لخّصلي

القول الرابع: النظرية البديلة
يعتبر أصحاب هذا القول الأوراق النقدية بدلا لما استعيض بها عنه من الذهب والفضة فتعامل معاملتهما، إلا أنها شيء آخر، ليست هي الذهب وليست هي الفضة، بل هي أجناس أخرى بحسب الدول المصدرة لها، فالدينار الجزائري جنس، والريال السعودي جنس، والأورو جنس .... وهذا القول هو السائد الآن والمفتى بمقتضاه في أحكام التعامل بالنقود الورقية، وبه صدرت قرارات من بعض المجامع الفقهية (30) .
مستلزمات هذا القول:
1- وجوب الزكاة في الأوراق النقدية إذا بلغت النصاب (31) وتوفر فيها شروط وجوب الزكاة في النقدين.
2 جريان الربا بنوعيه في هذه الأوراق النقدية، فلا يجوز بيع الجنس الواحد فيها بفضة ببعض مؤجلا ولا متفاضلا، كما لا يجوز بيع جنس بجنس مؤجلا، كما أنه لا يجوز شراء الذهب أو الفضة بالورق النقدي دون تقابض
3- جواز السلم بها.
4- اعتبارها متفرعة عن جنسين هما الذهب والفضة بغض النظر عن أشكالها وأسمائها وجنسياتها، فما كان متفرعا عن ذهب فله حكم الذهب، وما كان متفرعا عن فضة فله حكم الفضة.
5- إذا اتفق جنسان من الورق النقدي أحدهما متفرع عن فضة جاز فيهما التفاضل إذا كان يدا بيد.
6- إذا اتفق نوعان من الورق النقدي متفرعان عن ذهب أو فضة امتنع التفاضل بينهما في الصرف؛ فإذا افترضنا أن الدينار الجزائري والدينار التونسي متفرعان عن فضة امتنع الصرف بينهما إلا بشرط تساويهما في القيمة. وإذا افترضنا أن الدينار الجزائري والأورو متفرعان عن ذهب امتنع مصارفتهما إلا بشرط تساويهما في القيمة أيضا. ن (32) إلى انتقاد ولقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين القول بأن الأوراق النقدية أجناس ربوية، لما يلي:
1- أن منشأ القول بأن الأوراق النقدية أجناس ربوية هو كون النقود الورقية مرتبطة قديما - بالذهب والفضة ارتباطا صحيحا، ولكن الذي طرأ هو انفكاك الارتباط بين الورق النقدي وبين النقدين الذهب والفضة من أوائل الحرب العالمية الثانية أو قبلها، ثم سار ذلك الانفكاك تدريجيا، وعلى مراحل كما هو معروف في تاريخ نشأة النقود الورقية، حتى صار الورق عملات مستقلة استقلالا كاملا عن الذهب وليس لها به أي ارتباط، ومع ذلك كله ظل القول عند الفقهاء يستصحب ارتباط الورق النقدي بالذهب والفضة، فكانت فتواهم بناء على ذلك، واستمرت المجامع الفقهية على الطريقة القديمة في اعتبار الورق النقدي ربويا قياسا على الذهب.
ويرى أصحاب هذا التوجه وجوب إعادة النظر في قياس الأوراق النقدية بالذهب بناء على اعتبار الأوضاع التي جدت على (33). تلك الأوراق النقدية
ب - أساس هذا القول النظرية البديلة) هو أن الأوراق النقدية بديلة عن الذهب والفضة مع أن تلك الأوراق يستعاض بها عن غير النقدين؛ كالعقارات والبترول
جـ - الأضرار والأخطار التي تنجم عن هذا القول، حيث يذهب أصحاب هذا النقد الموجه إلى هذا القول إلى أن أغلب . المعاملات بهذه الأوراق النقدية حال النسيئة يشكل ضررا فادحا في حق البائع والمقرض إذا كيفت على أنها أجناس ربوية، مما يؤدي إلى أن المقرض خاصة في القروض الطويلة الأمد - لا يحصل إلا على جزء يسير مما أقرضه والشريعة الإسلامية لما نصت على تحريم الربا إنما كان الهدف منع الظلم، وهو أكل المقرض مال المقترض بغير حق، فقال الله تعالى: وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) (البقرة (279)، ولم يكن الهدف إهدار المقرض حقه، وبخسه ماله، فإن ذلك مسلك تتنزه عنه الشريعة كما تتزهت عن الظلم الأول.
وستكون نتيجة ذلك إما امتناع الناس عن الاقتراض تماما، وإما الرضا بالخسائر، وإما التجاسر على أخذ الفوائد مع اعتقاد حرمتها، أو الالتفاف على الأحكام الشرعية والتحايل عليها، وكل ذلك بلاء (34).