لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (70%)

مساهمة معرفية ومنهجية في تعميق الحوار حول سيميائيات الثقافة في المغرب (2)، في عمق العلاقة الرابطة بين الفرد وعلامات النسق الثقافي الذي ينتمي إليه هوية وتاريخا. إن التفكير في النسق الثقافي “الممكن الواقعي” في هذا الذي يجب التفكير فيه، حفر في طبقات نسق المواضعات والامتثال لمنطق المعنى المشترك الذي يتحول إلى لاشعور ثقافي يوجه أفراد الكلية الاجتماعية ويملي عليهم نمط الوجود الذي يتوجب عليهم ترهينه وتحقيقه في الزمان والمكان، فالمعنى المشترك بهذا المعنى هو لاشعور النسق الثقافي الذي يتحول في سلطة، تؤسس شراع الذوق والقيم، لتسليط الضوء على تداخل الثقافي واللغوي في التجربة الإنسانية لاكتشاف أن استعمال الفرد لعلامات الثقافة التي ينتمي إليها، استعمال يمر عبر مصفاة “التسنين الثقافي” الذي يستثمر العلامات بمحتوى قيم الثقافة التي ينتمي إليها، فكل لغة كما تقول –شوشانا فيلمان- تملي على مستعمليها بداهاتها ومحرماتها (5) ومن تم فالفرد ككائن اجتماعي لا يملك إلا إمكانات محدودة في طرائق استعماله لعلامات اللغة الطبيعية أثناء تواصله الشفوي أو المكتوب أو المصور (صورة) . وهو ما يجعل الفرد لا يستطيع أن يلجأ إلا إلى اختيارات محدودة ومستثمرة قبليا بمضامين الثقافة التي ينتمي إليها. وقبل أن تحقق خطابها في الكتابة والصورة هي ذات (فرد) تنتمي إلى “سنن ثقافي”ينتج علامات فالوجود الوحيد الممكن للعالم هو “الوجود المفهومي الذي يحول الأشياء إلى كيانات رمزية يتجاوز دلالاتها على نفسها لكي تتحول إلى سند لأبعاد إيجابية ومخيالية ورمزية، فالفرد في استعماله اللغة التي يفكر بواسطته اوداخلها لا يمكن الفكاك من أسر “التسنين الثقافي” لهذا يمكن القول “إن العلامات هي أداتنا الوحيدة في تنظيم التجربة وتبين موقعنا داخل كون لا يرحم، ولا يتعلق الأمر فقط باستعمال ملامات اللغة في التواصل بين الفرد والمجتمع في الزمان والمكان، صحيح إن الجسد هو ذاته في كل مكان ويخضع باستمرار لنفس الإكراهات الفيزيقية، إلا أن الأطراف المتحركة داخل هذا الجسد والإيماءات المتولدة عنها وكذا سجل الدلالات التي تستنبط منها ليست كونية وتختلف من مجتمع إلى آخر، استعمال لعلامات لغة تستثمرها الثقافة بمضامين قبلية، فاللغة ناقلة لقيم المجتمع الانترولوجية والثقافية وفيها يتجسد مخيالها القيمي Imaginaire Axiologique ذلك أن اللسان (اللغة) حسب ثنئية اجتماعية ونسق للقيم فهو “باعتباره مؤسسة لا علاقة له بالفعل الفردي، إنه تعاقد جماعي لا ول للفرد أمامه ولا قوة، وهو باعتباره نسق من القيم يتكون من عناصر تشتغل في الآن نفسه باعتبارا ما يحل محل شيء ما” (ص47) في حين أن الكلام هو الاستعمال الفردي في تواصله مع أفراد المجتمع، فالكلام إجراء “يعود إلى الفرد وإلى قدرته على تحويل النسق إلى إجراء وتحويل الثابت إلى متغير وتحويل العلامة المفردة إلى خطاب، استعمال الفرد لعلامات لغته استعمال لعلامات المسكوك في الثقافة و “تحول مطلق من الجماعي والعام والمجرد إلى الفردي والخاص والمحسوس”، ولأنه أداة فردي يضيف سعيد بنكراد “فهو يشير إلى قدرة الفرد على تحويل اللسان من نسق مجرد إلى كيان مرئي من خلال أفعال تحيينية، والإمساك بهذه الفردية يتم من خلال :
1- التأليف الذي من خلاله تستطيع الذات المتكلمة استعمال سنن اللغة للتعبير عن أفكارها. وبطبيعة الحال يتعلق الأمر هنا بما تسميه السيميائيات بإجراءات صوغ الخطاب (Discurisvisation) ، والذي يتكلم ويكتب أو يرسم يصوغ خطابا عبر علامات اللغة التي يتكلمها في الزمان والمكان (7)ضمن حدود يرسمها النص الثقافي للمجتمع، وإرغامات تحد من حركة التأليف والحرية، بل إنها أيضا “محاضرة بالإكراهات ذات الطابع الاجتماعي والديني والأخلاقي، والتي على الرغم من وجودها خارج
فإنها تمارس ضغوطا على الذات المتكلمة وتفرض عليها انتقاءا وتركيبا للوحدات والمقامات وفق مقتضيات المقامات والسياقات المتنوعة (ص 47). إن انتقاء الدال للتعبير عن مدلول لا يمكنه تفسيره إلا بمعرفة أن الدال “صورة سمعية مشتقة من كيان صوتي، أو هي تمثيل طباعي (في حالة وجود كتابة)، متوالية من الأصوات أراد لها الاستعمال الجماعي الناتج عن تعاقد لا تعرف له بداية، أن تكون كيانا يحل محل شيء أخر، (ص50) فالدال له مميزاته فهو “نفسي وليس مادي، ومفروض على وعي مستعمليه، (ص5) والعلاقة الرابطة بين الدال والمدلول هي من طبيعة اعتباطية والاعتباطية في مفهومها الإدني هي غياب منطق عقلي يبرر الغحالة من دال إل مدلول، (ص51)، فلا وجود لعناصر داخل الدال “تجعلك تنتقل آليا إلى داخل المدلول (ص51). خاصة إذا ما نحن علمنا أن معنى الدال في الثقافة الغربية هو تاريخ معنى وصيرورته اتخذ من الاستعارة مرتكزا للوجود (8)
إن الإعتباطية القائمة بين الدال والمدلول تشير، “في مفهومها الأقصى إلى الطابع الثقافي الذي يحكم الظواهر المكونة للتجربة الانسانية في كليتها، فإذا كانت الثقافة هي نقيض الطبيعة، فإن الاعتباطية هي طريقة أخرى للمتول، فإن الثقافة هي ما يحدد الإضافات التي جاء بها التمدن وما خلقته الرغبة في التخلص من المحايث والاستعانة بالمكتسب”(52). ولكن ماذا عن الاستعمال الذاتي لعلامات اللغة خاصة في ميدان الإبداع؟ هذا سؤال ثقافي مشروع، خاصة، إذا ما نحن علمنا بأن الكتابة (والإبداع الفني بشكل عام) فعل اختلاف ونسق منذمج ثانوي يخترق الحدود التي يرسمها “النص الثقافي” أما أفراد المجتمع في تداولهم واستعمالهم لعلامات اللغة من أجل التواصل (9)، ومن هنا تكمن أهمية مفهوم “السيميوزيس” (أو السيموز) Semiosis فاعتباره مفهوما محوريا في سيميائيات الثقافة بحكم أنه يشير إلى عملية التدليل القائمة على إنتاج المعنى من طرف الذات في تجاوزها لثبوتية المعنى المسكوك القائمة بين الدال والمدلول. السيميوزيس إذن تأكيد للذات كانا –هنا- الآن في إنتاجها للمعنى وعلى خلاف دوسوسير في تمييزه داخل العلامة بين دال ومدلول يرى عالم اللغة الأمريكي شارل ساندرس بورس ((Peirce 1914-1839 )) في صقله لمفهوم السيميوزيس، إن العلامة هي الوجه الآخر لإيواليات الإدراك لذا لا يمكن تصور سيميائيات مفصولة عن عملية إدراك الذات والآخر إدراك “الأنا” وإدراك العالم الذي تتحرك داخله هذه الأنا” (ص60)، فالتجربة الإنسانية تشتغل بكافة أبعادها كمهد للعلامات : لحياتها ولنموها ولموتها أيضا، كما أنها تشتغل أيضا كمصدر لسلطة المعنى المشترك “فلا شيء يفلت من سلطان العلامة ولا شيء يمكن أن يشتغل خارج نسق يحدد له سمكه وطرق إنتاجه لمعانيه ولا وجود لشيء يخلق حرا طليقا لا تحكمه حدود ولا يحد من نزواته كنسق، (ص60)
وهو المسؤول أيضا عن إقامة العلاقة القائمة بين هذه المفاهيم الثلاثة أنه “سيرورة يشتغل من خلالها شيء ما كعلامة ويستدعي استيعاب الكون من خلال ثلاث مستويات ما يحضر في العيان وما يحضر في الأذهان وما يتجلى من خلال اللسان” (ص61)، فإذا كان الماثول يشتغل كأداة نستعملها في التمثيل لشيء آخر فإن “الموضوع هو ما يقوم الماثول بتمثيله سواء كان هذا الشيء الممثل واقعيا أو متخيلا أو قابلا للتخييل أو لا يمكنه تخيله على الإطلاق” أما المؤول فيعتبر “ثالث عنصر داخل نسيج السيموزيس”، وهو عمادها وبؤرتها الرئيسية إذ أنه يشكل التوسط الإلزامي الذي يسمح لماثول بالإحالة على موضوعه وفق شروط معينة” (ص67). يميز بورس في إطار مستويات الدلالة بين مؤولين، هو المعنى المباشر الذي يفهم من العلامة، فالمؤول الديناميكي يؤسس على أنقاض المؤول المباشر ولا يمكن أن يوجد إلا من خلال وجود الأول، فيتخلص من المعنى المباشر لينطبق نحو آفاق جديدة تضع الدلالة داخل سيرورة اللامنتهي” (ص70). السيموزيس (أو التدليل) دينامية الإنتاج داخل ثبات معنى العلامة المسكوكة، وهي دعوة للبحث أيضا في أصول الحوار القائم بين الفرد وعلامات الجسد الاجتماعي، ولعل هذا ما دفع سعيد بنكراد إلى القول وهو يقرأ “ألبوم” المصور والمخرج السينمائي المغربي داوود أولاد السيد، بأن هذا الأخير”كان يعرف بالضبط جوهر ما هو مقبل على إنجازه، لقد كان يشتغل وفق تصور دقيق وواضح” في هذه الحال يتحول داوود اولاد السيد إلى ذات الاختلاف التي تستعمل علامات مستثمرة بقيم مسكوكة في المخيال الجمعي ليتسلل خفية، عبر الكاميرا، بين تلك العلاقة الرابطة بين الدال والمدلول في الزمان والمكان. كما هو الشأن بالنسبة لصورة المرأة المسنة التي تجلس في الواجهة الأمامية للصورة على أرائك تقليدية ويداها تلتقيان حول البطن وفي وضع يحيل ايقنوغرافيا على الاستسلام الرهيب والتخلي عن المقاومة ومجابهة المصير، عيناها مصوبتان إلى أعلى حيث يوجد الرجل واقفا في الواجهة الخلفية للصورة وراء شباك غليظ للنافذة وعيناه تطلان عليها من عل (ص 119)، فأمام هدوء واستسلام المرأة، وهو هدوء واستسلام تحول مع مرور الزمن في الثقافة العربية المحافظة إلى حنين ورحمة وتسامح، يقف الرجل في المقابل خلف الشباك المسيج بأسلاك في عينيه أمارة التملك والحركة (ص119)، إنها صورة تكشف عن التوافق الاستبدادي بين المذكر والمؤنث حيث يتم توزيع كل شيء في الصورة وفق موقع كل منهما داخل صرح الفضاء الإجتماعي” (ص119). فإن انتقائه لهذه العلامة يخضع لقراءته الخاصة، إذ يحول هذه العلامات إلى حكايات في الزمان والمكان تحكي اختلافها كمحكيات، فالشخصية هي قصو محتملة هي قصة حياتها 10، ويتجلى في هذا الصمت الذي يخيم على الشخوص داخل قدامة المكان والزمان، لكنه أيضا صمت مغلق بتأثير اللحظة عندما تلتقي عين وذاكرة المتلقي “المشاهد” بما يحدث داخل الصورة ليلمع بريق الاختلاف في المسافة المظلمة الفاصل بين الدال والمدلول حيث يغيب الاختلاف (اختلاف المعنى) كممكن لتتحول الكاميرا إلى مؤول ديناميكي يحدث نوعا من الارتعاشة السيميائية في عمق المعنى المباشر الذي يحيل عليه مدلول الدال (المرأة) في المخيال الأخلاقي للذاكرة الجماعية، فعناصر الصورة، باختراقها لأحادية المعنى القائمة بينهما تعاقديا ومواضعة، لينفتح بذلك سؤال الاختلاف على ممكن ثقافي مغيب يجعل الصورة تنتج في تلك المسافة الفاصلة بين الدال والمدلول “الإنساني الغريب” وفي ذات الوقت السجل الأيقنوغرافي القادر على استيعابه، صورة لمغاربة في وضع خاص وبنظرة خاصة وبغاية خاصة، خلاصة:


النص الأصلي

إن الكاتب يعرف جيدا أنه ليس سبب عمله بالطريقة اليي يبدو فيها النجار صانعا لصقالته”
يشكل كتاب “السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها” (1) للباحث السيميائي المغربي الدكتور سعيد بنكراد، مساهمة معرفية ومنهجية في تعميق الحوار حول سيميائيات الثقافة في المغرب (2)، فالكتاب دعوة صريحة لتعميق البحث والحفر، في عمق العلاقة الرابطة بين الفرد وعلامات النسق الثقافي الذي ينتمي إليه هوية وتاريخا.


إن التفكير في النسق الثقافي “الممكن الواقعي” في هذا الذي يجب التفكير فيه، حفر في طبقات نسق المواضعات والامتثال لمنطق المعنى المشترك الذي يتحول إلى لاشعور ثقافي يوجه أفراد الكلية الاجتماعية ويملي عليهم نمط الوجود الذي يتوجب عليهم ترهينه وتحقيقه في الزمان والمكان، فالمعنى المشترك بهذا المعنى هو لاشعور النسق الثقافي الذي يتحول في سلطة، والسلطة كما يرى إدوار سعيد، تؤسس شراع الذوق والقيم، هي هذا الشيء الذي نراه ولا نراه، الظاهر الخفي الذي يعترضنا حيثما ولينا وجوهنا (3)، هي أيضا هذا “النص الثقافي” الذي يضع الحدود أمام الفرد والمجتمع وتطرح الإمكانات التي ينبغي أن يفكر فيها (4) Le Pensable بحكم انغراسه في الزمان والمكان، يأتي كتاب الدكتور سعيد بنكراد، ضمن هذا المنظور المنهجي، لتسليط الضوء على تداخل الثقافي واللغوي في التجربة الإنسانية لاكتشاف أن استعمال الفرد لعلامات الثقافة التي ينتمي إليها، استعمال يمر عبر مصفاة “التسنين الثقافي” الذي يستثمر العلامات بمحتوى قيم الثقافة التي ينتمي إليها، فكل لغة كما تقول –شوشانا فيلمان- تملي على مستعمليها بداهاتها ومحرماتها (5) ومن تم فالفرد ككائن اجتماعي لا يملك إلا إمكانات محدودة في طرائق استعماله لعلامات اللغة الطبيعية أثناء تواصله الشفوي أو المكتوب أو المصور (صورة) . إنه محكوم في تواصله بما يسمى باللاشعور الثقافي (Epistéme الذي يحدد له إمكانيات التفكير ويخضع لما يسميه كريماص “لعبة الإكراهات السيميائية” (6) فالمؤلف كمنتج للموضوعات السيميائية يفكر داخل نظام اللاشعور الثقافي الذي هو حصيلة فردية الفرد والمجتمع الذي ينكتب داخله، وهو ما يجعل الفرد لا يستطيع أن يلجأ إلا إلى اختيارات محدودة ومستثمرة قبليا بمضامين الثقافة التي ينتمي إليها.


إن الذات المتكملة، كما يرى سعيد بنكراد،وقبل أن تحقق خطابها في الكتابة والصورة هي ذات (فرد) تنتمي إلى “سنن ثقافي”ينتج علامات فالوجود الوحيد الممكن للعالم هو “الوجود المفهومي الذي يحول الأشياء إلى كيانات رمزية يتجاوز دلالاتها على نفسها لكي تتحول إلى سند لأبعاد إيجابية ومخيالية ورمزية، فالعلامة هي أداة تنافي تنظيم التجربة وإبلاغها” (ص26)، فالفرد في استعماله اللغة التي يفكر بواسطته اوداخلها لا يمكن الفكاك من أسر “التسنين الثقافي” لهذا يمكن القول “إن العلامات هي أداتنا الوحيدة في تنظيم التجربة وتبين موقعنا داخل كون لا يرحم، (ص28)، ولا يتعلق الأمر فقط باستعمال ملامات اللغة في التواصل بين الفرد والمجتمع في الزمان والمكان، بل إن الجسد وحركاته يخضع هو الآخر لبرمجة ثقافية تمنح للجسد معنى الحركة، صحيح إن الجسد هو ذاته في كل مكان ويخضع باستمرار لنفس الإكراهات الفيزيقية، إلا أن الأطراف المتحركة داخل هذا الجسد والإيماءات المتولدة عنها وكذا سجل الدلالات التي تستنبط منها ليست كونية وتختلف من مجتمع إلى آخر، (ص32)، فاللغة والجسد يخضعان لمواضعات السنن الثقافي في الزمان والمكان.


إن استعمال الفرد للغته، استعمال لعلامات لغة تستثمرها الثقافة بمضامين قبلية، فاللغة ناقلة لقيم المجتمع الانترولوجية والثقافية وفيها يتجسد مخيالها القيمي Imaginaire Axiologique ذلك أن اللسان (اللغة) حسب ثنئية اجتماعية ونسق للقيم فهو “باعتباره مؤسسة لا علاقة له بالفعل الفردي، إنه تعاقد جماعي لا ول للفرد أمامه ولا قوة، وهو باعتباره نسق من القيم يتكون من عناصر تشتغل في الآن نفسه باعتبارا ما يحل محل شيء ما” (ص47) في حين أن الكلام هو الاستعمال الفردي في تواصله مع أفراد المجتمع، فالكلام إجراء “يعود إلى الفرد وإلى قدرته على تحويل النسق إلى إجراء وتحويل الثابت إلى متغير وتحويل العلامة المفردة إلى خطاب، (ص47)، استعمال الفرد لعلامات لغته استعمال لعلامات المسكوك في الثقافة و “تحول مطلق من الجماعي والعام والمجرد إلى الفردي والخاص والمحسوس”، ولأنه أداة فردي يضيف سعيد بنكراد “فهو يشير إلى قدرة الفرد على تحويل اللسان من نسق مجرد إلى كيان مرئي من خلال أفعال تحيينية، والإمساك بهذه الفردية يتم من خلال :


1- التأليف الذي من خلاله تستطيع الذات المتكلمة استعمال سنن اللغة للتعبير عن أفكارها.


2- الميكانيزمات النفسية والفيزيولوجية التي تسمح بإخراج هذه التأليفات.


     وبطبيعة الحال يتعلق الأمر هنا بما تسميه السيميائيات بإجراءات صوغ الخطاب (Discurisvisation) ، والذي يتكلم ويكتب أو يرسم يصوغ خطابا عبر علامات اللغة التي يتكلمها في الزمان والمكان (7)ضمن حدود يرسمها النص الثقافي للمجتمع، فالفردية لاتعني أن الذات المتكلمة حرة في استعمالها لعناصر اللسان من قواعد وضوابط، وإرغامات تحد من حركة التأليف والحرية، بل إنها أيضا “محاضرة بالإكراهات ذات الطابع الاجتماعي والديني والأخلاقي، والتي على الرغم من وجودها خارج

اللسان، فإنها تمارس ضغوطا على الذات المتكلمة وتفرض عليها انتقاءا وتركيبا للوحدات والمقامات وفق مقتضيات المقامات والسياقات المتنوعة (ص 47).


إن انتقاء الدال للتعبير عن مدلول لا يمكنه تفسيره إلا بمعرفة أن الدال “صورة سمعية مشتقة من كيان صوتي، أو هي تمثيل طباعي (في حالة وجود كتابة)، متوالية من الأصوات أراد لها الاستعمال الجماعي الناتج عن تعاقد لا تعرف له بداية، أن تكون كيانا يحل محل شيء أخر، (ص50) فالدال له مميزاته فهو “نفسي وليس مادي، ومفروض على وعي مستعمليه، أما المدلول فهو هذا “التصور الذهني الذي تملكه عن شيء ما في العالم الخارجي، (ص5) والعلاقة الرابطة بين الدال والمدلول هي من طبيعة اعتباطية والاعتباطية في مفهومها الإدني هي غياب منطق عقلي يبرر الغحالة من دال إل مدلول، (ص51)، فلا وجود لعناصر داخل الدال “تجعلك تنتقل آليا إلى داخل المدلول (ص51).


والحال أن القراءة السياسية لمفهوم العلامة عند دوسوسير من منظور فلسفة الاختلاف تكشف إلى أي حد كرس تصوره ميتافيزيقا الحضور التي تحول الدال إلى مركز “يكرس” نمطا من المعنى لا يسمح بلعبة الاختلاف، خاصة إذا ما نحن علمنا أن معنى الدال في الثقافة الغربية هو تاريخ معنى وصيرورته اتخذ من الاستعارة مرتكزا للوجود (8)


     إن الإعتباطية القائمة بين الدال والمدلول تشير، كما يقول سعيد بنكراد، “في مفهومها الأقصى إلى الطابع الثقافي الذي يحكم الظواهر المكونة للتجربة الانسانية في كليتها، فإذا كانت الثقافة هي نقيض الطبيعة، فإن الاعتباطية هي طريقة أخرى للمتول، إن التسمية والتعيين والتصنيف هي إضافات الثقافة إلى ما منحته الطبيعة للكون الإنساني” من هنا يضيف بنكراد قائلا : “إذا كانت الطبيعة رد الفعل، فإن الثقافة هي ما يحدد الإضافات التي جاء بها التمدن وما خلقته الرغبة في التخلص من المحايث والاستعانة بالمكتسب”(52).

ولكن ماذا عن الاستعمال الذاتي لعلامات اللغة خاصة في ميدان الإبداع؟ هذا سؤال ثقافي مشروع، خاصة، إذا ما نحن علمنا بأن الكتابة (والإبداع الفني بشكل عام) فعل اختلاف ونسق منذمج ثانوي يخترق الحدود التي يرسمها “النص الثقافي” أما أفراد المجتمع في تداولهم واستعمالهم لعلامات اللغة من أجل التواصل (9)، ومن هنا تكمن أهمية مفهوم “السيميوزيس” (أو السيموز) Semiosis فاعتباره مفهوما محوريا في سيميائيات الثقافة بحكم أنه يشير إلى عملية التدليل القائمة على إنتاج المعنى من طرف الذات في تجاوزها لثبوتية المعنى المسكوك القائمة بين الدال والمدلول.


     السيميوزيس إذن تأكيد للذات كانا –هنا- الآن في إنتاجها للمعنى وعلى خلاف دوسوسير في تمييزه داخل العلامة بين دال ومدلول يرى عالم اللغة الأمريكي شارل ساندرس بورس ((Peirce 1914-1839 )) في صقله لمفهوم السيميوزيس، إن العلامة هي الوجه الآخر لإيواليات الإدراك لذا لا يمكن تصور سيميائيات مفصولة عن عملية إدراك الذات والآخر إدراك “الأنا” وإدراك العالم الذي تتحرك داخله هذه الأنا” (ص60)، فالتجربة الإنسانية تشتغل بكافة أبعادها كمهد للعلامات : لحياتها ولنموها ولموتها أيضا، كما أنها تشتغل أيضا كمصدر لسلطة المعنى المشترك “فلا شيء يفلت من سلطان العلامة ولا شيء يمكن أن يشتغل خارج نسق يحدد له سمكه وطرق إنتاجه لمعانيه ولا وجود لشيء يخلق حرا طليقا لا تحكمه حدود ولا يحد من نزواته كنسق، (ص60)

تتكون العلامة عند بورس من ماثول (Représentmen) يحيل على موضوع (Objet) عبر مؤول (Interprétant) والسيموزيس هو هذا “النشاط” الترميزي الذي يقود إلى إنتاج الدلالة وتداولها، وهو المسؤول أيضا عن إقامة العلاقة القائمة بين هذه المفاهيم الثلاثة أنه “سيرورة يشتغل من خلالها شيء ما كعلامة ويستدعي استيعاب الكون من خلال ثلاث مستويات ما يحضر في العيان وما يحضر في الأذهان وما يتجلى من خلال اللسان” (ص61)،فإذا كان الماثول يشتغل كأداة نستعملها في التمثيل لشيء آخر فإن “الموضوع هو ما يقوم الماثول بتمثيله سواء كان هذا الشيء الممثل واقعيا أو متخيلا أو قابلا للتخييل أو لا يمكنه تخيله على الإطلاق” أما المؤول فيعتبر “ثالث عنصر داخل نسيج السيموزيس”، وهو عمادها وبؤرتها الرئيسية إذ أنه يشكل التوسط الإلزامي الذي يسمح لماثول بالإحالة على موضوعه وفق شروط معينة” (ص67).


يميز بورس في إطار مستويات الدلالة بين مؤولين،المؤول المباشر وهو “المستوى المعنوي الذي تقترحه العلامة بشكل مباشر، هو المعنى المباشر الذي يفهم من العلامة، أما المؤول الديناميكي فيحيل إلى المستوى الدلالي الثاني إلى المعطيات المعرفية التي “ليست معطاة بشكل مباشر مع العلامة، فالمؤول الديناميكي يؤسس على أنقاض المؤول المباشر ولا يمكن أن يوجد إلا من خلال وجود الأول، فيتخلص من المعنى المباشر لينطبق نحو آفاق جديدة تضع الدلالة داخل سيرورة اللامنتهي” (ص70).


السيموزيس (أو التدليل) دينامية الإنتاج داخل ثبات معنى العلامة المسكوكة، هو الذات في الصيرورة التارخية واللغوية، فالسيموزيس لا تقف عند حدود رصد المعنى الأول يحيل عليه التمثيل من خلال إحالته الأولى “بل يشير إلى إمكان استمرار هذه الإحالة دون انقطاع إلى ما لا نهاية”(ص167) السيموزيس في النهاية فعل الاختلاف داخل الاستعمال الجمعي لعلامات اللغة ومواضعتها وتجاوز لأحادية المعنى.


     إن كتاب الدكتور سعيد بنكراد مساهمة معرفية في تعميق سؤال سيميائيات الثقافة في المغرب دعوة للإنتباه إلى العلاقة القائمة بين الفرد والثقافة وإلى فعل الاختلاف الذي ينتجه “السيموزيس”، وهي دعوة للبحث أيضا في أصول الحوار القائم بين الفرد وعلامات الجسد الاجتماعي، بحكم أنهما يتبادلان التأثير، ولعل هذا ما دفع سعيد بنكراد إلى القول وهو يقرأ “ألبوم” المصور والمخرج السينمائي المغربي داوود أولاد السيد،  بأن هذا الأخير”كان يعرف بالضبط جوهر ما هو مقبل على إنجازه، لقد كان يشتغل وفق تصور دقيق وواضح” في هذه الحال يتحول داوود اولاد السيد إلى ذات الاختلاف التي تستعمل علامات مستثمرة بقيم مسكوكة في المخيال الجمعي ليتسلل خفية، عبر الكاميرا، بين تلك العلاقة الرابطة بين الدال والمدلول في الزمان والمكان.

ينتقي داوود أولاد السيد ويختار علامات يخضعها لرؤيته الخاصة للأشياء، كما هو الشأن بالنسبة لصورة المرأة المسنة التي تجلس في الواجهة الأمامية للصورة على أرائك تقليدية ويداها تلتقيان حول البطن وفي وضع يحيل ايقنوغرافيا على الاستسلام الرهيب والتخلي عن المقاومة ومجابهة المصير، عيناها مصوبتان إلى أعلى حيث يوجد الرجل واقفا في الواجهة الخلفية للصورة وراء شباك غليظ للنافذة وعيناه تطلان عليها من عل (ص 119)، وفي هذه الحال تتحول السموزيس إلى خطاب ذات الاختلاف التي تسائل المعنى الاجتماعي المألوف، فأمام هدوء واستسلام المرأة، وهو هدوء واستسلام تحول مع مرور الزمن في الثقافة العربية المحافظة إلى حنين ورحمة وتسامح، يقف الرجل في المقابل خلف الشباك المسيج بأسلاك في عينيه أمارة التملك والحركة (ص119)، إنها صورة تكشف عن التوافق الاستبدادي بين المذكر والمؤنث حيث يتم توزيع كل شيء في الصورة وفق موقع كل منهما داخل صرح الفضاء الإجتماعي” (ص119).

وإذا كان داوود أولاد السيد كذات تاريخية يخضع لمواضعات ثقافة تخلق علاماتها وتستثمرها بقيم يتم تداولها بين أفراد المجتمع، فإن انتقائه لهذه العلامة يخضع لقراءته الخاصة، إذ يحول هذه العلامات إلى حكايات في الزمان والمكان تحكي اختلافها كمحكيات،شخوص (Hommes-récits) على غرار شخوص ألف ليلة وليلة، فالشخصية هي قصو محتملة هي قصة حياتها 10، وكل شخصية في الصورة هي لغز في القصة تحكي هذا الشيء المتوغل في الذاكرة الأخلاقية للمجتمع والذي يتحول إلى “معنى ثالث” ينفلت من أسر العلامة المسكوك 11، هو هذا المعنى الذي ينكتب في “انفراج” و “ضيق” معنى الصورة، ويتجلى في هذا الصمت الذي يخيم على الشخوص داخل قدامة المكان والزمان، لكنه أيضا صمت مغلق بتأثير اللحظة عندما تلتقي عين وذاكرة المتلقي “المشاهد” بما يحدث داخل الصورة ليلمع بريق الاختلاف في المسافة المظلمة الفاصل بين الدال والمدلول حيث يغيب الاختلاف (اختلاف المعنى) كممكن لتتحول الكاميرا إلى مؤول ديناميكي يحدث نوعا من الارتعاشة السيميائية في عمق المعنى المباشر الذي يحيل عليه مدلول الدال (المرأة) في المخيال الأخلاقي للذاكرة الجماعية، فعناصر الصورة، يقول بنكراد: “ليست سوى ممر مجسد نحو خلق عوالم تتجاوز في إحالتها الرمزية المعطيات المحسوسة وتعطل قوتها التمييزية لاستشراق المجرد والغريب والمدهش” (ص119).


تتجاوز السيميوزيس عند داوود أولاد السيد “لعبة” العلامة والمعنى المشترك، باختراقها لأحادية المعنى القائمة بينهما تعاقديا ومواضعة، لينفتح بذلك سؤال الاختلاف على ممكن ثقافي مغيب يجعل الصورة تنتج في تلك المسافة الفاصلة بين الدال والمدلول “الإنساني الغريب” وفي ذات الوقت السجل الأيقنوغرافي القادر على استيعابه، صورة لمغاربة في وضع خاص وبنظرة خاصة وبغاية خاصة، ومع ذلك لكل مغاربته وللعين أن تختار” (ص120).


خلاصة:


     واضح إذن أن كتاب سعيد بنكراد مساهمة ثقافية في بلورة تصور سيميائي ثقافي يسعى إلى إبراز أهمية الدور الذي يلعبه الحوار الثقافي القائم بن الفرد وعلامات النص الثقافي في تحليل الخطابات.

إنها مساهمة لإبراز دور السيميوزيس في اكتشاف جدل الذات والعلامات، جدل المعنى الموروث والمسكوك ثم الموشوم في العلامة بحث في هذه العلامات عن معاني ممكنة تتجاوز هيمنة لغة النموذج التي تنتحل مطلقا خاصا بها وتعومه، ثم تفرضه، على عقول الأحياء.

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المرحلة الرابعة...

المرحلة الرابعة: إدارة الحد تعني هذه المرحلة المحافظة على الحد الخطي السياسي، واستبقاء فاعليته وحرا...

The 19th Centur...

The 19th Century literature is influenced by Certain Sociocultural Conditions of the time is known a...

Corruption is c...

Corruption is considered one of the ancient phenomena since the beginning of humanity. It has develo...

https://www.noo...

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9...

تقوم حياة المجت...

تقوم حياة المجتمعات على حاجات متعددة ومتنوعة ولتلبية هذه الحاجات يُبنى الاقتصاد. وكلما تطورت المجتمع...

ما يالحظ اآلن أ...

ما يالحظ اآلن أن العامل املعاصر يعيش فرتة من التحوالت العميقة اجلذرية و اليت أدت إىل تغيري ملحوظ لكل...

كان شيئًا يصيد ...

كان شيئًا يصيد السمك وحده بمركب شراعي صغير في مجرى الخليج»، وقد أمضى - حتى الآن - أربعة وثمانين يوما...

إدارة المشاريع ...

إدارة المشاريع تعني عملية إدارة المشروع تطبيق الأساليب، والمهارات، والمعرفة، والخبرة اللازمة من أج...

وثيق المصادر و ...

وثيق المصادر و المراجع في البحث العلمي الهدف من المحاضرة : التعرف على أهمية توثيق المصادر و المراجع ...

لمرحلة األولى م...

لمرحلة األولى من 7_73 سنوات: وهي سنوات الطفل األولى والتي ستكون لها تأثير كبير على مستقبله الحقا، و...

عزمنا على زيارة...

عزمنا على زيارة الصحراء فتوجهنا الى محطة القطار فوجدناها مكتظة بالمسافرين و المسافرات. اشترى ابي ال...

Speaking, writi...

Speaking, writing, listening and reading are the four language skills. Most of the example activitie...