لخّصلي

يوغ بوستيد، المندوب السياسي لجلالتها إلى أليك
العقيد
دوغلاس هوم، وزير الخارجية وشؤون الكومون ويلث.
«السيد وزير الخارجية، إن الشيخ زايد، في رأينا، يمتلك
المميزات الضرورية ليكون حاكم الإمارة وهو يتمتع بشعبية
ويحظى باحترام كبير من السكان والجيران. إنه لطيف ومنفتح
حدا، ومن سماته الشحصية الشحاعة، والصراحة، والكرم.
همه الوحيد مساعدة شعبه، وانفتاح البلاد على الحدائة. هنا
يكس الفارق الكبير بينه ويين أخيه، الشيخ شخوط. هذا
لا يعي مع ذلك أن الشيخ زايد سيكون حاكما نسنطع أن
نتلاعب به كما نشاء لأنه يمتلك كل أنفة البدو ومتمسك
حدا باستقلاليته. من المؤ كد أنه لا نحن ولا أي سلطة أحرى
سنكون فادربن على التأثير في فراراته. غير أنه لما كان مدر كا
لأهمية المشكلات التي تواجهها بلاده فلا شك في أنه سوف
يقبل المساعدة التي يمكنا تقديمها لحل تلك المشكلات.
نحن مقتعون بأنه شخصية يمكن لحكومة جلالتها التعامل
معها لما فيه مصلحة المطقة كلها. الأهم من ذلك أيضا، بناء
على المعلومات التي نملكها، أنه إذا ما قدر أن يتسلم السلطة
فلن يلقى أية معارضة من جانب عائلته، أو السكان أو قوى
الأمن».
لم أعلم بهذه الرسالة الموجهة إلى دوغلاس هوم إلا
بعد سنوات طويلة. غالب الظن أنني لو علمت بهافي .
لذهبت لرؤية العقيد بوستيد وأوضحت له بحدة طريقتي في
التفكير. إن أفعالنا وحركاتنا كانت مرصودة إذن ومروية.
كت مدركا أن الحماية البريطانية عزيزة علينا، لكني لا
أستطيع أن أتحمل تدحل حكومة أجنبية في شؤون بلادنا
الداحلية. ١ من البريطاتين، ولا من الأمريكان، فضلا عن
ذلك. منذ بعض الوقت - تحديدا منذ اكتشاف النفط -
أحذ الأمريكان يبدون اهتمامهم بنا. قبل أسبوعين تقريسا فام
وفد من القنصلية الأمريكية في الظهران بزيارتي في العين. لم
أحتج إلى وقت طويل لكي أدرك أنهم يحلمون سرا بالحلول
مكان الإنحليز في الخليج. يجب الاعتراف بأننا كنا نحتاز
مرحلة اضطرابات كبيرة. في مصر، استولى البكباشي عبد
الناصر على السلطة، وأنهى الحكم الملكي، ثم كانت فضية
السويس. في العراق أيضا كانت الأمور تتحرك. كذلك الأمر
فر سورا. وكانت الولايات المتحدة تبحث عن تحالفات
تعي لي شينا واحدا:
جديدة. كل هذه الاضطرابات كانت
أكثر من أي وفت مضى علينا أن نحمي أنفسنا. وأول ما علينا
القيام به هو تشكيل جيش. لا لمهاجمة أي كان بل للدفاع
عن أنفسنا إذا ما تعرضنا لعدوان، كما كنت قد أوضحت
ذلك لثيسيغر .

في السادس من يوليو 1962 تلقيت من رسول لشخبوط
النبا السار: عشية ذلك اليوم غادرت جزيرة داس نافلة نفط
إنحليزية، وخزاناتها ممتلتة بالنفط الخام حتى الحمام. في
غضون ستة أشهر متتابعة تم تصدير حوالي 170 ألف طن من
النفط الخام بلغت عائداتها مليوني دولار. كان هذا أكبر ملغ
تلقيناه حتى ذلك الحين. وأول سؤال حطر على بالي هو:
«كيف سيستخدم أخي هذه الهبة السماوية؟».
أواخر أبريل 1966، كان علي أن أذهب إلى لندن لسببين:
إجراء لقاءات مع المسؤولين البريطانيين، وعرض اسي حليفة
على طبيب عيون لفحص نظره. اغتنمت فرصة وجودي في
العاصمة البريطانية لأقوم بزيارة سفارة الأردت.
أنناء زيارتي للسفارة أنبح لي التعرف إلى شات في
العشرينيات من عمره كان حاضرا يومذاك. كان نحل سفير
الأردن، وهو فلسطيني مثل أبيه، وولد في القدس. أحبرني أنه
يتابع دراسته في الكلية الملكية بحامعة كامبردج، ويحضر
جستير في الاقتصاد. لم أنخيل أنذاك أن قدرينا
سالة الما
سوف يتقاطعان في يوم ما
ولما عدنا من لندن بعد أسبوع كانت فى انتظاري مفاحأة
كبجرة
أثناء غيابنا قام شخبوط بزيارة للأردن حيث استقبله
في
الملك حسين استقبالا حافلا. هل أثر فيه هذا الاستقبال؟ هل
بولغ في الاحتفاء به؟ لن أعرف أبدا. كل ما علمته أنه
الحكومة الأردنية مبلغ 700 ألف جنيه استرليني هبة. أعترف
أنني دهلت. فيما كان أحي يبدي هذا السحاء المفاح
يقدر ما هو غير مفهوم، لم يتقاض أفراد القوى الأمنية عندنا
مرتباتهم منذ عدة أشهر وكانوا ما زالوا ينتظرون معاشاتهم
المتأخره. لم أسع إلى طرح السؤال على أخي. لكن همس
لي أنه أسف لإقدامه على هذه الخطوة. وهذا ما أكده لي
بعد ذلك السير وليام لوس، المندوب البريطاني الحديد. لقد
تلقيت منه بعد فتره وجيزه رسالة يعلمني فيها أنني بت من
ذلك اليوم فصاعدا مطلق الصلاحية في توفيع شيكات وإحراء
تحو يلات مالية باسمه. كان ذلك تحولا حقيقيا. أكد لي أيضا
أنه طلب من أرابيكون أن تقدم له مشروع شبكة طرق. كنت
على اطلاع بشأن أرابيكون، فالأمر يتعلق باتحاد شركات
أتسه بريطانيون فبيل ذهابي إلى لندن وعرضوا حدماتهم
الاستشارية على أحي. لكن شحوط استمر، ويا للأسف،
فى سياسته الحذرة والقلقة تجاه تطوير البى التحتية. بتنا
محطر، أنا وعائلتي. وعيل صبر الإنحليز وأحذوا يهددون
بوفف دعمهم: أصبحت بلادنا عبنا عليهم. هذا فضلا عن أن
بعض شيوخ القبائل بدأوا يعلنون امتعاضهم لعدم وجود تحشن
على أوضاعهم المعيشية.
ما عدت أذكر على وجه الدقة متى انقلب الوضع رأسا
على عقب. لكن لا شك في أن ذلك فد حدث أواخر يوليو
6%1. في ذلك اليوم جاء عدد كير من أفاد عائلتى،
أعمامى وأقاربي وإخوتي وأمي، إلى العين لمقابلتي. اجتمعنا
فى إحدى القاعات التي اعتدت على أن أتلقى فيها شكاوى
سكان الواحة والزوار. كانت الوجوه مقطبة والنظرات تعبر
عن العزم والأسى في آن واحد. وفي الخارج تعصف رياح
رملية تضيف مزيدا من الوجوم على الحو الخانق.
بما أن أحدا لم يقار بعد أن ينكنم، أحذت أمي زمام
المبادرة.

• يا ولدي، قالت بوقار، تعلم الحب الكبير الذي أكته
  لكم، أتم الثلاثة، وعلى نحو متساو. بات الوضع غير فابل
  للاستمرار. أسال الله العفو والمغفرة. لكن آمال بلادنا يا زايد
  بانت معقودة عليك.
  فصي الأم. أطلقت الكنمات من عقالها. في الاحتماعات
  السابقة كانت فد تبلورت، لكن ليس بهذه الطريقة الحاسمة.
  قال حالد بصوت أجتن:
  محقة. أنث أملنا ومستقبل هذه البلاد.
  -أت
  أضاف غم، ما عدت أذكر من هو:


• لمصلحة بلادنا، يا زايد.
  وأضاف خالد:


• أنت أكفؤنا. حتى نحلا الشيخ شخبوط، الشيخ سلطان
  والشيخ سعيد، رأيهما من رأينا. وفد لمسنا أيضا تأييدا من
  الإنحليز، وأكدوا أن الأمر يتعلق بقضية تحصنا وحدنا. وهم لا
  دحل لهم. إلا أنهم تمتو
  اعلينا أن نضعهم في سياق الأحداث.


• وماذا بعد؟


• إن كانت هذه إرادتنا فهم مستعدون لإبلاغ الشيخ
  شخبوط.
  تدافعت في رأسي الأفكار.
  عاودني مشهد رأيته منذ بضع سنوات. كنا، أنا وأحي،
  فد أمضينا الصباح في الصيد. بعيد الظهر ذهبت إلى حيمتنا
  وأخلدت للقيلولة. ما كدت أغفو حتى استيقظت على طلق
  ناري. فتحت عيني. كان شخبوط أمامي، وفي يده بندقيته
  التي من طراز لي - أنفيلد. للوهلة الأولى لم أفهم ماذا جرى.
  ثم رأيت أفعى مينة عند فدمي. لولا تدحل أحي لكنت مينا.


• ماذا قررت؟ سألث والدتي سلامة.
  ما عدت أدري من قال لي ذات يومه: «من يملك الخيار
  بملك معه أيضا القلق الذي يرافقه».
  هل يحق لنا بالفعل ذلك؟ فكرث أيضا في عزة نفس
  الشيح شخبوط، وفي كبريائه. وإذا رفض؟ تذكرت القسم
  الذي أديناه أمام أمي: «احلفوا أنكم لن تسفكوا دما البتة.
  احلفوا لي أنكم سوف تتساندون ويعضد بعضكم بعضا، في
  الحل والترحال، احلفوا». تملكتني ارتعاشة. نظرت إلى أمي ثم قلت بنبرة واثقة:


• عدوني أننا إذا ما اعترض أخونا على قرارنا، إذا ما
  رفضه، فلن نفعل شينا لإرغامه. لا شيء. عدوني! في حالة
  العكس، يتوق نقاشنا هنا، لن أتولى الحكم


• هذا غير وارد. أيد الشيخ خالد.
  وأيد الحمع. الريح تشتد. تزوبع في الفناء وتحرك جدائل النخيل.
  كت واعيا بوحودي في تلك اللحظة النادرة. لحظة
  التلافي بين قذر خاص وقدر عام، بين فرد وجماعة. حاكم
  وشعب. لماذا أكذب على نفسي. كنت أداعب منذ زمن بعيد
  أحلاما متفاوتة لبلدي. سزا. وشغفا.
  ابب صوت أمي انتزعني من نأملاني.
  فكرة المساس بكرامة أخي كانت لا تحتمل. ما العمل؟
  عندئذ، للمزة الثانية، بحثت عن الحواب عند الله تعالى. عندما
  كنت طفلا قال لي المطوع الذي علسنا القرأن: «أصغ إلي با
  صعيري، حيين بخفر عليك أي طريق تسلك استسلم للمصير
  الذي قدره الله لك. في مواجهة الأحداث لا تحاول أن تبدل
  سطرا واحدا في النص المكتوب لأحلك. ثم إنك لا تستطيع
  ذلك. اسلك بهدوي الطريق الذي يقترحه عليك واحنهذ
  للكشف عر معناه وافعل ما بوسعك لبلوغ الهدف. الهدف
  الذي عينه لك». أعلت بنبرة قاطعة كنت أول من فوجئ بها:


• موافق. أقبل الشرف الذي أوليتمونى إياه.