لخّصلي

إن كل من نظامي المسؤولية و التـامين يعتبـران
نظامين متنافسين.بل في الواقع يعتبر كل منهمـا تقنيـات
لتعــويض الضــرر و جبــره ففــي الوقــت الــذي تســعى فيـــه
المسؤولية المدنية الى تحميـل الفـرد و اسـتثناء أكثـر مـن
فرد عبء الضرر.
فان التامين يهـدف إلـى توزيـع هـذا العـبء علـى أوسـع
نطـاق ممكـن لجعلـه غيـر مرهـق بالنسـبة إلـى مـن يتحملـه.
فالمسؤولية المدنية مرتبطة مـن الناحيـة التاريخيـة بفكـرة
التـوبيخ الاجتمـاعي social blâme le للمسـؤول عـن
الخطـأ الـذي ارتكبـه طواعيـة.فـي حـين يهـدف التـأمين إلـى
تقديم الضـمان sécurité uneضـد الأخطـار التـي هـي فـي
1 الأصل عرضية
لـذلك فـان نظريـة المسـؤولية المدنيـة رغـم مـا بلتغـه
مـن تطـور فإنـه لا تــزال حتـى الآن محــل أبحـاث ودراســات
2
ممـا يبـين أهميـة المسـائل التـي يتناولهـا بالنسـبة للمجتمـع
ومن بين العوامل الهامة التي كان لها انعكاس كبيـر علـى
تطـــور نظـــام المســؤولية حيـــث تــم الفصـــل بـــين مصـــلحة
الضـــحية وحقهـــا فـــي التعـــويض ومصـــلحة المتســـبب فـــي
الضرر في ضـوء قناعـات معينـة مـا يـؤدي إلـى إعـادة النظـر
فـي إعـادة التـوازن مـا بـين المصـالح فـاختلال التـوازن بـين
3 المصالح أدى إلى البحث عـن تـوازن جديـد أمـر حتمـي
لقـد
سـاهم نظـام التـأمين فـي محاولــة إيجـاد حلـول نسـبية فــي
تبني فكرة المسؤولية.
فالتـأمين مـن المسـؤولية يعـد بمثابـة تقنيـة لا مثيـل
لها تكفل الحماية الاجتماعية ففيه يتحمل المـؤمن التبعـات
الماليــة التــي ترتبهــا مســؤولية المــؤمن لــه ســبب الأضــرار اللاحقــــة بــــالغير فيكــــون ضــــامنا حقيقيــــا للضــــحية عــــن
الأضرار التي تلحقها بسبب مسؤولية المؤمن له.
كما يعد من أهم ميادين تطبيقات عقود التأمين في
4 الوقـت الـراهن
، نظـرا لمـا تتكفـل بـه تقنيـة التـأمين بفضـل
الوظيفة التوزيعية قصد تـوفير الملاءمـة الماليـة للمشـاريع
الاقتصادية وذلك بدلا من تركيز الأضـرار علـى المسـؤول
وفـــي ذلـــك تعزيــــز لحــــق المضـــرور فــــي الحصـــول علــــى
5 التعويض
.
وتجلـــى أهميـــة هـــذا البحـــث فـــي معرفـــة الطبيعـــة
القانونيـة لهـذا النـوع مـن العقـود ومـا اعتمـد عليـه التشـريع
الجزائــري والتشــريعات المقارنــة فــي تبنــي هــذه الطبيعــة
القانونية التي أصبحت تتمتع بازدواجية قانونية قـد تتخـذ
طــــــابع اختيــــــاري أو إلزامــــــي كضــــــمان يكفــــــل حقــــــوق
المتضررين في تلقيهم لتعويضاتهم وللوقـوف علـى حقيقـة
هذه الطبيعة القانونية لهـذا التـأمين اتبعنـا المـنهج المقـارن
والوصفي في محاولة معرفة الأساس القانوني لهذا العقد.
وعليــــه نطــــرح الإشــــكال التــــالي: مــــا هــــي الطبيعــــة
القانونية للتأمين من المسؤولية المدنية في ضل التشـريع
الجزائري والتشريعات المقارنة ؟
للإجابـــة عـــن هـــذه الإشـــكالية قســـمنا الموضــوع إلـــى
محــورين نتنــاول فــي المحــور الطبيعـة القانونيـة للتــأمين
الإختيــاري مــن المســؤولية المدنيــة .و فــي المحــور التــاني
ســـــنتناول الطبيعـــــة القانونيـــــة للتـــــأمين الإلزامـــــي مـــــن
المسؤولية المدنية