لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

بعد أن تعرفنا على مسلم -رحمه الله- وعلى صحيحه ننتقل إلى دراسة أحاديث منه، وتكلم الإمام النووي في هذه المقدمة عما جاء في حديث جبريل الذي سنذكره وشرحه، والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعًا يدل عليه قوله : {ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ} [آل عمران: 19]، وقوله: {ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ} [المائدة: 3]، وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني الشافعي -رحمه الله- في كتابه (التحرير في شرح صحيح مسلم) -ونتذكر هذا الكتاب وصاحبه؛ كما ينقل كثيرًا عن شرح عياض (إكمال المعلم): "الإيمان في اللغة: هو التصديق فإن عني به ذلك فلا يزيد ولا ينقص؛ قال: فالخلاف في هذا على التحقيق إنما هو أن المصدق بقلبه إذا لم يجمع إلى تصديقه العمل بمواجب الإيمان هل يسمى مؤمنًا مطلقًا أم لا والمختار عندنا أنه لا يسمى به، وقوله: {ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ} [مريم: 76]، وقوله تعالى: {ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [التوبة: 125]، وقوله: {ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ} [الأحزاب: 22]. فمتى نقصت أعمال البر نقص كمال الإيمان ومتى زادت زاد الإيمان كمالًا، قال عبد الرزاق: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبيد الله بن عمر والأوزاعي ومعمر بن راشد وابن جريج وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل على غير علم ومعرفة بربه لا يستحق اسم مؤمن ولو عرفه وعمل وجحد بلسانه وكذب ما عرف من التوحيد لا يستحق اسم مؤمن، أي: لهذا الاسم على الإطلاق مؤمن بقوله : {ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [الأنفال: 2- 4]، قال أبو عبيد: وهو قول مالك والثوري والأوزاعي ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة الذين كانوا مصابيح الهدى وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم. قال ابن بطال: هذا المعنى أراد البخاري -رحمه الله- إثباته في كتاب الإيمان وعليه بوب أبوابه كلها، وإنما أراد الرد على المرجئة في قولهم: إن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة ومذاهب الأئمة. قال الله تعالى: {ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [التوبة: 84]، وإنما أضاف إليهما الصلاة والزكاة والحج والصوم لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده أو اختلاله، قال: وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة في الإيمان والإسلام التي طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم هذا آخر كلام الشيخ أبي عمرو بن الصلاح، قالوا: وفي هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف وبين أصل وضعه في اللغة وما عليه المتكلمون. وهذا الذي قاله هؤلاء وإن كان ظاهرًا حسنًا فالأظهر -والله أعلم- أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، فهذا مما لا يمكن إنكاره ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي  كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل. وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر قال الله تعالى: {ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [البقرة:143]، واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا من الشكوك ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلًا إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية أو لغير ذلك، أما إذا أتى بالشهادتين فلا يشترط معهما أن يقول: وأنا بريء من كل دين خالف دين الإسلام إلا إذا كان من الكفار الذي يعتقدون اختصاص رسالة نبينا  إلى العرب، وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، قال الإمام النووي: فهذه جمل من المسائل المتعلقة بالإيمان قدمتها في صدر الكتاب تمهيدًا لكونها مما يكثر الاحتياج إليه ولكثرة تكررها وتردادها في الحديث فقدمتها لأحيل عليها إذا مررت بما يخرج عليها.


النص الأصلي

بعد أن تعرفنا على مسلم -رحمه الله- وعلى صحيحه ننتقل إلى دراسة أحاديث منه، وأول كتاب ندرس أحاديثه هو كتاب الإيمان، وأول حديث فيه هو الذي نبدأ به دراسة كتاب الإيمان، وقبل أن نبدأ في كتاب الإيمان، نقدم لهذا الكتاب وأحاديثه بمقدمة قدمها له الإمام النووي، وهي مقدمة كأنها شرح لأحاديثه من ناحية، ولأنه يرتكز عليها كثير من الأحاديث، وتكلم الإمام النووي في هذه المقدمة عما جاء في حديث جبريل الذي سنذكره وشرحه، فتكلم عن الإيمان والإسلام، ونقل عن أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي الفراء، قوله في حديث سؤال جبريل # عن الإيمان والإسلام وجوابه، قال: جعل النبي  الإسلام اسمًا لما ظهر من الإسلام، يعني: جعل الإسلام خاصًّا بالأعمال، وجعل الإيمان خاصًّا بما بطن من الاعتقاد وليس ذلك؛ لأن الأعمال ليست من الإيمان والتصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين، ولذلك قال : ((ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم))، والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعًا يدل عليه قوله : {ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ} [آل عمران: 19]، وقوله: {ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ} [المائدة: 3]، وقوله: {ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [آل عمران: 85]، فأخبر  أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل القبول والرضا إلى بانضمام التصديق إلى العمل.
قال الإمام النووي: هذا كلام البغوي، وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني الشافعي -رحمه الله- في كتابه (التحرير في شرح صحيح مسلم) -ونتذكر هذا الكتاب وصاحبه؛ لأن الإمام النووي ينقل عنه كثيرًا، وخاصة في كتاب الإيمان، كما ينقل كثيرًا عن شرح عياض (إكمال المعلم): "الإيمان في اللغة: هو التصديق فإن عني به ذلك فلا يزيد ولا ينقص؛ لأن التصديق ليس شيئًا يتجزأ حتى يتصور كماله مرة ونقصه أخرى، والإيمان في لسان الشرع هو التصديق بالقلب والعمل بالأركان، وإذا فسر بهذا تطرق إليه الزيادة والنقص، وهو مذهب أهل السنة، قال: فالخلاف في هذا على التحقيق إنما هو أن المصدق بقلبه إذا لم يجمع إلى تصديقه العمل بمواجب الإيمان هل يسمى مؤمنًا مطلقًا أم لا والمختار عندنا أنه لا يسمى به، قال رسول الله : ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن))؛ لأنه لم يعمل بموجب الإيمان فيستحق هذا الإطلاق".
وقال الإمام أبو الحسن علي بن خلف بن بطال المالكي المغربي، في (شرح صحيح البخاري): مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، والحجة على زيادته ونقصانه ما أورده البخاري من الآيات، يعني قوله : {ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [الفتح: 4]، وقوله: {ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ} [مريم: 76]، وقول الله تعالى: {ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [محمد: 17]، وقوله تعالى: {ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [المدثر: 31]، وقوله تعالى: {ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [التوبة: 124]، وقوله تعالى: {ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ} [التوبة: 124]، وقوله تعالى: {ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [التوبة: 125]، وقوله تعالى: {ﯿ ﰀ ﰁ} [آل عمران: 173]، وقوله: {ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ} [الأحزاب: 22].
قال ابن بطال: فإيمان مَن لم تحصل له الزيادة ناقص، قال: فإن قيل الإيمان في اللغة: التصديق فالجواب أن التصديق يكمل بالطاعات كلها، فما ازداد المؤمن من أعمال البر كان إيمانه أكمل، وبهذه الجملة يزيد الإيمان وبنقصانها ينقص الإيمان، فمتى نقصت أعمال البر نقص كمال الإيمان ومتى زادت زاد الإيمان كمالًا، هذا توسط القول في الإيمان.
وأما التصديق بالله تعالى ورسوله  فلا ينقص، وبذلك توقف مالك -رحمه الله- في بعض الروايات عن القول بالنقصان؛ إذ لا يجوز نقصان التصديق؛ لأنه إذا نقص صار شكًّا وخرج عن اسم الإيمان.
وقال بعضهم: إنما توقف مالك عن القول بنقصان الإيمان خشية أن يتؤول عليه موافقة الخوارج الذين يكفرون أهل المعاصي من المؤمنين بالذنوب، وقد قال مالك بنقصان الإيمان مثل قول جماعة أهل السنة، قال عبد الرزاق: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبيد الله بن عمر والأوزاعي ومعمر بن راشد وابن جريج وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وهذا قول ابن مسعود وحذيفة والنخعي والحسن البصري وعطاء وطاوس ومجاهد وعبد الله بن المبارك، فالمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه الأمور الثلاثة: التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل على غير علم ومعرفة بربه لا يستحق اسم مؤمن ولو عرفه وعمل وجحد بلسانه وكذب ما عرف من التوحيد لا يستحق اسم مؤمن، وكذلك إذا أقر بالله تعالى وبرسله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ولم يعمل بالفرائض لا يسمى مؤمنًا على الإطلاق، وقد يسمى مؤمنًا بالتقييد مؤمنًا فاسقًا أو غير ذلك، وإن كان في كلام العرب يسمى مؤمنًا بالتصديق يعني في اللغة فذلك غير مستحق في كتاب الله تعالى، أي: لهذا الاسم على الإطلاق مؤمن بقوله : {ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [الأنفال: 2- 4]، فوصف المؤمنين بأنهم يقيمون الصلاة، وينفقون مما رزقهم الله، وهذا يكون من العمل، فأخبرنا  أن المؤمن من كانت هذه صفته، وقال ابن بطال في باب: من قال: إن الإيمان هو العمل: فإن قيل قد قدمتم أن الإيمان هو التصديق قيل التصديق هو أول منازل الإيمان، ويوجب المصدق الدخول فيه، ولا يوجب له استكمال منازله، ولا يسمى مؤمنًا مطلقًا، هذا مذهب جماعة أهل السنة أن الإيمان قول وعمل. قال أبو عبيد: وهو قول مالك والثوري والأوزاعي ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة الذين كانوا مصابيح الهدى وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم.
قال ابن بطال: هذا المعنى أراد البخاري -رحمه الله- إثباته في كتاب الإيمان وعليه بوب أبوابه كلها، فقال: باب أمور الإيمان، وباب الصلاة، وباب الزكاة من الإيمان، وباب الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه، وإنما أراد الرد على المرجئة في قولهم: إن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة ومذاهب الأئمة.
ثم قال ابن بطال في باب آخر: قال المهلب: الإسلام على الحقيقة هو الإيمان الذي هو عقد القلب المصدق لإقرار اللسان الذي لا ينفع عند الله تعالى غيره، وقالت الكرامية وبعض المرجئة: الإيمان هو الإقرار باللسان دون عقد القلب، ومن أقوى ما يرد به عليهم إجماع الأمة على إكفار المنافقين وإن كانوا قد أظهروا الشهادتين، قال الله تعالى: {ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [التوبة: 84]، إلى قوله تعالى: {ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [التوبة: 85]، هذا آخر كلام ابن بطال، وقال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله: قوله : ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطاع إليه سبيلًا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: هذا بيان لأصل الإيمان، وهو التصديق الباطن، وبيان لأصل الإسلام، وهو الاستسلام والانقياد الظاهر، وحكم الإسلام في الظاهر ثبت بالشهادتين، وإنما أضاف إليهما الصلاة والزكاة والحج والصوم لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده أو اختلاله، ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات للتصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ومقويات ومتممات وحافظات له، ولهذا فسر  الإيمان في حديث وفد عبد القيس بالشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان وإعطاء الخمس من المغنم، ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو بدل فريضة؛ لأن اسم الشيء مطلقًا يقع على الكامل منه ولا يستعمل في الناقص ظاهرًا إلا بقيد، ولذلك جاز إطلاق نفيه عنه في قوله : ((لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن))، وكما أن الإيمان يطلق على العمل كما في حديث وفد عبد القيس فاسم الإسلام يتناول أيضًا ما هو أصل الإيمان وهو التصديق الباطن ويتناول أصل الطاعات، فإن ذلك كله استسلام، قال ابن الصلاح: فخرج مما ذكرناه وحققنا أن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان، وأن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنًا، قال: وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة في الإيمان والإسلام التي طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم هذا آخر كلام الشيخ أبي عمرو بن الصلاح، قال الإمام النووي: فإذا تقرر ما ذكرناه من مذاهب السلف وأئمة الخلف، فهي متظاهرة متطابقة على كون الإيمان يزيد وينقص، وهذا مذهب السلف والمحدثين وجماعة من المتكلمين، وأنكر أكثر المتكلمين زيادته ونقصانه، وقالوا متى قبل الزيادة كان شكًّا وكفرًا، قال المحققون من أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، والإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الأعمال ونقصانها، قالوا: وفي هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف وبين أصل وضعه في اللغة وما عليه المتكلمون.
وهذا الذي قاله هؤلاء وإن كان ظاهرًا حسنًا فالأظهر -والله أعلم- أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة وإن اختلفت عليهم الأحوال، وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم فليسوا كذلك، فهذا مما لا يمكن إنكاره ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي  كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل. وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر قال الله تعالى: {ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [البقرة:143]، أجمعوا على أن المراد صلاتكم، وأما الأحاديث فستمر بك في هذا الكتاب منها جمل مستكثرات، واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا من الشكوك ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلًا إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية أو لغير ذلك، فإنه يكون مؤمنًا، أما إذا أتى بالشهادتين فلا يشترط معهما أن يقول: وأنا بريء من كل دين خالف دين الإسلام إلا إذا كان من الكفار الذي يعتقدون اختصاص رسالة نبينا  إلى العرب، فإنه لا يحكم بإسلامه إلا بأن يتبرأ، وأما إذا اقتصر على قول لا إله إلا الله ولم يقل محمد رسول الله فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه لا يكون مسلمًا، ومن أصحابنا من قال: يكون مسلمًا ويطالب بالشهادة الأخرى، فإن أبى جعل مرتدًا، ويحتج لهذا القول بقوله : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم))، وهذا محمول عند الجماهير على قول الشهادتين، واستغنى بذكر إحداهما وهو ((حتى يقولوا لا إله إلا الله))، عن الأخرى لارتباطهما وشهرتهما، واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والبدع، وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، أو غير ذلك من المحرمات التي يعلم تحريمها ضرورة.
قال الإمام النووي: فهذه جمل من المسائل المتعلقة بالإيمان قدمتها في صدر الكتاب تمهيدًا لكونها مما يكثر الاحتياج إليه ولكثرة تكررها وتردادها في الحديث فقدمتها لأحيل عليها إذا مررت بما يخرج عليها.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

بدينا تخزينتنا ...

بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...

خليج العقبة هو ...

خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...

فرضية كفاءة الس...

فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...

‏@Moamen Azmy -...

‏@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...

انا احبك جداً ت...

انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...

توفير منزل آمن ...

توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...

Le pêcheur et s...

Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...

في التاسع من ما...

في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...

أهم نقاط الـ Br...

أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...

دوري كمدرب و مس...

دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...

سادساً: التنسيق...

سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...

I tried to call...

I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...