لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (36%)

على كل من يرغب في التعرف عن قرب على حقيقة أهل المدن في مصر، فهم من يحافظون على التقاليد القديمة، ويسيرون على نهجها بقدر محافظة المجتمع عليها. إلا أن تحولها التام إلى النمط الأوروبي سيستغرق بعض الوقت. وباستثناء عاداتهم الشرقية من الظلم والاختلاس والنفاق والفساد، فذلك الجمع الغفير من الطرابيش في مقاعد الأوبرا ( حيث أن المحمدي لا يخلع غطاء رأسه أبدًا)، هي المظاهر الوحيدة في الأوبرا القاهرية التي
فأفرادها يقدرون تماما فوائد التعامل مع الإفرنجيين؛ إذ عادة ما يخالطونهم ويغشونهم، تلك القاهرة التي وصفها إدوارد ويليام لين» في كتابه «المصريون المحدثون؛ فإننا نقول إن أولئك الذين قرءوا كتاب لين؛ وأن أهل القاهرة ظلت أحوالهم وسلوكياتهم على حالها، سوف نجد مظاهر هذه الحياة البشرية الجامدة في أحد شوارع القاهرة الرئيسية، عندما نترك الحي الأوروبي خلفنا، وهي تشكل في الوقت نفسه حدود الشارع المستمرة على كلا الجانبين، أو سبيل عام، مجموعة للسكر النبات، ولا شك في أن لهذا النظام مزاياه؛ ومن ناحية أخرى، يجب أن نعترف بأنه ليس هناك ما هو أشق عليك من أن تشتري رداءك من ستة محلات في أماكن مختلفة. فتشتري القماش من مكان، والأزرار من مكان آخر، وحيث إن على كل زبون أن يساوم البائع - تلك المساومة التي قد تطول إلى حد التدخين أو حتى شرب القهوة - فإنك تستطيع أن تعد نفسك في عداد الفاتحين إذا استطعت
الحصول على ردائك في يوم واحد في أحد هذه الدواليب الصغيرة التي تقوم مقام المحال، فقد يتصادف أنه ذهب ليصلي، أو ربما شعر بعدم الرغبة في ممارسة نشاطه التجاري في ذلك اليوم. ونظرا لأنه لا يقيم بالقرب من دكانه -
وحتى لو كان كذلك، حيث نسأل وما من مجيب عن تساؤلاتنا ! مع ذلك، فقد يخبرنا جاره التاجر بلطف أن الرجل الطيب الذي نبحث عنه قد ذهب إلى
المسجد، فبالتالي نطلب منه ما قد جئنا لنطلبه من جاره. وقد يتجاوز
والمكان كله يرتفع عن الأرض بمقدار قدم أو قدمين. ومن الغريب أن
صاحبنا قد استطاع في هذا الحيز الضيق أن يضع كل السلع التي يعتقد أنه يستطيع بيعها، كما استطاع
أن يحتفظ لنفسه ولزبائنه بحيز يجلسون فيه ويدخنون السجائر أثناء المساومة على الأسعار معهم. وبالطبع، فإن بضائعه ستكون بكمية محدودة جدا، فسوف يتركك مع قدح من القهوة، وفي غضون ذلك، الأزبكية في الأيام الخوالي
وهي تسير بخطوات سريعة متأرجحة، إلا أن الصبية سائقي الحمير - الذين لا ترى مظهرا للشفقة في سلوكهم وهم يجرون وراءها باضطراب - يحملون هذه الحيوانات على أن تعد السير يمينا أو يسارا، يمينك يا ست»، افتح عينك يا عم . وترى النساء وقد حملن فوق رءوسهن الصواني وعليها أصناف الطعام، جاءوا لقضاء بعض الحاجات، ولكنهم يقضونها في تأن وعلى مهل. شأنه في ذلك شأن كل شيء في الشرق. وها هو صاحبنا التاجر يعود حاملا السلعة المطلوبة التي ذهب للبحث عنها، فتقبلناها تدريجيا، وبعد مساومة أخرى غير مجدية، فترجع إلى الدكان وتدفع الثمن وتتسلم
مشترياتنا، فإن المساومة قد تستمر حتى نصل إلى منزل
صاحبنا التاجر، وفي الواقع، قد يتصادف - أحيانًا - أن يكون مسكن فرد من الطبقة الوسطى في القاهرة بمثابة قصر من القصور، ونراه يفضل الإقامة في شارع ۲۹ - ذلك الطريق الذي لا ظلال فيه - أو حيث تقع المنازل الحديثة التي تشبه الجنان والمشيدة بقوالب القرميد، أولئكالبكوات الذين كانوا يأمرون أتباعهم وجنودهم بالاحتشاد حينما يقتضي الأمر توجيه ضربة قاضية للجلوس على عرش مصر المتداعي، والذي كان دائما ما يقع في أيدي قادة أقوى الكتائب
المملوكية. ولكنها تختلف فقط من حيث الحجم وكثرة الزخارف أو قلتها. فليس علينا إلا أن نختار غرفة أو غرفتين من غرفه الفاخرة، تشاهد الواجهة الضخمة لجامع السلطان المؤيد المملوكي، تقوم مئذنتنا الجامع على بوابة قديمة وبديعة تسمى باب زويلة، فهو يطير - دون أن يراه أحد من سطح الكعبة في مكة إلى باب زويلة، والمؤمنون به يسبحون بمسابحهم وهم يمرون بجانب هذا المرقد، وعلى أية حال، فمن الأفضل لديهم أن ينتزع الضرس ويُثبت في الباب هذا الباب يحفل بالكثير من النذور الكريهة من أمثال هذه النوعية الغربية، ولو كتب لهذه
النذور جميعها النجاح، ضيق ثم نتحرف فجأة إلى اليسار، إلا أن به مسجدا صغيرا - يحوي ضريح أحد الأولياء الموقرين - يقع في أحد أركانه. التي لا يغير من لونها إلا النوافذ المؤلفة من شبكة متقاربة من القضبان المتراص بعضها بجوار
البعض. وعلى جانبي الطريق الضيق
تتفرع أزقة أخرى أضيق منه، أحيانا ما
ولكنها كثيرا ما تمتد
إلى مسافات بعيدة في قلب مدينة
واجهة محل موصدة
وفي أفنية هذه المنازل نرى الكثير من المشربيات، وتوجد في منازل الطبقة العليا، يحتفظ الناس بالمشربيات الجميلة لوضعها في نوافذ المنزل الداخلية التي تطل على الفناء
أو الحديقة، المشربيات البديعة التي تضفي على المنازل مظهرا مبهجا وفريدا. واسم المشربية مشتق من أصل لغوي عربي هو الفعل يشرب الذي يظهر في كلمة شربات»، وقد استخدم هذا الاسم للدلالة على هذه النوافذ الخشبية المتشابكة؛ وعادة ما نجد نتوءا صغيرًا نصف دائري يبرز من وسط المشربية التوضع فيه القلة أو الإبريق. والكرات الدقيقة التي تتكون منها شبكة المشربية، فمتداخل بعضها في بعض بحيث لا يستطيع الجيران أن يروا من خلالها أي شيء داخل المنزل ومع ذلك فهناك فراغات كافية تسمح بتخلل الهواء إلى جوف
المنزل عبر المشربية. وفي الواقع، فهناك نوافذ صغيرة مناسبة في
فيفتحن النوافذ ليرى هؤلاء المارة أنهن جميلات فعندما تتقابل المشربيات عبر الشارع - كما يحدث مرارًا في الطرقات الهادئة - قد نتساءل عما إذا كان الإخفاء محكما وفقا للغرض من إنشاء تلك المشربيات . فالمرء منا يستطيع أن يتصور المغازلات السهلة التي قد تجرى بين المشربيتين المتقاربتين، ومع ذلك فهذا ليس السبب في اختفائها السريع من الشوارع والبيوت بل السبب الرئيسي هو أنها قد أصبحت تشكل عاملا مدمرا، وهو ما جعل أصحاب المنازل يميلون إلى التخلص من تكلفة تركيبها. ويضاف إلى ما سبق، أن مناخ القاهرة في الشتاء أصبح لا يميل إلى الدفء كما كان معتادًا
نقف أمام مدخل دار مقوس فننزل من على الحمار وتربطه في حلقة قريبة. والباب نفسه جدير بالدراسة؛ فالجزء العلوي منه تحيطه النقوش العربية (الأرابيسك) التي تشكل مربعا مزركشا في أعلاه. وكذلك لتذكر صاحب المنزل بالموت كلما عاد إلى بيته. وكقاعدة، ولا تدخل الملائكة بيتا به ناقوس. يكون الباب بلا
ونواسي أنفسنا بتلك الآية القرآنية التي تناقض طبيعتنا، والتي تقول إنَّ اللهَ مَعَ الصَّبِرِينَ ). وعندما السيوفي. تسقط أسنان متحركة معينة من رزة الباب إلى داخل الفتحات في اللسانالمنزلق، فتحول دون سحب اللسان للخلف، يرفع الأسنان المتحركة ويسمح للسان القفل بالانزلاق للخلف. ولا شيء أكثر رداءة
بربري
كفيلة بكشف وضع أسنان القفل. ولابد من أن نجد البواب في هذا الممر، ندلف إلى فناء متسع به بئر للمياه الجوفية في أحد الأركان الظليلة وربما نجد شجرة جميز عتيقة. ويقودنا مضيفنا إلى إحدى تلك الحجرات السفلى، أنفسنا في بيتنا. فستجد هذا الجزء المنخفض مغطى بالموزايك الرخامي الفسيفساء)، وغالبا ما يكون هناك
جزء بارز مفروش بالسجاد على جانبي الجزء المنخفض من الحجرة. وفي الحائط الخلفي مشربية مؤثثة بوسائد مريحة، وياجتماعها كلها يتألف شكل زهرة. وهذه النوافذ تسمح لنصف كمية الضوء فقط أن تمر من خلالها. أما الجانبان الآخران فمطليان بالجير، وليس بهما خشب ولا قرميد بل بهما بضع خزائن خشبية منخفضة ذات أبواب صغيرة تفتح بطريقة هندسية معقدة، وهي مثال جيد على أن الحاجة أم الاختراع؛ تلك الحرارة التي أدت إلى إتقان صنع هذه النماذج المعقدة، التي تعد بمثابة
ثمة كوة صغيرة مقوسة، أما سقف الحجرة فيتكون من ألواح مثبتة في دعامات أفقية ضخمة، أما
أو أي من الأثاث الذي يعرفه الأوربيون. وحينما يحين وقت الطعام، وإذا كان الجو باردا، ومع ذلك، فإن الكراسي في طريقها للانتشار في مجتمع القاهرة، وربما يجيء الوقت الذي سوف نجد فيه مضيفنا المحمدي يسألنا أن نضع أرجلنا تحت كرسيه الماهوجني»، مثل أي مضارب إنجليزي في البورصة، قد تشعر بالسعادة
وفي أغلب الأحيان، هناك غرفة استقبال أخرى مرتفعة عن مستوى الأرض، وعادة ما تكون فجوة منخفضة عن مستوى أرضية الفناء، و تفرش بديوان يمكن الجلوس عليه في الأجواء الحارة. وكلمة حريم معناها: ما هو محرم على الرجال الآخرين ومخصص للسيد نفسه، وإنه لمن العسير عليك حقا أن تحاول
وأمام القاعة دهليز يستخدم للتهوية والتبريد، حيث إن الستارة التي تتدلى من مكان مفتوح في سقف هذه الحجرة تتثنى حتى تقود النسمات الشمالية الباردة، ثم تدفعها إلى داخل المنزل في الجو الحار، ولكن لا تحتوي أي منها على أثاث خاص بالنوم كما قد نتخيل. يجب التدرب على هذه العادة، وهناك قسم آخر مهم في جناح الحريم، ألا وهو الحمام، الذي لا يعد مجرد حجرة خاصة بها مغطس للاستحمام، وهو شبيه بالضبط بالحمامات التركية العامة، والبيوت الكبيرة فقط هي التي تتمتع بهذا الترف، وقليل من بيوت القاهرة يصل ارتفاعه الأعلى من دورين وكثيرا ما تكون الأدوار العليا في حالة متهدمة وخربة حيث يكون السقف منهارا، متساقطة ومتهالكة. وفي الحقيقة، وتظهر الحوائط المنبعجة والزوايا
المشروخة أن المزيد من تلك المنازل تسير على نهج سابقاتها المنهارة، وإنه لأمر مزعج أن نتصور كم هو قليل ما سيصمد من معالم القاهرة وبيوتها بعد خمسين عاما. فلم تشيد هذه المنازل لتبقى؛ يعيش سكان ذلك البيت الذي وصفناه، قرب البيت يستيقظ مبكرًا جدا، وكل ما يطلبه قبل تناول غدائه الخفيف هو شيشة وقدح من القهوة، يدخر شهيته للطعام إلى الوجبة الأساسية اليومية، أما إذا كان في عمله، والعنق الطويل المصنوع من خشب شجر الكرز والسلطانية المصنوعة من الفخار الأحمر، والتي تملأ بالتبغ
الجبلي المخفف أو تبغ اللاذقية الشامي. وإذا لم يكن لديه عمل معين يشغله، فإنه يروح عن
نفسه باستدعاء أصدقائه، باب في حي الأقباط
وأحيانا حصانا، نرى أن الحمار المصري الأصيل حيوان ملائم، فخطواته سريعة، وركوبه مريح في الوقت نفسه، وليس من الصعب أن نكتب خطابا على قربوس سرج إحدى هذه الركائب ذات السير الحسن والقربوس هو أكثر الأجزاء إثارة للفضول في السرج، فأحيانا يرتفع بمقدار تسع بوصات أو أكثر على المقعد، وتعتبر تلك الدواب شديدة الثبات في سيرها، والطريقة المعتادة لحث الحيوان على الهرولة، ولكن وجهاء القوم الآن يستخدمون العربات، وتعد كيفية توافق السايس وصبي الحمار مع القيادة السريعة السادتهم لغزا من الألغاز، ويقال إنهم يضرون صحتهم بهذا الجهد المفرط، الذين يساهمون فيها. ولم يستطع أي إنسان كان في القاهرة عام ۱۸۸۳ أن يتمالك نفسه عن الأسف على تقبل اللورد دوفرين " والسير إ. حتى وإن تقبلاها لحد أدنى؛ لا يكسوها إلا ثوب القسوة
تجد نساء بيته يعملن لتمضية الوقت بأفضل صورة ممكنة. وعلى الرغم من الأفكار الشائعة عن هذا الموضوع، فإن المحمدي» قلما يتزوج بأكثر من امرأة واحدة؛ وإذا تم بالفعل القضاء على هذه التجارة، فإن القاهري سيصير أحادي الزوجة. وقد جعل الخديو " نفسه قدوة حسنة في هذه الناحية، والواقع أن هناك الكثير من المسلمين أخلاقهم مثل المسيحيين في هذا الأمر. وتعتبر سهولة الطلاق مشكلة حقيقية؛ كما أن تعدد الزوجات لا يؤدي إلى الانسجام المنزلي، بل إن صباعًا للملابس في بغداد قد تخطئ هذا الرقم المذهل إلى رقم أكثر إثارة للعجب منه؛ وتوفى في سن الخامسة والثمانين. ولو أنه تزوج في سن الخامسة عشرة لكان زواجه بمعدل مرة في كل شهر طوال فترة السبعين سنة التي قضاها في الزواج


النص الأصلي

على كل من يرغب في التعرف عن قرب على حقيقة أهل المدن في مصر، أن يتعرف على أصحاب الدكاكين في القاهرة؛ فالتجار في الواقع يمثلون العنصر المحافظ في مصر؛ فهم من يحافظون على التقاليد القديمة، ويسيرون على نهجها بقدر محافظة المجتمع عليها. أما الطبقات العليا فإنها تتحرر شيئا فشيئا من التقاليد الشرقية في مظاهرها وعاداتها، إلا أن تحولها التام إلى النمط الأوروبي سيستغرق بعض الوقت. فهم يرقصون - و يا له من عار - مع السيدات الإفرنجيات ويرتدون الملابس الإفرنجية ويدخنون السجائر الأوروبية، ويشاهدون مسرحيات مسيو لوكوك» الفرنسية القذرة في مسرح الأوبرا


الخديوية. وباستثناء عاداتهم الشرقية من الظلم والاختلاس والنفاق والفساد، فقد يبدون أوروبيين في نظر الناس، وهم، في واقع الأمر، قد احتفظوا بخصيصة وطنية واحدة، وهي الطربوش الأحمر؛ فذلك الجمع الغفير من الطرابيش في مقاعد الأوبرا ( حيث أن المحمدي لا يخلع غطاء رأسه أبدًا)، وتلك الأحجبة القماشية والحريرية المشدودة أمام المقصورات على جوانب القاعة الكبرى للمسرح لكي تخفي وراءها جمال الحريم، هي المظاهر الوحيدة في الأوبرا القاهرية التي


تذكرنا أننا لسنا في باريس؛ فحتى فناجين القهوة المحلية تصنع في أوروبا !لكن الطبقة العاملة لا تزال إلى حد كبير على أحوالها وتقاليدها التي لم تتغير منذ قرون خلت... فأفرادها يقدرون تماما فوائد التعامل مع الإفرنجيين؛ إذ عادة ما يخالطونهم ويغشونهم، ولكن ليس


لدى تلك الطبقة رغبة في أن يقلدوا عادات أو ملابس هؤلاء الكلاب الكفار». تشبه القاهرة بأسواقها وبازاراتها، إلى حد كبير، تلك القاهرة التي وصفها إدوارد ويليام لين» في كتابه «المصريون المحدثون؛ شمائلهم وعاداتهم ، ذلك الكتاب الذي يعتبر المرجع الأساسي


المعظم كتابات وصف القاهرة التي صدرت بعده. كانت قاهرة لين بكل مظاهرها مدينة صلاح الدين والمماليك المدينة التي تم تصويرها بكل معاني الرومانسية المذكورة في ألف ليلة وليلة».


يسير نمط الحياة ببطء في الشرق. وإذا استخدمنا عبارات متناقضة في ظاهرها وصادقة في معناها، فإننا نقول إن أولئك الذين قرءوا كتاب لين؛ المصريون المحدثون»، قد يفاجئون عند زيارتهم للقاهرة أن ليس بها ما يذهلهم؛ إذ أن كل شيء في الأحياء الشعبية لا يزال كما كان عليه منذ خمسين عاما، وأن أهل القاهرة ظلت أحوالهم وسلوكياتهم على حالها، في حين أن باقي العالم قد لاحق حركة التطور المستمرة للحضارة الحديثة.


سوف نجد مظاهر هذه الحياة البشرية الجامدة في أحد شوارع القاهرة الرئيسية، عندما نترك الحي الأوروبي خلفنا، ونسجل القليل من الملاحظات عن المحلات الإيطالية واليونانية في حي الموسكي شبه المتحضر؛ ثم تنعطف إلى اليمين داخل شارع الغورية - أحد تلك الشوارع الكبرى ولو أنه من الأزقة التي يطلق عليها شارع أو طريق عبور.


تصطف على جانبي هذا الشارع محلات صغيرة أشبه ما تكون بالصناديق، وهي تشكل في الوقت نفسه حدود الشارع المستمرة على كلا الجانبين، إلا إذا اعترضها مدخل مسجد، أو سبيل عام، أو مدخل لشارع آخر يعترض صف المحلات المسافة قصيرة، لا يقطع أي من الأبواب أو النوافذ التي اعتدنا عليها في أوروبا صف المحلات؛ فذلك من شأنه أن يشد فيفسد منظر الدكاكين المصطفة، وسوف تجد كل التجار الذين يتجرون بسلعة معينة مصطفين المسافة طويلة؛ فهذه


مجموعة للسكر النبات، وتلك للنعال الشباشب.....


ولا شك في أن لهذا النظام مزاياه؛ فإن كان أحد التجار يبيع بأسعار مرتفعة، فقد تجد جاره يبيع بسعر أرخص منه. ثم إن التنافس المستمر بين التجار المتجاورين من شأنه أن يؤدي إلى خفض


كبير في الأسعار.ومن ناحية أخرى، يجب أن نعترف بأنه ليس هناك ما هو أشق عليك من أن تشتري رداءك من ستة محلات في أماكن مختلفة.. فتشتري القماش من مكان، والأزرار من مكان آخر، وشريط الزينة من مكان ثالث، والبطانة من مكان رابع والخيط من مكان خامس، ثم تضطر إلى السير نحو مكان سادس مختلف تماما لكي تحصل على حائك يفصل لك القماش ويصنع الرداء المطلوب. وحيث إن على كل زبون أن يساوم البائع - تلك المساومة التي قد تطول إلى حد التدخين أو حتى شرب القهوة - فإنك تستطيع أن تعد نفسك في عداد الفاتحين إذا استطعت


الحصول على ردائك في يوم واحد في أحد هذه الدواليب الصغيرة التي تقوم مقام المحال، قد نجد ذلك التاجر بالذات الذي نبحث عنه أو لا نجده؛ فقد يتصادف أنه ذهب ليصلي، أو ليزور صديقا له، أو ربما شعر بعدم الرغبة في ممارسة نشاطه التجاري في ذلك اليوم. وفي هذه الحالة ستجد مصراعي باب دكانه مغلقين. ونظرا لأنه لا يقيم بالقرب من دكانه -


شارع جانبي


وحتى لو كان كذلك، فليس هناك جرس أو باب خاص أو مساعد يمكن أن يدلنا عليه - فقد ننتظر هناك للأبد طالما أنه مشغول، حيث نسأل وما من مجيب عن تساؤلاتنا ! مع ذلك، فقد يخبرنا جاره التاجر بلطف أن الرجل الطيب الذي نبحث عنه قد ذهب إلى


المسجد، فبالتالي نطلب منه ما قد جئنا لنطلبه من جاره.


يجلس صاحبنا الجديد هذا في فجوة تقدر مساحتها بنحو خمسة أقدام مربعة، وقد يتجاوز


ارتفاعها ست أقدام بقليل، والمكان كله يرتفع عن الأرض بمقدار قدم أو قدمين. ومن الغريب أن


صاحبنا قد استطاع في هذا الحيز الضيق أن يضع كل السلع التي يعتقد أنه يستطيع بيعها، كما استطاع


أن يحتفظ لنفسه ولزبائنه بحيز يجلسون فيه ويدخنون السجائر أثناء المساومة على الأسعار معهم.وبالطبع، فإن بضائعه ستكون بكمية محدودة جدا، غير أن زملاءه التجار على استعداد لأن يقدموا إليه يد المساعدة على الدوام. وعندما لا يمكنك أن تجد ما تحتاج إليه في نطاق جدران دكانه الأربعة، فسوف يتركك مع قدح من القهوة، أو ربما من الشاي العجمي؛ على حين يذهب هو ليأتي


إليك بطلبك من أحد زملائه التجار المجاورين.


وفي غضون ذلك، ستشرب قهوتك التي رغم سخونتها الشديدة تكون لذيذة بشكل لا يقارن وستشاهد الجموع المحتشدة من المارة التي تمر أمام الدكان الجمال المحملة بالدريس أو التبن


الأزبكية في الأيام الخوالي


أو البرسيم الأخضر، وهي تسير بخطوات سريعة متأرجحة، حتى ليخيل إليك أنها ستطيح بكل شيء وكل شخص على جانبي الشارع. وتجد سكان المدينة المحترمين يمتطون ظهور الحمير الرمادية أو البنية التي تسير على مهل، إلا أن الصبية سائقي الحمير - الذين لا ترى مظهرا للشفقة في سلوكهم وهم يجرون وراءها باضطراب - يحملون هذه الحيوانات على أن تعد السير يمينا أو يسارا، فتتمايل بأجسادها في غير هوادة كما لو كانت خُصُورُها مفصلة كمفصلات الأبوابأما علية القوم، فيركبون عربات يجرها جوادان، وأمامها عداء ون تكاد أنفاسهم تنقطع من فرط التعب وهم يفسحون لسادتهم الطريق بأصواتهم المرتفعة قائلين: «شمالك يا ولده، يمينك يا ست»، افتح عينك يا عم .... وما إلى ذلك، وترى النساء وقد حملن فوق رءوسهن الصواني وعليها أصناف الطعام، والسقاء وقد حمل تحت ذراعيه الماء في قربة مصنوعة من جلد الماعز. كما تشاهد جمهورا آخر محتشدًا من الرجال والنساء يرتدون جميعا ملابس زرقاء اللون، جاءوا لقضاء بعض الحاجات، يتجولون من أجلها على طول الشارع، ولكنهم يقضونها في تأن وعلى مهل. وعلى الرغم من أن الجمهور قد يبدو محتشدا متدفقا، إلا أنه في الحقيقة يتحرك في بطء، شأنه في ذلك شأن كل شيء في الشرق.


وها هو صاحبنا التاجر يعود حاملا السلعة المطلوبة التي ذهب للبحث عنها، فتقبلناها تدريجيا، وبقليل من الحذر، ثم سألناه السؤال المعهود: كم ثمنها ؟»، وعادةً ما يكون الجواب ضعف الثمن المناسب على الأقل، ثم نرد على ذلك الثمن الباهظ بقولنا: نعوذ بالله من هذا الثمن الباهظ ونقترح شراءها بنصف الثمن المناسب. غير أن صاحبنا يهز رأسه ويبدو عليه القنوط وعدم الرضا، ويقول لنا إنه لم يكن ينتظر مثل هذا القول من أناس مثلنا، ثم ثم يـ يضع سلعته جانبا ويجلس ليدخن سيجارة جديدة. وبعد مساومة أخرى غير مجدية، تنادي صاحب الحمير ونستعد لامتطاء الحمير والرحيل، حينئذ يلين التاجر ويخفض الثمن، ولكننا مع ذلك نصر على الرحيل ونأخذ في الابتعاد بالحمير رويدا، فيتتبعنا، ويوافق تقريبا على شروطنا، فترجع إلى الدكان وتدفع الثمن وتتسلم


مشترياتنا، ثم تنصرف في طريقنا بعد أن ندعو الله أن يحفظه !أما إذا لم يصل بنا الاتفاق إلى ما سبق ذكره، فإن المساومة قد تستمر حتى نصل إلى منزل


صاحبنا التاجر، حيث نرى مثالاً لمنازل الطبقة الوسطى في القاهرة. وفي الواقع، قد يتصادف - أحيانًا - أن يكون مسكن فرد من الطبقة الوسطى في القاهرة بمثابة قصر من القصور، وقد نجد أحد الباشوات - في العصر الحاضر - يحتقر قصور النبلاء التي كانت في زمن المماليك موضع الفخر والإعجاب لدى كثير ممن هم أعلى منه مقاما ، ونراه يفضل الإقامة في شارع ۲۹ - ذلك الطريق الذي لا ظلال فيه - أو حيث تقع المنازل الحديثة التي تشبه الجنان والمشيدة بقوالب القرميد، في الحي المعروف بحي الإسماعيلية». وهكذا قد نجد صاحبنا التاجر


هذا يشغل منزلاً من المنازل التي كان يسكنها أحد بكوات المماليك الكبار في وقت ما .. أولئكالبكوات الذين كانوا يأمرون أتباعهم وجنودهم بالاحتشاد حينما يقتضي الأمر توجيه ضربة قاضية للجلوس على عرش مصر المتداعي، والذي كان دائما ما يقع في أيدي قادة أقوى الكتائب


المملوكية. تكاد جميع منازل القاهرة تتماثل، ولكنها تختلف فقط من حيث الحجم وكثرة الزخارف أو قلتها. وإذا كان منزل صاحبنا التاجر أفضل من معظم المنازل المجاورة له، فليس علينا إلا أن نختار غرفة أو غرفتين من غرفه الفاخرة، ونقارن بينها وبين غرف المنازل الأخرى، لتحصل على فكرة


واضحة عن هذا المنزل والمنازل المحيطة به.


والشارع الذي ندخله الآن يختلف تماما عن ذلك الشارع الذي غادرناه في الغورية؛ وفيه نرى جزءا من ذلك الشارع السالف ذكره في لوحة مستر روبرتس»، الموجودة في الصفحات الأولى لهذا الكتاب على يسار الصورة، تشاهد الواجهة الضخمة لجامع السلطان المؤيد المملوكي، الذي أخضع مؤخرًا لعملية ترميم قاصرة وخالية من الذوق. تقوم مئذنتنا الجامع على بوابة قديمة وبديعة تسمى باب زويلة، هي التي نراها في منتصف الصورة. ويطلق الناس على هذه البوابة في الوقت الحاضر اسم باب المتولي، حيث يعتقدون أنها كانت فيما مضى المقر المفضل للقطب المتولي»؛ كبير الأولياء في ذلك الوقت. وهب هذا الولي المبارك كرامة التخفي والانتقال من مكان إلى آخر؛ فهو يطير - دون أن يراه أحد من سطح الكعبة في مكة إلى باب زويلة، وهناك يستقر في مرقد خلف الباب الخشبي. والمؤمنون به يسبحون بمسابحهم وهم يمرون بجانب هذا المرقد، في حين يدفع الفضول غيرهم لأن يختلسوا النظر ليتحققوا مما إذا كان الولي هناك حقا! وإن أصابك صداع، فليس هناك علاج فعال إلا أن تدق مسمارا في الباب؛ أما العلاج الأكيد لوجع الأسنان فهو أن تنزع السن أو الضرس وتضعه في نفس هذا المكان المقدسقد يكون نزع الضرس في حد ذاته علاجا للألم، إلا أن هذا الإيحاء بقدرات المتولي تنبعث منه روائح الكفر والشرك. وعلى أية حال، فمن الأفضل لديهم أن ينتزع الضرس ويُثبت في الباب هذا الباب يحفل بالكثير من النذور الكريهة من أمثال هذه النوعية الغربية، ولو كتب لهذه


النذور جميعها النجاح، فلابد أن هذا القطب كان طبيبا بارعا . يعد الشارع - الذي يعترضه باب زويلة - واسعا إذا ما قورن بشوارع مدينة القاهرة، وتحده الدكاكين والجوامع والوكالات والأسبلة والشارع الذي تدلف إليه الآن، حين تنعطف إلى زقاق


ضيق ثم نتحرف فجأة إلى اليسار، شارع خال من الدكاكين، إلا أن به مسجدا صغيرا - يحوي ضريح أحد الأولياء الموقرين - يقع في أحد أركانه. طلبت شرط الزخرفة الخارجية لهذا الضريح باللونين الأبيض والأحمر، وهو ما خفف من كثافة الظلال المنعكسة على الزقاق الذي تصطف على جانبيه واجهات المنازل العالية بيضاء اللون، التي لا يغير من لونها إلا النوافذ المؤلفة من شبكة متقاربة من القضبان المتراص بعضها بجوار


البعض.


وعلى جانبي الطريق الضيق


تتفرع أزقة أخرى أضيق منه، أحيانا ما


تكون مسدودة، ولكنها كثيرا ما تمتد


إلى مسافات بعيدة في قلب مدينة


واجهة محل موصدة


القاهرة. وفي أفنية هذه المنازل نرى الكثير من المشربيات، غير أننا لا نصادف كثيرا منها في الطرق الواسعة الأكثر ازدحاما بالناس.


والمشربية نافذة بارزة، تتكون - باستثناء سقفها وقاعدتها - من ألواح وقضبان خشبية متشابكة


مصنوعة ببراعة. وتوجد في منازل الطبقة العليا، ولكنها في منازل الفقراء تصنع من ألواح خشبية


خشنة. يحتفظ الناس بالمشربيات الجميلة لوضعها في نوافذ المنزل الداخلية التي تطل على الفناء


أو الحديقة، ومع هذا فإننا نرى المارة في كثير من شوارع القاهرة وقد وقفوا يتأملون صفوف


المشربيات البديعة التي تضفي على المنازل مظهرا مبهجا وفريدا.واسم المشربية مشتق من أصل لغوي عربي هو الفعل يشرب الذي يظهر في كلمة شربات»، وقد استخدم هذا الاسم للدلالة على هذه النوافذ الخشبية المتشابكة؛ لأنه كثيرا ما توضع عليها قلل الماء الفخارية ذات المسام حتى تبرد بفعل الهواء. وعادة ما نجد نتوءا صغيرًا نصف دائري يبرز من وسط المشربية التوضع فيه القلة أو الإبريق. أما القطع الصغيرة، والكرات الدقيقة التي تتكون منها شبكة المشربية، فمتداخل بعضها في بعض بحيث لا يستطيع الجيران أن يروا من خلالها أي شيء داخل المنزل ومع ذلك فهناك فراغات كافية تسمح بتخلل الهواء إلى جوف


المنزل عبر المشربية.


وفي الواقع، تعتبر المشربية موضع ابتراد للإنسان كما هي بالنسبة لقلل الماء، كما تعتبر في الوقت نفسه مكانا لتجمع نساء الحريم» يستطعن من خلاله اختلاس النظر إلى الجنس الآخر عبر شبكات النوافذ دون أن يتمكن هؤلاء الرجال من رؤيتهن. ومع ذلك، فهناك نوافذ صغيرة مناسبة في


المشربية يمكن فتحها إذا رغبت صواحبها في رؤيتهن على ما هنَّ عليه. ويجب أن ننوه إلى أن نساء القاهرة الجميلات لسن كلهن ممن يدعن المارة يسيرون في الطريق دون أن يأخذهن الزهو بأنفسهن، فيفتحن النوافذ ليرى هؤلاء المارة أنهن جميلات فعندما تتقابل المشربيات عبر الشارع - كما يحدث مرارًا في الطرقات الهادئة - قد نتساءل عما إذا كان الإخفاء محكما وفقا للغرض من إنشاء تلك المشربيات ... فالمرء منا يستطيع أن يتصور المغازلات السهلة التي قد تجرى بين المشربيتين المتقاربتين، خاصة مع وجود النوافذ والأبواب المواربة، ومع ذلك فهذا ليس السبب في اختفائها السريع من الشوارع والبيوت بل السبب الرئيسي هو أنها قد أصبحت تشكل عاملا مدمرا، حيث تعمل على انتشار الحرائق التي تتطاول السنتها من نافذة إلى أخرى بسرعة هائلة، هذا إضافة إلى التكلفة الباهظة للمشربيات الفاخرة التي ارتفعت عندما دخل الإفرنكيون سوق الطلب عليها، وهو ما جعل أصحاب المنازل يميلون إلى التخلص من تكلفة تركيبها. ويضاف إلى ما سبق، أن مناخ القاهرة في الشتاء أصبح لا يميل إلى الدفء كما كان معتادًا


من قبل، فأصبحت المشربيات تشكل وسيلة مقاومة قاصرة ضد تيارات الهواء الباردةوفي إحدى تلك الحارات الضيقة، نقف أمام مدخل دار مقوس فننزل من على الحمار وتربطه في حلقة قريبة. والباب نفسه جدير بالدراسة؛ فالجزء العلوي منه تحيطه النقوش العربية (الأرابيسك) التي تشكل مربعا مزركشا في أعلاه.. وهي نقوش عادة ما تضيف للأبواب القديمة مظهرا بديعا محببا للنفس، ولا تعد قبيحة في البنايات الحديثة. وكثيرا ما نجد على الباب الخشبي بعض نقوش الأرابيسك، وهي نقوش خطية تشكل عبارة: هو الخلاق الباقي» التي يعتقد أنها رقية تبعد المرض والشياطين وعيون الحساد»، وكذلك لتذكر صاحب المنزل بالموت كلما عاد إلى بيته. وكقاعدة، يكون الباب مسطحا بلا نقوش ولا يوجد ثمة جرس، إذ قال النبي ما معناه أن الجرس الناقوس آلة الشيطان الموسيقية، ولا تدخل الملائكة بيتا به ناقوس. وفي بعض الأحيان، يكون الباب بلا


حلقات للطرق، فيكون من الأفضل أن نقرعه بعصانا أو بأيدينا، وغالبا ما يستمر القرع بعض الوقت


حتى يسمع سكان المنزل، فهذا بلد لا يعرف أهله معنى للعجلة .... ألم يقل سيدنا محمد [3] العجلة من الشيطان ؟! لهذا فنحن نسير على نهج الأمور في هذه البلاد، ونواسي أنفسنا بتلك الآية القرآنية التي تناقض طبيعتنا، والتي تقول إنَّ اللهَ مَعَ الصَّبِرِينَ ). وفي نهاية الأمر، نسمع صوتاً غريبا آتيا من الناحية الأخرى، حيث يحاول بواب المنزل معالجة فتح الباب، فهو يحمل قضيباً صغيرًا به أسنان سلكية صغيرة مرتبة ترتيبا معينا، ويحاول أن يدخله في ثقوب ملائمة تقع في نهاية نقرة عميقة (تجويف) مركبة في لسان القفل المنزلق. وهذا هو المغلاق في أبواب منازل القاهرة. يمر هذا اللسان المنزلق خلال


رزة خشبية على الباب داخل تجويف ضيق في عضادته. وعندما السيوفي.. صانع الأسلحة يكون أهل المنزل بالداخل، تسقط أسنان متحركة معينة من رزة الباب إلى داخل الفتحات في اللسانالمنزلق، فتحول دون سحب اللسان للخلف، وبإيلاج المفتاح - أو القضيب ذي الأسنان - إلى فتحات اللسان، يرفع الأسنان المتحركة ويسمح للسان القفل بالانزلاق للخلف. ولا شيء أكثر رداءة


أرمني


بربري


شحاذ أعمى


في تركيبه - أو أكثر سهولة في كسره وسرقته - من ذلك؛ فقطعة من الشمع في نهاية عصا أو قضيب


كفيلة بكشف وضع أسنان القفل.. والباقي سهل! وفي داخل الدار، ثمة ممر ينعطف فجأة بعد الخطوة الأولى أو الثانية، وبالتالي يحول دون


مشاهدة أي شيء في الداخل وأنت واقف بالباب الخارجي. ولابد من أن نجد البواب في هذا الممر، وهو عادة ما يكون خادمًا كبير السن، ولكنه لا يكون دائما في مرمى السمع، أو قد يتصادف أن يكون نائما . وفي نهاية هذا الممر، ندلف إلى فناء متسع به بئر للمياه الجوفية في أحد الأركان الظليلة وربما نجد شجرة جميز عتيقة. وفي كل الجوانب تطل غرف المنزل على فنائه، وأفضل نوافذها محتجبة بأجمل المشربيات الخشبية المتشابكة، التي تشرف على الفناء.


والحجرات السفلى التي تطل على الفناء مباشرة هي تلك الحجرات التي يستطيع الشخص أن


يمشي فيها آمنا من دون أن يخشى أن يرى وجه أي امرأة في البيت. ويقودنا مضيفنا إلى إحدى تلك الحجرات السفلى، طالبا منا في أدب جم أن نوليه شرف اعتبار


أنفسنا في بيتنا. وهذه هي حجرة الاستقبال، أو المنظرة، التي تعد أفضل نموذج للغرفة العادية. والجزء الذي تدلف منه إلى الغرفة منخفض عن بقية الأجزاء. وإذا كان المنزل الذي سندخله فخما بالفعل، فستجد هذا الجزء المنخفض مغطى بالموزايك الرخامي الفسيفساء)، وفي وسطه نافورة تعمل على تبريد الهواء؛ في حين نرى مقابل الباب قطعة مسطحة من الرخام محملة على أقواس حيث توضع عليها قلل الماء وأقداح القهوة وأدوات غسل الأيدي. ويتوجب علينا أن نخلع أحذيتنا ونتركها على الرخام قبل أن نطأ ذلك الجزء من الحجرة المغطى بالسجاد. وغالبا ما يكون هناك


جزء بارز مفروش بالسجاد على جانبي الجزء المنخفض من الحجرة.. ولكن في هذه الحجرة التي


نحن فيها الآن هناك جانب واحد مغطى فقط؛ إذ يكون موارى يبسط من الصوف الخشن، وفيهديوان (أريكة) منخفض بمحاذاة ثلاثة من أضلاع الحجرة، وفي الحائط الخلفي مشربية مؤثثة بوسائد مريحة، وبأعلاها نحوست نوافذ مكونة من قطع صغيرة من الزجاج الملون، ومن حولها إطار من الجص... وياجتماعها كلها يتألف شكل زهرة.. وهذه النوافذ تسمح لنصف كمية الضوء فقط أن تمر من خلالها. أما الجانبان الآخران فمطليان بالجير، وليس بهما خشب ولا قرميد بل بهما بضع خزائن خشبية منخفضة ذات أبواب صغيرة تفتح بطريقة هندسية معقدة، وهي مثال جيد على أن الحاجة أم الاختراع؛ إذ إن الغرض من تلك الأبواب الصغيرة هو تجنب تلف الخزائن بفعل حرارة الجو في مصر، تلك الحرارة التي أدت إلى إتقان صنع هذه النماذج المعقدة، التي تعد بمثابة


صفة مميزة للصناعات الخشبية العربية. وعلى جانبي كل خزانة من هذه الخزائن، ثمة كوة صغيرة مقوسة، وفي أعلاها رف وضعت عليه الأطباق والأواني المزخرفة وغيرها. أما سقف الحجرة فيتكون من ألواح مثبتة في دعامات أفقية ضخمة، عادة ما تدهن باللون الأحمر الداكن، أما


منازل خاصة


في البيوت القديمة، فغالباً ما تنقش عليها زخارف رائعة.


ولا يوجد في الحجرة مناضد أو كراس أو مدافئ، أو أي من الأثاث الذي يعرفه الأوربيون. وحينما يحين وقت الطعام، توضع منضدة صغيرة (طبلية). وإذا كان الجو باردا، يتم إحضار موقد نحاسي (منقد) فيه فحم من الخشب الأحمر المشتعل. وبدلا من الكراسي، يثني القاهري رجليه تحته على الديوان. ومع ذلك، فإن الكراسي في طريقها للانتشار في مجتمع القاهرة، وربما يجيء الوقت الذي سوف نجد فيه مضيفنا المحمدي يسألنا أن نضع أرجلنا تحت كرسيه الماهوجني»، مثل أي مضارب إنجليزي في البورصة، لكن في الوقت الحاضر، قد تشعر بالسعادة


لأن هذه الأشياء لم تظهر هنا بعد.وفي أغلب الأحيان، هناك غرفة استقبال أخرى مرتفعة عن مستوى الأرض، ولكي تصل إليها لابد أن تصعد بضع درجات من الفناء الذي تطل عليه الغرفة من خلال واجهة مفتوحة ومقوسة من أعلاها، وعادة ما تكون فجوة منخفضة عن مستوى أرضية الفناء، تحت إحدى الحجرات العليا،


و تفرش بديوان يمكن الجلوس عليه في الأجواء الحارة. وهناك باب في الفناء يطل على الدرجات التي تؤدي إلى غرف الحريم ، لكن لا يجرؤ أي رجل غير رب البيت على أن يدخله. وكلمة حريم معناها: ما هو محرم على الرجال الآخرين ومخصص للسيد نفسه، وغرف الحريم هي الجزء المخصص للعائلة من الدار، حيث يستريح الرجل وسط عائلته حينما يعود إلى منزله طلبا للراحة من عناء عمله، وإنه لمن العسير عليك حقا أن تحاول


إقناع البواب أن يستدعي سيده في تلك الفترة، مهما كان الأمر الذي جئت من أجله إلى هناك.


وغالبا ما تجد في جناح الحريم حجرة كبيرة مخصصة للجلوس تشبه المنظرة» تسمى «القاعة»، وكثيرا ما تكون ذات قبة في أعلاها. وأمام القاعة دهليز يستخدم للتهوية والتبريد، حيث إن الستارة التي تتدلى من مكان مفتوح في سقف هذه الحجرة تتثنى حتى تقود النسمات الشمالية الباردة، ثم تدفعها إلى داخل المنزل في الجو الحار، ولذلك فكثيرا ما ينام أفراد الأسرة هنا خلال الصيف.


ولا توجد حجرات خاصة للنوم في المنزل المحمدي»، أو بالأحرى لا حجرات بها أثاث للنوم؛ ذلك أن هناك العديد من الحجرات المنفصلة ينام فيها أهل البيت، ولكن لا تحتوي أي منها على أثاث خاص بالنوم كما قد نتخيل. فكل ما يلزم القاهري للنوم بالليل هو حشية ووسادة، وربما احتاج الأمر إلى دثار في الشتاء وناموسية في الصيف، ثم تطوى كل هذه الأشياء في الصباح وتوضع في خزانة خاصة أو حجرة جانبية، وحينئذ تتحول حجرة النوم إلى غرفة


جلوس. كذلك لا تتكدس غرفة الجلوس بالأثاثفالعادة هنا لا تتطلب إلا ديوانا «أريكة وسجادة أو سجادتين، وفي وقت تناول الطعام، تحضر منضدة صغيرة ( طبلية) توضع عليها صينية كبيرة من النحاس أو الصاج، حيث تجلس الأسرة القرفصاء حولها على الأرض. ومع ذلك، يجب التدرب على هذه العادة، كما يجب علي أن أحذر الأوروبيين من أن تلك الجلسة هي أسهل الطرق للإصابة بتصلب العضلات.


وهناك قسم آخر مهم في جناح الحريم، ألا وهو الحمام، الذي لا يعد مجرد حجرة خاصة بها مغطس للاستحمام، وإنما يتكون من جناح به حجرات عدة مصنوعة من الحجر الذي يسخن بطريقة معقدة، وهو شبيه بالضبط بالحمامات التركية العامة، والبيوت الكبيرة فقط هي التي تتمتع بهذا الترف، أما معظم الناس فيتوجهون إلى الحمام العام، هذا إذا كانوا يهتمون بالاستحمام أصلا".


وقليل من بيوت القاهرة يصل ارتفاعه الأعلى من دورين وكثيرا ما تكون الأدوار العليا في حالة متهدمة وخربة حيث يكون السقف منهارا، والحوائط بارزة للخارج، والمشربيات


سقاطة لدق الباب


متساقطة ومتهالكة. وفي الحقيقة، يشتهر معمار المنازل في القاهرة بعدم الثبات على أية حال؛ فالمنازل تنهار في جميع أحياء القاهرة، وتظهر الحوائط المنبعجة والزوايا


طابق علوي من منزل


المشروخة أن المزيد من تلك المنازل تسير على نهج سابقاتها المنهارة، وإنه لأمر مزعج أن نتصور كم هو قليل ما سيصمد من معالم القاهرة وبيوتها بعد خمسين عاما. فلم تشيد هذه المنازل لتبقى؛ ولا بد حتما من أن تخضع لعامل الزمن ولهشاشتها المتأصلة فيها.يعيش سكان ذلك البيت الذي وصفناه، وكذلك البيوت التي على شاكلته، على وتيرة واحدة تثير الكآبة والملل، غير أنهم لحسن الحظ قلما يشعرون بوحشة وفراغ حياتهم. قرب البيت يستيقظ مبكرًا جدا، حيث يجب على المسلم أن يصلي صلاة الفجر في وقتها. وكل ما يطلبه قبل تناول غدائه الخفيف هو شيشة وقدح من القهوة، وبصفة عامة، يدخر شهيته للطعام إلى الوجبة الأساسية اليومية، وهي وجبة العشاء التي يتناولها عادة بعد غروب الشمس مباشرة، أما إذا كان في عمله، فإنه يقضي معظم يومه في دكانه، ويدخن بلا انقطاع تقريبا، إما السجائر التركية التي انتشرت حديثا، أو «الشبك» التقليدي الطويل ذا الفم البديع المصنوع من العنبر، والعنق الطويل المصنوع من خشب شجر الكرز والسلطانية المصنوعة من الفخار الأحمر، والتي تملأ بالتبغ


الجبلي المخفف أو تبغ اللاذقية الشامي. وإذا لم يكن لديه عمل معين يشغله، فإنه يروح عن


نفسه باستدعاء أصدقائه، أو بالجلوس لساعات طويلة حالمة في الجو الدافئ للحمام العام، حيث البخار المتصاعد من الأحواض التي يغلي فيها الماء، وارتخاء المفاصل عند تدليكها، وما يعقب ذلك من استراحة للترطيب والتدخين واحتساء القهوة. كل هذا له لذته الفائقة في الجو الحار


باب في حي الأقباط


وإذا كان الرجل ثريا أو ذا مركز ، فلا يمكن أن يتواضع بالسير على قدميه على الإطلاق، بل


يركب حمارًا في العادة، وأحيانا حصانا، غير أن الحمار أكثر ملاءمة للشوارع المزدحمة، وفي الواقع، نرى أن الحمار المصري الأصيل حيوان ملائم، وقد يصل ثمنه في بعض الأحيان إلى مائة . جنيه، فخطواته سريعة، وركوبه مريح في الوقت نفسه، وليس من الصعب أن نكتب خطابا على قربوس سرج إحدى هذه الركائب ذات السير الحسن والقربوس هو أكثر الأجزاء إثارة للفضول في السرج، فأحيانا يرتفع بمقدار تسع بوصات أو أكثر على المقعد، ويغطى بالجلد، على حين يغطى باقي السرج بالأقمشة الصوفية الناعمة، وتعتبر تلك الدواب شديدة الثبات في سيرها، ولكنها إذاسارت على الوحل الزلق، الذي كثيرا ما يغطى الشوارع الرئيسية، فإن من الحكمة أن يسحب الراكب رجليه بمهارة من الركاب ويمشي على قدميه ببساطة أمام الحمار.


والطريقة المعتادة لحث الحيوان على الهرولة، هي الطرق على جانبيه بالكعبين، وعادة ما يقاد بلكزة على جانب رقبته أو رأسه بالعصا التي يحملها الراكب، بدلا من استعمال سير اللجام. ومع ذلك، يجري خادم (تابع) في الخلف ليواكب سرعة الحمار. وفي الأيام السابقة، اعتاد رجل عظيم الشأن أن يستخدم اثنين من التابعين ليجريا مع حماره وهما مسلحين بالنيابيت وذلك لكي يفسحا الطريق في المقدمة، ولكن وجهاء القوم الآن يستخدمون العربات، ويعدو السياس أمام الخيول ببضعة


مدخل مسجد


خطوات.


وتعد كيفية توافق السايس وصبي الحمار مع القيادة السريعة السادتهم لغزا من الألغاز، ويقال إنهم يضرون صحتهم بهذا الجهد المفرط، ولهذا يموتون في سن صغيرة، ولا يسمح الناس ذوو الحس المرهف لهؤلاء العدائين أن يهرولوا قبلهم في المسافات الطويلة. وتعتبر هذه الحالة البربرية ضرورية لشعب تقدر المظاهر عنده بالكثير، لكن ممثلي وقناصل إنجلترا يستطيعون بالتأكيد الاستغناء عن تلك المواكب ذات الأبهة والعديمة الجدوى، والتي تتضمن معاناة حقيقية لأولئك


الذين يساهمون فيها.ولم يستطع أي إنسان كان في القاهرة عام ۱۸۸۳ أن يتمالك نفسه عن الأسف على تقبل اللورد دوفرين " والسير إ. ماليت تلك العادة، حتى وإن تقبلاها لحد أدنى؛ فإن الاتساع الحالي لشوارع القاهرة يجعل من هذه المواكب وما يرافقها عادة غير ضرورية، لا يكسوها إلا ثوب القسوة


والهمجية وبينما يكون رب البيت في عمله، أو يلبي إحدى الدعوات، تجد نساء بيته يعملن لتمضية الوقت بأفضل صورة ممكنة. وعلى الرغم من الأفكار الشائعة عن هذا الموضوع، فإن المحمدي» قلما يتزوج بأكثر من امرأة واحدة؛ لكن من حقه أن تكون له في بعض الأحيان علاقات أخرى مع جارية حبشية أو غيرها من الإماء. ومع ذلك تبذل الكثير من الجهود الآن في سبيل مكافحة تجارة الرقيق. وإذا تم بالفعل القضاء على هذه التجارة، فإن القاهري سيصير أحادي الزوجة. وقد جعل الخديو " نفسه قدوة حسنة في هذه الناحية، شأنه في ذلك كشأنه في غيرها من النواحي. والواقع أن هناك الكثير من المسلمين أخلاقهم مثل المسيحيين في هذا الأمر. وتعتبر سهولة الطلاق مشكلة حقيقية؛ فالرجال لن يحتفظوا بالعديد من الزوجات؛ لأن هذا من شأنه أن يكلفهم الكثير من الإنفاق على منازل منفصلة، أو على منزل واحد ذي غرف متعددة، كما أن تعدد الزوجات لا يؤدي إلى الانسجام المنزلي، ولكنهم لا يترددون في تطليق الزوجات إذا تطرق إليهم الضجر منهن، فيستبدل الرجل منهم زوجته بأخرى جديدة تحل محلهاويقال إن الخليفة علي تزوج بهذه الطريقة وطلق مائتي امرأة في حياته. بل إن صباعًا للملابس في بغداد قد تخطئ هذا الرقم المذهل إلى رقم أكثر إثارة للعجب منه؛ إذ تزوج تسعمائة امرأة، وتوفى في سن الخامسة والثمانين.. ولو أنه تزوج في سن الخامسة عشرة لكان زواجه بمعدل مرة في كل شهر طوال فترة السبعين سنة التي قضاها في الزواج


السعيد".


وقد اتبع مؤخرًا أحد حكام الصعيد سبيل هذا الرائد الشهواني، لكن تلك العادة أصبحت تدريجياً في طريقها إلى الزوال؛ فإن التأثير الأوروبي، وازدياد الأسعار، قد عملا على تقليل معدل تعدد الزوجات وكذلك الطلاق، وسوف تحول التشريعات الحكيمة، والنماذج الأنجلو


مصرية المثالية، مُحَمَّدِي مصر إلى التمسك بزوجة واحدة فقط. للنساء العذر في تعدد الأزواج أكثر من الرجال بخصوص تعدد الزوجات، فبينما يستطيع الزوج أن يسعى وراء متعته كما يشاء، فإن النساء من عائلته غالبا ما يعشن معيشة مملة على وتيرة واحدة، وأحيانا يجتمعن في الحمام العام وينهمكن في الضحك والمرح، وتحمل صيحاتهن التي تنبعث منهن أثناء الضحك الدليل على روح المرح والمزاح التي تتميز بها بنات مصر، وقد تخرج السيدة أحيانًا في جلال وأبهة لتزور بعض صديقاتها، فتمتطي حمارًا كبيرًا، وترتدي ملاءة واسعة من الحرير الأسود، وتحجب وجهها - عدا عينيها - بحجاب أبيض، وهي تسير وبرفقتها خادم أمين. وهذه الزيارات للحريم الأخريات هي كل ما تظفر به النساء القاهريات من مباهج وسرور. وهناك تسمع ثرثرة لا حد لها، كما تشاهد أنواع الحلوى وتتفحص أدوات الزينة. وفي بعض الأحيان، قد تكون هناك مغنية أو راقصة، وهذا هو كل ما يدخل عليهن السرورولم تتلق تلك النسوة تعليما من أي نوع، ولا يستطعن أن يعرفن متعا عقلية أكثر مما تقدره حواسهن؛ فالمأكل والملبس، والحديث، والنوم، والاستغراق في الأفكار والأحلام على الديوان الساعات طويلة، ومحاولة إرضاء الزوج وكسب محبته واحتوائه لأنفسهن فقط، هذه هي «الحياة» في الحريم. سألت امرأة إنجليزية إحدى المصريات: كيف تمضي وقتها ؟ فأجابت: إني أجلس على هذه الأريكة، فإذا ما أحست بالملل أو التعب أنهض لأجلس على تلك!


ويعتبر التطريز من الأشغال التي قد تشغف بها النساء، غير أنه ليست هناك امرأة تفكر في أن تشغل وقتها في حديقة الأزهار الملحقة بمنزلها والواقع أن الجميلات اللاتي تتخيلهن وراء النوافذ الشبكية، لسن من هذا النوع من النساء اللاتي يشغف بهن المرء كثيرا أو يلذ له التحدث إليهن، فهن لا يجدن معرفة أي شيء، ولا يفكرن فيما يدور حولهن في قليل أو كثير؛ وكل ما هنالك أنهن


جميلات.. لا أكثر ولا أقل!


وبالطبع، فإن الغريب لن يرى على الإطلاق الحريم الحقيقيات، فإن النساء الوحيدات اللاتي يظهرن أنفسهن سافرات للغرباء من فقط القادمات من أدنى طبقات المجتمع، والطبقة الخاصة من الغوازي أو الراقصات، وغالبا ما تكون بنية الفلاحات جيدة ونبيلة في مظهرها وتكوينها الجسدي، لكن وجوههن لا تجذب إلا ذوي النظر الشهواني والغوازي - اللاتي رأيتهن حتى الآن - قبيحات الشكل ومثيرات للاشمئزاز، ولا ترى في كليهما - الغوازي والفلاحات - نموذجا مثاليا للجمال الشرقي.إن الشركسيات الجميلات - اللاتي تحلم أن تراهن دون أن تخبر أحدا - والغاليات دافئات البشرة، وكل الحريم الجميلات الأخريات اللاتي يخصصن الرجل الغني، لا تراهن عيون الغرباء الدنسة. ولعله من نافلة القول أن المرأة الفاتنة لا تخبئ سحر جمالها بنفس الدرجة التي كانت - ولا تزال - تفعلها جدتها وزوجات الباشاوات صرن يركبن مركباتهن الآن على امتداد طريق شبرا في أيام الجمعة والأحد بعد الظهر، وعلى وجوههن اليشمك التركي شبه الشفاف، بدلا من النقاب المصري الأبيض المعتم. ومع ذلك، فإننا بالكاد يمكن أن نختلس نظرة إليهن، ويجب علينا أن تذهب إلى كتاب المقالات في الصحف المحلية لنتعلم منهم الشروط التي يجب أن تتوافر في


جمال المرأة لكي تلبي متطلبات الذوق العربي


وعلى الرغم من أن الشكل العام للسيدات في مصر يميل إلى البدانة، فإن المرأة السمينة في وسط إفريقيا لا تعتبر المثل الأعلى للجمال عند العربي؛ بل على النقيض، فإن المرأة ذات الجمال الساحر التي كرس لها الشعراء والخلفاء القصائد الشعرية وعهود الزواج، هي: الهيفاء القوام والجميلة مثل غصن البان»، التي وجهها كالبدر، وشعرها حتى وسطها وتزيد شامة .. الفاحم يندل . ة - مثل : نقطة عنبر على حجر ياقوت - من سحر وجهها المتورد عيناها شديدتا السواد، واسعتان، وتتخذان شكل حبة اللوز، ومليئتان بالذكاء ويزيد من نعومة هذا الجمال جفن ينزل على العين قليلا ، بأهداب حريرية طويلة تضيف تعبيرا حاملا ورقيقا ومليئا بالجاذبية. وقد يزيد من حسنه مساعدة خفيفة بحد من الكحل الأسود الذي تضيف الفتاة الجميلة به أناقة أكثر من المطلوب


شرفة مفتوحة


(1) المنتسبات البلاد الغال الفرنسية (المترجم)


وقد وضعت ما يُطلق عليه العرب لفظ الكحل


الطبيعي.


والحاجبان رفيعان مقوسان، والجبهة عريضة ولامعة كالعاج، والأنف مستقيم، والفم صغير، والشفتان حمراوان لامعتان، والأسنان مثل اللؤلؤ المنضد بالمرجان، والنهدان شبيهان برمانتين، والخصر


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

مقدمه: مع زياد...

مقدمه: مع زيادة التركيز على الإبداع في العصر الحالي، فإن المعلمون بحاجة إلى أن يكونوا مهنيين مبدعين...

في الثمانينات، ...

في الثمانينات، بدأت الشركات بالتركيز على التكنولوجيا لإنتاج منتجات جديدة دون فهم السوق، مما أدى إلى ...

Je me souviens ...

Je me souviens du jour où j'ai réussi mon examen de cinquième année. Ce jour-là, je l’attendais avec...

القرینة عبارة ع...

القرینة عبارة عن استنتاج أمر ثابت من أمر غیر ثابت ، أو هياستنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة، و الق...

سائر أحناء الغر...

سائر أحناء الغرب اجلزائري باستثناء وهران، مستغامن، وأرزيو، وقد استغل األمري عبد القادر هذه اهلدنة يف...

An ancient way ...

An ancient way of life in danger
1 In today's globalized world, you may be surprised to learn that t...

تمهيد طرائق ال...

تمهيد طرائق التدريس في ضوء الجهد الذي يقوم به كل من المعلم والمتعلم كان الاعتقاد السائد في الأوساط...

Un acte d'autor...

Un acte d'autorisation, car ele autorise el gouvernement pour percevoir les recetes et exé- cuter le...

منطقة المداري ت...

منطقة المداري تتميز بارتفاع درجات الحرارة طوال العام مع تواجد مواسم متباينة، حيث يكون الصيف جدًا ممط...

الفترة المتأخرة...

الفترة المتأخرة والوفاة واصل برونليسكي نشاطه في العديد من المشاريع في سنواته الأخيرة ، على الرغم من ...

كان المساء قد ح...

كان المساء قد حل عندما وصل إليه بل وحميدة وأسلم ومعهم الكلب موك إلى بوابة المدينة وقد عبر البوابة مع...

Safety in the S...

Safety in the Science Lab Why does it matter? • Safe working protects: – You – Other lab workers – C...