خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
فبينما تثير الولايات المتحدة - تساندها أوروبا أو العالم الحر أو الأمم المتحدة - حمة إعلامية من أجل شخص في الاتحاد السوفياتي (السابق) بحجة خرق حقوق الإنسان تسكت عن جرائم كبرى ترتكب بحق شعوب المسلمين المختلفة في الأقطار السوفياتية أو الأخرى التي ذكرناها. ونجدها مثلا تُعين سلطات الفيلبين على حصار المسلمين في مورو كما نجدها أيضاً تساعد سلطات تايلاند لإخماد الثورة الفطامية. وتساعد إسرائيل في مد سلطانها على الأرض المحتلة بعد تشريد شعب بكامله!! ومن العودة إلى مفهوم هذه السياسة ضد المسلمين نجدها ترتكز على :- 1- الحد من الحرية الدينية والشخصية والاجتماعية : سواء أُغلقت المساجد أو فُتحت المعاهد الدينية أو منعت أو أجيزت عض التقاليد والآداب الإسلامية. فإن ستار القوانين كفيل بتحقيق المزيد من تدمير المواصفات الأساسية للمسلم أو جره - ترهيباً أو ترغيباً - إلى الابتعاد عن الجوهر الديني. وفي بعض الأحيان لا تظهر النتائج العميقة لتلك القوانين إلا بعد فترة وعلى امتداد فترات أخرى من الزمن . تصدر القوانين لتسلب المسلمين بعضاً من هذه الحقوق فمثلا الحكم الذي تصدره المحاكم الشرعية في قضايا النسب لا ينفذ في دوائرٍ النفوس والإحصاء إلا بعد أن يصدر قاضي الأحوال الشخصية المدني حكما آخرا بالتسجيل. وصحيح أن التعليم الديني مباح إلا أن لوائح وزارة التربية وأنظمتها بحصرها له في ساعة أسبوعية وبإسقاطه من الامتحانات وعدم تكفل الوزارة بأمور المعلمين جعل من هذا التعليم هامشياً لا تأثير له. وكل ذلك وسواه لا تظهر آثاره السيئة إلا بعد حين من الزمن . وفي البانيا قرر الحزب الاشتراكي - أيام حكمه قبل تخلص ألبانيا من حكم الشيوعيين - تزويج المسلمة من نصراني ومنع الحجاب وكذا فعل هيلاسيلاسي إمبراطور الحبشة وجعل زواجها من وثني كذلك مشروعاً وواجباً. تتم وفقاً للنموذج القانوني لا الشرعي . من فرض تغيير أسماء المسلمين إلى أسماء بلغارية إلا بقوة القانون وقوة العسكر والاعتقال بآن واحد . ٢ - استيعاب الإدارات الدينية والجمعيات : وقد نجد بلاد الأكثريات الإسلامية المضمومة قهراً إلى اتحاد أو البلاد التي فيها أقليات إسلامية، أن حكومات تلك البلاد لا تستطيع إقامة إدارات دينية إسلامية أو مفتين أو شيوخ كبار أو إنشاء جمعيات اجتماعية أو دينية بسبب أن القوانين العامة تجيز إنشاء مثل هذه الجمعيات أو المراكز بشكل عام ، أو يسمح لها بمراقبة الأنشطة والفاعلين والقيادات مما يجعلهم بشكل أو بآخر تحت سلطاتها فضلا عن أن مثل هذه الأنشطة المعلنة الرسمية قد يحول دون إنشاء خلايا سرية. وقد تعمد الحكومات إلى اعتبار هذه الإدارات أو الجمعيات ممثلا وحيداً للمسلمين بحيث تمنع أية أنشطة أخرى خارج هذه الجمعية أو الإدارة. وقد نعين بعض الحكومات أعضاء هذه الجمعيات أو تتدخل في انتخاب مجالسهم لما يجعل بعض الجمعيات تدور على محور السلطة وتصبح جهازاً للدعاية لصلحة السلطة مشيدة بالحرية الدينية الممنوحة للمسلمين في بعض الجوانب مما يوحي بالحرية الدينية على عمومها. ٣- طمس اللغات القومية ومحاربة العربية لغة وحرفاً: ضمن المجموعات السكانية الكبرى التي تؤلف دولة اتحادية واحدة بل على العكس من ذلك تحاول أن تعترف بالقوميات ولغاتها في الوقت الذي نعمل على تذويب تلك القوميات في مخطط طويل الأمد والنفس عن طريق إضعاف اللغات المحلية القومية بتعليم اللغة التي اختارتها الدولة المركزية أو التي أرادت فرضها. وكثيراً ما حاولت إلغاء اللغات القومية بحجة تطويرها فتمنع كتابتها بالأحرف العربية مثلا وتفرض كتابتها بأحرف اللغة المركزية أو الأحرف اللاتينية، وهكذا وجدنا الروسيا تمنع مسلمي جمهورية شاشان - أنجوشا المتحدة مع الروسيا (٧٤ بالمئة من الجمهورية مسلمون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وتفرض الروسية على سائر القوميات(١)كما وجدنا الصين تمنع أبناء القومية الويغور (٨ مليون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وألزمت المسلمين جميعاً باللغة الصينية. وفي الهند أيضاً يُطلب من المسلمين كتابة اللغة العربية وهي لغة المسلمين الأولى بالأحرف اللاتينية وتمنع تدريسها في معظم المدارس حيث تولي الحكومة المركزية اهتمامها بتدريس الهندية والإنكليزية وتعتبر اللغة الهندوكية لغة الوظيفة الرسمية(٢) وكذلك الأمر في تايلاند حيث أصرت الحكومة على السيطرة على التعليم في فطاني وعلى نشر اللغة السيامية بدلاً من اللغة الماوية لغة أهل فطاني وكانوا يكتبونها بالأحرف العربية - واشترطت الإلمام باللغة التايلاندية للحصول على الوظائف الحكومية!. غير أن رفض المسلمين عموماً ترك لغاتهم القومية والإصرار على التمسك بها وتداولها واعتبارها رسمية في مقاطعات الحكم الذاتي ساعد كثيراً على حفظ وجودهم وعدم الذوبان في المجتمع الأكثري المفروض، مما أربك السلطات المركزية التي لا تزال تصر على الاستيعاب العام ضمن فرض اللغة الواحدة!!! ٤ - التغيير الديمقراطي والتهجير والتوطين : نعتمد الدول سياسة تعسفية ضد السكان المسلمين سواء شكلوا أقليات أو أكثريات في مناطقهم أو في أقاليم تلك الدولة. وأسكنت بعضهم في سيبيريا ثم اضطرت لنقلهم من جديد إلى مواطنهم. وهكذا غدت مجموعات كبيرة روسية متواجدة في الجمهوريات الوسطى وسائر الجمهوريات ذات الحكم الذاتي في الإتحاد السوفياتي وفي الصين وفي تايلاند وفي بلغاريا، وهناك أسر لا تعرف عن مصير أبنائها شيئا (١) وقد اتبعت الحبشة في السياسة عندما أرادت أن تقيم حواجز مانعة بين أرتيريا التي تخوض حرباً مستمرة ضد السلطة الأثيوبية وبين الداخل الأثيوبي فأرادت تغيير ديمغرافية المناطق الإسلامية حول أرتيريا مستفيدة من أجواء المجاعة التي سيطرت هناك مانحة أرض المسلمين إلى مجموعات حبشية نصرانية أو بوذية بينها وزعت المسلمين في مناطق مختلفة!!. وقد أرسل الخديوي بعض الدعاة وكان لهم أثر محمود في نشر الإسلام غير أن لعبة الأمم بين فرنسا وإنكلترا جعلت الخديوي يرتكب خطأ كبيراً (فيعهد إلى ضابط إنكليزي لتحقيق سياسته في ضم أوغنده ليوازن بالنفوذ الإنكليزي ما للفرنسيين من نفوذ بعد فتح قناة السويس ١)(١٨٧٠) . ولا ريب أن الخديوي والسلطان والأفغاني قد أخطأوا!! فبينما انتشر الإسلام رغم صعوبات أوجدها الإنكليز في أوغندا نظراً لوجود مسلمين ودعاة قلائل بين الأوغنديين، أسقطا تجربة أياسو فاضطهد المسلمون بعده أيما اضطهاد!! وأيضاً وفي عام ١٩٧٣ أسلم ألبرت بونجو رئيس جمهورية الغابون في أفريقيا وتسمى باسم عمر وأسلمت معه أسرته وقبيلته وعدد من المسؤولين. وقبل هذين عيدي أمين في أوغندا فقد أسلم وانتحى ببلاده الوجهة العربية الإسلامية وبخاصة على الصعد العامة وقضية فلسطين إلا أنه أخطأ في تصريف شؤون البلاد، كما أن طغيانه في بعض الأحيان وسذاجته في الفعل وردة الفعل وكثرة المؤامرات الأجنبية من البلدان المجاورة والصهيونية والقوى العالمية كل ذلك عجل في إسقاطه ووضع حد لظاهرته وتعاطفه الإسلاميين غير البصيرين!! وملاحظة أخرى نتوقف عندها إذ أن الأقليات الإسلامية المنتشرة في أنحاء العالم كثيراً ما تتأثر بأحداث العالم الإسلامي وقضاياه وتترك هذه الأحداث بصماتها على الجاليات والأقليات جماعات وأفراداً . وقد تكون إيجابية فتدفعهم خطوات إلى الأمام. وأحداث لبنان اليوم بحربه المستمرة منذ عام ١٩٧٥ ، تركت بصماتها على حكومات بعض الدول التي فيها أقلية إسلامية وراحت تراقب تحرك هذه الأقليات وأي دعم قد يتلقونه من المنظمات الإسلامية العالمية حجة أن هذا الدعم قد يكون له خلفيات سياسية بتحريك المسلمين ضد حكوماتهم وهذا ما أفضى به إليّ مدير الشؤون القارية في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الأستاذ محمود الحافظ. فهذه الجمعية تدعمها جهة عربية وتلك تدعمها دولة أخرى مضادة وهذه تشتري مركزاً ثقافياً لجمعية فترد عليها الأخرى بمحاولة بناء مركز ثان وهكذا . كما يقول عبدالله وهابوف أحد أبرز موظفي هذا مؤتمر طشقند تحت شعار (في سبيل وحدة المسلمين في النضال من أجل السلام وضد العدوان الأمبريالي) الذي جرى عام ١٩٧٠ كما ساهم مساهمة فعالة في التحضير لمؤتمر إسلامي آخر في طشقند عام ١٩٧٣ تحت شعار (تأييد نضال الشعوب العربية العادل)(١) . إن التطورات المختلفة في العالم ألزم الصين على توفير قدر من الحرية الدينية والاجتماعية والثقافية لمسلمي تركستان الشرقية بهدف صرف انتباه المسلمين إلى ممارسة نشاطاتهم التي منعت عنهم خلال العنف الشيوعي، وتشجيع الصلات الرسمية مع الهيئات الإسلامية المحلية تحت مراقبة الدولة والحزب لإيهام الرأي العام العالمي والإسلامي بتوفير الحريات والحقوق للأفراد مسلمين وقوميات وطوائف(٢) إن استقراء واقع الأقليات والجاليات الذين يتجاوزن الثلاثماية مليون سلم يشعر بمدى المسؤولية الشرعية والتاريخية إزاء هؤلاء الذين يعانون الصعوبات أقلها التضييق والتذويب وآخرها القتل والتدمير. ولنا أن نتصور إيمان هؤلاء وهم يتشبثون بالإسلام وغالبيتهم لا عرفون العربية ولا يتمكنون من فهم القرآن ولا قراءة كتب الفقه إلا ما ترجم إلى لغاتهم حيث يعانون من جديد من محاولات قطعهم عن لغاتهم كطريق وحيد لقطعهم عن تراثهم وثقافتهم . ولكن ماذا عن العالم الإسلامي وواجباته إزاء هؤلاء؟ لا ريب أن العالم الإسلامي الذي بدأ ينهض من الكبوة الكبرى التي أصابته بإلغاء الخلافة في استنبول واحتلال أجزاء كثيرة من بلاده ثم احتلال فلسطين وأخيراً احتلال أفغانستان وما بين ذلك من حرب لبنان المستمرة والحرب الإيرانية العراقية(١) والأحداث الكبيرة التي تقع هنا وهناك فضلاً عن مخططات البعثات التبشيرية ومحاولات الدول الكبرى في فرض نفوذ أو استيعاب سياسات دول العالم الإسلامي، خاصة وأن الصحوة الإسلامية تشق طريقها وسط جميع الصعوبات، أليس من الجميل أن يسلم الفيلسوف الماركسي الفرنسي بيار جارودي منذ أعوام؟ وينقلب إلى مدافع عن الإسلام ومبشر له، وأن يسلم المغني البريطاني كات ستيفنز والذي تسمى باسم يوسف إسلام مطالباً بحقوق المسلمين بإنكلترا، فضلا عن ألوف تسلم هنا وهناك في كل قارة وفي كل دولة وإقليم . إن نظرة متفحصة لخريطة انتشار الإسلام في العالم ترينا ما يملك العالم الإسلامي من شبكة كبيرة من المسلمين. ونتساءل لو أحسن ترشيد هؤلاء وتوعيتهم وتوجيههم ألا يكونون ألسنة قويّة وقوة مدافعة عن حقوق العالم الإسلامي نفسه وعن قضاياه!؟. سوف تحدث تغييراً ملحوظاً في قدرة الأقليات الإسلامية وحمايتها!؟ وإن كان يصعب ذلك على الدول الإسلامية أو على بعضها أن تأخذ المبادرة، صحيح أن مؤتمرات القمة ليس لها سلطان تنفيذي إزاء الدول الأخرى، مما يساعد على طرح مشاكل بعض الأقليات بصوت عال ومسموع(١) . لا ريب أن مثل هذا الأمر قد يحصل وقد تحاول تلك الدول أن تتستر وهي التي تظلم رعاياها المسلمين بمثل هذه الحجج وهي إحدى الذرائع الهامة التي يتمسك بها من يريد أن يخفي جريمته، ولا نريد أن نورط دولنا في العالم الإسلامي بمشكلات قد تشعر أنها في غنى عنها. رعايا الدول ذات الأكثرية غير الإسلامية، انفتاح تعاون وصداقة ضمن حقوق الدول وسيادتها وضمن شرائع حقوق الإنسان، فنحن لا نريد أن نثير في الدول اضطرابات، وأن يسمح لها بالحج وتأدية المناسك والحد الأعلى من الأحوال الشخصية الذاتية، كل ذلك خطوات على الطريق الطويل . ولا ريب أن اهتمام المنظمات الإسلامية العالمية بإخوانهم الأقليات أمر مهم لافت للنظر، كما أن اهتمام رابطة العالم الإسلامي لا يناقش فيه إنسان، توازيها في الطرف الآخر الهيئة الخيرية العالمية والجمعيات الإسلامية في الكويت . ولا يهمني كيف يأتي هذا المجلس العالمي بالشكل البسيط الذي اقترحته أو بشكل أكثر شمولاً وإيجابية فالمهم أن يُنشأ وأن تُعطى له قدرات الدرس والتقرير والمساعدة والحركة الدائمة الدائبة وأن تكون له قيادة أمينة ومخلصة فذاك طريق النجاح وشرفه . الأقليات في عالم الأكثريات غير المسلمة، صمدوا ضد كل محاولات التذويب والتنصير والتهويد والترويس والتصيين والفلبنة والتحبيش والهندكة والتبويذ وسوى ذلك من محاولات الشيطنة في عالم الإنس وعلى امتداد دهور وقرون كما أن الجاليات الجديدة التي تنشأ هنا وهناك في العالم تحمل مشاكلها وهمومها وتلقي بها في أرجاء العالم الإسلامي، الذين عاشوا سبعين سنة أو أكثر تحت الاحتلال. السوفياتي وصمدوا في وجه أخطر عملية تذويب وغسل للأدمغة، تراهم اليوم حاجة ماسة إلى الدعوة الصادقة إلى اللّٰه وإلى المساعدة على كل صعيد. وكل ذلك وسواه يستدعي إعلان حالة من الطوارىء في صفوف المنظهات الإسلامية العالمية والدول الإسلامية الغنية لبذل كل شيء من أجل إنقاذ هؤلاء المسلمين، الذين تحولوا إلى دول مستقلة، وثقافية وفكرية وتاريخية وعلمية. ولا يشكل ذلك إحراجاً ولا إشكالاً. حتى أن إرساليات تبشيرية تمتلك إذاعات توجهها إلى أفريقيا وإلى لبنان والعرب كما هو شأن إذاعة صوت الأمل التي تملكها إرسالية إنجيلية أميركية وتبث عليها عصابات لبنانية مسيحية متعاملة مع إسرائيل. لقد كان لبعض الإذاعات العربية والإسلامية تأثير طيب في نفس مسلمي أواسط آسيا وفي الإتحاد السوفياتي الذين قد يتمكنون من التقاطها. شكل المسلمون بالحبشة نسبة 75 % من مجموع السكان، مرورًا بعهد القيصر هيلاسلاسي (1930 م - 1974 م) المسيحي اليهودي. وقريبًا سيعودون إلى دين آبائهم وأجدادهم، والفتك بالمسلمين وقتلهم بحجة العصيان ضد الدولة، والتي يطلق عليها ضريبة الكنائس. وانتخب أحمد زوغو رئيسًا لها وقد أعلن عن نفسه ملكًا لألبانيا عام (1347 هـ)، وكان ملكًا سيئًا حاول مسايرة الدول الأوروبية وطمس التقاليد الإسلامية، ولكن سرعان ما بدءوا التخطيط المنظم والضغط التدريجي، فأغلقوا المدارس الإسلامية بالتدريج، ويضطهدون أي طالب يصلي أو يصوم، وحاربت الحكومة حتى مظاهر الدين الشكلية، كالعمامة واللحية وما إليها، يقول طالب مسلم ألباني فرَّ بدينه إلى عدة دول في العالم حتى وصل إلى مصر: "وشاهدت بعيني وسمعت بأذني عن المذابح التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء إرواءً لظمأ الشيوعيين المتعطشين للدماء، وإن كانت قد تحسنت بعض الشيء. 336. بل وشيوعيون أيضًا، وعلى رأسها الأقصى الشريف. وتساقط المسلمون في كل ساعة -بل ربما في كل دقيقة- بين قتلى وجرحى، والتي قضى فيها بضعة آلاف من المسلمين، كل ما سبق لمحة عن محنة الأغلبية المسلمة المستضعفة من الأقلية المُمَكَّنة في مناطق متنوعة من العالم اليوم. وقبل الخوض في مشكلات الأقليات المسلمة، ثم ينطلقوا منها إلى درجات أعلى في اختراق الأكثرية بالدعوة إلى الله، غير أن قواسم مشتركة تجمع بين الفريقين،
س/ تلخيص استقراء وتأملات في واقع الجاليات ومرتجاها:-
يتبين من استقراء أوضاع الأقليات الإسلامية وأكثرياتها المحكومة بإرهاب القوة أو ديكتاتورية العسكر أو الحزب الواحد أو بظلال الديمقراطية الواهمة وبرقع الحرية الممزق . أن سياسة واحدة تكاد يستهان بها عددياً وإن كانت تتحول إلى أقلية تبعاً لسكان هذه الدولة أو تلك كمسلمي الهند (مائة مليون) أو مسلمي الصين (٧٠ مليون) أو مسلمي الإتحاد السوفياتي حوالي (٥٠ مليون) أو مسلمي بلغاريا (١, ٥) مليون أو سلمي الحبشة ٢٥ مليون أو مسلمي أوغندا حوالي (٦ ملايين) أو مسلمي لبنان (مليون وسبعمائة ألف) أو مسلمي فطامي في تايلاند (٤ مليون) أو مسلمي الفيليبين في الجنوب (٥ مليون) ولكن تتفاوت هذه السياسة بين الشدة واللين تبعاً للظروف المختلفة التي يمر بها البلد ومدى علاقته بالدول الإسلامية والعربية سلباً أو إيجاباً ومدى تسرب أخباره إلى الخارج ووجود أو عدم وجود موافقة ولو ضمنية من الدول الكبرى والمنظمات الدولية. فبينما تثير الولايات المتحدة - تساندها أوروبا أو العالم الحر أو الأمم المتحدة - حمة إعلامية من أجل شخص في الاتحاد السوفياتي (السابق) بحجة خرق حقوق الإنسان تسكت عن جرائم كبرى ترتكب بحق شعوب المسلمين المختلفة في الأقطار السوفياتية أو الأخرى التي ذكرناها. ونجدها مثلا تُعين سلطات الفيلبين على حصار المسلمين في مورو كما نجدها أيضاً تساعد سلطات تايلاند لإخماد الثورة الفطامية. وتسكت عن اضطهاد هيلا سيلاسي لمسلمي الحبشة بل تمنحه مع المجموعة الدولية السلطان على أرتيريا، في حين نرى التشويش الإعلامي يبلغ مداه على أوغندا المسلمة فَتَشُنُّ الدول الكبرى حرباً ضروساً ضد الحكم لاستبداله بحكم نصراني. وتساعد إسرائيل في مد سلطانها على الأرض المحتلة بعد تشريد شعب بكامله!! ومن العودة إلى مفهوم هذه السياسة ضد المسلمين نجدها ترتكز على :-
1- الحد من الحرية الدينية والشخصية والاجتماعية : سواء أُغلقت المساجد أو فُتحت المعاهد الدينية أو منعت أو أجيزت عض التقاليد والآداب الإسلامية. فإن ستار القوانين والأنظمة التي يمكن أن تصدرها السلطات الحاكمة في غياب الإدارة الإسلامية أو ضمن سياسة إبعاد أو ابتعاد ممثلي المسلمين بعيداً عن الحكم أو في تطويع أمثال هؤلاء صالح السلطات الحاكمة، فإن ستار القوانين كفيل بتحقيق المزيد من تدمير المواصفات الأساسية للمسلم أو جره - ترهيباً أو ترغيباً - إلى الابتعاد عن الجوهر الديني. وبهذا الستار القانوني تلوذ السلطات الرسمية وتحته تختبىء وتعمي مخططاتها في التذويب وتضييع القيمة الوجودية للمسلم وتغييب المعاني الصحيحة للحرية الدينية والاجتماعية. وفي بعض الأحيان لا تظهر النتائج العميقة لتلك القوانين إلا بعد فترة وعلى امتداد فترات أخرى من الزمن . ففي لبنان مثلا حيث توجد المحاكم الشرعية ويُعترف دستورياً بالأحوال الشخصية للطوائف، تصدر القوانين لتسلب المسلمين بعضاً من هذه الحقوق فمثلا الحكم الذي تصدره المحاكم الشرعية في قضايا النسب لا ينفذ في دوائرٍ النفوس والإحصاء إلا بعد أن يصدر قاضي الأحوال الشخصية المدني حكما آخرا بالتسجيل. كما أن قوانين العمل والموظفين تَسلبُ بطريقة واضحة حق المسلمين في الإرث على الطريقة الإسلامية فتوزع تعويضات الموظف بعد الوفاة أو رواتبه التقاعدية وفق نسب مختلفة كلياً عن الإرث الإسلامي. وصحيح أن التعليم الديني مباح إلا أن لوائح وزارة التربية وأنظمتها بحصرها له في ساعة أسبوعية وبإسقاطه من الامتحانات وعدم تكفل الوزارة بأمور المعلمين جعل من هذا التعليم هامشياً لا تأثير له. كما أن تأدية الصلاة وإن كانت مباحة والشعائر الدينية محمية قانوناً إلا أن أنظمة الوزارة تجيز العمل يوم الجمعة وإعطاء الدروس حتى في وقت الصلاة وتتعمد بعض الإدارات الجامعية والثانوية وضع أهم المواد العلمية يوم الجمعة وقت الصلاة كمحاولة لمنع الطلاب من تأديتها. أضف إلى ذلك أن بعض المباريات لاختيار الموظفين تجري في الغالب أيام الجمع، وكل ذلك وسواه لا تظهر آثاره السيئة إلا بعد حين من الزمن . هذا في بلد عربي عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي فكيف بدول العالم الأخرى التي لا رباط بينها وبين هذه المنظمات بل هناك روابط أخرى في مفاهيم إيديولوجية تتناقض أساساً مع الإسلام سعى ضمنها لتذويب الوجود الإسلامي وفق مخططات مكشوفة أو مستترة. ففي الهند مثلا وإن كان تعدد الزوجات لا منع له في نص تشريعي إلا أن من كان له أكثر من زوجة يحرم من الوظيفة الرسمية. وفي البانيا قرر الحزب الاشتراكي - أيام حكمه قبل تخلص ألبانيا من حكم الشيوعيين - تزويج المسلمة من نصراني ومنع الحجاب وكذا فعل هيلاسيلاسي إمبراطور الحبشة وجعل زواجها من وثني كذلك مشروعاً وواجباً. وكما تحاول الهند فرض تغيير أسماء الأطفال إلى أسماء هندية غير إسلامية كشرط لتسجيلهم في الدوائر الرسمية فإن بلغاريا اتبعت سياسة تغيير الاسم وإعادة توزيع السكان وتهجير المسلمين من مناطقهم ومنعت النحر في الأضحى كما فعلت ألبانيا الشعبية فضلا عن الذبح الشرعي(١) إن لم نقل الإلزاميات الإسلامية في الأمور الاجتماعية، فإن المخطط واضح عند فرض التجنيد الإجباري وبخاصة على الفتيات، ومنهن طبعا الفتيات المسلمات وضمهن إلى معسكرات الشباب بغية إيجاد الشروخ الأخلاقية والتحلل الديني، فضلا عن فرض ثقافة اجتماعية أو ما يسمى بالمفاهيم الوطنية في أجواء عسكرية صارمة لا تقبل الجدل ولا النقاش . وإن سكتت بعض الدول التي فيها أقليات أو أكثريات إسلامية عن زيجات المسلمين على الطريقة الإسلامية إلا أن التسجيل الرسمي لا يكون وفقاً للإجراءات القانونية حيث يكون العاقد في الغالب غير مسلم! فهذه كلها وكما الزواج الطلاق وسائر القضايا المرتبطة بالعائلة من إرث ووصية ووصاية. تتم وفقاً للنموذج القانوني لا الشرعي . ويمارسٍ القضاة الشرعيون في الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً القضاء الديني لا القضاء الرسمي فتكون أحكامهم فتاوى غير أن الطلاق وسائر الأمور لا تكون إلا بقرار مدني من السلطة القضائية الرسمية وكذا الأمر في الجاليات والأقليات الإسلامية في مختلف دول العالم. حتى الاسم الشخصي للفرد المسلم كان للسلطات الرسمية موقف منه!!! ولم تتورع بلغاريا قبل سقوط الشيوعية فيها مؤخراً، من فرض تغيير أسماء المسلمين إلى أسماء بلغارية إلا بقوة القانون وقوة العسكر والاعتقال بآن واحد .
٢ - استيعاب الإدارات الدينية والجمعيات : وقد نجد بلاد الأكثريات الإسلامية المضمومة قهراً إلى اتحاد أو البلاد التي فيها أقليات إسلامية، أن حكومات تلك البلاد لا تستطيع إقامة إدارات دينية إسلامية أو مفتين أو شيوخ كبار أو إنشاء جمعيات اجتماعية أو دينية بسبب أن القوانين العامة تجيز إنشاء مثل هذه الجمعيات أو المراكز بشكل عام ، فلا يمكن إجازتها للآخرين وحرمان المسلمين الأقليات منها. أن وجود مثل هذه المراكز والجمعيات أو الإدارات يفيدها، فهو يشكل غطاء لتصرفاتها الأخرى في تذويب الوجود الإسلامي أو تفكيكه، أو يسمح لها بمراقبة الأنشطة والفاعلين والقيادات مما يجعلهم بشكل أو بآخر تحت سلطاتها فضلا عن أن مثل هذه الأنشطة المعلنة الرسمية قد يحول دون إنشاء خلايا سرية. وقد تعمد الحكومات إلى اعتبار هذه الإدارات أو الجمعيات ممثلا وحيداً للمسلمين بحيث تمنع أية أنشطة أخرى خارج هذه الجمعية أو الإدارة. وقد نعين بعض الحكومات أعضاء هذه الجمعيات أو تتدخل في انتخاب مجالسهم لما يجعل بعض الجمعيات تدور على محور السلطة وتصبح جهازاً للدعاية لصلحة السلطة مشيدة بالحرية الدينية الممنوحة للمسلمين في بعض الجوانب مما يوحي بالحرية الدينية على عمومها. غير أنه لا بد من الإشارة إلى أن بعض الجمعيات تتمكن من الإفادة من الحرية الممنوحة لها ضمن القوانين، فتقوم بأعمال جليلة في خدمة المسلمين والحفاظ على وجودهم وتطويره وفي ممارسة الدعوة إلى اللّٰه في صفوف الآخرين وتنشئ المعاهد العلمية والشرعية والأدبية بالجهاد المخلص والتضحية الواجبة . ٣- طمس اللغات القومية ومحاربة العربية لغة وحرفاً: ضمن المجموعات السكانية الكبرى التي تؤلف دولة اتحادية واحدة بل على العكس من ذلك تحاول أن تعترف بالقوميات ولغاتها في الوقت الذي نعمل على تذويب تلك القوميات في مخطط طويل الأمد والنفس عن طريق إضعاف اللغات المحلية القومية بتعليم اللغة التي اختارتها الدولة المركزية أو التي أرادت فرضها. وكثيراً ما حاولت إلغاء اللغات القومية بحجة تطويرها فتمنع كتابتها بالأحرف العربية مثلا وتفرض كتابتها بأحرف اللغة المركزية أو الأحرف اللاتينية، وذلك في محاولة أولى منها لقطع حاضر الأقليات بماضيها الثقافي والديني. وهكذا وجدنا الروسيا تمنع مسلمي جمهورية شاشان - أنجوشا المتحدة مع الروسيا (٧٤ بالمئة من الجمهورية مسلمون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وتفرض الروسية على سائر القوميات(١)كما وجدنا الصين تمنع أبناء القومية الويغور (٨ مليون) من كتابة لغتهم بالأحرف العربية وألزمت المسلمين جميعاً باللغة الصينية. وفي الهند أيضاً يُطلب من المسلمين كتابة اللغة العربية وهي لغة المسلمين الأولى بالأحرف اللاتينية وتمنع تدريسها في معظم المدارس حيث تولي الحكومة المركزية اهتمامها بتدريس الهندية والإنكليزية وتعتبر اللغة الهندوكية لغة الوظيفة الرسمية(٢) وكذلك الأمر في تايلاند حيث أصرت الحكومة على السيطرة على التعليم في فطاني وعلى نشر اللغة السيامية بدلاً من اللغة الماوية لغة أهل فطاني وكانوا يكتبونها بالأحرف العربية - واشترطت الإلمام باللغة التايلاندية للحصول على الوظائف الحكومية!. غير أن رفض المسلمين عموماً ترك لغاتهم القومية والإصرار على التمسك بها وتداولها واعتبارها رسمية في مقاطعات الحكم الذاتي ساعد كثيراً على حفظ وجودهم وعدم الذوبان في المجتمع الأكثري المفروض، مما أربك السلطات المركزية التي لا تزال تصر على الاستيعاب العام ضمن فرض اللغة الواحدة!!! ٤ - التغيير الديمقراطي والتهجير والتوطين : نعتمد الدول سياسة تعسفية ضد السكان المسلمين سواء شكلوا أقليات أو أكثريات في مناطقهم أو في أقاليم تلك الدولة. وذلك بالتغيير السكاني لإقليم أو مجموعة أقاليم ولو أدى هذا إلى ضرب شعب من الشعوب وتشتيته في مختلف أنحاء الدولة. وقد اعتمدت هذه السياسة التعسفية - روسيا فنقلت شعوباً عديدة، وأسكنت بعضهم في سيبيريا ثم اضطرت لنقلهم من جديد إلى مواطنهم. كما نقلت سكان القرم بعد الحرب الثانية إلى مجاهل سيبيريا وسواها من الجمهوريات السوفياتية، وأسكنت القرم الروس أو سكان بعض الجمهوريات السوفياتية من غير المسلمين. كذلك فعلت الصين وتايلاند وبلغاريا فنقلت مجموعات من سكانها وأسكنتهم في مناطق المسلمين في تلك الدول. وهكذا غدت مجموعات كبيرة روسية متواجدة في الجمهوريات الوسطى وسائر الجمهوريات ذات الحكم الذاتي في الإتحاد السوفياتي وفي الصين وفي تايلاند وفي بلغاريا، حيث لا يزال العمل في السيطرة الديمغرافية جارياً حتى يومنا هذا وبخاصة في بلغاريا وتايلاند وفطاني. فيجري في بلغاريا نقل الشباب والفتيات وعزلهم عن أسرهم وتوزيعهم على مختلف المقاطعات. وهناك أسر لا تعرف عن مصير أبنائها شيئا (١) وقد اتبعت الحبشة في السياسة عندما أرادت أن تقيم حواجز مانعة بين أرتيريا التي تخوض حرباً مستمرة ضد السلطة الأثيوبية وبين الداخل الأثيوبي فأرادت تغيير ديمغرافية المناطق الإسلامية حول أرتيريا مستفيدة من أجواء المجاعة التي سيطرت هناك مانحة أرض المسلمين إلى مجموعات حبشية نصرانية أو بوذية بينها وزعت المسلمين في مناطق مختلفة!!. وكذا القول بما تفعله إسرائيل من زرع المستوطنات في الضفة والقطاع المحتلين، للمهاجرين الجدد إليها من الاتحاد السوفياتي السابق أو من الحبشة من جميل الملاحظات أن الإسلام انتشر في كثير من أقاليم الدنيا دون فتح عسكري ودون بعثات دعوية وبواسطة أفراد وتجار قلائل. وبينما كانت ديار الإسلام في بلاد الشام ومصر تتعرض لأشد أنواع الهجوم الصليبي فإن الإسلام كان يدق أبواب أقاصي آسيا وأفريقيا السوداء على سواحلها الشرقية والغربية وأوسطها وجزرها!! ونجد حادثة ملك يوغنده مويتا في أفريقيا جديرة بالتأمل، فقد طلب من الخديوي إسماعيل حاكم مصر (أعوام ١٨٨٢/١٨٦٥) أن يبسط نفوذه على أرضه وأن يبعث بإثنين من العلماء، وقد أرسل الخديوي بعض الدعاة وكان لهم أثر محمود في نشر الإسلام غير أن لعبة الأمم بين فرنسا وإنكلترا جعلت الخديوي يرتكب خطأ كبيراً (فيعهد إلى ضابط إنكليزي لتحقيق سياسته في ضم أوغنده ليوازن بالنفوذ الإنكليزي ما للفرنسيين من نفوذ بعد فتح قناة السويس ١)(١٨٧٠) . وبعدها حادثة أخرى في عهد السلطان عبدالحميد (١٩٠٨ - ١٨٧٦) إذ أرسل إليه إمبراطور اليابان يطلب إرسال دعاة مسلمين لإبلاغه (والشعب الياباني دعوة الإسلام فاستدعى السلطان عبدالحميد جمال الدين الأفغاني واستشاره في الأمر فقال جمال الدين: يا حضرة السلطان إنك لو بعثت إليهم علماء من الطراز الموجود في السلطنة حالياً لنفّروا اليابانيين من الإسلام والرأي أن تدرب جماعة من العلماء على الدعوة في مثل هذه البلاد ثم تبعث بهم فامتنع السلطان وأرسل بردٍ ودي على إمبراطور اليابان مصحوباً بهدية ووعد بتلبية رغبة الإمبراطور (٢) . ولا ريب أن الخديوي والسلطان والأفغاني قد أخطأوا!! فبينما انتشر الإسلام رغم صعوبات أوجدها الإنكليز في أوغندا نظراً لوجود مسلمين ودعاة قلائل بين الأوغنديين، نجد أن اليابان أوصدت أبوابها فيما بعد، الأفغاني ألغتها الأحداث فلم يُصَنّع العلماء على ما يجب. كما أنه من غير المعقول أن لا يكون في السلطنة العثمانية يومئذ من هو أهل للدعوة ويلم بعض اللغات التي يمكن أن يخاطب بها اليابانيين. ومع هذا ففي القرن العشرين دق الإسلام من جديد أبواب اليابان ودخل في دين اللّٰه عشرة آلاف ياباني دفعة واحدة فأقاموا مسجداً ومركزاً إسلامياً وجمعية ولا بد لهذا الدين أن بنتشر هناك!! وفي المقابل نجد في القرن العشرين حادثة أخرى. هي أن ملك الحبشة ليج أياسو (١٩١٦/١٩١٣) أعلن إسلامه وسط الحرب الأولى ١٩١٦ ووضع عبارة لا إله إلا اللّٰه على علم بلاده وتزي بالزي الإسلامي وأوقف اضطهاد المسلمين وأعلن أيضا تبعية بلاده للسلطان العثماني في الشؤون الدينية غير أن (اللعبة الأممية) عبر دول أوروبا وتحرك الأقباط في مصر والحبشة، خاصة بعد أن وصل عرشها هيلا سيلاسي . أسقطا تجربة أياسو فاضطهد المسلمون بعده أيما اضطهاد!! وأيضاً وفي عام ١٩٧٣ أسلم ألبرت بونجو رئيس جمهورية الغابون في أفريقيا وتسمى باسم عمر وأسلمت معه أسرته وقبيلته وعدد من المسؤولين. وقبل هذين عيدي أمين في أوغندا فقد أسلم وانتحى ببلاده الوجهة العربية الإسلامية وبخاصة على الصعد العامة وقضية فلسطين إلا أنه أخطأ في تصريف شؤون البلاد، كما أن طغيانه في بعض الأحيان وسذاجته في الفعل وردة الفعل وكثرة المؤامرات الأجنبية من البلدان المجاورة والصهيونية والقوى العالمية كل ذلك عجل في إسقاطه ووضع حد لظاهرته وتعاطفه الإسلاميين غير البصيرين!! وملاحظة أخرى نتوقف عندها إذ أن الأقليات الإسلامية المنتشرة في أنحاء العالم كثيراً ما تتأثر بأحداث العالم الإسلامي وقضاياه وتترك هذه الأحداث بصماتها على الجاليات والأقليات جماعات وأفراداً . وقد تكون الأحداث سلبية عليهم فتضعف من وجودهم وتسلمهم إلى مصير مجهول. وقد تكون إيجابية فتدفعهم خطوات إلى الأمام. وسطهم خلافات دول العالم الإسلامي ووجهات نظرها السياسية المتعاكسة. فيتعاكس أبناء الجاليات ويختلفون . عندما وهنت الأمبراطورية العثمانية اضطرت أن تسلم للروس مناطق إسلامية فضُمت إلى الأمبراطورية الروسية خاصة في مؤتمر برلين ١٨٧٨ مع أن المسلمين هناك كانوا يرفضون استقلالهم عن السلطنة . ثم على الزمن أخضعهم الروس وهجّروا أبناءهم وحملوهم إلى سيبيريا وسواها من الأقاليم البعيدة. وأحداث لبنان اليوم بحربه المستمرة منذ عام ١٩٧٥ ، والتي اقتصر فسيرها في الخارج على أنها اقتتال مستمر ودائم بين المسلمين والنصارى، تركت بصماتها على حكومات بعض الدول التي فيها أقلية إسلامية وراحت تراقب تحرك هذه الأقليات وأي دعم قد يتلقونه من المنظمات الإسلامية العالمية حجة أن هذا الدعم قد يكون له خلفيات سياسية بتحريك المسلمين ضد حكوماتهم وهذا ما أفضى به إليّ مدير الشؤون القارية في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الأستاذ محمود الحافظ. وصراع أنظمة الحكم في البلاد العربية انتقلت في كثير من سلبياتها إلى الجاليات العربية في بلاد المغتربات، وأذكر على سبيل المثال أوستراليا حيث يجري الصراع مكشوفاً بين أبناء الجالية الواحدة. فهذه الجمعية تدعمها جهة عربية وتلك تدعمها دولة أخرى مضادة وهذه تشتري مركزاً ثقافياً لجمعية فترد عليها الأخرى بمحاولة بناء مركز ثان وهكذا . وفي المقابل فإن تقارب العالم العربي من السوفييت، ودعم الإتحاد السوفياتي لقضايا العرب، وعلى الأخص المسألة الفلسطينية - بقطع النظر عن مدى صدق هذا الدعم وتداخله في لعبة الأمم - فإن هذا الأمر جعل السوفييت مضطرين لتخفيف الوطأة الاضطهادية ضد مسلمي السوفييت وحملهم أيضاً على إقامة مؤتمرات في الجمهوريات الإسلامية لدعم القضايا العربية. إذ أقام مكتب العلاقات الخارجية للمنظمات الإسلامية بالإتحاد السوفياتي، كما يقول عبدالله وهابوف أحد أبرز موظفي هذا مؤتمر طشقند تحت شعار (في سبيل وحدة المسلمين في النضال من أجل السلام وضد العدوان الأمبريالي) الذي جرى عام ١٩٧٠ كما ساهم مساهمة فعالة في التحضير لمؤتمر إسلامي آخر في طشقند عام ١٩٧٣ تحت شعار (تأييد نضال الشعوب العربية العادل)(١) . إن التطورات المختلفة في العالم ألزم الصين على توفير قدر من الحرية الدينية والاجتماعية والثقافية لمسلمي تركستان الشرقية بهدف صرف انتباه المسلمين إلى ممارسة نشاطاتهم التي منعت عنهم خلال العنف الشيوعي، كما حرصت الصين على تحسين العلاقات الدولية والاتصالات الرسمية في دول العالم وبالأخص الإسلامية، وتشجيع الصلات الرسمية مع الهيئات الإسلامية المحلية تحت مراقبة الدولة والحزب لإيهام الرأي العام العالمي والإسلامي بتوفير الحريات والحقوق للأفراد مسلمين وقوميات وطوائف(٢) إن استقراء واقع الأقليات والجاليات الذين يتجاوزن الثلاثماية مليون سلم يشعر بمدى المسؤولية الشرعية والتاريخية إزاء هؤلاء الذين يعانون الصعوبات أقلها التضييق والتذويب وآخرها القتل والتدمير. ولنا أن نتصور إيمان هؤلاء وهم يتشبثون بالإسلام وغالبيتهم لا عرفون العربية ولا يتمكنون من فهم القرآن ولا قراءة كتب الفقه إلا ما ترجم إلى لغاتهم حيث يعانون من جديد من محاولات قطعهم عن لغاتهم كطريق وحيد لقطعهم عن تراثهم وثقافتهم . إن حالة الجهل بالإسلام سيطر على معظم المسلمين وبخاصة في عالم المغتربات أو في عالم الأقليات. ومن المفارقات أن هذا الجهل لم يقطع هؤلاء عن أمر توارثوه وهو أنهم مسلمون وكفى. فلو أنهم اختتنوا فذلك شعار الإسلام أو امتنعوا عن أكل الخنزير فهم إذن مسلمون، ولو كانوا - في واقعهم - يمارسون الإلحاد على مستوى الحزب الشيوعي؟ ثم أليسوا يَدفنون في مقابر المسلمين إن كانت لهم مقابر في تلك الأمصار؟!! أليسوا إذن مسلمين؟! وهذه الحال تتفاوت من قطر إلى سر ومن دولة إلى أخرى حسب طبيعة النظام وإغراءات السلطة في استيعاب المسلمين أو ابقائهم عنصراً من عناصر الوطن . ولكن ماذا عن العالم الإسلامي وواجباته إزاء هؤلاء؟ لا ريب أن العالم الإسلامي الذي بدأ ينهض من الكبوة الكبرى التي أصابته بإلغاء الخلافة في استنبول واحتلال أجزاء كثيرة من بلاده ثم احتلال فلسطين وأخيراً احتلال أفغانستان وما بين ذلك من حرب لبنان المستمرة والحرب الإيرانية العراقية(١) والأحداث الكبيرة التي تقع هنا وهناك فضلاً عن مخططات البعثات التبشيرية ومحاولات الدول الكبرى في فرض نفوذ أو استيعاب سياسات دول العالم الإسلامي، كل ذلك يؤثر سلباً على جهود هذا العالم في الاضطلاع بمسؤولياته الضخمة إزاء العالم الاغترابي أو عالم الأقليات. غير أن هذا الوضع الشاذ والخطير لا يرفع الملام عن المسلمين في العالم الإسلامي، خاصة وأن الصحوة الإسلامية تشق طريقها وسط جميع الصعوبات، سواء في هذا العالم أو بين الأقليات وحتى بين عالم غير المسلمين. إذ أن أفلاس الفلسفات القديمة والمعاصرة وعجزها عن حل مشكلة الإنسان تدفع هذا الإنسان الحائر المعذب إلى عقيدة تجمع بين الأمن والاطمئنان والتعامل النفسي والبشري والتطلع نحو مستقبل راشد للإنسانية. فيجد هؤلاء ضالتهم في الإسلام الذي لم يتوقف انتشاره طيلة القرون الخمسة عشر حتى هذا القرن . أليس من الجميل أن يسلم الفيلسوف الماركسي الفرنسي بيار جارودي منذ أعوام؟ وينقلب إلى مدافع عن الإسلام ومبشر له، وأن يسلم المغني البريطاني كات ستيفنز والذي تسمى باسم يوسف إسلام مطالباً بحقوق المسلمين بإنكلترا، ويسلم رئيس جمهورية (الغابون) ويسلم عشرة آلاف ياباني دفعة واحدة، ويسلم مؤخرا وفي صيف ١٩٨٥ سكان قرية هندية بكاملها وتعدادها ٢٢ ألف مسلم جديد (١) . فضلا عن ألوف تسلم هنا وهناك في كل قارة وفي كل دولة وإقليم . إن ترشيد هذه الصحوة والاهتمام بأمر المسلمين في قارات الدنيا واجب إسلامي كبير وقضية إسلامية رفيعة المستوى ومهما تكن الأمور والصعوبات فلا بد من وضع خطط وبذل جهود لتأمين الحدود الدنيا للقيام بالواجب المفروض. إن نظرة متفحصة لخريطة انتشار الإسلام في العالم ترينا ما يملك العالم الإسلامي من شبكة كبيرة من المسلمين. ونتساءل لو أحسن ترشيد هؤلاء وتوعيتهم وتوجيههم ألا يكونون ألسنة قويّة وقوة مدافعة عن حقوق العالم الإسلامي نفسه وعن قضاياه!؟. ثم أليست الدول اليوم تتعامل وفق مصالحها وتهتم بأمورها واقتصادها اليس بالإمكان توظيف سياسة الترهيب والترغيب الاقتصادية لدعم أقلية أو حمايتها!؟ ثم أليست لدينا وسائل كثيرة في ابتعاث البعثات، وفي استخدام الإعلام وفي استقبال أبناء الأقليات وفي تنظيم دور العلم ووضع المناهج والبرامج لهم ولنا بحيث ندرك أن هذه الخطط، سوف تحدث تغييراً ملحوظاً في قدرة الأقليات الإسلامية وحمايتها!؟ وإن كان يصعب ذلك على الدول الإسلامية أو على بعضها أن تأخذ المبادرة، أفلا يمكن أن يكون موضوع الأقليات الإسلامية على جدول أعمال مؤتمرات القمة الإسلامية فتصدر بياناً أو تأخذ موقفاً قد يكون من شأنه تطوير الأمور على صعيد الأقليات فتقلع بعض الدول عن ممارسة العنف أو تحاول تحسين الصورة . صحيح أن مؤتمرات القمة ليس لها سلطان تنفيذي إزاء الدول الأخرى، إلا أن معالجة الأمر من قبلها، يوفر ثقلاً معنوياً خاصة في عالم سيطرت عليه أجهزة الإعلام، مما يساعد على طرح مشاكل بعض الأقليات بصوت عال ومسموع(١) . فلا يعقل أن يقف مسلمو العالم الإسلامي مكتوفي الأيدي أمام مشاهد تمزيق المسلمين في سيريلانكا أو قتل مئات المسلمين في الهند من أجل بقرة، أو الالتفاف على ثورة المورو في الجنوب، أو القضاء على ثورتي فطامي وأرتيريا. ولا ينكرون المنكر ولو باللسان والكلام وذلك أضعف الإيمان ولا يمكن أن يرد على ذلك بأن مثل هذا الأمر قد يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، مما قد يثير أزمات دبلوماسية واحتجاجات . لا ريب أن مثل هذا الأمر قد يحصل وقد تحاول تلك الدول أن تتستر وهي التي تظلم رعاياها المسلمين بمثل هذه الحجج وهي إحدى الذرائع الهامة التي يتمسك بها من يريد أن يخفي جريمته، أن نثير العواطف على خطط حماية الأقليات المسلمة وتطويرها، ولا نريد أن نورط دولنا في العالم الإسلامي بمشكلات قد تشعر أنها في غنى عنها. ولكن الذي نريده في المراحل الأولى على الأقل فتح الجسور بين عالمنا ودولنا من جهة وبين المسلمين، رعايا الدول ذات الأكثرية غير الإسلامية، والانفتاح ما أمكن ذلك بين دولنا في العالم وبين دول تلك الأكثريات، انفتاح تعاون وصداقة ضمن حقوق الدول وسيادتها وضمن شرائع حقوق الإنسان، وبمنطق مصالح الدول المختلفة. فنحن لا نريد أن نثير في الدول اضطرابات، إنما نريد أن نحفظ على الأقليات دينها ومعتقدها الإسلامي، وأن يسمح لها بالحج وتأدية المناسك والحد الأعلى من الأحوال الشخصية الذاتية، وأن يسمح لها بتعلم الإسلام كما أنزله اللّٰه . كل ذلك خطوات على الطريق الطويل . ولا ريب أن اهتمام المنظمات الإسلامية العالمية بإخوانهم الأقليات أمر مهم لافت للنظر، ومؤتمر الأقليات في الندوة العالمية للشباب الإسلامي صورة من هذه الصور. كما أن اهتمام رابطة العالم الإسلامي لا يناقش فيه إنسان، حسبها أنها أنشأت دوائر للاهتمام بهم ومد جمعياتهم بالخير والمال والبعثات، توازيها في الطرف الآخر الهيئة الخيرية العالمية والجمعيات الإسلامية في الكويت . ومن أجل هذا دَعَوْنا إلى إنشاء مجلس عالمي للجاليات والأقليات الإسلامية في العالم يوم أن كنت في زيارة الجالية الإسلامية في سدني بأوستراليا(١) وقد كتبت - يومها - بعض. الحيثيات والمبررات لكن ما أثبَتُه من صفحات في هذا الكتاب يشكل بلا ريب أحد أبرز الخلفيات في وجوب إنشاء هذا المجلس العتيد. ولا يهمني كيف يأتي هذا المجلس العالمي بالشكل البسيط الذي اقترحته أو بشكل أكثر شمولاً وإيجابية فالمهم أن يُنشأ وأن تُعطى له قدرات الدرس والتقرير والمساعدة والحركة الدائمة الدائبة وأن تكون له قيادة أمينة ومخلصة فذاك طريق النجاح وشرفه . الأقليات في عالم الأكثريات غير المسلمة، صمدوا ضد كل محاولات التذويب والتنصير والتهويد والترويس والتصيين والفلبنة والتحبيش والهندكة والتبويذ وسوى ذلك من محاولات الشيطنة في عالم الإنس وعلى امتداد دهور وقرون كما أن الجاليات الجديدة التي تنشأ هنا وهناك في العالم تحمل مشاكلها وهمومها وتلقي بها في أرجاء العالم الإسلامي، طالبة العون لتصمد أجيالهم الصاعدة ويسلموا من مخاطر المجتمعات الجديدة. ومن أكبر التحديات التي قُذِفت في وجه العالم الإسلامي، حكومات ومنظمات وجمعيات، انهيار الشيوعية وزوال الاتحاد السوفياتي واستقلال دول إسلامية في آسيا الوسطى حيث كانت تشكل أكثريات - أقليات - في الاتحاد السوفياتي السابق، الذين عاشوا سبعين سنة أو أكثر تحت الاحتلال. السوفياتي وصمدوا في وجه أخطر عملية تذويب وغسل للأدمغة، تراهم اليوم حاجة ماسة إلى الدعوة الصادقة إلى اللّٰه وإلى المساعدة على كل صعيد. كما أن أقليات مسلمة لا تزال تعيش في وسط غير إسلامي في جمهوريات أخرى في الاتحاد السوفياتي السابق، من تحرك الحركات المشبوهة كالقاديانية والبهائية وسواهما لنشر الدعاة في الوسط المسلم بهدف تحريف المسلمين عن الفهم السليم له(١) أو قيام مجموعات قومية تبطن الإلحاد تحول دون تفتح الشعوب على الإسلام الصحيح. كما يخشى من قيام محاولات مشبوهة من قوى الغرب ومنه أمريكا، لإطلاق مفاهيم ممسوخة ومشوهة عن الإسلام لإغراق شعوب تلك الدول والأقليات بشبهات وارتجاج. وكل ذلك وسواه يستدعي إعلان حالة من الطوارىء في صفوف المنظهات الإسلامية العالمية والدول الإسلامية الغنية لبذل كل شيء من أجل إنقاذ هؤلاء المسلمين، الذين تحولوا إلى دول مستقلة، أو لا يزالون أقليات في دول تدعي أنها تحترم الأديان وحريات الاعتقاد . يمكن أن تشكل تثقيفاً إسلامياً طيباً وتحويلًا في مسار حياتهم كما تشكل دعوة لغير المسلمين إلى الإسلام . وثقافية وفكرية وتاريخية وعلمية. حن في بلادنا العربية تُوجه إلينا إذاعات بالعربية من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وتل أبيب، ولا يشكل ذلك إحراجاً ولا إشكالاً. حتى أن إرساليات تبشيرية تمتلك إذاعات توجهها إلى أفريقيا وإلى لبنان والعرب كما هو شأن إذاعة صوت الأمل التي تملكها إرسالية إنجيلية أميركية وتبث عليها عصابات لبنانية مسيحية متعاملة مع إسرائيل. فضلا عن إذاعة مسيحية تبث من السودان. لقد كان لبعض الإذاعات العربية والإسلامية تأثير طيب في نفس مسلمي أواسط آسيا وفي الإتحاد السوفياتي الذين قد يتمكنون من التقاطها. لكن هذه الإذاعات لا يسمعها إلا من فهم العربية، مع أن القرآن يسمعه المسلم فيفهمه قلبه لا بلسانه فكيف لو وجهت إذاعة بلغاتهم تترجم معاني القرآن وتسمعهم صوت الحق وتاريخ الإسلام،
شكل المسلمون بالحبشة نسبة 75 % من مجموع السكان، بينما النصارى الحاكمون يمثلون 20 % من السكان (1).
لقد واجه الإسلام والمسلمون الحروب في الحبشة على مدى خمسة قرون، منذ عصور الاستعمار الصليبي المتمثل في البرتغال، ثم فرنسا، ثم إيطاليا، ثم إنجلترا، مرورًا بعهد القيصر هيلاسلاسي (1930 م - 1974 م) المسيحي اليهودي.
فكان أن مكن لليهود للسيطرة على شئون البلاد العسكرية والاقتصادية
والتعليمية، فضلًا عن معاونته للصهيونية، كما فعل على أثر العدوان الثلاثي إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام (1956 م)، حيث أرسل معونات مادية.
وعندما زار هيلاسلاسي أمريكا عام (1960 م)؛ لحضور جلسات هيئة الأمم المتحدة، سأله الصحفيون عن وضع المسلمين في أثيوبيا، فرد قائلًا:"إن المسلمين في أثيوبيا قلة دخلت الإسلام عن طريق التجار العرب، وقريبًا سيعودون إلى دين آبائهم وأجدادهم، ونحن لن نسمح بأن يكون في أثيوبيا دينان"(1).
وكانت خطته لإبادة المسلمين والقضاء على وجود الإسلام هناك تتركز على (2): حرمان المسلمين من التعليم وتلقي الثقافة الإسلامية، ومصادرة أملاكهم بهدف إفقارهم، وتنصير أبناء المسلمين بالقوة، والفتك بالمسلمين وقتلهم بحجة العصيان ضد الدولة، وابتلاع معاقل الإسلام المحيطة بالحبشة لسد الطريق أمام أية عملية لإنقاذ مسلمي الحبشة، وحرمان المسلمين من الاتصال الخارجي، وحرمانهم من وظائف الدولة، وفرض الضرائب الباهظة عليهم، والتي يطلق عليها ضريبة الكنائس.
ثم تولى الحكم منجستو هيلا مريام عام (1974 م)، ولم يختلف كثيرًا عن سابقه في المبدأ والهدف من سياسته إزاء المواطنين المسلمين، والفرق هو: أن هيلاسلاسي كان يعمل من منطلق العقيدة الصليبية مع ميوله اليهودية، أما منجستو فيعمل من منطلق المصالح الحيوية، وهي الاستقرار من ناحية، والمفهوم أن وجود الإسلام يهدد الاستقرار، ومن ناحية أخرى إرضاء روسيا وأمريكا معًا، علمًا بأن منجستو ذو ميول شيوعية.
ولقد أفرخت محنة الأكثرية في الحبشة مأساتين مؤلمتين هما: مأساة أرتريا -أرض
( 2) الهجرة الأولى-، ومأساة أوجادين الصومالية الإسلامية، ولم يكتف حكام الحبشة بهاتين المأساتين، بل مضوا في إحداث المشاكل مع الدولة المسلمة المجاورة عن طريق المتمردين كما حدث للسودان الجنوبية.
مأساة ألبانيا:
يمثل المسلمون في ألبانيا أكثر من 70 % من مجموع السكان، في حين أن الأقلية الحاكمة لا تزيد عن 20 % من السكان.
انتهى نفوذ الخلافة العثمانية في ألبانيا سنة (1327 هـ - 1917 م)، وانتخب أحمد زوغو رئيسًا لها وقد أعلن عن نفسه ملكًا لألبانيا عام (1347 هـ)، وكان ملكًا سيئًا حاول مسايرة الدول الأوروبية وطمس التقاليد الإسلامية، وفي الحرب العالمية الثانية سقط هذا الملك واحتلت إيطاليا ألبانيا، وبعد انتهاء الحرب أجريت الانتخابات المزيفة لاختيار حاكم البلاد، وفيها فاز الشيوعيون الذين تمكنوا من السيطرة على مقاليد البلاد منذ عام (1944 م)(1).
في البداية -كما هو المعتاد- لم يظهر الشيوعيون نواياهم الخبيثة ضد المواطنين من أتباع الأديان، وهم المسلمون والمسيحيون، ولكن سرعان ما بدءوا التخطيط المنظم والضغط التدريجي، فأغلقوا المدارس الإسلامية بالتدريج، وحوَّلوا المساجد إلى مناطق سياحية ومنعوا المسلمين من دخولها لإقامة الشعائر بها، كذلك الأمر بالنسبة للكنائس.
وحاصرت الحكومة علماء الدين، وراح المدرسون الحكوميون يهاجمون فكرة الدين وينفثون في نفوس الأطفال روح الإلحاد والشيوعية، ويضطهدون أي طالب يصلي أو يصوم، كما جرت تصفيات واسعة النطاق للمسلمين في الوظائف العامة والجيش.
وبعد إصدار الحكومة الشيوعية قرارها عام (1967 م) باعتبار ألبانيا دولة لا دينية
تَغَير كل شيء، أصبحت الدعوة إلى الله جريمة يعاقب عليها القانون، وحاربت الحكومة حتى مظاهر الدين الشكلية، كالعمامة واللحية وما إليها، وصدر قانون لتغيير الأسماء يقضي بمنع اتخاذ أي اسم فيه رائحة عربية أو إسلامية، وتحولت البلاد إلى سجن كبير، واستشهد مئات العلماء وآلاف الأبرياء في المذابح الجماعية المتتالية.
يقول طالب مسلم ألباني فرَّ بدينه إلى عدة دول في العالم حتى وصل إلى مصر: "وشاهدت بعيني وسمعت بأذني عن المذابح التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء إرواءً لظمأ الشيوعيين المتعطشين للدماء، وعشنا في جوٍّ يشبه عصر محاكم التفتيش التي أقامتها الصليبية الحاقدة للمسلمين بعد سقوط الأندلس"(1).
وإلى يوم الناس هذا ما يزال الألبان يعانون من تغييب الإسلام عن حياتهم، وإن كانت قد تحسنت بعض الشيء.
مأساة فلسطين:
في عام 1922 م كان عدد سكان فلسطين 752.048 نسمة، وكان عدد اليهود منهم 83،790، ولم يأت عام (1936 م) حتى وصل عددهم إلى 370،483 يهودي من مجموع سكان فلسطين البالغ عددهم 1.336.518 نسمة.
وكانت بولندا والاتحاد السوفيتي وألمانيا ورومانيا وليتوانيا على رأس القائمة بالنسبة للبلاد التي خرج منها هؤلاء اليهود؛ ذلك لأن ثلثي يهود العالم كانوا يقيمون في أوروبا الشرقية.
ومع أنه يعيش على أرض فلسطين مسيحيون، بل وشيوعيون أيضًا، إلا أن المحن كانت منصبة على المسلمين وحدهم باعتبارهم أصحابَ القضية الحقيقيين، لقد مارس اليهود كل أنواع العنف بشاعةً، من ضرب وشج وكسر الأطراف أو قطعها، وإجهاض
الحوامل، وتقتيل الأبرياء دون أن يفرقوا بين شيخ أو طفل، ولا بين رجل أو امرأة، كما انتهكوا حرمات الأماكن المقدسة، وعلى رأسها الأقصى الشريف.
وتساقط المسلمون في كل ساعة -بل ربما في كل دقيقة- بين قتلى وجرحى، ولقي عشرات الآلاف مصرعهم على يد اليهود منذ بدء الاحتلال، ولا يعلم عدد الضحايا -على وجه التحديد- إلا الله.
لم تقتصر حوادث العنف والاضطهاد الصهيوني على فلسطين المحتلة، بل يلاحق اليهود كل تواجد إسلامي فلسطيني لسحقه من الوجود، فكانت مذابح صبرا وشاتيلا المؤلمة التي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف من المسلمين حتى سجِّلت كيوم من أيام الجهاد الفلسطيني، وتتجدد المذابح في المخيمات من وقت لآخر، وفي عام 2009 م وقعت أحداث غزة الأبية، والتي قضى فيها بضعة آلاف من المسلمين، ما بين قتيل وجريح.
كل ما سبق لمحة عن محنة الأغلبية المسلمة المستضعفة من الأقلية المُمَكَّنة في مناطق متنوعة من العالم اليوم.
وقبل الخوض في مشكلات الأقليات المسلمة، فإنه يجدر الإشارة إلى أن التحديات المرفوعة في وجه الأقليات المسلمة تختلف من مجتمع لآخر تبعًا لظروف كل دولة.
فقد تكون الأقليات والجاليات في البلدان الأكثر ديموقراطية تتمتع بنصيب من الحرية وتتاح لهم فرص لتحسين أوضاعهم، فبإمكان هؤلاء فيما لو انتظمت أحوالهم وتجمعاتهم ووجدوا من الدعم والتأييد ووفرت لهم طاقات علمية وتنظيمية واقتصادية ودعوية أن يتجاوزوا معظم التحديات ويطوعوها لمصالح الأقلية الإسلامية، ثم ينطلقوا منها إلى درجات أعلى في اختراق الأكثرية بالدعوة إلى الله، ودفع المجتمع إلى احترام التوجهات الإسلامية. أما الجاليات والأقليات في بلدان الحكم الاستبدادي، كبعض البلدان الأفريقية، أو بلدان أوروبا الشرقية، والصين ونحوها، فهؤلاء تتميز أحوالهم عن أقليات ما يسمى بالعالم الحر أو الديموقراطي.
غير أن قواسم مشتركة تجمع بين الفريقين، فالتحديات قائمة، وهي تلك التي تهدد ما يُسمَّى بالأمن الاغترابي للأقليات والجاليات، وهو ما يرتبط أو يتعلق بالعوامل التي تحفظ على المسلم شخصيته، وعلى الوجود الإسلامي تميزه وقدرته على النماء.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
السلام عليك ورحمة الله، أنا كتبت لك هالكلام من باب المحبة الصافية، والخوف عليك، والرغبة إنك تكون في ...
Have you ever wondered why so many people around the world are gaining weight, even when they try to...
2- Quasi-Judicial Mechanism: A- States' Communications: Many human rights treaties allow ratifying c...
ما قام به أمير المؤمنين بعد إقامة العدل الشامل في دولة الإسلام: هو الفتوحات الإسلامية في بلاد الفرس ...
. مدخل عرض تطور الزخرفة من النقاط والخطوط البدائية إلى التعبيرات الرمزية والهندسية. الزخرفة نشأت من ...
Saudi Arabia hosting the 2034 World Cup gives an ideal impression of the ambition and vision of the ...
Table 1 gives details on the three hundred PAU nursing students included in the research. Accordin...
فإن مسألة صيغ المصادر ودلالتها، سواء المصادر السماعية أو القياسية، تُعد من القضايا المحورية في علم ا...
خطط الإعداد للبطولات الرياضية مقدمة إن خطط الإعداد للبطولات الرياضية تتمثل في تخطيط التدريب الرياضي ...
وفقاً لنتائج استطلاع آراء المديرين ومساعدي المديرين في الفنادق الخمس نجوم فقد ذكر: 1. تستخدم الفنادق...
المقدمة: ثمّةَ عوامل جعلت من المفكِّرِ الكبيرِ عالمِ الاجتماعِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ خلدون(1332 – 1406م...
في السنوات الأخيرة، أصبح التسويق الرقمي عنصرًا أساسيًا لنجاح الشركات على مستوى العالم، خاصةً مع تزاي...