خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
1 - المسيحية في عصورها الأولى: والتي جاءت كرد فعل للإمبراطورية الرومانية القديمة وديانتها الوثنية التي كانت تدعو إلى تعدد الإلهة. ومنذ البداية أوحت المسيحية بالوحدانية وأصبحت الوحدانية الأساس الأول للحياة والفكر، ويعتبر هذا تحولاً جوهرياً في التاريخ الإنساني بالانتقال من العالم القديم الوثني إلى العالم الوسيط المسيحي واعتبر الأباطرة الرومان المسيحية في بادئ الأمر مذهباً من مذاهب اليهودية، وبعد اعتناقه المسيحية ابتداء برحلاته التبشيرية في سوريا وقيليقية، وثلاث مدن في غرب آسيا الصغرى. فقد انتشرت المسيحية في أنحاء البحر المتوسط وأخيراً في عام 67م تم اعتقال القديس بولس وسجن في روما وهناك حكم عليه الإمبراطور نيرون (37-68م) بالإعدام. وأيضاً انتشرت المسيحية بين الوثنيين بفضل تبشير القديس بطرس وكان اسمه سمعان من أسرة يهودية منتمية لسبط نفتالي ، ولد في قرية بيت صيدا في شمال الجليل قرب بحيرة طبرية، وكان وهو أحد التلاميذ أو الحواريين الاثني عشر، ويعتبر أول باباوات الكنيسة الكاثوليكية، وبعد صعود السيد المسيح ذهب إلى انطاكية لمدة سبع سنوات ثم عمل القديس بطرس في الوعظ والتبشير المجتمعات متفرقة من المسيحيين الجدد سواء أكانوا من أصول يهودية أو وثنية يونانية في مناطق مختلفة من سوريا وآسيا الصغرى واليونان، وفي عام 67م اعتقل وسجن في روما وهناك حكم عليه الإمبراطور نيرون بالإعدام. وكذلك انتشرت المسيحية في حوض البحر المتوسط بفضل تبشير القديس مرقس وكان اسمه يوحنا مرقس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، وهو كاتبالسفر الثاني من العهد الجديد (إنجيل مرقس ولذلك لقب بالإنجيلي، وبعد صعود السيد المسيح رافق مرقس القديس بولس في الرحلة التبشيرية إلى انطاكية وقبرص وبعض مناطق في آسيا الصغرى ثم تركه هناك وعاد إلي بيت المقدس ثم ذهب ثانية إلى قبرص ومنها إلى القيروان ثم إلى الواحات ومنها إلى الصعيد، ثم إلى بابليون، وهناك كتب إنجيله باليونانية، وبينما كان المسيحيون يحتفلون بالعيد في كنيستهم هاجمهم الوثنيون وقبضوا علي القديس مرقص وسحلوه حتى أسلم الروح في عام 68م. ولكن ما أخذت الدعوة في الانتشار أتضح للمسئولين أمران:الأول: أن المسيحيين رفضوا رفضاً باتاً عبادة أي إله من آلهة الوطنيين وأبوا حتى عبادة الإمبراطور التي كانت واجبة على كل روماني. الثاني: أن اجتماعات المسيحيين كانت تعقد في الخفاء، وقد رفضوا إذاعة ما كان يدور في هذه الاجتماعات لغير المسيحيين. ويجب ألا يغيب عن بالنا أنه خلال العصور المختلفة كانت أية جماعة تعقد اجتماعات سرية تعتبر عنصراً هداماً، وقد لاقى الشهداء الأوائل حتفهم بتهمة العمل على قلب نظام الحكم ومع أنه لم يكن لدى الإمبراطورية الرومانية ما يثبت هذه التهمة على الجماعات المسيحية إلا أن الأمر تطور لدرجة أن مجرد الانتماء إلى المسيحية أصبح محرماً رسمياً في عصر الإمبراطور دقلديانوس (284) - (305) واعتبر تهمة تقود صاحبها إلى الاستشهاد، وما أن أتي القرن الرابع حتى أضحت المسيحية من القوة لدرجة أن الإمبراطور قسطنطين (306 - (337) اكتسب سلطاناً ونفوذاً سياسياً كبيراً في تحالفه مع أتباع الدين الجديد. وكان الإمبراطور قسطنطين أول إمبراطور روماني وثني يعترف اعترافاً رسمياً بالديانة المسيحية، وأعلن في مرسوم ميلان عام 313م أن المسيحية ديناً من أديان الدولة، وكان تحول الإمبراطورية البيزنطية إلى المسيحية عاملاً هاماً وفعالاً، حيث أصبحعلى الإمبراطورية في مطلع القرن الرابع الميلادي، أن تختار أحد طريقين في علاقتها بالمسيحيين، وإما أن تفتحذراعيها لتحتوي العقيدة الجديدة وتستفيد من جهود معتنقيها، واتخاذها عاصمة للإمبراطورية، وفي عام 325 م بدء في بناء كنيسة القديسة صوفيا، وفي نفس العام عقد أول مجلس مسكوني للكنيسة المسيحية في مدينة نيقية على الجانب الآخر من مضيق البسفور في آسيا الصغرى. وفي هذه الحالة يتطلب الأمر منه أن يتخذ موقفاً من المسيحيين وهذا لم يحدث، بل إنه عايش الاثنين معاً وإنه كان يميل إلى المسيحية شيئاً فشيئاً حتى أصبح في آخر أيامه مسيحياً، وانطاكية، والإسكندرية، وكان بهذه المراكز أكبر الجاليات المسيحية في العالم، ولكنها لم تستطيعا المفاخرة بأن مؤسسيها من القديسين على أية حال لم يكن للكنيستين بيت المقدس والقسطنطينية في بادئ الأمر نفس الأهمية التي كانت للثلاث الأول. ويجب أن نذكر أن المدينة كانت قد دمرت وتفرق شمل أهلها في الثامن من سبتمبر عام 70م على يد القائد الروماني تيتوس Titus ولم تنج كنيستها الرسولية من نفس المصير. ولما أعيد بناء المدينة في عام 320 م ، يحتل البطريرك Patriarch الأب الحاكم ) وفق التسلسل الهرمي لرجال الدين في الكنيسة السلطة العليا الروحية والإدارية فوق رؤساء الأساقفة، 2- الكنيسة في عصورها الأولى: كما كانت فكرة قيام الكنيسة كمؤسسة دينية منفصلة عن الدولة وبمنأى عن سلطة الإمبراطور، وأصبح العالم في اعتقادهم مفعماً بالشرور وفي طريقه إلي الخراب والفناء ، فانطووا على أنفسهم، وتفاني كل منهم في الوصول إلى خلاصه الشخصي، والنجاة بنفسه من عذاب الجحيم في الآخرة. وهذا الانشغال بالحياة بعد الموت جعلت المسيحيين لا يكترثون بأمور هذه الدنيا، وهكذا أضحوا مواطنين سلبيين لا يبالون شيئاً في شئون دولتهم، أخذ المسيحيون يستأنفون الاضطلاع بالتزاماتهم العادية نحو الدولة ونحو المجتمع، وحتى ذلك الحين، وإذا ما نشب خلاف بينهم، ومن ثم اضطلع الأساقفة بسلطة قضائية اعترف بها قسطنطين، وأقر اختصاصات محاكمهم فواصلت عملها جنباً إلى جنب مع المحاكم المدنية، وفي تلك الأثناء، لم تغفل الكنيسة عن تكوين جهاز محكم البنيان، في مرحلة اكتمال النظام الكنسي في روما أصبح رجال الدين في الكنيسة الكاثولوكية على شكل هرم تتسع درجاته كلما اتجهنا إلى أسفل، بدأت مهمتهم الأولى كمستشارين للبابا، وقد كون رجال الدين الكاثوليك مع الزمن طبقة مستقلة قائمة بذاتها لا تنتمي لدولة معينة أو جنس بذاته، وإنما استمدت حقوقها من بين جميع الشعوب المسيحية الكاثوليكية في الغرب الأوروبي، يتبعون الكنيسة باعتبارها مؤسسة معنوية عالمية على رأسها البابوية، ورغم اختلاف مولدهم ومكانتهم يتبعون كنيسة روما. برأس كل منها أسقف يشرف على شئون الكنيسة ورجال الدين في أسقفيته، ثم انقسمت كل أسقفية من هذه الأسقفيات إلي أبرشيات صغيرة بكل منها كنيسة يشرف عليها قس. واعتاد مؤسسي هذه الكنائس سواء كانوا من رجالالدين أو السادة الإقطاعيين أن ينظروا إلى مؤسساتهم على إنها ملك خاص بهم وبالتالي أصروا على الإشراف عليها وهكذا توقفت حالة قسيس الأبرشية الاجتماعية على شخصيته من جهة وعلى نصيبه الثابت من غلة الحقول التي تتبع أبرشيته من جهة أخرى، أما دخل الكنيسة نفسها فكان يستأثر به مالك الإبرشية أي مؤسسها. على أنه كان للكنيسة مورد هام آخر أخذ يزداد منذ القرن الثامن. ونعني به ضريبة العشور التي تلزم جميع الأراضي بدفع عشر إنتاجها لحفظ الكنيسة وصيانتها، وكان السيد الإقطاعي في أغلب الأحيان يعين الفس بالاشتراك مع الأسقف ولذلك كان قسيس الإبرشية يخضع للسيد الإقطاع الذي تقع الإبرشية في أراضيه. القيت على عاتقه بوصفه عضواً عاملاً في مجتمع القرية فضلاً عن كونه ممثل الكنيسة هذا إلى أن تطبيق مبدأ عزوبة رجال الدين، ويؤدي صلواته ويثبت في الأهالي الغلاظ الشداد شيئاً من التحضر والخلق الطيب. دون أن ينتبه مستمعوهم لهذه الأخطاء بسبب جهل الناس باللاتينية. وسميت بهذا الاسم لان بها كرسي الأسقف وتمتع الأساقفة بسلطان واسع في الإشراف على شئون أسقفياتهم وإدارتها وتوجيه القساوسة التابعين لهم. فأما الأسقف فكان قساً اختير ليؤلف من عدة أبرشيات وعدد من القساوسة أسقفية واحدة. ولكن الذي كان يرشحه لمنصبه عادة قبل أيام جريجوري السابع (1073) - 1085م) هو البارون أو الملك، وكان يختاره بعد عام 1215م كهنة الكنيسة الكبرى بالاشتراك مع البابانفسه، وكان من حقه أن يعين القساوسة ويفصلهم. وكانوا بوصفهم حكاماً دنيويين يطرأ عليهم ما يطرأ على غيرهم من ميل لتعيين أقاربهم في المناصب ذات الإيراد المجزي - وكان كثيرون من الأساقفة يحيون الحياة المترفة التي تليق بالسادة الإقطاعيين ولكن كثيرين منهم كانوا يهبون أنفسهم لواجباتهم الروحية والإدارية والواقع أن وظيفة الأسقفية تمتعت بكثير من الضمانات، إذ كان لا يمكن عزل الأسقف من وظيفته إلا بأمر البابا وحده. وكان يرأس أساقفة كل إقليم رئيس الأساقفة أو المطران Metropolitan، وهكذا وجد في إنجلترا العصور الوسطى رئيس أساقفة في كل من يورك وكانتربوري. يشرف كل منهما على عدد كبير من الأسقفيات التابعة له، ولكن الزعامة الدينية في إنجلترا كلها كانت للأخير. وأخذ سلطان البابوية ينمو في القرن الثاني عشر نمواً مكن البابا إنوسنت الثالث (1198 - 1216م) من أن يدعى أن هذا السلطان يمتد إلى جميع بقاع الأرض. فقد كان الملوك والأباطرة يمسكون بركاب خادم خدم الله ذي الثياب البيض ويقبلون قدميه، حتى أضحوا كلية مقدسة مؤلفة من سبعين عضو يمتازون من غيرهم بقلانسهم الحمراء ومازرهم الأرجوانية، ولم يكن لما يصدرونه من الشرائع أية قوة إلا إذا صدق عليه البابا بمرسوم من قبله وكان له الحرية المطلقة في تفسير قانون الكنيسة وإعادة النظر فيه، وتوسيعه، أو يسلك شخصاً في زمرة القديسين وكان على جميع القساوسة بعد عام 1059م أن يقسموا يمين الطاعة له، وأن يقبلوا رقابة مندوبي البابا على شئونهم وكانت جزائر مثل سردينيا وصقلية وشعوب مثل الإنجليز والمجربين والاسبان تعترف بأنه سيدها الإقطاعي وترسل إليه الضريبة، فقد كان هؤلاء يكونون جهاز للاستخبارات والإدارة لا نظير لها في أية دولة من الدول. بدهاء بابواتها، ما كان لها من سلطان على أوروبا معتمدة على ما كان لكلمة الدين من قوة عجيبة. 3- تزعم كنيسة روما: كان أثر كنيسة روما في حفظ التراث الروماني وإحيائه أعمق وأكثر استمراراً من غيرها من الكنائس الأخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط. وهناك عوامل دعمت مركز كنيسة روما منها :
الكنيسة والنظام الديني
1 - المسيحية في عصورها الأولى:
كانت الديانة المسيحية من أهم مميزات العصور الوسطى، والتي جاءت كرد فعل للإمبراطورية الرومانية القديمة وديانتها الوثنية التي كانت تدعو إلى تعدد الإلهة. ومنذ البداية أوحت المسيحية بالوحدانية وأصبحت الوحدانية الأساس الأول للحياة والفكر، ويعتبر هذا تحولاً جوهرياً في التاريخ الإنساني بالانتقال من العالم القديم الوثني إلى العالم الوسيط المسيحي واعتبر الأباطرة الرومان المسيحية في بادئ الأمر مذهباً من مذاهب اليهودية، ولكنها انتشرت بين الوثنيين بفضل تبشير القديس بولس Saint Peter والقديس بطرس Saint Pauls والقديس مرقس Saint Mark ولد القديس بولس في مدينة طرطوس في إقليم قيليقية الواقعة في آسيا الصغرى بين السنة الخامسة والعاشرة للميلاد، وكان القديس بولس اسمه شاول وترعرع في كنف أسرة يهودية منتمية لسبط بنيامين، كما أنه كان أيضاً مواطناً رومانيا، وبعد اعتناقه المسيحية ابتداء برحلاته التبشيرية في سوريا وقيليقية، وقام بتأسيس العديد من الكنائس في آسيا الصغرى وثلاث كنائس في أوروبا. وكون جاليات مسيحية في المدن الرئيسية بأنحاء الإمبراطورية الرومانية مثل انطرسوس وانطاكية وقبرص وخمس مدن في جنوب آسيا الصغرى وخمسة مدن في اليونان، وقيصرية في فلسطين، وثلاث مدن في غرب آسيا الصغرى.
ولما كانت الدعوة في بدايتها قد سرت بين صفوف الطبقات الكادحة المضطهدة، فقد انتشرت المسيحية في أنحاء البحر المتوسط وأخيراً في عام 67م تم اعتقال القديس بولس وسجن في روما وهناك حكم عليه الإمبراطور نيرون (37-68م) بالإعدام.
وأيضاً انتشرت المسيحية بين الوثنيين بفضل تبشير القديس بطرس وكان اسمه سمعان من أسرة يهودية منتمية لسبط نفتالي ، ولد في قرية بيت صيدا في شمال الجليل قرب بحيرة طبرية، قبل ميلاد السيد المسيح بعدة سنوات، وبعد اعتناقه المسيحية سماه السيد المسيحكينا أو بطرس بمعنى الصخرة، وكان وهو أحد التلاميذ أو الحواريين الاثني عشر، ويعتبر أول باباوات الكنيسة الكاثوليكية، وبعد صعود السيد المسيح ذهب إلى انطاكية لمدة سبع سنوات ثم عمل القديس بطرس في الوعظ والتبشير المجتمعات متفرقة من المسيحيين الجدد سواء أكانوا من أصول يهودية أو وثنية يونانية في مناطق مختلفة من سوريا وآسيا الصغرى واليونان، قبل أن يتجه إلى روما مؤسساً كنيستها حيث قضى فيها خمسة وعشرون عاماً، وفي عام 67م اعتقل وسجن في روما وهناك حكم عليه الإمبراطور نيرون بالإعدام.
وكذلك انتشرت المسيحية في حوض البحر المتوسط بفضل تبشير القديس مرقس وكان اسمه يوحنا مرقس، ولد في القيروان في ليبيا في بلدة تدعى أبرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، وتعلم اليونانية واللاتينية والعبرية واتقنها، وعندما هجمت بعض القبائل المتبريرة على أملاكهم تركوا القيروان إلى فلسطين وسكنوا بيت المقدس في وقت ظهور السيد المسيحوكان بيت مرقس يسمى (الغلية) وهو أول كنيسة مسيحية في العالم أجتمع فيها المسيحيون في زمان الرسل. وهو أحد السبعين رسولاً، الذين اختارهم السيد المسيح للخدمة، وهو كاتبالسفر الثاني من العهد الجديد (إنجيل مرقس ولذلك لقب بالإنجيلي، ويعتبر أول باباوات الكنيسة الأرثوذكسية، وبعد صعود السيد المسيح رافق مرقس القديس بولس في الرحلة التبشيرية إلى انطاكية وقبرص وبعض مناطق في آسيا الصغرى ثم تركه هناك وعاد إلي بيت المقدس ثم ذهب ثانية إلى قبرص ومنها إلى القيروان ثم إلى الواحات ومنها إلى الصعيد، ثم إلى بابليون، وهناك كتب إنجيله باليونانية، ثم غادرها إلى الإسكندرية وأخذ يبشر فيها بالمسيحية وأسس كنيسة الإسكندرية، وسافر إلى روما ومنها إلى مدينة إفسوس ثم رجع إلى روما بناء على طلب القديس بولس ولم يتركها هذه المرة إلا بعد استشهاد الرسولين بطرس وبولس، فعاد إلى الإسكندرية واستأنف أعمال التبشير، وأنشأ المدرسة اللاهوتية المسيحية في الإسكندرية ثم ذهب إلى القيروان ثم عاد إلى الإسكندرية مرة أخرى، وفي أحد الفصح أي عيد القيامة، وبينما كان المسيحيون يحتفلون بالعيد في كنيستهم هاجمهم الوثنيون وقبضوا علي القديس مرقص وسحلوه حتى أسلم الروح في عام 68م.
وبفضل تبشير القديس بولس والقديس بطرس والقديس مرقس انتشرت المسيحية في أنحاء البحر المتوسط وشقت طريقها ببطء، وسرعان ما وقع الصراع بين المسيحية وبين الأديان الأخرى فيما عدا اليهودية التي لم تكن ديناً عالمياً يسعى لكسب اتباع جدد. وقد نشأت الكنيسة المسيحية في نشر الدعوة بين الطبقات الفقيرة، ثم انتشرت تدريجياً إلي أن ضمت إليها أنصاراً من جميع طبقات المجتمع.
لم تعرى الإمبراطورية الرومانية في بادئ الأمر أي اهتمام بالدين الجديد، ولكن ما أخذت الدعوة في الانتشار أتضح للمسئولين أمران:الأول: أن المسيحيين رفضوا رفضاً باتاً عبادة أي إله من آلهة الوطنيين وأبوا حتى عبادة الإمبراطور التي كانت واجبة على كل روماني.
الثاني: أن اجتماعات المسيحيين كانت تعقد في الخفاء، وقد رفضوا إذاعة ما كان يدور في هذه الاجتماعات لغير المسيحيين.
لهذين العاملين اضطهدت الجماعات المسيحية في القرون الثلاثة الأولى، ويجب ألا يغيب عن بالنا أنه خلال العصور المختلفة كانت أية جماعة تعقد اجتماعات سرية تعتبر عنصراً هداماً، تهدف إلى قلب نظام الحكم، ولذلك لم يتوان الأباطرة الرومان عن إنزال العقاب والتنكيل بتلك الجماعات. وقد لاقى الشهداء الأوائل حتفهم بتهمة العمل على قلب نظام الحكم ومع أنه لم يكن لدى الإمبراطورية الرومانية ما يثبت هذه التهمة على الجماعات المسيحية إلا أن الأمر تطور لدرجة أن مجرد الانتماء إلى المسيحية أصبح محرماً رسمياً في عصر الإمبراطور دقلديانوس (284) - (305) واعتبر تهمة تقود صاحبها إلى الاستشهاد، إذ أقنع الأباطرة أنفسهم أن الولاء للكنيسة المسيحية والولاء للإمبراطورية أمران يتنافى أحدهما مع الآخر، وأن المسيحي لا يمكن أن يكون مواطناً رومانياً صالحاً، وذلك في نهاية القرن الثالث، وما أن أتي القرن الرابع حتى أضحت المسيحية من القوة لدرجة أن الإمبراطور قسطنطين (306 - (337) اكتسب سلطاناً ونفوذاً سياسياً كبيراً في تحالفه مع أتباع الدين الجديد.
وكان الإمبراطور قسطنطين أول إمبراطور روماني وثني يعترف اعترافاً رسمياً بالديانة المسيحية، وأعلن في مرسوم ميلان عام 313م أن المسيحية ديناً من أديان الدولة، وسمحللمسيحين بنشر الدعوة وممارسة شعائرهم الدينية جهاراً مثلها في ذلك مثل الوثنية واليهودية.
وكان تحول الإمبراطورية البيزنطية إلى المسيحية عاملاً هاماً وفعالاً، حيث أصبحعلى الإمبراطورية في مطلع القرن الرابع الميلادي، أن تختار أحد طريقين في علاقتها بالمسيحيين، إما أن تسير قدماً في سياستها التعسفية التي انتهجتها على مدى ثلاث قرون تجاه الجماعات المسيحية والتي أثبتت فشلها في القضاء على الديانة المسيحية، وإما أن تفتحذراعيها لتحتوي العقيدة الجديدة وتستفيد من جهود معتنقيها، وهذا هو الطريق الذي سلكه الإمبراطور قسطنطين، الذي رأي بثاقب حكمته أن انضمام الكنيسة للدولة سيكون حتماً في مصلحة المسيحيين، وبذلك أنهى موقف العداء الذي كانت تقفه الواحدة من الأخرى، وكانت النتيجة أنه استطاع تقوية نفوذه السياسي وتدعيم وحدة الإمبراطورية حيث قام ببناء مدينة القسطنطينية في بداية عام 324م وأتم بنائها عام 330م كأول مدينة مسيحية، واتخاذها عاصمة للإمبراطورية، وفي عام 325 م بدء في بناء كنيسة القديسة صوفيا، وفي نفس العام عقد أول مجلس مسكوني للكنيسة المسيحية في مدينة نيقية على الجانب الآخر من مضيق البسفور في آسيا الصغرى.
وكان قسطنطين رجلاً على مستوى عال من الذكاء فلم يكن يستطيع أن يعلن أنه مسيحي فيغضب الوثنيين، ولم يكن يستطيع أن يعلن أنه باق على وثنيته، وفي هذه الحالة يتطلب الأمر منه أن يتخذ موقفاً من المسيحيين وهذا لم يحدث، بل إنه عايش الاثنين معاً وإنه كان يميل إلى المسيحية شيئاً فشيئاً حتى أصبح في آخر أيامه مسيحياً، ويتضح مما سبق أن قسطنطين الكبير ولد وعاش وثنياً ومات مسيحياً على المذهب الأريوسي
وفي بداية الاعتراف الرسمي بالكنيسة كانت هناك ثلاثة مراكز، يرأس كل منها بطريرك، وهذه المراكز في روما، وانطاكية، والإسكندرية، وكان بهذه المراكز أكبر الجاليات المسيحية في العالم، وقد أسس كنائسها قديسون في أيام المسيحية الأولى وفيما بعد صارت كنيستا بيت المقدس والقسطنطينية بطريركيتين، ولكنها لم تستطيعا المفاخرة بأن مؤسسيها من القديسين على أية حال لم يكن للكنيستين بيت المقدس والقسطنطينية في بادئ الأمر نفس الأهمية التي كانت للثلاث الأول. وإذا كان يبدو من الغريب أن كنيسة بيت المقدس لم يؤسسها أحد القديسين، ويجب أن نذكر أن المدينة كانت قد دمرت وتفرق شمل أهلها في الثامن من سبتمبر عام 70م على يد القائد الروماني تيتوس Titus ولم تنج كنيستها الرسولية من نفس المصير. ولما أعيد بناء المدينة في عام 320 م ، رفعت الكنيسة هناك إلى بطريركية.
يحتل البطريرك Patriarch الأب الحاكم ) وفق التسلسل الهرمي لرجال الدين في الكنيسة السلطة العليا الروحية والإدارية فوق رؤساء الأساقفة، والأساقفة، كما كان له حق الإشراف الديني والإداري على الجهاز الكنسي المحكم بمساعدة رؤساء الأساقفة والأساقفة.
2- الكنيسة في عصورها الأولى:
منذ بداية المسيحية لم يعتبر المسيحيين الكنيسة والدولة مؤسستان متعارضتان، لأنهم لم يعرفوا سوى مجتمع سياسي واحد هو المجتمع المسيحي. كما كانت فكرة قيام الكنيسة كمؤسسة دينية منفصلة عن الدولة وبمنأى عن سلطة الإمبراطور، كانت فكرة غريبة على العقلية الرومانية، ومن هنا أعتبر الأباطرة أن اعتناق المسيحية جرماً في حق الدولة، ونال المسيحيون أسواء المعاملة من الأباطرة وعانوا من التعذيب والاضطهاد.
لقد كانت هناك نتيجة أخرى لاضطهاد المسيحيين، هي أن نظرتهم إلى الحياة قد تغيرت، وأصبح العالم في اعتقادهم مفعماً بالشرور وفي طريقه إلي الخراب والفناء ، فانطووا على أنفسهم، وتفاني كل منهم في الوصول إلى خلاصه الشخصي، والنجاة بنفسه من عذاب الجحيم في الآخرة. وهذا الانشغال بالحياة بعد الموت جعلت المسيحيين لا يكترثون بأمور هذه الدنيا، سواء أكانت هذه الأمور سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولم تكن لهم غاية يسعون إليها سوى انقاذ أرواحهم، وهكذا أضحوا مواطنين سلبيين لا يبالون شيئاً في شئون دولتهم، ثم أن المسيحيين الأوائل كانوا من محبي السلام، فرفضوا حمل السلاح أو الاشتراك في القتال غير أنه لما انتشرت المسيحية، وضمت أفواجاً من الناس أقل صرامة في الزهد والتعبد ويميلون إلى الناحية العملية في تفكيرهم، أخذ المسيحيون يستأنفون الاضطلاع بالتزاماتهم العادية نحو الدولة ونحو المجتمع، كما أخذوا في الكفاح من أجل تحسين أحوالهم في الحياة الدنيا ومن أجل الخلاص في الآخرة. وفي أوائل القرن الرابع كانت هناك فرق كاملة في الجيش معظم جنودها من المسيحيين، هذا إلى جانب دخولهم في سلك الأعمال الإدارية، ومزاولتهم بشتي المهن كبيرها وصغيرها، وحتى ذلك الحين، ظل المسيحيون متكتلين ضد العالم الخارجي، وإذا ما نشب خلاف بينهم، أثروا عرض خلافاتهم على أسقفهم دون الالتجاء إلى المحاكم المدنية. ومن ثم اضطلع الأساقفة بسلطة قضائية اعترف بها قسطنطين، وأقر اختصاصات محاكمهم فواصلت عملها جنباً إلى جنب مع المحاكم المدنية، وفي تلك الأثناء، لم تغفل الكنيسة عن تكوين جهاز محكم البنيان، والأصل في ذلك النظام أن كل جماعة مسيحية كانت تنظم نفسها مستقلة عن الجماعات الأخرى.
في مرحلة اكتمال النظام الكنسي في روما أصبح رجال الدين في الكنيسة الكاثولوكية على شكل هرم تتسع درجاته كلما اتجهنا إلى أسفل، فعلى قمته البابا (Popc) الذي كان يحتل المكانة الأولى ويتمتع بالسيطرة التامة على جميع رجال الكنيسة، ويأتي بعد البابا في الدرجة مجموعة الكرادلة ( Cardinal) الذين كانوا مجموعة مختارة من كبار الأساقفة، بدأت مهمتهم الأولى كمستشارين للبابا، وجاءوا بعده مباشرة في الدرجة من حيث المكانة والنفوذ وهم الناخبون والمرشحون لانتخاب البابا، ويأتي بعد الكرادلة في الدرجة رؤساء الاساقفة ( Archbishop) فالأساقفة ( Bishop) ورؤساء الأديرة ( Abbot) ورؤساء الشمامسة )Deacon ( والشمامسة )Pasto ( فرجال الدين عموماً من القساوسة )Archdeacon( والرهبان ( Monk) ، وقد كون رجال الدين الكاثوليك مع الزمن طبقة مستقلة قائمة بذاتها لا تنتمي لدولة معينة أو جنس بذاته، وإنما استمدت حقوقها من بين جميع الشعوب المسيحية الكاثوليكية في الغرب الأوروبي، يتبعون الكنيسة باعتبارها مؤسسة معنوية عالمية على رأسها البابوية، وكان رجال الدين في جملتهم، ورغم اختلاف مولدهم ومكانتهم يتبعون كنيسة روما.
وقد أنقسم العالم المسيحي في غرب أوروبا إلى أسقفيات واسعة، برأس كل منها أسقف يشرف على شئون الكنيسة ورجال الدين في أسقفيته، ثم انقسمت كل أسقفية من هذه الأسقفيات إلي أبرشيات صغيرة بكل منها كنيسة يشرف عليها قس.
وأخذت الأبرشيات ( Diocese) تظهر وتنتشر تدريجياً في غرب أوروبا وفقاً لحاجيات الأهالي وانتشار المسيحية، وكان تأسيس الكنائس المحلية يتم إما بواسطة الأساقفة أو بواسطة السادة الإقطاعيين الذين يهبونها للكنيسة. واعتاد مؤسسي هذه الكنائس سواء كانوا من رجالالدين أو السادة الإقطاعيين أن ينظروا إلى مؤسساتهم على إنها ملك خاص بهم وبالتالي أصروا على الإشراف عليها وهكذا توقفت حالة قسيس الأبرشية الاجتماعية على شخصيته من جهة وعلى نصيبه الثابت من غلة الحقول التي تتبع أبرشيته من جهة أخرى، أما دخل الكنيسة نفسها فكان يستأثر به مالك الإبرشية أي مؤسسها. ولم يكن ذلك إلا تدريجياً عندما سمح لقسيس الأبرشية بجزء من هذا الدخل. واستمر الوضع على ذلك حتى تقدمت النظم الاقطاعية فأصبح للكنيسة أملاكها الخاصة بها في كل إبرشية، والتي آلت إليها عن طريق الهبة من السيد الإقطاعي صاحب الأرض. على أنه كان للكنيسة مورد هام آخر أخذ يزداد منذ القرن الثامن. ونعني به ضريبة العشور التي تلزم جميع الأراضي بدفع عشر إنتاجها لحفظ الكنيسة وصيانتها، وامتازت هذه الضريبة بأنها كنسية بحته، ينتفع بها الفساوسة ورجال الدين وحدهم.
وكان السيد الإقطاعي في أغلب الأحيان يعين الفس بالاشتراك مع الأسقف ولذلك كان قسيس الإبرشية يخضع للسيد الإقطاع الذي تقع الإبرشية في أراضيه. في حين خضع في الجانب الديني للأسقف الذي يتبعه، ومع ذلك فإن قسيس الإبرشية أحتل مكانة على جانب كبير من الأهمية في النظام الكنسي في العصور الوسطى، ذلك أن مهمة الربط بين الكنيسة من جهة والفلاحين وعامة الناس من جهة أخرى، القيت على عاتقه بوصفه عضواً عاملاً في مجتمع القرية فضلاً عن كونه ممثل الكنيسة هذا إلى أن تطبيق مبدأ عزوبة رجال الدين، جعل لقسيس الأبرشية مكانه خاصة قائمة بذاتها في القرية، ونصت المجامع المسكونية مراراً علىضرورة مراعاة الدقة في اختيار قسيس الإبرشية والتأكد من سلامة أخلاقه، فلا يجوز لأسقف أن يرسم قساً غير متعلم، وإن يتأكد من استقامته وألا يقل عمره عن خمس وعشرين سنة.
وكان القس يحيا حياة الفقر، وكان دخله من رسوم المذبح أو التعميد أو عقود الزواج أو الدفن أو قراءة القداس للموتى، وكان يقوم بعمله صابراً حريصاً على إطاعة نداء الضمير وواجب الشفقة والرحمة، وكان يواسي المرضى والمحرومين ويعلم الشباب، ويؤدي صلواته ويثبت في الأهالي الغلاظ الشداد شيئاً من التحضر والخلق الطيب.
وكان القساوسة في أنحاء كثيرة من غرب أوروبا لا يرتفعون كثيراً في مستواهم الفكري عن عامة أهالي الإبرشية، فمعظمهم لم يكن على قدر كاف من التعليم مما أوقعهم في أخطاء كثيرة أثناء الصلاة والوعظ، دون أن ينتبه مستمعوهم لهذه الأخطاء بسبب جهل الناس باللاتينية.
وكان الأسقف الرئيس المباشر للقسيس في النظام الكنسي، وكان للأسقف عادة كندرانيه ( Cathedral) في المركز الرئيسي لأسقفيته يتخذها قاعدة لنفوذه، وسميت بهذا الاسم لان بها كرسي الأسقف وتمتع الأساقفة بسلطان واسع في الإشراف على شئون أسقفياتهم وإدارتها وتوجيه القساوسة التابعين لهم.
وكان القساوسة والأساقفة يؤلفون فيما بينهم طبقة رجال الكهنوت Apristshood Men. فأما الأسقف فكان قساً اختير ليؤلف من عدة أبرشيات وعدد من القساوسة أسقفية واحدة. وكان الذين يختارونه لهذا المنصب من الوجهة النظرية وفي بداية الأمر هم القساوسة والشعب، ولكن الذي كان يرشحه لمنصبه عادة قبل أيام جريجوري السابع (1073) - 1085م) هو البارون أو الملك، وكان يختاره بعد عام 1215م كهنة الكنيسة الكبرى بالاشتراك مع البابانفسه، وكان يعهد إليه بكثير من الشئون الدنيوية والكنيسة، كما كانت محكمته الأسقفية تنظر في بعض القضايا المدنية وفي جميع القضايا التي تمس رجال الدين على اختلاف طبقاتهم.
وكان من حقه أن يعين القساوسة ويفصلهم.
وكان إيراد الأسقف يأتي بعضه من الأبرشيات التابعة له، ولكن معظمه كان يأتيه من القرى التابعة لكرسيه، وكان في بعض الأحيان يعطى إحدى الأبرشيات من المال أكثر مما يأخذ منها وكان المتقدمون لشغل مناصب الأساقفة يتعهدون عادة بأن يؤدوا - للملك أولاً ثم للبابا فيما بعد - قدراً من المال نظير ترشيحهم، وكانوا بوصفهم حكاماً دنيويين يطرأ عليهم ما يطرأ على غيرهم من ميل لتعيين أقاربهم في المناصب ذات الإيراد المجزي - وكان كثيرون من الأساقفة يحيون الحياة المترفة التي تليق بالسادة الإقطاعيين ولكن كثيرين منهم كانوا يهبون أنفسهم لواجباتهم الروحية والإدارية والواقع أن وظيفة الأسقفية تمتعت بكثير من الضمانات، إذ كان لا يمكن عزل الأسقف من وظيفته إلا بأمر البابا وحده.
وكان يرأس أساقفة كل إقليم رئيس الأساقفة أو المطران Metropolitan، وكان له هو وحده حق دعوة مجلس الكنيسة الإقليمي ورئاسته وكان بعض رؤساء الأساقفة، بما أوتوا من قوة في الخلق أو سعة في الثراء، يسيطرون على حياة أقاليمهم من نواحيها كلها تقريباً. وهكذا وجد في إنجلترا العصور الوسطى رئيس أساقفة في كل من يورك وكانتربوري. يشرف كل منهما على عدد كبير من الأسقفيات التابعة له، ولكن الزعامة الدينية في إنجلترا كلها كانت للأخير. وكان رؤساء الأساقفة يجتمعون في مجلس تتألف منه من حين إلى حين حكومة نيابية للكنيسة.يكن أحد في غرب أوروبا ينازع سلطان البابا في روما سلطاته العليا الدينية والروحية. وأخذ سلطان البابوية ينمو في القرن الثاني عشر نمواً مكن البابا إنوسنت الثالث (1198 - 1216م) من أن يدعى أن هذا السلطان يمتد إلى جميع بقاع الأرض. فقد كان الملوك والأباطرة يمسكون بركاب خادم خدم الله ذي الثياب البيض ويقبلون قدميه، وأضحى منصب البابوية في ذلك الوقت أسمى ما يطمع فيه إنسان على ظهر الأرض.
وكان سلطان البابا يؤول إليه من الوجهة النظرية من الحقوق التي منحها السيد المسيح للتلاميذ أو للحواريين الأثني عشر. وكانت حكومة الكنيسة بهذا المعنى حكومة دينية.
أي حكومة الشعب عن طريق الدين على أيدى خلفاء الله في الأرض، واقتصر حق انتخاب وترشيح البابا على الكرادلة اساقفة روما وضواحيها السبع ثم زيد عدد هؤلاء الكرادلة السبعة تدريجياً بمن ضمهم الباباوات إليهم من شعوب مختلفة، حتى أضحوا كلية مقدسة مؤلفة من سبعين عضو يمتازون من غيرهم بقلانسهم الحمراء ومازرهم الأرجوانية، وأضحوا طبقة جديدة في سلم الدرجات لا يعلو عليهم إلا البابا نفسه.
وكان البابا يحكم دولة روحية بلغت في القرن الثالث عشر ذروة مجدها ويساعده في حكمها الكرادلة وطائفة كبيرة من رجال الكنيسة وغيرهم من الموظفين يؤلفون جميعا الكوريا Curia" أو المحكمة التنفيذية والقضائية. وكان من حق البابا وحده أن يدعو لانعقاد مجلساً عاماً من الأساقفة، ولم يكن لما يصدرونه من الشرائع أية قوة إلا إذا صدق عليه البابا بمرسوم من قبله وكان له الحرية المطلقة في تفسير قانون الكنيسة وإعادة النظر فيه، وتوسيعه، وإعفاء من يرى إعفاءه من قواعده وكان هو وحده الذي يستطيع أن يغفر بعض الذنوب الخطيرة أويصدر صكوك الغفران الكبرى، أو يسلك شخصاً في زمرة القديسين وكان على جميع القساوسة بعد عام 1059م أن يقسموا يمين الطاعة له، وأن يقبلوا رقابة مندوبي البابا على شئونهم وكانت جزائر مثل سردينيا وصقلية وشعوب مثل الإنجليز والمجربين والاسبان تعترف بأنه سيدها الإقطاعي وترسل إليه الضريبة، وكان في وسعه أن يدمر كل جزء من أجزاء مملكته عن طريق الأساقفة والقساوسة والرهبان المنبثين في كل مكان، فقد كان هؤلاء يكونون جهاز للاستخبارات والإدارة لا نظير لها في أية دولة من الدول. وهكذا عاد إلى روما شيئاً فشيئاً، بدهاء بابواتها، ما كان لها من سلطان على أوروبا معتمدة على ما كان لكلمة الدين من قوة عجيبة.
3- تزعم كنيسة روما:
كان أثر كنيسة روما في حفظ التراث الروماني وإحيائه أعمق وأكثر استمراراً من
غيرها من الكنائس الأخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وهناك عوامل دعمت مركز كنيسة روما منها :
2 كانت مدينة روما العاصمة القديمة للإمبراطورية الرومانية، فينبغي إذن أن يكون لكنيستها مركز الصدارة بين الكنائس الأخرى. ومنذ القرن الرابع والترابط الشديد بين كنيسة روما والإمبراطورية، ولم يكن ذلك الترابط بين الطرفين بالأمر الغريب حيث إنهما يتفقان في أداء رسالة واحدة، فيعمل كل منهما على قيادة الشعب الأوروبي وتوجيهه، وإن تعددت أجناسه ويهمنا من أمر هذا الترابط هو أنه عندما سقطت الإمبراطورية الرومانية في غرب أوروبا عام 476م، وجدت الكنيسة نفسها مسئولة عن رعاية ركاب الحضارة في غرب أوروبا، وساعد الكنيسة على القيام بمهمتها الحضارية طوال العصور الوسطى إن مدينة روما - وهي وحدة التنظيم الكنسي، كما أن الكنيسة الغربية اتبعت في تنظيمها الأسقفي قواعد التنظيم الإداري الروماني وظلت كنيسة روما صاحبة السلطة العليا في غرب أوروبا من موت شارلمان (814م) إلى موت بونيفاس الثامن (1294 - 1303م) ويبدو أن تنظيمها وإدارتها لم يبلغا من الكفاية ما بلغاه في الإمبراطورية الرومانية، كذلك لم يؤت رجالها من القدرة والثقافة مثل ما أوتى الرجال الذين حكموا الولايات والمدن للأباطرة، لكن كنيسة روما ورثت خليطاً من الهمج المسلوبي العقول، وكان عليها أن تبذل الجهود المضنية لتشق لها طريقاً تعود به إلى بسط النظام ونشر التعاليم. ولقد كان رجالها رغم هذه الظروف،خير الرجال تعلماً في ذلك العصر، وكانوا هم الذين قدموا للناس في غرب أوروبا التعليم الوحيد المستطاع في خلال القرون الخمسة التي كان لها فيها السيادة والسلطان وكانت محاكمها تقدم للناس أعدل ضروب العدالة في أيامها، كما كانت محكمة عالمية تحكم في فض المنازعات الدولية، وتضييق نطاق الحروب، وكان في وسع أي إنسان أن يرقى إلى عضوية تلك المحكمة من أية طبقة، ومن أية شعب في العالم المسيحي اللاتيني، وكان مقر هذه المحكمة العالمية كنيسة القديس بطرس في روما، وكان يرأسها البابا الذي يجله جميع سكان غرب أوروبا ويرون أنه خليفة الله في أرضه.
3 كانت مناطق نفوذ كنيسة روما أكثر اتساعاً من مناطق نفوذ البطريركيات الأخرى في شرق البحر المتوسط، وقد نازع روما السيادة على كنائس غرب أوروبا الواقعة ضمن منطقة نفوذها البطاركة الآخرون من ناحية، وأساقفة تلك الكنائس أنفسهم الذين كرهوا الخضوع لكنيسة روما من الناحية الأخرى إلى أن استصدر البابا ليو الأول بطريرك روما (440 - 461) مرسوماً من فالنتينيان الثالث Valentinian III (425 454) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الغربية ، وكان صدور المرسوم عام 454م، وبمقتضاه منح كنيسة روما زعامة كنائس العالم عامة، والإشراف على كنائس غرب أوروبا خاصة، وقد عزز هذا المرسوم بمرسوم آخر استصدره البابا يونيفاس الثالث فبراير 607 نوفمبر (607م) عام 607م من فوقاس الأول 1 hocas 602 - 10) إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الشرقية . ولا شكهذين المرسومين كان لهما أعظم الأثر في تقوية مركز كنيسة روما وجعل بطريركها يلقب بأسقف العالم.
وما أن أشرف القرن السادس على نهايته حتى دانت الزعامة لكنيسة روما، أو بعبارة أخرى - للبابوية، وهذا الاسم هو الذي يجب أن نطلقه عليها من الآن فصاعداً.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
Gossip is the act of talking about others behind their backs, often sharing private or untrue inform...
مناورة النرد: تحليل شامل لدمج الحظ والاستراتيجية في الشطرنجمقدمة: الانصهار الكيميائي بين الاستراتيجي...
الإفصاح المحاسبي الاستباقي ودور المراجعة الداخلية والخارجية في الإفصاح المحاسبي الاستباقي مادة: در...
لقد قطع النظام التعليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة أشواطًا هائلة، متحولًا من بدايات متواضعة تع...
منهجية الدراسة: تــم إجــراء هــذه الدراســة وفــق منهــج المســح الاجتماعــي بالعينــة. وتــم اســت...
Najran is my city. It is Large and beautiful It is in the southern of saudi Arabia It has many beaut...
استخدام الأراضي والاقتصاد في بلدية تول تُظهر البيانات أن الأراضي الزراعية هي الاستخدام الرئيسي للأرا...
الكنيسة والنظام الديني 1 - المسيحية في عصورها الأولى: كانت الديانة المسيحية من أهم مميزات العصور ا...
باختصار، إن هندسة البرمجيات هي فرع من فروع علوم الحاسب، والتي تستخدم مفاهيم هندسية محددة من أجل إنتا...
The objective of the present work was to determine the optimal protocol for timed AI on high-yield H...
الملخص التنفيذي بــدأ سلاح الجــو الإســرائيلي فــي ســاعات مبكــرة مــن صبــاح يــوم الجمعــة الم...
This course is based on the guide for business data analytics, created by the International Institut...