقات بين هذه العصبيات فيصعب تجاوزها الا بنشوء اوضاع جديدة تستدعي انبثاق وعي جديد .


ثانيا ، تتمسك الجماعات المسيطرة بعصبياتها من أجل المحافظة على مكتسباتها وامتيازاتها الخاصة . بهذا المعنى تكون العصبية اداة محافظة على النظام القائم . تنشأ هذه العصبيات في الاساس نتيجة لمخاوف حقيقية ، ولكنها قد تستمر ليس بسبب استمرار هذه المخاوف بل لانها تشكل اداة لاستمرار المكاسب والامتيازات التي تكون قد حصلت عليها . لذلك كثيرا ما يعمد قادة الاقليات المسيطرة الى اثارة مخاوف جماعاتهم للابقاء على حدة العصبية التي يفترض ان تكون قد


زالت بزوال الاسباب التي دعت لها في الاساس .


اذا كانت العصبية في هذه المرحلة التاريخية حصيلة لوجود عصبيات مضادة ولكونها اداة للمحافظة على الامتيازات والمكاسب على حساب الآخرين، يكون من المتعذر ازالة هذه العصبية بدون تغيير البنى الاجتماعية تغييرا جذريا واستبدال الوعي التقليدي بمستويات اعلى من الوعي


ومنها الوعي القومي والوعي الطبقي


من هنا ان الحركة الوطنية العربية التقدمية تشكل البديل للاتجاه التقليدي في السعي لتحقيق الاندماج الاجتماعي . ومن هنا أهمية استكمال تحرر الحركة الوطنية من الولاءات التقليدية واعادة


تحديد رؤيتها المستقبلية


ثانياً : الرؤية المستقبلية


ان الحركة الوطنية العربية التقدمية مطالبة بمزيد من اعادة النظر ببعض المفاهيم وتحديدها من جديد على ضوء مهمة الاندماج الاجتماعي . في الواقع ، وكما سنرى في الاقسام اللاحقة من الكتاب ، ان هذه المطالبة تنبع من داخل الحركة الوطنية فقد كانت وما تزال تعيد النظر


بايديولوجيتها وتنمو من ضمن تجاربها وكفاحها المرير .


وفي رأيي ان هناك خمسة عناصر اساسية تشكل تدريجيا قناعات راسخة في صلب الايديولوجية العربية التقدمية فيما يتعلق بمهمة الاندماج الاجتماعي وهي القول بالتنوع المنسجم ، والتحليل الطبقي ، والاشتراكية ، والعلمنة ، وتجاوز حالة الاغتراب (۱۹) ، وترسيخ الديمقراطية التي يمكن اعتبارها هنا عنصراً سادساً او اطاراً عاماً تندرج فيه مختلف هذه القناعات



  • التنوع المنسجم في اطار الهوية العربية


ان الاندماج الاجتماعي في سبيل ترسيخ الهوية العربية لا يعني الغاء التنوع في الانتماءات الخاصة . لقد نمت الحركة الوطنية العربية التقدمية باتجاه مطالبة نفسها قبل غيرها بتوضيح مفهومها للاندماج الاجتماعي والوحدة السياسية والاسس التي يجب ان تقوم عليها والغايات التي يجب ان تخدمها ، بين هذه الاسس التي يزداد الوعي بها ان الاندماج الاجتماعي والوحدة السياسية لا يعنيان الغاء التنوع في المجتمع العربي . ان الوحدة العربية لا تعني ان يصبح المجتمع ذا بعد واحد ، ولا تعني ان تفرض ثقافة الاكثرية على الاقلية او العكس . فالتنوع - في ظل وحدة يتم فيها التفاهم حول الاسس التي لا ينهض المجتمع بدونها - مصدر غنى وأغناء للجميع . ليست الثقافة العربية ثقافة عنصرية أو فئوية ، بل هي


تألف حضارات متنوعة تداخلت وتفاعلت وتغيرت عبر التاريخ


لذلك لا يعني الاندماج الاجتماعي الغاء ثقافة القرية ، او البادية وفرض ثقافة المدينة عليهما، ولا يعني التخلي عن التراث المصلحة الحداثة او التخلي عن الحداثة لمصلحة التراث ، ولا يعني القضاء على هويات الاقليات بفرض هوية واحدة . ان في هذا التنوع غنى لا يصدق ولا بد من التعامل الديمقراطي والمشاركة من قبل جميع الجماعات في صنع المستقبل العربي .


بذلك تكون الدعوة للتنوع المنسجم دعوة للديمقراطية والتسامح الديمقراطي


من ناحية أخرى ، لا يجوز أن يعني القول بالمحافظة على التنوع الابقاء على هذه الفسيفسائية الهزيلة القائمة على عصبيات متنافرة مما يعطل الامكانيات العربية ويجعل المجتمع العربي مجتمعا مقسوما على ذاته متناحرا منصرفا الى خلافاته الجزئية الثانوية . لا بد من رؤية تجاوزية ترتكز الى وعي جديد وتهدف الى اقامة علاقات جديدة . ان المجتمع العربي في الوقت الحاضر يراوح بين مرحلتي النزاع والتعايش بين الجماعات والاقطار والكيانات التي يتكون منها دونما تفاهم حول رؤية اندماجية مستقبلية . ليس المطلوب التعايش الذي يبقي على الولاءات للجزء على حساب الانتماء للكل ، بل المطلوب هو الاندماج الاجتماعي الذي يحترم التنوع ويقدم الولاء للكل على الولاء للجزء في حالات التناقض بينهما ( اي المطلوب هو عکس ما هو قائم في المجتمع العربي حيث يتقدم الولاء للجزء على الولاء للكل ، وحيث يفهم الولاء للكل بأنه فرض ثقافة تقليدية على ثقافة تقليدية مختلفة ) .


صحيح أن لكل بلد عربي وضعه الخاص المنفرد وتاريخه وبنيانه وتركيبه ولهجاته ومصالحه ، غير ان هذا التفرد لا يجوز ان يتخذ ذريعة للابقاء على التفكك والعزلة والعمل


ضد المصلحة العربية العامة . ان التحدي الذي يواجه المجتمع العربي في تحقيق الاندماج الاجتماعي والوحدة السياسية هو التمكن من اقامة تنوع منسجم لا تنوع متنافر يبقي على التجزئة الحاضرة . ويتطلب هذا التحدي وضع استراتيجية عقلانية واقعية بعيدة المدى يكون من اهدافها تجاوز الولاءات الجزئية والعقلية التوفيقية التي ابقت على هذا التراوح السقيم بين التصادم والتعايش. ويقتضي وضع هذه الاستراتيجية لتحقيق التنوع المنسجم والتفكير المرحلي والتفاهم عن طريق النقاش الحر الديمقراطي واشراك جميع الجماعات في صنع الثورة


العربية


٢ - التحليل الطبقي


سنظهر لاحقا أن الحركة الوطنية العربية تزداد اهتماما ) وهي مطالبة بتعميق هذا الاهتمام ) باعتماد التحليل الطبقي للواقع الاجتماعي ، تماما كما ان التحليل الطبقي يزداد اهتماما ( وهو أيضا مطالب بتعميق هذا الاهتمام ( بالمسألة القومية بحيث يصبح كل من التحليل القومي والتحليل الطبقي جزءا اصيلا من نظرة شاملة للواقع العربي . يقول سمير امين « ان الاطار الذي يحدث ضمنه الصراع الطبقي هو اطار قومي وقمع شعوب المنطقة ليس قمعا اقتصاديا


فحسب بل هو ايضا قمع قومي » (۲۰)


ان الدمج بين التحليل الطبقي والتحليل القومي سيسمح بمزيد من الدقة والعمق في تفهم الواقع العربي وفي حل مشكلاته المستعصية ، بما في ذلك خاصة مشكلة الاندماج الاجتماعي . ان النزاعات الطائفية والاثنية والقبلية هي في جوهرها صراع طبقي بين جماعات تحتل مواقع مختلفة في البنية الطبقية الهرمية الراسخة في المجتمع العربي . وفيما يتعلق بالقهر القومي ، اصبح واضحا ان الطبقات الحاكمة لن تعمل في سبيل التحرير والوحدة لمجرد انها عربية وتقول بالانتماء العربي . لقد تكون لهذه الطبقات من خلال التجزئة العربية مصالح مكتسبة لن تتخلى عنها ، وهي تتخلى عن العروبة عندما تهدد مصالحها هذه . لقد تبين ، خاصة للفلسطينيين ، أن الاعتماد على الطبقات العربية الحاكمة كاد ان يكون مميتا بالنسبة


للقضية الفلسطينية


ويجدر بنا ان نشير خاصة الى اننا أهملنا التحليل الطبقي خاصة في معالجة مسألة الاندماج الاجتماعي وموضوعات الوحدة والتعددية والاقليات . سبق ان اشرنا الى ان سعد الدين ابراهيم اتبع منهجا نمطيا ) جريا على منهج عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر Max Weber ) في تصنيف الاقليات في المجتمع العربي حسب بعدين رئيسيين هما الشعور بالانتماء العربي والتحدث باللغة العربية كلغة ام ، متجنبا الانتماء الطبقي . ماذا يقول لنا هذا التصنيف عن التناقضات داخل المجموعة العربية التي تؤلف حوالى ٨٥ بالمائة من مجموع سكان البلدان


العربية ؟ ثم هل يجوز ان نفترض أن الموارنة والبربر والاكراد يجمعون على عدم الانتماء العربي ؟ تبين من دراسة لي حول الاتجاهات السياسية بين الطلاب الجامعيين في لبنان ان الموارنة منهم موزعون بين الاحساس بالانتماء ( القومي اللبناني والقومي العربي والقومي السوري » ، يضاف الى ذلك ان شعور الطلاب الموارنة بالانتماء القومي متصل بالانتماء الطبقي . لقد وجدت ان الطلاب الموارنة من أصول طبقية فقيرة أو دون المتوسطة أكثر احساسا بهويتهم العربية من الطلاب الموارنة من اصول برجوازية متوسطة وعليا (۲۱) . واظن ان دراسات مشابهة بين البربر والاكراد قد تتوصل الى نتائج مماثلة . سنجد بين هذه الجماعات طبقات مستفيدة تتنكر ليس فقط لهويتها العربية بل للهويات التي تدعيها لنفسها هي بالذات وتلتحق بالغرب وترتبط بالسوق العالمية . يظهر واضحا أن بعض الموارنة الذين تخلوا عن الهوية العربية تخلوا أيضا عن هويتهم المارونية كما ينعكس في تفضيلهم الاسماء الغربية على الاسماء المسيحية الشرقية ) فحل اسم بيار مكان بطرس ، وبول مكان بولس ، وجان مكان حنا ، وميشال مكان مخائيل ، وجوزف مكان يوسف ، الخ ، حتى ان بعضهم ينظرون الى هذه الاسماء الشرقية بشيء من التعالي وعلى انها من دلائل التخلف ) . ثم ان مثل هذه الاتجاهات بين الموارنة في لبنان تتوفر بشكل مذهل بين الشرائح السنية المتعاونة مع الغرب في بلدان عربية اخرى مثل تونس .


اذن ، لا بد من اعادة النظر بكثير من المقولات التي تتجنب التحليل الطبقي على الاقل


في سبيل فهم الواقع كما هو وتجنب معارك لا لزوم لها . من هنا أن سعد الدین ابراهیم نفسه افترض في دراسة أخرى « ان طبقات معينة في المجتمع العربي تكون أكثر تأييدا لفكرة توحيد الامة العربية من غيرها . وبالتالي فان الانتماءات المتباينة للافراد لا بد ان تنعكس على اتجاهاتهم في هذه المسألة (۲۲) . واعادة النظر هذه مهمة أيضا لانها تضع الحركة الوطنية العربية وجها لوجه امام مسؤولية خلق المناخات الديمقراطية الضرورية لحصول الاندماج الاجتماعي . لهذه الاسباب على الاقل ، لا بد من اعتماد التحليل الطبقي فيصبح جزءا لا يتجزأ من الايديولوجية القومية ، كما لا بد من اعتماد التحليل القومي فيصبح جزءا لا يتجزأ من الايديولوجية الاشتراكية (۲۳)


٣ - الاشتراكية


تبنت الحركة الوطنية العربية التقدمية تدريجيا المفاهيم الاشتراكية بحيث اصبحت جزءا لا يتجزأ من ايديولوجيتها فتر سخت قناعاتها بضرورة الغاء التفاوت الطبقي الهرمي الصارم في مجمل الحياة العربية ، وردم الهوة العميقة الواسعة بين اقلية موسرة جشعة واغلبية فقيرة


مسحوقة ، والتحرر من القيم والطموحات والتطلعات البرجوازية . لقد اصبحت الحركة الوطنية اكثر اهتماما بالاشتراكية وتبنت الكثير من مبادئها ومفاهيمها وشعاراتها بعد أن كادت تقتصر اهتماماتها على الهوية القومية والاستقلال والتحرر من النفوذ الاجنبي . بدأ هذا التحول يتخذ شكلا واضحا ومنهجيا منذ مطلع عصر النهضة ويتعمق تدريجيا بفعل تكون وعي جديد لوجود ارتباط وثيق بين القهر القومي والقهر الاجتماعي ، وبين التحرر الوطني والتحرر من الفقر ، ولطبيعة التحالف الراسخ بين الاستعمار والطبقات الحاكمة . من هنا


الدعوة لثورة سياسية اجتماعية .


وفي مطلع الثمانينات ما يزال المجتمع العربي يعاني من احتكار الثروة القومية من قبل فئات صغيرة رغم تزايد الطبقة الوسطى، وتتصرف بعض الطبقات ، أو بالأحرى ، العائلات الحاكمة وكأن ثروة البلاد هي ثروتها الخاصة ، أن المجتمع العربي في الوقت الحاضر بين اغنى المجتمعات في ثروته وموارده وبين افقرها في آن معا . رغم الثروات الطائلة يظل الشعب العربي فقيرا متخلفا ومهددا باستمرار. ثروات العربي ليست له ، بل كثيرا ما تستعمل


ضده .


وقد ادى تبني مفاهيم الاشتراكية الى بعض الانقسامات داخل الصف القومي بين اجنحة يمينية واجنحة يسارية. وفي بعض الاحيان الى انشقاق عن الحزب الام ونشوء حزب جديد . يقول اديب نصور ان الذي حوّل القومية العربية الى ايديولوجية واعطاها مفهومها الثوري وربطها بالاشتراكية وحملها الصراع الطبقي قد وضع فيها لغما يتفجر فيبدد الوحدة ويدمر امة العرب (٢٤)


أنما سيتبين لنا ايضا فيما بعد أن تبني الاشتراكية ادى بدوره الى تحالفات جديدة داخل الوطن العربي وخارجه مما دفع الحركة الوطنية التقدمية الى الامام في عملية تحليل التناقضات الاساسية والثانوية وبلورة مفاهيمها لطبيعة الصراع وللعلاقات الوثيقة بين القهر القومي والقهر الطبقي وبين مهمات التحرير والتحرر وارتباط الثورة السياسية بالثورة الاجتماعية .


٤ - العلمنة


لان العلمنة تشكل واحدا من أكثر الموضوعات حساسية في المجتمع العربي ، ظل هذا المفهوم غامضا يقبل أو يرفض ليس بحد ذاته ورغم أهميته في تثبيت الولاء القومي وتعزيز الاندماج الاجتماعي ، بل لما نراه من دوافع وراء الدعوة اليه . وقد تنوعت المواقف الوطنية بين موقف يعلن قناعته بالعلمنة ، وموقف يقتنع بها دون ان يجروء على اعلان موقفه ، وموقف غيبي ثيوقراطي مضاد لها ويخلط بينها وبين الالحاد . ثم هناك من يقبلون بالعلمنة او يرفضونها رغم جهلهم بمعناها ومدلولاتها والوظائف التي تؤديها في المجتمع


نستنتج من مجمل الكتابات والآراء التي اطلعنا عليها حول العلمنة (٢٥) انها نظام عام عقلاني ينظم العلاقات بين الافراد والجماعات والمؤسسات فيما بينها وفيما بينها والدولة على اساس مبادىء وقوانين عامة مستمدة من الواقع الاجتماعي يتساوى امامها جميع اعضاء


المجتمع وفئاته بصرف النظر عن الانتماءات والخلفيات وتشمل فيما تشمل :


أ - فصل الدين عن الدولة واقرار حيادها تجاهه والامتناع عن تحديد هويتها الدينية .


ب - الغاء الطائفية السياسية


ج - تعزيز المحاكم المدنية العامة لضمان المساواة التامة بين المواطنين على اختلاف


انتماءاتهم .


د - اقرار توحيد قانون الاحوال الشخصية بحيث يساوى بين المرأة والرجل ويمنح


المواطن حق الاختيار بين الزواج المدني او الديني او كليهما .


هـ ـ اعتبار القوانين نسبية لا مطلقة مصدرها المجتمع فتعدل بضوء حاجاته ومشكلاته وبمقتضى الاحداث التاريخية الجارية وحسب مشيئة الشعب الذي يحكم باسم هذه القوانين


و - اعتبار الحاكم حاكما باسم الشعب يستمد سلطته من الناس ويمثل ارادتهم ولا يستمدها


من ارادة الهية فوق المجتمع


ز - تعزيز الثقافة العلمية العقلانية .


ج - الاقرار بحقوق مختلف المذاهب والطوائف .


ط - تحرير الدين من سيطرة الدولة ، والدولة من سيطرة الدين (٢٦)


لقد شدد دعاة العلمنة على واحد او اكثر من هذه العناصر . رآها البعض منذ بدء النهضة


العربية بديلا للنظام الطائفي وانتقالا من الولاء للطائفة أو الجزء الى الولاء للامة ككل فتتحقق بها


وحدة الامة وتنصهر فيها النزعات الفئوية . وقد حرصت الحركات القومية العربية منذ ولادتها


وحتى الوقت الحاضر على هذا الجانب الهام من العلمنة بهدف تثبيت الولاء القومي وتعزيز الاندماج


الاجتماعي


وشدد بعض دعاة العلمنة على تساوي المواطنين باختلاف انتماءاتهم امام القانون . وقد قصد بذلك خاصة تساوي الطوائف المختلفة في الحقوق والفرص والواجبات ، ومساواة المرأة والرجل فيما يتعلق خاصة بالزواج والطلاق والارث والمشاركة في الحياة العامة


وربط البعض بين العلمنة والعلم والعقلانية ، فيقول المفكر اللبناني ناصيف نصار ان هناك حاجة ماسة الى الربط بين الصفة العلمية والصفة العلمانية » وأن مهمة التغيير مزدوجة وشاقة . فلا يمكن فصل الاتجاه نحو العلمية عن الاتجاه نحو العلمانية » . وان « عملية الخروج من المجتمع الطائفي الى المجتمع العلماني ترافق


عملية الخروج من المجتمع الطائفي الى المجتمع العلمي (۲۷)


ه - تجاوز الاغتراب


اهتمت الحركات الوطنية التقدمية - وهي مطالبة بمزيد من الاهتمام - بالعمل نحو تجاوز حالة الاغتراب التي يعاني منها الشعب في علاقاته بالنظام والمؤسسات ، ورأت في تجاوز هذه الاوضاع اداة للاندماج الاجتماعي . سنظهر في مختلف اقسام الكتاب ان النظام العام السائد مغرب يحيل الانسان الى كائن عاجز ، مغلوب على امره ، هامشي . ان الاوضاع والانظمة والمناخات العامة السائدة لا تسمح للانسان بممارسة حريته وتنمية طاقاته الابداعية ، ولا تشجع على اندماجه بقدر ما تشجع على عزله ، ولا تُغني حياته بقدر ما تفقرها في الصميم ، ولا تملأ نفسه بالاعتزاز بهويته وكرامته بقدر ما تذله ، وتسلبه حق المشاركة في صنع مصيره وبقدر ما تمارس عليه القهر .


من هنا مطالبة الحركة الوطنية التقدمية بتجاوز هذا الواقع المغرب فتكون الانجازات ثورية بقدر ما تحرر الشعب من العجز فيشترك في صنع مصيره بنفسه ولنفسه . طبعا ، لا تتساوى جميع فئات الشعب وطبقاته في حالة العجز هذه . ان الطبقات الكادحة ) وهي تؤلف غالبية الشعب ) والمرأة هي الأكثر عجزا ، ولن يتم اندماجها في المجتمع الا بتجاوز اغترابها ، ولا يكون التجاوز الا بالديمقراطية التي تؤكد على العدالة والحرية معا وتكفل للانسان حقوقه السياسية والفكرية والاجتماعية .


هذه هي العناصر الخمسة الاساسية التي تشكل تدريجيا قناعات راسخة في صلب ايديولوجية الحركة الوطنية العربية التقدمية فيما يتعلق بتحقيق الديمقراطية والاندماج الاجتماعي وبما ان الايديولوجيات السائدة في المجتمع العربي تحمل قناعات مضادة فإنه لا بد للحركة الوطنية التقدمية من مضاعفة صراعها مشددة على الممارسة الديمقراطية في ترسيخ مفاهيمها . بذلك نتجاوز حالة التجزئة وننتقل من مرحلتي التصادم والتعايش الى مرحلة الاندماج الاجتماعي الذي


هو في أساس اية وحدة سياسية ناجحة .


أن المطالبة بالتنوع المنسجم المتألف ، والتحليل الطبقي ، والاشتراكية الديمقراطية ، والعلمنة ، وتجاوز حالة الاغتراب لا تشكل لائحة مطالب منفردة مجردة مثالية . انها رؤية مستقبلية ذات عناصر متشابكة متكاملة لا يمكن عزلها عن بعضها البعض وقبول بعضها ورفض بعضها الآخر اذا اردنا حقا تحقيق الاندماج الاجتماعي . انها تمثل جوانب مختلفة الحقيقة واحدة وفي سبيل


التحرير والتحرر والتوحد. وهذه الحقيقة الواحدة هي في رأينا الديمقراطية التي تكمن في صلب كل عنصر من هذه العناصر الخمسة . انها في اساس الدعوة للتنوع المنسجم الذي يقوم على الولاء القومي المشترك وعلى التسامح واحترام الآخرين، وللتحليل الطبقي الذي يقود الى وضع حد للاستغلال والقهر ودمج الجماعات المحرومة في المجتمع ، وللاشتراكية التي تقرن بين العدالة والحرية ، ولتجاوز حالة الاغتراب والتأكيد على المشاركة في صنع المصير الواحد .


نفهم الديمقراطية بأنها نظام عام يوازن بين الحرية والعدالة ، وبالتالي بين الفرد والجماعات والمجتمع. تتجسد الحرية خاصة بقيام نظام سياسي يؤمن حق جميع المواطنين في التمثيل عن طريق الانتخابات الحرة والمشاركة في صنع القرار وتنفيذه، وفي خلق الأطر القانونية التي تؤمن حرية الرأي والتعبير والمعتقد والتجمع والتنظيم والتعبئة ، وفي احترام الفرد الذي هو غاية جميع الحقوق والواجبات في المجتمع ، وفي عدم التمييز بين المواطنين على اي اساس ، وتأمين جميع الحريات الأخرى المنصوص عليها في الشرعة العالمية الحقوق الانسان .


وتتجسد العدالة في اطار الديمقراطية بتكافؤ الفرص في مختلف الحقول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وباقامة نظام اقتصادي يهدف الى رفع مستوى المعيشة لدى مختلف المواطنين والحد من التفاوت بين الطبقات والجماعات والاقطار والمناطق. تبدأ العدالة بمقولة ان حرية الفرد أو الجماعة او المجتمع لا تكون بالغاء حرية الآخر . من هنا شكلية الديمقراطية وهشاشتها في المجتمعات الرأسمالية التي تسمح بالاستغلال والقهر وتفاوت الفرص وكما لا تكون الحرية دون عدالة ، كذلك لا تكون العدالة دون حرية ...


لقد اظهرت الازمات العربية المتتالية مدى فداحة غياب الديمقراطية في الدولة والعائلة والمدرسة والدين والعمل والحزب والنقابة والمؤسسات الأخرى . قامت السلطاة بكافة اشكالها على الترهيب والترغيب والوصاية أكثر مما قامت على الاقناع والبحث والتساؤل والتفكير النقدي والاخذ والعطاء. وهكذا سيطر الشخص والاتجاه الواحد ، واصبح المجتمع العربي مجتمعا حكومياً اكثر منه مجتمعاً مدنياً ، وابعد الشعب عن المشاركة في مواجهة التحديات وصنع مصيره


ان الوضع الحاضر والمستقبل القريب معتمان حقا وهما يدفعان باتجاه مزيد من التشاؤم . ولكن الكفاح العربي سيستمر تغذية قناعة راسخة بانه في المدى البعيد ليس من بديل للتغيير الثوري . هنا التحدي الاهم والأجدى. وسنعود الى ذلك في القسم الاخير من الكتاب بعد ان نتعمق في فهم طبيعة البني والمؤسسات الاجتماعية والثقافة السائدة .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Cloves are the ...

Cloves are the aromatic flower buds of a tree in the family Myrtaceae, Syzygium aromaticum . They ar...

يتكون محيط الرأ...

يتكون محيط الرأس من قياس محيط رأس الطفل منذ الولادة وحتى سن 3 سنوات. يأخذ طبيب الأطفال عادةً هذه الق...

: يشمل تعريف ال...

: يشمل تعريف الشركة والتي تأخذ شكل شركة المساهمة التي عرفها المشرع ضمن نصوص القانون التجاري على أنها...

يحصلا رمطلا وأ ...

يحصلا رمطلا وأ : تايافنلل ينقتلا مدرلا نم نكمم ردل ربكأ بنجت هنمض متٌ رصاعم ًملع بولسأب ةبلصلا ةٌحصل...

وهنالك نقد داخل...

وهنالك نقد داخلي سلبي يكشف الستار عن مآرب المؤلف وأهوائه ودرجة تدقيقه في الرواية، فيظهر لنا مقدار ما...

Ethical and Leg...

Ethical and Legal Issues of Death = • Legal issues surrounding death include issuing the death cert...

سؤال: ما الشعر؟...

سؤال: ما الشعر؟ هو السؤال الذي يبدأ فيه فصله الأول. ويرى ياكبسون أنه ينبغي علينا إذا أردنا تحديد هذا...

وعندما وصل خبر ...

وعندما وصل خبر وفاة السلطان إلى روما ابتهج البابا وأمر بفتح الكنائس وأقيمت فيها الصلوات والاحتفالات،...

تلخيص مقرر اإلق...

تلخيص مقرر اإلقتصاد الهندسي إسم المتدرب : محمد عبدالعزيز الشنقيطي الرقم األكاديمي : ٤٤٣١٥٨٠٠٨ مقدمة ...

يعتبر الإنسان ك...

يعتبر الإنسان كاءن تقافي لأنه استطاع أن يطور ويصنع من نفسه علا عكس الكائنات الأخرى حيت حيت ابتكر ادو...

Concept develop...

Concept development and testing is an important process for a tea company to bring its ideas to life...

مبدأ حماية حق ا...

مبدأ حماية حق الملكية يختلف تكريس حق الملكية من دولة إلى أخرى حسب توجهها الاقتصادي ففي الدول الرأسما...