لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (48%)

أما في ديمقراطية بريطانيا البرلمانية، وحتى إن كان هذان السياسيان مستجدَّين في مجال الشئون الخارجية، فإنَّ كبار موظفي وزارة الشئون الخارجية والكومنولث يتحلَّون بثِقَل تجتمع فيه المعرفة والخبرة الناتجتان عن خدمتهم في الوظائف الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم، وأن وزير الخارجية مُتَوَقَّع منه ببساطة أن ينفِّذ سياسة البيت الأبيض بإخلاص. ويتمثل أحد التعقيدات التي يتسم بها النظام الأمريكي في أنَّ الوزارات المنافسة — لا سيما وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي — قد لا تتفق مع وزارة الخارجية، والدول من أول الأمور التي يحتاج وزير خارجية بريطاني جديد ينقصه الكثير من الخبرة إحاطةً بشأنها؛ إذ إننا نحيا في عالم ما زالت الدول فيه هي الفاعل الرئيسي في العلاقات الدولية. ولا بادرة لتأسيس مثل ذلك النظام، فقد قدَّم علماء الإنسان وصفًا مفصَّلًا مثيرًا للإعجاب لمجتمعات بشرية قائمة على العضوية القبلية أو العشائرية، التي لا تزال باقية في أماكن مثل أفريقيا الوسطى وحوض الأمازون الأوسط، وفي كثير من الحالات — لأن تلك القبائل يمكن أن تكون كثيرة الترحال — لا توجد أراضٍ ثابتة ذات حدود معترَف بها ولا ولاية قبلية. وكثيرًا ما كانت توضَع قوانين وإجراءات معقَّدة إلى حد بعيد للعدالة الجنائية وتطبق (بدرجات متفاوتة من الكفاءة والاتساق) في جميع أنحاء الإمبراطورية. وليس على المرء سوى النظر في الأثر الهائل الذي خلَّفه القانون الروماني على الأنظمة القانونية في أوروبا المعاصرة ليرى أهمية تلك التطورات على نشأة الدولة الحديثة. من حيث الحجم، المقدَّمَة بصورة شديدة الجاذبية في مؤلَّف أرسطو «السياسة»، وأساليب إدارة الدولة اللازمة لممارسة سياسة خارجية ناجحة في إطار معارك القوى المتواصلة، والخصومات القائمة بين الدول المدن والإمارات والجمهوريات المختلفة لإيطاليا في عصر النهضة. وفي الدول المدن الإيطالية المنتمية إلى تلك الفترة لا بد أن نلحظ أحد أهم علامات الدولة الحديثة، والحقيقة أن الإصلاح الذي تم في أوروبا، والفصل الواضح والقاطع بين الكنيسة والدولة؛ لا يُعترَف فيها بدولة واحدة بصفتها القوة المهيمنة المشروعة أو السلطة المسيطرة، وفيه تتفق جميع الدول الأعضاء «من حيث المبدأ» على الاعتراف المتبادل بحق كل منها في التمتع بحقوقها السيادية وولايتها على أراضيها. ولم تكن تلك الحرب مجرد معركة بين المذهب الكاثوليكي والكالفينية، وإنما صراع دولي بين الإمبراطورية الرومانية المقدسة والدول القوية ذات السيادة مثل فرنسا، أو تعلن الحرب أو تقيم الصلح، وأصبحت الولايات الثلاثمائة أو نحو ذلك، التي كانت ألمانيا مُقَسَّمة إليها دولًا حقيقية بالمعنى الحديث؛ أي إنها اعْتُرِف بها كدول مستقلة ذات سيادة، وإضافةً إلى ذلك، تأكَّد الأساس العلماني الجوهري لمنظومة الدول الجديدة تأكيدًا قويًّا، وأكده صلح وستفاليا، ومنذ ذلك الحين أصبحت الصراعات الكبرى بين الدول في أوروبا تدور حول السلطة والأرض، وليس السعي إلى فرض السيطرة الدينية. ووفقًا للقانون الدولي، تتمتع جميع الدول بشخصية قانونية، لا بد لها من استيفاء بعض المعايير الأساسية المحددة؛ وسكان دائمون، وحكومة قادرة على الاحتفاظ بسيطرة فعالة على أراضيها وإقامة علاقات دولية مع الدول الأخرى. في العالم الحقيقي للعلاقات الدولية ثمة تفاوت هائل في درجة استيفاء الدول لتلك المعايير؛ حتى ولو على جزء من أرضها المحددة، وتجد نفسها في مواجهة حروب أهلية وتمردات، تضع مناطق بأكملها من بلادها تحت سيطرة زعماء المتمردين وأمراء الحرب (مثل: أفغانستان وأنجولا وبورما وكولومبيا والصومال والسودان). إلا أنه على الرغم من تعرُّض مثل تلك الدول لتحديات جوهرية لسيادتها، وتوقع الاتفاقيات مع غيرها من الدول، وتوفد مبعوثيها إلى الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية، وتتمتع بمظهر خارجي (حتى وإن كان رمزيًّا) من العضوية الكاملة في مجتمع الدول العالمي، التي قارب عددها ٢٠٠ دولة الآن. فلعقود من الزمان حجبت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف الدبلوماسي عن الصين الشيوعية، ورفضت العديد من البلدان الاعتراف بدولة إسرائيل. لذا فمن الواضح أنَّه ليس من الضروري أن يُمنَح الاعتراف الخارجي من العالم أجمع قبل أن تتحقق صفة الدولة. كثيرًا ما يُستَخدَم مصطلح «الدولة القومية» في تسمية الدول الموصوفة سابقًا، ويكون ذلك مفيدًا لسببين رئيسيين: (١) أنه يفرِّق على الفور بين الدول ذات السيادة التي تشكِّل جزءًا من منظومة الدول العالمية، وتلك التي تكون فعليًّا وحدات حكم إقليمي أو محلي داخل الدول ذات السيادة، مثل الولايات التي تتألف منها الولايات المتحدة الأمريكية أو ولاية الأمازون في البرازيل أو ولاية تاميل نادو في جنوب شرق الهند. (٢) تسعى جميع الدول ذات السيادة تقريبًا — حتى تلك التي تتألف من مجموعة متنوعة من الجماعات العرقية والدينية — إلى تنمية الإحساس بالهوية القومية والولاء لدى الشعب كله، وأخرى أمريكية تغرس — على الرغم من كونها «بوتقة» تنصهر فيها الأصول المتباينة للسكان — ولاءً شديدًا للاتحاد، وفي المملكة المتحدة — التي تتألف من الهويات الإنجليزية والاسكتلندية والويلزية والإيرلندية الشمالية والأفروكاريبية، والحكومة المركزية المشتركة، والخبرة الطويلة في التفاعل الوثيق بين هذه الهويات في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أوقات السِّلْم والحرب. ويبدو جليًّا من خرائط الدول متعددة الأعراق مثل روسيا والهند ونيجيريا وإندونيسيا وميانمار (بورما سابقًا) أنه من الحماقة أن نفترض أن الدول والأمم لها الحدود عينها، إذن فعلى الرغم من شيوع استخدام مصطلح «الدولة القومية»، وانخراط جميع الدول المنتمية إلى منظومة الدول العالمية تقريبًا في شكل من أشكال أنشطة «البناء القومي»، فعلينا أن ندرك أنَّ ثمة قدرًا هائلًا من التوتر والعدائية والصراع الصريح بين «الدولة» و«الأمة» في العلاقات الدولية الحديثة. التي كثيرًا جدًّا ما تجد نفسها في مواجهة التحديات المنبثقة عن تلك الظواهر. وإن القبول بحقيقة أنَّ الدول هي الوحدات الأكثر أهمية وتأثيرًا في النظام الدولي العالمي؛ لا يعني ضمنيًّا أن العلاقات الدولية ينبغي دراستها بطريقة تركِّز على الدولة بصورة بحتة،


النص الأصلي

الفصل الأول
الدول
دعونا نتخيل وزير الخارجية الأمريكي حديث التعيين وهو يتلقى إحاطة من أحد كبار المستشارين في يومه الأول في المنصب.


في نظام الولايات المتحدة — خلافًا للملكة المتحدة — ثمة دور لمجلس الشيوخ في تعيين وزير الخارجية؛ إذ لا بد أن يوافق المجلس رسميًّا على أي تعيين جديد لمنصب وزير الخارجية، ومن الطبيعي توقُّع أن يكون الشخص المُعيَّن قادرًا على إرضاء مجلس الشيوخ؛ من حيث درايته وخبرته في التعامل مع الشئون الخارجية. أما في ديمقراطية بريطانيا البرلمانية، فيكون المؤهِّل الوحيد المطلوب للتعيين في منصب وزير الخارجية هو استعداد رئيس الوزراء لمنحك الوظيفة. وفي بعض الحالات، يفضِّل رؤساء الوزراء أن يتخذوا هم قرارات السياسة الخارجية الرئيسية جميعها، أو بالتضافر مع «المستشارين المقربين» منهم الذين يكونون مستشارين شخصيين غير منتَخَبين، وفي تلك الظروف، تتلخص وظيفة وزير الخارجية ببساطة في تنفيذ سياسات رئيس الوزراء. وعلى أي حال، وأيًّا كانت علاقة رئيس الوزراء الشخصية بوزير خارجيته، وحتى إن كان هذان السياسيان مستجدَّين في مجال الشئون الخارجية، فإنَّ كبار موظفي وزارة الشئون الخارجية والكومنولث يتحلَّون بثِقَل تجتمع فيه المعرفة والخبرة الناتجتان عن خدمتهم في الوظائف الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم، مما يمكِّنهم من التعويض عن أي مَوْطِن ضعف على الصعيد الوزاري تعويضًا تامًّا. وتتمتع وزارة الخارجية في ظل النظام الأمريكي بحصيلة مماثلة من الخبرة، ولكنها قد تجد كذلك أن اهتمام الرئيس منصبٌّ على الشئون الخارجية، وأن وزير الخارجية مُتَوَقَّع منه ببساطة أن ينفِّذ سياسة البيت الأبيض بإخلاص. ويتمثل أحد التعقيدات التي يتسم بها النظام الأمريكي في أنَّ الوزارات المنافسة — لا سيما وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي — قد لا تتفق مع وزارة الخارجية، وتسعى إلى الترويج لسياساتها الخاصة المفضَّلَة.


والدول من أول الأمور التي يحتاج وزير خارجية بريطاني جديد ينقصه الكثير من الخبرة إحاطةً بشأنها؛ إذ إننا نحيا في عالم ما زالت الدول فيه هي الفاعل الرئيسي في العلاقات الدولية. وبما أنه ليس ثمة حكومة عالمية ولا منظومة للقانون العالمي ولفرض القانون، ولا بادرة لتأسيس مثل ذلك النظام، فمن المرجَّح أن تظل المعرفة بالدول شرطًا لازمًا — وإن لم يكن كافيًا بالطبع — لتحقيق أي فهم جاد للعلاقات الدولية في المستقبل المنظور. والتظاهر بغير ذلك يكون من قبيل التمنِّي لا أكثر.


لم تكن تلك هي الحال دائمًا؛ فقد قدَّم علماء الإنسان وصفًا مفصَّلًا مثيرًا للإعجاب لمجتمعات بشرية قائمة على العضوية القبلية أو العشائرية، لم يوجد فيها ما يشبه الدولة (مارجريت ميد، «بلوغ سن الرشد في ساموا» ١٩٢٩، على سبيل المثال). ففي مثل تلك المجتمعات، التي لا تزال باقية في أماكن مثل أفريقيا الوسطى وحوض الأمازون الأوسط، يوجد بالتأكيد حكام قَبَليون أو زعماء قبائل وشيوخ قبائل، ولكن ليس ثمة موظفون متفرغون، وفي كثير من الحالات — لأن تلك القبائل يمكن أن تكون كثيرة الترحال — لا توجد أراضٍ ثابتة ذات حدود معترَف بها ولا ولاية قبلية. وإن الإمبراطوريات القديمة لمصر وبلاد فارس والصين وروما هي التي نجد فيها نشأة بعض الخصائص المهمة للدولة؛ فقد كان الحكام يوظفون حاشيات من الموظفين بغية تنفيذ أوامرهم وفرضها، ونُشِرَت جيوش من الجنود المتفرغين بغرض القيام بالمزيد من الفتوحات الإمبراطورية والتصدِّي للأعداء الخارجيين والداخليين، وكثيرًا ما كانت توضَع قوانين وإجراءات معقَّدة إلى حد بعيد للعدالة الجنائية وتطبق (بدرجات متفاوتة من الكفاءة والاتساق) في جميع أنحاء الإمبراطورية. وليس على المرء سوى النظر في الأثر الهائل الذي خلَّفه القانون الروماني على الأنظمة القانونية في أوروبا المعاصرة ليرى أهمية تلك التطورات على نشأة الدولة الحديثة.


وعلى الطرف المقابل، من حيث الحجم، كانت الدول المدن الإغريقية الصغيرة، المقدَّمَة بصورة شديدة الجاذبية في مؤلَّف أرسطو «السياسة»، والدول المدن الإيطالية المنتمية إلى الفترة الحديثة المبكرة. ويقدِّم نيكولو مكيافيللي — في كتاباته الكلاسيكية عن الأخيرة — رؤية واقعية مبهرة للاستراتيجيات والتكتيكات التي يستخدمها الأمير أو الحاكم الناجح؛ بغية الاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها، وأساليب إدارة الدولة اللازمة لممارسة سياسة خارجية ناجحة في إطار معارك القوى المتواصلة، والخصومات القائمة بين الدول المدن والإمارات والجمهوريات المختلفة لإيطاليا في عصر النهضة. وفي الدول المدن الإيطالية المنتمية إلى تلك الفترة لا بد أن نلحظ أحد أهم علامات الدولة الحديثة، وهو تنامي إبراز الحياة المدنية على الدينية.


والحقيقة أن الإصلاح الذي تم في أوروبا، والفصل الواضح والقاطع بين الكنيسة والدولة؛ هما ما وفرا ظروف قيام منظومة دول حديثة بحق في أوروبا، لا يُعترَف فيها بدولة واحدة بصفتها القوة المهيمنة المشروعة أو السلطة المسيطرة، وفيه تتفق جميع الدول الأعضاء «من حيث المبدأ» على الاعتراف المتبادل بحق كل منها في التمتع بحقوقها السيادية وولايتها على أراضيها.


كانت البداية الحقيقية لمنظومة الدول الحديثة في أوروبا هي صلح وستفاليا (١٦٤٨)، الذي مثَّل نهاية حرب الثلاثين عامًا، ولم تكن تلك الحرب مجرد معركة بين المذهب الكاثوليكي والكالفينية، وإنما صراع دولي بين الإمبراطورية الرومانية المقدسة والدول القوية ذات السيادة مثل فرنسا، التي سَعَت إلى ضمان حصولها على حدود استراتيجية ودفاعية. وقد قلَّص صلح وستفاليا سلطة الإمبراطورية الرومانية المقدسة ونفوذها بصورة جذرية.


وقُصِرَت السلطة السيادية لآل هابسبورج النمساويين (العائلة التي جرت العادة على انتخاب الإمبراطور الروماني المقدس منها) بصورة فعالة على دوقياتهم النمساوية الموروثة وبوهيميا. ولم يعد من المسموح للإمبراطورية أن تحشد قوات، أو تعلن الحرب أو تقيم الصلح، أو ترفع الضرائب دون موافقة أعضاء منظومة الدول، وأصبحت الولايات الثلاثمائة أو نحو ذلك، التي كانت ألمانيا مُقَسَّمة إليها دولًا حقيقية بالمعنى الحديث؛ أي إنها اعْتُرِف بها كدول مستقلة ذات سيادة، ومن ثم أصبحت تملك حرية تشكيل التحالفات مع دول أخرى، ليس من داخل الإمبراطورية فحسب، بل من خارجها أيضًا. وإضافةً إلى ذلك، تأكَّد الأساس العلماني الجوهري لمنظومة الدول الجديدة تأكيدًا قويًّا، عندما أُعلِن مبدأ «دين الإقليم هو دين حاكمه» لأول مرة في أوجسبورج عام ١٥٥٥، وأكده صلح وستفاليا، وامتد ليشمل الكالفينية فضلًا عن اللوثرية. ومنذ ذلك الحين أصبحت الصراعات الكبرى بين الدول في أوروبا تدور حول السلطة والأرض، وليس السعي إلى فرض السيطرة الدينية. والدولة — الوحدة الأساسية في منظومة الدول العالمية الحديثة التي نعيش فيها — هي مفهوم سياسي وقانوني مركَّب ذو أهمية حيوية في دراسة العلاقات الدولية. ووفقًا للقانون الدولي، تتمتع جميع الدول بشخصية قانونية، وحتى أصغر الدول وأقلها قوة، لا بد لها من استيفاء بعض المعايير الأساسية المحددة؛ حتى تنال الاعتراف بعضويتها في منظومة الدول من جانب الدول الأخرى في منظومة الدول العالمية؛ فلا بد أن يكون لها أرض محددة، وسكان دائمون، وحكومة قادرة على الاحتفاظ بسيطرة فعالة على أراضيها وإقامة علاقات دولية مع الدول الأخرى.


في العالم الحقيقي للعلاقات الدولية ثمة تفاوت هائل في درجة استيفاء الدول لتلك المعايير؛ فعلى سبيل المثال: تكافح دول عديدة من أجل الاحتفاظ بسيطرة سيادية فعلية، حتى ولو على جزء من أرضها المحددة، وثمة دول عديدة لا تحتكر السيطرة على القوة المسلحة داخل حدودها، وتجد نفسها في مواجهة حروب أهلية وتمردات، تضع مناطق بأكملها من بلادها تحت سيطرة زعماء المتمردين وأمراء الحرب (مثل: أفغانستان وأنجولا وبورما وكولومبيا والصومال والسودان). إلا أنه على الرغم من تعرُّض مثل تلك الدول لتحديات جوهرية لسيادتها، فإنها ما زالت تنال الاعتراف الدولي، وتوقع الاتفاقيات مع غيرها من الدول، وتوفد مبعوثيها إلى الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية، وتتمتع بمظهر خارجي (حتى وإن كان رمزيًّا) من العضوية الكاملة في مجتمع الدول العالمي، التي قارب عددها ٢٠٠ دولة الآن.


وحتى الاعتراف الخارجي ليس معيارًا مطلقًا لقيام الدولة؛ فلعقود من الزمان حجبت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف الدبلوماسي عن الصين الشيوعية، ورفضت العديد من البلدان الاعتراف بدولة إسرائيل. لذا فمن الواضح أنَّه ليس من الضروري أن يُمنَح الاعتراف الخارجي من العالم أجمع قبل أن تتحقق صفة الدولة. ويمكن القول بصفة عامة إنه يكفي الحصول على اعتراف عدد كبير من الدول — تتضمن معظم القوى الكبرى — والأهم من ذلك كله، اعتراف الأمم المتحدة؛ فاعتراف الأمم المتحدة أصبح اليوم شرطًا لا غنى عنه لاكتمال صفة الدولة.


كثيرًا ما يُستَخدَم مصطلح «الدولة القومية» في تسمية الدول الموصوفة سابقًا، ويكون ذلك مفيدًا لسببين رئيسيين: (١) أنه يفرِّق على الفور بين الدول ذات السيادة التي تشكِّل جزءًا من منظومة الدول العالمية، وتلك التي تكون فعليًّا وحدات حكم إقليمي أو محلي داخل الدول ذات السيادة، مثل الولايات التي تتألف منها الولايات المتحدة الأمريكية أو ولاية الأمازون في البرازيل أو ولاية تاميل نادو في جنوب شرق الهند. (٢) تسعى جميع الدول ذات السيادة تقريبًا — حتى تلك التي تتألف من مجموعة متنوعة من الجماعات العرقية والدينية — إلى تنمية الإحساس بالهوية القومية والولاء لدى الشعب كله، ومن ثم من الممكن أن نلحظ نزعة قومية هندية تتخطى الولاءات المحلية، وأخرى أمريكية تغرس — على الرغم من كونها «بوتقة» تنصهر فيها الأصول المتباينة للسكان — ولاءً شديدًا للاتحاد، وفي المملكة المتحدة — التي تتألف من الهويات الإنجليزية والاسكتلندية والويلزية والإيرلندية الشمالية والأفروكاريبية، وغيرها من الهويات العرقية — ما زال ثمة تيار قوي من القومية البريطانية يستمد جذوره من المَلَكية المشتركة، والحكومة المركزية المشتركة، والخبرة الطويلة في التفاعل الوثيق بين هذه الهويات في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أوقات السِّلْم والحرب.


ويبدو جليًّا من خرائط الدول متعددة الأعراق مثل روسيا والهند ونيجيريا وإندونيسيا وميانمار (بورما سابقًا) أنه من الحماقة أن نفترض أن الدول والأمم لها الحدود عينها، فالعديد من الأقليات العرقية تحكمها دول لم تختر قط الانضمام إليها، وبعضها (مثل الأكراد في الشرق الأوسط) صار شعبها مقسَّمًا، بفعل حدود سياسية أُنشئت في فترة الاستعمار الأوروبي، وأكدتها النخبة المستجدة مرة أخرى في غمار عملية إنهاء الاستعمار. إذن فعلى الرغم من شيوع استخدام مصطلح «الدولة القومية»، وانخراط جميع الدول المنتمية إلى منظومة الدول العالمية تقريبًا في شكل من أشكال أنشطة «البناء القومي»، فعلينا أن ندرك أنَّ ثمة قدرًا هائلًا من التوتر والعدائية والصراع الصريح بين «الدولة» و«الأمة» في العلاقات الدولية الحديثة. وكما هو مهم لنا أن ندرس حركات غير الدول — كحركات الجماعات الانفصالية وحركات التحرر الوطنية — فمن المهم أيضًا أن نتحرَّى عن سياسات الدول وأنشطتها، التي كثيرًا جدًّا ما تجد نفسها في مواجهة التحديات المنبثقة عن تلك الظواهر. وإن القبول بحقيقة أنَّ الدول هي الوحدات الأكثر أهمية وتأثيرًا في النظام الدولي العالمي؛ لا يعني ضمنيًّا أن العلاقات الدولية ينبغي دراستها بطريقة تركِّز على الدولة بصورة بحتة، فذلك يعني الوقوع في أحد أخطر الأخطاء التي تنطوي عليها النظرية الحديثة التي تسمَّى نظرية العلاقات الدولية. وسوف أعود إلى بعض تلك المشكلات في الفصل الثالث.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

في يوم الأربعاء...

في يوم الأربعاء 2024/04/24، انعقد على مستوى المركز الجامعي مرسلي عبد الله تيبازة، ملتقى وطني تحت عنو...

The proactive r...

The proactive reaction of STC to the difficulties presented by the pandemic demonstrates its unfalte...

المرحلة الرابعة...

المرحلة الرابعة: إدارة الحد تعني هذه المرحلة المحافظة على الحد الخطي السياسي، واستبقاء فاعليته وحرا...

then William Wo...

then William Wordsworth, and Taylor Coleridge, Wordsworth initiated the romantic movement • in Engla...

Corruption is c...

Corruption is considered one of the ancient phenomena since the beginning of humanity. It has develo...

https://www.noo...

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9...

تقوم حياة المجت...

تقوم حياة المجتمعات على حاجات متعددة ومتنوعة ولتلبية هذه الحاجات يُبنى الاقتصاد. وكلما تطورت المجتمع...

ما يالحظ اآلن أ...

ما يالحظ اآلن أن العامل املعاصر يعيش فرتة من التحوالت العميقة اجلذرية و اليت أدت إىل تغيري ملحوظ لكل...

كان شيئًا يصيد ...

كان شيئًا يصيد السمك وحده بمركب شراعي صغير في مجرى الخليج»، وقد أمضى - حتى الآن - أربعة وثمانين يوما...

إدارة المشاريع ...

إدارة المشاريع تعني عملية إدارة المشروع تطبيق الأساليب، والمهارات، والمعرفة، والخبرة اللازمة من أج...

وثيق المصادر و ...

وثيق المصادر و المراجع في البحث العلمي الهدف من المحاضرة : التعرف على أهمية توثيق المصادر و المراجع ...

لمرحلة األولى م...

لمرحلة األولى من 7_73 سنوات: وهي سنوات الطفل األولى والتي ستكون لها تأثير كبير على مستقبله الحقا، و...