لخّصلي

الحكم التكليفي وأقسامه
الحكم الشرعي التكليفي : هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال العباد طلباً أو تخييراً .

الأحكام التكليفية

                                    طلب                                تخيير (الإباحة)



             الفعل                                   الترك 

طلباً جازماً غير جازم طلباً جازماً غير جازم
(الإيجاب) (الاستحباب) (التحريم) (الكراهة)

الإيجاب :
لغةً: الإلزام ، يُقال: وجب البيع يجب وجوباً ، وأوجبه إيجاباً ، أي لزم وألزمه.
واصطلاحاً: هو طلب الفعل طلباً جازماً.
التعريف الثاني: "هو مايذم تاركه" أو "مايستحق تاركه العقاب" أو "ماتوعد بالعقاب على تركه".
الواجب من حيث الثواب والعقاب : هو مايثاب فاعله امتثالاً ويستحق تاركه العقاب.
"امتثالاً": أي بنية التقرب إلى الله عزوجل ، ففعله امتثالاً لأمر الله تعالى ، لأنه إذا لم ينو ذلك فإنه لايثاب على فعله .
 الفرق بين الفرض والواجب:
لافرق بين الفرض والواجب عند جمهور الأصوليين : لأن كل منهما يستحق تاركه للعقاب.
وذهب الحنفية إلى التفريق بينهما،فالفرض عندهم:ماثبت بدليل قطعي، والواجب: ماثبت بدليل ظني . فيقال في تعريف الفرض عند الحنفية: طلب الفعل طلباً جازماً بدليل قطعي. والواجب: طلب الفعل طلباً جازماً بدليل ظني.
 الأجر والثواب في فعل الواجبات:
من فعل الواجبات بنية التقرب إلى الله تعالى فله أجره،أما من فعلها بدون هذه النية ،فلا أجر له.
ومع ذلك فقد تسقط عنه المطالبة، كمن أنفق على أهله دون نية التقرب إلى الله،فإنه لا أجر له،لكن تسقط عنه المطالبة،فلا يطالب بالنفقة مرة أخرى. قالﷺ (إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً يحتَسبُها فَهِي لَهُ صدقَة). ومفهوم الحديث أنه إذا لم يحتسبها،ولم يبتغ بها وجه الله،فإنه لايُثات عليها.فتقييدها بالاحتساب وابتغاء وجه الله يدل على نفي الثواب عند انتفاء القيد.
 الأساليب والصيغ الدالة على الوجوب:

1. صيغ الأمر ، ومن ذلك:
   • فعل الأمر: كقوله تعالى{وأقيموا الصلاة}،فـ(أقيموا)أمر،والأمر يقتضي الوجوب،فالصلاة واجبة.
   وقوله ﷺ (إذا قمت إلى الصلاة فكبر،ثم أقرأ ماتيسر معك من القرآن،ثم اركع حتى تطمئن راكعا)،فقولهﷺ(كبر) أمر،والأمر يقتضي الوجوب،فتكبيرة الإحرام واجبة. و(اقرأ) أمر،والأمر يقتضي الوجوب،فقراءة القرآن في الصلاة واجبة (وأقلها الفاتحة). و(اركع) :أمر،والأمر للوجوب،فالركوع واجب.
   • الفعل المضارع المقترن بلام الأمر: كقوله تعالى﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج:29]،فالطواف
   حول الكعبة في النسك واجب؛لأن {وَلْيَطَّوَّفُوا} أمر،والأمر للوجوب.

وقوله تعالى من ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185]،فصوم رمضان واجب،لأن
{ فَلْيَصُمْهُ} أمر،والأمر للوجوب.
• اسم فعل الأمر: (عليكم،عليك) كقوله ﷺ: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين) ،أي الزموا ذلك.
• المصدر النائب عن فعل الأمر: كقوله تعالى ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[النساء:36]،أي:أحسنوا إلى الوالدين إحسانا،فالمصدر{إِحْسَانًا} ناب عن فعل الأمر:"احسنوا"،والأمر للوجوب،فدل على وجوب الإحسان إليهما.
2. ألفاظ موضوعية في اللغة للإيجاب والإلزام كلفظ (فرض،وكتب،ووجب،ولزم،وأمر) وما اشتق منها .
نحو قوله ﷺ (خمس صلوات افترضهن الله على عباده). فالصلوات الخمس واجبة؛لأن لفظ {افترضهن} يدل على الوجوب .
وقوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾[البقرة:183]،فالصيام واجب؛لأن لفظ {كتب} يدل على الوجوب
وفي القانون الإماراتي: "تفرض الخدمة الوطنية على كل مواطن من الذكور"، فالخدمة الوطنية واجبة؛لأن لفظ {تفرض} تدل على الوجوب.
3 حرف "على" الدال على الوجوب والإلزام: قال السرخسي:"وأما"على"فهو للإلزام باعتبار أصل الوضع؛لأن معنى حقيقة الكلمة من علو الشيء على الشيء،وارتفاعه فوقه،وذلك قضية الوجوب واللزوم، كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾[البقرة:184] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:يارسول الله ، على النساء الجهاد؟قال:(نعم. عليهن جهاد لاقتال فيه: الحج والعمرة).
وفي القانون الإماراتي: "على الحكمين تقصي أسباب الشقاق،وبذل الجهد للإصلاح بين الزوجين".
4 الوعيد على ترك الفعل: فإن الواجب: مايستحق تاركه العقاب،كما سبق،فإذا جاء الوعيد على ترك فعل معين أو ورد عذاب أو عقوبة أو ذم بسبب ترك فعل معين، فإن هذا يدل على أن هذا الفعل واجب لأنه لو لم يكن واجباً لما جاء العذاب الوعيد على تركه .
ومن أمثلته قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم﴾[التوبة:34]،وكنز الذهب والفضة يكون بعدم إخراج زكاتهما ، فتوعد الله عز وجل الذين لايخرجون زكاة الذهب والفضة بالعذاب الأليم،فدل على وجوب زكاة الذهب والفضة.
وفي القانون الإماراتي " الكفالة بالنفس (ضمان الوجه) تلزم الكفيل بإحضار المكفول في الوقت المعين عند طلب المكفول له ، فإن لم يفعل جاز للقاضي أن يقضي عليه بغرامة تهديدية ، وله أن يعفيه إذا ثبت عجزه عن إحضاره"فدل على أن إحضار المكفول واجب .
5 اذا كنى الشارع عن عبادة ببعض مافيها ، فإنه يدل على أن هذا البعض فرض في تلك العبادة: لأن العرب لاتكني عن الشيء ببعض مافيه إلا بالأخص به .
مثاله:قوله تعالى ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودً﴾[الإسراء:78]، فسمى الصلاة قرآنا في قوله {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}،فدل على أن قراءة القرآن فرض في الصلاة.

 أقسام الواجب : للواجب تقسيمات مختلفة بحسب اعتباراته :
فينقسم باعتبار المخاطب بفعله إلى قسمين : واجب عيني ، وواجب كفائي.
وينقسم باعتبار وقت ادائه إلى ثلاثة أقسام : واجب مضيّق ، وواجب موسّع ، وواجب مطلق .
وينقسم باعتبار الفعل المأمور به إلى قسمين : واجب معيّن ، واجب مخيّر .

o الواجب على الأعيان و الواجب على الكفاية (فرض العين وفرض الكفاية):
الفرق بينهما :
الواجب على الأعيان (فرض العين) : يجب على مكلف أن يفعله ؛ كالصلوات الخمس ، وصوم رمضان ، وبر الوالدين . فلا يسقط الطلبُ الجازم والإثمُ بفعل غيره.
وفي القانون الإماراتي :"تفرض الخدمة الوطنية على كل مواطن من الذكور " فلا تسقط الخدمة الوطنية عن البعض بفعل الآخرين .
الواجب على الكفاية (فرض الكفاية) : إذا قام به البعض سقط الأثم عن الباقين ، كصلاة الجنازة ،وغسل الميت ، ودفنه ، وردّ السلام ، وتشميت العاطس . فالمهم أن يوجد العمل ،فيسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي ، وإن لم يقم به أحد أثم كل من علم بذلك ، وكان قادراً على القيام به ، ولم يكن له عذر .
وفي القانون الإماراتي : فيما يتعلق بتبليغ وصي التركة:"وعلى الورثة أن يبلغوه بكل مايعرفونه من ديون للتركة وحقوقها"، فإذا قام بعض الورثة بتبليغه سقط عن الباقين .
• التكليف بفرض الكفاية منوطٌ بالظن:
من ظن أن غيره قام بفرض الكفاية : سقط عنه الفرض ، وإن لم يكن ظنه صحيحاً في الواقع .
ومن ظن أن غيره لايقوم بفرض الكفاية :وجب عليه عيناً؛لأن الظن مناط التعبد ؛ كما لو انحصر الواجب الكفائي بشخص واحدٍ ،فيصير عليه واجباً عينياً.
مثاله:إذا كان هناك عالمٌ واحدٌ فقط يصلح للفتوى و القضاء ، فيجب عليه أن يتولى ذلك ؛لأن وجود المفتي والقاضي فرض كفاية ، ولم تتوفر شروطهما إلا في شخص واحدٍ ، فيكون في حقه واجباً عينياً .
• تعيين فرض الكفاية ولزومه بالشروع فيه :
إذا شرع المكلف في فرض الكفاية ، فإنه يتعين عليه ،فيلزمه إتمامه ، ولايجوز له قطعه ، وهو مذهب الأئمة الأربعة ؛ قياساً على إيجاب إتمام فرض العين بالشروع فيه ؛ بجامع الفرضية. ولأنه بشروعه انعقد سبب براءة ذمة غيره ،فوجب عليه إتمامه؛لتعلق حق الغير به.
o الواجب الموسع ، والواجب المضيق ، والواجب المطلق :
• الواجب الموسع : هو ماكان له وقت محدد يسعه ويسع غيره من جنسه ، كالصلوات الخمس ، فيمكن أن يصلي الشخص الظهر مثلاً ، ويصلي صلوات أخرى كالسنن الرواتب في وقت الظهر أيضاً ، فهذا واجب موسّع ؛ لأنه يمكنه أ، يفعل الواجب وغيره من جنسه في الوقت المحدد .
والأصل ان المكلف مخيّر في فعل العبادة أول الوقت أو وسطه أو آخره. ولا يأثم من أخر الواجب الموسع إلا إذا أخره بحيث لايبقى من الوقت ما يسعه ، أو أخره إلى وقت يغلب على ظنه فواته بعده.
الواجب المضيَّق : هو ماكان وقته لايسع غيره من جنسه . كصوم شهر رمضان ،فإنه لايمكن أن يصوم صياماً آخر غير صيام رمضان في هذا الشهر، فهذا الوقت لايتسع إلا لصيام رمضان فقط.
الواجب المطلق: هو ما ليس له وقت محدد ،فلم يعين له وقت لأدائه،فهو مطلق عن قيد الوقت، ككفارة اليمين،والنذر المطلق ، وبر الوالدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

o الواجب المعيّن والواجب المخيّر :
• الواجب المعيّن : هو ما لا تبرأ ذمة المكلف إلا بفعله ، فلا يكون فيه تخيير بين فعله ولبن فعل شيء آخر ، وذلك كالصلوات الخمس ،فإنه يجب عليه أن يصليها ، ولاتبرأ الذمة إلا بفعلها كلها . زكذا الزكاة ، وصوم رمضان ، والحج ، وصلاة الجنازة .
• الواجب المخيّر : هو طلب شيءٍ واحدٍ من أشياء كثيرة ، فتبرأ ذمة المكلف بفعل شيءٍ من عدة أشياء ، أي إن المكلف فيه مخيّر : إما أ، يفعل كذا أو كذا ، وذلك ككفارة اليمين : قال تعالى : ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾[المائدة:89] ، فتبرأ الذمة بفعل أي منها : إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم يستطع انتقل إلى الصوم . فالتخيير هنا بين الإطعام والكسوة والعتق ، وعند العجز ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام .
وفي قانون الأحوال الشخصية الإماراتي : "يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا بلفظ التزويج أو الإنكاح" فيجب أن يختار أحد اللفظين ليكون الزواج صحيحاً .
 ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ,وما لا يتم الوجوب الا به فليس بواجب
• القاعدة الاولى: ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب :اذا وجب على المكلف شي كالصلاة ، فإن كل ما لا تتم الصلاة الا به ، فهو واجب ايضا ، كالطهارة ، واستقبال القبلة ، والفاتحة . واذا كان لا يستطيع الذهاب الى المسجد لصلاة الجمعة الا بالسيارة ، كان ذلك واجباً عليه: لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب .
• القاعدة الثانية :ما لا يتم الوجوب عليه الا به فليس بواجب: اذا لم يجب على المكلف فعل امر ما: لنقص شرط من الشروط مثلا ، فإنه لا يجب عليه تحصيل هذا الشرط ليجب عليه المشروط .
مثاله: الزكاة: فإن سعيداً لا تجب عليه الزكاة الا اذا بلغ ماله النصاب حتى تجب عليه الزكاة؟الجواب:لا :لأنما لا يتم الوجوب الا به فليس بواجب ، فإن الزكاة لم تجب عليه بعد :لعدم وجود سبب الوجوب ,الذي هو ملك النصاب .
فالفرق بين القاعدة الاولى و الثانية :ان في الاولى كان الامر واجبا عليه :لتوافر جميع شروط الوجوب,اما في القاعدة الثانية ، فإن الامر لم يجب عليه :لعدم وجود سبب أو عدم توافر شرط ، أو لوجود مانع .