لخّصلي

فضلاً عن أن يعتقد أنها مؤثرة على النفس، وكل ما خالف فهو باطل ، كما دل عليه فعل النبي ، فإيماننا بالله ل يستلزم الإيمان الصادق الجازم الذي لا يعتريه الشك بأن كلام الله جل الذي بين أيدينا يتضمن التأثير على النفس، وبالتالي فهو زاجر للنفس عن الفواحش، فإنها لن تلتفت إلى غيرها، قال الإمام القرطبي : فيجب على كل مكلف أن يعتقد أن لا شافي على الإطلاق إلا الله تعالى وحده وقد بين ذلك رسول الله الله بقوله: "لا شافي إلا أنت (٢).

أن الأصل في النصوص التي يظن أنها من قبيل التأثير؛ أن تكون محفوظة ألفاظها ، مفهومة معانيه:وهذه من القواعد المهمة التي يجب على الإنسان معرفتها، وهي موقفه من النصوص التي يعتقد أنها مؤثرة، وما هي مصدر هذه النصوص، فالإنسان لا يتعاطى التعامل مع النصوص التي لا يدرك معناها، فضلاً عن أن يعتقد أنها مؤثرة على النفس، وفي هذا السياق فإن الموقف من النصوص التي هي من قبيل التأثير تتجلى في كونها نصوصاً صحيحة المعنى، سليمة المبنى، وهذه القاعدة لن تتحقق إلا بشروط اعتبارية، وهي: 1. أن يكون النص الذي يراد به التأثير وحياً إلاهياً، فلابد أن يكون من كلام الله عل متضمناً أسمائه وصفاته، وبهذا فلا عبرة بالنصوص العبرية والسريانية والهندية؛ فإنه لا يحل اعتقاده ، وخاصة إذا ما أدركنا أن الدين في الفكر الشرقي القديم ولا سيما في الهند كان مختلطاً بعلوم السحر، وتلك هي ديانتهم، ويقصد منها التسلط على الآلهة بالرياضات والتقشف والتضحية، ولما جاءت البوذية التي هي إصلاح للبرهمية لم تحذف السحر ؛ بل أقرته، ولا يزال عظيم الاعتبار في التبت والصين ثم إن النصوص التي يقصد منها التأثير على الإنسان، وهي تلك النصوص الوافدة من خارج البيئة الإسلامية لا تتوافق مع الشرع، لأن تلك النصوص هي في حقيقتها كلام السحرة المتضمن الاستعاذة بالشياطين والاستغاثة بهم، والغاية منها إيجاد القوة المؤثرة بواسطة الشياطين، والتعامل معها محرم، وهي داخلة في الأعمال الموبقة، وهي من أعظم الكبائر بعد الشرك بالله، والحقيقة أن تأثيرهم خيال وليس له في الواقع شيء، ولذلك فإن تأثير الإنسان الكوني مهما أعطي من قوة وسلطة؛ فإن تأثيره لا يمكن أن يرتقي إلى درجة التحدي والإعجاز؛ ذلك لأن أفعالهم مقتصرة على الخداع والتأثير بالإيحاء، فهم يموهون على الناس، ويلبسون الباطل، ويخيلون أنهم على الحق (۲) ، وبهذا ندرك أن كل النصوص التي يراد بها التأثير مردودة إلا ما كان مستنداً على وحي إلاهي. .. أن تكون تلك النصوص المؤثرة واضحة المعنى، وليس من قبيل همهمات السحرة والكهنة، ولخطورة هذا الأمر فقد جاء الأمر النبوي معضداً لذلك، فعن عن عوف بن مالك لله أنه قال: "كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ قال: اعرضوا علي رقاكم"، فكان مقصده من ذلك العرض أن يعلم ما يريدون قوله في التأثير على المريض، لأن العرب كانت تعرف الرقية، وكانوا يقصدون طلب البركة بأهل الصلاح والدعاء إلى الله، وأصلها وارد من الأديان السماوية، ثم طرأ عليها سوء الوضع عند أهل الضلالة فألحقوها بالسحر أو بالطب، ولذلك يخلطونها بأقوال ربما كانت غير مفهومة، ومن أشياء كأحجار أو أجزاء من عظم الحيوان أو شعره، فاختلط أمرها في الأمم الجاهلة (1) ، ولذلك قال الرسول ﷺ: "لابأس بالرقية ما لم يكن فيه شرك". يقول الشيخ حافظ الحكمي له: "أما الرقى التي ليست بعربية الألفاظ، ولا مفهومة المعاني، ولا مشهورة، ولا مأثورة في الشرع البتة، فليست من الله في شيء، ولا من الكتاب والسنة في ظل ولا فيء، بل هي وسواس من الشيطان أوحاها إلى أوليائه كما قال تعالى: {ژرر (٢) ، وعليه يحمل قول النبي ﷺ في حديث ابن مسعود : "إن الرقى والتمائم والتولة شرك (۳) ؛ وذلك لأن المتكلم به لا يدري أهو من أسماء الله تعالى، أو من أسماء الملائكة، أو من أسماء الشياطين، ولا يدري هل فيه كفر أو إيمان، وهل هو حق أو باطل، أو فيه نفع أو ضر، أو رقية أو "سحر" (٤) ولما كان الأصل في النصوص التي هي من قبيل التأثير أن تكون محفوظة ألفاظها، مفهومة معانيها، عرف بعد ذلك أن محاولات الوصول إلى المعرفة الباطنية عبر استطراق العوالم الغيبية غير المحسوسة عبر الوسائط المؤثرة من المانترات والتعاويذ الموصوفة بالقداسة كلها من تزيين الشياطين وإيحاءاتهم إلى أوليائهم، وهي ليست إلا وساوس شيطانية زخرفوها، وخرافات مضلة ،ألفوها، وأكاذيب مختلقة لفقوها، لم ينزل الله بها من سلطان، ولا يعرف لها أصل في سنة ولا قرآن، ولم تنقل عن أحد من أهل الدين والإيمان إن هؤلاء إلا كاذبون أفاكون مفترون، وسيجزون على ما كانوا يعملون الإيمان الجازم بأن ما دلت عليه النصوص الشرعية هو الحق من عند الله تعالى، وكل ما خالف فهو باطل ، ومن هذه النصوص الشرعية ما عرف أنها سبب من أسباب التأثير، دل على ذلك الفهم الصحيح لمقاصد الكتاب والسنة، كما دل عليه فعل النبي ، وصحابته الكرام، وسلف هذه الأمة من بعدهم ، والله ما أخبرنا في غير موضع بأن القرآن الكريم شفاء لما في الصدور، قال الله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَبِّكُمْ وَشِفَاءُ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ (٢)، ، وقال أيضاً، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ (۳)، ، وقال أيضاً قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى وَشِفَاءُ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرُ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمَّى (٤). فإيماننا بالله ل يستلزم الإيمان الصادق الجازم الذي لا يعتريه الشك بأن كلام الله جل الذي بين أيدينا يتضمن التأثير على النفس، فهو الأساس الذي يبنى عليه طمأنينة القلب، وبالتالي فهو زاجر للنفس عن الفواحش، وشفاء لما في الصدور من الشبه والشكوك المستلزم إزالة ما فيها من رجس ودنس، ومحصل لها الهداية والرحمة من الله تعالى، وكل ما سبق هو خاص للمؤمنين به، والمصدقين الموقنين بما فيه، وأما الكافر الظالم نفسه، فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعدا وتكذيبا وكفرا ، والآفة من الكافر لا من القرآن، وقد أخبر الله الله بأن الذين لا يؤمنون به في ء اذانهم وقر؛ فهم لا يفهمون ما فيه، ولا يهتدون إلى ما فيه من البيان والشخصية المسلمة حين تهتدي إلى معرفة هذه الحقائق، فإنها لن تلتفت إلى غيرها، ومسكين من يصرف النظر عن ما لديه من كنوز المعرفة ليبحث عنها في أساطير الخرافة وقراطيس الفلسفة، وحين أخاطب أولئك المساكين الذين اغتروا بالفلسفة، وتأثروا بتلك المفاهيم، وظنوا أنهم يحسنون صنعاً، حين اعتقدوا بتأثير الكائنات الغيبية على الإنسان، واتخذوا من الوسائط السحرية المؤثرة سلماً للوصول إلى المعرفة الباطنية، فإني أضرب لهم مثلاً من واقع الحياة المادية، وأترك لهم التعليق، ونحن نعيش ثورة صناعية غير مسبوقة في عالم التقنية، فإن أحدهم لو نظر إلى هاتفه الذي في يده بما فيه من نظام ذكي سهل للبشرية نمط معيشتها، فلو قيل لأحدهم اترك هذا الهاتف الذكي الذي في يدك، وارجع إلى استخدم هاتف لا يعتمد على ذلك النظام الذكي هل تراه يفعل ؟!، فإذا كان هذا واقع الحياة المادية، أو ليس واقع الحياة الروحية تتطلب مثل ذلك، والحق أحق أن يتبع. الاعتقاد الجازم بأن تلك الألفاظ المؤثرة لا تنفع مخلوقاً ولا تضر، وأنها مجرد أسباب، لا تأثير لها إلا بإذن الله الله ، فلا يعتقد النفع فيها لذاتها؛ بل فعل الراقي السبب، والله هو المسبب إذا شاء (۱).قال الإمام القرطبي : فيجب على كل مكلف أن يعتقد أن لا شافي على الإطلاق إلا الله تعالى وحده وقد بين ذلك رسول الله الله بقوله: "لا شافي إلا أنت (٢). ، فيعتقد الشفاء له وبه ومنه، وأن الأدوية المستعملة لا توجب شفاءً، وإنما هي أسباب ووسائط يخلق الله عندها فعله، وهي الصحة التي لا يخلقها أحد سواه، فكيف ينسبها عاقل إلى جماد من الأدوية أو سواها، ولو شاء ربك لخلق الشفاء بدون سبب؛ ولكن لما كانت الدنيا دار أسباب جرت السنة فيها بمقتضى الحكمة على تعلق الأحكام بالأسباب. وإلى هذا المعنى أشار جبريل العليا وأوضحه بقوله لرسول الله ﷺ «بسم الله أرقيك والله يشفيك ، فبين أن الرقية منه وهي (۳) سبب لفعل الله وهو الشفاء. (٤). والمتأمل في حال المتأثرين بالمفاهيم الفلسفية حول الطاقة الكونية يشاهد نماذج من معتقداتهم حول تأثير المظاهر الطبيعية والكونية على الإنسان، وكيف أنهم يتوجهون إلى العناصر الطبيعية ويخاطبونها بالتوسل والدعاء، ويعتقدون أنها مؤثرة بذاتها، وتلك هي عبادتهم وطقوسهم الدينية، قائمة في أصلها على الشرك بالله، والعلوم الباطنية في الفكر الشرقي القديم عموماً وعند البوذية بكافة أطيافها ومذاهبها المختلفة خصوصاً قائمة على الاستشفاء بالسحر والكهانة والتنجيم وتحضير الأرواح، ويعمدون من وراء ذلك إلى استجلاب القوة الغيبية، ومن ثم يسخرونها للتأثير على أتباعهم، وهم يعترفون بذلك؛ ويرون أنها من قبيل نفع الناس، ولا عجب في ذلك؛ فذلك هو دينهم، ولكن العجيب حين يتأثر بتلك المفاهيم الدينية فئام من المسلمين، فيتلقفونها، ويطبقونها بحذافيرها على أنها تجارب الحكماء الأقدمين الذين ضحوا بحياتهم وأنفسهم من أجل نفع البشرية، وقد مر معنا شواهد من تلك المفاهيم الدينية على مواضع متفرقة من هذه الرسالة، وتتلخص تلك المفاهيم في فلسفة الأجسام، وفلسفة العناصر الطبيعية، وفلسفة الشاكرات، وتطبيق العلاج والاستشفاء بالبرانا والريكي والوخز بالإبر الصينية، والعلاج بالألوان وفق الفلسفه الهندية القديمة.