لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

كان موقعها مسكونًا ومأهولا قبل قرون من ظهور الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وفيها قامت مجتمعات وعاشت شعوب نطقت بلغات وطقوس اجتماعية ودينية مختلفة. لكن ترتبط مركزية المدينة الموقع، إلى درجة كبرى بصلتها بالأديان الثلاثة اليهودية أولا، بوصفها مدينة وفضاءً اجتماعيًا ثقافيا واقتصاديًا أيضًا، سابقة على علاقتها بهذه الأديان التي ارتبطت المدينة بها كونها موجودة مدينةً أولًا، قبل أن تكون موقعا دينيًا، دخلت المدينة العصر الحديث حين طرد العثمانيون المماليك منها في العقد الثاني من القرن السادس عشر. وتوالى على حكمها سلالات وسلطنات حاكمة سابقة على المماليك، وفي فترة الصليبيين لتلحق بسلطنة المماليك في مصر والشام حتى مجيء السلطنة العثمانية. باعتبارها مدينة هي أولا وأخيرًا مكان مأهول ذو مجتمع وسكان وثقافة وعادات وتقاليد، لكن المدينة ارتبطت بالنسبة إلى المناطق الأخرى من العالم، والذي هو تعبير عن علاقة ما بدين ما؛ إذ حج إلى القدس على مر القرون، أفراد وجماعات تنتمي إلى الأديان الثلاثة، جاءت من قريب ومن بعيد لزيارتها وتأدية طقوس دينية خاصة مرتبطة بجماعة ما. فهي لليهودية عاصمة الملك داود، وللمسيحية مدينة عاش فيها المسيح وصلب، قدموا إلى المدينة بحثًا عن معان خاصة بهم، لكن الحج إلى موقع مقدس ليس مرهونا باعتبار الموقع مدينة، المقصود مما سبق هو تأكيد أن ما جعل القدس مدينة ليس أهميتها الدينية، حتى إن ساهمت الرمزية الدينية على نحو ما في ذلك، إنما لكونها بلدًا يعيش فيه شعب يمارس حياته الاجتماعية والاقتصادية أولا وقبل كل شيء. فإن ادّعاء ملكية المدينة على أسس دينية ليس له أساس في العالم المادي الواقعي، بقدر ما له علاقة بانتماء سكانها وحقوقهم وملكيتهم وانتمائهم إلى المدينة والقومية التي ينتمون إليها. يستند الخطاب الصهيوني نحو القدس إلى ادعاء ديني صرف على الأقل بقدر ما يرتبط بالشعارات المستخدمة، وليس بالرغبة الاستعمارية تجاه عموم فلسطين، يمكن أيضًا القول إن جزءًا من الخطاب العربي تجاه القدس لا يختلف في جوهره عندما تختزل قضية المدينة واحتلالها بالقول إنها وقف إسلامي، لا يجوز التخلي عنها المدينة هي مدينة أبنائها، أساسًا، تحتكرها استنادًا إلى غيبيات دينية ورمزية تدّعي الحق في استعمار المدينة وعموم فلسطين، وبناء عليه، وكي يُوطّد مثل هذا المفهوم، بمعنى آخر، لم يأتِ الخطاب التاريخي الصهيوني من فراغ، بقدر ما استند إلى معارف سابقة مهيمنة ومعروفة حتى قبل تشكّل الفكرة الصهيونية ذاتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ وفي القرن التاسع عشر، نشطت الحركات المسيحانية الإنجيلية في تشكيل مخيلة تربط اليهود بالقدس، وإن كان مثل هذا الربط لا يتوافق تماما مع النمط الصهيوني اليهودي المعاصر الذي قصر استخدامه للمخيلة الدينية على التوراة وكتب الأنبياء اليهودية دون غيرها. التي تبحث في تمثيل القدس في الصور الفوتوغرافية المبكرة، إلى مفهومي المخيلة التاريخية الذي ناقشه عدد من المؤرخين النقديين، ربما أهمهم هايدن وايت وإلى فكرة الذاكرة الجمعية التي قدمها لنا باعتبارها مفهومًا، عالم الاجتماع الفرنسي موريس هلبواش ، في سياق المجتمع، وتؤثر في صياغة الذاكرة الفردية لأعضاء الجماعة المحددة. وليست اختراعًا كاملًا، بقدر ما هي طريقة لرؤية العالم وتَخَيُّل المجموعة لذاتها، أو الذاكرة المسيحية أو الإسلامية، ولا تُساهم الذاكرة الجمعية في تشكيل مفاهيم عامة بشأن الماضي فحسب، بل تتعداها أيضًا لتُشكّل تزمينًا تاريخيًا يعتمد عناصر من الذاكرة باعتبارها محطات أساسية في السرد التاريخي للجماعة. وسنزوّد هذه الدراسة بأمثلة بشأن هذا الموضوع، فعلى المؤرخ أن يتخيل الماضي بتفصيلات غير متوافرة أمامه، قبل أن يدرس حدثًا ماضيا بعينه. واستخدمه أيضًا هايدن وايت للإشارة إلى كيفية دراسة التاريخ عند مؤرخي القرن التاسع عشر وفلاسفته؛ إذ اعتبر طرائق تفكيرهم في الماضي تستند إلى مخيال بحثي لديهم تشكّل على نحو تراكمي عبر الزمن. تسعى هذه الدراسة أيضًا، باعتباره نظامًا معرفيا ومخيّلةً أوروبية للمشرق في كتابه المعروف الاستشراق ، في تقبل الخطاب الصهيوني أوروبيًا، أو حتى استخدمت من الحركة الصهيونية ذاتها لتقديم مخيلة عن القدس تستثني الفلسطيني منها وتقتلعه من تاريخ مدينته على مستوى الوعي، هو أحد الاختراعات الحديثة التي رأت النور في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وتصادف أن مخترعين عدة توصلوا إلى نتيجة واحدة، وسُخّر لاستخدامات أوروبية، لا شك في ذلك، وارتبط بالوضع الأوروبي في عصر رواج الفكر الاستعماري تجاه باقي أنحاء العالم خارج غرب القارة. أي في العام نفسه الذي أعلن في باريس عن أول اختراع للتصوير الفوتوغرافي، وهو النوع الذي استخدم في أولى صور القدس. استقبل الاختراع الفوتوغرافي عالميًا باعتباره معجزةً كبرى مهمة في توثيق الواقع كما هو، فوصف عضو المحكمة العليا الأميركية أوليفر ويندال هولمز، لذا، نستطيع السفر إلى كل بلدان العالم من دون التحرك من مكاننا. بكلّ ما يحمله ذلك الماضي من تفصيلات لحظية لم تنجح اللوحات الزيتية، ولا الذاكرة البشرية في نقلها من قبل. سواء أكان الماضي الفردي أم الجماعي التاريخي العام، وفي الإمكان التشكيك فيه، ليس عبر التلاعب بالصور من خلال عملية الطباعة أو القص والإضافة وهو ما عرف بـ "الفوتوماج"، فضلا عن أن الصور غالبًا ما ظهرت مرتبطة بأوصاف تفسيرية تعكس رؤية المصور أو المستخدم، تضع الصورة في العادة في سياق سرد محدد. سرعان ما تكتسب الصورة التي تبدأ، من خلال علاقة ثنائية، طرفاها المصور والموضوع، تاركة المصور ونياته خارج إطار المعادلة كليا. في هذا السياق، تظهر لنا مراجعة الكم الهائل لصور القدس المنتجة في القرن التاسع عشر أن تشكل عدد من المعاني والدلالات الناجمة ليس فقط عن عمل المصور بذاته، بل أيضًا عن استخداماتها عبر توزيعها باعتبارها سلعة أو عملا فنيا. وبعد الاطلاع على كم كبير من الصور التي التقطتها عدسات المصورين الأوروبيين، ويرتبط التماثل في هذه الحالة بحالات نمطية من ناحية الموضوع والمخيال وأشكال التقاط الصور. ولعجزي عن إيجاد الكلمة العربية الملائمة لما أعنيه هنا بالحالات النمطية، فسأصفها بأنها طرائق تمثيل المكان في الصورة. وفيما يلي سننظر إلى عدد من الصور المختارة للقدس، أعتبرها نماذج لمثل هذه الأنماط التمثيلية للمدينة. رابعا: أنماط تمثيل القدس في الصور المبكرة لنبدأ بالنمط الأول، تحديدًا، على هذا الجانب؛ وكانت الصورة للمصور فريدريك غوبل فيسكه، وهي مفقودة، وتظهر الصورة القدس من الشرق، وتظهر فيها قبة الصخرة بوضوح. وهي صور للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة. وصوّر المواقع نفسها، إضافة إلى ذلك، أسوار القدس وأسواقها. كون أولئك المصورين لم يكونوا مسلمين، أو حتى مهتمين بالتراث الإسلامي تحديدًا، إذ عادةً ما كان يتوجه المصورون إلى مصر وفلسطين، وأحيانًا إلى إسطنبول خلال الزيارة نفسها، ولم تكن عادةً لمواقع دينية، وقد يكون سبب اختيار المواقع تاريخيًا، يتعلق بالتراث الأثري في المنطقة، وهذا بالتأكيد سبب عند بعض المصوّرين، لكن يضيف الوصف الذي قدمه المصورون سببًا آخر، يتعلق بالمخيّلة التاريخية والذاكرة الجمعية الأوروبية، أسس عليه مسجدًا حمل اسمه وهو للمناسبة ليس موقع قبة الصخرة، والأوروبي خصوصًا في حالتنا هذه السبب في اختيار قبة الصخرة موضوعًا للصور الأولى؛ مقارنة بها. وقد يكون أيضًا لاعتقاد المصورين الخاطئ أن ما هو أمامهم لا بد من أن يكون مسجد عمر، ولعل الوصف الآخر لقبة الصخرة وباحة الحرم القدسي الذي ظهر في صور عدة لاحقة (ينظر مثلا : الصورة ، باعتبار المكان موقع هيكل سليمان، هو الأكثر دلالة على مخيال المصورين أو توقعاتهم لرغبات زبائنه من القدرة على رؤية موقع سمي هيكل سليمان العمارة يعتقد أنها كانت في القدس قبل ما يقارب ثلاثة آلاف عام، وعدم القدرة على رؤية ما هو ماثل أمامهم، أي قبة الصخرة التي يعود بناؤها إلى نهاية القرن السابع الميلادي، حتى كنيسة القيامة، لا يبدو أنها حظيت بمكانة قبة الصخرة من ناحية عدد الصور التي التقطت لها. وخصوصًا في تشكيل مخيلتنا التاريخية الخاصة بنا لطوبوغرافية القدس في القرن التاسع عشر. تقريبًا، خالية من السكان، سواء كانوا بائعين أم مصلين أم عابري سبيل، فكيف لا نرى مصلين في محيط المسجد الأقصى، وبات يحتاج، إلى ما يقل عن ست ثوانٍ. نجد أن بعض المصورين الذين زاروا الشرق والتقطوا صورًا في أماكن مختلفة، أظهروا القدس خالية، وخير مثال على ذلك هو المصور الفرنسي مكسيم دو كامب الذي على الرغم من استخدامه طريقة مبكرة، تتطلّب وقتًا طويلا نسبيا في تعرض ورق " النيغاتيف" للمشهد الماثل أمام الكاميرا، فإنه أصر على أن يضع شخصا في صوره في مصر أمام المعالم الأثرية لإظهار عظمة أحجامها قياسًا على حجم الشخص الظاهر في الصورة. لا يمكن أن نعزو غياب الفلسطيني عن صور بلده وحيّزه الاجتماعي إلى أسباب تقنية فحسب، وخصوصًا أن طرائق التصوير الفوتوغرافي اللاحقة كانت تُمكّن المصور من التقاط ما يريده؛ بل تعبير عن مخيلة المصورين الأوروبيين التاريخية، عمومًا، غيابًا عن الصور الفوتوغرافية غير البانورامية، حيث هناك عدد من الأمثلة عن صور ظهر فيها أناس في القدس، لكن ليسوا بوصفهم ممثلين لحياة مجتمعهم الاجتماعية والثقافية، فضلا عن الصور المصممة خصوصًا لتوضيح فكرة توراتية أو إنجيلية ما، وفي درجة أقل مسلمون، في صور أستوديو، معبرين عن الجماعة التي يمثلونها، سواء أكانت الجماعة دينية أم طائفة محدَّدة نُسِبوا إليها. وراجت هذه الصور في زمن متأخر نسبيًا، بعد أن فتح مصورون أوروبيون أقاموا في الشرق محترفات تصوير في المنطقة. لدى المصور بونفيس، على سبيل المثال، عدد من الصور لرجال وصفوا بأنهم القادة الدينيون في القدس، ومنهم بطريركيا الروم الأرثوذكس والموارنة وحاخام المدينة الأكبر. وفي الإستوديو نفسه، بصفته حلّاج قطن في القدس، ويظهر من رقم التصنيف المتسلسل الذي استخدمه المصور للصورة، حيث تحمل الصورة الأولى رقم 632، والثانية 635. أما منصب بطريرك القدس الماروني الذي يظهر في صور دوماس، لكن ليسوا بوصفهم أبناء المدينة، بل نماذج للشخصيات الإنجيلية أو التوراتية. تُظهر أفرادًا في القدس وفي بيت لحم والناصرة، إما بصفتهم نماذج مباشرةً لقصص دينية، وإما أن الصور تستحضر السرد الإنجيلي. فهناك عدد من الصور التي وزّعت تجاريًا عبر شركات أميركية، تستخدم تقنية "الإستيريوسكوب" أي التقنية التي تستخدم الصورة نفسها مع فوارق بسيطة، أو اثنتان جالستان أمام مغارة، ويظهر عادة في خلف الصور التي من هذا النوع وصف للمشهد وإشارة إلى النص الإنجيلي الذي تستحضره الصورة. يظهر فيها حجاج في مناسبات دينية، في مواقع إنجيلية أو توراتية، باعتبارها مثلا عن عدد الحجاج الكبير أمام كنيسة القيامة في أسبوع عيد الفصح، كما تصفه التفسيرات الظاهرة على سطح الصور. وكذلك الأمر، فإن أغلب المصورين في القرن التاسع عشر حرصوا على تصوير مرضى البرص تذكيرا بالنص الإنجيلي الذي وصف قدرة المسيح على شفاء هذا المرض. خاتمة
وليس غرض هذه الدراسة إجراء مسح شامل لكل الصور، تشير إلى طبيعة المخيلة الأوروبية للقدس، التي محت الفلسطيني المقدسي من مدينته. فإنه لم يظهر بصفته جزءًا من الطوبوغرافيا الاجتماعية للمدينة، بل استدعاء لذاكرة جماعية دينية. بمعنى آخر، بل موقعًا دينيًا شديد الارتباط بالتاريخ والذاكرة الجمعية الأوروبية. والنتيجة أن الصور ربما تكون قد أدّت دورًا في تشكيل مخيلة استعمارية ترى فلسطين أرضًا بلا شعب، حتى قبل أن تطلق الحركة الصهيونية هذا الشعار بعقود وبالطبع ليس المقصود بذلك أن المصوّرين كانوا صهاينة بالمعنى الحديث للمصطلح، بقدر ما يشير إلى غياب الوعي الأوروبي حول سكان الأرض المقدسة، كما هي الحال مع وثيقة أرثر بلفور (تشرين الثاني/ نوفمبر (1917) المعروفة بالوعد الذي تحدث عن الحق القومي لليهود والحقوق الدينية لغير اليهود، من دون ذكرهم بالاسم، فإننا نجد الصور نفسها تُستخدم حتى يومنا هذا في سياق النشاط الصهيوني المسيحي، وأحد الأمثلة نجده في استخدام الصورة (11) الفلاح فلسطيني يحرث الأرض، باعتبارها للقاضي شمغار الذي، وكأن التصوير الفوتوغرافي كان موجودًا آنذاك. في حياتهم العادية، هي عملية تشييء أو تصنيم للفلسطيني عبر نزع صفته الشخصية عنه بوصفه موضوعًا للصورة وتحويله إلى آخر يرتبط بمخيلة ليست مُخيّلة الفلسطيني، وليس جزءًا من المشهد الاجتماعي للبلد أو المدينة. والمقصود بالصنمية هنا النظر إلى شيء ما أو موضوع ما باعتباره تجسيدا لموضوع آخر. على الرغم من استخدامات الصور الواسعة وانتشارها عبر وسائل الاتصال والصحافة والشبكة العنكبوتية، وليس عبر إعادة تعريف الصور القديمة - وهو شائع في المتاحف الإسرائيلية ومواقع الإنترنت - فحسب، في مناسبات سياسية إسرائيلية، مثل ذكرى احتلال المدينة في عام 1967 - ويسمّونها ذكرى توحيد المدينة - أو في مناسبات دينية يهودية ترتبط بالمدينة أو ما يسمى احتفال أضواء القدس . وبالطبع تحتفي الصور المستخدمة في هذه الحالة كلها، تمثيل القدس في وقتنا الراهن في سياق الخطاب الصهيوني ليس في لب موضوع هذه الدراسة، لكن ما أشرنا إليه سابقًا يُعاد إنتاجه بصورة أقبح في السرد البصري الصهيوني المتخفي. واعترفت الولايات المتحدة بذلك حديثًا، فإن الاسم المعتمد إسرائيليا وحتى عالميًا في أيامنا هذه هو جبل الهيكل، يمكننا أن نستنتج أن صور القدس المُبكرة أظهرت اهتمام الأوروبيين بالمدينة على نحو كبير، لكن ليس بسكانها بما هم عليه؛ فهي مدينة التوراة والإنجيل، وليست مدينة من فيها الذين وإن ظهروا في الصور، فظهورهم عابر، مثلما هم بالنسبة إلى المخيلة الأوروبية، عابرون على المدينة ليسوا أكثر من بدو رحل استقروا في مدينة ليست لهم، وهذا ربما يعكس ما أشار إليه بشارة دوماني أنه كلما ازداد الاهتمام بفلسطين، قل الاهتمام بالفلسطينيين، وكأن الموضوعين منفصلان،


النص الأصلي

:
للقدس تاريخ تليد، يعود إلى آلاف السنين، كان موقعها مسكونًا ومأهولا قبل قرون من ظهور الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وفيها قامت مجتمعات وعاشت شعوب نطقت بلغات وطقوس اجتماعية ودينية مختلفة. لكن ترتبط مركزية المدينة الموقع، إلى درجة كبرى بصلتها بالأديان الثلاثة اليهودية أولا، ثم المسيحية، ثم الإسلام. لكنها، بوصفها مدينة وفضاءً اجتماعيًا ثقافيا واقتصاديًا أيضًا، سابقة على علاقتها بهذه الأديان التي ارتبطت المدينة بها كونها موجودة مدينةً أولًا، قبل أن تكون موقعا دينيًا، حتى إن تغير اسمها عبر الأزمان. دخلت المدينة العصر الحديث حين طرد العثمانيون المماليك منها في العقد الثاني من القرن السادس عشر. وتوالى على حكمها سلالات وسلطنات حاكمة سابقة على المماليك، بدءًا من التاريخ ما قبل الروماني، فالروماني والبيزنطي، وصولا إلى المسلمين الأمويين والعباسيين والفاطميين، وفي فترة الصليبيين لتلحق بسلطنة المماليك في مصر والشام حتى مجيء السلطنة العثمانية. وفي هذا التاريخ المديد، تبقى المسألة الرئيسة هي أن القدس، باعتبارها مدينة هي أولا وأخيرًا مكان مأهول ذو مجتمع وسكان وثقافة وعادات وتقاليد، وكانت القدس كذلك، وستبقى أيضًا، ما دامت مأهولة بسكانها؛ أحفاد من سبقهم على مر العصور. لكن المدينة ارتبطت بالنسبة إلى المناطق الأخرى من العالم، بمفهوم القداسة الذي طغى حتى على اسمها، سواء القدس أم بيت المقدس أم غيرهما، والذي هو تعبير عن علاقة ما بدين ما؛ إذ حج إلى القدس على مر القرون، أفراد وجماعات تنتمي إلى الأديان الثلاثة، جاءت من قريب ومن بعيد لزيارتها وتأدية طقوس دينية خاصة مرتبطة بجماعة ما. فهي لليهودية عاصمة الملك داود، وللمسيحية مدينة عاش فيها المسيح وصلب، وللمسلمين مدينة الإسراء والمعراج. فالحجاج، وفي العصر الحديث السياح، قدموا إلى المدينة بحثًا عن معان خاصة بهم، ترتبط بتقاليدهم ورموزهم ومعتقداتهم. لكن الحج إلى موقع مقدس ليس مرهونا باعتبار الموقع مدينة، بل باعتباره مرتبطًا بسردية ما ترتبط بكتب مقدسة خاصة بكل تقليد. المقصود مما سبق هو تأكيد أن ما جعل القدس مدينة ليس أهميتها الدينية، حتى إن ساهمت الرمزية الدينية على نحو ما في ذلك، إنما لكونها بلدًا يعيش فيه شعب يمارس حياته الاجتماعية والاقتصادية أولا وقبل كل شيء. وبناء عليه، وفي عصرنا الحديث، عصر
الإمبراطوريات - العثمانية أو البريطانية - وعصر القوميات، فإن ادّعاء ملكية المدينة على أسس دينية ليس له أساس في العالم المادي الواقعي، بقدر ما له علاقة بانتماء سكانها وحقوقهم وملكيتهم وانتمائهم إلى المدينة والقومية التي ينتمون إليها.
وبطبيعة الحال، يستند الخطاب الصهيوني نحو القدس إلى ادعاء ديني صرف على الأقل بقدر ما يرتبط بالشعارات المستخدمة، وليس بالرغبة الاستعمارية تجاه عموم فلسطين، وهي الصفة الجوهرية التي يستند إليها الادعاء الصهيوني. وإلى درجة ما، يمكن أيضًا القول إن جزءًا من الخطاب العربي تجاه القدس لا يختلف في جوهره عندما تختزل قضية المدينة واحتلالها بالقول إنها وقف إسلامي، أو مسيحي، لا يجوز التخلي عنها المدينة هي مدينة أبنائها، أحفاد أولئك الذين قطنوها عبر التاريخ، بغضّ النظر عن انتماءاتهم الدينية. والإشكالية الكبرى هي أن دولة مستعمرين أوروبيين، أساسًا، تحتكرها استنادًا إلى غيبيات دينية ورمزية تدّعي الحق في استعمار المدينة وعموم فلسطين، استنادًا إلى حق معطى ربانيًا. وبناء عليه، فإن تبرير سيطرة دولة الاحتلال على القدس يستخدم النص المقدس الذي لا يأخذ في الحسبان الحق القومي أو التاريخي أو السياسي، وكي يُوطّد مثل هذا المفهوم، بات تشكيل مخيلة تاريخية استعمارية وتعميمها ضرورة لتبرير السيطرة على الأرض في ذاتها. بمعنى آخر، أوجد معرفة سائدة تبرّر للسلطة المستعمرة استعمارها. وفي هذا السياق، لم يأتِ الخطاب التاريخي الصهيوني من فراغ، بقدر ما استند إلى معارف سابقة مهيمنة ومعروفة حتى قبل تشكّل الفكرة الصهيونية ذاتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ إذ سبق أن استخدم آخرون الخطاب الديني لتبرير الادعاء المتمثل بحصر ملكية القدس من قبل. وفي القرن التاسع عشر، نشطت الحركات المسيحانية الإنجيلية في تشكيل مخيلة تربط اليهود بالقدس، وإن كان مثل هذا الربط لا يتوافق تماما مع النمط الصهيوني اليهودي المعاصر الذي قصر استخدامه للمخيلة الدينية على التوراة وكتب الأنبياء اليهودية دون غيرها.
ثانيًا: المُخيّلة التاريخية والذاكرة الجماعية
تستند هذه الدراسة، التي تبحث في تمثيل القدس في الصور الفوتوغرافية المبكرة، إلى مفهومي المخيلة التاريخية الذي ناقشه عدد من المؤرخين النقديين، ربما أهمهم هايدن وايت وإلى فكرة الذاكرة الجمعية التي قدمها لنا باعتبارها مفهومًا، عالم الاجتماع الفرنسي موريس هلبواش ، الذي أشار إلى وجود أطر جماعية تشكلت عبر الأزمنة للنظر إلى التاريخ الخاص بمجتمع ما أو بجماعة ما، في سياق المجتمع، تتجاوز الذاكرة الفردية وتتعداها إلى مفاهيم المخيال العام الذي تتداخل فيه الذاكرات الفردية مع الأساطير والكتب الدينية المقدسة والتجارب التاريخية لعموم الجماعة، وتؤثر في صياغة الذاكرة الفردية لأعضاء الجماعة المحددة. ومثل هذه الذاكرة لیست تاريخا بالمعنى البحثي، وليست اختراعًا كاملًا، بقدر ما هي طريقة لرؤية العالم وتَخَيُّل المجموعة لذاتها، كأن نتحدث عن الذاكرة اليهودية الجمعية مثلًا، أو الذاكرة المسيحية أو الإسلامية، أو حتى الذاكرة الجمعية الفلسطينية أو الأوروبية أو العربية. ولا تُساهم الذاكرة الجمعية في تشكيل مفاهيم عامة بشأن الماضي فحسب، بل تتعداها أيضًا لتُشكّل تزمينًا تاريخيًا يعتمد عناصر من الذاكرة باعتبارها محطات أساسية في السرد التاريخي للجماعة. ولا تحفظ الذاكرة الجمعية سرديتها عبر التداول بين الأفراد والجماعات فحسب بل أيضًا عبر الطقوس الخاصة بالجماعة المحددة. وسنزوّد هذه الدراسة بأمثلة بشأن هذا الموضوع، لكن بعد تفسير المقصود بالمفهوم الأول المشار إليه: المخيلة التاريخية.
ظهر مفهوم المخيلة التاريخية لما استخدمه روبن جورج كولنغوود في ثلاثينيات القرن العشرين، إذ فسره باعتباره جزءًا نقيًا أو بدهيًا من طرائق تفكير دارسي التاريخ في محاولاتهم تشكيل دراساتهم عن الماضي؛ فعلى المؤرخ أن يتخيل الماضي بتفصيلات غير متوافرة أمامه، مستخدمًا كل ما يمكن استخدامه من نصوص وقطع أثرية أو غيرها من مواد الثقافة المادية لتشكيل وعي تاريخي محدد بزمن ما مضى، قبل أن يدرس حدثًا ماضيا بعينه. واستخدمه أيضًا هايدن وايت للإشارة إلى كيفية دراسة التاريخ عند مؤرخي القرن التاسع عشر وفلاسفته؛ إذ اعتبر طرائق تفكيرهم في الماضي تستند إلى مخيال بحثي لديهم تشكّل على نحو تراكمي عبر الزمن. فالمخيلة التاريخية في نظر وايت هي عملية جمع ما بين التفكير والحلم؛ كون الحلم يتيح حرية للباحث في التخيل تتداخل فيها الأساطير مع العقل. وفي هذا المجال، يمكن استحضار ما كتبه ميشيل فوكو عن المتخيل، حين أشار إلى أنه "لا يتشكل عبر معارضة الواقع أو كإنكار له، إنما ينمو عبر العلامات - أو الرموز - الواردة في الكتب المختلفة، في فواصل التكرار والتعليقات فيها ".
تسعى هذه الدراسة أيضًا، عبر استخدامها المخيلة الجمعية ونقد إدوارد سعيد للاستشراق، باعتباره نظامًا معرفيا ومخيّلةً أوروبية للمشرق في كتابه المعروف الاستشراق ، للنظر إلى صور القدس المبكرة التي صوّرها أوروبيون أتوا إلى الشرق في المرحلة قبل نشأة الصهيونية باعتبارها حركة سياسية في أواخر القرن التاسع عشر، في محاولة ليس للبحث عن الخطاب الصهيوني فيها، بل لرؤيتها بوصفها نوعًا من المقدمات التي ساعدت في تشكيل مخيلة أوروبية ساهمت، عن قصد أو من دونه، في تقبل الخطاب الصهيوني أوروبيًا، أو حتى استخدمت من الحركة الصهيونية ذاتها لتقديم مخيلة عن القدس تستثني الفلسطيني منها وتقتلعه من تاريخ مدينته على مستوى الوعي، قبل اقتلاعه منها على نحو مادي وبعده.
ثالثا: التصوير الفوتوغرافي وفلسطين التصوير الفوتوغرافي، أو الشمسي، هو أحد الاختراعات الحديثة التي رأت النور في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وتصادف أن مخترعين عدة توصلوا إلى نتيجة واحدة، وهي القدرة على حفظ الصورة على صفيح محدد، لكن بطرائق مختلفة تقريبا في الوقت
نفسه، وفي مناطق مختلفة؛ فرنسا، وبريطانيا، والبرازيل (كان المخترع فرنسيا يقيم هناك) ومن ثقافات مختلفة عبر العصور، كان جزءًا من التحولات الأوروبية المرتبطة بالثورة العلمية والصناعية التي سادت غرب أوروبا في القرن التاسع عشر. وفي هذا السياق، كان أيضًا ضمن سياق نظام المعرفة الأوروبي، وسُخّر لاستخدامات أوروبية، لا شك في ذلك، وارتبط بالوضع الأوروبي في عصر رواج الفكر الاستعماري تجاه باقي أنحاء العالم خارج غرب القارة.
كانت القدس من أوائل المناطق في الشرق التي أمها المصورون الأوروبيون، حيث التقطت أول صور لها في عام 1839، أي في العام نفسه الذي أعلن في باريس عن أول اختراع للتصوير الفوتوغرافي، أو ما عُرف آنذاك بـ "الداغيروتايب"، وهو النوع الذي استخدم في أولى صور القدس. وبحسب إحصائية غير شاملة أصدرها قيم متحف إسرائيل في القدس المحتلة في عام 1988، زار القدس نحو ثلاثمئة مصور أوروبي قبل نهاية العقد التاسع من القرن التاسع عشر.
استقبل الاختراع الفوتوغرافي عالميًا باعتباره معجزةً كبرى مهمة في توثيق الواقع كما هو، فوصف عضو المحكمة العليا الأميركية أوليفر ويندال هولمز، الصورة الفوتوغرافية بأنها "مرآة ذات ذاكرة. ووصفتها مجلة الفن The Art Journal الصادرة في لندن (1860) بأنها وثيقة غير قابلة للخداع، مضيفة أننا ندرك أن ما نراه ينبغي أن يكون هو الحقيقة. لذا، حين ننقاد إليها، نستطيع السفر إلى كل بلدان العالم من دون التحرك من مكاننا. فالصورة باعتبارها إنتاجا آليا، مكنت البشر من الاحتفاظ بالماضي، بكلّ ما يحمله ذلك الماضي من تفصيلات لحظية لم تنجح اللوحات الزيتية، ولا الذاكرة البشرية في نقلها من قبل. وكان للتصوير القدرة على حفظ الماضي، سواء أكان الماضي الفردي أم الجماعي التاريخي العام، ومن ثم، منح الوجود المستمر لحظات مضت، مثبتًا بذلك حوادث تستطيع أجيال لاحقة عدة رؤيتها.
لكن افتراض موضوعية الصورة ليس دقيقًا تمامًا، وفي الإمكان التشكيك فيه، ليس عبر التلاعب بالصور من خلال عملية الطباعة أو القص والإضافة وهو ما عرف بـ "الفوتوماج"، أي مونتاج الصورة فحسب، بل أيضًا عبر اختيار المصوّر موضوع الصورة، وما يظهر فيها وما لا يظهر. فضلا عن أن الصور غالبًا ما ظهرت مرتبطة بأوصاف تفسيرية تعكس رؤية المصور أو المستخدم، سواء كان الناشر أم المشاهد، تضع الصورة في العادة في سياق سرد محدد. وكذلك الأمر، فإن للصورة حياتها الخاصة بعد إنتاجها وتوزيعها، وبذلك تكتسب معاني منوعة، غالبًا ما تعتمد على معرفة المشاهدين، سابقًا، بموضوعها وردة فعلهم تجاهه بعبارة أخرى، سرعان ما تكتسب الصورة التي تبدأ، عادة، من خلال علاقة ثنائية، طرفاها المصور والموضوع، أبعادًا جديدة ترتبط بعلاقة ثلاثية الأبعاد، تربط الصورة وموضوعها بالمشاهد، تاركة المصور ونياته خارج إطار المعادلة كليا. في هذا السياق، تظهر لنا مراجعة الكم الهائل لصور القدس المنتجة في القرن التاسع عشر أن تشكل عدد من المعاني والدلالات الناجمة ليس فقط عن عمل المصور بذاته، بل أيضًا عن استخداماتها عبر توزيعها باعتبارها سلعة أو عملا فنيا. وبعد الاطلاع على كم كبير من الصور التي التقطتها عدسات المصورين الأوروبيين، وجدتُ أن هناك تجانسا كبيرًا في طرائق اختيار ما يُصوّر من ناحية الموضوع والموقع، وتماثلا في وصف الصور المتماثلة لدى مصورين مختلفين جاؤوا إلى المدينة من أماكن وخلفيات وعقود مختلفة. ويرتبط التماثل في هذه الحالة بحالات نمطية من ناحية الموضوع والمخيال وأشكال التقاط الصور. ولعجزي عن إيجاد الكلمة العربية الملائمة لما أعنيه هنا بالحالات النمطية، فسأصفها بأنها طرائق تمثيل المكان في الصورة.
وفيما يلي سننظر إلى عدد من الصور المختارة للقدس، أعتبرها نماذج لمثل هذه الأنماط التمثيلية للمدينة.
رابعا: أنماط تمثيل القدس في الصور المبكرة لنبدأ بالنمط الأول، وهو يتعلق بتمثيل المدينة ومواقعها، حيث نجد أن الكثير من الصور، وخصوصًا المُبكرة، كان مركزًا، تحديدًا، على هذا الجانب؛ إذ كانت أولى الصور التي التقطت للقدس محصورةً في هذا الموضوع فحسب، وكانت الصورة للمصور فريدريك غوبل فيسكه، وهي مفقودة، لكن حفرًا فنيًا يستند إليها موجود ويعود إلى عام 1842، ويُعتقد أن الصورة ذاتها قد صوّرت في عام 1839 لما زار هذا الفنان فلسطين والمشرق. وتظهر الصورة القدس من الشرق، وتظهر فيها قبة الصخرة بوضوح. وتلاها بضع صور للمهندس المعماري الفرنسي جوزيف دو برانغاي في عام 1844، وهي صور للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة. وصوّر المواقع نفسها، بعد أعوام عدة في عام 1849، المصور الفرنسي ماكسيم دو کامب وصوّر كل المصورين اللاحقين في العقود اللاحقة، المواقع نفسها، وخصوصًا قبة الصخرة، وإن كان اللاحقون قد صوّروا أيضًا، إضافة إلى ذلك، أسوار القدس وأسواقها. لعل التركيز على صورة قبة الصخرة لفت الانتباه؛ كون أولئك المصورين لم يكونوا مسلمين، أو حتى مهتمين بالتراث الإسلامي تحديدًا، فغالبيتهم التقطت صورًا المواقع أثرية غير دينية عند زيارتها مصر، إذ عادةً ما كان يتوجه المصورون إلى مصر وفلسطين، وأحيانًا إلى إسطنبول خلال الزيارة نفسها، وأظهرت صور مصر الأهرامات والقلعة، ولم تكن عادةً لمواقع دينية، مثل الأزهر أو المساجد الكثيرة، مثل مسجد ابن طولون في القاهرة. وقد يكون سبب اختيار المواقع تاريخيًا، يتعلق بالتراث الأثري في المنطقة، وهذا بالتأكيد سبب عند بعض المصوّرين، وقد يكون اختيار قبة الصخرة باعتبارها معلمًا بارزًا يظهر للعيان في القدس من عدد من الاتجاهات. ولم تكن المدينة قد امتدت عمرانيًا على نحو كبير خارج الأسوار بعد. لكن يضيف الوصف الذي قدمه المصورون سببًا آخر، أعتقد أنه مركزي، يتعلق بالمخيّلة التاريخية والذاكرة الجمعية الأوروبية، حيث وصفت قبة الصخرة بأنها مسجد عمر، وهذا يُذكّر العالم المسيحي بفتح القدس إبان حكم الخليفة عمر بن الخطاب وتوقيعه العهدة العمرية وقراره بعدم الصلاة في كنيسة القيامة واختياره موقعًا قريبًا للصلاة، أسس عليه مسجدًا حمل اسمه وهو للمناسبة ليس موقع قبة الصخرة، إنما قرب كنيسة القيامة. وقد يكون هذا الحدث المعروف في العالم المسيحي عمومًا، والأوروبي خصوصًا في حالتنا هذه السبب في اختيار قبة الصخرة موضوعًا للصور الأولى؛ كونها تتميز بعمارتها البديعة وسيطرتها على بانورامية القدس، بدلًا من تصوير مسجد عمر البسيط في عمارته، مقارنة بها. وقد يكون أيضًا لاعتقاد المصورين الخاطئ أن ما هو أمامهم لا بد من أن يكون مسجد عمر، نظرًا إلى اعتقادهم بأهمية مسجد عمر، مستنتجين أن أجمل مسجد في المدينة لا بد من أن يكون المسجد الشهير تاريخيًا بالنسبة إلى السردية المسيحية بشأن تسليم المدينة إلى عمر بن الخطاب. ولعل الوصف الآخر لقبة الصخرة وباحة الحرم القدسي الذي ظهر في صور عدة لاحقة (ينظر مثلا : الصورة ، باعتبار المكان موقع هيكل سليمان، هو الأكثر دلالة على مخيال المصورين أو توقعاتهم لرغبات زبائنه من القدرة على رؤية موقع سمي هيكل سليمان العمارة يعتقد أنها كانت في القدس قبل ما يقارب ثلاثة آلاف عام، وعدم القدرة على رؤية ما هو ماثل أمامهم، وهو المسجد الأكبر عمرًا في العالم، أي قبة الصخرة التي يعود بناؤها إلى نهاية القرن السابع الميلادي، ولم تُهدم ويُعاد بناؤها كما حصل مع الكعبة مثلا، دليل على عماء معرفي وفشل في تخطي المخيلة التاريخية الأوروبية للنظر في ما هو غير متعلق بها؛ أي المخيلة التاريخية الإسلامية أو المقدسية. حتى كنيسة القيامة، التي هي أهم موقع مسيحي في العالم قاطبة من ناحية تاريخية، لا يبدو أنها حظيت بمكانة قبة الصخرة من ناحية عدد الصور التي التقطت لها. وفي هذا السياق لا بد من أن نتذكر أن المشروع الصهيوني في تهويد القدس في أيامنا هذه يتبنّى اسم جبل الهيكل في وصف قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وهي تسمية حديثة نسبيًا إذا ما قورنت بالتسمية الواردة في تعريف الصور المبكرة. وبطبيعة الحال، هناك أهمية كبرى لنا بصفتنا باحثين في تاريخ القدس وفلسطينيين، في صور قبة الصخرة، حتى لو تجاهل المصوّرون تمامًا، حقيقة أنها جزء من الحرم القدسي، وخصوصًا في تشكيل مخيلتنا التاريخية الخاصة بنا لطوبوغرافية القدس في القرن التاسع عشر. فتصحيح الوصف جزء من وضع سرديتنا التاريخية في قلب أي سردية عن المدينة. النمط التمثيلي الثاني الذي لاحظته في الصور المبكرة، ومرتبط بالنمط الأول، هو أن الصور المبكرة اتخذت المواقع موضوعات لها، من دون السكان؛ فتظهر القدس في الصور المبكرة، تقريبًا، خالية من السكان، بما في ذلك قبة الصخرة وباحات الأقصى وكنيسة القيامة والأسواق والبيوت وبوابات المدينة. فغالبية المواقع المهمة في المدينة التي لا بد من أنها كانت مكتظة بالسكان، سواء كانوا بائعين أم مصلين أم عابري سبيل، ظهرت مُقفرة من دون أناس فيها أو في محيطها. فكيف لا نرى مصلين في محيط المسجد الأقصى، وكما هو معروف أن الشعائر الإسلامية تتضمن خمسة مواقيت صلاة يوميًا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأسواق والبيوت والأماكن الدينية الأخرى؟ ويجدر بنا ألا ننسى هنا أيضًا أن طرائق التصوير المبكرة كانت تتطلب وقتًا طويلا نسبيًا لفتحة عدسة الكاميرا لالتقاط الصورة، وكان يحتاج تعرض المادة الكيماوية في داخل الكاميرا إلى ست دقائق في بداية الاختراع، لكن هذا الوقت اختصر بفضل التطورات العلمية، وبات يحتاج، في نحو منتصف القرن التاسع عشر، إلى ما يقل عن ست ثوانٍ. ومع هذا، نجد أن بعض المصورين الذين زاروا الشرق والتقطوا صورًا في أماكن مختلفة، أظهروا القدس خالية، بينما وضعوا أشخاصًا في صور أهرامات الجيزة أو في مواقع أثرية أخرى في المنطقة. وخير مثال على ذلك هو المصور الفرنسي مكسيم دو كامب الذي على الرغم من استخدامه طريقة مبكرة، تتطلّب وقتًا طويلا نسبيا في تعرض ورق " النيغاتيف" للمشهد الماثل أمام الكاميرا، ما اضطره إلى عدم تصوير مشاهد متحركة، فإنه أصر على أن يضع شخصا في صوره في مصر أمام المعالم الأثرية لإظهار عظمة أحجامها قياسًا على حجم الشخص الظاهر في الصورة. إذا، لا يمكن أن نعزو غياب الفلسطيني عن صور بلده وحيّزه الاجتماعي إلى أسباب تقنية فحسب، وخصوصًا أن طرائق التصوير الفوتوغرافي اللاحقة كانت تُمكّن المصور من التقاط ما يريده؛ وهذا الأمر ليس مؤامرة سياسية بالمعنى الضيّق للكلمة، بل تعبير عن مخيلة المصورين الأوروبيين التاريخية، وهي الفكرة المشار إليها أعلاه. ولعل قول المصوّر الأميركي إدوارد ويلسون (1838-1903) الذي صوّر فلسطين في ثمانينيات القرن التاسع عشر، إن الفلاحين الذين صادفهم خلال زيارته منفّرون وغير متلائمين مع طبيعة الأرض والمنطقة "، يُزوّدنا بمثال مباشر عن طبيعة المخيلة الأوروبية - الدينية في هذه الحال. لكن، لا يعني غياب الفلسطيني عن صور وطنه غيابًا تامًا، عمومًا، غيابًا عن الصور الفوتوغرافية غير البانورامية، حيث هناك عدد من الأمثلة عن صور ظهر فيها أناس في القدس، لكن ليسوا بوصفهم ممثلين لحياة مجتمعهم الاجتماعية والثقافية، بل نماذج لأنماط البشر في المدينة المقدسة. فهناك أمثلة عدة من صور البورتريه - صور أشخاص في الإستوديو - وصور الاحتفالات الدينية المسيحية التي يظهر فيها بشر، فضلا عن الصور المصممة خصوصًا لتوضيح فكرة توراتية أو إنجيلية ما، وهذا ما سنعرضه أدناه. هناك عدد من الصور التي صوّر فيها رجال دين مسيحيون أو يهود، وفي درجة أقل مسلمون، في صور أستوديو، معبرين عن الجماعة التي يمثلونها، سواء أكانت الجماعة دينية أم طائفة محدَّدة نُسِبوا إليها. وراجت هذه الصور في زمن متأخر نسبيًا، بعد أن فتح مصورون أوروبيون أقاموا في الشرق محترفات تصوير في المنطقة. ومن المصورين الأوروبيين المقيمين في الشرق الذين التقطوا صور بورتريه لأشخاص، وتانکراد دوماس وصفوا بأنهم من القدس، الفرنسيان فیلیکس بونفیس وهما مصوّران أقاما في بيروت وافتتحا فيها محترفين للتصوير، في العقد السابع من القرن التاسع عشر.
لدى المصور بونفيس، على سبيل المثال، عدد من الصور لرجال وصفوا بأنهم القادة الدينيون في القدس، ومنهم بطريركيا الروم الأرثوذكس والموارنة وحاخام المدينة الأكبر. لكن من غير المؤكد أن الأشخاص الماثلين أمام عدسة المصور هم بالفعل أصحاب المناصب التي وصفوا بها في النص المثبت على صورهم؛ إذ يظهر الشخص نفسه الذي وُصف بأنه حاخام القدس الأكبر في صورة بونفيس، في صورة أخرى وباللباس نفسه، وفي الإستوديو نفسه، بصفته حلّاج قطن في القدس، ويظهر من رقم التصنيف المتسلسل الذي استخدمه المصور للصورة، أن الصورتين أخذتا في الوقت نفسه، حيث تحمل الصورة الأولى رقم 632، والثانية 635. أما منصب بطريرك القدس الماروني الذي يظهر في صور دوماس، فمنصب غير موجود أصلا في المدينة، كون أتباع الطائفة المارونية قليلي العدد في فلسطين أصلا.
وأحيانًا، نجد صورًا أخرى يظهر فيها أناس، لكن ليسوا بوصفهم أبناء المدينة، بل نماذج للشخصيات الإنجيلية أو التوراتية. فهناك صور من الفترة نفسها تقريبًا، تُظهر أفرادًا في القدس وفي بيت لحم والناصرة، إما بصفتهم نماذج مباشرةً لقصص دينية، وإما أن الصور تستحضر السرد الإنجيلي. فهناك عدد من الصور التي وزّعت تجاريًا عبر شركات أميركية، تستخدم تقنية "الإستيريوسكوب" أي التقنية التي تستخدم الصورة نفسها مع فوارق بسيطة، ينظر إليها عبر عدسات مثبتة على نوع من المنظار، كي تظهر للمشاهد ثلاثية الأبعاد، تظهر فيها امرأة، أو اثنتان جالستان أمام مغارة، تستحضر مشهد المريمتين - العذراء والمجدلية - أمام قبر المسيح الفارغ. ويظهر عادة في خلف الصور التي من هذا النوع وصف للمشهد وإشارة إلى النص الإنجيلي الذي تستحضره الصورة. وهناك مشاهد أخرى أيضًا، يظهر فيها حجاج في مناسبات دينية، في مواقع إنجيلية أو توراتية، باعتبارها مثلا عن عدد الحجاج الكبير أمام كنيسة القيامة في أسبوع عيد الفصح، أو عن المصلين اليهود أمام "حائط المبكى"، كما تصفه التفسيرات الظاهرة على سطح الصور. وكذلك الأمر، فإن أغلب المصورين في القرن التاسع عشر حرصوا على تصوير مرضى البرص تذكيرا بالنص الإنجيلي الذي وصف قدرة المسيح على شفاء هذا المرض.


خاتمة
استعمار فلسطين صُوريًّا ليست الصور المشار إليها هنا إلا نماذج قليلة العدد، لكنها تتكرر على نحو لافت عند غالبية مصوري تلك الفترة. وليس غرض هذه الدراسة إجراء مسح شامل لكل الصور، لكننا اكتفينا بأمثلة محدّدة، تشير إلى طبيعة المخيلة الأوروبية للقدس، التي محت الفلسطيني المقدسي من مدينته. وحتى عندما ظهر في الصور، فإنه لم يظهر بصفته جزءًا من الطوبوغرافيا الاجتماعية للمدينة، بل استدعاء لذاكرة جماعية دينية. بمعنى آخر، فإن المخيلة المنتجة للصور والسوق المستقبل لها لم يريا في القدس مدينةً حيّةً، بل موقعًا دينيًا شديد الارتباط بالتاريخ والذاكرة الجمعية الأوروبية. والنتيجة أن الصور ربما تكون قد أدّت دورًا في تشكيل مخيلة استعمارية ترى فلسطين أرضًا بلا شعب، حتى قبل أن تطلق الحركة الصهيونية هذا الشعار بعقود وبالطبع ليس المقصود بذلك أن المصوّرين كانوا صهاينة بالمعنى الحديث للمصطلح، بقدر ما يشير إلى غياب الوعي الأوروبي حول سكان الأرض المقدسة، بصفتهم جماعة تنتمي إلى البلد ولها مجتمع، الأمر الذي ربما يكون قد ساهم على نحو غير مباشر في عملية تناسي الوجود الفلسطيني باعتباره عاملا كان يجدر تذكره في سياق المشروعات السياسية والوعود بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، كما هي الحال مع وثيقة أرثر بلفور (تشرين الثاني/ نوفمبر (1917) المعروفة بالوعد الذي تحدث عن الحق القومي لليهود والحقوق الدينية لغير اليهود، من دون ذكرهم بالاسم، أو الإشارة إليهم بأنهم يشكلون شعبًا أو جزءًا من شعب أصيل في المنطقة. وعلى الرغم من أن هذه الدراسة تتحدث عن تمثيل القدس في الصور المُبكرة، فإننا نجد الصور نفسها تُستخدم حتى يومنا هذا في سياق النشاط الصهيوني المسيحي، وخصوصًا في الولايات المتحدة الأميركية، وأحد الأمثلة نجده في استخدام الصورة (11) الفلاح فلسطيني يحرث الأرض، وهي للمصور دوماس المشار إليه سابقًا، باعتبارها للقاضي شمغار الذي، بحسب الرواية الدينية اليهودية الواردة في سفر القضاة، استخدم عصاه لقتل ستمئة فلستي، وكأن التصوير الفوتوغرافي كان موجودًا آنذاك. إن استخدام صور أفراد عاديين، في حياتهم العادية، وتصويرهم كأنهم شخصيات توراتية، هي عملية تشييء أو تصنيم للفلسطيني عبر نزع صفته الشخصية عنه بوصفه موضوعًا للصورة وتحويله إلى آخر يرتبط بمخيلة ليست مُخيّلة الفلسطيني، ولربما الأهم أن هذه العملية تتضمن تحوّل الفلسطيني إلى جزء من المشهد المكاني، تمامًا مثل الأشجار أو الحجارة، وليس جزءًا من المشهد الاجتماعي للبلد أو المدينة. والمقصود بالصنمية هنا النظر إلى شيء ما أو موضوع ما باعتباره تجسيدا لموضوع آخر. وفي زمننا هذا ، على الرغم من استخدامات الصور الواسعة وانتشارها عبر وسائل الاتصال والصحافة والشبكة العنكبوتية، فإنها ما زالت تستخدم في الدعاية الصهيونية عن القدس بطريقة تشبه ما برز في المعاني المبكرة للصورة، وليس عبر إعادة تعريف الصور القديمة - وهو شائع في المتاحف الإسرائيلية ومواقع الإنترنت - فحسب، بل أيضًا عبر عرض بلدية الاحتلال بعض الصور على أسوار القدس مثلا، في مناسبات سياسية إسرائيلية، مثل ذكرى احتلال المدينة في عام 1967 - ويسمّونها ذكرى توحيد المدينة - أو في مناسبات دينية يهودية ترتبط بالمدينة أو ما يسمى احتفال أضواء القدس . وبالطبع تحتفي الصور المستخدمة في هذه الحالة كلها، ومن دون استثناء بالتراث اليهودي للمدينة، تاركة تراث الأديان الأخرى والوجود الفلسطيني بذاته خارج الصور. تمثيل القدس في وقتنا الراهن في سياق الخطاب الصهيوني ليس في لب موضوع هذه الدراسة، لكن ما أشرنا إليه سابقًا يُعاد إنتاجه بصورة أقبح في السرد البصري الصهيوني المتخفي. وبناء عليه، فإن الادعاء المتمثل بأن المخيلة الاستعمارية الأوروبية في القرن التاسع عشر وجدت استمراريتها عبر تبنّيها من المُخيّلة الصهيونية الحالية، وأن القدس التي أعلن عنها أنها عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي الأبدية من دولة الاحتلال، واعترفت الولايات المتحدة بذلك حديثًا، استعمرت بالمخيلة والنص أولا، والآن تُستعمر في الواقع. وإن كانت صور القرن التاسع عشر قد أشارت إلى الأمكنة المختلفة بأسمائها التوراتية، مثل المسجد الأقصى بأنه موقع الهيكل، فإن الاسم المعتمد إسرائيليا وحتى عالميًا في أيامنا هذه هو جبل الهيكل، أو في أحسن الأحوال جبل الهيكل - المسجد الأقصى. في الختام، يمكننا أن نستنتج أن صور القدس المُبكرة أظهرت اهتمام الأوروبيين بالمدينة على نحو كبير، لكن ليس بسكانها بما هم عليه؛ وبذلك ساهمت في تشكيل مخيلة للمدينة تربطها أساسًا بالتاريخ الأوروبي وليس بتاريخ المنطقة. فهي مدينة التوراة والإنجيل، وليست مدينة من فيها الذين وإن ظهروا في الصور، فظهورهم عابر، مثلما هم بالنسبة إلى المخيلة الأوروبية، عابرون على المدينة ليسوا أكثر من بدو رحل استقروا في مدينة ليست لهم، أو محتلين أتراك - باعتبار أن القدس كانت تحت حكم الدولة العثمانية - أو حجاج مروا بالمدينة. وهذا ربما يعكس ما أشار إليه بشارة دوماني أنه كلما ازداد الاهتمام بفلسطين، قل الاهتمام بالفلسطينيين، وكأن الموضوعين منفصلان، لا علاقة لأحدهما بالآخر. ولعل الشعار الصهيوني المبكر الذي يقول إن فلسطين أرض بلا شعب، كان قد تشكّل إلى درجة ما في مخيلة الأوروبيين وربما بمساهمة، ولو ضئيلة من الصور الفوتوغرافية. وبكلمات دوماني، فإن "القدرة الخارقة على اكتشاف الأرض من دون اكتشاف الشعب قد تطابقت على نحو مثالي مع الرؤية الصهيونية المبكرة، ففلسطين - والقدس في حالتنا هذه - كانت الأرض المقدسة التي تنتظر استعادتها "


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Companies have ...

Companies have been increasingly facing internal and external challenges to manage their environment...

مما لا شك فيه أ...

مما لا شك فيه أن النزاعات المسلحة غير الدولية تعد قديمة قدم الدولة، فهذه الأخيرة كثيرا ما تجد نفسها ...

لم تغير السمكة ...

لم تغير السمكة خط سيرها ولا اتجاهها ابدا طوال تلك الليلة وأمسى الطقس باردا غياب الشمس فاخذ الكيس الذ...

Compared to the...

Compared to the LSE group, the CE group showed higher improvements in lean body mass and percent bod...

كان يا ما كان ف...

كان يا ما كان في قديم الزّمان، كان هناك أرنباً مغروراً يعيش في الغابة، وكان يفتخر دائماً بأنّه أسرع ...

تعد الجودة أداة...

تعد الجودة أداة فعالة لتطبیق التحسین المستمر لجمع أوجه النظام في أیة منظمة، ودلك من خلال التحسین في ...

تعزيز مشاركة ال...

تعزيز مشاركة الموظفين في إطار سعيها لإقامة بيئة فعّالة تجذب الموظفين وتعزز مشاركتهم، اتخذت شركة solu...

الذكاء الاصطناع...

الذكاء الاصطناعي مقدمة يمثل الذكاء الاصѧѧѧѧѧѧطناعي أهم مخرجات الثورة الصѧѧѧѧѧѧناعية الرابعة لتعدد ا...

یتم بعد إنجاز ا...

یتم بعد إنجاز األنشطة الخاصة بكل مستوى من مستويات برنامج TaRL، والھدف منه قیاس مدى تقدم المتعلمين و...

تعريف بالكتب ال...

تعريف بالكتب السبعة ومؤلفيها... ١ - صحيح البخاري اسم الكتاب: الجامع المسند الصحيح المختصر. مصنفه ...

باب نذكر فيه دخ...

باب نذكر فيه دخول المعصوم تلمسان اعلم يا أخي أنه لما دخلنا تلمسان نزلنا بأكدير (16) عند ابن صاحب ال...

الطوارق هم قبيل...

الطوارق هم قبيلة طوال القامة يدعون بالرجال الزرق بسبب صبغ الوان المالبس على جلودهم، وها هي قافلتهم م...